دولـــــة فــــلســــــطين
السلطــــة القضائيـــة
المحكمة العليا / محكمــة النقض
"الحكم"
الصادر عن المحكمة العليا / محكمة النقض المنعقدة في رام الله المأذونة بإجراء المحاكمة وإصداره
بإسم الشعب العربي الفلسطيني
الهـيئة الحـاكـمة بـرئاسة نائب رئيس المحكمة العليا/محكمة النقض القاضي السيدة إيمان ناصر الدين
وعضويـة السادة القضاة : حازم ادكيدك ، د. رشا حماد ، محمد حشيش ، نزار حجي
الطاعن :إيهاب مازن احمد عابدين
وكلاؤه المحامون :عميد عناني وشاكر دار علي ومحمد دحادحة وخالد بدوي وفدوى قطوم/رام الله
المطعون ضده :مكتب التنسيق الأوروبي لدعم الشرطة الفلسطينية المعروف (EUPOL COPPS)
وكيلته المحامية :هبة الحسيني
الاجراءات
تقدم الطاعن بتاريخ 26/12/2024 بهذا الطعن بواسطة وكيله لنقض الحكم الصادر عن محكمة استئناف القدس بالاستئناف المدني 142/2024 الصادر بتاريخ 27/11/2024 والقاضي برد الاستئناف موضوعا وتأييد القرار المستأنف مع تضمين المستأنف الرسوم والمصاريف و200 دينار اتعاب محاماة .
تتلخص اسباب الطعن فيما يلي :-
1- القرار المطعون فيه مشوب بالقصور والخطأ في الأسباب القانونية والواقعية وغير معلل ومشوب بالبطلان ومخالفاً لحكم المواد 174و175 من قانون أصول المحاكمات المدنية والتجارية .
2- الحكم الطعين مخالف لحكم المواد 30و40 من القانون الأساسي .
3- القرار الطعين يعتريه التناقض والفساد في التسبيب والتعليل ومخالف للبينات المقدمة من جهة المطعون ضدها ايضاً الحكم الطعين مخالف لأرادة الفرقاء .
4- أخطأت المحكمة مصدرة الحكم الطعين في قضائها ذلك ان الدعوى هي دعوى عمالية تستندالى قانون العمل الفلسطيني .
5- أخطات المحكمة مصدرة الحكم الطعين حين اعتبرت ان اتفاقية فينا والتعديلات اللاحقة أعطت حصانة للجهة المطعون ضدها حيث جاءت المادة 32 من الاتفاقية تنص (للدولة المعتمدة ان تتنازل عن الحصانة القضائية عن تمثيلها الدبلوماسي وعن الأشخاص اللذين يتمتعون بالحصانة بمقتضى المادة 37 منها) .
وطلبت بالنتيجة قبول الطعن شكلاً ومن ثم موضوعاً
تقدمت المطعون ضدها بواسطة وكيلها بلائحة جوابية تضمنت فيما تضمنته بأن ا لحكم الطعين قد جاء متفقاً واحكام المواد 174و175 من قانون أصول المحاكمات المدنية والتجارية وان محكمتي الموضوع اصابتا في عدم الاخذ بأن الجهة المطعون ضدها تنازلت عن الحصانة الممنوحة لها،وان الحكم جاء متفقاً وقرارات المحكمة الدستورية واحكام القانون وطلبت بالنتيجة رد الطعن موضوعاً والزام الطاعن بالرسوم والمصاريف واتعاب المحاماة .
وعن أسباب الطعن لا بد ان تقرر ابتداءاً بأن دولة فلسطين انضمت الى اتفاقية فينا بتاريخ 2/4/2014 الخاصة بالعلاقات الدبلوماسية وبذلك اعتبرت فلسطين وبعد إيداع صك الانضمام الى مواثيق جنيف الأربعة وبروتوكلاتها الأول عضوا متعاقداً سامياً في مواثيق جنيف وكانت اتفاقية فينا للعلاقات الدبلوماسية لسنة 1961 احدى تلك المعاهدات الموقعة دون ان يكون الغرض منها منح مزايا وحصانة للافراد على أساس التميز او المفاضلية وانما تهدف الى تأمين أداء البعثات الدبلوماسية على اتم وجه كممثلة لدولها،الامر الذي نؤكد ازاءه بان الاتفاقية تعتبر سارية بالنسبة للدول التي تصدق على الاتفاقية او تنضم اليها بعد أداء التصديق او وثيقة الانضمام وذلك من اليوم الثلاثين من تاريخ إيداع الدولة وثيقة التصديق او الانضمام وفق احكام المادة 51 من الاتفاقية والقول على خلاف ذلك يكون غير سديد ويتنافى والغاية التي وجدت منها الاتفاقيات الدولية الدبلوماسية .
وعودة الى أسباب الطعن والنعي على الحكم الطعين انه جاء مخالفاً لاحكام المواد 174و175 من قانون أصول المحاكمات المدنية والتجارية ،اننا وبعطف النظر على الحكم المطعون فيه نجد بأنه اشتمل على كل البيانات الأساسية التي اوجبتها المادتين المشار اليهما انفاً كما نجد بأن المحكمة وبوصفها محكمة موضوع عللت حكمها وسببته تسبيباً يوصل الى النتيجة التي انتهت اليها كما انها وقفت على أسباب الاستئناف وعالجتها معالجة قانونية يتفق وواقع الحال والبينات المقدمة الامر الذي نجد بأن ما ينعاه الطاعن حول هذا السبب هو نعياً مخالفاً للواقع الثابت في الحكم محل الطعن مما يستوجب معه رده.
وعن ما نعاه الطاعن من أسباب بمجملها على الحكم المطعون فيه حول مخالفة الحكم للبينات المقدمة التي جاء ما يثبت منها بأن الجهة المطعون ضدها تنازلت عن الحصانة كما ان ما قضت به المحكمة وحملت قضائها عليه مخالف لحكم المواد 30و40 من القانون الأساسي كما أخطأت المحكمة بقضائها كون ان الدعوى هي عمالية وتخضع لقانون العمل الفلسطيني كما أخطأت حينما اعتبرت ان اتفاقية فينا والتعديلات اللاحقة منحت المستدعى ضدها حصانة .
ولما كانت هذه الأسباب بمجملها نتدور في فلك واحد ومتصلة مع بعضها اتصالاً مباشراً وتلافياً للتكرار سنجمل الإجابة عليهم .
لا بد واستكمالاً لما ابديناه في مقدمة حكمنا نشير الى ان حكم المحكمة الدستورية رقم 4/2017 الذي كرس المبدأ الدولي وهو سمو الاتفاقيات الدولية على التشريعات الوطنية مؤكدة بأن الاتفاقيات تكتسب قوة اعلى من التشريعات الداخلية بما يتواءم والهوية الوطنية والدينية للشعب الفلسطيني كما أكد الحكم المشار اليه بأن حق التقاضي ولجوء للقضاء هو حق منصوص عليه وفق احكام المادة 30 من القانون الأساسي وهي مسائل تتصل بالمنازعات الوطنية بمعزل عن النزاعات التي اكتسبت اتفاقاً فهذه المؤسسات تتمتع بحصانة كاملة وفق الاتفاقيات الدولية الموقعة عليها دولة فلسطين وعليه فإن المجادلة على خلاف ذلك تكون غير سديدة اما عن القول بأن الجهة المطعون ضدها تنازلت عن حقها بالحصانة بموجب الملحق رقم 2.1 الخاص بشروط الخدمة العامة للموظفين المحليين الذين يقوم يتوظيفهم مكتب التنسيق الأروبي لمساندة الشرطة الأوروبية.
لا بد ان نؤكد بأن التنازل عن الحصانة ووفقاً لحكم المادة 32 من اتفاقيات فينا بشأن العلاقات الدبلوماسية لسنة 1961 يجب ان يكون صريحاً اذ اجازت للدول ان تتنازل عن الحصانة الممنوحة للمبعوثين الدبلوماسين والأشخاص المتمتعون بها بموجب حكم المادة 37 من ذات الاتفاقية الامر الذي يشي بأن صاحب الحق في التنازل عن الحصانة هي الدولة المبتعثة شريطة ان يكون التنازل صريحا واضحاً ولا يملك المُبتعث ذاته سلطة التنازل عن الحصانة دون ان يكون مكلفاً او مفوضاً من قبل دولته بمماسة
هذا الحق ، ولما كانت الجهة المطعون ضدها كما هو ثابت من أوراق الدعوى ومجرياتها والبينات المقدمة قد تمسكت صراحة بالحصانة وفقاً لاتفاقية فينا وبالتالي النعي على خلاف ذلك غير وارد ومتسوجباً الرد .
كما ان الإشارة الى الملحق 1-2 البند 29 منه بخصوص إحالة أي نزاع ما بين طرفي عقد العمل الى المحكمة ذات الاختصاص وفقاً للقانون المحلي فان ذلك ايضاً لا يمكن اعتباره تنازلاً عن الحصانة وانما لغايات احتساب مستحقاته العمالية ولما كانت المادة 31 من اتفاقية فينا قد حددت الاستثناءات والتي ليس من ضمنها القضايا العمالية الا ان عدم خضوع المنازعات للمحاكم الفلسطينية لا يعني ضياع حقوق العامل كونه هنالك طرق يمكن اتباعها للحصول على مستحقاته كما لا يمكن قطعاً القول بان الجهة المطعون ضدها تنازلت عن الحصانة وانما يفهم من ذلك تحديد طبيعة العقد القانونية وما يترتب عليه من حقوق وواجبات بموجب العقد وبأنه في حال حدوث اشكال في فهم طبيعة التعاقد او مقدار المستحق تكون احكام القانون المحلي واجبة الاتباع .
وعليه ، ولما كان ما قضت به المحكمة وحملت قضائها عليه برد الاستئناف موضوعاً وتأييد الحكم الطعين كان مبنياً على تطبيق سليم لاحكام الاتفاقيات الدولية الدبلوماسية ووفقا لما استقر عليه اجتهاد المحاكم الامر الذي يغدو معه ان أسباب الطعن برمتها لا تجرح الحكم الطعين وبالتالي يكون عصياً عن القبول.
لـــــــــــــذلك
نقرر رد الطعن موضوعاً وتأييد الحكم الطعين والزام الجهة الطاعنة بالرسوم والمصاريف ومائتي دينار اتعاب محاماة
حكماً صدر تدقيقاً باسم الشعب العربي الفلسطيني بتاريخ 16/04/2025
الكاتــــــــــب الرئيـــــــس
هـ . ج