السنة
2019
الرقم
735
تاريخ الفصل
17 يناير، 2024
المحكمة
محكمة النقض
نوع التقاضي
طعون حقوقية
التصنيفات

النص

دولـــــة فــــلســــــطين

السلطــــة القضائيـــة

 المحكمة العليا /محكمــة النقض

" الحكـــــــم "

الصادر عن المحكمة العليا /محكمة النقض المنعقدة في رام الله المأذونة بإجراء المحاكمة وإصداره

 بإسم الشعب العربي الفلسطيني

الهـيئـــــــــة الحـاكـمـــة بـرئاســـــــــة القاضـــــي الســـيد محمود جاموس

       وعضويــة القضاة السادة :  كمال جبر، نزار حجي، رائد عساف، بلال أبو الرب

 

الطعن الأول رقم(735/2019)

الطاعنان: 1. فوزي أحمد راشد الشرحة/دورا.

              2. آمنة محمد عبد الرسول الشرحة. بصفتهم الشخصية وبالإضافة لتركة مورثهم القاصر المرحوم رأفت فوزي أحمد الشرحة استناداً لحجة حصر الإرث الصادرة عن المحكمة الشرعية في دورا بتاريخ 15/8/2001 رقم(93/117/27).

              وكيلاهما المحاميان مازن عوض وجهاد جرادات.

المطعون ضدهما: 1. رياض عبد المجيد محمد عمرو/دورا.

                       2. شركة فلسطين للتأمين/رام الله.

               وكيلهما المحامي اسحق أبو عوض/رام الله.

الطعن الثاني رقم(822/2019)

الطاعنة: شركة فلسطين للتأمين المساهمة العامة المحدودة.

           وكيلها المحامي اسحق أبو عوض/رام الله.

الطاعن المنضم: رياض عبد المجيد محمد عمرو/دورا.

المطعون ضدهما: 1. فوزي أحمد راشد الشرحة.

              2. آمنة محمد عبد الرسول الشرحة بالاضافة لتركة مورثهما المرحوم القاصر رأفت فوزي أحمد الشرحة.

         وكيلهما المحاميان مازن عوض و/أو جهاد جرادات/الخليل.

الإجراءات

قدم طعنان الأول يحمل الرقم(735/2019) والثاني يحمل الرقم(822/2019) للطعن في الحكم الصادر بتاريخ 15/4/2019 عن محكمة استئناف القدس في الاستئنافين المدنيين(282/2009 و 284/2009) القاضي برد الاستئناف(282/2009) موضوعاً وقبول الاستئناف(284/2009) موضوعاً وتعديل الحكم المستأنف والحكم بإلزام المستأنفين بالاستئناف(284/2009) المحكوم عليهما الأول والثانية بالتكافل والتضامن بدفع مبلغ(138000) شيكل للمدعيان مناصفة فيما بينهما والحكم بإلزام المحكوم عليهما أيضاً بالتكافل والتضامن بدفع مبلغ(145915) شيكل للمدعي الأول بصفته الشخصية مع الرسوم بنسبة المبلغ المحكوم به وأتعاب المحاماة المحكوم بها أمام محكمة الدرجة الأولى البالغة(500) دينار أردني والفائدة القانونية بواقع(3%) من تاريخ اكتساب الحكم الدرجة القطعية.

المحكمـة

بالتدقيق والمداولة، ولورود الطعنين في الميعاد القانوني نقرر قبولهما شكلاً.

وفي الموضوع وما تنبىء عنه أوراق الدعوى أن الطاعنين في الطعن الأول(735/2019)  المطعون ضدهما بالطعن الثاني(822/2019) أقاما دعوى مدنية تحمل الرقم(669/2000) لدى محكمة بداية الخليل في مواجهة المطعون ضدهما بالطعن الأول الطاعنين في الطعن الثاني رياض عمرو وشركة فلسطين للتأمين موضوعها المطالبة بتعويضات عن أضرار جسدية نتيجة الإصابة بحادث طرق بمبلغ وقدره(2111400) شيكل بالاستناد إلى الأسباب والوقائع المذكورة في لائحة الدعوى.

باشرت محكمة البداية نظر الدعوى وبنتيجة المحاكمة أصدرت حكمها الفاصل بتاريخ 26/9/2009 القاضي بالحكم بإلزام المدعى عليه الأول رياض عمرو والمدعى عليها الثانية شركة فلسطين للتأمين بأن يدفعوا للمدعين فوزي الشرحة وآمنة الشرحة بصفتهم ورثة المصاب المتوفي كل حسب نصيبه الوارد في حجة حصر الإرث(ط/3) ضمن المبرز(م/1) المبلغ المحكوم به والبالغ(602947) شيكل بالتضامن والتكافل فيما بينهما وربط هذا المبلغ بالفائدة القانونية بواقع(9%) من تاريخ المطالبة وحتى السداد التام ورد الدعوى فيما عدا ذلك مع الرسوم والمصاريف و500 دينار أتعاب محاماة.

لم يرتضي طرفا الدعوى بالحكم فطعنا فيه استئنافاً لدى محكمة استئناف القدس بالاستئنافين المدنيين رقم(282/2009) و(284/2009) والتي هي بدورها وبعد انتهاء الاجراءات لديها أصدرت حكمها بتاريخ 12/7/2010 القاضي بعدم قبول الاستئناف الأول (282/2009) موضوعاً وقبول الاستئناف الثاني(284/2009) موضوعاً وتعديل الحكم المستأنف ليصبح الحكم للمدعين فوزي الشرحة وآمنة الشرحة من دورا بدل ألم ومعاناة عن حالة الوفاة(25%) كما يلي:

أ‌.   (138000) بدل الحد الأعلى للألم والمعاناة × 25% = 34500 شيكل.

ب‌. بدل مصاريف طبية وعلاجات ومواصلات = 354991 شيكل.

جـ. بدل عطل وضرر ومساعدة الغير للمدعي الأول في الدعوى الأصلية فوزي الشرحة مبلغ(48600) شيكل، المجموع(438091) شيكل.

يخصم مبلغ(5000) دينار أردني من قيمة المصاريف الطبية التي قام بدفعها المستأنف عليه الأول السائق، والحكم بالرسوم والمصاريف والفائدة القانونية بواقع(9%) من تاريخ اكتساب الحكم الدرجة القطعية وحتى السداد التام وعدم الحكم بأتعاب محاماة لأي من الطرفين عن هذه المرحلة لخسارة المستأنف الأول لاستئنافه وخسارة المستأنف الثاني لجزء من استئنافه وحسم أي دفعات مستعجلة تم دفعها للمستدعين.

لم يقبل طرفا الدعوى بالحكم الاستئنافي فقدم طعنان الأول يحمل الرقم(466/2010) والثاني(469/2010) حيث قررت محكمة النقض بتاريخ 23/1/2011 ودون البحث في أسباب الطعنين نقض الحكم المطعون فيه وإعادة الأوراق الى مرجعها للسير فيها على ضوء ما تم بيانه في متن حكمها واعتبار طلب وقف تنفيذ الحكم المطعون فيه رقم(98/2010) غير ذي جدوى ورده.

وبعد إعادة الملف لمحكمة الاستئناف والسير على هدي قرار محكمة النقض الصادر بتاريخ 23/1/2011 أصدرت حكمها بتاريخ 12/5/2011 القاضي بعدم قبول الاستئناف الأول(282/2009) موضوعاً، وقبول الاستئناف الثاني(284/2009) موضوعاً وتعديل الحكم المستأنف ليصبح الحكم للمدعين فوزي الشرحة وآمنة الشرحة مايلي:

بدل ألم ومعاناة عن حالة الوفاة بنسبة(25%) 138000 شيكل بدل الحد الأعلى للألم والمعاناة × 25% = 34500 شيكل، بدل مصاريف طبية وعلاجات ومواصلات(354991) شيكل بدل عطل وضرر ومساعدة الغير للمدعي الأول فوزي مبلغ(48600) شيكل، المجموع(438091) شيكل وخصم مبلغ(5000) دينار أردني من قيمة المصاريف الطبية التي دفعها المستأنف الثاني انضمامياً والحكم بالرسوم والمصاريف والفائدة القانونية بواقع(9%) من تاريخ اكتساب الحكم الدرجة القطعية وحتى السداد التام وعدم الحكم بأتعاب المحاماة لأي من الطرفين عن هذه المرحلة لخسارة المستأنف الأول لاستئنافه وخسارة المستأنف الثاني لجزء من استئنافه وحسم اي دفعات مستعجلة تم دفعها.

لم يلقى الحكم قبولاً من أطراف الدعوى فطعنوا به نقضاً بالطعنين رقم(481/2011 و 527/2011) حيث قررت محكمة النقض بتاريخ 30/5/2018 ودونما بحث أسباب الطعنين نقض الحكم المطعون فيه وإعادة الأوراق لمحكمة الاستئناف لإجراء المقتضى القانوني على أن يتم النظر في الطعن من قبل هيئة مغايرة، وبعد ان اعيد الملف لمحكمة استئناف القدس وتم السير على هدي قرار محكمة النقض حسب الأصول، أصدرت حكمها بتاريخ 15/4/2019 والذي هو موضوع الطعنين الماثلين حيث لم يقبل أطراف الدعوى بالحكم فتقدموا بالطعنين(735/2019) و(822/2019) للأسباب التي أوردها كل منهم بلائحة طعنه.

وعن أسباب الطعن الأول(735/2019)، وفيما يتعلق بالسبب الأول وحاصله صدور الحكم المطعون فيه متناقضاً مع الحكم الذي صدر عن نفس محكمة الاستئناف(هيئة مغايرة) بتاريخ 12/7/2010 بتحليلات من لدنها لا تتفق والمنطق القانوني السليم، حيث انها حكمت بالجزء الأول بمبلغ(438091).

وفي ذلك نجد أن هذا السبب لا يرد على الحكم المطعون فيه، ذلك أن الحكم الصادر عن محكمة الاستئناف بتاريخ 12/7/2010 قد تم نقضه من قبل محكمة النقض بقرارها الصادر بتاريخ 23/1/2011 الأمر الذي يعني أنه لم يعد قائماً، وأن محكمة الاستئناف بهيئتها الجديدة والتي أصدرت الحكم المطعون فيه هي صاحبة الصلاحية في اصدار حكم جديد من لدنها وفق سلطتها التامة في بحث الأدلة المقدمة في الدعوى والموازنة بينهما بما لها من ولاية لفحص النزاع وإصدار حكم جديد، لذا نقرر رد هذا السبب.

وبالاتصال بالسبب الثاني وحاصله النعي على الحكم المطعون فيه مخالفته للاصول والقانون والخطأ في تطبيقه وتأويله وفي الإجراءات، وفي ذلك نجد أن هذا السبب وبالصيغة الوارد فيها يكتنفه الغموض والجهالة بحيث لم يبين كيفية مخالفة الحكم للقانون ولم يشير أن الخطأ في تطبيقه وتأويله أو اجراءاته حتى تتمكن محكمة النقض من معالجته والتصدي له، الأمر المخالف لنص المادة(228/4) التي تتطلب أن تكون أسباب الطعن واضحة ومحددة، مما يستوجب عدم قبول هذا السبب.

وبالاتصال بالسبب الثالث وحاصله تخطئة المحكمة في وزن البينة وزناً سليماً، حيث أن الاجتهاد القضائي قد جرى على أنه وإن كان لمحكمة الموضوع صلاحية وزن البينة والأخذ أو عدم الأخذ بها واستخلاص النتائج منها دون رقابة عليها من محكمة النقض، إلا ان الاجتهاد القضائي مستقر على أن ذلك مشروط بأن تكون الواقعة التي تثبتها المحكمة في حكمها صدر في الدعوى ومستخلصه استخلاصاً سائغاً ومقبولاً، وإذا لم تتوافر فإن لمحكمة النقض الحق في بسط رقابتها على محكمة الموضوع لبيان الخلل.......الخ.

وفي ذلك نجد أن هذا السبب بالصيغة الوارد فيها ما هو إلا شرح لمحكمة النقض عن كيفية تدخلها في وزن البينة وبسط رقابتها على محكمة الموضوع لبيان الخطأ والخلل فيه، الأمر الذي يغدو معه هذا السبب غير مقبول.

وعن السبب الرابع والسبب الثاني من الطعن الثاني(822/2019) وحاصلهما تخطئة محكمة الاستئناف بفسخ قرار محكمة البداية بخصوص الحكم ببدل ألم ومعاناة عن المبيت بالمشفى حيث جاء قرارها مخالف للقانون الواجب التطبيق وهو الأمر(677) الذي لا يوجد فيه ما قررته محكمة الاستئناف بأنه لا يجوز الجمع بين الألم والمعاناة عن الوفاة والمبيت بالمشفى لتأتي محكمة الاستئناف دون الحكم للطاعنين ببدل ألم ومعاناة عن المبيت بالمشفى كاملة دون تسبيب قرارها، ذلك أن الأمر(677) قرر أحقية المصاب بحادث سير مبلغ اثنان بالألف مضروباً بعدد الأيام ضرب مبلغ الحد الأقصى للالم والمعاناة، وتخطئة محكمة الاستئناف حينما حكمت بمبلغ(138000) مضافاً له مبلغ(34500) وهو مبلغ(25%) من الالم والمعاناة المقررة للتركة ومن ثم اعادت المبلغ الى الحد الأقصى.

وفي ذلك نجد بخصوص الألم والمعاناة أن محكمة الاستئناف طبقت صحيح القانون بخصوص الحكم للجهة الطاعنة في الطعن الأول المطعون ضدها في الطعن الثاني ببدل أضرار معنوية بدل مبيت المصاب بالمستشفى و المؤسسات العلاجية عن مدة(566) يوم × اثنان بالألف من المبلغ الأقصى عند صدور الحكم بما يعادل(153456) شيكل، لكون هذا الحق مقرر بموجب القانون وأن هذا الحق ثابت للمصاب(المورث) عند تقديم الدعوى وأن وفاته كانت بعد استحقاق هذا الحق، وبالتالي تعتبر هذه الحقوق مورثة للورثة من بعده وان تخفيض هذا المبلغ إلى الحد الأقصى في حينه بمبلغ(138000) شيكل عند صدور الحكم لكون هذا المبلغ لا يعدوا أن يكون تعويض عن ضرر معنوي لانه لا يجوز قانوناً أن يزيد تعويض الضرر المعنوي عن الحد الأقصى في حينه، وتجدر الإشارة إلى أنه ما كان على محكمة الاستئناف أن تتعرض لما لم يتم الادعاء به بلائحة الدعوى وتحكم بمبلغ(43500) شيكل بدل ضرر معنوي عن وفاة المورث كون ذلك مرهون بتقديم لائحة معدلة حسب نص القانون، حيث ورد في المادة(97/1) من قانون أصول المحاكمات المدنية والتجارية رقم(2) لسنة 2001 (للمدعي أن يقدم من الطلبات العارضة ما يتضمن تصحيح لائحة الدعوى أو تعديل موضوعها لمواجهة ظروف طرأت أو تبينت بعد اقامتها)، وحيث أنه لم يتم تقديم لائحة معدلة بعد وفاة المصاب، فإن الخصومة تبقى في نطاق لائحة الدعوى المقدمة ابتداءً والتي كانت خالية المطالبة المتعلقة ببدل الضرر المعنوي عن وفاة المصاب، الأمر الذي يجعل من السبب الثاني من الطعن الثاني يرد على الحكم المطعون فيه.

وبالاتصال بالسبب الخامس والثالث من الطعن الثاني(822/2019) وحاصلهما تخطئة محكمة الاستئناف حينما قررت الحساب على أساس متوسط الأجور فقط للمدعي الأول مما يجعل قرارها متناقضاً وفيه مخالفة واضحة للبينة المقدمة في ملف الدعوى التي اثبتت أن الدخل الشهري هو(5000) شيكل.

وفي ذلك نجد أن محكمة الاستئناف أشارت من حكمها أن الطاعن الأول كان يعمل حلاقاً، وأن الشاهد محمد الشرحة الذي شهد على دخل الطاعن الأول ذكر بأنه يقدر تقدير معدل الدخل للطاعن الأول(5000) شيكل وأشارت أيضاً أن دخل ذوي المهن الحرة لا يقرر وفق تقدير الشهود وانما يجب أن يكون من خلال بينات يقينية على صحة الدخل، كان يتوجب على الطاعن الأول تقديمها لإثبات حقيقة دخله الشهري وحيث أنه لم يفعل اعتمدت محكمة الاستئناف متوسط الدخل وفق معطيات الجهاز المركزي للاحصاء الفلسطيني بتاريخ الاستحقاق في منطقة سكن الطاعن الأول والتي كانت(1700) شيكل شهرياً في حينه، وبالتالي فإن هذا الذي سطرته محكمة الاستئناف يتفق وصحيح القانون، الأمر الذي يجعل من هذا السبب لا يرد على الحكم المطعون فيه ونقرر رده.

وبالاتصال بالسبب السادس وحاصله تخطئة محكمة الاستئناف بتعديل قرار محكمة البداية بخصوص الحكم بالفائدة القانونية حيث جاء قرارها مخالفاً للقانون والسوابق القضائية ومتناقضاً تسبيبه لما اقتنعت به محكمة الاستئناف نفسها، حيث قررت أن الحكم بالفائدة هو من صلاحيات محكمة الموضوع وتأتي بعد ذلك لنقرر أن الحكم في الفائدة القانونية بعد اكتساب الحكم الدرجة القطعية وحتى السداد التام.

وفي ذلك نجد أن قضاء النقض استقر  على أن الفائدة القانونية تترتب على التعويضات والتضمينات التي تحكم به المحكمة لأحد الخصوم وتحسب الفائدة من تاريخ اكتساب الحكم الدرجة القطعية، ناهيك عن أن محكمة الاستئناف هي ايضاً محكمة موضوع ولما كان حكمها 3% فائدة قانونية هو ضمن البينة التي حددها القانون، فإن ذلك يجعل مما خلصت إليه يتفق والقانون ويغدو معه هذا السبب غير وارد ونقرر رده.

وبالاتصال بالسبب السابع وحاصه تخطئة محكمة الاستئناف في طريقة حساب المصاريف الطبية بتحليلات لا تتفق والمنطق والقانون السليم واستبعادها لمعظم المصاريف الطبية والعلاجات والمواصلات مخالفة بذلك البينات المقدمة أمام محكمة الدرجة الأولى.

ولما كان هذا الذي ينعاه الطاعن يتعلق بوزن البينة الذي هو من ضمن صلاحيات محكمة الموضوع طالما أنه يستند إلى أسباب سائغة تقوى على حمله، وبالرجوع الى حيثيات الحكم المطعون فيه نجد أن محكمة الاستئناف قد قامت بتمحيص واستعراض البينات وعززت قناعتها من وقائع ثابتة أن المصاب كان كل وقته في المؤسسات الطبية، وفي حالة غيبوبة ويتم نقله بسيارات الاسعاف الذي تم الحكم بها عليها حيث قامت باستبعاد المواصلات لمكتب تكسي الجنوب لعدم تبيان علاقتها بالحادث، وكذلك الأمر استبعاد مجموعة فواتير بدل محروقات لعدم علاقتها بالحادث، ناهيك عن أن محكمة الاستئناف قد حكمت للجهة الطاعنة في الحد الأقصى من نفقات ومصاريف للمستشفيات الأمر الذي يغدو معه هذا السبب غير وارد.

وبالاتصال بالسبب الثامن وحاصله تخطئة محكمة الاستئناف بعدم الحكم ببدل المقدرة على الكسب في المستقبل وجاء تعليلها مخالف للبحث القانوني السليم كون مورث المدعيان متوفي نتيجة الحادث، وكان قاصراً وأنه غير منتج وقت وقوع الحادث وكونه لا يعيل الورثة، وهذا مخالف ما استقرت عليه محكمة العدل العليا في اسرائيل حيث حكمت في ملفات عدة للقصر ببدل دخل مستقبلي.

وفي ذلك نجد أن ما ذهبت اليه محكمة الاستئناف في عدم الحكم ببدل المقدرة على الكسب للقاصر الغير منتج والغير معيل المتوفى بنتيجة الحادث يتفق وما استقر عليه قضاء النقض، وأن ما استقر عليه القضاء الفلسطيني هو الواجب الأخذ به، وإن صح ما يدعيه الطاعن من صدور أحكام عن محكمة العدل العليا الإسرائيلية بهذا الخصوص، فإنه لا يغير من الأمر شيئاً كونه قانون يتعلق بآخرين وغير مطبق وملزم لمحاكمنا الفلسطينية مما يغدو معه هذا السبب مستوجباً الرد.

وبالاتصال بالسبب التاسع وحاصله تخطئة محكمة الاستئناف بوزن البينة وعدم الحكم للطاعنات بمبلغ(2118400) شيكل ونزولها بالحكم بمبلغ(138000 + 145915 شيكل) مخالفة بذلك البينة المقدمة في ملف هذه الدعوى والتي تؤكد مطالبات الطاعنان.

وفي ذلك نجد أن هذا السبب بالصيغة التي ورد فيها يتعلق بوزن البينات التي هي من اختصاص محكمة الموضوع والتي لها أن تأخذ منها ما تقتنع به ما دام ما توصلت اليه له اصل في اوراق الدعوى، وبالرجوع لحيثيات الحكم المطعون فيه نجد أن محكمة الاستئناف طرح أمامها ذات السبب قامت بمعالجته وفق واقع الدعوى ووزن تقدير الأدلة المطروحة التي قامت باستعراضها وتمحيصها والاستناد إليها وبررت وبينت الأسباب التي جعلتها تحكم بالمبلغ المحكوم به وفق أسباب سائغة وفهم لواقع الدعوى وبالتالي فلا معقب عليها من محكمة النقض فيما انتهت إليه، وأن ما خلصت إليه يتفق مع الواقع والقانون الأمر الذي يجعل من هذا السبب مستوجباً الرد.

وبالعودة لأسباب الطعن الثاني(822/2019) وبخصوص السبب الأول منه والناعي على الحكم المطعون فيه تخطئة محكمة الاستئناف حينما لم تقرر رد الدعوى عن الجهة الطاعنة طالما أنه من الثابت بأن الطاعن الثاني انضمامياً الذي قاد المركبة العمومية المتسببة بالحادث لم يكن اسمه مدرجاً في بوليصة التأمين الصادرة عن الطاعنة الأولى الأمر الذي كان يقتضي إعمال قاعدة السائق المقيد الموجبة لتحلل الطاعنة من التزاماتها القانونية بالتعويض.

وخطأ محكمة الاستئناف بعدم معالجة دفوع الطاعنة الأولى مؤكدة على تحليلات محكمة النقض السابقة التي توصلت بموجبها أن المرحوم كان شخصاً ثالثاً لا علاقة له بمخالفة السائق شروط بوليصة التأمين وتريد اضفاء الحماية على الغير معطلة بذلك حكم المادة(12) من الأمر(677) والذي يرتب مسؤولية الصندوق وفي ذلك نجد أن الطاعنة كانت قد تقدمت بالطلب(220/2000) لرد الدعوى قبل الدخول بالأساس استناداً لهذا السبب وقررت محكمة الدرجة الأولى قبول الطلب ورد الدعوى بحق الطاعنة حيث تم استئناف الحكم بالاستئناف(67/2003) وقررت محكمة الاستئناف الحكم برد الطلب على اعتبار ان الطاعنة مسؤولة عن التعويض استناداً لصحة بوليصة التأمين وتم الطعن بذلك الحكم بالنقض المدني(81/2004) وقررت محكمة النقض رد الطعن وتأييد الحكم المطعون فيه، الأمر الذي يعني أن هذا الأمر في هذه المرحلة لا طائل منه، وبالتالي نقرر عدم قبول هذا السبب.

وبالاتصال بالسبب الثاني من هذا الطعن والمتعلق بخطأ المحكمة الحكم للمطعون ضدهما بنتيجة حكمها محل الطعن بمبلغ وقدره(138000) شيكل بدل اضرار معنوية حيث أنه يمتنع على المحكمة الحكم ببدل الإضرار المعنوية بمبلغ يتجاوز الحد الأقصى وبذلك تكون محكمة الاستئناف أخطأت مجدداً حينما حكمت بهذا المبلغ مضافاً إليه مبلغ(34500) من الألم والمعاناة عن التركة ومن ثم أعادته للحد الأقصى وما كان عليها الحكم ببدل الم ومعاناة عن مبيت بالمشفى وهو حق خالص للمصاب وله أن يطلبه في حال لم يتوفاه الله، وبالتالي لا يمكن الحكم للمطعون ضدها عن الألم والمعاناة سوى الحد الأقصى(34500) والذي يمثل(25%) من الألم والمعاناة المقررة للتركة، علماً أن لائحة الدعوى لم تعدل بعد وفاة المرحوم ، ولما كان هذا السبب قد تم الاجابة عليه في السبب الرابع من الطعن الأول فإننا ومنعاً للتكرار نحيل أليه.

وبالاتصال بالسبب الثالث وحاصله تخطئة محكمة الاستئناف حينما قررت الحكم للمطعون ضده تعطل لمدة عام وحكمت له وفق ذلك بمبلغ(20405) شيكل بواقع(1700) شيكل عن الشهر الواحد دونما اثبات حقيقي أو بينة وخاصة أن المطعون ضده الأول لم يثبت أمام المحكمة بأنه كان مرافقاً بشخصه للمرحوم الطفل طيلة فترة بقاؤه بالمستشفيات علماً أن المرفق الإقتصادي في الضفة الغربية عام 1999 وهو تاريخ وقوع الحادث كان المبلغ(1350) شيكل، ولما كان هذا السبب قد تم الإجابة عليه ومعالجته في السبب الخامس من الطعن الأول فإننا ومنعاً للتكرار نحيل إليه.

وبالاتصال بالسبب الرابع وحاصله تخطئة محكمة الاستئناف حينما لم تقرر خصم المبالغ المدفوعة من قبل الجهة الطاعنة كدفعات مستعجلة لصالح المطعون ضدهما في نتيجة الحكم النهائي وهي ثابتة من خلال المستندات المبرز من وكيل الطاعنة حيث كان على محكمة الاستئناف خصم أية مبالغ مستلمة من قبل المطعون ضدهما الأمر الذي يجعل الحكم واجب الفسخ من هذه الناحية وفي ذلك نجد أن هذا السبب لم يكن مدار بحث أو سبب أمام محكمة الاستئناف المطعون في حكمها، الأمر الذي تلتفت عنه محكمة النقض ونقرر عدم قبوله.

وبالاتصال بالسبب الخامس وحاصله تخطئة محكمة الاستئناف حينما لم تقرر خصم أية مبالغ مالية تم دفعها من قبل المستأنف المنضم، علماً بأن الحكم بالمبالغ المالية محل الطعن جاءت بالتكافل والتضامن، علماً أن المبلغ الذي دفع من الطاعن انضمامياً(5000) دينار أردني الأمر الذي يجعل الحكم محل الطعن واجب الإلغاء من هذه الناحية.

وفي ذلك نجد أن الطاعنة هي المسؤولة الأساسية عن التعويض وأن ما دفعه الطاعن المنضم لا يعفيها من دفع كامل المبلغ المحكوم به للجهة المطعون ضدها، الأمر الذي يجعل هذا السبب غير وارد.

لـــــــــهذه الأسباب

تقرر المحكمة قبول السبب الثاني من الطعن الثاني فقط ورد الطعنين فيما عدا ذلك ولكون قبول هذا السبب بإلغاء وإبطال الحكم بمبلغ(34500) شيكل لا يؤثر في نتيجة الحكم لكون المبلغ يبقى ضمن الحد الأقصى(138000) شيكل ، فإن ما توصلت إليه محكمة الإستئناف من نتيجة الحكم بهذا المبلغ عن الضرر المعنوي بدل مبيت بالمستشفى يبقى على حاله ويتفق والقانون من حيث النتيجة مع تضمين الطاعنة بالطعن الثاني الرسوم والمصاريف.

حكماً صدر تدقيقاً باسم الشعب العربي الفلسطيني بتاريخ 17/01/2024