دولـــــة فــــلســــــطين
السلطــــة القضائيـــة
المحكمة العليا / محكمــة النقض
"الحكم"
الصادر عن المحكمة العليا / محكمة النقض المنعقدة في رام الله المأذونة بإجراء المحاكمة وإصداره
بإسم الشعب العربي الفلسطيني
الهيئة الحاكمة برئاسة نائب رئيس المحكمة العليا / محكمة النقض السيدة القاضي إيمان ناصر الدين
وعضويـة السادة القضاة : حازم ادكيدك، د. رشا حماد، محمد احشيش، عزالدين شاهين
الطاعن : جمعه محمد حسن عياش/ رام الله
وكلاؤة المحامون عميد عناني وشاكر دار علي ومحمد دحادحه وخالد بدوي وفدوى فطوم مجتمعين و/او منفردين / رام الله
المطعون ضدها:مكتب التنسيق الاوروبي لدعم الشرطه الفلسطينيه والمعروف ايضا (EUPOL COPPS)
وكيلته المحاميه هبة الحسيني / رام الله
الاجراءات
تقدم الطاعن بواسطه وكيله بتاريخ 8/12/2024 بهذا الطعن لنقض الحكم الصادر عن محكمة استئناف القدس بتاريخ 30/10/2024 في الاستئناف المدني رقم 445/2023 والقاضي برد الاستئناف موضوعا وتاييد القرار المستانف وتضمين المستانف الرسوم والمصاريف و200 دينار اتعاب محاماه.
وقد تلخصت اسباب الطعن بالاتي :
1 . الحكم المطعون فيه مشوب بالقصور والخطأ في اسباب الحكم القانونيه والواقعيه وهو غير معلل تعليلا كافيا وصحيحا ومشوب بالبطلان وحريا بالالغاء وصدر خلافا لاحكام المواد 174 و175 من قانون الاصول حيث لم يتضمن ذكر ولا معالجة لاسباب الاستئناف ولا لدفوع الجهة المستانفه.
2 . الجكم المطعون فيه مخالف للقانون حيث انه جاء خلافا للبينات المقدمه من قبل الجهة الطاعنه المتمثله بالاتفاقيات الموقعه بينهم ونظام الموظفين الخاص بالجهة المطعون ضدها والتي تنازلت الجهه المطعون ضدها بموجبه عن الحصانه . وقد خالف بذلك الحكم ارادة الاطراف وجاء خلافا لما نصت عليه الماده 3 من المجلة العدليه والتي جاء فيها بان العبره في العقود للمقاصد والمعاني لا للالفاظ والمباني.
3. الحكم المطعون فيه يتعارض مع حكم الماده 30 من القانون الاساسي كونه يمس الحق بالتقاضي وهو من الحقوق الدستوريه التي كفلها القانون الاساسي الفلسطيني وقد حرم الحكم المطعون فيه الطاعن من حقه بالتقاضي خلافا لاحكام القانون والتي اعطت الرئيس فقط الحق بمنح الحصانه وليس لاي جهة اخرى
4 . اخطأت محكمة الاستئناف في حكمها ذلك ان الدعوى هي دعوى عماليه تستند الى قانون العمل الفلسطيني والذي تعتبر احكامه آمره ومتعلقه بالنظام العام.
5. اخطأت المحكمة حين اعتبرت ان اتفاقية فيينا والتعديلات اللاحقه لها قد اعطت حصانه للجهة المطعون ضدها بخلاف النص الصريح للاتفاقيه وتعديلاتها باعتبار ان موضوع الدعوى تتعلق بالحقوق العماليه حيث جاء في الماده 32 منها (( للدوله المعتمده ان تتنازل عن الحصانه القضائيه عن ممثليها الدبلوماسيين وعن الاشخاص الذين يتمتعون بالحصانه بمقتضى الماده 37 يجب ان يكون التنازل صريحا )) وقد تنازلت المطعون ضده بنص صريح وواضح في الملحق الاول عن حقها في الحصانه.
تقدت المطعون ضدها بلائحة جوابيه ابدت من خلالها ان المحكمة مصدرة الحكم الطعين اصابت في ما انتهت اليه من حيث ان المطعون ضدها تتمتع بحصانه قضائية ودبلوماسيه تمنحها امتيازا بعدم مقاضاتها امام المحاكم الفلسطينيه . كذلك ابدت بان الحكم جاء صحيحا متفقا واحام القانون وبان اسباب الطعن لا ترد على الحكم المطعون فيه وطلبت بالنتيجة رد الطعن موضوعا مع الرسوم والمصاريف واتعاب المحاماه.
المحكمة
بالتدقيق وبعد المداوله وحيث نجد بان الطعن مقدم ضمن المده القانونيه ومستوف لشرائطه الشكليه الاخرى نقرر قبوله شكلا.
وبالعوده لاوراق الدعوى نجد بان الطاعن كان قد اقام دعواه امام محكمة بداية رام الله والتي سجلت تحت الرقم 463/2019 موضوعها المطالبه بحقوق عماليه.
وتقدمت الجهة المدعى عليها بطلب لعدم قبول الدعوى قبل الدخول بالاساس لعلة عدم الاختصاص سجل تحت الرقم 621/2019 وبعد ان انتقلت المحكمة لرؤية الطلب واستمعت الى الفرقاء اصدرت حكمها الفاصل في موضوعه بتاريخ 23/5/2023 والذي قضى بقبول الطلب ورد الدعوى لعلة عدم الاختصاص مع الرسوم والمصاريف و 100 دينار اتعاب محاماه.
لم يقبل المدعي بهذا الحكم فطعن به استئنافا امام محكمة استئناف القدس بموجب الاستئناف رقم 445/2023 والتي بدورها نظرت الاستئناف اصولا ومن ثم اصدرت حكمها الفاصل بتاريخ 30/10/2024 والذي قضى برد الاستئناف موضوعا وتاييد الحكم المستانف مع الرسوم والمصاريف و200 دينار اتعاب محاماه
لم يلق هذا الحكم قبولا لدى الطاعن (المدعي ) فبادر للطعن به امام محكمة النقض بموجب الطعن قيد النظر
وبالعودة للبحث في اسباب الطعن بالنقض وفيما يتصل بالسبب الاول منها ومفاده ان الحكم المطعون فيه مشوب بالقصور والخطأ في اسباب الحكم القانونيه والواقعيه وهو غير معلل تعليلا كافيا وصحيحا ومشوب بالبطلان وحريا بالالغاء وصدر خلافا لاحكام المواد 174 و175 من قانون الاصول حيث لم يتضمن ذكر ولا معالجة لاسباب الاستئناف ولا لدفوع الجهة المستانفه.
وفي ذلك نجد وبعد الرجوع الى الحكم الطعين بانه اشتمل على كل ما اوجبت المادتين المشار اليها في هذا السبب من وجوب اشتماله عليها وقد عللت المحكمة مصدرة الحكم وسببت حكمها تسبيبا يوصل الى النتيجة التي انتهت اليها وكذلك عالجت المحكمة مصدرة الحكم اسباب الاستئناف وما ابداه المستانف من اوجه طعن على الحكم المستانف الامر الذي نجد معه بان ما نعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه جاء خلافا للواقع الثابت ما يوصل الى ان سبب الطعن هذا يكون حري بالرد.
اما عن بقيه اسباب الطعن والتي نعت وبمجمل ما جاء فيها على المحكمة مصدرة الحكم الطعين بالخطأ في ما انتهت اليه لمخالفة الحكم لاحكام القانون وبانه جاء خلافا للبينات التي تقدم بها الطاعن المتمثله بالاتفاقيات الموقعه والتي تنازلت المطعون ضدها بموجبها عن الحصانه ، كذلك فان ما انتهت اليه المحكمة يخالف نص الماده 30 من القانون الاساسي باعتبار ان حق التقاضي حق كفله القانون ، كذلك اخطأت المحكمة كون الدعوى هي مطالبه بحقوق عماليه تستند الى احكام قانون العمل الآمرة ، كما اخطأت المحكمة حين اعتبرت ان اتفاقية فيينا والتعديلات اللاحقه اعطت المطعون ضدها حصانه ومنحتها حماية من التقاضي امام القضاء الوطني.
وفي ذلك ولعلة تداخل الاسباب مع بعضها البعض لاتصالها بذات المسالة ولتقاطع الاجابات عليها وتلافيا للتكرار فاننا لا نجد بدا من اجمال الاجابة عليها دون تفريد الا حيث تقتضي الضروره
وبالبناء على ما تقدم نشير ابتداء الى الحكم الصادر عن المحكمة الدستوريه العليا رقم 4 لسنة 2017 والذي اكد على سمو الاتفاقيات الدوليه على التشريعات الداخليه بحيث تكتسب قواعد هذه الاتفاقيات قوة اعلى من التشريعات الداخليه بما يتواءم مع الهويه الوطنيه والدينيه والثقافيه للشعب العربي الفلسطيني ، ومن ثم انتهت الى الحكم بتمتع مؤسسات الامم المتحده بالحصانه من الاجراءات القضائيه الوطنيه ، واضافت في متن حكمها وبينت بان حق اللجوء للقضاء المنصوص عليه في الماده 30 من القانون الاساسي هي مسالة تتصل بالنزاعات الوطنيه دون النزاعات التي اكسبت (اتفاقيا وعرفيا) الامم المتحده ومؤسساتها حصانه شامله .
ولما كان هذا الذي قضت به المحكمة الدستوريه العليا الفلسطينيه لا يخضع لاعادة البحث من قبل هذه المحكمة لاعتبارين اولاهما عدم قابلية احكام المحكمة الدستوريه للطعن وثانيهما بان المحاكم النظاميه ليست جهة اختصاص للطعن امامها في ما قضت فيه هذه المحكمة ومن ذلك فان الاحتجاج بنص الماده 30 من القانون الاساسي من حيث حق اللجوء الى القضاء لا يرد في هذا المقام طالما ان المقصود منه ووفق الحكم الدستوري المشار اليه بان حق اللجوء للقضاء انما يكون في المنازعات الوطنيه دون المنازعات التي تتصل بالجهات التي اكتسبت الحصانه الشامله اتفاقيا او عرفيا كما ورد في الحكم انف الذكر.
واما الاحتجاج من قبل الطاعن بان الجهة المطعون ضدها تنازلت عن حقها في الحصانه بموجب الملحق رقم (1) الخاص بشروط الخدمه العامه للموظفين المحليين الذين يقوم يتوظيفهم مكتب التنسيق الاوروبي لمساندة الشرطه الفلسطينيه حيث ورد في الماده 3/2 منه (( تبرم العقود دون المساس بالقانون المحلي ذي الصله وفي حال وجود نزاع تسود احكام القانون المحلي )) وفي ذلك نبين بان التنازل عن الحصانه القضائيه من قبل البعثات الدبلوماسيه الدوليه المشموله بالحصانه يجب ان يكون صريحا طبقا لاتفاقية فيينا بشان العلاقات الدبلوماسيه لسنة 1961 والتي انضمت اليها دوله فلسطين بتاريخ 2/4/2014 ووفق ما ورد في الماده 32 منها والتي اجازت للدول ان تتنازل عن الحصانه الممنوحه للمبعوثين الدبلوماسيين والاشخاص المتمتعون بها بموجب الماده 37 من ذات الاتفاقيه ، وما يستفاد من ذلك بان صاحب الحق في التنازل عن الحصانه هي الدوله المبتعثه شريطه ان يكون هذا التنازل صريحا اي واضحا لا غموض فيه وليس المبتعَث ذاته اذ ان صريح النص ينبيء بانه لا سلطة للمبتعث عينه بالتنازل عن حصانه البعثه الدبلوماسيه دون ان يكون مكلفا او مفوضا من قبل دولته او الدول المبتعِثه بذلك ، باعتبار ان حصانه البعثات الدبلوماسيه هي حق للدول المبتعِثة وليس حقا شخصيا لاي من افراد هذه البعثات ، وقد كانت رئيسة البعثه الاوروبيه في كتابها المؤرخ في 28/9/2022 المعنون الى من يهمه الامر اكدت صراحة على تمسك البعثه بما لديها من حصانه طبقا لاتفاقية فيينا. وبالرجوع الى النص المشار اليه في الملحق رقم (1) والذي بين بانه وحال نشوء نزاع تسود احكام القانون المحلي فان هذا النص وفي السياق الذي ورد فيه لا يفيد لا صراحة ولا ضمنا بتنازل الدول المبتعِثه عن الحصانه القضائية الممنوحه لبعثة الشرطة الاوروربيه ،اذ ان الماده( 3) تتحدث عن العقد وعن عدم خضوع الموظف لانظمة الموظفين المسؤولين وشروط التوظيف للموظفين الاخرين بالاتحاد الاوروبي ، الامر الذي يفهم منه بان مفهوم الفقره (2) من هذه الماده تفيد بان اي نزاع حول طبيعة العلاقه التعاقدية بين الطرفين مردها القانون المحلي ولا يخول هذا العقد الموظف حق اعتبار نفسه موظفا لدى الاتحاد الاوربي ولا يحوز على اي من الامتيازات التي يحوزها موظفي الاتحاد - كما ورد في الماده المذكوره - ، وهذا المعنى لا ينصرف قطعا الى القول بتنازل الجهة المطعون ضدها عن حقها في الحصانه القضائية وانما يفهم بان الغرض منها هو تحديد الطبيعه القانونيه للعقد وما يترتب عليه من حقوق وواجبات بموجب العقد وبانه وحال حدوث اشكال في فهم طبيعة التعاقد اومقدار المستحق تكون احكام القانون المحلي هي الواجبة الاعمال ، ذلك ان التنازل وكما بينا يجب ان يكون صريحا قاطعا بمعناه وصادرا عن الجهة المبتعِثه طبقا لاتفاقيه فيينا سالفة الذكر والاشاره.
وعليه وحيث تجد المحكمه بان ايا من اسباب الطعن بالنقض لا يرد على الحكم الطعين او ينال منه.
لذلك
تقرر المحكمة رد الطعن موضوعا وتضمين الطاعن الرسوم والمصاريف و100 دينار اتعاب محاماه
حكما صدر تدقيقا باسم الشعب العربي الفلسطيني في 3/3/2025