دولـــــة فــــلســــــطين
السلطــــة القضائيـــة
المحكمة العليا / محكمــة النقض
"الحكــــــــم"
الصادر عن المحكمة العليا / محكمة النقض المنعقدة في رام الله المأذونة بإجراء المحاكمة وإصداره
بإسم الشعب العربي الفلسطيني
الهـيئة الحـاكـمة بـرئاســة نائب رئيس المحكمة العليا / محكمة النقض السيدة القاضي إيمان ناصر الدين
وعضويـة السادة القضاة : حازم ادكيدك ، د.رشا حماد ، محمد احشيش ، نزار حجي
الطـــاعن : محمد حسن اسماعيل الملاح / البرج - دورا
وكيله المحامي عمار الملاح و/او علاء تلاحمه / دورا
المطعون ضده : خليل مصطفى خليل منسية / الظاهريه
وكيله المحامي عبد ربه المصري / دورا
الإجـــــــــراءات
تقدم الطاعن بواسطة وكيله بتاريخ 2022/3/13 بهذا الطعن لنقض الحكم الصادر عن محكمة استئناف الخليل بتاريخ 2022/1/31 في الاستئناف المدني رقم 2021/1537 والقاضي بقبول الاستئناف موضوعا والغاء الحكم المستانف وفسخ قرار التحكيم لمخالفته الاصول والقانون وتضمين المستانف عليه الرسوم والمصاريف و200 دينار اتعاب محاماه
وقد تلخصت اسباب الطعن بالاتي :
تقدم المطعون ضده بلائحة جوابيه ابدى من خلالها موافقه الحكم الطعين لاحكام القانون وطلب بالنتيجة رد الطعن موضوعا وتضمين الطاعن الرسوم والمصاريف واتعاب المحاماه .
المحكمـــــــــة
بالتدقيق وبعد المداوله وحيث نجد بان الطعن مقدم ضمن المده القانونيه ومستوف لشرائطه الشكليه الاخرى نقرر قبوله شكلا .
وبالعوده لاوراق الدعوى نجد بان المطعون ضده كان قد اقام دعواه امام محكمة بداية الخليل والتي سجلت تحت الرقم 2017/1081 وموضوعها فسخ قرار تحكيم ، وبعد ان استمعت محكمة الدرجة الاولى الى طرفي الدعوى اصدرت حكمها الفاصل في الموضوع بتاريخ 2021/10/7 والذي قضى برد الدعوى والتصديق على قرار المحكم مع الرسوم والمصاريف و 200 دینار اتعاب محاماه ، ولما لم يرتض المدعي بهذا الحكم طعن به استئنافا امام محكمة استئناف الخليل بموجب الاستئناف رقم 2021/1537 والتي بدورها نظرت الاستئناف اصولا ومن ثم اصدرت حكمها الفاصل في الموضوع والذي قضى بتاريخ 2022/1/31 بقبول الاستئناف موضوعا والغاء الحكم المستانف والحكم بفسخ قرار التحكيم لمخالفته الاصول والقانون وتضمين المستانف عليه الرسوم والمصاريف و 200 دينار اتعاب محاماه.
لم يلق هذا الحكم قبولا لدى المستانف عليه ( المدعى عليه ( فطعن به امام محكمة النقض بموجب الطعن قيد النظر .
وبالعودة لاوراق الدعوى نجد بان وقائعها تتلخص في ان المدعي والمدعى عليه ونتيجة ما نشب بينهما من خلاف مالي يتصل بشركة المضاربه القائمة بينهما والعمل على تصفيتها فقد قاما بعقد اتفاق تحكيم بينهما فوضا بموجبه المحكم المنفرد محمد نظام طهبوب مفتي الخليل الشرعي واحالا اليه النزاع المتكون بينهما الى الشرع الشريف لبيان الحكم الشرعي فيه (وفق المعطيات التي وردت في صك التحكيم ) . وبعد ان اصدر المحكم المذكور حكمه في المسائل المتنازع عليها بين الفرقاء ، لم يرتض المطعون ضده بهذا الحكم فتقدم بدعواه امام محكمة البداية لغرض فسخ الحكم مستندا الى الاسباب التي أوردها في دعواه والتي لم تجد محكمة الدرجة الأولى انها كافية لفسخ قرار التحكيم فقررت ردها ، ولما لم تجد محكمة الاستئناف بان محكمة الدرجة الاولى قد حملت حكمها على اسباب صحيحه سائغه ووجدت بان المحكم ارتكب مخالفات بينة لاحكام قانون التحكيم قررت الغاء الحكم المستانف والحكم بفسخ قرار المحكم .
وبالعودة للبحث في اسباب الطعن بالنقض والتي نعت وباجمال ما جاء فيها على الحكم الطعين بالخطأ لكون ما استندت اليه من اسباب لفسخ قرار المحكم لا يتصل باحكام الماده 43 من قانون التحكيم وان محكمة الاستئناف طبقت القانون تطبيقا خاطئا سواء ما اتصل باحكام الماده 38 او 43 او 73 من قانون التحكيم .
وفي ذلك ولما كان اتفاق التحكيم وفق ما عرفه قانون التحكيم الفلسطيني رقم 3 لسنة) 2000 تعريفا منقوصا) بانه اتفاق بين طرفين يقضي باحالة كل او بعض المنازعات التي نشأت او قد تنشأ بشأن علاقة قانونية معينه تعاقدية كانت او غير تعاقديه ..الخ ، كما أوجب القانون ذاته في الماده الخامسة منه على ان يكون اتفاق التحكيم مكتوبا في جميع الاحوال . وعلى الرغم من ان المشرع اغفل الجهة التي يجب ان يحيل عليها اتفاق التحكيم النزاع لفضه (وفق التعريف اعلاه) الا ان بقية التفصيلات التي وردت في هذا القانون تفيد بان المقصود هو احالة النزاع الى محكم من الاغيار يستمد صلاحياته وسلطاته من اتفاق التحكيم وما يرد به من اشتراطات والتزامات واتفاقات ليقوم بالفصل في النزاع القائم بينهما فصلا منهيا للخصومه وقاطعا لدابرها ، بحكم قاطع الدلاله في ما فصل فيه .
ومن ذلك وحيث نجد بان طرفي الخصومه في هذه الدعوى كانا قد ارتضيا واتفقا على تفويض المحكم المنفرد محمد طهبوب للقيام بفض النزاع القائم بينهما طبقا لاحكام الشريعه الاسلاميه واعفاءه من اتباع الاجراءات القانونيه المتبعه في القضاء النظامي وفق ما ورد في البند الثاني من اتفاق التحكيم وكذلك اتفق الفريقان على ان يكون الحكم الصادر عن المحكم حكما ملزما للفريقين غير قابل للطعن او النكول او الاعتراض امام اي شخص أو جهة رسميه او غير رسميه ، ومن هذا فان المحكم استمد سلطاته من اتفاق التحكيم الذي اعفاه من اتباع الاجراءات القانونيه في طريق الوصول الى حكمه الذي بني على احكام الشريعه الاسلاميه بناء على رغبة اطراف الاتفاق ، واصدر قرارا محصنا من الطعن وملزما للطرفين باتفاقهما حيث الزما نفسيهما بقبول الحكم الذي يصدره وكذلك تنازلا عن حقهما في الطعن فيه باعتباره حكما نهائيا ملزما لهما .
وطالما ان اتفاق التحكيم وبالشروط والاحكام التي جاء بها من حيث اختيار الاطراف جهة الحكم والقانون الواجب التطبيق على موضوع النزاع واعطاء المحكم حرية التصرف خارج اطار الاجراءات التي رسمها قانون التحكيم ) كاجراءات ناظمة غير آمره ) وتحصين الحكم الصادر عن المحكم من حيث عدم قابليته للطعن لذا فان ما تدخلت في تحليله وبيانه محكمة الاستئناف حول اجراءات التحكيم وما جرى من مخالفات حسب رؤيتها كان تجاوزا لما لمحكمة الموضوع من صلاحيات ، اذ ان صلاحياتها والحاله هذه ووفق اتفاق التحكيم تنحصر فقط في تصديق قرار المحكم واكسابه الصبغة التنفيذيه طالما ان المسائل المتفق عليها بين اطراف الخصومه لا تمس النظام بشيء ولا تعارضه وطالما انها من المسائل التي يجوز الاتفاق عليها باعتبار انها من ضمن القواعد القانونيه التنظيميه المكمله غير الامره ، فيكون بذلك طرفي الخصومه قد حظرا على المحكمه نظر اي طعن يمس صحة قرار التحكيم ، وحصنا قرار المحكم من الطعن واعطياه صفه الالزام باتفاقهما الرضائي المتمثل في اتفاق التحكيم .
وحيث أن محكمة الاستئناف ذهبت الى غير هذا الذي بيناه ولم تلتفت الى شروط اتفاق التحكيم التي استمد منها المحكم سلطاته وصلاحياته ، فان حكمها والحال هذا يكون قد جاء خلافا لاحكام الاصول والقانون وخلافا لاتفاق اطراف الخصومه الصريح الامر الذي يجعل من اسباب الطعن بالنقض والحال هذا ترد عليه ما يوجب نقضه .
لـــــــــــذلك
تقرر المحكمة قبول الطعن موضوعا ونقض الحكم الطعين ، وبما ان الدعوى صالحة للفصل في موضوعها تقرر المحكمة وعملا باحكام الماده 2/45 من قانون التحكيم تصديق قرار المحكم واكسابه الصبغة التفيذيه وتضمين المطعون ضده الرسوم والمصاريف و 100 دینار اتعاب محاماة .
حكماً صدر تدقيقاً بإسم الشعب العربي الفلسطيني بتاريخ 17/4/2024
الكاتــــــــــب الرئيـــــــس
م.ف