دولـــــة فــــلســــــطين
السلطــــة القضائيـــة
المحكمة العليا / محكمــة النقض
"الحكـــــــم"
الصادر عن المحكمة العليا / محكمة النقض المنعقدة في رام الله المأذونة بإجراء المحاكمة وإصداره
بإسم الشعب العربي الفلسطيني
الهـيئـــــــــة الحـاكـمـــة بـرئاســـــــــة الســــــــــيد القاضـــــي عماد مسودة
وعضويـــة السيدين القاضيين: عوني البربراوي ، سعد السويطي
الطــــــــاعن :- طاي.جرة من نحالين
المطعون ضده :- الحق العام .
الإجراءات
بتاريخ 3/3/2025 تقدم الطاعن طاي.جرة بواسطة وكيله بهذا الطعن للطعن في الحكم الصادر عن محكمة بداية بيت لحم بصفتها الاستئنافية بتاريخ 30/1/2025 في الاستئناف الجزائي رقم 205/2024 والقاضي بقبول الاستئناف موضوعا والغاء الحكم المستأنف والحكم بادانة المستأنف ضده طاي.جرة بتهمة التحقير وفقا لاحكام المادة 360 بدلالة المادة 190 من قانون العقوبات رقم 16 لسنة 1960 وحبسه مدة شهر , واعلان براءته من تهمة التهديد وفقا للمادة 354 من قانون العقوبات لعدم كفاية الادلة .
وتلخصت اسبابه في :-
الطلب :- يلتمس الطاعن قبول استئنافه شكلا ومن ثم موضوعا والحكم بفسخ الحكم المطعون فيه واعلان براءة الطاعن من التهم المسندة اليه .
المحكمــــــــة
بعد التدقيق والمداولة , ولورود هذا الطعن ضمن المدة القانونية واستيفائه باقي شرائطه الشكلية فان المحكمة تقرر قبوله شكلا .
وفي الموضوع نجد ان النيابة العامة كانت قد تقدمت بلائحة اتهام بحق الطاعن ( المتهم طا.جرة ) اسندت له به تهمة الذم خلافا للمادة 358 بدلالة المادة 188 من قانون العقوبات رقم 16 لسنة 1960وتهمة التهديد بانزال ضرر غير محق خلافا للمادة 354 من قانون العقوبات المذكور, ونجد ان محكمة الدرجة الاولى كانت قد قضت بتاريخ 14/11/2024 لاعلان براءة المتهم من التهمة الاولى لعدم كفاية الادلة ومن التهمة الثانية لانتفاء الادلة . الامر الذي لم يرض النيابة العامة فطعنت بالحكم استئنافا بموجب الاستئناف رقم 205/2024 لدى محكمة بداية بيت لحم بصفتها الاستئنافية والتي قضت بتاريخ 30/1/2025 قبول الاستئناف موضوعا والغاء الحكم المستأنف وادانة المستأنف ضده طاي؟رة بتهمة التحقير وفقا للمادة 360 بدلالة المادة 190 من قانون العقوبات والحكم عليه بالحبس مدة شهر واعلان براءته من تهمة التهديد وفقا للمادة 354 من قانون العقوبات لعدم كفاية الادلة .
الامر الذي لم يرض المستأنف ضده فطعن بالحكم لدى هذه المحكمة متعللا بالاسباب الواردة بلائحة الطعن.
وبمعالجة اسباب الطعن
وعن السبب الاول منها وحاصله تخطئة محكمة الدرجة الاولى ومن بعدها محكمة الاستئناف في قبول الشكوى الاساس دون وجود ادعاء بالحق المدني باسم الطاعن الامر المخالف للقانون .
وفي ذلك نجد ان المادة 364 من قانون العقوبات النافذ قد نصت على " تتوقف دعاوى الذم والقدح والتحقير على اتخاذ المعتدى عليه صفة المدعي الشخصي "
ونجد ان المادة 365 من ذات القانون قد نصت على " للمدعي الشخصي ان يطلب بالدعوى التي اقامها تضمين ما لحقه بالذم او القدح والتحقير من الاضرار المادية وما يقدره من التضمينات النقدية في مقابل ما يظن انه لحق به من الاضرار المعنوية , وعلى المحكمة ان تقدر هذه التضمينات بحسب ماهية الجريمة وشدة وقعها على المعتدى عليه وبالنسبة الى مكانته الاجتماعية ويحكم بها "
ونجد ان المادة 4 فقرة 1 من قانون الاجراءات الجزائية رقم 3 لسنة 2001 قد نصت على " 1. لا يجوز للنيابة العامة اجراء التحقيق او اقامة الدعوى الجزائية التي علق القانون مباشرتها على شكوى او ادعاء مدني او طلب او اذن الا بناء على شكوى كتابية او شفهية من المجني عليه او وكيله الخاص او ادعاء مدني منه او من وكيله الخاص او اذن او طلب من الجهة المختصة ... "
لنجد معه ان المواد المذكورة قد وضعت قيدا على تحريك الدعوى الجزائية في جريمة الذم والقدح والتحقير من قبل النيابة العامة وذلك باتخاذ المعتدى عليه صفة الادعاء بالحق الشخصي , بمعنى انه يتوجب عليه ان يتقدم بادعاء مدني متضمنا ما لحق به من اضرار مادية ومعنوية ناتجة عن وقائع الفعل المشكو منه , وبرجوعنا الى اوراق الدعوى الاساس نجد الحكم الصادر عن محكمة الدرجة الاولى كان قد قضى باعلان براءة المتهم من تهمة التحقير المذكورة سندا لعدم كفاية الادلة , ولم نجد ان الطاعن ( المتهم ) قد طعن في ذلك الحكم لدى المحكمة الاستئنافية مبديا الدفع بعدم قبول الدعوى لعدم اتخاذ صفة الادعاء بالحق المدني , هذا من جانب ومن جانب اخر نجد ان ما ساقه الطاعن بهذا السبب مناف للواقع , ذلك ان اوراق الدعوى الاساس تتضمن وجود لائحة ادعاء بالحق المدني مقدمة من المشتكي ومتضمنة التضمينات المالية التي قدرها المشتكي كتعويض نتيجة للفعل المشكو منه ونجد انه قد دفع الرسم القانون المترتب على ذلك الادعاء . الامر الذي نجد معه ان هذا السبب غير وارد على الحكم المستأنف .
وعن السبب الثاني من اسباب الطعن وحاصله تخطئة محكمة الاستئناف في تطبيق القانون وتأويله فيما توصلت له بادانة الطاعن دون وجود اي عبارات في لائحة الاتهام والشكوى الاساس ,
وبرجوعنا الى اوراق الدعوى الاساس نجد ان النيابة العامة قد اوردت في لائحة الاتهام بخصوص جريمة الذم عبارة " ... كما قام بسبه وشتمه بالفاظ بذيئة اساءت للمشتكي ... " ونجد ان الشكوى المقدمة من المشتكي للنيابة العامة بتاريخ 10/9/2023 قد تضمنت قيام المتهم بالسب والشتم والتحقير للمشتكي بعدة الفاظ وانه سوف يقوم بذكرها , ونجد ان المشتكي وبشهادته لدى المحكمة بجلسة 5/9/2024 قد ذكر تفاصيل العبارات التي ذكرها المتهم له وحقره بها
وبرجوعنا للمادة 241 من قانون الاجراءات الجزائية نجد انها تنص على " يجب ان تتضمن لائحة الاتهام اسم المتهم وتاريخ توقيفه ونوع الجريمة المرتكبة ووصفها القانوني وتاريخ ارتكابها وتفاصيل التهمة وظروفها والمواد القانونية التي تنطبق عليها واسم المجني عليه واسماء الشهود " ولما كانت لائحة الاتهام تحتوي على تفاصيل التهمة من حيث قيام المتهم بسب وشتم المشتكي بالفاظ بذيئة , ولما كان عدم ذكر تلك الالفاظ في لائحة الاتهام لا يعيبها ولا يبطلها , فان هذا السبب ايضا يغدو غير وارد على الحكم المستأنف
وعن السبب الثالث من اسباب الطعن وحاصله تخطئة المحكمة في تطبيق القانون وفي تعديل وصف التهمة دون بيان الاساس القانوني الذي استندت اليه في ذلك .
وفي ذلك نجد ان محكمة بداية بيت لحم بصفتها الاستئنافية كانت قد توصلت الى ان العبارة الصادرة عن المستأنف ضده للمشتكي وجها لوجه في ارض المشتكي والمتمثلة في " يا رخيص وروح ابعص طيزك وشمها عند الوقائي " لا تشكل زم للمشتكي كونها لا تشكل واقعة من شأنها ان تنال من شرف وكرامة المشتكي وانما تحقير له وبالتالي فانه ينطبق عليه وصف جريمة التحقير وفقا للمادة 360 بدلالة المادة 190 من قانون العقوبات وليس المادة 358 بدلالة المادة 188 من قانون العقوبات ,
وبرجوعنا الى المادة 188 من قانون العقوبات نجد انها تنص على " 1. الذم : هو اسناد مادة معينة الى شخص - ولو في معرض الشك والاستفهام - من شأنها ان تنال من شرفه وكرامته او تعرضه الى بعض الناس واحتقارهم سواء اكانت تلك مادة جريمة تستلزم العقاب ام لا , 2. القدح : هو الاعتداء على كرامة الغير او شرفه او اعتباره - ولو في معرض الشك والاستفهام - من دون بيان مادة معينة , 3. ... "
ونجد ان المادة 190 من ذات قانون العقوبات تنص على " التحقير : هو كل تحقير او سباب - غير الذم والقدح - يوجه الى المعتدى عليه وجها لوجه بالكلام او الحركات او بكتابة او رسم لم يجعلا علنيين او بمخابرة برقية او هاتفية او بمعاملة غليظة "
ولما كانت العبارة المذكورة والموجه من المتهم الى المشتكي تندرج تحت مفهوم التحقير الوارد في المادة 190 من قانون العقوبات , ولما كانت المادة 270 من قانون الاجراءات الجزائية قد نصت على " يجوز للمحكمة ان تعدل التهمة على ان لا يبنى هذا التعديل على وقائع لم تشملها البينة المقدمة , واذا كان التعديل يعرض المتهم لعقوبة اشد تؤجل القضية للمدة التي تراها المحكمة ضرورية لتمكين المتهم من تحضي دفاعه على التهمة المعدلة " فان ما قامت به محكمة بداية بيت لحم بصفتها الاستئنافية بتعديل وصف التهمة يتوافق والقانون , الامر الذي يكون معه هذا السبب غير وارد على الحكم المستأنف .
وعن السبب الرابع من اسباب الطعن وحاصله تخطئة المحكمة في تطبيق القانون وتفسيره والاخذ بالبينة الفردية لغايات ادانة الطاعن حيث ان المشتكي لم يتقدم باي بينة خلاف شهادته امام المحكمة .
وفي ذلك نجد ان المادة 206 فقرة 1 من قانون الاجراءات الجزائية قد نصت على " 1. تقام البينة في الدعاوى الجزائية بجميع طرق الاثبات الا اذا نص القانون على طريقة معينة للإثبات , 2... " ونجد ان المادة 228 من ذات القانون تنص على " يسمع المدعي بالحقوق المدنية كشاهد ويحلف اليمين " ونجد ان المادة 236 من ذات قانون الاجراءات الجزائية النافذ تنص على " لا يجوز رد الشهود لاي سبب كان " لنجد معه ان البينة في الدعاوى الجزائية تقام بكافة الطرق بما فيها شهادة المجني عليه والمدعي بالحق المدني ويجوز للمحكمة ان تبني قناعتها بالحكم سندا لتلك الشهادة ولو كانت منفردة اذ لم يرد بالقانون الجزائي نصابا معينا لعدد الشهود المطلوب بناء قناعة المحكمة على شهاداتهم في حكمها . ولما كان الامر كذلك ولما كان للمحكمة ووفقا للمادة 273 من قانون الاجراءات الجزائية النافذ ان تحكم في الدعوى حسب قناعتها التي تكونت لديها بكامل حريتها على الادلة المطروحة امامها او اي منها ما دام ان طريق ذلك الدليل كان مشروعا , ولما كانت المحكمة قد قنعت باقوال الشاهد المشتكي ( المدعي بالحق المدني ) فان الاستناد الى اقواله بالحكم بادانة المتهم لا يخالف القانون , الامر الذي يكون معه هذا السبب غير وارد على الحكم المستأنف .
وعن السبب الخامس من اسباب الطعن وحاصله تخطئة المحكمة بتعديل حكم محكمة الدرجة الاولى فيما يتعلق بتهمة التهديد حيث ان محكمة الدرجة الاولى قد اعلنت البراءة من هذه التهمة لانتفاء الادلة , فيما قامت المحكمة الاستئنافية باعلان البراءة من هذه التهمة لعدم كفاية الادلة .
وفي ذلك نجد ان المحكمة الاستئنافية كانت قد اقرت محكمة الدرجة الاولى فيما ذهبت اليه بخصوص تهمة التهديد وذلك على اعتبار ان العبارة الصادرة عن المستأنف ضده ( المتهم ) وهي " انت ليش بتيجي هان وليش بتطلع من هان " لا تتضمن اي قول او فعل او حركات بانزال ضرر غير محق وفقا لاحكام المادة 354 من قانون العقوبات . ونجد ان محكمة الدرجة الاولى قد قضت ببراءة المتهم من هذه التهمة لانتفاء الادلة , ونجد ان المحكمة الاستئنافية وبنتيجة حكمها قد قضت باعلان براءة المستأنف ضده من تهمة التهديد بانزال ضرر غير محق وفقا لاحكام المادة 354 من قانون العقوبات لعدم كفاية الادلة ,
ولما كان هذا القول لا يشكل جرما ولا يستوجب عقابا فقد كان على محكمتي الموضوع ان تقرر اعلان البراءة عن هذه التهمة لهذا السبب وليس لعدم كفاية الأدلة او انتفائها , ولما كانت النتيجة في جميع الحالات هي البراءة واستنادا الى ما ذكرناه فان أسباب الطعن لا ترد على الحكم بنتيجته .
لذلك
تقرر المحكمة رد الطعن موضوعا
حكماً صدر تدقيقاً باسم الشعب العربي الفلسطيني بتاريخ 24/04/2025
الكاتــــــــــب الرئيـــــــس
ص . ع