دولـــــة فــــلســــــطين
السلطــــة القضائيـــة
المحكمة العليا / محكمــة النقض
"الحكـــــــم"
الصادر عن المحكمة العليا / محكمة النقض المنعقدة في رام الله المأذونه بإجراء المحاكمة وإصداره
بإسم الشعب العربي الفلسطيني
الهـيئـــــــــة الحـاكـمـــة بـرئاســـــــــة الســــــــــيد القاضـــــي عماد مسودة
وعضويــــة السيدين القاضيين : عوني البربراوي ، أحمد ولد علي
الطــــــــاعن في الطعن الأول رقم 266/2024 : فيص.ود / أريحا .
وكيله المحامي : عبد الله ابو صاع / رام الله .
المطعون ضده : الحق العام.
الطاعن في الطعن الثاني رقم 268/2024 : عب.ويك / أريحا .
وكيله المحامي : عبد القادر باسل حجازي / أريحا .
الاجراءات
قُدّم في هذه الدعوى نقضان ، الأول بتاريخ 22/12/2024 والثاني بتاريخ 22/12/2024 ، وذلك لنقض الحكم الصادر عن محكمة بداية أريحا بصفتها الاستئنافية بتاريخ 13/11/2024 ، في الاستئناف الجزائي رقم 131/2023 ، القاضي بقبول الاستئناف موضوعاً وإلغاء الحكم المستأنف وتعديل وصف التهمة المسندة للمستأنف ضدهما من تهمة الاحتيال بالايهام بسداد المبلغ الذي أخذ بطريق الاحتيال المعاقب عليها بنص المادة 417/1 من قانون العقوبات رقم 16 لسنة 1960 لتصبح تهمة الاحتيال التصرف في مال منقول أو غير منقول وهو يعلم بأن ليس له صفة التصرف فيه المعاقب عليها بنص المادة 417/2 من قانون العقوبات سالف الذكر ، وتقرر المحكمة إدانة المستأنف ضدهما بهذه التهمة بوصفها المعدل والحكم على كل واحد منهما بالحبس مدة ثلاثة أشهر وغرامة مالية بقيمة خميسن دينار
وتتلخص أسباب الطعن الأول بما يلي :
وبالنتيجة التمس وكيل الطاعن قبول الطعن شكلاً ومن ثم موضوعاً ، ونقض الحكم المطعون فيه .
بتاريخ 14/01/2025 تقدمت النيابة العامة بمطالعة خطية ، التمست فيها رد الطعن شكلاً أو موضوعاً .
وتتلخص أسباب الطعن الثاني بما يلي:-
وبالنتيجة التمس وكيل الطاعن قبول الطعن شكلاً ومن ثم موضوعاً ، ونقض الحكم المطعون فيه.
بتاريخ 14/01/2025 تقدمت النيابة العامة بمطالعة خطية ، التمست فيها رد الطعن شكلاً أو موضوعاً ، ومصادرة مبلغ التأمين النقدي .
المحكمــــــــة
بعد التدقيق والمداولة ، ولما كان الطعنين مقدمين في الميعاد القانوني ، تقرر قبولهما شكلاً .
وفي الموضوع ، وعن أسباب الطعنين جميعاً ،،
نجد بأنه من شروط قيام جريمة الاحتيال أن تدعم إدعاءات الجاني بأشياء خارجية تساعد على إلباسها ثوب الصدق وتؤدي إلى إدخال الغفلة إلى المجني عليه وحمله على تسليم ماله ، سواء كان هذه الأشياء الخارجية أفعالاً صادرة عن الجاني أو ظروفاً أجنبية عنه ، ومن أشكال الظروف الأجنبية تدخل شخص آخر يعزز أقوال الجاني ويؤيدها شريطة أن يكون الجاني يد في تدخل ذلك الشخص ، ولا فارق بين أن يكون الشخص الآخر سيء النية أو حسن النية ، ويستفاد من نص المادة 417 من قانون العقوبات بأن جريمة الاحتيال تقع بإحدى الوسائل أو الطرق التالية :-
أن يدعي الجاني إدعاءاته أو أكاذيبه بأشياء خارجية تساعد على إلباسها ثوب الصدق وتؤدي إلى إدخال الغفلة على المجني عليه وحمله على تسليم ماله .
أن تكون هناك علاقة سببية بين طريق الاحتيال الذي لجأ إليه الجاني وبين الاستيلاء على مال المجني عليه ، أي أن يكون الاستيلاء على مال المجني عليه يتجه لطريق الاحتيال الذي سلكه الجاني والايهام الذي ولده في نفسه .
أن يأتي الجاني إدعاءاته وأفعاله وهو عالم بأنها كاذبة مضللة وأن تنصرف نيته إلى الاستيلاء على جزء من ثروة الغير بدون حق ، وهو ما يعبر عنه "بالقصد الجنائي الخاص" .
وباستعراض المحكمة كافة البينات المقدمة في الدعوى من أجل تطبيق المبدأ القانوني السابق ، نجد بأن العلاقة ما بين الطاعن في الطعن الأول والطاعن في الطعن الثاني والمشتكي علاقة شراكة في تجارة العقارات ، وهذا ثابت من خلال أقوال المشتكي أمام محكمة الدرجة الأولى ، وكذلك من خلال شهادة الشاهد أحمد وشاح والمبرزات م/3 وهو محضر جلسة لدى محافظة أريحا بين المشتكي والمتهم الثاني ، وكذلك من خلال المبرز م/1 وهو صورة عن اتفاق لفك الشراكة ما بين المشتكي والمتهم الأول وباقي الأوراق التي تشي بهذه الواقعة وتؤيدها .
وأن الوكالة الدورية التي تم بموجبها بيع المتهم عبد السلام للمشتكي جزء من قطعة الأرض رقم 1 من الحوض رقم 39 من أراضي العوجا كان تنظيمها أمام كاتب عدل القدس المرخص من قبل الطرف الآخر ، وهي ما تسمى عرفاً بالوكالة ذات الشبرة الحمراء ،وأن المشتكي يعرف بأن هذه الوكالة لا يمكن تنفيذها لدى دولة فلسطين كونه يعمل في تجاره الأراضي وأن هذه الوكالة لا تخوله كذلك تسجيل الأرض باسمه لدى دائرة تسجيل الأراضي في أريحا ، وأنه من الثابت من خلال البينات بأن هذه الوكالة قد تم تنظيمها لغاية إنهاء الخلاف الحاصل في الشراكة ما بين المتهم عبد السلام والمشتكي ، أي أن المشتكي لم يسلم للمتهم عبدالسلام أية مبالغ نقدية أو أي أشياء مقابل هذه الوكالة ، وبهذا فإن الطاعنان لم يستعملوا أي أساليب احتيالية من التي نصت عليها المادة 417 عقوبات لسنة 1960 ، وعلى فرض صحة الوكالة التي يدعي المشتكي بأن المتهم عبد السلام قد باعه قطعة الأرض موضوع الدعوى ثم قام وباع نفس قطعة الأرض لشخص آخر بموجب وكالة بتاريخ لاحق لتاريخ الوكالة التي نظمها عبد السلام للمشتكي ، وأن المشتكي لم يتوجه أصلاً إلى دائرة الأراضي لأجل تنفيذها في الموقع الرسمي مما ينفي عن الطاعنين نية الاحتيال.
أما بخصوص المتهم فيصل (الطاعن في الطعن الأول) ، فإنه يظهر من خلال الوكالة الدورية بأنه كان وكيلاً دورياً عن البائع ولم يثبت بأنه قد أوهم المشتكي بأي مشروع كاذب ، ولم يتبع أي طريقة من الطرق التي نصت عليها المادة 417 عقوبات لسنة 1960 للايقاع بالمشتكي لأجل القيام بعمل ما يضر بمصلحته.
ولما كان الأمر كذلك ، ولم يقوم الطاعن في الطعن الأول أو الطاعن في الطعن الثاني بأية أفعال تحمل المشتكي على تسليمه مالاً غير منقول ولم يقوموا بإيهام المجني عليه بوجود مشروع كاذب ، ولم يحدثوا الأمل عند المجني عليه بحصول ربح وهمي ، وأن الطاعنان لم يتصرفوا في المال غير المنقول تصرف يضر بالمجني عليه ، وأن المجني عليه يعلم إبتداءً بهذا الأمر ، أي لم تتوفر سوء النية في أفعال المتهمان - الطاعنان .
وحيث أن استخلاص المحكمة مصدرة الحكم المطعون فيه للواقعة التي توصلت إليها كان استخلاصاً غير سائغاً وغير مقبول ولا يتفق وواقع البينة المقدمة في الدعوى ، فإنها بذلك تكون قد طبقت القانون تطبيقاً غير صحيحاً على الواقعة الثابتة ، وبالتالي فإن حكمها يكون معتلاً حرياً بالنقض .
لــــذا
تقرر المحكمة قبول الطعن الأول رقم 266/2024 والطعن الثاني رقم 268/2024 موضوعاً ونقض الحكم المطعون فيه ، وإعادة الأوراق لمصدرها للسير بالدعوى وفق ما تم بيانه واعادة مبلغ التأمين وعلى أن تنظر من هيئة مغايرة .
حكماً صدر تدقيقاً باسم الشعب العربي الفلسطيني بتاريخ 29/01/2025