دولـــــة فــــلســــــطين
السلطــــة القضائيـــة
المحكمة العليا / محكمــة النقض
"الحكـــــــم"
الصادر عن المحكمة العليا / محكمة النقض المنعقدة في رام الله المأذونه بإجراء المحاكمة وإصداره
بإسم الشعب العربي الفلسطيني
الهـيئـــــــــة الحـاكـمـــة بـرئاســـــــــة الســــــــــيد القاضـــــي محمود جاموس
وعضويــــة الســادة القضــاة : نزار حجي و وسام السلايمة
الطاعن : محمد اسعد ناجي حردان / جنين - عرابه
وكلاؤه المحامون : احمد شرعب و /او شاكر العبوشي و/ او عبير شرعب
المطعون ضده : بلدية عرابة يمثلها السيد رئيس البلدية بالاضافة لوظيفته .
وكيله المحامي صادق قاروط / جنين
الإجــــــــــــراءات
تقدم الطاعن بهذا الطعن بواسطة وكيله بتاريخ 12/ 6/ 2024 لنقض الحكم الصادر عن محكمة بداية جنين بصفتها الاستئنافية في الاستئناف المدني رقم 123 / 2023 بتاريخ 15/15/2024 ، والقاضي برد لاستئناف موضوعا و تأييد الحكم المستانف ، مع الزام المستأنف بالرسوم و المصاريف و 100 دينار اردني اتعاب محاماه .
تتلخص أسباب الطعن بما يلي:
1-اخطأت المحكمة مصدرة الحكم المطعون فيه باعتبار الطاعن غير حاصل على ترخيص للسور الذي تم هدمه ، على الرغم من تقديم رخصة البناء المبرز م/1 .
2-اخطات المحكمة بتطبيق احكام المادة 5 من قانون تنظيم المدن و القرى ، التي تشترط ان يكون الهدم بعد انتهاء مدة الاخطار الامر الذي خلا منه ما الاخطار و باعتبار الاخطار المودع اخطار تنفيذي يستوجب ازالة البناء .
3-اخطأت المحكمة بتعليل قرارها بعدم استحقاق الطاعن لاي تعويض و/ او مطالبة بتعويضات ناشئه عن هدم السور .
ملتمسا بالنتيجة قبول الطعن موضوعا ونقض الحكم المطعون فيه و الحكم للطاعن حسب لائحة دعواه مع تضمين المطعون ضدها بالرسوم و المصاريف .
بتاريخ 26/6/2024 تبلغت المطعون ضدها بلائحة الطعن بواسطة وكيلها و لم تتقدم بلائحة جوابية .
المحكـــــــــــــمة
بعد التدقيق والمداولة ، وحيث ان الحكم محل الطعن صدر بتاريخ 15/5/2024 وقدم الطعن بتاريخ 12/6/2024 ، و حصل الطاعن على اذن لتقديم طعن على ذات الملف وفقا لما جاء بالفقره 2/ب من الماده 17 من القرار بقانون رقم 39 لسنة 2020والمعدل بالقرار بقانون رقم 10 لسنة 2022 ، و عليه فان الطعن يكون مقدما في الميعاد القانوني وحيث جاء مستوفيا لباقي شرائطه الشكليه لذا فان المحكمه تقرر قبوله شكلاً.
وفي الموضوع فإن اوراق الدعوى تنبئ أن الطاعن أقام الدعوى المدنيه رقم 1547 / 2017 لدى محكمة صلح جنين بموضوع المطالبة بتعويضات عن اضرار مادية قيمتها عشرون الف شيكل ، مؤسسا دعواه على سند من القول بانه بتاريخ 6/9/2017 قامت الجهة المطعون ضدها ممثله برئيسها بهدم السور الذي اقامه بذات اليوم على الارض المملوكه له بدون وجه حق مما أدى الى هدم كامل الجدار المصبوب حديثا وتصدع باقي الجدار المبني من السابق حيث اصبح ايل للسقوط و واجب الازالة وانه بسبب تصرف الجهة المطعون ضدها لحقت به الاضرار الموصوفه بلائحة الدعوى .
ردت المدعى عليها بلائحة جوابيه مبديه فيها بانها قامت بهدم الجدار المصوب حديثا وذلك كونه بناء مخالف وبدون ترخيص ودخل في ارض الشارع الهيكلي 3 متر ، وتم الهدم بعد اخطار المدعي و قيامه بالتعهد امام رئيس البلدية بعدم الصب وفك الطوبار وان ما قامت متفقا واحكام القانون ، وان تقدير المدعي للاضرار هو جزافي وغير واقعي و القصد منه الاثراء على حساب الغير بدون وجه حق .
سارت محكمة صلح جنين بالدعوى الى ختام الاجراءات فيها وبتاريخ 25/6/2023 حيث اصدرت حكما برد دعوى المدعي و تضمينه الرسوم و المصاريف وخمسون دينار اردني اتعاب محاماه .
لم يقبل الطاعن بحكم محكمة صلح جنين وطعن فيه استئنافا لدى محكمة بداية جنين بصفتها الاستئنافية بالاستئناف رقم 123/2023 و التي اصدرت حكمها بتاريخ 15/5/2024 ، والقاضي برد لاستئناف موضوعا وتأييد الحكم المستانف وتضمين المستانف الرسوم و المصاريف و 100 دينار اردني اتعاب محاماه ، الامر الذي لم يقبله الطاعن فطعن به نقضا بالنقض الماثل .
وعن أسباب الطعن :
وفيما يخص السبب الاول و المتضن تخطئة المحكمة بمعالجة رخصة البناء ( المبرز م/1 ) ، وفي هذا تجد المحكمة ان رخصة البناء ( المبرز م/1 ) صدرت عام 2005 ، و اوراق الملف لا تشير الى انه تم تجديد الرخصة وفق مطلبات نظام الابنية والتنظيم للهيئات المحلية الصادر بموجب قرار مجلس الوزراء رقم (6) لسنة 2011 وتعديلاته ، ولما كانت وقائع الدعوى تفيد بان بناء السور الذي تم هدمه كان في عام 2017 اي بعد مرور ما يقارب اثنى عشر عاما على صدور الرخصة ، وبالتالي فان هذه الرخصة ( المبرز م/1) تكون غير نافذه و لا تخول الطاعن اقامة البناء قبل تجديدها ، و عليه فان تمسك الطاعن برخصة البناء (المبرز م/1 ) يكون على غير ذي جدوى ، مما يجعل من نعيه على الحكم فيما انتهى اليه باعتباره غير حاصل على ترخيص للسور الذي تم هدمه متسوجب الرد لذا تقرر رد ما جاء في هذا السبب من اسباب الطعن .
و بخصوص السبب الثاني والمتضمن تخطئة المحكمة بتطبيق احكام المادة 5 من قانون تنظيم المدن و القرى ، واعتبار الاخطار المودع اخطار تنفيذي يستوجب ازالة البناء .
وفي هذا و بالعودة لاوراق الملف ، تجد المحكمة اخطار التنفيذ الذي تقدمت به الجهة المطعون ضدها ( المبرز م ع /1 ) ، و المودع بين اوارق الملف جاء خاليا من ذكر الانشاءات المخالفة و الموقع ورقم القطعة و الحوض وخاليا من تحديد مدة معينه ، و لا يشتمل على طلب ازاله او هدم او تغيير البناء ، وقد تضمن الاخطار مشروحات جاءت على النحو التالي ( لم يتم تسليمه الاخطار لانه حضر الى البلدية بتاريخ 5/9/2017 تم الاتفاق مع رئيس البلديه بعدم الصب ) .
وبالرجوع الى قانون تنظيم المدن والقرى رقم 79 لسنة66 ، تجد المحكمة ان المادة 38/3 منه تنص على انه ( اذا صدر اخطار بمقتضى هذه المادة فيجب ان يذكر فيه نوع الاعمار الذي جرى بدون رخصة او خلافاً للرخصة او الانظمة او الاوامر او العليمات او مخطط الاعمار كما تذكر في الاخطار الشروط التي تطبق ويجوز ان يشتمل الاخطار حسب مقتضى الحال على الخطوات الواجب اتخاذها خلال مدة معينة لا تتجاوز 15 يوم من تاريخ التبليغ لاعادة الارض الى ما كانت عليه ويجب … ان يشتمل الاخطار بشكل خاص على طلب ازاله او هدم او تغيير البناء…..) ، و الفقره الخامسه من ذات المادة تنص. ( … على الرغم مما ورد في اي قانون او تشريع آخر يترتب على لجنة التنظيم التي اصدرت اخطار التنفيذ ازاله المخالفة عقب انتهاء المدة المعينة بالاخطار ، او بعد تبليغ قرارها برفض الطلب المقدم بمقتضى الفقرة 4 اعلاه ويحق لها ان تدخل الى الموقع اما بواسطة عمالها او بواسطة متعهد لازالة مخالفات الابنية و/او التنظيم ) ، و المادة (64/1) من ذات القانون اجازت للسلطات التنظيمية المعنية في حالة تخلف المالك عن إزالة الإنشاء خلال المدة المقررة بالأمر حق إزالة الإنشاء الذي صدر الأمر بهدمه على نفقة المالك دون أي تعويض على ذلك. والمادة (62) من القانون ذاته قد بينت طرق التبليغ الاخطار .
و ازاء ما تقدم و من استقراء النصوص القانونية المشار اليها اعلاه ، فان المحكمة تجد بانه لا يجوز تنفيذ قرار الهدم من لجنة التنظيم قبل صدور اخطار تنفيذي متضمنا متطلبات المادة 38/3 قانون تنظيم المدن والقرى ، و تبليغه لمن صدر بحقه وفق احكام 62 من ذات القانون ، و انتهاء المدة المحدده في الاخطار وفق ما اكدته المواد 38/5 و 64 من القانون ذاته ، وان هذا الامر ينطبق على قرارات الازالة التي تقوم بها الجهات التنظمية و لا يقتصر على قبول الدعاوى الجزائية كما ورد بالحكم الطعين .
وعليه وحيث ان الاخطار المبرز ( م ع /1 ) ، لم يذكر فيه نوع الاعمار الذي جرى بدون رخصة او خلافاً للرخصة او الانظمة او الاوامر كما لم يتضمن مدة معينة ولم يتمضن طلب ازاله او هدم او تغيير البناء ولم يتم تسليمه اورساله او تبليغه للمخطر اليه مما يجعل من هذ الاخطار مخالفاً للقانون وباطلاً وغير ذي أثر بمواجهة الطاعن مما يغدو معه ما جاء بهذا السبب يرد على الحكم المطعون فيه ويتعين قبوله .
و بخصوص السبب الثالث المتضمن تخطئة المحكمة بتعليل قرارها بعدم استحقاق الطاعن لاي تعويض و/ او مطالبة بتعويضات ناشئه عن هدم السور ، وفي هذا نجد ان المحكمة مصدرة الحكم الطعين عللت قرارها برد مطالبة المدعي بالتعويض الى ان فعل المدعي غير مشروع بالبناء بحرم الشارع بدون ترخيص ، و الى ان لجان التنظيم وفق المادة الخامسة من قانون تنظيم المدن القرى و الابينة تتمتع بصلاحيات واسعة بازالة اي مخالفة .
و في هذا تشير المحكمة الى ان مخالفة الطاعن للقانون بالنباء بحرم الشارع بدون ترخيص ، و السلطات القانونية الواسعة للجان التنظمية بموجب المادة 38/5 من قانون تنظيم المدن و القرى - و ليس كما بالحكم الطعين و لائحة الطعن - فان كل ذلك لا يبرر للجهة المطعون ضدها تجاوز الاجراءات القانونية الواجبة الاتباع اذ ان القانون منح للجان التنظيم و المجالس المحلية صلاحية تنفيذ القانون ضمن ضوابط قانونية و اي مخالفة لهذه الضوابط يشكل تعديا ، وعليه ولما كانت البينات التي اعتمدتها المحكمة مصدرة الحكم الطعين ثبت من خلالها قيام الجهة المطعون ضدها بتنفيذ أعمال هدم السور المصبوب حديثا و العائد للطاعن ، وحيث توصلت هذه المحكمة بردها على السبب الثاني من اسباب الطعن الى ان الجهة المطعون ضدها لم تقم باتباع الإجراءات القانونية المنصوص عليها بالمواد 38/3 و38/5 و62 و 64 من قانون تنظيم المدن والقرى والأبنية والتي بموجبها يتوجب على لجنة التنظيم إصدار إخطار اصولي للمالك بإزالة المخالفة خلال مدة معينة وأنه في حالة انتهاء المدة المعينة بالإخطار أو بعد تبلغها قرارها برفض الطلب يحق للجنة القيام بالعمل بالطريقة التي تراها مناسبة ، وحيث لم يتم اصدار اخطار اصولي للطاعن قبل الهدم والإزالة الامر الذي يشكل مخالفة لاحكام القانون وحيث ان محاكم الاستئناف خلصت الى هذا الذي اشرنا اليه مما يجعله مشوباً بعيب القصور بالتعليل والتسبيب مما يجعل من هذا السبب واجباً الرد .
ولهذه الاسباب
تقرر المحكمة قبول الطعن موضوعا في حدود السببين الثاني و الثالث منه ونقض الحكم المطعون فيه والغاءه وإعادة الأوراق الى المحكمة مصدرته لإجراء المقتضى القانوني على ان تنظر من هيئة حاكمة مغايرة للهيئة مصدرة الحكم الطعين .
حكماً صدر تدقيقا باسم الشعب العربي الفلسطيني بتاريخ 19/9/2024