دولـــــة فــــلســــــطين
السلطــــة القضائيـــة
المحكمة العليا / محكمــة النقض
"الحــــــكــــم"
الصادر عن المحكمة العليا / محكمة النقض المنعقدة في رام الله المأذونة بإجراء المحاكمة وإصداره
بإسم الشعب العربي الفلسطيني
الهـيئة الحـاكـمـــة بـرئاسة القاضـــــي الســــــــــيد عماد مسوده
وعضوية القاضيين السيدين : سائد الحمد الله ، احمد ولد علي
الطـــــاعن : حسن.يم - قلقيلية - موقوف
وكيله المحامي : احمد شرعب
المطعون ضده : الحق العام
الإجراءات
-بتاريخ 21/7/2024 تقدم الطاعن بواسطة وكيله بهذا الطعن لنقض الحكم الصادر عن محكمة بداية قلقيلية بصفتها الاستئنافية بتاريخ 11/7/2024 بالاستئناف الجزائي 231/2023 والقاضي برد الاستئناف موضوعاً وتأييد الحكم المستأنف .
-تتلخص أسباب الطعن بما يلي: -
1- القرار الطعين معيب بعيب الفساد في الاستدلال وبكيفية معالجته لبينات الجهة الطاعنة وذلك حينما توصل لنتائج لا تقود اليها البينة المقدمة مخالفاَ بذلك صريح النص القانوني حيث طرحت محكمتا الموضوع لبينة هامة ممثلة بموجود معالجة مشتملة اقرار من قبل المشتكي لذمته المالية بمبلغ الثمانون الف شيكل محل الخلاف والطعن بالتزوير وذلك بتاريخ 26/6/2011 وبصورة لاحقة لتلاوة الاتهام الجاري في هذه الدعوى والذي صدر بتاريخ 21/4/20211 وحيث ان المشتكي قد اقر بإنشغال ذمته بقيمة الكمبياله محل الادعاء بالتزوير فإن نهج المحكمة لهذا السلوك يؤدي الى تجريد الاقرار بالمديونية الذي تضمنته المصالحة وان الادعاء بالقيام بالمصالحة تلافياً لأمر الحبس هو امر لا يتماشى مع المنطق القانوني وقبل صدور اي امر بالحبس حتى تاريخ المصالحة حيث ذكر الشاهد جم.ح بأنه لا يذكر ان موكله كان في النظاره حين تم توكيله بالملف ، وحيث تضمن الحكم الطعين مخالفة لنص القانون وقصور في معالجة البينة المقدمة الامر الذي يوجب نقضه .
2- جانبت المحكمة الموقرة حينما ايدت محكمة الدرجة الاولى بالاعتماد في ادانتها على البينة الفنية المتمثلة بالخبير ايم.وي مبنياً ذلك على اسباب غير سائغه ومقبولة حينما قررت اللجوء الى خبرة فنية ثالثة مسوغة ذلك بوجود تناقض ما بين كل ما أتت به الخبرة الفنية التي تقدم بها الحق العام ممثلة بالخبير جم.م ، والخبرة الفنية التي ادلى بها الدفاع ممثلة بالخبير فاي.ي حيث اكد الخبير الاول بأنه وبإستكتتاب المشتكي لم يتبين ان الخط يعود للمشتكي في حين لم يقم بإستكتتاب الطاعن ، اما وكيل الدفاع فقد اجرى استكتتاب للمتهم الطاعن وتبين ان الخط لا يعود له إذ لا تناقض يبرر اللجوء الى الخبرة الفنية الثالثة الامر الذي يعني ان اللجوء الى هذه البينة من قبل المحكمة لم يكن مسوغاً على النحو السليم .
-وعلى الفرض الساقط بوجود هذا التناقض فلم توضح محكمتا الموضوع القيمة الفنية لهذه الخبرة التي يستلزم القانون ان تكون اعلى من الخبرة السابقة لدحضها واكتفت بالقول ان البينة الفنية لا تدحض الى من خلال بينة اعلى وفرضت فرض بعلو البينة التي اتت بها كونها من خبير في المختبر الجنائي ، فضلاً عن ذلك تناقض الخبرة تناقض كلي مع ما اوضحه الشاهد عل.يم بقيامه بكتابة كامل بيانات الكمبيالة المطعون بها بالتزوير الامر الذي لم تتطرق له المحكمة بالمطلق ، وبذلك فإن اللجوء للخبرة الفنية الثالثة لم يكن مسوغاً تسويغاً قانونيأً بإعتبارتم إجراء المضاهاة والاستكتتاب للمتهم بالسابق واكد ان الخط لا يعود للطاعن فضلاً عن وجود شاهد الدفاع ، الامر الذي يعني ان لجوءها بداية الى الخبرة الثالثة التي بنيت عليه اتهامها لم يكن متوافقاً والقانون وانما هو من قبيل التدخل في البينات على النحو الذي لا يقتضيه القانون الامر الذي يستوجب استبعادها .
-وبالتناوب مع اشارة المحكمة مصدرة الحكم الطعين للتناقض الموجب لهذه البينة الفنية الثالثه الا ان واقع الحال لا يشير الى وجود التناقض ، فهي لم توضح قيمتها من حيث علوها على نظيراتها حتى يتم الاخذ بها فلا تدحض الخبرة الى بخبرة تعلوها اختصاصاً .
3- لم تعالج محكمة الاستئناف كافة اسباب الاستئناف الواردة ولم ترد عليها الامر الذي يجعل من حكمها مخالفاً لنص المادة 351/4 ومستوجباً النقض حيث لم تتطرق محكمتا الموضوع للبينة الدفاعية والتي اكدت على وجود علاقة مديونية سواء اكان ذلك من خلال الملف التنفيذي وشهادات الشهود وخاصة الشاهد على.م والذي اعترف واقر بتحريره لكافة بينات الكمبيالة محل الطعن .
5- لم تتطرق المحكمة الى خلو لائحة الاتهام من تاريخ القيام بالواقعة المدعى بها وخلوها من اي تاريخ بشكل عام مخالفة بذلك نص المادتين 154 ، 241 من قانون الاجراءات الجزائية ، فضلاً عن ان البينة الفنية التي اتت بها المحكمة في جميع مراحل الدعوى لم تتمكن من اثبات تاريخ الحبر الذي تمت فيه الكتابة.
6- ان عملية استكتتاب الطاعن من قبل الخبير ايم؟ي تمت بناء على اعطاءه صورة عن الكمبيالة محل الطعن حيث قام الخبير باجراء الاستكتتاب والفراغ بناء على الصورة التي منحته اياها محكمة الدرجة الاولى والتي قررت في ذات الجلسة التسطير لدائرة تنفيذ قلقيلية من اجل اعطاءه اصل الكمبيالة .
7- المحكمة الموقرة بالنظر في قرار محكمة التمييز بهيئتها العامة رقم 211/2023 فهي قد اوضحت كافة الاحتمالات التي قد ترافق تدوين السند والتي يقع منها تعبئتها من خلال الغير في ضوء الاتفاق عليها :
( ان قانون البينات لم يشترط ان تكون بخط يد المدين فقد تكون بخط يد المدين او الدائن او الغير ، او قد تكون مطبوعة وقد يقوم الدائن نفسه بتدوين البيانات الواردة في السند الخطي في يوم التوقيع نفسه ولكن في غياب الموقع ، وقد يتم تدوين البيانات الواردة بالسند بتاريخ لاحق لتاريخ التوقيع السابق على ادراجها ولكن اذا كانت هذه البيانات ضمن الحدود المتفق عليها ودون اساءة لاستعمال التوقيع على بياض في اي مرحلة لاحقة فإن السند في هذه الحالة يكتسب حجية كاملة في الاثبات ويأخذ تاريخ التوقيع السابق هنا حكم التوقيع اللاحق .
8- بخصوص تقرير الخبرة الفنية الذي اكده الخبير جم.ى فهو لم يستكتتب الجهة الطاعنة اصلاً اذ تمت اعمال الخبرة على خط المشتكي فقط الامر الذي يعني ان جزء من البينات التي اعتمدتها المحكمة مصدرة الحكم الطعين وايدت بها محكمة الدرجة الاولى لا تصلح ان تقوم دليل ادانة بحق موكلي وعليه فإن استخلاص نتيجة الادانة منها يبدو استخلاص غير سليم ويجعل من حكمها مستوجباً النقض الحتمي .
9- اخطات المحكمة بتطبيقها صحيح القانون كون ان احالة الدعوى التحقيقية لمحكمة الصلح قد تم دون محاضر جمع الاستدلالات أو تحقيق إبتدائي ، الأمر الذي من شأنه أن يرتب البطلان إعمالاً لأحكام المواد 149 ، 151 ، 152 ، 154 من قانون الإجراءات الجزائية النافذ ، وهذا ما أيدته حكم محكمة النقض الفلسطينية 366/2016 .
-يلتمس الطاعن قبول الطعن شكلاً ، وموضوعاً ونقض الحكم المطعون فيه وإتخاذ المقتضى القانوني السليم.
-بتاريخ 08/08/2024 تقدم النائب العام بلائحة جوابية التمس من خلالها رد الطعن شكلاً وموضوعاً.
الــــمـــحكمة
-بعد التدقيق والمداولة قانوناً ، نجد أن الطعن قُدم في الميعاد المقرر قانوناً ، فتقرر قبوله شكلاً .
-وفي الموضوع ، وعن أسباب الطعن ، وبالنسبة للسبب الأول الثابت أن الطاعن طرح الكمبيالة محل الطعن لدى دائرة تنفيذ قلقيلية وسجلت بالملف رقم 431/2011 بتاريخ 05/04/2011 .
-والثابت أن المنفذ ضده (المحكوم عليه) المشتكي حسن قعدان في دعوى التزوير مدار البحث قد قام بتوكيل المحامي جم.ح بموجب وكالة خصوصية منظمة حسب الأصول والقانون المتمثلة في الدعوى التنفيذية ، حيث قام المحامي المذكور وبتاريخ 13/04/2011 بمراجعة دائرة التنفيذ حيث صرح وأقر بأن الكمبيالة موضوع الدعوى موقعة من موكله وأن موكله قام بتعبئة قيمتها الحقيقية مبلغ 1000 شيقل بالأرقام وأنه تم تحريف الرقم ليصبح 80000 وتم إضافة عبارة ثمانون ألف شيقل في متن الكمبيالة وهذه العبارة ليست بخط يد موكلي (مزورة) ، وأن المحكوم عليه يرغب برفع دعوى جزائية لدى النيابة العامة ، وأن المحكوم عليه يُقر بإنشغال ذمته بالمبلغ المطروح للتنفيذ مؤقتاً ويعرض تسوية لدفع مبلغ خمسون شيقل شهرياً .
-والثابت أن المشتكي حسن قعدان قد تقدم بشكوى جزائية لدى نيابة قلقيلية بتاريخ 17/04/2011 وموضوعها التزوير واستعمال سند مزور .
-وبالعودة لمحتويات الملف التنفيذي سالف الذكر ، فإننا نجد أن المشتكي حسن قعدان بصفته المحكوم عليه قد أقر بواسطة وكيله بإنشغال ذمته بالمبلغ المحكوم به والبالغ قدره ثمانون ألف شيقل وهو المبلغ قيمة الكمبيالة المدعي بتزويرها ، بالإضافة للرسوم والمصاريف ، حيث تصالح طرفي الدعوى التنفيذية على دفع المبلغ المحكوم به والمُقر به من قبل المحكوم عليه على أقساط شهرية فيمة كل قسط خمسمائة شيقل ، وطلب من قاضي التنفيذ التصديق على هذه المصالة واعتبارها سنداً تنفيذياً غير قابل للطعن ، وكان ذلك بتاريخ 26/06/2011 ، أي بعد تقديم الشكوى الجزائية ، وقد قرر قاضي التنفيذ إجابة الطلب والتصديق على هذه المصالحة واعتبارها سنداً تنفيذياً وإذا ما أخذنا بعين الاعتبار نص المادتين 118/2 ، 191/2 من قانون أصول المحاكمات المدنية والتجارية 2/2001 وتعديلاته .
-ولما كان من المقرر قانوناً أنه يُشترط للإدعاء بالتزوير أن يكون هذا الإدعاء منتجاً أولاً ، وثانياً أن تكون وقائع الدعوى أو مستنداتها غير كافية لإقناع المحكمة بصحة المُحرر أو تزويره ، ورأت أن إجراء التحقيق الذي طلبه مدعي التزوير منتج وجائز أمرت بإجرائه . (م 63 من قانون البينات 4/2001 وتعديلاته).
-وبتطبيق ذلك على وقائع هذه الدعوى ، فإننا نجد أن إقرار المشتكي حسن قعدان بصحة توقيعه على الكمبيالة محل الطعن كمدين ، وإقراره أيضاً بإنشغال ذمته بالمبلغ المحكوم به وهو قيمة الكمبيالة محل الطعن كل هذا يجعل من المحكمة مُطمئنة لصحة الكمبيالة ، إذا ما أخذنا بعين الاعتبار أن الإقرار هو اعتراف الخصم بواقعة أو عمل قانوني بأي منهما عليه ، وأن الإقرار القضائي حُجة على المُققر ، وإذا ما أخذنا بعين الاعتبار أن أمر الحبس صدر بحق المحكوم عليه حسن قعدان على ذمة الملف التنفيذي لأول مرة بتاريخ 26/07/2011 أي بتاريخ لاحق للمصالحة المشار إليها سابقاً ، الأمر الذي يجعل من الإدعاء بتزوير الكمبيالة مدار البحث غير مُنتج في هذه الدعوى .
-وحيث أن محكمة بداية قلقيلية بصفتها الاستئنافية قد سارت على خلاف ذلك ، الأمر الذي يجعل من حُكمها المطعون فيه جاء مبنياً على فساد في الاستدلال ، كون جاء مبنياً على مخالفة القانون ، الأمر الذي يجعل من السبب الأول وارد .
لــــــــــــــذلك
ودون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن ، تقرر المحكمة قبول الطعن موضوعاً ونقض الحكم المطعون فيه ، وإعادة الدعوى لمصدرها لتحكم بها من جديد وفق ما تم بيانه بهيئة مغايرة .
حكماً صدر تدقيقاً باسم الشعب العربي الفلسطيني بتاريخ 16/09/2024
الكاتــــــــــب الرئيـــــــس
ع.ق