السنة
2018
الرقم
9
تاريخ الفصل
24 إبريل، 2018
المحكمة
محكمة استئناف رام الله
نوع التقاضي
استئناف حقوق
التصنيفات

النص

الحكـــــــــــــــم

الصــــــــــــادر عن محكمــــــــــــة استئنـــــــاف رام الله المـــــــأذونة بإجــــــــــــراء المحاكمــــــــــــة باسم الشعب العربي الفلسطيني.

الهيئة الــحاكمة: برئاسة السيد القاضي فواز عطية

وعضوية السيدين القاضيين عبد الحميد الايوبي ومأمون كلش

المستأنف في الاستئناف رقم 9/2018 وهو المستانف عليه في الاستئناف رقم 23/2018 سامي عيسى جبريل العدرة / الخليل  

                       وكيلاه المحاميان سهيل عاشور و/أو أماني أبو عرقوب / الخليل   

المستأنف عليها في الاستئناف9/2018 وهي المستانفة في الاستئناف رقم 23/2018 : مشروع الزكاة التأهيلي / لجنة زكاة نابلس ( مصنع الصفا للألبان ) بواسطة ممثلها القانوني

                          وكيلتها المحامية شروق هنداوي / نابلس

الوقائع والاجراءات

تقدم سامي العدرة بواسطة وكيليه بلائحة استئناف لقلم محكمتنا بتاريخ 03/01/2018  للطعن بالقرار الصادر عن محكمة بداية نابلس في الدعوى المدنية رقم 324/2010 تاريخ 26/12/2017 والقاضي بالحكم للمدعية في الادعاء الاصلي بمبلغ 5000 دولار امريكي مع الرسوم والمصاريف واتعاب محاماة بواقع 100 دينار اردني.

اذ تتخلص وقائع وأسباب الاستئناف رقم 9/2018 بان: -

                 

1.  محكمة الدرجة الاولى اخطأت في تسبيب قرارها بالاعتماد على التعويض المتفق عليه مسبقا مع العلم ان المستانفة اثبتت الضرر الذي لحق بها نتيجة فسخ العقد.

2.  اخطأت محكمة الدرجة الاولى بالقول ان التعويض الاتفاقي لا يجوز ان يتم الحكم باعلى منه واثبت الضرر.

3.  اخطأت محكمة الدرجة الاولى باقتصار التعويض على الشرط الجزائي دون مراعاة لشروط العقد الذي ينص على انه اذا اخل اي من الفريقين باي بند من البنود فانه يدفع للفريق الاخر 5000 دولار كتعويض فوري دون اعتراض.

وبالنتيجة التمس وكيلا المستانف في الاستئناف رقم 9/2018 قبوله شكلا ومن ثم موضوعا والغاء القرار المستانف و/ أو اتخاذ المقتضى القانوني مع الرسوم والمصاريف واتعاب المحاماة .

لم تتقدم المستانف عليها بلائحة جوابية في الاستئناف رقم 9/2018.

بتاريخ 08/1/2018 تقدمت المدعية في الادعاء الاصلي بلائحة استئناف أًصلي للطعن بالقرار المذكور سجل تحت رقم 23/2018 اذ تتلخص وقائعه بأن:-

1.  محكمة الدرجة الاولى اخطات في وزن البينات دون التطرق للبينة المقدمة من المدعية في الادعاء المتقابل.

2.  اخطات محكمة الدرجة الاولى بالاعتماد في حكمها على شهادة ما يسمى برئيس مجلس الحليب علما انه تم الاعتراض على شهادته ولوجود مصلحة له في الشهادة لاقامته دعوى بذات الموضوع مما جعلت شهادته منفعة له وللآخرين.

3.  اخطات محكمة الدرجة الاولى حينما تطرقت للشرط الجزائي علما ان ادعاء المدعية في الادعاء الاصلي بالضرر لم يتم اثباته وجاء قرارها مخالف لنظرية العقود والالتزامات .

وبالنتيجة التمس وكيل الجهة المدعية قبول الاستئناف الفرعي شكلا وموضوعا والحكم للمدعية بالمبالغ المطالب بها مع الرسوم والمصاريف واتعاب المحاماة.

لم تتقدم المستانف عليها بلائحة جوابية في الاستئناف رقم 9/2018.

بالمحاكمة الجارية بتاريخ  06/03/2018 في الاستئناف الأصلي  رقم  23/2018  تقرر قبول الاستئناف شكلا عملا باحكام المادة 217/2 من الاصول المدنية والتجارية وكررت وكيلة المستانفة لائحة الاستئناف فيما انكرتها وكيلة المتسانف عليها وتم ضم الاستئناف رقم 23/2018  للاستئناف رقم 9/2018.

بالمحاكمة الجارية بتاريخ 20/3/2018 في الاستئناف رقم9/2018 تقرر قبول الاستئناف شكلا وكرر الاطراف اللوائح وتبعا لذلك ترافع الاطراف وحجزت القضية لاصدار الحكم.

المحكمة

بالتدقيق وبعد المداولة، وبرجوعها لأسباب الاستئناف رقم 9/2018 والذي تنحصر وقائعه في واقعتين الأولى : تتمثل بخطأ محكمة الدرجة الأولى في وزن البينات، والثانية:  خطأ محكمة الدرجة الأولى في اصدار قرارها المستانف دون التثبت من الضرر مما خالفت نظرية العقود والالتزامات . اما فيما يتعلق بالاستئناف الفرعي والذي وقائعه تدور في فلك خطأ محكمة الدرجة الاولى بعدم الحكم له بكامل المبلغ المطالب به رغم اثبات الضرر .

إذ برجوع محكمتنا لواقع لائحة الدعوى وواقع اللائحة الجوابية والى لائحة الادعاء المتقابل والى البينات المقدمة في الملف المستانف والى الاسباب التي ادت لصدور القرار المستانف، نجد ان شركة مزارع الجنوب تقدمت بلائحة دعوى امام محكمة الدرجة الاولى سجلت تحت رقم 324/2010 بتاريخ 19/05/2010 للمطالبة بمبلغ 1055000 على اساس من القول ان الجهة المدعية تعهدت بتوريد للجهة المدعى عليها بموجب اتفاقية وقعت بين الجانبين بتاريخ 28/10/2009 الحليب البقري بكمية 3000 كغم يوميا بسعر 2.3 شيكل لكل كيلو حليب من تاريخ 25/10/2009 حتى 31/5/2010، وان المدعية التزمت بتوفير الكميات من الحليب المتفق عليه ، حيث تم توسيع المزرعة وشراء ابقار جديدة ونفذت التزاماتها دون تأثير، وانه بتاريخ 6/1/2010 قامت المدعى عليها دون سابق انذار او اشعار بفسخ الاتفاقية قبل نهاية مدتها ب 150 يوم ، مما تسبب للمدعية باضرار مادية تقدر ب 1035000 شيكل.

المدعى عليها في لائحتها الجوابية ابدت انه حسب الاتفاق فان المدعية هي التي اخلت بالتزامها لقيامها بتوريد الحليب بصورة مخالفة للمواصفات المطلوبة وان مجلس الحليب طلب من المدعية تغيير طعام الابقار وثبت بالفحص ان المدعية تقوم باطعام الابقار علف محمص مما يؤدي الى على عدم جودة الحليب وان المبالغ المطالب بها غير حقيقية ومخالفة لهامش الربح.

وبمقتضى لائحة الادعاء المتقابل طالبت لجنة مشروع الزكاة بتعويضات بمبلغ 815000 شيكل على اساس من القول ان الحليب لم يكن ضمن شروط المواصفات المتفق عليها وفق صريح لائحة الادعاء.

وبالرغم من انه تم الاتفاق فيما بين وكيلي النزاع بجلسة 27/10/2010 على تحديد نقاط الاتفاق والاختلاف ، الا انه بقرار صادر عن محكمتنا في الاستئنافين رقمي 338/2016 و 372/2016 تاريخ 6/12/2016 تم الغاء جميع الاجراءات في الملف المستانف للسير به من نقطة البداية بحيث تم فقط تكرار اللوائح واعتماد البينات المقدمة من طرفي النزاع، وبما ان البينة المقدمة من الجهة المدعية في الادعاء الاصلي عبارة عن شهادة كامل عوني مجاهد وحمزة جرادات بالاضافة الى المبرزات م/1 - م/3 وهي عبارة عن عقد التوريد الاتفاقية واخطار عدلي مع علم وخبر وتبليغ وصورة عن شهادة تسجيل الشركة وباطلاع كذلك محكمتنا على واقع البينة المقدمة من الجهة المدعى عليها في الادعاء الاصلي والتي اصبحت مدعية بادعاء متقابل، حيث تم سماع شهادة الشاهد سامي المعالي مدير وحدة الجودة في مصنع الصفا وكتاب موجه من الشاهد لمدير مصنع الصفا ميز بالحرف ك/1 بالاضافة لشهادة الشاهدين ايمن سلهب وإيهاب أغبر بموجب المبرز س/1 والمبرزين م ع /1 .

في هذا المقام يستدعي من محكمتنا الاشارة لحكم الشرط الجزائي في نظامنا القانوني ، بمقتضى قواعد احكام الالتزام ، حيث ان الشرط الجزائي هو اتفاق مسبق على تقدير التعويض الذي يستحق للدائن عند امتناع المدين عن تنفيذ التزامه او عندما يتأخر فيه، وعادة يأخذ صورة بند او شرط في الاتفاق او بمقتضى اتفاق لاحق ، لكن يجب ان يسبق هذا الاتفاق اللاحق وقوع الاخلال بالالتزام اي ان يكون سابقا على عدم التنفيذ او التاخر فيه.

وقد نصت القوانين المدنية المقارنه على الشرط الجزائي منها القانون المدني المصري واللبناني والسوري والاردني ( إلا ان جميعها اختلفت في كيفية تقدير التعويض، حيث نص المشرع المصري في المادة 224 على ان الشرط الجزائي في العقد متى تحقق يجعل الضرر واقعا في تقدير المتعاقدين، فلا يكلف الدائن بإثباته  وانما يقع على المدين عبء اثبات ان الضرر لم يقع او ان التعويض مبالغ فيه الى درجة كبيرة ، بينما نص القانون المدني الاردني في المادة 363 ، على ان يقدر الضمان بما يساوي الضرر الواقع فعلا حين وقوعه ويتم تقديره من المحكمة، كما وان المادة 364/1 من القانون المدني الاردني نصت على انه يجوز للمتعاقدين ان يحددا مقدما قيمة الضمان بالنص عليه في العقد او باتفاق لاحق مع مراعاة احكام القانون، ونصت الفقرة الثانية من المادة 364 على انه يجوز للمحكمة في جميع الاحوال بناء على طلب الطرفين ان تعدل في الاتفاق، مما يجعل التقدير مساويا للضرر ويقع باطلا على اتفاق يخالف ذلك، بمعنى ان الشرط الجزائي  يخضع للزيادة او النقصان حسب قيمة وحجم الضرر الواقع بخلاف القانونين المصري والسوري اللذين اجازا تخفيض قيمة الشرط الجزائي لكن دون زيادة.

وبالتالي في ظل الواقع القانوني المشار اليه اعلاه ، يتعين الوقوف على نظامنا القانوني فيما اذا اخذ او جارى القوانين المجاورة، حيث يلاحظ من واقع نصوص احكام المجلة في المواد 19 لا ضرر ولا ضرار، والمادة 20 الضرر يزال، والمادة 92 المباشر ضامن وان لم يتعمد، وبما ان العقد يرتب آثاره فان اي اخلال او عدم تنفيذ له يرتب القانون عليه التعويض بشرط اثبات وقوع الاخلال بالعقد بعدم تنفيذ الالتزام مع ضرورة اثبات الضرر، بما لا يتجاوز واقع حكم المادة 11 من المجلة باضافة الحادث الى اقرب اوقاته ، بمعنى ان كل دائن وقع عليه ضرر جراء عدم تنفيذ المدين لتعهده عليه اثبات امرين الاول اثبات عدم تنفيذ المدين لتعهده ، والثاني اثبات قيمة الضرر الواقع ، مما ينفي في نظامنا القانوني التمسك بالشرط الجزائي على اساس القواعد المذكورة اعلاه في المجلة، او على الدائن اثبات اخلال المدين بما تعهد به بحدوث الخطأ (الضرر) حيث يتعين اثباتهما معاً ليصار الى التعويض.

وبالعودة الى واقع البينة المقدمة في الملف المستانف، نجد ان المبرز م/1 والذي يتعلق بعقد الموحد لتوريد حليب بقري طازج منظم ووقع من طرفي النزاع ، إذ ورد في البند الرابع منه حول مواصفات الحليب، هذه المواصفات تمثلت 1- بالتركيب الكيميائي الطبيعي والاعتيادي لمكونات الحليب ، 2- وان يكون خاليا من الجراثيم المرضية كالحمى المالطية والسل .... ،3- وان تكون خواصه الفيزيائية كالطعم واللون والرائحة والقوام طبيعية، 4- والا يحتوي على اكثر من العدد المسموح به من الجراثيم غير المرضية التي تسبب اتلاف الحليب، 5- والا يكون مغشوشا كاضافة الماء او المواد الحافظة، 6- والا يكون معرضا لاية معالجات تسبب تغييرا في خواصه ، بحيث تفقد من قيمته الغذائية، 7- وان يكون خاليا من الشوائب ونظيفا وان يتم تبريده فور حلبه ما بين 3-5 درجات ، اما البند العاشر من المبرز م/1 فقد اشار بصورة واضحة انه في حالة الاختلاف عن النتائح او الفحوصات للحليب فانه لا صلاحية لمختبرات الفريق الاول او الثاني للبت في مطابقة المواصفات  الفنية، وان مجلس الحليب الفلسطيني صاحب الصلاحية بالتوجه لاي مختبر او اي جهة لتكون جهة الفصل في ذلك دونما اعتراض من الفريقين، ولما كان الشاهد كامل عوني مجاهد قد ادى شهادته امام محكمة الدرجة الاولى بجلسة 26/1/2011 ، حيث اكد على انه عضو في هيئة مجلس الحليب وورد في استجوابه ومناقشته بانه لا خلل او مشكلة في الحليب المنتج من مزرعة الجهة  المدعية ، مما يتعين ان تدعم اقواله ببينة فنية من مختبرات تؤكد صحة اقواله بل لتعزز الشرط الوارد في البند العاشر من الاتفاقية المبرز م/1، الامر الذي لا يمكن قانونا الاعتماد على تلك الشهادة ، حيث كان على الجهة المدعية بالادعاء المتقابل ان تلتزم بشروط الاتفاقية المبرز م/1 من حيث احضار بينة فنية تثبت حيثيات المشاكل والخلل في الحليب من حيث نسبة الحموضة ونسبة الدسم بمقتضى فحص مخبري صادر عن مجلس الحليب او اي جهة مخبرية اخرى غير طرفي النزاع تطبيقا للشرط الوارد في البند 10 من المبرز م/1 .

وبالتالي لا يمكن الاعتماد على شهادة كل من  كامل مجاهد دون بينة فنية تثبت صحة شهادته وكما لا يمكن الاعتماد على شهادة سامي معالي وكتبه الموجهة لممثل الجهة المدعية في الادعاء المتقابل على اساس ان مختبرات الجهة المدعية بالادعاء المتقابل غير معتمدة.

وعليه فسخ الاتفاق والادعاء بالمطالبة بالتعويضات من كلا الطرفين وبالنظر لما ورد في لوائح الدعوى الاصلية واللائحة الجوابية ولائحة الادعاء المتقابل واللائحة الجوابية عليه والادعاء المضاد حيث فسخ الاتفاقية محل المبرز م/1 وتصوير المشهد بان كل جهة صاحبة الحق، لا يستقيم الرد عليهم لعدم وجود بينة فنية مخبرية من جهة محايدة اما لإثبات صحة الحليب وانتاجه ضمن المواصفات ، او عدم صحة الحليب وانتاجه خارج شروط المواصفات الوارد ذكرها في البند الرابع من المبرز م/1.

وبما ان الواقع المشار اليه اعلاه اخفق من جانبي طرفي النزاع اثبات صحة الادعاء لكل طرف، فلا يجوز لمحكمة الدرجة الاولى الحكم بواقع الشرط الجزائي الذي لا ياخذ به نظامنا القانوني حتى ولو فسخت الاتفاقية من جانب الجهة المدعى عليها في الادعاء الاصلي ، حيث يجب وفق سياق الشرح المذكور اعلاه اثبات الخلل او صحة مواصفات الحليب ( أي اثبات الضرر وقيمته ).

ورغم ان واقعة فسخ الاتفاقية من جانب المدعى عليها في الادعاء المتقابل قد تحقق وثبت، فانه واستنادا للوائح الدعوى ، فان المدعية بالادعاء الاصلي طالبت بمجموع تعويضات عن ضرر تدور في فلك الكسب الفائت وشتان بين قيمة الضرر والكسب الفائت ، لان بنيان الدعوى يقوم على سبب الضرر والضرر يجب اثباته وفق الاصول المذكورة اعلاه ليصار الى التعويض ، اما مسألة الكسب الفائت فهو امر غير مطالب به بلائحة الدعوى وانما حدد الضرر بقيمة الكست الفائت الامر الذي يجعل من الادعاء الاصلي خال من الدليل، مما يتعين رده كذلك.

لذلك وحيث ان في بعض اسباب الاستئناف الاصلي مايؤدي لقبوله موضوعا مما  يتعين عدم قبول الدعوى المدنية رقم 327/2009 لعدم الاثبات وبالتالي عدم قبول الاستئناف الفرعي.

لكل ما ذكر اعلاه

واستنادا لما تم تفصيله وتبيانه اعلاه، تقرر محكمتنا وعملا باحكام المادة 223/1 من الاصول المدنية والتجارية قبول الاستئناف الاصلي رقم 23/2018  والحكم بعدم قبول الدعوى المدنية رقم 324/2010 لعدم الاثبات وبذات الوقت عدم قبول الاستئناف رقم 9/2018 للاسباب التي ذكرت اعلاه، وعلى ان يتحمل كل طرف الرسوم والمصاريف واتعاب المحاماة الذي تكبدها.

 

حكما حضوريا صدر وتلي علنا بحضور الأطراف قابلا للطعن بالنقض  وافهم في 24/04/2018     

   الكاتب                                                                            رئيس الهيئة

 

 

        نور البرغوثي                                                             القاضي فواز عطية