دولـــــة فــــلســــــطين
السلطــــة القضائيـــة
المحكمة العليا / محكمــة النقض
"الحكـــــــم"
الصادر عن المحكمة العليا / محكمة النقض المنعقدة في رام الله المأذونة بإجراء المحاكمة وإصداره
بإسم الشعب العربي الفلسطيني
الهـيئـــــــــة الحـاكـمــــــــة بـرئاســـــــة القاضــــي السيــــــد عدنان الشعيبي
وعضويـة القضـاة السـادة : بسام حجاوي ، عبد الكريم حنون ، مأمون كلش ، ثائر العمري
الطـــاعنة : منى عوده سلامه عتيق/بيت لحم
وكيلها المحامي محمد شاهين/ بيت لحم
المطعون ضده : ابراهيم اسحق عودة الله خليف/ بيت لحم
وكيله المحامي تامر الحروب/ بيت لحم
الإجـــــــــــراءات
تقدمت الطاعنة بهذا الطعن بتاريخ 02/01/2023 ،لنقض الحكم الصادر عن محكمة استئناف الخليل بتاريخ 08/12/2022 في الاستئناف 714 /2022 ، القاضي برد الاستئناف موضوعا وتضمين المستأنفة الرسوم والمصاريف و100 دينار أتعاب محاماة.
في حين تقدم وكيل المطعون ضده بلائحة جوابية خلال الميعاد المقرر قانونا، طلب فيها رد الطعن وتأييد الحكم المطعون فيه.
المحكمـــــــــة
بالتدقيق والمداولة ، وبالنظر لاستيفاء الطعن شرائطه الشكلية فقد تقرر قبوله شكلا.
وفي الموضوع ، فإن ما يبين من حيثيات الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق، أن الطاعنة أقامت الدعوى المدنية رقم 512/ 2016 لدى محكمة بداية بيت لحم تطلب فيها إلزام المطعون ضده بأن يؤدي إليها مبلغ 318 ألف شيكل حاملة حملت دعواها على أساس من الادعاء بان المدعى عليه قام بضربها بلكمات على وجهها وفكها وراسها بقبضة يده ودفعها فارتطمت بالأرض، وأنه لحق بها من جراء هذه الإصابة عاهة دائمة تقدر بـ10%.
بعد أن فرغت محكمة بداية بيت لحم من نظر الدعوى أصدرت بتاريخ 30 /05/ 2022 حكمها القاضي برد الدعوى لعدم ثبوت عناصرها.
لم تقبل الطاعنة بحكم محكمة البداية فبادرت لاستئنافه بالاستئناف رقم 714/ 2022 لدى محكمة استئناف الخليل، التي وبعد أن فرغت من إجراءاتها أصدرت حكمها المطعون فيه .
لم تقبل الطاعنة بحكم محكمة استئناف بيت لحم، فطعنت فيه نقضا من خلال الطعن الماثل.
وبالاطلاع على أسباب الطعن، نجد أن الطاعنة تنعى على الحكم المطعون فيه في السبب الاول بقولها، أن الحكم صدر بعد الاستماع الى المرافعات بما لا يتجاوز الساعة، وانه بمنطق الأمور لا يمكن أن يكون جميع أعضاء الهيئة قد تداولوا واطلعوا على اوراق الدعوى.
والذي نراه ان هذا النعي غير سديد، ذلك ان قانون اصول المحاكمات المدنية ينص في المادة 165 /2 بانه ( للمحكمة النطق بالحكم فور اختتام المحاكمة أو في جلسة تالية) ، من جهة ثانية فان المستقر عليه فقها وقضاء ان المعول عليه في حصول المداولة ومناطها هو توقيع مسودة الحكم ، ولما كانت مسودة الحكم موقعة من جميع الاعضاء الذين استمعوا الى المرافعات، فان هذا السبب يغدو في غير محله.
وبالنسبة الى باقي ما جاء في لائحة الطعن، فإنها تتلخص في سبب واحد، حاصلة تخطئة محكمة الاستئناف فيما قضت فيه من أنه لا يجوز إقامة الدعوى المدنية امام المحكمة المدنية، بعد ان كانت قد أقامتها تبعا لدعوى جزائية ، وتتمسك الطاعنة بأن من حقها اقامة الدعوى امام المحكمة المدنية، إذ لم تفصل المحكمة الجزائية التي تنظر دعوى الحق المدني تبعا لدعوى الحق العام في موضوع دعوى الحق المدني .
قبل الإجابة على هذا السبب، نرى ان نسرد الواقع الذي حصلته محكمة الموضوع وهو يتمثل بالنقاط التالية:
اما فيما يتعلق بالدعوى المنظورة والتي اقامتها الطاعنة أمام محكمة بداية بيت لحم بطلب التعويض عن ذلك الفعل، فقد حكمت محكمة بداية بيت لحم بعدم قبول هذه الدعوى، بداعي عدم تقديم البينة على ارتكاب المدعي عليه لهذا الفعل، لا سيما ان المحكمة الجزائية لم تقل كلمتها بخصوص تهمة الايذاء بالنظر الى سقوطها.
وبالرجوع إلى الحكم الاستئنافي، نجد ان محكمة الاستئناف اتجهت الى منحى آخر بحيث قررت في حكمها أنه لا يجوز للطاعنة بعد ان كانت قد لجأت الى المحكمة الجزائية من خلال دعوى الحق المدني أن تعود و تلجأ الى المحكمه المدنيه واقامت حجتها على ذلك بالاستناد الى حكم المادة 195 /1 من قانون الإجراءات الجزائيه التي تقضي بانه( يجوز إقامة دعوى الحق المدني تبعا للدعوى الجزائيه امام المحكمة المختصة، كما تجوز إقامتها على حده لدى القضاء المدني، وفي هذه الحالة يوقف النظر في الدعوى المدنية إلى أن يفصل في الدعوى الجزائيه بحكم بات).
وبالعودة الى سبب الطعن، نرى ان هذا الذي ذهبت اليه محكمه الاستئناف لا يوافق القانون، وذلك ان المحكمة المدنية هي صاحبة الاختصاص الأصيل في نظر موضوع هذه الدعوى، في حين ان اختصاص المحكمة الجزائيه اختصاص استثنائي ، والذي نراه ايضا انه وان كان المشرع في قانون الإجراءات الجزائيه لم ينص صراحة على جواز أن يلجا المضرور الى المحكمه المدنية، حتى لو كان قد سبق له ان أقام دعواه امام المحكمه الجزائية، كما فعل المشرع المصري في المادة 262 من قانون الإجراءات الجنائية ، رغم ذلك فانه لا يوجد في المادة 195 من قانون الإجراءات الجزائيه التي عولت عليها محكمة الاستئناف ما يمنع المضرور من اللجوء الى المحكمة المدنية بدعوى جديدة وهذا الحق طبيعي، لان من حق المضرور ان يترك الطريق الاستثنائي وهو دعوى الحق المدني تبعا للدعوى الجزائية، إلى الطريق الاصلي اي الدعوى المدنيه ، ولا يعرف الفقه والقضاء قيدا على حقه هذا، إلا أن يكون القضاء الجزائي قد أصدر حكما في دعوى الحق المدني التي أقيمت بالتبعية للدعوى الجزائية، فعندئذ لا يجوز إعادة النظر في الموضوع مرة اخرى ولو امام المحكمه المدنيه اعمالا لمبدأ حجية الأحكام.
هذا عن حكم القانون، ولما كان الثابت من خلال الأحكام الجزائية التي تم استعراضها وخاصه حكم محكمة النقض في الطعنين 324 /2015 و325/ 2015، ان المحكمة الجزائية لم تقل كلمتها في دعوى الحق المدني رغم اقامتها تبعا للدعوى الجزائية، الأمر الذي كان على محكمة الاستئناف ان تنبري لبحث موضوع الدعوى والدفوع المثاره و لما لم تفعل وخالفت هذا النظر فإن حكمها يكون معيبا مستوجبا النقض.
لــــــهذه الاسبــــــاب
تقرر المحكمة قبول الطعن ونقض الحكم المطعون فيه، واعادة الاوراق الى مرجعها لإجراء المقتضى القانوني على ضوء ما بيناه.
حكماً صدر تدقيقاً باسم الشعب العربي الفلسطيني بتاريخ 22/07/2024
الكاتــــــــب الرئيـــــــس
م.ف