دولـــــة فــــلســــــطين
السلطــــة القضائيـــة
المحكمة العليا / محكمــة النقض
"الحكم"
الصادر عن المحكمة العليا / محكمة النقض المنعقدة في رام الله المأذونة بإجراء المحاكمة وإصداره
بإسم الشعب العربي الفلسطيني
الهـيئة الحـاكـمة بـرئاســة نائب رئيس المحكمة العليا / محكمة النقض السيدة القاضي إيمان ناصر الدين
وعضويـة السادة القضاة : فواز عطية،عوني البربراوي،كمال جبر،مامون كلش
الطاعنة :ياسمين اياد شكري معلا/البيرة
وكيلاها المحاميان :أنور أبو العدس او احمد فواز الخطيب/رام الله
المطعون ضدها:1- جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني /مستشفى البيرة
وكيلتها المحامية :اكرام الحاج مير/رام الله
2- شركة فلسطين للتأمين/رام الله
وكيلها المحامي:اسحق أبو عوض/رام الله
الإجراءات
بتاريخ 18/11/2021 تقدمت الطاعنة بهذا الطعن لنقض الحكم الصادر عن محكمة استئناف القدس بتاريخ 11/10/2021 في الاستئناف المدني رقم 57/2021 والقاضي برد الاستئناف موضوعاً وتأييد الحكم المستأنف ، وتضمين المستأنفة الرسوم والمصاريف وخمسين دينار اردني اتعاب محاماة .
تتلخص اسباب الطعن جيمعاً :
1-بأن الحكم المطعون فيه قد أخطأ بوزن البينة ،وبالنتيجة التي توصل لها من عدم توافر الخطأ الطبي بحق الطاعنة ، رغم ثبوت ذلك بشهادة الشاهد الدكتور شكري عودة والدكتورة اولغانا،وبما تضمنته المبرزات في الدعوى م/1 و م/2 وك/1 وك/2 وك/3 وك/4 واكتفاء الحكم المطعون فيه على معالجة الحكم الجزائي الصادر عن محكمة صلح رام الله رقم 665/2005 ،والقاضي بإعلان براءة المتهمين الدكتور حسني سمارة والدكتور يعقوب نخله من التهمة المسنده الايذاء البليغ ولم يعالج مسألة تأخر وقصور الطبيب في اجراء العملية ، وعدم متابعة حالة الطاعنة بعد ولادتها وما أصابها من نزيف داخلي وعدم تفحص جهوزية مركبة الإسعاف التي نقلت الطاعنة الى مستشفى المقاصد في القدس لمتابعة وضعها الصحي المتازم مما يجعل من الحكم المطعون فيه مشوباً بالعيب في القصور وفي التعليل والتسبيب وبما يجعل منه باطلاً،والخطأ في تطبيق المواد (20و11و112) من قانون البينات على وقائع الدعوى .
فضلاً عن الحكم الجزائي الصادر في القضية الصلحية رقم 665/2005 ،لم ينفي وقوع الفعل الصادر عن الجهة المطعون ضدها وعن الأطباء المتهمين،وانما نفى صفة التجريم عنهما لعدم كفاية الأدلة.
وبالنتيجة التمس وكيل الطاعنة قبول الطعن شكلاً ومن ثم موضوعاً ونقض الحكم المطعون فيه،والحكم لها وفق ما جاء في لائحة الدعوى الأساس مع الرسوم والمصاريف واتعاب المحاماة .
تبلغت المطعون ضدها لائحة الطعن ولم تتقدم بلائحة جوابية.
تبلغت وكيلة المطعون ضدها الثانية لائحة الطعن وتقدمت بلائحة جوابية التمست فيها رد الطعن موضوعاً وتضمين الطاعنة الرسوم والمصاريف واتعاب المحاماة .
المحكمــــــــــــــــــة
بالتدقيق والمداولة ،ولما كان الطعن مقدماً ضمن المدة القانونية تقرر قبوله شكلاً.
وفي الموضوع:وعلى ما أنبأت عنه أوراق الدعوى ، بأن المدعية (الطاعنة) قد اقامت الدعوى المدنية رقم 589/2005 لدى محكمة بداية رام الله ضد المطعون ضدها موضوعها المطالبة بمبلغ (1372800) دينار اردني كتعويض لها عن نتيجة خطأ طبي وذلك وفق ما جاء في لائحة الدعوى .
وبنتيجة المحاكمة لدى محكمة البداية ، أصدرت حكمها القاضي برد الدعوى.
لم تتقبل الطاعنة المدعية بذلك،فطعنت به استئنافاً لدى محكمة استئناف القدس بموجب الطعن سالف الذكر رقم 57/2021 وبنتيجة المحاكمة لديها أصدرت حكمها محل الطعن الماثل.
لم تقبل الطاعنة بهذا الحكم فتقدمت بالطعن الماثل للأسباب الواردة استهلالاً.
وعن أسباب الطعن جميعاً.
وبالعودة الى الحكم محل الطعن نجد بأنه قد قضى برد الاستئناف موضوع الدعوى الأساس وتأييد الحكم المستأنف على سند من القول (بأن الثابت من الحكم الجزائي رقم 665/2005 المؤيد من قبل محكمة البداية بصفتها الاستئنافية رقم 64/2016 والذي قضى الحكم الصلحي المذكور رقمه انفاً بإعلان براءة المتهمين الدكتور حسني سمارة والدكتور يعقوب أبو نخلة من التهمة المسندة اليهم،وهي الايذاء البليغ المعاقب عليها نصوص المواد 334 بدلالة المادة 335 من قانون العقوبات رقم 16 لسنة 1960 لعدم كفاية الأدلة،) وعلل الحكم الجزائي أسباب البراءة (فإن المحكمة لم تجد أي اهمال او تقصير او مخالفة للقوانين من قبل المتهم الأول ولم يرد أي تقرير طبي صادر عن جهة مختصة ، كطبيب شرعي،او اللجنة الطبية المحلية او غيرها يبين الخطأ الذي ارتكبه المتهم الأول،او التقصير او الإهمال ........) (وبخصوص المتهم الثاني فلم يصدر منه أي فعل،ولم يقم بالعملية القيصرية ، لم يشترك بها،فان المحكمة تجد ان البينات المقدمة غير كافية لربط المتهمين بالتهمة المسندة اليهما...... وقتنعت بالبينة الدفاعية وإطمأنت اليها.
ولم اكان الحكم الجزائي المشار اليه،قد فصل من جهة وقوع الفعل المكون للاساس المشترك يبين الدعويين الجزائية والمدنية من جهة الوصف القانوني لهذا الفعل،وانتفاء نسبه للمتهمين،بما يجعله ملزماً للقاضي المدني في الدعوى محل النظر.
ولا تملك المحكمة العودة لمناقشة المسألة التي فصل فيها....وبذلك ودونما حاجة لبحث باقي أسباب الاستئناف ، ولانعدام توافر المسؤولية او الخطأ من جانب التابع،وما سبقه من انعدام المسؤولية للمتبوع وشركة التأمين بما يقضي برد الدعوى الأساس وانتهى ما قاله الحكم المطعون فيه ).
وبانزال حكم القانون على ما سطره الحكم المطعون فيه نجد بان المادة 110 من قانون البينات رقم 4 لسنة 2001 نصت على (1- الاحكام النهائية تكون حجة فيما فصلت فيه من الحقوق ولا يجوز قبول دليل ينقض هذه الحجية، ولكن لا تكون لتلك الاحكام هذه الحجية الا في نزاع قائم بين الخصوم انفسهم دون ان تتغير صفاتهم،وتتعلق بذات الحق محلاً وسبباً 2- تقضي المحكمة بهذه الحجية من تلقاء نفسها ).
كما نصت المادة (111) من ذات القانون على (لا يرتبط القاضي المدني بالحكم الجزائي الا في الوقائع التي فصل فيها هذا الحكم،وكان فصله فيها ضرورياً).
كما نصت المادة (112) من ذات القانون (اذا قضي الحكم الجزائي برفع التبعية عن المدعى عليه،مقتصراً على بحث الفعل من نايحة التجريم من غيرنفي وقوعه،فانه لا يحول دون ملاحقة المدعى عليه امام القضاء المدني بالتعويض).
كما نصت المادة (390) من قانون الإجراءات الجزائية 1- يكون الحكم الجزائي الصادر عن المحكمة المختصة في موضوع الدعوى الجزائية بالبراءة ، او بالادانة قوة الامر المقضي به امام المحاكم المدنية في الدعوى التي لم يكن قد فصل فيها نهائياً فيما يتعلق بموضوع الجريمة وبوصفها القانوني ونسبتها الى فاعلها.
2- يكون للحكم بالبراءة هذه القوة سواء بني على انتفاء التهمة او على عدم كفاية الأدلة.
3- لا يكون للحكم بالبراءة هذه القوة اذا كان مبيناً على ان الفعل لا يعاقب عليه القانون.
ومن خلال النصوص السابقة نستطيع ان نقول بأن الفقة والقانون متفقين على انه لا يحوز الحكم قوة الامر المقضي به بالنسبة للدعوى الا اذا اتحد الموضوع والسبب في الدعويين فضلاً عن وحده الخصوم ولما كان من البين بان القضية الجزائية رقم 665/2005 الخصوم فيها هم كل من المتهمين حسني سمارة وعودة أبو نخلة ولم تكن المدعى عليها الأولى متهمة في تلك الدعوى أي لم تخاصم .
ولما كان كذلك من خلال شهادة الشاهد الدكتور شكري عودة يوسف وهو اخصائي ولادة والذي عين من قبل نقابة الأطباء وهو رئيس اللجنة التي حققت في مدى وجود الخطأ الطبي في هذه الدعوى (الاساس) وصدر عن اللجنة التقرير الطبي المودع أوراق الدعوى والذي عزى أسباب الضرر الذي لحق بالمدعية من خلال التقرير الطبي الصادر عن اللجنة الطبية المختصة وهي (عدم وجود بنك للدم وعدم وجود غرفة انعاش لدى المدعى عليها الأولى وعدم وجود انبوبتان غاز الاكسجين في سيارة الإسعاف التي نقلت المدعية والتي تعود ملكيتها للمدعى عليها الأولى وهي المسؤولة عن تجهيز سيارة الإسعاف بالاسطوانتين مع عدم وجود الخبرة الكافية لدى الطاقم الطبي والتمريض )وان هذه الوقائع لم تتضمنه لائحة الاتهام في القضية الجزائية رقم 665/2005 ولو تضمنتها لتغير وجه الحكم.
ولما كانت التقارير الطبية كذلك البينة الخطية قد اثبتت وقوع ضرر للمدعية المدعى به وان المدعية قد أدخلت الى المستشفى التي تعود ملكيتها للمدعى عليها الأولى ، وان اثبات العلاقة السببية تقع على المدعى عليه اذا تبين ان المدعى عليه يستطيع نفي المسؤولية عن نفسه باثبات ان فعله لم يكن سبباً في حصول الضرر للمصاب، أي انه اثبت ان سبب اجنبي الذي لا يدله فيه سواء كانت قوة قاهرة او فعل المضرور او فعل الغير وفقاً لاحكام المادة (55 مكرر ف ب ) و(55 مكرر ج) من قانون المخالفات المدنية .
وانه لقاضي الموضوع يعود تقدير ما اذا كانت الواقعة المدعى بها سبباً في الضرر او سبباً اجنبياً ينقضي به الالتزام وتنقضي به المسؤولية وعلى ان ذلك مشروط بأن يقيم قضاءه على أسباب سائغه تكفي لحمله على النتيجة التي توصل اليها.
وحيث انه من الثابت بأن المدعى عليها لم تكن خصماً في الدعوى الجزائية رقم 665/2005 كمتهمة وان وقائع الدعوى الجزائية لم تشتمل (لائحة الاتهام) على كافة ما ادعت به المدعية وعلى كافة ما اثبتته البينة المقدمة في الدعوى محل البحث،بأن سبب الضرر الرئيسي الذي حصل للمدعية ، هو عدم وجود اكسجين كافي لدى سيارة الإسعاف التي تعود ملكيتها للمدعى عليها الأولى وقد نفذ الاكسجين اثناء نقل المدعية من المستشفى الذي يعود للمدعى عليها الأولى الى المستشفى المنقولة اليها وهي مستشفى المقاصد في القدس وهي المسؤولة عنها (أي المدعى عليها الاولى) عن تجهيز سيارة الإسعاف بالاكسجين وهذا ما اثبتته البينة المقدمة في الدعوى وهذا قصور من المدعى عليها الأولى يستوجب التعويض وفق ما جاء على لسان الشاهد الدكتور شكري عودة وفق ما تم بيانه سابقاً وكونه يوجد علاقة التابع بالمتبوع وان المدعى عليها الأولى لها سلطة فعلية ورقابة على اعمال سيارة الإسعاف العاملة لديها والتي تعود ملكيتها لها وكذلك على الموظفين العاملين لديها وان الخطأ الذي حصل من قبل العاملين في سيارة الإسعاف وهو عدم تزويدها بانبوبتين من الاكسجين وذلك اثناء نقل المدعية يعملون تحت اشراف وإدارة المدعى عليها الأولى واثناء القيام بعملهم لديها وبأمر من الطاقم الطبي الذي يعمل لدى المدعى عليها الأولى وحيث ان عناصر المسؤولية وهي وجود علاقة التابع بالمتبوع وان المتبوع قام بالفعل المؤدي للضرر باسم التابع وتحت اشرافه ورقابته وتوجيهه ووجود الخطأ.
ولم توجه محكمة الاستئناف نظرها الى ذلك ، وحيث ان التي اعتمدتها محكمة الاستئناف غير معتبرة قانوناً والاستنتاج الذي توصلت اليه المحكمة غر صائغ وغير سليم فان لمحكمة النقض في هذه الحالة سلطة رقابية على ذلك لأن ذلك يدخل بحكم مخالفة القانون .
وان لمحكمة النقض وفق ما هو متفق عليه فقهاً وقضاءاً حق الرقابة على البينة اذا ثبت بأن محكمة الموضوع مصدرة الواقعة التي استخلصتها يكون هذا المصدر لا وجود له او يكون موجوداً ولكن متناقض لما اثبتته البينة او غر متناقض ولكنه يستحيل عقلاً استخلاص الواقعة منه او كان هناك فساد في الاستدلال من خلال الدليل .
ولما كان الامر كذلك وكان استخلاص محكمتي الموضوع البداية والاستئناف للواقعة التي توصلتا اليها من خلال دليل غير قانوني وغير منتج لاثاره القانونية بين اطراف الدعوى وهو اعتمادها في رد الدعوى الأساس على الحكم الجزائي الصادر في الدعوى الجزائية رقم 665/2005 المؤيد من قبل محكمة البداية بصفتها الاستئنافية وان المدعى عليها الأولى لم تكن متهمة فيها (أي لم تكن خصماً فيها) ولم يتوفر في الدعوى الجزائية والدعوى محل البحث وحده الموضوع كون ان بعض الوقائع في كلا الدعوتين لم تكن متحدة وبالتالي لم يتوفر في الدعوى الجزائية قوة الامر المقضي به وفق نصوص المواد سالفة الذكر.
لـــــذا
نقرر قبول الطعن موضوعاً ونقض الحكم المطعون فيه ، وإعادة الأوراق لمحكمة الاستئناف ، لاعادة تقدير البينة من الناحية القانونية ،وإعادة وزنها على ضوء ما تم بيانه ، وإصدار الحكم المقتضى وعلى ان تنظر من قبل هيئة مغايرة وعلى ان تعود الرسوم والمصاريف واتعاب المحاماة على الفريق الخاسر بنتيجة الفصل بالدعوى .
حكماً صدر بالأغلبية تدقيقاً بإسم الشعب العربي الفلسطيني بتاريخ 10/03/2025
مربعنص
الرأي المخالف لسعادة القاضي مأمون كلش
مربعنص
أخالف الأكثرية المحترمة فيما توصلت اليه وقضت به من نقضها الحكم المطعون فيه وإعادة الأوراق الى المحكمة مصدرته لغاية تقدير البينة ووزنها،وإصدار الحكم لثبوت وقوع الخطأ والضرر وتوافر المسؤولية وعلى سند من القول بأن وحدة الخصوم والوقائع منتفيه في الدعوى ، كون المطعون ضدها جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني لم تكن ممثلة في الدعوى الجزائية رقم 665/2005،ولكون الادعاء الأساسي للطاعنة يتمثل بعدم توفير انبوبتين اكسجين لها حين نقلها بمركبة الإسعاف التابعة لها الى مستشفى المقاصد ،حيث يستند الرأي المخالف على ما يلي:
بالشأن المتصل بواقعة عدم توفير انبوبتين اكسجين في مركبة الإسعاف التي اقلت الطاعنة ونقلتها الى مستشفى المقاصد،قد ضمنها وكيل المدعية وهو وكيلها في الدعوى الجزائية رقم 665/2005، وهو ذاته الذي تقدم بالشكوى الجزائية ،وهي الشكوى المرفق لائحتها بالدعوى الجزائية بكامل اوراقها المبرزة في الدعوى المدنية محل البحث،مما يعني وبوضوح ان تلك الواقعة قد استندت عليها ابتداء الطاعنة في دعواها الجزائية المشار اليها،وان لم يتضمنها قرار الاتهام ولائحة الاتهام (الدعوى الجزائية) المقدمة من النيابة العامة لمحكمة الصلح،اذ ليس من الضروري منطقاً وواقعا ان تتضمن لائحة الاتهام كافة وقائع لائحة الشكوى المقدمة من الطاعنة بواسطة وكيلها ، وهي اللائحة المتضمنة ل(23) ثلاثة وعشرين بندا من الوقائع،اذ يكفي ذكر وقائع مختصرة والنصوص القانونية التي تحكمها ،وتكييفها القانوني ، وهذا ما تم واقعاً وفعلاً الى انه صدر الحكم بالبراءة المؤيد استئنافاً.
مربعنص
ومن جانب اخر ، نجد ان كلا المتهمين في الدعوى الجزائية رقم 665/2005 طبيبان يعملان لدى الجهة المطعون ضدها الأولى (جمعية الهلال الاحمر) ، الأولى اخصائي نسائية وتوليد ، والثاني مديراً فنياً لها ، وكلاهما يتبعان لها،ويأخذا صفة وحكم التابع للمتبوع عما صدر منهما بحكم عمليهما لديها سلباً او ايجاباً ، فضلاً عما ثبت للمحكمة مصدرة الحكم المطعون فيه من أن المطعون ضده الثانية (شركة التأمين) ينسحب عليها ايضاً عدم مسؤوليتها عن تعويض الطاعنة، لثبوت البراءة المشار اليها.
وحيث ان الحكم الجزائي كان قد فصل بالدعوى الجزائية من جهة وقوع الفعل المكون للاساس المشترك بين الدعويين الجزائية والمدنية ،ومن جهة الوصف القانوني لهذا الفعل ،ومن جهة براءة المتهمين منها المشار اليهما مما نسب اليهما في تلك الدعوى الجزائية،مما يجعله حكماً ملزماً للقاضي المدني في الدعوى محل النظر،بحيث لا تملك معه المحكمة المدنية العودة الى مناقشة المسألة التي منها ذلك الحكم الجزائي ، كون حجية الاحكام الجزائية مطلقة ملزمة للكافة على نحو ما نصت عليه المادة (390/1/2/3) من قانون الإجراءات الجزائية رقم 3 لسنة 2001،التي نصت على (1- يكون للحكم الجزائي الصادر من المحكمة المختصة في موضوع الدعوى الجزائية بالبراءة او الإدانة قوة الامر المقضي به امام المحاكم المدنية في الدعاوى التي لم تكن قد فصل فيها نهائياً فيما يتعلق بوقوع الجريمة وبوصفها القانوني وبنسبتها الى فاعلها 2- ويكون للحكم بالبراءة هذه القوة اذا كان مبنياً على ان الفعل لا يعاقب عليه القانون) ، مما يجعل من ذلك الذي تضمنه المادة 390 المشار اليها ينسجم مع ما تضمنته المواد (112،111،110) من قانون البينات رقم 4/2001 وتنطبق جميعها على الحكم المطعون فيه بالنقض من تسبيب ونتيجة،فضلاً عن ان مدونات حكم الدعوى الجزائية 665/2005 وهو المؤيد استئنافاً ،الذي اصبح قطعياً لعدم نقضه،اعتمد بما انتهى اليه وقضى به على بينات خطية وفنية وشفوية ايضاً.
ولما كان كلا من المتهمين في الدعوى الجزائية المشار اليها طبيبين يعملان لدى الجهة المطعون ضدها الأولى ، حيث المتهم الأول اخصائي نسائية وتوليد،والمتهم الثاني مديراً فنياً فيها،ويتبعان لها ويأخذان حكم التابع والمتبوع عما يصدر منهما بحكم عملهما لديها سلباً او ايجاباً فضلاً عن ثبوت ان ما توصلت اليه المحكمة مصدرة الحكم المطعون فيه من ان المطعون ضدها الثانية (شركة التأمين) ينسحب عليها ايضاً عدم مسؤوليتها عن تعويض الطاعنة،لثبوت براءة المتهمين (الطبيبان) ، على نحو ما تم الإشارة اليه.
مربعنص
وحيث ان المقصود بوحدة الخصوم على نحو ما تضمنته المادة 110 من قانون البينات هو وحدة المراكز القانونية لا وحدة المسميات ما دام ثبتت تبعية الطبيبين في عملهما للمطعون ضدها الأولى ، كما ثبتت براءتهما مما يجعل من المطعون ضدها الأولى (جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني) غر مسؤولة عن تعويض الطاعنة،ويجعل المطعون ضدها الثانية (شركة التأمين) غير ملزمة بدفع تعويضات للطاعنة،لعدم تحقق ركن الفعل الضار (الخطأ) من قبل التابع.
ولما كانت المحكمة مصدرة الحكم المطعون فيه قد توصلت الى توافر حجية الشيء المقضي به في الدعوى الجزائية رقم 665/2005 واثر ذلك على وقائع الدعوى المدنية الماثلة،ومن ثم توصلت الى ردها.
لذلك
أرى وعلى ضوء ما سلف الإشارة اليه،رد الطعن موضوعاً .
القاضي المخالف
مأمون كلش
مربعنص
الرأي المخالف عـــن القــــاضي فـــوّاز عطيـــة
أخالف الأكثرية المحترمة فيما قضت فيه، وذلك على ما أنبأت عنه صحيفة الطعن، ولما كانت الجهة
الطاعنة قد اسرفت في تعداد الوقائع والأسباب في صحيفة طعنها الماثلة بعدد صفحات تجاوزت 18 صفحة، فاختزلتها بالقول وبناء على ما تم سرده أعلاه تتلخص أسباب الطعن امام محكمة النقض بما يلي:
1- أخطأت محكمة الدرجة الأولى وعلى إثرها محكمة الاستئناف في تطبيق القانون على وقائع الدعوى الأساس ودعوى الاستئناف وجاءت الاحكام مجحفة بحق الطاعنة.
2- أخطأت محكمة أول درجة وعلى إثرها محكمة الاستئناف في وزن البينة حسب الأصول القانونية.
3- الحكم الصادر عن محكمة الاستئناف جاء مخالفا للقانون من حيث التعليل والتأويل.
4- أخطأت محكمة أول درجة وعلى إثرها محكمة الاستئناف في بحث موضوع الدعوى من جانب ليس محل بحث.
5- أخطأت محكمة أول درجة وعلى إثرها محكمة الاستئناف في عدم اتباع الأصول القانونية والقضائية في علم قانون الاثبات.
6- أخطأت محكمة الاستئناف في تطبيق المادة 112 من قانون البينات على وقائع الدعوى الأساس وعلى وقائع الاستئناف.
7- أخطأت محكمة أول درجة وعلى إثرها محكمة الاستئناف في بناء قناعتها وحكمها على بينة متناقضة.
8- أخطأت محكمة الاستئناف في عم معالجة جميع أسباب الاستئناف.
مربعنص
ولما كان ما جرى عليه الاستقرار في قضاء هذه المحكمة، واستنادا لما أفصحت عنه المادة 228/4 من قانون أصول المحاكمات المدنية والتجارية، فإن الضابط المرسوم في حكم المادة المذكورة بشأن بيانات لائحة الطعن، يجب أن تتضمن من جملة ما نصت عليه وحددته الفقرتين الرابعة والخامسة منها، بأن تكون أسباب وطلبات الجهة الطاعنة مقيدة بصورة واضحة ومحددة، وهذا التحديد بقصد منه أن تكون أسباب الطعن مُعرفة تعريفا دقيقا نافيا عنه الغموض أو الجهالة، بحيث يبين منها العيب الذى تعزوه الجهة الطاعنة إلى الحكم وموضعه وأثره فى قضائه.
الأمر الذي يفيد ذلك، أن عدم بيان الطاعنة بوجه النعى ماهية الطلبات الجديدة التي أغفل الحكم المطعون فيه الرد عليها وأوردتها فى مذكراتها، فإن أثر الطعن والحالة هذه يعد مجهلا معتلا، لاسيما وأن الطاعنة لم تحدد وجه الخطأ في تطبيق أي قانون على وقائع الدعوى والاستئناف، كما لم تحدد أوجه الخلل في وزن البينات، ولم تبين مكمن العوار في التعليل والتأويل الوارد في الحكم الطعين، كما ولم تبين الجانب الذي لم يجدر بحثه في الحكم الطعين، ولم توجه سهام النقض لأي واقعة تتصل بعدم اتباع الأصول في قانون البينات، فضلا عن ذلك النعي على الحكم الطعين بعدم تطبيق محكمة الاستئناف لحكم المادة 112 من قانون البينات على وقائع الدعوى والاستئناف، دون تحديد للواقعة المراد تطبيقها حتما لا يعطي محكمة النقض البحث عن الوقائع المراد تطبيقها وانزال أثر الحكم الجزائي برفع التبعة عن الجهة المدعى عليها إن قضى الحكم الجزائي بذلك واقتصر على بحث الفعل من الناحية التجريمية دون نفي وقوعه.
وكنتيجة لعدم تحديد الطاعنة لمواطن البينة المتناقضة التي استندت إليها محكمة الاستئناف، ولعدم تحديد بصورة واضحة وقاطعة أي الأسباب التي لم يتم معالجتها من محكمة الاستئناف، فجميع ذلك يشير بدلالة واضحة أن أسباب الطعن المختزلة في الصفحتين 19 و20 من صحائف الطعن بالنقض، لم تُبنى على بيانات وأسباب تُعرف تعريفا واضحا كاشفا عن المقصود منها لتحديد العوار والخالفات القانونية في الحكم الطعين.
وعليه، فإن كل سبب ورد ذكره أعلاه جاء على نحو صيغ بالعموم وعدم الوضوح، مما شاب تلك الأسباب الجهالة الفاحشة، التي تحول دون تمكن هذه المحكمة من بحثها وبسط رقابتها القانونية عليها، لذا يستدعي عدم قبولها جميعا.
لـــــــهذه الاسبـــــاب
أرى أن الأكثرية المحترمة، خرجت عن سياق صحيفة الطعن وطلبات أحد الخصوم وهي الجهة الطاعنة، وهذا الأمر يشكل مخالفة جوهرية لأحكام القانون، ذلك أن محكمة النقض مقيدة بضوابط ومعايير لا يجوز تجاوزها، فالعدالة تبدأ من الجهة الطاعنة لتبسط أسباب طعنها بصور واضحة وجلية وفق الحدود المرسومة لها في المادتين 225 و226 بدلالة المادة 228/4 من قانون أصول المحاكمات المدنية والتجارية، الأمر الذي يجعل من بحث الأكثرية المحترمة، في اسباب خارج سياق اسباب الطعن محل الوصف أعلاه، في غير محله. مما أرى في النتيجة أن اسباب الطعن غير مقبولة.
مربعنص
رأيا مخالفا صدر تدقيقا باسم الشعب العربي الفلسطيني بتاريخ 10/3/2025
القاضي المخالف