دولـــــة فــــلســــــطين
السلطــــة القضائيـــة
المحكمة العليا / محكمــة النقض
"الحكـــــــم"
الصادر عن المحكمة العليا / محكمة النقض المنعقدة في رام الله المأذونة بإجراء المحاكمة وإصداره
بإسم الشعب العربي الفلسطيني
الهـيئـــــــــة الحـاكـمــــــــة: بـرئاســـــــة السيـــد القاضــــــي عدنــــان الشعيبـــي
وعضويـة السادة القضاة: بسـام حجــاوي، فــوّاز عطيـــة، مأمــون كلــش، وثائـــر العمـــري
الطاعنون: 1- فؤاد جبران علي سالم/ الدهيشة - بيت لحم
2- عماد جبران علي سالم/ الدهيشة - بيت لحم
3- أحمد عماد جبران سالم/ الدهيشة - بيت لحم
وكيلهم المحامي سائد العويوي/ الخليل
المطعـــون ضده: نضال خميس صبري عليان/ غزة
وكيله المحامي أحمد أبو زهير/ بيت لحم.
الإجــــــــــــــراءات
تقدم الطاعنون بهذا الطعن بتاريخ 18/1/2023، لنقض الحكم الصادر بتاريخ 12/12/2022 عن محكمة استئناف الخليل في الاستئناف المدني رقم 260/2022 القاضي كما ورد فيه :"برد الاستئناف موضوعا وتضمين المستأنف الرسوم والمصاريف و300 دينار أتعاب محاماة".
المحكمـــــــة
بالتدقيق وبعد المداولة، ولما كان الطعن مقدما ضمن الميعاد مستوفيا لشرائطه الشكلية، تقرر قبوله شكلا.
وفي الموضوع، وعلى ما أفصح عنه الحكم الطعين وسائر الأوراق المتصلة به، تقدم المدعون (الطاعنون) ضد المدعى عليه (المطعون ضده) بالدعوى المدنية رقم 272/2015 امام محكمة بداية بيت لحم، موضوعها منع مطالبة بمبلغ 328750 شيقل، على سند من القول أن المدعين تجار يعملون في مجال تجارة الخضرة والفواكه في السوق المركزي في بيت لحم، والمدعى عليه كذلك تاجر يعمل في ذات المجال في منطقة غزة، وأن المدعى عليه طرح سندات تنفيذية لدى دائرة تنفيذ محكمة بداية بيت لحم بقيمة المبلغ المذكور موضوع الدعوى الماثلة، وهي (السندات) الوارد ذكرها في البند الثاني من صحيفة الدعوى، حيث ذكرت الجهة المدعية بأن سندات التنفيذ تم التلاعب في تواريخ استحقاقها، وأن ذمتهم غير مشغولة بالمبالغ المذكور.
في حين تقدم المدعى عليه بلائحة جوابية، أبدى من خلالها أن جميع السندات التنفيذية صحيحة وأن ذمة الجهة المدعية مشغولة بقيمة المبالغ المطالب بها، وأنها لم تصدر السندات على سبيل الضمان، وبنتيجة المحاكمة الجارية بتاريخ 10/1/2022 قضت المحكمة:" رد دعوى الجهة المدعية لعدم اثبات سداد المبلغ المطالب به، وتضمينها الرسوم والمصاريف و100 دينار أردني أتعاب محاماة".
لم يرتضِ المدعون بحكم محكمة أول درجة، فبادروا للطعن فيه استئنافا امام محكمة استئناف الخليل بموجب الاستئناف المدني رقم 260/2022، وبنتيجة المحاكمة بتاريخ 12/12/2022 قضت:" برد الاستئناف موضوعا.....".
كما ولم يلقَ حكم محكمة الاستئناف قبولا من المدعين، فبادروا للطعن فيه بالنقض الماثل، ورغم تبلغ المطعون ضده أصولا إلا أنه لم يتقدم بلائحة جوابية.
وعن أسباب الطعن، حيث نرى بحث السبب السادس، مع العلم أن السببين السابع والثامن يتصلان بذات السبب السادس، على أساس أنه سيحدد مصير الطعن الماثل، والذي حاصله تخطئة محكمة الاستئناف في النتيجة التي توصلت إليها، دون مراعاة لواقع أن السندات التجارية محل القضيتين التنفيذيتين رقمي 1729/2015 و1751/2017 قد وقع عليها التزوير والتحريف المثبتان من خلال تقرير الخبير امام النيابة العامة، مما كان عليها أن تزن البينات وزنا سليما، وبالتالي تقرر وقف السير في الدعوى عملا بأحكام المادة 126 من الأصول لحين البت في القضية الجزائية.
في ذلك نرى وبعد الاطلاع على واقعات الحكم الطعين من هذا الجانب، فقد توصلت محكمة الاستئناف إلى نتيجة مفادها:" بالرجوع إلى أوراق الدعوى الأساس وإلى البينات المقدمة، نجد أن المدعيين الثاني والثالث قد أسسا دعواهما على أساس أن السندات المطروحة للتنفيذ قد جرى عليها التحريف في تاريخ الاستحقاق والتوقيع الوارد تحت ذلك التحريف.... وأن المدعيين لم ينكرا صدور تلك الشيكات منهما.... ونبين بأن خلو سند السحب من تاريخ استحقاقه لا يفقده قيمته، ذلك أنه مستحق الأداء لدى الاطلاع وفق ما جاء في المادة 125 من قانون التجارة....وبالتالي نرى أن تحريف تاريخ الشيك لا يفقده قيمته مادام أنه يكون مستحق الأداء لدى الاطلاع عليه وفق ما جاء في المادة 245 من ذات القانون....وأنه استنادا للمادة 213 من القانون المذكور التي نصت:" إذا وقع تحريف في متن السند التزم الذين وقعوه فيما بعد بمقتضى متنه المحرف أما الموقعون السابقون فملزمون بمقتضى متنه الأصلي.... وبما أن البيان المدعى بتحريفه في هذه الحالة هو تاريخ الشيك وبما أن باقي بيانات الشيك لم يرد عليها أي تحريف، ولم يبدِ الساحبون لها بأي تزوير في البيانات الأخرى، فإنهم يكونوا ملزمين بالالتزامات التي ترتبها هذه السندات ومن ضمنها قيمتها التي يطالب بها المدعى عليه، خاصة وأنه لم يعد هناك أي أثر لتحريف تاريخها، في ظل عدم ادعاء المدعين بالدعوى بتقادم تلك السندات أو تقادم الحق الذي سحبت لأجله تلك الشيكات..... هذا من جانب ومن جانب آخر الادعاء بتحريف امضاء المدعين الوارد تحت التاريخ المدعى به، فلم يثبت بحكم جزائي حدوثه رغم وجود شكوى ودعوى تحقيقية في ذلك.... وبالتالي فإنه لا يقبل هذا الادعاء من المدعين بعدما ابدوا تسديدهم لهذه المديونية وأن الشيك الثالث ضمان.....وبما أن المادتين 17 و38 من قانون البينات قد أعطت للمحكمة الحق في أن تقدر ما يترتب على الكشط والمحو والتحشير وغير ذلك من العيوب المادية في السند من اسقاط أو انقاص قيمته في الاثبات، ولها أن تأخذ بعض أو كل ما تضمنه السند.... وبما أن الادعاء كان حول التلاعب في التاريخ فقط، فإن ذلك لا يسقط القيمة المادية النقدية التي يحتويها ما دام أن المدعين لم ينكروا توقيعهم الأصلي على ذلك الشيك، وما دام أنهم أبدوا تسديدهم لمديونيتهم.... وبالتالي فإن الادعاء بالتزوير على تاريخ الشيك المطالب به وعلى فرض ثبوته بحكم جزائي لا يؤثر على حق المدعى عليه في المطالبة بقيمته....".
وفي هذا الذي توصلت إليه محكمة الاستئناف، نشير الى انه وعلى ما استقر عليه قضاء هذه المحكمة أن من إحدى مسببات بطلان الشيك هو عدم ذكر تاريخ الشيك أو أنه كان قد ذُكر بشكل لا يمكن تحديده كأن يذكر فيه عدة تواريخ، بحيث إذا وقعت أحدى الحالات الواردة أعلاه في تاريخ الشيك كبيان من البيانات الإلزامية وفق ما أفصحت عنه المادة 228 من قانون التجارة، فإنه لا يعتبر هذا السند شيكا يخضع لأحكام الورقة التجارية، وبالتالي اعمال الخبرة التي جرت أمام النيابة العامة أكدت على نحو بأن استحقاق الشيك لم يكن بخط يد المطعون ضدهما، الامر الذي لا يشكل تحريفاً، اذ ان تاريخ تحرير الشيك لا يشترط ان يصدر عن محرر الشيك.
ولما خلت وقائع الدعوى الماثلة من أي انكار لتوقيع كل ساحب على الشيك، ولم تتضمن أية واقعة تفيد التحريف أو التزوير في قيمة مقابل الوفاء أو أي تحريف في بياناته الرسمية التي تؤدي إلى فقدان الشيك كورقة تجارية، كما ولم تدعِ بالتقادم سواء الصرفي أو العادي، بما يؤكد على عدم منازعة الجهة المدعية في صحة التواقيع على الشيكات موضوع التداعى، كما وأن الجهة المدعية طالما أنها لم تنازع ولم تجادل في واقعة صحة تسليم الشيكات محل القضيتين التنفيذيتين للمدعى عليه "المطعون ضده"، ولعدم تمسكها بالتقادم، فتغدو النتيجة التي توصلت إليها محكمة الاستئناف من ذلك الجانب استخلاصا سائغا نابعاً عن الفهم السليم للواقع وبما لها من سلطة التقدير، الامر الذي يجعل من منازعة الجهة الطاعنة في السبب السادس ما هو إلا طعن في سلامة التقدير، وهو من ضمن اختصاص وسلطة محكمة الموضوع الذي لم يشبه شائبة، وبالتالي تطبيق محكمة الاستئناف لحكم المادة 213 من قانون التجارة على وقائع الدعوى له أصل في حكم المادة 269 من ذات القانون التي نصت :" تسري أحكام المادة 213 المتعلقة بسند السحب فيما إذا وقع تحريف في متن السند إلتزم الذين وقعوه فيما بعد بمقتضى متنه المحرف، أما الموقعون السابقون فملزمون بمقتضى متنه الأصلي"، وبالتالي اصابت صحيح القانون بعدم وقف السير في الدعوى الماثلة، اذ أن الحكم الجزائي سواء قضى بصحة التزوير أو عدمه، لن يؤثر في صحة الشيكات محل القضيتين التنفيذيتين سالفتي الاشارة، مما يغدو هذا السبب غير وارد لينال من الحكم المطعون فيه.
وبالعودة لباقي أسباب الطعن مجتمعة، والتي تتلخص في تخطئة محكمة الاستئناف، بقولها أن الجهة المدعية لم تثبت صحة الوفاء موضوع القضية التنفيذية رقم 1737/2015، رغم تقدمهم ببينة وهي عبارة عن حوالتين بنكيتين بدل الدين المترصد بذمة الطاعن الأول، مما كان عليها أن تستظهر الحقيقة من خلال توجيه اليمين الحاسمة أو المتممة أو باستجواب الخصوم، كما وكان عليها التحقق من صحة وقيمة الحوالات البالغة 15 ألف شيقل واتصالها بالقضيتين التنفيذيتين، فضلا عن ذلك كان عليها على وقف السير في الدعوى الماثلة عملا بأحكام المادة 126 من الأصول المدنية والتجارية، مما يجعل من حكمها مشوبا بفساد الاستدلال وواجب النقض.
في ذلك نرى، أن جميع هذه الأسباب، تتصل بأصول وزن البينة وتقديرها، ولما ثبت لمحكمة الاستئناف بعد استعراضها لواقع الحوالتين عدم اتصالهما بواقع القضية التنفيذية رقم 1737/2015، لعدم اثبات أن هذه الحوالات هي سداد للشيك موضوع القضية التنفيذية، التي لا تعدو مجادلة الجهة الطاعنة في أمور تتصل بصلاحية محكمة الموضوع في أصول وزن البينات وتقديرها وتطبيقها على وقائع الدعوى الماثلة، والذي لا يخضع لرقابة محكمة النقض مادام أن النتيجة التي توصلت إليها سائغة ومتحصلة من الأوراق، وبالتالي لا أساس قانوني للمحكمة في توجيه اليمين الحاسمة لأي من أطراف الدعوى الماثلة أو دعوة أحد الاطراف للاستجواب لعدم توافر الظروف القانونية التي تبيح للمحكمة اتخاذ تلك الإجراءات، ومادام أن النتيجة التي خلصت إليها جاءت بناءً على توفر دليل كامل في الدعوى، الامر الذي تغدو هذه الأسباب غير واردة لتنال من الحكم الطعين.
لهـــــذه الأسبــــاب
نقرر رد الطعن موضوعا، وتضمين الجهة الطاعنة الرسوم والمصاريف التي تكبدتها.
حكما صدر تدقيقا باسم الشعب العربي الفلسطيني بتاريخ 15/1/2025
الكاتــــــــب الرئيـــــــس
س.ر