ــــة فــــلســــــطين
السلطــــة القضائيـــة
المحكمة العليا / محكمــة النقض
"الحكـــــــم"
الصادر عن المحكمة العليا / محكمة النقض المنعقدة في رام الله المأذونة بإجراء المحاكمة وإصداره
بإسم الشعب العربي الفلسطيني
الهـيئـــــــــة الحـاكـمــــــــة بـرئاســـــــة القاضــــــي السيــــــد عدنان الشعيبي
وعضويـة القضـاة السادة: بسام حجاوي ، فواز عطية ، مأمون كلش وثائر العمري
الطــــاعــــن: وهيب محمد نمر أبو مارية/ بيت أمر-الخليل
وكيلاه المحاميان مازن عوض و/أو جهاد جرادات/ الخليل
المطعـــون ضدهما: 1- شركة الحلايقة للإنشاءات/ حلحول -الخليل
2- زايد محمد عيسى حلايقة/ الشيوخ-الخليل
وكيلهما المحامي علي الحلايقة/ الخليل
الإجــــــــــــــراءات
تقدم الطاعن بهذا الطعن بتاريخ 10/10/2022، لنقض الحكم الصادر بتاريخ 11/9/2022 عن محكمة استئناف الخليل في الاستئناف المدني رقم 454/2022 القاضي:" برد الاستئناف موضوعا، وتأييد الحكم المستأنف، وتضمين المستأنف الرسوم والمصاريف و300 دينارا أردنيا أتعاب محاماة عن مرحلتي التقاضي".
المحكمـــــــة
بالتدقيق وبعد المداولة، ولما كان الطعن مقدما ضمن الميعاد مستوفياً لشرائطه الشكلية، تقرر قبوله شكلا.
وفي الموضوع، وعلى ما أنبأ عنه الحكم الطعين وسائر الأوراق المتصلة به، تقدم المدعي "الطاعن" ضد المدعى عليهما "المطعون ضدهما" بالدعوى المدنية رقم 819/2019 امام محكمة بداية الخليل، موضوعها المطالبة بحقوق عمالية بمبلغ 164376 شيقل، على سند من القول أن المدعي عمل لدى المدعى عليها التي تعمل الأخيرة في مجال الباطون في مقرها الكائن في بلدة حلحول، منذ شهر 6 من العام 2003 حتى أواخر شهر 12/2009، ومن ثم ترك المدعي العمل لديها لمدة عام إلى أن عاد إليه في شهر 10 من العام 2010 حتى نهاية شهر 3 من العام 2012، وبأجرة شهرية مقدارها 2500 شيقل، وأن المدعي سبق وأن اقام دعوى ضد المدعى عليهما بتاريخ 16/9/2012، بحيث تركها بتاريخ 19/5/2013 تركا غير مبرئ للذمة، على أساس تم الاتفاق بأن يعود المدعي للعمل، وأنه نتيجة مطالبة المدعي بحقوقه العمالية بما في ذلك المتأخرات، ورفض الجهة المدعى عليها دفعها، فإن ذلك الرفض يعتبر تركا مبررا للعمل وهو من قبيل الفصل التعسفي.
في حين تقدمت الجهة المدعى عليها بلائحة جوابية، جاء فيها أن الدعوى واجبة الرد لانعدام السبب القانوني، وأبدت أن مطالبات المدعي ، هدفها الاثراء دون سبب على حساب الجهة المدعى عليها، وأن المصنع في التواريخ المذكورة في صحيفة الدعوى لم يكن منشئا في حينه، وبنتيجة المحاكمة الجارية بتاريخ 22/2/2022 قضت المحكمة:" برد دعوى المدعي نتيجة الابراء الموقع من المدعي للجهة المدعى عليها، وتضمينه الرسوم والمصاريف و200 دينار أردني أتعاب محاماة".
لم يرتضِ المدعي بحكم محكمة أول درجة، فبادر للطعن فيه استئنافاً امام محكمة استئناف الخليل، بموجب الاستئناف المدني رقم 454/2022، وبنتيجة المحاكمة قضت بتاريخ 11/9/2022:" برد الاستئناف موضوعا، وتأييد الحكم المستأنف.....".
لم يلقَ حكم محكمة الاستئناف قبولا من المدعي ، فبادر للطعن فيه بالنقض الماثل للأسباب الواردة فيه، ورغم تبلغ الجهة المطعون ضدها أصولا ، إلا أنها لم تتقدم بلائحة جوابية.
وعن أسباب الطعن، ولما كانت تتمحور في واقعتين محددتين رغم الاسهاب في وقائعهما، الأولى تتمثل بتخطئة محكمة الاستئناف بتأييد رد الدعوى عن المدعى عليه الثاني، رغم أن كامل البينة تشير إلى عمل المدعي لديه بصفته المسؤول والمشرف عن المدعي طيلة فترة عمله، والثانية، تخطئة محكمة الاستئناف برد الدعوى عن المدعى عليها الأولى بالاعتماد على المبرز م ع/2، رغم ان البينة الشفوية أكدت عدم أخذ المدعي لحقوقه العمالية، بما كان على محكمة الاستئناف ألا ترجح البينة الخطية على البينة الشفوية، لاسيما وأن وكيل المدعى عليهما وافق على الامهال للمصالحة.
في ذلك نرى، وردا على الواقعة الأولى ،
وبعد الاطلاع على شهادة كل من "مهران نجوم ومشهور أبو مارية"، فقد جاء في شهادة كل منهما أن المدعي يعمل لدى الشركة المدعى عليها الأولى، لذلك يعد ما توصلت إليه محكمة الاستئناف من نتيجة مفادها:" تأييد حكم محكمة أول درجة برد الدعوى عن المدعى عليه على سند من القول أن البينة أثبت أن المدعي عمل لدى الشركة المدعى عليها الأولى..."، فهول يتفق وواقع البينة المقدمة من المدعي في الدعوى الماثلة، إلا أننا لا نقر محكمة الاستئناف باستنتاجها بالقول أن الشركات المساهمة الخصوصية لا يُسأل مساهميها أو ممثليها عن ديونها بأموالهم الخاصة، لأن في هذا القول ما يخالف أحكام قانون الشركات، إذ أن ما يمكن اعتباره صحيحا ومتفقا مع احكام قانون الشركات النافذ بخصوص مسؤولية الشركات الخصوصية المطلقة عن الحقوق المترتبة للغير ، فيما لو قدمت بينة تثبت أن الشركاء قد سددوا جميع حصصهم في أسهم الشركات تلك، وبعكس ذلك يعتبر كل شريك ضامن بقدر ما نقص من تسديد لقيمة الأسهم، وقد ارتات محكمة النقض أن تبين الرد القانوني على هذه المسالة لترسي المبادئ القانونية المتفقة مع الفهم الصحيح لاحكام القانون ذات الصلة وان كانت تلك النتيجة التي ساقتها محكمة الاستئناف لا تؤدي لجرح الحكم الطعين في الجزئية محل الاستنتاج سابقة الإشارة ، إذ ان البينة أثبتت أن المدعي عمل لدى المدعى عليها الأولى، مما يغدو رد الدعوى عن المدعى عليه الثاني واقعاً في محله ويتفق والقانون، لعدم صحة الخصومة بين الأخير " المدعى عليه الثاني " والمدعي على أساس عندم انطباق صفة صاحب العمل على المدعى عليه الثاني، الأمر الذي يجعل الشق الأول ( الواقعة الأولى ) غير واردة ولا تنال من الحكم الطعين.
أما بالنسبة للواقعة الثانية، ولما كان المبرز م ع/2 ، قد ابرز من قبل وكيل الجهة المدعى عليها في جلسة 10/11/2021، في حين احتفظ وكيل المدعي المناب بحقه في اثارة دفوعه حول ذلك المبرز حتى المرافعة النهائية، فإننا وبعطف النظر على محاضر الجلسات المتتالية ، وعلى المرافعة الخطية المقدمة من قبل وكيل المدعي المناب، لا نجد ما يشير الى ان وكيل المدعي أثار أي دفع حول هذا المستند ، بما في ذلك في المرافعة الخطية المقدمة من قبله ، رغم أن الجهة المدعى عليها في لائحتها الجوابية لم تتعرض لواقع مستند الابراء.
ولما كان المقرر فقهاً وقضاءً ، أن الاثبات من حق الخصوم، ولا معقب من محكمة الموضوع على ما يقدمه الخصوم من بينات إلا إذا شابهها عيب أو مخالفة لأحكام القانون وما يتصل بالنظام العام، وحيث لم يعترض وكيل المدعي على الابراز ولعدم الإشارة في اللائحة الجوابية لواقع ذلك المستند، ولعدم ابداء أي اعتراض أو تحفظ أثناء إجراءات المحاكمة، فإن اعتماد محكمة الموضوع على ذلك المستند له ما يبرره قانونا، طالما أن المدعي لم يطعن بصحته أو بمضمونه ، ولم ينكر توقيعه عليه .
الأمر الذي يعتد به، لاسيما وأن تاريخ المبرز محرر في 31/10/2016، وهو تاريخ يفيد بتوقيعه على أكثر تقدير بعد انتهاء العمل، بالنظر إلى التاريخ المبهم الوارد في صحيفة الدعوى المشار إليه في البند 4 من صحيفة الدعوى، حول تاريخ انتهاء عمل المدعي لغاية شهر 10 من العام 2016، الامر الذي يغدو معه التوقيع على هذا المستند انه تم بعد انتهاء العمل ، وبما يفيد إبراءً شاملا وقاطعا من أي ادعاء بعد ذلك.
وعليه لا يرد القول، بأن موافقة الجهة المدعى عليها التأجيل للمصالحة، يعني نسفا لواقع المبرز م ع/2، وانما هو اجراء أجازه القانون، بما يحقق مصالح اطراف الخصومة في سبيل انهاء النزاع وديا، ولا يشكل ذلك الامهال تنازلا عن البينات المقدمة من طرفي النزاع، وفق ما ورد في وسيلة الاثبات الواردة في قانون البينات النافذ، عند توجيه اليمين الحاسمة، الامر الذي لا يقاس على تلك الحالة ، مادام ان المشرع في قانوني البينات والأصول المدنية والتجارية لم يقرر الأثر القانوني عند طلب الخصوم الامهال للمصالحة، بأن ذلك الطلب يشكل إقرارا بالحق أو تنازلا عن البينات المقدمة.
وعليه، ولما كان السند المذكور، يفيد الابراء والاستيفاء ، فإنه وسندا لقواعد الصلح والإبراء الواردة في احكام المجلة العدلية، لا سيما المادة 1556 منها والتي نصت:" إذَا تَمَّ الصُّلْحُ فَلَيْسَ لِوَاحِدٍ مِنْ الطَّرَفَيْنِ فَقَطْ الرُّجُوعُ عَنْهُ وَيَمْلِكُ الْمُدَّعِي بِالصُّلْحِ بَدَلَهُ، وَلَا يَبْقَى لَهُ حَقٌّ فِي الدَّعْوَى، وَلَيْسَ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَيْضًا اسْتِرْدَادُ بَدَلِ الصُّلْحِ مِنْهُ، أما المادة 1561 فقد نصت على أنه:" إذَا قَالَ أَحَدٌ لَيْسَ لِي مَعَ فُلَانٍ دَعْوَى، وَلَا نِزَاعٌ، أَوْ لَيْسَ لِي عِنْدَ فُلَانٍ حَقٌّ، أَوْ فَرَغْت مِنْ دَعْوَايَ الَّتِي هِيَ مَعَ فُلَانٍ، أَوْ تَرَكْتهَا، أَوْ مَا بَقِيَ لِي عِنْدَهُ حَقٌّ أَوْ اسْتَوْفَيْتُ حَقِّي مِنْ فُلَانٍ بِالتَّمَامِ يَكُونُ قَدْ أَبْرَأَهُ".
وتأسيساً على ما تقدم، فإن أية مطالبة تتعلق بعمل المدعي لدى المدعى عليها الأولى، لا تستقيم وما جاء في المخالصة التي شملت كافة كافة حقوق المدعي عن فترة عمله، ما يحول ذلك من إقامة الدعوى الماثلة لتوقيعه على سند إبراء بعد انتهاء العمل ، وبما يفيد استيفاء كامل الحقوق وابراء ذمة المدعى عليها ابراءا عاما وشاملا، الامر الذي تغدو معه جميع أسباب الطعن غير واردة ولا تنال من الحكم الطعين.
لهــــــــذه الأسبـــــــــاب
نقرر رد الطعن موضوعا، وتضمين الطاعن المصاريف التي تكبدها.
حكماً صدر تدقيقاً باسم الشعب العربي الفلسطيني في 18/3/2024