دولـــــة فــــلســــــطين
السلطــــة القضائيـــة
المحكمة العليا / محكمــة النقض
"الحكـــــــم"
الصادر عن المحكمة العليا / محكمة النقض المنعقدة في رام الله المأذونه بإجراء المحاكمة وإصداره
بإسم الشعب العربي الفلسطيني
الهـيئـــــــــة الحـاكـمـــة بـرئاســـــــــة الســــــــــيد القاضـــــي محمود جاموس
وعضويــــة الســادة القضــاة : محمود الجبشة ، كمال جبر ، وسام السلايمة ، ياسمين جراد
الطاعنـــــــــــة : شــركة المشــرق للتأمين / رام الله .
وكيلها المحامي إسماعيل حسين / رام الله .
المطعون ضده : يوسف علي محمود سمحان / من دير أبو مشعل/ رام الله.
وكيله المحامي موسى الصياد / رام الله .
الاجـــــــــــــــراءات
قدمت الطاعنة هذا الطعن بتاريخ 30/1/2025 لنقض الحكم الصادر عن محكمة استئناف القدس بتاريخ 30/12/2024 في الاستئناف المدني رقم 284/2023 القاضي بقبول الاستئناف موضوعا وإلغاء الحكم المستأنف وتبعا لذلك الحكم بإلزام المستأنف ضدها بأن تدفع للمستأنف مبلغ وقدره (73818) شيكل والرسوم والمصاريف ومبلغ 400 دينار اردني اتعاب محاماة .
يستند الطعن الى الأسباب التالية :-
1 ) الحكم المطعون فيه مخالف لأحكام المواد 174 و 175 من قانون الأصول المدنية حيث ان الحكم معيب في القصور بالتعليل والتسبيب والفساد في الاستدلال .
2) أخطأت محكمة الاستئناف في اعتبار الحادث المدعى به حادث عمل كون الحادث ناتج عن عمل عدواني نتيجة القاء زجاجات حارقة من قبل مجهولين على المركبة التي كان يستقلها المطعون ضده وبالتالي فان هذا الحادث يخرج عن نطاق حادث عمل ولا يوجد له تغطية تأمينية لا سيما وان وثيقة التأمين تستثني صراحة حوادث السير وكذلك الاعمال العدوانية من التغطية التأمينية وبالتالي فان الدعوى واجبة الرد لعدم استنادها الى سبب قانوني .
3) الحكم المطعون فيه مبني على الفساد في الاستدلال في احتساب التعويضات للمطعون ضده سواء مدة التعطيل وفي بدل فقدان الدخل المستقبلي كون نسبة العجز التي لحقت به نتيجة الإصابة التي تعرض لها هي نسبة عجز غير وظيفية وبالتالي فلا تؤثر على عمله مما يجعل القرار واجب الفسخ .
4) أخطأت محكمة الاستئناف في الحكم للمطعون ضده في احتساب مبلغ (1498) شيكل بدل مصاريف طبية وعلاجات حيث ان الفواتير المقدمة من المدعي تم ابرازها كبينة دون دعوة منظميها للشهادة حول ما جاء فيها الامر الذي يستوجب استبعادها من البينة .
5) أخطأت محكمة الاستئناف بالزام الطاعنة بالتعويض حيث ان المدعي لم يخاصم في دعواه صاحب العمل الامر الذي يقتضي ازاءه على المحكمة رد الدعوى .
وطلب وكيل الطاعنة قبول الطعن موضوعا وإلغاء الحكم المطعون فيه والحكم برد الدعوى الأساس وتضمين المطعون ضده الرسوم والمصاريف واتعاب المحاماة .
بتاريخ 16/2/2025 قدم وكيل المطعون ضده لائحة جوابية طلب في ختامها الحكم برد الطعون موضوعا والزام الطاعنة الرسوم والمصاريف واتعاب المحاماة .
المحكمــــــــــــة
بالتدقيق والمداولة ولورود الطعن في الميعاد تقرر قبوله شـــــكلا .
اما من حيث الموضوع نجد بان المدعي (المطعون ضده) اقام في مواجهة المدعى عليها (الطاعنة) الدعوى المدنية رقم 834/2015 لدى محكمة بداية رام الله موضوعها المطالبة بتعويضات ناتجة عن إصابة عمل بقيمة (77320) شيكل وتتلخص وقائعها بان المدعي يعمل لدى الأصدقاء للتعهدات الكهربائية العامة باجر شهري قدره 4000 شيكل وانه بتاريخ 25/11/2014 وبعد انتهاء المدعي من عمله هو وباقي العمال العاملين معه عائدا الى منزله الواقع في دير أبو مشعل كالمعتاد واثناء ركوبه بالمركبة رقم 6253293 المملوكة للسيد علي يوسف سمحان تعرضت هذه المركبة الى القاء عدة زجاجات حارقة دخلت الى المركبة وسببت للمدعي بحروق بليغة تركت لدية نسبة عجز قدرها 47.8% ومدة تعطيل ستة اشهر وفقا لما ورد في التقرير الصادر عن اللجنة الطبية العليا وان هذه الإصابات تندرج تحت وصف إصابة العمل وان المدعى عليها كانت مؤمنة على عمال الأصدقاء للتعهدات ومن ضمنهم المدعي وهي مسؤولة عن تعويض المدعي من جراء الإصابة التي تعرض لها ، وبالنتيجة توصلت المحكمة الى ان الحادث موضوع الدعوى غير مشمول بالتغطية التأمينية وأصدرت حكمها بتاريخ 21/10/2018 القاضي برد الدعوى وتضمين المدعي الرسوم والمصاريف و200 دينار اتعاب محاماة.
لم يقبل المدعي بهذا الحكم فطعن فيه لدى محكمة استئناف رام الله بموجب الاستئناف المدني رقم 1365/2018 وبالنتيجة وجدت المحكمة ان الحادث مشمول بالتغطية التأمينية وتبعا لذلك قررت بتاريخ 25/2/2019 قبول الاستئناف موضوعا وإلغاء الحكم المستأنف وإعادة الدعوى الى محكمة اول درجة للنظر والفصل في موضوعها .
بعد إعادة القضية الى محكمة اول درجة قررت المحكمة السير على هدي حكم محكمة الاستئناف وبالنتيجة أصدرت حكمها بتاريخ 20/5/2021 القاضي بالزام المدعى عليها بدفع مبلغ (73818) شيكل للمدعي وتضمينها الرسوم والمصاريف ومبلغ (400) دينار اتعاب محاماة .
لم تقبل المدعى عليها بهذا الحكم فطعنت فيه لدى محكمة استئناف القدس بموجب الاستئناف المدني رقم 962/2021 ، وبالنتيجة أصدرت حكمها بتاريخ 13/9/2021 القاضي برد الاستئناف موضوعا وتأييد الحكم المستأنف مع الرسوم والمصاريف ومبلغ 500 دينار اتعاب محاماة عن درجتي التقاضي .
لم تقبل المدعى عليها بهذا الحكم فطعنت فيه لدى محكمة النقض بموجب النقض المدني رقم 624/2021 وبالنتيجة وجدت المحكمة ان محكمة الاستئناف أخطأت في حكمها الصادر بتاريخ 25/2/2019 في إعادة الدعوى الى محكمة اول درجة بعد استنفذت الأخيرة ولايتها في نظر الدعوى وقررت تبعا لذلك بتاريخ 15/3/2023 قبول الطعن موضوعا ونقض الحكم الطعين لبطلان كافة الإجراءات التي تمت بالدعوى بما فيها الحكم الاستئنافي الصادر بتاريخ 25/2/2019 وما تبعه من إجراءات وإعادة الأوراق الى محكمة الاستئناف للسير في الدعوى .
بعد إعادة القضية الى المحكمة الاستئنافية قررت السير على هدي حكم محكمة النقض وبعد استكمال إجراءات المحاكمة أصدرت حكمها بتاريخ 30/12/2024 القاضي بقبول الاستئناف موضوعا وإلغاء الحكم المستأنف وتبعا لذلك الحكم بإلزام المستأنف ضدها بأن تدفع للمستأنف مبلغ وقدره (73818) شيكل والرسوم والمصاريف ومبلغ 400 دينار اردني اتعاب محاماة .
لم يلق هذا الحكم قبولا لدى المدعى عليها فطعنت فيه لدى محكمة النقض استنادا للأسباب المشار اليها انفا .
وعــن اســــباب الطعن
بالنسبة للسبب الأول ومفاده النعي على الحكم المطعون فيه مخالفته لأحكام المواد 174 و 175 من قانون الأصول المدنية حيث ان الحكم معيب في القصور بالتعليل والتسبيب والفساد في الاستدلال .
بالنسبة لمخالفة الحكم المادتين 174 و 175 من قانون أصول المحاكمات المدنية نجد ان هذا النعي غير سديد اذ ان الحكم المطعون فيه اشتمل على اسم المحكمة التي أصدرته ورقم الدعوى وتاريخ اصدار الحكم وأسماء القضاة الذين شاركوا في إصداره وحضروا النطق به وأسماء الخصوم وحضورهم واشتماله كذلك على عرض مجمل لوقائع الدعوى وطلبات الخصوم ومستنداتهم ودفوعهم ودفاعهم واشتمل أيضا على أسباب الحكم ومنطوقه وبالتالي يغدو هذا السبب في غير محله ويتعين رده .
بالنسبة للسبب الثاني ومفاده تخطئة محكمة الاستئناف في اعتبار الحادث المدعى به حادث عمل كون الحادث ناتج عن عمل عدواني نتيجة القاء زجاجات حارقة من قبل مجهولين على المركبة التي كان يستقلها المطعون ضده وبالتالي فان هذا الحادث يخرج عن نطاق حادث عمل ولا يوجد له تغطية تأمينية لا سيما وان وثيقة التأمين تستثني صراحة حوادث السير وكذلك الاعمال العدوانية من التغطية التأمينية وبالتالي فان الدعوى واجبة الرد لعدم استنادها الى سبب قانوني .
وبالرجوع الى جدول الوثيقة /حوادث عمال (المبرز م ع /4) المبرمة بين المؤمنة (الطاعنة) والمؤمن له (صاحب العمل) شركة الأصدقاء للتعهدات الكهربائية والتي ثبت عمل المطعون ضده لديها وقت وقوع الحادث موضوع الدعوى ، نجد ان طرفي عقد التأمين قد اتفقا على تحديد النطاق الجغرافي للتغطية التأمينية بانه (اثناء قيام العمال بتأديتهم لعملهم خلال دوامهم الرسمي في الأماكن التالية: مكان او امكنة العمل المؤمن عليها : تغطي هذه البوليصة الحادث الذي يقع للعامل اثناء العمل وبسببه او اثناء ذهابه لمباشرة عمله او عودته منه وبالطريق المعتاد والزمن المعتاد) .
وان الجدول بعد ان حدد الشروط المتفق عليها ورد في الشروط العامة في البند 2/ب من الاستثناءات بان الشركة المؤمنة لا تكون مسؤولة عن التغطية عن أي إصابة ناتجة عن حادث سير او أي عمل عدواني .
ولما كانت القاعدة العامة في تفسير العقود ان العبرة بالإرادة الحقيقية لطرفي العقد المتمثلة بالشروط الخاصة المتفق عليها صراحة وان الشرط الخاص يعد ملغيا لما يرد في الشروط العامة المعدة سلفا من قبل احد طرفي العقد .
ولما كانت إرادة طرفي عقد التأمين محل الدعوى قد اتجهت صراحة وفق الشـــرط الخــاص المحــدد للنطــاق الجغــرافي للتغطية التأمينية وفق المبرز م ع/1 الى ان هذه التغطية تشمل ما يتعرض له المؤمن عليهم اثناء تنقلهم من والى مراكز عملهم من مكان اقامتهم وهذا الشرط واجب التطبيق الامر المتوافر في هذه الدعوى وبالتالي فان ادعاء الطاعنة بعدم مسؤوليتها كون الحادث الذي تعرض له المطعون ضده ناتج عن عمل عدواني مستثنى من التغطية التأمينية وفق الشروط العامة الواردة في الملحق يغدو غير وارد ويغدو ما توصلت اليه محكمة الاستئناف موافق للقانون وعليه نقرر رد هذا السبب .
بالنسبة للسبب الثالث ومفاده النعي على الحكم المطعون فيه انه مبني على الفساد في الاستدلال في احتساب التعويضات للمطعون ضده سواء مدة التعطيل وفي بدل فقدان الدخل المستقبلي كون نسبة العجز التي لحقت به نتيجة الإصابة التي تعرض لها هي نسبة عجز غير وظيفية وبالتالي فلا تؤثر على عمله مما يجعل القرار واجب الفسخ .
وفي ذلك نجد ان المادة 120 من قانون العمل لم تفرق بين العجز الوظيفي وغير الوظيفي وبالتالي فإنه وعلى ما استقر عليه قضاء هذه المحكمة وكنتيجه لعدم تفريق المشرع بين العجز الوظيفي او غير الوظيفي ولورود النص على اطلاقه فإن الحكم ببدل العجز سواء أكان عجزا وظيفيا او غير ذلك يستحق المصاب بدل التعويض عن ذلك العجز مهما كان وصفه الامر الذي يجعل من هذا النعي غير وارد .
بالنسبة للسبب الرابع ومفاده تخطئة محكمة الاستئناف في الحكم للمطعون ضده في احتساب مبلغ (1498) شيكل بدل مصاريف طبية وعلاجات حيث ان الفواتير المقدمة من المدعي تم ابرازها كبينة دون دعوة منظميها للشهادة حول ما جاء فيها الامر الذي يستوجب استبعادها من البينة .
وفي ذلك نجد ان القضاء استقر على ان القانون لا ينص في أي مادة منه على عدم جواز ابراز ورقة دون دعوة منظمها ولا يوجد في القانون ينص يلزم الخصم بإبراز أي مستند بواسطة منظمه فالمستند هو نفسه الدليل ولا يقلل من قيمته القانونية ابرازه من الخصم وليس بواسطة من منظمه فضلا عن ان هذه الفواتير والايصالات تشير الى انها مرتبطة بالحادث موضوع الدعوى ولذلك فان هذا السبب غير وارد ونقرر رده .
بالنسبة للسبب الخامس ومفاده تخطئة محكمة الاستئناف بالزام الطاعنة بالتعويض حيث ان المدعي لم يخاصم في دعواه صاحب العمل الامر الذي يقتضي ازاءه على المحكمة رد الدعوى .
وبعطف النظر على المادة 127/2 من قانون العمل رقم 7 لسنة 2000 فق نصت (إذا اقتضت إصابة العمل مسؤولية طرف آخر خلاف صاحب العمل يحق للعامل المطالبة بحقوقه المترتبة على الإصابة من أي منهما) .
وفي هذا الذي نصت عليه المادة سالفة الاشارة ما يقطع بأن من حق المضرور (العامل) ان يقيم دعواه في مواجهة المؤمن (شركة التأمين) ولا يغير من الامر شيئا ما نصت عليه المادة (19) من قانون التأمين من انه (لا ينتج التزام المؤمن أثره في التأمين من المسئولية المدنية إلا إذا قام المتضــرر بمطالبة المستــفيد بعد وقوع الحادث الذي نجمت عنه هذه المسؤلية) .
طالما ان المشرع أورد في قانون العمل نصا خاصا أجاز إقامة الدعوى المباشرة من المضرور في مواجهة المؤمن وعليه يغدو هذا السبب مستوجبا الرد .
وحيث ان أي من أسباب الطعن لا ترد على الحكم المطعون فيه ولا تجرحه.
لهــذه الاســــــباب
تقرر المحكمة رد الطعن موضوعا وتضمين الطاعنة الرسوم والمصاريف ومائتي دينار اردني اتعاب محاماة عن التقاضي لدى مرحلة النقض .
حكماً صدر تدقيقا باسم الشعب العربي الفلسطيني بتاريخ 10-3-2025