دولـــــة فــــلســــــطين
السلطــــة القضائيـــة
المحكمة العليا / محكمــة النقض
"الحكم"
الصادر عن المحكمة العليا / محكمة النقض المنعقدة في رام الله المأذونة بإجراء المحاكمة وإصداره
بإسم الشعب العربي الفلسطيني
الهـيئة الحـاكـمة بـرئاسة السيد القاضي حازم ادكيدك
وعضويـة السادة القضاة : د. رشا حماد ، محمد احشيش ، د. بشار نمر ونزار حجي
الطاعنة : شركة ترست العالميه للتامين / رام الله
وكيلها العام المحامي نضال طه / رام الله
المطعون ضدها : شركة التامين الوطنيه / رام الله
وكيلاها المحاميان رنا راحيل و/او عبد القادر ابو زيد / رام الله
الاجراءات
تقدمت الطاعنه بواسطه وكيلها بتاريخ 5/1/2025 بهذا الطعن لنقض الحكم الصادر عن محكمة استئناف القدس بتاريخ 27/11/2024 في الاستئناف المدني رقم 271/2023 والقاضي برد الاستئناف موضوعا وتأييد الحكم المستانف وتضمين المستانفه الرسوم والمصاريف ومبلغ 600 دينار اتعاب محاماه عن مرحلتي التقاضي
وقد تلخصت اسباب الطعن بالاتي
أ. ان غرض المشرع من اقرار الماده 147 من قانون التامين هو تحقيق العداله من خلال توزيع عب التعويض بالتضامن وبالتساوي فيما بين مؤمني المركبه الثقيله والخفيفه المشتركين في حادث الطرق
ب. وعلى ضوء الاعتبارات السابقه ولكون المركبه المؤمنه لدى الطاعنه لم تشترك فعلا بالحادث ولم تتسبب بوفاة اي من ركاب المركبه الخفيفه وبالتالي لا مكان للقول بوجوب مشاركتها للمطعون ضدها في التعويض .
ج. وبما ان الثابت بان المركبه الثقيله المؤمن عليها لدى الطاعنه لم تشترك فعلا في الحادث موضوع الدعوى الاساس ولم تتسبب بايه وفاة وفق ما هو ثابت من تقرير الشرطه والبينه التي قدمت فانه لا يرد اعمال الماده 147 المذكوره
د. وفق تقرير الشرطه فان الحادث وقع وتحققت نتائجه دون ادنى تدخل من قبل المركبه الثقيله المؤمن عليها من قبل الطاعنه
هـ. ان الفلسفه التي توخاها المشرع من اقراره لاحكام الماده 147 المشار اليها لا تنطبق على ظروف وملابسات ووقائع الحادث كون المركبه المؤمنه لدى الطاعنه لم تتسبب باية اصابات او وفيات لاي من ركاب المركبه الخفيفه
2. اخطأت محكمة الاستئناف في معالجه السبب الخامس واخطأت في تفسير حكم محكمة النقض رقم 74/2022 و130/2022
3. المشرع اشترط في الماده 147 من قانون التامين ولغايات المشاركه ان تكون كل من المركبه الثقيله والمركبه الخفيفه قد اشتركت بحادث طرق بمفهومه القانوني . ويكون الاشتراك عندما تساهم كل مركبه في وقوع الضرر و/او تفاقم حجمه . اي ان يكون هناك دور ايجابي او سلبي في وقوع الضرر
4. اخطأت محكمة الاستئناف في اشارتها الى الحكم الجزائي في الدعوى رقم 521/2015 الصادر ضد سائق المركبه الثقيله لتعزيز قناعتها بوجود مشاركه اذ ان الحكم لم يقض بادانته بالتسبب بالوفاة وانما بتهمة عدم توافر الامن والمتانه بمركبته وكذلك تهمه السير بسرعه زائده
تقدمت المطعون ضدها بلائحة جوابيه ابدت من خلالها بان الحكم المطعون فيه جاء متفقا واحكام القانون وبان اسباب الطعن لا ترد على الحكم الطعين ولا تنال منه وطلبت بالنتيجة رد الطعن موضوعا مع الرسوم والمصاريف واتعاب المحاماه
المحكمة
بالتدقيق وبعد المداوله وحيث نجد بان الطعن مقدم ضمن المده القانونيه ومستوف لشرائطه الشكليه الاخرى نقرر قبوله شكلا
وبالعوده لاوراق الدعوى نجد بان الطاعنه كانت قد تقدمت بدعواها امام محكمة بداية رام الله والتي حملت الرقم 128/2017 وذلك لمطالبة المطعون ضدها بمبلغ مالي قدرة 250000 شيكل بدعوى انها مسؤوله عن دفع 50% من مبلغ التعويض الذي قامت المدعيه بدفعه للمصابين بحادث الطرق الذي اشتركت به مركبه ثقيله مؤمن على استخدامها لدى المدعى عليها ، وبعد ان سارت محكمة الدرجة الاولى في الدعوى اصولا اصدرت حكمها الفاصل في الموضوع بتاريخ 6/4/2023 والذي قضى بالحكم للمدعيه بمبلغ 250000 شيكل مع الرسوم والمصاريف و500 دينار اتعاب محاماه
لم ترتض المدعى عليها بهذا الحكم فطعنت به استئنافا امام محكمة استئناف القدس بموجب الاستئناف رقم 271 /2023 ، وبعد ان سارت محكمة الاستئناف في الدعوى اصولا اصدرت حكمها الفاصل في الموضوع بتاريخ 27/11/2024 والذي قضى برد الاستئناف موضوعا وتاييد الحكم المستانف وتضمين المستانفه الرسوم والمصاريف ومبلغ 600 دينار اتعاب محاماه عن مرحلتي التقاضي
لم يلق هذا الحكم قبولا لدى الطاعنه (المدعى عليها ) فبادرت للطعن به امام محكمة النقض بموجب الطعن قيد النظر
وبالعوده للبحث في اسباب الطعن بالنقص والتي نعت على الحكم الطعين الخطأ في تطبيق احكام الماده 147 من قانون التامين وان ما وصلت اليه شابه القصور في التعليل والتسبيب كما انه خرج عن دوافع وغايات المشرع من اقرار هذا النص ذلك ان الثابت بان المركبه المؤمنه لدى الطاعنه لم تشارك فعلا في الحادث ولم يكن لها اي دور في وقوع الاصابات او تفاقمها وفق ما هو ثابت من البينه وتقرير الشرطه
كذلك اخطأت المحكمة في اشارتها الى الحكم الجزائي الصادر في الدعوى رقم 521/2015 لتعزيز قناعتها بوجود مشاركه رغم ان هذا الحكم لم يقض بادانة سائق المركبه الثقيله بالتسبب بالوفاة لسائق المركبه الخفيفه ومرافقه او سائق الباص وانما ادين بتهمة عدم توافر الامن والمتانه والسوق بسرعه زائده
ومما تقدم وبالرجوع الى اوراق الدعوى والتي تتلخص وقائعها في ان المطعون ضدها وهي شركة تامين مسجله حسب الاصول اقامت الدعوى في مواجهة الطاعنه وهي ايضا شركة تامين مسجله حسب الاصول لمطالبتها بمبلغ 250000 شيكل ، وهذا المبلغ عباره عن حصة الطاعنه في المساهمه بنسبة 50% من قيمة التعويضات التي دفعتها المدعيه للمصابين في حادث الطرق الذي اشتركت فيه مركبه خفيفه مؤمن عليها لدى المدعيه مع مركبه ثقيله مؤمن عليها لدى المدعى عليها استنادا لاحكام الماده 147 من قانون التامين ، وقد ابدت المدعى عليها رفضها المشاركة في التعويض بدعوى ان المركبه المؤمنه لديها لم تشارك فعلا في الحادث ولم يكن لها اي دور في وقوعه ولم تتسبب في احداث الاضرار او تفاقمها
وبالتدقيق في تفاصيل وقوع حادث الطرق محل الدعوى والذي نتج عنه عدة وفيات والعديد من الاصابات نجد بان تفاصيله ووفق تقرير الشرطه والبينات المقدمه في الدعوى تتلخص كالاتي (( سائق المركبه أ واثناء سيره من اتجاه بلدة عقابا باتجاه مفرق الكفير من الجنوب الى الشمال ووصوله بالقرب من خزان المياه (الحاووز) واثناء دخوله منعطف يميني حسب سيره بسرعه لا تتفق وظروف الطريق فقد السيطره على مركبته التي انحرفت لاقصى اليسار ومن ثم لاقصى اليمين ومن ثم اندفعت بشكل جانبي على عجلاتها الاربعه الى جهة اليسار حسب سيرها وصدمت بالمركبه رقم 2 القادمه من الاتجاه المقابل ونتيجة الصدمه انشطرت المركبه أ الى شطرين وانحرفت المركبه ب الى اقصى اليمين وسحبت الجزء الامامي للمركبه أ واما الجزء الخلفي فتلامس مع مقدمة المركبه ج القادمه خلف المركبه ب ومن نفس الاتجاه ، نتج عن الحادث اضرار ماديه بالمركبات الثلاث ووفاة سائق المركبه أ ومسافر معه وسائق المركبه ب ومسافره معه واصابة المذكورين بالتقرير ونقلهم للمستشفى .... الخ
وبالعوده لنص الماده 147 من قانون التامين الفلسطيني نجد بانها تنص على (( 1 . اذا وقع حادث طرق اشتركت فيه مركبه ثقيله او اكثر مع مركبه خفيفه او اكثر فيدفع مؤمنو المركبه الثقيله لمؤمني المركبه الخفيفه خمسين بالمائه من التعويض عن الاضرار الجسديه الناتجه عن الحادث .
2 . يكون مؤمنو المركبه الثقيله مسؤولين بالتضامن تجاه مؤمني المركبه الخفيفه ويتحملون فيما بينهم عبء المسؤوليه بالتساوي ))
وما يستفاد من تحليل هذا النص بان تفعيل مبدأ المشاركة يقوم ابتداء على وقوع حادث طرق بالمعنى الذي حدده المشرع للحادث في الماده الاولى من قانون التامين بمعنى ان يقع حادث نتيجة استخدام مركبة آليه جرى استعمالها وفق المحددات التي وصفها في التعريفات التي اوردها في هذه الماده وان يفضي هذا الاستعمال الى وقوع حادث بالشكل الموصوف في تعريف حادث الطرق وضمن محددات هذا التعريف ايضا ، ومن ثم ينجم عن هذا الحادث الذي وقع جراء الاستعمال الصحيح للمركبه اضرار جسديه تستوجب التعويض ، فيكون حينها شرط المشاركة الاول قد تحقق
اما الاشتراط الثاني وهو ان يكون المتضررين هم مستعملي او راكبي المركبه الخفيفه التي شاركتها المركبه الثقيله في وقوع الحادث والحاق الضرر بامسافرين بها او كانت مشاركتها سببا في تفاقم اضرارهم واصاباتهم فيتحقق بذلك الشرط الثاني من اشتراطات المشاركه
وبالعوده الى الحكم الطعين نجد بان محكمة الاستئناف كانت قد بنت حكمها على سببين
الاول ان المركبه المؤمنه لدى الطاعنه هي مركبه ثقيله تشاركت مع مركبه خفيفه في وقوع الحادث وفق الثابت من ملخص حوادث الطرق لذا فان مبدا المشاركه وفق نص الماده 147 من قانون التامين والحال هذا يكون قائما ، والثاني انه تمت ادانه سائق المركبه الثقيله المؤمن عليها لدى الطاعنه من خلال الدعوى الجزائيه رقم 521/2015 صلح طوباس بتهمه عدم توافر الامن والمتانه والسرعه الزائده
وفي ذلك ولما كان الحكم الجزائي الذي ادين به سائق المركبه الثقيله المؤمنه لدى الطاعنه قضى بادانته بعدم توافر الامن والمتانه في مركبته وبالقياده بسرعه زائده حجة في ما قضى فيه فقط وهي حجه قاصره غير متعديه شانه شأن سائر الاحكام الجزائية الاخرى والتي تقتصر حجيتها امام القاضي المدني في ما قضت فيه ولا تمتد الى غيرها من المسائل التي لم يفصل فيها هذا الحكم ، ونشير الى ان حكم الادانه هذا لم يشر الى وقوع حادث الطرق ولم يربط التهم التي ادان بها سائق المركبه بالتسبب في وقوع الحادث بل انه لم يرد ذكر للحادث لا في لائحة الاتهام التي وجهتها النيابه العامه للسائق ولا في الحكم المشار اليه . الامر الذي يدفع الى التساؤل عن سبب البناء على هذا الحكم واعتباره سببا او دليلا على ربط المركبه الثقيله بالحادث ومشاركتها به ، وهو الامر الذي لم تبينه محكمة الاستئناف ولم تبين الاسانيد التي اعتمدها لربط هذا الحكم بالحادث وتعميم حجيته القاصره ومدها الى خلاف ما فصل فيه
اما السبب الثاني وهو تحليل المحكمة لنص الماده 147 من قانون التامين من حيث ان النتيجه التي انتهت اليها يفهم منها بان مجرد وجود المركبه الثقيله في مكان الحادث وملامسه جزء منفصل من المركبه المتسببه بهذه المركبه وسواء كان لها دور ايجابي او سلبي او لم يكن فهي ملزمه بالمشاركه طالما انها صنفت على انها مركبه ثقيله . ولم تتطرق المحكمة او تشر الى ان المشاركة انما تكون في حادث الطرق بالمفهوم الذي عناه المشرع للحادث وفق تفصيلات الماده الاولى من قانون التامين ، وكان يجب على المحكمة مصدرة الحكم ان تبين ما هو اثر ملامسه الجزء الخلفي المنفصل من المركبه (أ) نتيجه تصادمها مع الحافله (ب) في وقوع الحادث وفي وقوع الاضرار للمصابين وهل تعتبر هذه الملامسه وبالتفصيل الموضح في تقرير الشرطه والبينات المقدمه اشتراك في وقوع الحادث يوجب المشاركه في التعويض تطبيقا لاحكام الماده 147 من قانون التامين وما هي الاسانيد التي تدعم هذا التوجه ان وجدت وتصلح للحكم بناء عليها ، وهو الامر الذي لم تبينه محكمة الاستئناف في حكمها ولم تتثبت من وقوع الاشتراطات التي اوردها المشرع في نص الماده 147 وفق ما سبق واشرنا لغرض صحة انعقاد المشاركة
ومما تقدم وحيث نجد بان الاسباب التي بني عليها الحكم الطعين لا تقوى على حمل منطوقه وحيث نجد بان اسباب الطعن ترد على الحكم وفق ما بينا
لـــذلـــك
تقرر المحكمة قبول الطعن موضوعا واعادة الاوراق لمرجعها للسير على هدي ما بيناه ومن ثم اصدار الحكم المتفق واحكام القانون والاصول على ان تعود الرسوم والمصاريف واتعاب المحاماه على الطرف الخاسر بالنتيجه
حكماً صدر تدقيقاً باسم الشعب العربي الفلسطيني بتاريخ 12/05/2025
الكاتــــــــــب الرئيـــــــس
مربعنص
هـ . ح