السنة
2023
الرقم
1117
تاريخ الفصل
7 مايو، 2025
المحكمة
محكمة النقض
نوع التقاضي
طعون حقوقية
التصنيفات

النص

دولـــــة فــــلســــــطين

السلطــــة القضائيـــة

المحكمة العليا / محكمــة النقض

"الحكـــــــم"

الصادر عن المحكمة العليا / محكمة النقض المنعقدة في رام الله المأذونة بإجراء المحاكمة وإصداره

بإسم الشعب العربي الفلسطيني

الهـيئـــــــــة الحـاكـمــــــــة بـرئاســـــــة القـــاضــي السيـــــد عدنــــان الشعيبـــي
  وعضويـة القضاة السادة: بسام حجاوي ، عبد الكريم حنون ، مأمون كلش، ياسمين جراد

الطاعنة : دعاء وائل اسعد حمدان من نابلس

            وكلاؤها المحامون حسام اتيرةو/او فراس اتيرة و/او فهد اتيرة -نابلس.

المطعون ضدها: الوكالة البلجيكية للتنمية (Enable)البيرة -البالوع .

وكلاؤها المحامون عميد عناني وشاكر دار علي ومحمد دحادحة وفاتن بوليفة مجتمعين و/او منفردين

الإجــــــــــــــراءات

تقدمت الطاعنة بواسطة وكيلها بهذا الطعن بتاريخ 17/8/2023، لنقض الحكم الصادر عن محكمة استئناف القدس في الاستئناف المدني 139/2023 بتاريخ 12/7/2023، القاضي برد الاستئناف موضوعاً وتأييد الحكم المستأنف مع تضمين المستأنفة الرسوم والمصاريف ومبلغ 100 دينار اتعاب محاماة عن درجة المحكمة الاستئنافية

المحكمـــــــة

بالتدقيق وبعد المداولة، ولورود الطعن في الميعاد القانوني ، تقرر قبوله شكلا.

وفي الموضوع، وما تنبئ عنه اوراق الدعوى ان الطاعنة اقامت دعوى مدنية "عمالية" لدى محكمة بداية رام الله سجلت تحت رقم 641/2020، في مواجهة المطعون ضدها الوكالة البلجيكية للتنمية (Enable)، التي تقدمت بطلب لعدم قبول الدعوى قبل الدخول بالأساس سجل تحت رقم 731/2020، حيث قررت المحكمة الانتقال لرؤية الطلب 731/2020 ووقف السير بالدعوى لحين الفصل بالطلب، وبعد انتهاء الاجراءات بالطلب اصدرت المحكمة حكمها فيه بتاريخ 26/1/2023، القاضي بعدم قبول دعوى المدعية رقم 641/2020 ، لتمتع الجهة المطعون ضدها بالحصانة الدبلوماسية، باعتبارها من ضمن البعثات الدبلوماسية المشمولة باتفاقية فينا.

لم تقبل المدعية -المستدعى ضدها- بالحكم فطعنت فيه استئنافاً لدى محكمة استئناف القدس ، وبالنتيجة اصدرت الأخيرة حكمها بتاريخ 12/7/2023 وهو موضوع الطعن الماثل ،  الذي لم تقبل به الطاعنة و تقدمت بالطعن الماثل للأسباب الواردة فيه.

تبلغت المطعون ضدها لائحة الطعن بواسطة وكيلها ، وتقدم بلائحة جوابية التمس من خلالها رد الطعن موضوعاً وتأييد الحكم المطعون فيه كونه جاء متفقاً مع الاصول والقانون وتضمين الطاعنة الرسوم والمصاريف.

وعن اسباب الطعن

وبالعودة للبحث في اسباب الطعن بالنقض ، وفيما يتصل بالاسباب الثاني والثالث والرابع، وحاصلها ان الحكم المطعون فيه مخالف للقانون والاصول ولا يستند الى اساس قانوني ، وصدر خلافا لاحكام المواد 174 من قانون اصول المحاكمات المدنية والتجارية حيث لم يتضمن ذكر ولا معالجة لاسباب الاستئناف ولا لدفوع الجهة المستانفه.

ولما جاء في هذه الاسباب وعلى النحو الذي صيغت به ، إذ جاءت خلافاً لمتطلبات حكم المادة 228/4 من قانون أصول المحاكمات المدنية والتجارية التي نصت على بيان اسباب الطعن بصورة واضحة ومحددة" ،فضلاً عن أنه وبعد الرجوع الى مدونات الحكم الطعين نجد بانه اشتمل على كل ما اوجبت عليه النصوص القانونية  المشار اليها ، من اشتماله عليها وجاء الحكم معللاً ومسبباً تسبيبا يوصل الى النتيجة التي انتهت اليها و،كذلك عالجت المحكمة مصدرة الحكم اسباب الاستئناف ،وما ابداه المستانف من اوجه طعن على الحكم المستانف ، الامر الذي نجد معه بان ما نعته الطاعنة على الحكم المطعون فيه ، جاء خلافا للواقع الثابت ما يوصل الى ان سبب الطعن هذا يكون حرياً بالرد.

وبمعالجة باقي اسباب الطعن والتي  تنصب على تخطئة محكمة الاستئناف في تطبيق نصوص الاتفاقية الموقعة ما بين منظمة التحرير الفلسطينية ومملكة بلجيكا ،ذلك ان اتفاقية فينا هي الاساس القانوني الذي يتم بناء عليها منح صفة التمثيل الدبلوماسي وما يترتب عليها من حصانات، وان اتفاقية التعاون  لا تحوز الصفة الالزامية  ،وتخالف ما جاء في القرار التفسيري رقم 5لسنة 2017 الصادر عن المحكمة الدستورية،  وان هذا الاتفاقية لم تكن موقعة من قبل الشخص المخول بالتوقيع عليها   حتى يصار الى الزاميتها  ،وان هذه الاتفاقية  منحت الصفة الدبلوماسية للممثل والمقيم ونوابه ولم تمنحه للمطعون ضدها، وجاء الحكم مخالفاً للسوابق القضائية ،وان الدعوى العمالية مستثناة من الحصانات القضائية ، والكتاب الصادر من وزارة الخادجية مخالف لقانون السلك الدبلوماسي ،وان منح الحصانات يكون بناء على اتفاقية فينا  ،وانه وإن كانت المطعون ضدها تتمتع بالحصانة الدبلوماسية ، الا انها تعتبر متنازلة عنها  بعد التوقيع على عقد العمل مع الطاعنه ،وان الحكم معيب بعيب التناقض كونه يستند الى اتفاقية فينا وتارة اخرة الى اتفاقية التعاون ، والتي لم تضمن التزامات او مهام دبلوماسية ،فضلاً عن أن المطعون ضدها  لا تعترف دبوماسيا بفلسطين ولا يوجد تمثيل دبلوماسي  او علاقات دبلوماسية ليتم منحها الحصانة، وان المطعون ضدها لا تتبع الوكالات التابعة للقنصلية البلجيكية.

وفي ذلك نجد ان دولة فلسطين انضمت في عام 2014 الى اتفاقية فينا ،وبذلك اعتبرت عضواً متعاقداً في مواثيق جنيف اذ أن مواثيق جنيف الاربعة وبروتوكولاتها تشتمل على اتفاقية فينا لعام 1961 ،وهذه الأخيرة الهدف منها تأمين اداء البعثات الدبلوماسية ومن في حكمها لأعمالها على افضل وجه كممثلة لدولها، وبالتالي تعتبر الاتفاقية سارية المفعول بالنسبة للدولة التي تصادق عليها أو التي تنضم اليها بعد ايداع اوراق التصديق او وثيقة الانضمام بعد مرور ثلاثين يوماً من الايداع، وفق نص المادة 51 من الاتفاقية ،وهذا لا يشكل مساساً بالدولة المنضمة ولا يعتبر مساساً بقانونها الاساس ولا بقانون العمل الساري، ذلك ان الغرض من تلك الاتفاقية تأمين اداء البعثات الدبلوماسية ومن في حكمها في اطار الحصانة القضائية في مواجهة القضاء الوطني، الا اذا تنازلت الدولة المعتمدة عن الحصانة القضائية امام القضاء الوطني، بموجب تنازل صريح وان عقد العمل ما بين الطاعنة والمطعون ضدها  ، لا يشكل تنازلاً صريحاً أو ضمنياً عن الحصانة القضائية التي تتمتع بها المطعون ضدها (الجهة المدعى عليها) وانما القصد منه تحديد الحقوق والواجبات لكل من المتعاقدين، وبالاطلاع على المادة 31/1 من اتفاقية فينا للعلاقات الدبلوماسية ، يتضح ان الاعفاء من القضاء الوطني يشمل القضاء الجنائي والقضاء المدني، حيث ان القضاء الجنائي جاء على اطلاقه ، اما الاعفاء المدني فقد ورد فيه استثناء على سبيل الحصر ، يجوز فيه مقاضاة الممثل الدبلوماسي ، والتي ليس من ضمنها القضايا العمالية، وبالتالي لا يجوز الخروج عن هذا النص الصريح بأية مبررات يسوقها الفقه او القضاء للخروج عليه بالتأويل والتفسير او بإخراج بعض الدعاوى من نطاق شموله.

ولما كانت المطعون ضدها  (وكالة التنمية البلجيكيه) هي بعثة دولية خاصة موفدة من قبل المملكة البلجيكية وتتبع الى القنصلية البلجيكية العامة في القدس ، وتتمتع بكافة الحصانات والامتيازات حسب اتفاقية فينا للعلاقات الدبلوماسية   في مجال تنفيذ مشاريع تنمية ودعم الشعب الفلسطيني الممولة من منح المملكة البلجيكية، وتتمتع بكافة الحصانات والامتيازات حسب اتفاقية فينا للعلاقات الدبلوماسية ووفقا لاعتمادها الدبلوماسي في فلسطين ،وقد حظيت بالقبول من قبل الدولة المستضيفة (وهي دولة فلسطين) وتم منحها جميع الحقوق والامتيازات الدبلوماسية والقضائية التي تتمتع بها البعثات الدبلوماسية، بموجب قرارات رسمية صادرة عن الحكومة الفلسطينية ،والدعوى انطوت على مطالبتها بمبالغ مالية تتعلق بحقوق عمالية ، وحيث ان الاتفاقيات الدولية تتمتع بقوة اسمى على التشريعات الوطنية، فإن ذلك يجعل من الحصانة قائمة للمطعون عليها لتكون في مأمن من كل الاجراءات القانونية ، وهو ما قضت به المحكمة الدستورية العليا في حكمها رقم 4/2017 الذي اعتبر قواعد الاتفاقيات الدولية تتمتع بقوة اعلى من التشريعات العادية، بمعنى أنه في حالة التعارض بين القواعد الوطنية واحكام القواعد الدولية ، فإنه حكماً يصار لتطبيق القواعد الدولية، مما يجعل من النتيجة التي توصلت اليها محكمة الاستئناف منسجمة مع قواعد القانون الدولي، ، واضافت في حكمها وبينت بان حق اللجوء للقضاء المنصوص عليه في الماده 30 من القانون الاساسي، هي مسالة تتصل بالنزاعات الوطنيه دون النزاعات التي اكسبت (اتفاقيا وعرفيا) حصانة شاملة ، كما ان الذي قضت به المحكمة الدستوريه العليا الفلسطينيه ، لا يخضع لاعادة البحث من قبل هذه المحكمة لاعتبارين، اولهما عدم قابلية احكام المحكمة الدستوريه للطعن ، وثانيهما بان المحاكم النظاميه ليست جهة اختصاص للطعن امامها في ما قضت فيه هذه المحكمة ،وعلى ذلك فان الاحتجاج بنص الماده 30 من القانون الاساسي من حيث حق اللجوء الى القضاء ، لا يرد في هذا المقام ، طالما ان المقصود منه ووفق الحكم الدستوري المشار اليه ، بان حق اللجوء للقضاء انما يكون في المنازعات الوطنية دون المنازعات التي تتصل بالجهات التي اكتسبت الحصانة الشاملة اتفاقيا او عرفيا كما ورد في الحكم انف الذكر.

 

 كما ان المحكمه الدستوريه هي المختصه بالطعن بالاتفاقيات الدولية ومن قام بالتوقيع عليها والرقابه عليها وبحث دستوريتها والانضمام اليها ، وهذا خارج عن اختصاص هذه المحكمة (النقض) ،  وان المادة 12، الفقرة 1(ج)، من اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات لسنة 1969 أن يكون للتوقيع على اتفاقية ما قوة الإلزام إذا اتجهت نية الدولة إلى إعطاء التوقيع قوة النفاذ من خلال الصلاحيات الكاملة لممثل الدولة الذي وقع الاتفاقية،ولا توجد في فلسطين نصوص دستورية تحدد  من يملك  التوقيع والموافقة والانضمام  على  الاتفاقيات .

كما ان محكمة الاستئناف في حكمها ، استندت  الى اتفاقية  فينا واتفاقية التعاون بين منظمة التحرير والمملكة البجيكية ، والتي اكتسبت حصانات مماثلة لحصانات الوكالات التابعة للامم المتحدة ، حيث جاء في الاتفاقية  ان  الطرفين يؤكدان من جديد على التزامهما الواردة بمبادئ ميثاق الامم لمتحدة ، وان هذه الاتفاقية تم توقيعها  من الطرف البجيكي الممثل من القنصلية البلجيكية العامة في القدس  والتي تتمتع بالحصانات والامتيازات التي تتمتع بها البعثات الدبلوماسية او القنصلية ، حسب اتفاقية فينا للعلاقات الدبلوماسية ،وان اي نزاعات فيما بينهما تخضع للاجراءات المنصوص عليها في ميثاق الامم المتحدة ، وتنعقد لمحاكم  دولية خاصة  ، ما لم تتنازل عنها صراحة

لـــــذلــــك

نقرر بالأكثرية رد الطعن موضوعاً ، وتضمين الطاعنة الرسوم والمصاريف التي تكبدتها و100 دينار اتعاب محاماة عن هذه المرحلة في التقاضي.

 

حكما صدر تدقيقا باسم الشعب العربي الفلسطيني بتاريخ   07/05/2025

 

 

 

الرأي المخالف المقدم من القاضيين بسام حجاوي وعبد الكريم حنون

نخالف الأكثرية المحترمة فيما خلصت اليه من تاييد حكم محكمة الاستئناف القاضي بعدم قبول الدعوى المقدمة من الطاعنة في مواجهة المطعون عليها على أساس من القول ان المطعون عليها تتمتع بالحصانة القضائية التي تمنع الطاعنة من اللجوء الى  المحاكم الوطنية كون المطعون عليها (وكالة التنمية البلجيكية) هي بعثة دولة تتبع الى القتصلية البلجيكية العامة في القدس وتتمتع بكافة الحصانات والامتيازات حسب اتفاقية فينا للعلاقات الدبلوماسية وتكون في مأمن من الإجراءات القانونية اننا نجد ومن الوقائع الثابتة في الدعوى ان المطعون عليها (الوكالة البلجيكية للتنمية ) قد تعاقدت مع الطاعنة بموجب عقد عمل يتم توظيفها بموجبه بوظيفة مساعد تقني إقليمي تم بموجبه تحديد ساعات العمل من الثامنة صباحا وحتى الرابعة مساءاً وايام العمل من الاحد وحتى الخميس، ويكون العمل الإضافي والعطل الرسمية والاجازات وفق احكام القانون المحلي، مقابل راتب شهري مقداره (9490) شيكل شامل المواصلات وتضمن العقد بنداً مفاده ان حقوق الموظفة (الطاعنة ) تكون بناء على عقد العمل والقانون الساري . مما يشير بوضوح ان المطعون عليها بموجب عقد العمل هذا، قد تنازلت عن اية حصانة قد تكون قد شرعت لمصلحتها فيما يتصل بهذا العقد ،وأخضعت هذا العقد لاحكام قانون العمل المحلي ، وبالنتيجة لاختصاص القضاء المحلي كون الالتزام هو التزام تعاقدي ، والعقد في هذه الحالة هو شريعة المتعاقدين ، وبالتالي لا يجوز منحها حصانة قضائية خلافاً لاحكام العقد .

ولهذا نرى قبول الطعن موضوعاً .

تدقيقاً في 7/5/2025

القاضي المخالف                                     القاضي المخالف