السنة
2023
الرقم
46
تاريخ الفصل
9 أكتوبر، 2024
المحكمة
محكمة النقض
نوع التقاضي
طعون حقوقية
التصنيفات

النص

دولـــــة فــــلســــــطين

السلطــــة القضائيـــة

المحكمة العليا / محكمــة النقض

"الحكــــــــم"

الصادر عن المحكمة العليا / محكمة النقض المنعقدة في رام الله المأذونة بإجراء المحاكمة وإصداره

 بإسم الشعب العربي الفلسطيني

الهـيئة بـرئاســة نائب رئيس المحكمة العليا/محكمة النقض القاضي السيدة إيمان ناصر الدين

  وعضويـة السادة القضاة : حازم إدكيدك ، كمال جبر ، نزار حجي ، شادي حوشية

 

الطاعـــــــــــــن :شركة فلسطين للاستثمار العقاري المساهمة العامة المحدودة (بريكو) / رام الله.

وكيلها المحامي محمد شاهين / بيت لحم  .

 

المطعون ضده: بلدية بيت لحم ممثلة برئيسها البلدي و/ او برئيس المجلس البلدي / بيت لحم.

وكيلها المحامي عماد البطارسة / بيت لحم 

 

الإجراءات

تقدمت الجهة الطاعنة بواسطة كيلها بهذا الطعن المورد لمحكمة النقض بتاريخ 8/1/2023 لنقض الحكم الصادر بتاريخ 12/12/2023 عن محكمة استئناف الخليل في الطعن الاستئناف رقم 103/2022 المتضمن " رد الاستئناف موضوعا وتأييد الحكم المستأنف وتضمين المستأنفة الرسوم والمصاريف ومبلغ ثلاثمائة دينار اردني اتعاب محاماة ".

فيما تتلخص أسباب الطعن بالنعي  على المحكمة الاستئنافية :ـ

 خطأها بمخالفة القانون تفسيرا وتطبيقا وتأويلا بما يتوافق وأحكام المادة 38 من قانون التحكيم وعدم ارتباطها بالنظام العام والجائز مخالفتها في حال وجود اتفاق صريح او ضمني احتراما لإرادة الأطراف المصدر القانوني للتحكيم وليس القانون . 

. وقد طلبت بالنتيجة  قبول النقض موضوعا ونقض الحكم الطعين وإعادة الأوراق الى المحكمة مصدرته لقبول الطلب رقم "311/2017 " ورد الطلب رقم " 318/2017" وبالنتيجة اعتبار التحكمي لا زال مستمرا و/ او تمديد فترة التحكيم لحين صدور قرار فيه وتضمين المطعون ضدها الرسوم والمصاريف واتعاب المحاماة .

وبمقابل ذلك تقدمت المطعون ضدها بلائحة جوابية تدفع من خلالها :ـ بموافقة الحكم الطعين احكام القانون وانها لم توافق على تميد إجراءات التحكيم صراحة او ضمنا كون مدة التحكيم الاصلية و الستة اشهر قد انتهت دون انتهاء إجراءات التحكيم ودون صدور حكم فاصل في موضوع الدعوى مما يفيد انقضاء التحكيم ,وان استمرار هيئة التحكيم في نظر النزاع رغم انقضاء مدة التحكيم يكون حكمها باطلا لاستنفاذ ولايتها وسلطتها  في ظل وجود الاعتراض على استمرار إجراءات التحكيم

المحكمـــــــة

بالتدقيق وبعد المداولة، ولما كان الطعن مقدم ضمن الميعاد مستوفياً لشرائطه الشكلية على ما جرى واستقر عليه قضاء هذه المحكمة أن الأحكام الصادرة عن محكمة الاستئناف، المتصلة بقضايا التحكيم خاضعة للطعن بالنقض ، إذ أن الأحكام الواردة في قانون أصول المحاكمات المدنية والتجارية (تلك المتعلقة بالطعن بالأحكام هو قانون لاحق لقانون التحكيم ) راجع نقض مدني 67/2009 ،وحيث تفيد المواد (192 و225 و226) من قانون اصول المحاكمات المدنية والتجارية أن المشرع قد حصر طريق الطعن بالنقض في الأحكام النهائية الصادرة عن محكمة الاستئناف باستثناء القرارات والاحكام التمهيدية والحالات التي نص القانون على جواز الطعن فيها استقلالا. وبما ان الحكم الصادر عن محكمة الاستئناف قد قضى بإنهاء الخصومة التحكيمية يندرج تحت مفهوم الحكم النهائي القابل للطعن بالنقض نقرر قبوله شكلا.

وفي الموضوع، وعلى ما تتصل به وقائع ومجريات النزاع وفق ما بيّن من الحكم الطعين وسائر الأوراق المتصلة به تشير الى انه سبق وتقدم المستدعي "الطاعن" بالطلب المدني رقم 311/2017 امام محكمة بداية بيت لحم، ضد المدعى عليها "المطعون ضدها " موضوعها المطالبة بمنح مدة إضافية بواقع ستة اشهر من تاريخ 13/7/2017 لإنهاء إجراءات التحكيم وإصدار الحكم لقطع هيئة التحكيم شوطا كبيرا والقضية في مراحلها النهائية في ظل حرص الفريقين على الظهور والمثول امام هيئة التحكيم وقيامهما بتحمل رسوم ونفقات واتعاب التحكيم والجهد المبذول من الهيئة والفرقاء  ، فيما تقدم المستدعى ضده بالطلب المشار اليه بطلب يحمل الرقم 318/2017 للمطالبة بإصدار القرار بإنهاء إجراءات التحكيم للانتهاء المدة وما شاب قرارات هيئة التحكيم من مخالفات قانونية

ولدى مباشرة محكمة الدرجة الأولى السير في الطلب 311/2017 جرى ضمه الى الطلب 318/2017 واستكمال الإجراءات أصدرت محكمة بداية بيت لحم حكمها بتاريخ 30/12/2021 المتضمن رد الطلب رقم 311/2017 وقبول الطلب رقم 318/2017 وانهاء إجراءات التحكيم وتضمين شركة فلسطين للاستثمار الرسوم والمصاريف وثلاثمائة دينار اردني اتعاب محاماة.

لم يرتض المستدعية في الطلب 311/2017 المستدعى ضدها بالطلب رقم 318/2017  بحكم محكمة أول درجة، فبادرا للطعن فيه استئنافا امام محكمة استئناف الخليل بموجب الاستئناف المدني  رقم 103/2022، وبنتيجة المحاكمة قضت المحكمة بتاريخ 12/12/2022:" برد الاستئناف موضوعا وتأييد الحكم المستأنف وتضمين المستأنف الرسوم والمصاريف و 350 دينار اتعاب محاماة عن مرحلتي التقاضي"

        لم يلقَ حكم محكمة الاستئناف قبولا من الطاعنة" المستأنف"، _  المستدعية في الطلب 311/2017 المستدعى ضدها بالطلب رقم 318/2017_ فبادرت للطعن فيه بالنقض الماثل للأسباب التي بسطت في مستهل صحيفته الانف ذكرها.

         وعودة  على  أسباب الطعن، وفيما يتصل بالسبب الوحيد  وحاصله مخالفة القانون تفسيرا وتطبيقا وتأويلا بما يتوافق وأحكام المادة 38 من قانون التحكيم وعدم ارتباطها بالنظام العام والجائز مخالفتها في حال وجود اتفاق صريح او ضمني احتراما لإرادة الأطراف المصدر القانوني للتحكيم وليس القانون

في ذلك نجد وعلى ضوء ما عرفته المادة 1 من قانون التحكيم له انه "وسيلة لفض نزاع قائم بين أطرافه وذلك بطرح موضوع النزاع أمام هيئة التحكيم للفصل فيه" . فيما تعرضت محكمة التمييز الاردنية لتعريف التحكيم، وعرفته بقولها :ـ "طريق استثنائي لفض الخصومات قوامة الخروج عن طريق التقاضي العادية وما تكفلة من ضمانات، وهو مقصور إلى ما تنصرف إلية إرادة الفريقين إلى عرضة على المحكم " كما وعرفت المحكمة الدستورية العليا في مصر بانة "عرض نزاع معين بين طرفين يكون التعيين باختيارهما أو بتفويض منهما أو على ضوء شروط يحددانها ليفصل هذا المحكم في ذلك النزاع بقرار قاطع لدابر الخصومة في جوانبها التي أحالها الطرفين اليه بعد ان يدلي كل منهما بوجهة نظره تفصيلياً من خلال ضمانات التقاضي الرئيسية " ,فيما جاء باقي نصوص قانون التحكم واهمها 18 و19 لتوضح أن الخصوم في الدعوى التحكيمية سادة الخصومة بما تعنيه هذه الكلمة فهم الذين يملكون تشكيل هيئة التحكيم وتحديد القانون الإجرائي والقانون الموضوعي ويحددون أجلا يتعين عليها
أن تصدر حكمها الفاصل في النزاع فإذا لم يتفق الخصوم على أجل يصدر خلاله الحكم فإن المشرع تدخل وضرب لذلك أجلا يتعين صدور الحكم خلاله فقضت المادة  38 فقرة 1 و 2 من قانون التحكيم على ما يلي:_

-1 أ- على هيئة التحكيم إصدار القرار المنهي للخصومة خلال الميعاد الذي اتفق عليه الطرفان.
ب- ما لم يتفق الطرفان على خلاف ذلك يجب أن يصدر القرار خلال اثني عشر شهراً من تاريخ بدء إجراءات التحكيم، وفي جميع الأحوال يجوز أن تقرر هيئة التحكيم مد الميعاد لمدة لا تزيد على ستة أشهر.
 2_ إذا لم يصدر قرار التحكيم خلال الميعاد المشار إليه في الفقرة (1) أعلاه جاز لأي من طرفي التحكيم أن يطلب من المحكمة المختصة أن تصدر أمراً لتحديد ميعاد إضافي أو لإنهاء إجراءات التحكيم، ويكون لأي من الطرفين عندئذ رفع دعوى إلى المحكمة المختصة ....."

ومن خلال هذا النص يتبين أن المشرع بين الجهة صاحبة الصلاحية بالتمديد على النحو الآتي :

أولا :صلاحية هيئة التحكيم الناظرة للطلب قبل انقضاء المدة المحددة لإنهاء النزاع وهو ما يسمى فقها بمد مدة التحكيم بقرار من هيئة التحكيم.

ثانيا :صلاحية القاضي المختص بالتمديد لمدة إضافية متى انقضى الميعاد المحدد قانونا أو اتفاقا أصليا أو ممتدا دون أن يصدر حكم منه للخصومة وهو أمر مرتبط بطلبات الخصوم وليس بناء على طلب من هيئة التحكيم.

وبذلك وحيث ان الاتفاق على مد الميعاد يكون صريحا أو ضمنيا فالبين في حالتنا المعروضة انه لم يتم الاتفاق على تحديد الطرفين أجلا لإصدار حكم التحكيم بما يخضعه للقاعدة العامة لصدوره خلال 12 شهر من بدء ومباشرة إجراءاته  وفق احكام المادتين38 و 20 ذات القانون " تباشر هيئة التحكيم عملها فور إحالة النزاع إليها بعد قبولها مهمة التحكيم بين الأطراف  " أي من الجلسة التالية لقبول مهمة التحكيم بتاريخ 17/12/2015 بعد تشكيلها، والاتفاق مع أطراف النزاع على القانون الموضوعي والاجرائي الواجب التطبيق، بما منح لها من الصفة والصلاحية بوضع يدها على النزاع وواقع الحال بجلسة 30/1/2016 لحين توريد لائحة الادعاء من قبل المحكم المحامية ماري روك بتاريخ 1/3/2016ومن ثم توريد اللائحة الجوابية  على الادعاء بتاريخ 30/3/2016 ومنذ ذلك التاريخ تابع الخصمين نظر الدعوى التحكيمية دون اعتراض من أي منهما كما أن هيئة التحكيم قامت وبتاريخ 17/12/2016 بتمديد مدة التحكيم بعد تاريخ 30/1/2017 لمدة ستة اشهر أخرى وتتالت جلسات المحاكمة بحضور الفريقين لحين تعيين هيئة التحكيم المرجح المحامي شكري العابودي بجلسة 8/5/2017 ,والذي قبل مهمته بجلسة 13/5/2017 وتوافق الأطراف على اتعابه بواقع 5000 دولار امريكي وفي حال ما اذى تطلب الامر فتح باب المرافعة وسماع بينات إضافية يكون له الحق برفع بدل الاتعاب بين 15000 الى 20000 دولار امريكي ,الى ان تقرر وبجلسة18/7/2017 تكليف طرفي التحكيم تقديم طلب الى المحكمة المختصة لتمديد مدة التحكيم قبل انتهاء اجلها في 31/7/2017 وعليه لجأت الجهة الطاعنة لتقديم طلبها رقم 311/2017 لميعاد إضافي لإنهاء إجراءات التحكيم  بتاريخ 27/7/2017 فيما تقدمت المطعون ضدها بطلبها انهاء اجراءات التحكيم بتاريخ 31/7/2017

,وأن هذه المدة وباحتساب محكمتنا لها ابتداء من تاريخ 30/1/2016 وبعد مراعاة  التقرير من قبل هيئة التحكيم وقبل نهائية مدة الاثني عشر شهر بمدة المدة بواقع ستة اشهر إضافية بتاريخ 17/12/2016 بعد تاريخ 30/1/2017 وبذلك يكون تقديم طلب المدة الإضافية لإنهاء إجراءات التحكيم بتاريخ 27/7/2017 مقدم قبل مضي مدة الثمانية عشر شهرا المشار اليها رغم ان المشرع ولم يضع أو يحدد شرط إقامة طلب التمديد أو الميعاد الإضافي للمحكمة المختصة قبل انتهاء المدة

كذلك وبعطف النظر على مدونات الحكم الطعين بهذا الخصوص نجد ان محكمة الاستئناف قد سطرت في حكمها خلاف ما توصلنا إليه واعتبرت انقضاء المدة القصوى بواقع 18 شهر دون صدور قرار التحكيم يرقى إلى قواعد النظام العام ,مع أنه يجوز للخصوم الاتفاق على تمديدها صراحة او ضمنا إذ يعد استمرار الخصوم في التحكيم وعدم اعتراضهم على امتداد الميعاد بمثابة نزولا منهم عن حقهم في الاعتراض على مد مدة نظر التحكيم  بعد انقضاء ميعاد التحكيم الأصلي ودون ان يعترض أيا منهم على ذلك أو يسلك طريقا صريحا يستشف منه على معارضته, فتكون إرادتهما الضمنية قد اتجهت إلى مد إجراءات و إصدار حكم التحكيم وطالما أن مسألة تمديد إجراءات التحكيم تتحكم فيها إرادة فرقائه ولو كانت الضمنية بتمديده بمواعيد شرعت لمصلحتهم لا تتعلق بالنظام العام, حيث استقر الفقه التحكيمي :" على أن استمرار أطراف التحكيم في متابعة إجراءات الخصومة أمام الهيئة رغم انقضاء الموعد في هذه الحالة يمكن اعتبار استمرارهما في متابعة اجراءات الخصومة بمثابة اتفاق ضمني على مد الموعد, لأن للطرفين الحق في مد الموعد حتى بعد استنفاذ الهيئة صلاحيتها في مده دون قيد أوشرط.....وإذا كان من حق الأطراف تحديد موعد إصدار الحكم صراحة أو ضمنا فإن من حقهم أيضا تمديد هذا الموعد صراحة أو ضمنا أيضا ". ( الدكتور مصلح الطراونة-في كتابه الرقابة القضائية على الأحكام التحكيمية ص 64-70-73).

وحيث إن محكمة الاستئناف توصلت إلى نتيجة مغايرة فيكون حكمها مخالفا للقانون ويتعين نقضه لورود سبب الطعن عليه .

مشيرين كذلك الى ضرورة أن تقف المحكمة المخصته على المرحلة التي وصلت اليها إجراءات التحكيم والمرحلة التي تم فيها إدخال المرجح وتوافق الأطراف على تلك الإجراءات وضرورة إعمال المحكمة دورها على ضوء تلك الوقائع .

لهذه الأسباب

تقرر المحكمة قبول الطعن موضوعا ، ونقض الحكم الطعين وإعادة الأوراق الى مرجعها ، لإجراء المقتضى القانوني في ضوء ما تم بيانه ، على ان تعود الرسوم والمصاريف واتعاب المحاماة على الفريق الخاسر بالنتيجة.

 

حكماً صدر تدقيقاً بإسم الشعب العربي الفلسطيني بتاريخ 09/10/2024

الكاتــــــــــب                                                                                              الرئيـــــــس

     هـ.ح