السنة
2020
الرقم
185
تاريخ الفصل
17 يناير، 2021
المحكمة
محكمة النقض
نوع التقاضي
طعون حقوقية
التصنيفات

النص

دولة فلسطين

السلطة القضائية

محكمة النقض

الحكـــــم

الصادر عن محكمة النقض المنعقدة في رام الله المأذونة بإجراء المحاكمة وإصدار الحكم بإسم الشعب العربي الفلسطيني

الهيئة الحاكمة: برئاسة القاضي السيد محمد مسلم

وعضوية القضاة السادة: د. رشا حماد، محمود الجبشة، كمال جبر، هدى مرعي

 

الطاعنة: شركه فلسطين للتامين /البيرة

   وكيلها المحامي: اسحق ابو عوض / رام الله

المطعون ضده: ساهر عبده عفيف شحادة    

        وكيله المحامية: سماح عبده / نابلس  

الاجراءات

تقدمت الطاعنة بواسطة وكيلها بهذا الطعن بتاريخ 2/2/2020 لنقض الحكم الصادر عن محكمة استئناف رام الله بتاريخ 31/12/2019 في الاستئنافين الموحدين رقم (184 و204/2019) والقاضي بقبول الاستئناف موضوعا وتعديل الحكم المستأنف والحكم بإلزام المدعى عليها بدفع مبلغ وقدره (240820) شيكل ومبلغ (870) دينار للمدعي وتضمين المدعى عليها الرسوم والمصاريف و(300) دينار أتعاب محاماة.

تتلخص أسباب الطعن بما يلي:

  1. أخطأت محكمة الاستئناف باعتمادها دخل المدعي الشهري دون بينة تثبت ذلك وجاء حكمها بهذا الخصوص متناقضا وكان عليها ان تحتسب الدخل على حساب الحد الأدنى للأجور كما لم تبين المحكمة سبب اعتمادها على ما جاء في النشرة الثانية لدائرة الإحصاء ولم تأخذ ما جاء في النشرة الأولى.
  2. أخطأت محكمة الاستئناف في احتساب بدل فقدان الدخل المستقبلي للمطعون ضده بناء على نسبة العجز الممنوحة له من قبل اللجنة الطبية العليا علما ان إحالة المصاب اليها كان بطلب الجهة الطاعنة ولم يكن بطلب المطعون ضده كما لم تطلب الطاعنة ابراز التقرير كبينة لها في الدعوى وكان على المحكمة ان تحتسب نسبة العجز حسب تقرير اللجنة الطبية المحلية وذلك انسجاما مع قاعدة لا يضار الطاعنة بطعنه.
  3. أخطات محكمة الاستئناف في الحكم للمطعون ضده ببدل مصاريف طبية دون ان يثبت المدعي تعلق تلك المصاريف بالإصابة.
  4. أخطأت محكمة الاستئناف بالحكم للمطعون ضده بمبلغ (300) دينار اتعاب محاماة حيث انه يفوق الاتعاب المفترضة للجهد المبذول من قبل وكيل الجهة المطعون ضدها ويفوق المعدل المتعارف عليه للأتعاب.

وطلبت قبول الطعن شكلا وموضوعا وإلغاء الحكم الطعين وتعديل الحكم المطعون فيه أورد الدعوى وتضمين المطعون ضده الرسوم والمصاريف وأتعاب المحاماة.

تبلغ المطعون ضده لائحة الطعن بواسطة وكيلته ولم تتقدم بلائحة جوابية.

 

المحكمة

بالتدقيق والمداولة تجد ان الطعن مقدم ضمن المدة القانونية لذلك نقرر قبوله شكلا.

وفي الموضوع وبخصوص السبب الأول من أسباب الطعن وحاصله القول بخطأ المحكمة في اعتمادها دخل المطعون ضده بما توصلت اليه في حكمها كما ان حكمها بهذا الخصوص جاء متناقضا ومخالفا للقانون.

وباطلاعنا على سائر الأوراق المتصلة بسبب الطعن هذا وفي حدود صلاحية هذه المحكمة واختصاصها بمراقبتها لقضاء محكمة الاستئناف بوصفها محكمة موضوع بأمر موضوعي وتطبيق صحيح القانون عليه.

نجد ان المطعون ضده المدعي في الدعوى الأساس كان قد ادعى في أسباب دعواه الواقعية انه يعمل سائق سيارة عمومي تعود ملكية جسمها له وان لوحة تسجيلها مستأجرة من شخص اخر وان دخله الشهري لا يقل عن أربعة الاف شيكل الامر الذي انكرته الجهة المدعى عليها (الطاعنة) وادعت ان دخله اقل من ذلك.

وفي سبيل اثبات هذا الادعاء قدم الشاهد حسن نظمي حسين محمد حج والذي افاد في شهادته ان المدعي يعمل سائق على سيارة تعود له وانه يستأجر الرقم من شخص اخر وتقدمت الجهة المدعى عليها بيناتها لدحض ادعاء المدعي وهي عبارة عن شهادة الشاهد محمود عبد الله نوري الذي جاء في شهادته " وان بيرمت السيارة التي يعمل عليها المدعي باسم زكريا صبيح والمدعي بإفادته عند الشركة صرح بانه سائق بالأجرة" كما ابرزت الطاعنة المدعى عليها افادة المصاب ورخصة المركبة التي ورد بها ان مالك المركبة هو زكريا صبح وكذلك جاءت وثيقة التأمين باسم المؤمن (زكريا صبح) وقد توصلت محكمة اول درجة في قضاءها بهذا الخصوص ان المدعي يعمل سائق ولم يقدم بينة مؤكدة لمقدار دخله الشهري وبالتالي اعتمد متوسط الدخل العام للعاملين في الحقل الاقتصادي الذي يعمل به المدعي ولما لم يقبل هذا الأخير بما توصلت اليه محكمة اول درجة بهذا الخصوص طعن بحكمها بموجب الاستئناف رقم 184/2019 وضمن لائحة استئنافه ان ما توصلت اليه محكمة الدرجة الأولى مخالف للبينة المقدمة وتمسك بأن المصاب مالك للمركبة التي وقع بها الحادث وبعطف النظر على قضاء المحكمة مصدرة الحكم الطعين عند معالجتها لهذا السبب والرد عليه نجد انها أوردت فيه ما جاء على لسان شاهد المدعي حسن حج وما ورد على لسان الشاهد محمود نوري مقتبسة من شهادته ان دخل المدعي يتراوح ما بين (200) الى (250) شيكل يوميا علما ان هذا الذي سطرته لا اصل ثابت له في أوراق الدعوى كونه لم يرد على لسان هذا الشاهد ثم اردفت بالقول " محكمة الدرجة الأولى استندت الى معطيات الجهاز المركزي للإحصاء لتحديد متوسط الدخل العام في تاريخ حصول الحادث وثبت ان الاجر المتوسط للعاملين بقطاع النقل عام (2015) هو (96.2) وثبت ان المدعي يعمل (26) يوم وبالتالي الاجر (2501) شيكل المحكمة تجد ان قانون التأمين قد حدد اليه الوصول الى مقدار الدخل في احتساب بدل فقدان الدخل المستقبلي وفق ما أنبأت عنه احكام المادة (155) .... وبالرجوع الى اخر نشرة صادرة عن الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني ولمعدل الأجور في الحقل الاقتصادي الذي ينتمي اليه المصاب (سائق تكسي) وقت وقوع الحادث في عام (2015) والمنشوره على موقع الجهاز المركزي في الشبكة الالكترونية تبين ان مقدار الاجر اليومي بقيمة 113.9×23.6=2688.4×2=5316.8 شيكل معدل مثلي الأجور الامر الذي لم يلتفت اليه قاضي محكمة الدرجة الأولى في الية الاحتساب للوصول الى مثلي معدل الأجور.... وعليه يغدو الحكم المستأنف واجب التعديل من هذه الناحية واعتماد الاجر بقيمة (4000) شيكل"

وبإنزال حكم القانون على هذا الذي سطرته المحكمة مصدرة الحكم الطعين وما حملت قضاءها عليه نقول ان المادة (155) من قانون التأمين والتي نصت على " عند احتساب التعويض عن فقدان الكسب وفقدان المقدرة على الكسب لا يؤخذ في الاعتبار الدخل الذي يزيد على مثلي معدل الأجور في الحقل الاقتصادي الذي ينتمي اليه المصاب وفقا لآخر نشرة يصدرها الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني". 

ونبدي هنا ان ما قصده الشارع من النص ليس تحديد اّلية الوصول الى مقدار الدخل كما ذهبت الى ذلك المحكمة مصدرة الحكم الطعين انما الغاية وضع حد اعلى لمقدار الدخل عند ادعاء المدعي بدخل يفوق مثلي متوسط الدخل في الحقل الاقتصادي الذي ينتمي اليه وعليه فاذا ما ثبت للمحكمة دخل المدعي باقل بذلك عليها ان تعتمده كأساس للتعويض دون ان تزيد مقداره الى مثلي متوسط الدخل في ذات الحقل الاقتصادي علما ان هذا الذي تناولته المحكمة لم يكن محل طعن في سبب الاستئناف المقدم اليها والقائم على تخطئة محكمة اول درجة بوصولها الى حقيقة مفادها ان المدعي كان يعمل سائق تكسي عند اصابته مدعيه ان البينة اثبتت انه مالك للمركبة التي وقع بها الحادث الامر الذي كان يتوجب على محكمة اول درجة من وجهة نظر المستأنف ان تحتسب دخله على أساس ذلك الا ان محكمة الاستئناف ذهلت عن الالمام بما رمى اليه المستأنف ولم تعالج البينات للوصول الى النتيجة التي تقتنع بها من تلك البينات ثم تطبق حكم المادة (155) سالفة الإشارة جانبت الصواب وفسرته على خلاف مفهوم منطوقه.

نخلص مما اوردناه الى القول ان ذهول المحكمة مصدرة الحكم الطعين بوصفها محكمة طعن عن صلاحياتها واختصاصها: مراقبة قضاء محكمة اول درجة من ناحية الموضوع ومن جهة القانون أيضا عن حقيقة سبب الاستئناف المقدم اليها وجوهر مراد مقدمة منه وعدم معالجته وفق ما حمل عليه يعد من قبيل العيب الذي يعيب الحكم ويجرحه الامر الذي يكون معه سبب الطعن هذا واردا على الحكم الطعين مما يتعين قبوله.

وبخصوص السبب الثاني من أسباب الطعن والقول ان ما قضت به المحكمة مصدرة الحكم الطعين يعد من قبيل الاضرار بالطاعن بطعنه عندما اخذت بما جاء في تقرير اللجنة الطبية العليا من ناحية نسبة العجز ومدة التعطيل الواردة به.

وبمراجعتنا للأوراق فيما يتعلق بسبب الطعن نجد ان المصاب المدعي في الدعوى الأساس كان قد احتصل على تقرير طبي من اللجنة الطبية المحلية تقرر بموجبه ان نسبة العجز المتحصلة لديه جراء الحادث 15% وان مدة التعطيل اللازمة في مثل حالته ثلاثة أشهر وحكمت للمصاب وفق ما جاء فيه وعند طعن الجهة المدعى عليها (الطاعنة) بما جاء بحكم محكمة اول درجة امام محكمة الاستئناف مصدرة الحكم الطعين بما يتصل بجزئية الحكم هذه واثناء إجراءات الخصومة طلبت إحالة المصاب الى اللجنة الطبية العليا التي عاينت المصاب ومنحته عجزاً قدرته بــ 28% وقررت ان مدة العطلة اللازمة لمثل حالته ثمانية اشهر علما ان المدعي المصاب لم يكن قد تظلم بما قرر له من نسبة عجز ومدة استراحة بموجب التقرير الصادر عن اللجنة الطبية المحلية وعارض طلب المستأنفة (الطاعنة) بعرضه على اللجنة الطبية العليا إزاء هذا الواقع الجديد اخذت المحكمة مصدرة الحكم الطعين بنسبة العجز ومدة التعطيل الواردة في تقرير اللجنة الطبية العليا مما زاد مقدار التعويض المستحق له وفق هذا الواقع الجديد الثابت امامها.

وبالعودة الى سبب الطعن وما حمل عليه وإنزال حكم القانون على ما قضت به المحكمة مصدرة الحكم الطعين بهذا الخصوص نقول ان مبدأ عدم جواز ان يضار الطاعن بطعنه استقر قضاء هذه المحكمة على وجوب مراعاته والاخذ به كأحد ضمانات المتظلم من الحكم باستعمال حقه بالطعن به ومن مقتضياته في حال عدم وجاهه أسباب طعنه ان يبقى على ذات الحال التي كان عليها عند اصدار الحكم الأول بحقه طالما ان خصمه لم يضمن لائحة طعنه او استئنافه عيبا الى الحكم الطعين من ذات الجهة ولا يجوز للمحكمة المرفوع اليها الطعن ان تسوء مركز الطاعن حتى في حال وجود وقائع جديدة في الدعوى من شأنها ان تؤدي الى ذلك وعليه ولما كان المصاب لم يطعن بما قرر له من نسبة عجز ومدة تعطيل بموجب التقرير الطبي الصادر عن اللجنة الطبية المحلية وطعن بذلك من قبل الجهة المحكوم عليها وتبين بعد ذلك ان المصاب يستحق نسبة عجز اعلى ومدة عطل أطول من تلك الواردة في التقرير الأول فليس للمحكمة المرفوع اليها الطعن أن تأخذ بالوقائع الجديدة التي تسيء الى مركز الطاعن بما يفيد ان طعنه سبب الاضرار به وبمركزه القانوني مما يشكل خرقاً لمبدأ عام مقرر ومستقر عليه عدم جواز الاضرار بالطاعن بسبب طعنه ولما كان الامر كذلك فان سبب الطعن يرد على الحكم الطعين ويجرحه أيضا من هذه الناحية.

وبالنسبة للسبب الثالث من أسباب الطعن والقول بخطأ المحكمة بالحكم للمدعي المصاب ببدل المصاريف الطبية دون اثبات صلتها بالحادث وفي هذا نجد ان المحكمة توصلت وفق البينات المقدمة في الدعوى ثبوت وقوع حادث الطرق واصابة المدعي جراءه وحاجته للعلاج ولما كان هذا الظاهر الثابت يستلزم علاجا فلا يقع على عاتق المدعي اثبات ان تلك العلاجات تتصل بالإصابة سبب الحادث بل على مدعي خلاف الظاهر ان يقيم الدليل على دفعه وعليه فان سبب الطعن لا سند قانوني يحمله مما يتعين رده.

وبالنسبة للسبب الرابع من أسباب الطعن وحاصله القول ان اتعاب المحاماة التي حكمت بها المحكمة مصدرة الحكم الطعين تفوق المعدل الذي اعتادت المحاكم ان تحكم به ولا يتناسب والجهد المبذول في الدعوى.

وبعطف النظر على ما اوردناه في أسباب الطعن السابقة التي تم قبولها والاثر المترتب عليها بنقض الحكم الطعين برمته بما فيها جزئية الحكم للمطعون ضده (المصاب) ببدل أتعاب المحاماة.

نشير الى ان اتعاب المحاماة يحكم بها من قبل المحكمة التي تفصل في النزاع لصالح الفريق الذي يربح دعواه وان امر تقدير تلك الاتعاب يعود لسلطان المحكمة الصادر عنها الحكم النهائي ما دام كان ما تقرره لم يشذ عن المستوى التي تواترت المحاكم على تقديره علما ان سبب الطعن هذا لم يعد ذو جدوى على ضوء ما قررناه من قبول أسباب الطعن السابقة.

 

لذلك

ولما تم بيانه تقرر قبول الطعن موضوعا ونقض الحكم الطعين وإعادة الدعوى الى مرجعها لإصدار حكم بها وفق هذا الذي بيناه على ان تنظر من هيئة غير تلك التي أصدرت الحكم الطعين وعلى ان تعود الرسوم والمصاريف وأتعاب المحاماة على الفريق الخاسر بالنتيجة.

 

حكما صدر تدقيقا باسم الشعب العربي الفلسطيني بتاريخ 17/1/2021.