دولـــــة فــــلســــــطين
السلطــــة القضائيـــة
المحكمة العليا / محكمــة النقض
"الحكم"
الصادر عن المحكمة العليا / محكمة النقض المنعقدة في رام الله المأذونة بإجراء المحاكمة وإصداره
بإسم الشعب العربي الفلسطيني
الهـيئة الحـاكـمة بـرئاسة نائب رئيس المحكمة العليا/محكمة النقض القاضي السيدة ايمان ناصر الدين
وعضويـة السادة القضاة : حازم ادكيدك ، د. رشا حماد ، محمد احشيش، د. بشار نمر
الطاعنة :- شركة الراشدون للرخام المساهمة الخصوصية المحدودة/الخليل
وكيلها المحامي زين الدين وصوص/الخليل
الطاعنة المضمومة: الشركة العالمية المتحدة للتأمين/الخليل
وكيلها المحامي: محمد حيدر طهبوب/الخليل
المطعون ضدهما :- 1. عبدالكريم عيسى محمد محمد /يطا
2. وضحة محمد خليل ابو عرام/يطا
وكيلهما المحامي موسى مخامرة/الخليل
الاجـــــــــــــراءات
بتاريخ 14/06/2023 تقدم وكيل الطاعنة الأصلية بهذا الطعن ضد المطعون ضدهما وذلك للطعن في الحكم الصادر بتاريخ 7/5/2023 عن محكمة استئناف الخليل بالاستئناف المدني رقم 938/2022 والقاضي برده موضوعاً وتأييد الحكم المستأنف وتضمين المستأنفة للرسوم والمصاريف و 100 دينار اردني اتعاب محاماة.
تتلخص اسباب الطعن فيما يلي:
ملتمساً قبول الطعن شكلاً وموضوعاً وفسخ الحكم واعادة الاوراق لمصدرها و/او اصدار الحكم المتفق والقانون مع الرسوم والمصاريف واتعاب المحاماة.
بتاريخ 20/6/2023 تبلغ وكيل المطعون ضدهما وصرح انه متقاعد.
بتاريخ 9/10/2024 قررت محكمة النقض تبليغ وكيل المحكوم عليها الثانية نسخة من الحكم المطعون فيه كونه قضى بجزء منه بالتضامن والتكافل وكذلك تبليغ المحكوم عليهما بالذات.
بتاريخ 31/10/2024 وفي 2/3/2025 تبلغ المطعون ضدهما نسخة عن لائحة الطعن ولم يتقدما بلائحة جوابية .
بتاريخ 24/10/2024 تبلغ وكيل المحكوم عليها الثانية لنسخة من الحكم المطعون فيه ولائحة الطعن ولم يتقدم بطعن مستقل.
بتاريخ 25/2/2024 تقدم وكيل الطاعنة بلائحة طعن معدلة وفق قرار محكمة النقض في 9/10/2024.
المحكمـــــــــــــــــــة
بعد التدقيق والمداولة ، ولورود الطعن في الميعاد القانوني واستيفاءه شروطه القانونية تقرر قبوله شكلاً.
وفي الموضوع وعلى ما انبأت عنه الاوراق التي تفيد بأن المطعون ضدهما أقاما الدعوى المدنية رقم 397/2020 لدى محكمة بداية الخليل ضد الطاعنة الاصلية والطاعنة المضمومة وذلك لمطالبتهما بدفع مبلغ (1566400) شيكل بدل تعويضات عمالية ناتجة عن حادث عمل (وفاة) وفق وقائع واسباب تلك الدعوى وبعد ان استكملت محكمة البداية اجراءاتها اصدرت الحكم بتاريخ 30/6/2022 وقضت بالزام المدعى عليهما بالتضامن والتكافل بدفع مبلغ (566540) شيكل والزام المدعى عليها الاولى فقط (صاحب العمل) بمبلغ (793156) شيكل منفرداً وعلى ان يتم توزيع المبلغ المحكوم به على المدعيان حسب حجة حصر الارث مع الزام المدعى عليهما بالرسوم والمصاريف و 700 دينار اتعاب محاماة.
لم ترتض الجهة الطاعنة من حكم محكمة أول درجة فتقدمت بالاستئناف المدني 938/2022 لدى محكمة استئناف الخليل التي وبعد ان استكملت الاجراءات وادخلت المدعى عليها الثانية بالاستئناف قضت برد الاستئناف موضوعاً وتأييد الحكم المستأنف مع الزام المستأنفة بالرسوم والمصاريف ومبلغ مائة دينار اتعاب محاماة.
لم ترتض المدعى عليها/الطاعنة من حكم محكمة الاستئناف فتقدمت بالطعن بالنقض الماثل حاملة اياه على الاسباب الملخصة في مقدمة هذا الحكم .
وعن اسباب الطعن ، وبخصوص السبب الثاني وحاصله تخطئة محكمة الاستئناف في عدم رد الدعوى لعدم دفع الرسوم القانونية عنها سنداً لنص المادة 4 من قانون العمل كون ان الاعفاء من الرسوم هو للعامل وليس لغيره.
وبالخصوص نجد ان المشرع قد نص في المادة 4 من قانون العمل رقم 7 لسنة 2000 على (يعفى العمال من الرسوم القضائية في الدعاوى العمالية التي يرفعونها نتيجة نزاع يتعلق بالأجور أو الإجازات أو بمكافآت نهاية الخدمة أو بالتعويضات عن إصابة العمل أو بفصل العامل فصلاً تعسفياً) .
ونصت المادة (120/1) من ذات القانون ( إذا أدت إصابة العمل إلى الوفاة أو نتج عنها عجز كلي دائم استحق الورثة في الحالة الأولى والمصاب في الحالة الثانية تعويضاً نقدياً يعادل أجر (3500) ثلاثة آلاف وخمسمائة يوم عمل أو 80% من الأجر الأساسي عن المدة المتبقية حتى بلوغه سن الستين أيهما أكثر)
وبالعودة الى الاوراق نجد ان الثابت وفاة العامل عيسى ابو عرام وان ورثته هما والده ووالدته /المدعيان وهما من أقام الدعوى الاساس للمطالبة بالتعويضات عن وفاة مورثهما من صاحب العمل والجهة المؤمنة على عمال صاحب العمل، وبالتالي هل تكون الدعوى معفاة من الرسوم القضائية طبقاً لنص المادة4 من قانون العمل ام ان الاعفاء هنا هو حصري للعامل فقط ولا ينسحب الى ورثته أو المستحقين؟
وللاجابة على هذا السؤال لا بد لنا من الوقوف على الهدف والغاية التي من أجلها شُرِع نص المادة الرابعة من قانون لعمل التي نصت وبشكل واضح على اعفاء العامل من الرسوم القضائية ولم تتضمن تلك المادة أي اشارة الى اعفاء المستحقون عن العمال حال ثبوت وفاتهم كالحالة قيد البحث في هذه الدعوى كما فعل المشرع المصري في المادة السادسة من قانون العمل رقم 12 لسنة 2003 والمشرع الاماراتي بالمادة 54 من قانون تنظيم علاقات العمل وتعديلاته، بداية نقول من الواضح ان المشرع العمالي وكأحد الامتيازات التي منحها للعامل وكتسهيل له في مطالبته القضائية ان اعفاه من الرسوم القضائية في الدعاوى التي يرفعها للمطالبة بحقوقه ومنها حقه في التعويض عن اصابة العمل وذلك مراعاة من المشرع لحالة العامل الاقتصادية وعوزه أو فقره في كثير من الاحيان واننا نجد ان الهدف والغاية تلك تمتد الى ورثته والمستحقين من بعده رغم عدم النص الصريح عليها كون الورثة هنا يأخذون حكم المصاب لوفاته لان الحاجة الى الاعفاء في جانبهم قد تكون اكثر الحاحاً لانهم لو لم يستفيدوا من ذلك الاعفاء لن يستطيعوا المطالبة بحقوق مورثهم، كيف لا والدعوى بالمطالبة بالتعويض عن وفاة مورثهم هي ناتجة بالأساس عن علاقة العمل ولان الاصابة التي أدت الى وفاة مورثهم هي إصابة عمل وفق مفهوم اصابة العمل المنصوص عليها بالمادة الاولى من قانون العمل .
ولا بد من الاشارة الى أن النص بوضعه الحالي بحاجة الى تدخل تشريعي للتعديل بحث يشمل الاعفاء من الرسوم القضائية المستحقون عن العمال ،ولما كانت محكمة الاستئناف قد قضت برد سبب الاستئناف المرتبط بهذه المسألة فيكون حكمها متفق واحكام القانون وما هو مستقر عليه في قضاء النقض ما يوجب رد هذا السبب.
وبالعودة الى السبب الاول وحاصله تخطئة محكمة الاستئناف في تطبيق القانون وتفسيره عندما الزمت الطاعنة شركة التأمين بدفع جزء من المبلغ بالتضامن والتكافل لانعدام هذه الصفة وفق احكام المادة 127/1 من قانون العمل وان شركة التأمين هي المسؤولة بالكامل .
وبالعودة الى احكام القانون نجد ان المشرع قد نص في المادة 116 من قانون العمل على وجوب ان يؤمن اصحاب العمل على عمالهم من اصابات العمل لدى الجهات المرخصة في فلسطين كما نصت المادة 127 من ذات القانون على ( 1- يلتزم صاحب العمل بالحقوق المقررة للعامل وفقاً لأحكام هذا الباب من القانون2- إذا اقتضت إصابة العمل مسؤولية طرف آخر خلاف صاحب العمل يحق للعامل المطالبة بحقوقه المترتبة على الإصابة من أي منهما) ولما ثبت ان صاحب العمل /الطاعنة كانت قد أمنّت على عمالها ومن ضمنهم المرحوم مورث المطعون ضدهما وكانت العلاقة بين صاحب العمل وشركة التأمين الطاعنة المضمومة قد توجت في عقد التأمين المبرز بالدعوى واشتمل ذلك العقد على أجر المرحوم فتكون حدود مسؤولية شركة التأمين /الطاعنة المضمومة محددة بموجب ذلك العقد إذ تكون مسؤولة عن التعويض مع صاحب العمل بحدود تلك المسؤولية وما زاد عن ذلك يتحمله صاحب العمل بصفته المسؤول الرئيسي عن حقوق العامل وفق صريح نص المادة 127 سالفة الذكر، وبالتالي يكون ما قضت به محكمة الاستئناف بالزام صاحب العمل وشركة التأمين/المؤمنة بالتضامن والتكافل بحدود عقد التأمين والزام صاحب العمل منفرداً بما زاد عن ذلك العقد جاء متفقاً والأوراق ونصوص قانون العمل المشار اليها استهلالاً ما يؤدي الى رد هذا السبب.
وعن السبب الثالث وتخطئة محكمة الاستئناف في حكمها بالتعويض على أساس المتبقي من عمر المرحوم وليس على قاعدة 3500 يوم عمل وانه لم تقدم بينة على الاعالة.
ولما كانت المادة 120 من قانون العمل جاءت واضحة العبارات والمعنى والدلالة في ان الورثة يستحقون تعويضاً نقدياً يعادل 3500 يوم عمل او 80% من الاجر الأساسي عن المدة المتبقية حتى بلوغ المرحوم سن الستين ايهما اكثر دون ربط ذلك بمسألة الاعالة من عدمه بوصف الورثة هنا يأخذون حكم العامل وقد استقر قضاء محكمة النقض بهيئتها العامة على ان الأصل بالاجر انه أساسي وان على صاحب العمل اثبات عكس ذلك الأساس المفترض ، حيث ان محكمة الاستئناف قد ايدت ما قضت به محكمة اول درجة من جهة الحساب على أساس المعادلة الأفضل والأكثر وهي المعادلة الثانية التي قوامها حساب عمر المرحوم وقت الحادث الى السن المحدد بالستين وكان المرحوم قد بلغ من العمر بتاريخ الحادث عشرون عاماً وثمانية أشهر وأربعة أيام فتكون محكمة الاستئناف بقضاءها تأييد محكمة اول درجة قد طبقت صحيح القانون ولم تخرج عن نص المادة 120 من قانون العمل كونها طبقت المعادلة الأكثر لمصلحة العامل والمستحقين للتعويض ما يجعل من هذا السبب واجب الرد.
وعن السبب الرابع وتخطئة الاستئناف في إصدارها للحكم على خلاف نص المادة 130 من قانون العمل ولعدم تقديم بينة على مقدار الاجر او متوسط الاجر لآخر ثلاثة اشهر واستنادها الى بينة فردية .
وبالعودة الى الأوراق نجد ان الطاعنة كانت قد تقدمت باخطار عن إصابة عمل (وفاة) لدى مكتب العمل المبرز بالدعوى والمتضمن ان اجر مورث المدعين اليومي هو 120 شيكل كما ان الشاهد المقدم من المدعين افاد كذلك بأن الاجر اليومي لا يقل عن 120 شيكل وقضت محكمة الدرجة الأولى بهذا الأجر عند حساب التعويض وأيدتها في ذلك محكمة الاستئناف فيكون ذلك خاضع بالأساس الى تقدير المحكمة بوصف ذلك من أمور الواقع الذي يخضع لتقديرها ابتداءً، اما قول الطاعنة ان البينة فردية فاننا نشير الى ان قانون البينات الساري لا يمنع الاستناد الى شهادة شاهد فرد، كما ان البينة الشفوية أيدت ببينة خطية هي عبارة عن تصريح و إقرار من الطاعنة بإخطار إصابة العمل المبرز بالدعوى، اما بخصوص المادة 130 من قانون العمل فإن هذا النص الذي جاء ليقرر (يحسب التعويض المستحق وفقاً لأحكام هذا الباب على أساس متوسط الاجر لآخر ثلاثة اشهر ) يقتضي تطبيقه عدم استقرار أجر العامل اليومي او الشهري حينها يصار الى اعمال متوسط اخر ثلاثة اشهر اما الحالة التي يكون الاجر ثابت ومتواتر فلا اثر لذلك على مقدار التعويض لمصلحة صاحب العمل لان الأجر ثابت ومتوسطه بأخر ثلاثة اشهر هو ذاته ما يجعل من تمسك الطاعنة بتطبيق المادة 130 من قانون العمل لا أثر له على الحكم المطعون فيه من حيث النتيجة ما يؤدي الى رد هذا السبب .
وعن السبب الخامس وتخطئة محكمة الاستئناف في الحكم للمطعون ضدهما عن فترة العجز المؤقت للمرحوم وكذلك الحكم عن الوفاة واعتبار ذلك حكم تعويض مرتين.
وبالخصوص نجد ان المشرع قد رتب الحق للمصاب بالحصول على تعويض بنسبة 75% من اجره اليومي اذا تعطل عن العمل وذلك من تاريخ الإصابة وطيلة عجزه المؤقت بما لا يتجاوز 180 يوم وفق صريح نص المادة 119 من قانون العمل ، كما رتب المشرع للمصاب أو لورثته حال وفاته تعويضاً آخر عن العجز الكلي او الجزئي الدائم وفق ما افصحت عنه المادة 120 من ذات القانون، وبالتالي قول الطاعنة بأن الحكم قضى بالتعويض مرتين مخالفاً لحكم القانون الذي رتب تعويضاً عن التعطل عن العمل وتعويضاً عن العجز بشكل عام ما يجعل من هذا السبب واجب الرد.
وعن السبب السادس وتخطئة المحكمة في وزن البينة وان الحكم واجب الفسخ من كافة الوجوه القانونية القضائية، فاننا نجد ان هذا السبب وعلى النحو الذي ورد فيه جاء عاماً يعتريه الجهالة وعدم الدقة او التحديد وبذلك هو مخالف لحكم المادة 228/4 من قانون أصول المحاكمات المدنية والتجارية من جهة كما ان وزن البينة يخضع وكأساس عام لمحكمة الموضوع ولا رقابة لمحكمة النقض على ما تصل اليه بخصوص واقع البينات طالما كان لا يخالف القانون وبالتالي أضحى هذا السبب واجب عدم القبول .
وعن السبب السابع والقول بخطأ المحكمة في الحكم باتعاب محاماة رغم أن الطاعنة اجابت على لائحة الدعوى بصورة واضحة ما اختصر بالإجراءات .
ولما كانت قيمة اتعاب المحاماة التي تقضي بها محكمة الموضوع تخضع وكأساس عام الى صلاحياتها التقديرية وفق ما نص عليه قانون أصول المحاكمات المدنية والتجارية وقانون المحامين النظاميين ووفق الجهد المبذول بالدعوى ولما كانت محكمة الاستئناف قد قضت على الطاعنة باتعاب محاماة تتناسب والجهد المبذول بالاستئناف كونها خسرت كافة بنود لائحة استئنافها فيكون الحكم اذ قصى باتعاب محاماة بقيمة مائة دينار اردني لا يخالف القانون أوالواقع ما يوجب رد هذا السبب
وعن السبب الثامن وتخطئة المحكمة في الإجابة على أسباب الاستئناف جملة واحدة دون توضيح وان رد المحكمة به ابهام.
وبالعودة الى الحكم المطعون فيه نجد بأن محكمة الاستئناف قد اجابت على أسباب الاستئناف بشكل مفصل وقد أفردت بالرد تفصيلاً لكل سبب مستقلاً وليس كما ورد في لائحة الطعن ما يجعل من هذا السبب مخالفاً للواقع ما يوجب رده.
لهذه الاسباب
تقرر المحكمة رد الطعن موضوعاً .
حكماً صدر تدقيقاً باسم الشعب العربي الفلسطيني بتاريخ 21/04/2025
الكاتــــــــــب الرئيـــــــس
س.ر
مربعنص