دولـــــة فــــلســــــطين
السلطــــة القضائيـــة
المحكمة العليا / محكمــة النقض
"الحكـــــــم"
الصادر عن المحكمة العليا / محكمة النقض المنعقدة في رام الله المأذونة بإجراء المحاكمة وإصداره
بإسم الشعب العربي الفلسطيني
الهـيئـــــــــة الحـاكـمــــــــة بـرئاســـــــة القاضــــي السـيــــــد عدنان الشعيبي
وعضوية القضاة السادة : بسام حجاوي ، عبد الكريم حنون ، فواز عطيه ، ثائر العمري
الطــــاعن : مهدي عبد الرحمن محمد أبو داود/ الخليل
وكيلاه المحاميان عقل الجمل و/أو عبد المعطي الجمل/ الخليل
المطعون ضده : إسحق عبد القادر علي بدوي/ الخليل
وكيله المحامي منتصر الجمل/ الخليل
الإجــــــــــــــراءات
تقدم الطاعن بهذا الطعن بتاريخ 4/1/2023، لنقض الحكم الصادر بتاريخ 27/11/2022 عن محكمة استئناف الخليل في الاستئنافين المدنيين رقمي 730/2022 و778/2022 القاضي كما ورد فيه:" بقبول الاستئناف الأول موضوعا فيما يتعلق ببدل مكافأة نهاية الخدمة من السبب الثاني من أسباب الاستئناف والسبب الثالث المتعلق بأتعاب المحاماة، بحيث يصبح الحكم للمدعي بمبلغ 23121 شيقل، ورد الاستئناف رقم 778/2022 موضوعا، وتضمين المستأنف بهذا الاستئناف الرسوم والمصاريف و300 دينار أردني أتعاب محاماة".
المحكمــــــــــــــــة
بالتدقيق وبعد المداولة، ولما كان الطعن مقدما ضمن الميعاد مستوفيا لشرائطه الشكلية تقرر قبوله شكلا. وفي الموضوع، وعلى ما تتصل به وقائع النزاع وفق ما هو بيّن من الحكم الطعين وسائر الأوراق، تقدم المدعي "الطاعن" بالدعوى المدنية رقم 138/2021 امام محكمة بداية الخليل ضد المدعى عليه"المطعون ضده"، موضوعها المطالبة بحقوق عمالية بمبلغ 140023 شيقل، على سند من القول أن المدعي عمل لدى المدعى عليه في مجال القصارة والتشطيب الداخلي للبناء في مدينة الخليل، منذ 5/4/2017 حتى تاريخ 6/7/2020 نتيجة فصله تعسفيا دون مبرر قانوني من المدعى عليه، وبأجرة يومية 130 شيقل، وأن المدعي عمل بصورة متواصلة بعدد ساعات متواصلة من الساعة التاسعة صباحا حتى الثامنة مساء، وأنه تعطل فقط عن العمل بسبب جائحة كورونا منذ 10/3/2020 لغاية 10/6/2020، حيث يطالب بمجموع البدلات الواردة في البند 8 من صحيفة الدعوى بما في ذلك بدل ساعات العمل الإضافية.
في حين تقدم المدعى عليه بلائحة جوابية ، جاء فيها أن الدعوى قضية مقضية وسبق للمدعي أن أقام الدعوى المدنية رقم 447/2020 امام محكمة بداية الخليل ، أقر بموجبها أنه مقاول وليس عاملا، وأن الدعوى الماثلة بذات السبب والموضوع للدعوى المذكورة، وبنتيجة المحاكمة الجارية بتاريخ 23/5/2022 قضت المحكمة:" بإلزام المدعى عليه بأن يدفع للمدعي مبلغ 23080 شيقل ورد باقي المطالبة فيما زاد عن ذلك، وتضمينه الرسوم بنسبة المبلغ المحكوم به والمصاريف".
لم يرتضِ المدعي بحكم محكمة أول درجة، كما ولم يرتضِ به المدعى عليه، فبادرا للطعن فيه استئنافا امام محكمة استئناف الخليل بموجب الاستئنافين المدنيين رقمي 730/2022 و778/2022، وبنتيجة المحاكمة الجارية بتاريخ 27/11/2022 قضت المحكمة:" بقبول الاستئناف الأول موضوعا فيما يتعلق ببدل مكافأة نهاية الخدمة وفيما يتعلق بأتعاب المحاماة، ورد الاستئناف الثاني رقم 778/2022 موضوعا، ليصبح إلزام المدعى عليه بأن يدفع للمدعي مبلغ 23121 شيقل مع الرسوم والمصاريف و300 دينار أردني اتعاب محاماة".
لم يلقَ حكم محكمة الاستئناف قبولا من المدعي، فبادر للطعن فيه بالنقض الماثل للأسباب الواردة فيه، ورغم تبلغ المدعى عليه لائحة الطعن أصولا ، إلا أنه لم يتقدم بلائجة جوابية.
وبعطف النظر على الأسباب التي سيقت في صحيفة الطعن، ولما كانت أسباب الطعن تتمحور بتخطئة محكمة الاستئناف في عدم الحكم للمدعي عن البدلين المطالب بهما في صحيفة الدعوى ، عن فترة الاغلاقات بواقع شهرين بسبب جائحة كورونا، وعن بدل أجر ساعات العمل الإضافية.
في ذلك نرى، أن نقف على واقع الإجراءات التي تمت امام محكمة أول درجة ، من حيث طلب المدعي من خلال وكيله بتوجيه اليمين الحاسمة للمدعى عليه التي وردت من خلال الاستدعاء المقدم منه، وذيل بعبارة شوهد من قبل قاضي الموضوع بتاريخ 7/7/2021، ما حدا بالمدعى عليه لتقديم استدعاء بتاريخ 5/10/2021، تعديلا على صيغة اليمين، الامر الذي قررت معه محكمة أول درجة تحديد صيغة اليمين الحاسمة في ضوء الاختلاف في صيغة كل من اليمين المقترحة والصيغة المعدلة ، بحيث تم توجيه اليمين للمدعى عليه بناء على طلب المدعي ، وفق الصيغة التي حددتها المحكمة:" أقسم بالله العظيم أن المدعي مهدي عبد الرحمن محمد أبو داود ، قد عمل لدي كعامل في مجال القصارة في مدينة الخليل تحت اشرافي وادارتي ومسؤوليتي من تاريخ 5/4/2017 ولغاية 6/7/2020 بشكل مستمر ومتواصل باستثناء مدة 4 أشهر منها حيث كان يترك العمل بما مجموعه شهر عن كل سنة ، وكان يعمل 6 أيام أسبوعيا ويعطل يوم الجمعة ولا يتقاضى أجرة ذلك اليوم ، وكانت أجرته اليومية 100 شيقل عن 8 ساعات عمل ، وأنه ترك العمل لوحده ولم أقم بإنهاء عمله بالقول له(ابحث عن عمل آخر أنا لا احب الناس الساكتة) وأنه كان يتقاضى مبلغ 200 شيقل في الأعياد الدينية ، ولم يكن يحصل على بدل باقي الأعياد الدينية والرسمية ، وأنه عطل مدة أسبوعين فقط في فترة الاغلاقات بسبب فايروس كورونا ، ولم يتقاضى أجرتها لكونه لم يعمل بها وأن ذمتي مشغولة للمدعي بمبلغ 800 شيقل بدل عمله لدي في بيتي أجرة 8 ايام ولم يكن يعمل 12 ساعة عمل إضافي أسبوعيا ، وفي حال عمل عملا إضافيا كان يتقاضى أجرة عن كل ساعة عمل إضافي يعملها مبلغ 15 شيقل والله على ما أقول شهيد".
ولما كانت الغاية من اليمين الحاسمة التي يوجهها أحد الخصوم إلى خصمه في المسائل المتنازع عليها أو في أية مسألة منها ليحسم نزاعا قائما، فإنه وعلى ما أنبأت عنه المادة 137/1 من قانون البينات النافذ، فإن لمحكمة الموضوع الصلاحية في تعديل صيغة اليمين التي يعرضها الخصم، ليتم توجيهها بصورة واضحة ودقيقة على الواقعة المطلوب الحلف عليها لحسم النزاع كاملا أو في جزء منه.
وبالتالي، ولما كان المستقر عليه في قضاء هذه المحكمة، أن من حق الخصم أن يرتكن لضمير خصمه بشأن مسألة متنازع عليها في الدعوى، وهو في ذلك يغدو متنازلا عن بينة قدمها أو أية بينة كان يرغب في تقديمها، ضمن ضوابط توجيه اليمين من حيث عدم التعسف في توجيها، وألا تكون مخالفة للنظام العام، فضلا عن حق محكمة الموضوع بتعديل الصيغة إن رأت ضرورة في ذلك للمساهمة في حسم النزاع، عملا بأحكام المواد في المواد (132/2 و133و137/1) من ذات القانون المشار إليه، بحيث لا يخرجها عن غاية ومقاصد موجهها بالاحتكام لذمة خصمه.
الأمر الذي يجعل من تعديل صيغة اليمين، من محكمة أول درجة ، وقيام المدعى عليه بحلف اليمين بالصورة التي وردت حسما للمسائل المثارة في الطعن الماثل، وبالتالي فلا مجال للمدعي أن يجادل في أمر حُسم باليمين الحاسمة التي حلفها المدعى عليه ، مادام أن صيغة اليمين الحاسمة تتفق وما ورد في لائحة الدعوى من وقائع، وتتآلف مع الوقائع المادية التي وردت في صحيفة الدعوى، ووجهت اليمين بناء على طلب المدعي للمدعى عليه، وهي بذلك تشكل يمينا قانونية صحيحة وحاسمة بخصوص المسائل المختلف عليها بين فريقي النزاع.
ولما كان ما قضت به محكمة الموضوع، بخصوص رد المطالبات عن بدل ساعات العمل الإضافية مستندة إلى حلف المدعى عليه بموجب اليمين الحاسمة وأن ذمته غير مشغولة ببدل ساعات عمل اضافي، فهو قول سائغ ونتيجة صحيحة تتفق وحكم المادة 131 من قانون البينات.
وفيما يتعلق بالمطالبة ببدل أيام الاغلاق بسبب جائحة كورونا، فإن أثر صدور قرار بإغلاق المنشأة، سواء كان بقرار إداري أو قضائي، ضمن مفهوم احكام المادة 38 من قانون العمل التي نصت:" 1- لا ينتهي عقد العمل في حالة صدور قرار إداري أو قضائي بإغلاق المنشأة أو بإيقاف نشاطها مؤقتاً لمدة لا تزيد على شهرين، وعلى صاحب العمل الاستمرار في دفع أجور عماله طيلة فترة الإغلاق أو الإيقاف المؤقت مع مراعاة الأحكام الواردة في هذا القانون والمتعلقة بفترة التجربة.2- ينقضي الالتزام المذكور في الفقرة (1) أعلاه بعد مدة الشهرين وعلى صاحب العمل أن يدفع لعماله زيادة على ما سبق ذكره مكافأة نهاية الخدمة كما نصت عليها أحكام هذا القانون"، فإن نص المادة 38 جاء مطلقا ويعمل على إطلاقه، إذ لم يأتِ النص بما يفيد التفريق بين إغلاق المنشأة لأسباب تتصل بصاحب العمل أو لأسباب خارجة عن إرادته(راجع نقض رقم 135/2022).
وبالتالي، فإن عدم عمل العامل خلال فترة جائحة كورونا التي عطلت مناحي الحياة في فلسطين مدة من الزمن، لا تبرر عدم منح العامل أجرته خلال فترة تعطيل مناحي الحياة وفق مرسوم اعلان الطوارئ، ولما أقر المدعى عليه بموجب اليمين الحاسمة عدم دفع بدل مدة أسبوعين بواقع 14 يوماً للمدعي بسبب جائحة كورونا، فكان لزاما على محكمة الاستئناف أن تقضي بإلزام المدعى عليه بأن يدفع للمدعي مبلغ 1400 شيقل، ولما لم تفعل ، فإن هذا السبب يرد على الحكم الطعين من هذا الجانب، مما يتعين نقضه.
لــــــــــــهذه الأسبـــــــــاب
نقرر قبول الطعن موضوعا بحدود الواقعة الثانية فقط، و نقض الحكم الطعين من هذا الجانب، ولما كان موضوع الدعوى صالحا للفصل فيه عملا بأحكام المادة 237 من الأصول المدنية والتجارية، نقرر إلزام المدعى عليه (إسحق عبد القادر علي بدوي) بأن يدفع للمدعي مهدي عبد الرحمن محمد أبو داود مبلغ 1400 شيقل ، مضافا لما قضت به محكمة الاستئناف مبلغ 23121 شيقل، ليصبح المجموع الكلي 24521 شيقل وتضمينه الرسوم عن المبلغ المحكوم به والمصاريف التي تكبدها المدعي ، وأتعاب المحاماة عن جميع مراحل التقاضي مبلغ 350 دينار.
حكما صدر تدقيقا باسم الشعب العربي الفلسطيني بتاريخ 16/04/2022