دولـــــة فــــلســــــطين
السلطــــة القضائيـــة
المحكمة العليا / محكمــة النقض
"الحكـــــــم"
الصادر عن المحكمة العليا / محكمة النقض المنعقدة في رام الله المأذونة بإجراء المحاكمة وإصداره
بإسم الشعب العربي الفلسطيني
الهـيئـــــــــة الحـاكـمــــــــة بـرئاســـــــة القاضــــــي السيــــــد عدنان الشعيبي
وعضويـة القضـاة السادة: بسام حجاوي ، فواز عطية ، ومـأمون كلش و ثائر العمري
الطــــاعــــن: أحمد محمد حسن سباعنة/ جنين
وكيلاه المحاميان موسى قدورة و/أو علاء فريحات/ جنين
المطعـــون ضده: عصام وليد قاسم سباعنة/ جنين
وكيلته المحامية فادية زكارنة/ جنين
الإجــــــــــــــراءات
تقدم الطاعن بهذا الطعن بتاريخ 3/11/2022، لنقض الحكم الصادر بتاريخ 26/9/2022 عن محكمة استئناف نابلس في الاستئناف المدني رقم 416/2022 القاضي:" برد الاستئناف موضوعا، وتأييد الحكم المستأنف، وتضمين المستأنف الرسوم والمصاريف و50 دينارا أردنيا أتعاب محاماة".
المحكمـــــــة
بالتدقيق وبعد المداولة، ولما كان الطعن مقدما ضمن الميعاد مستوفياً لشرائطه الشكلية، تقرر قبوله شكلا.
وفي الموضوع، وعلى ما أنبأ عنه الحكم الطعين وسائر الأوراق المتصلة به، تقدم المدعي "الطاعن" ضد المدعى عليه "المطعون ضده" بالدعوى المدنية رقم 387/2017 امام محكمة بداية جنين، موضوعها المطالبة بتعويضات ناجمة عن إصابة عمل بمبلغ 369200 شيقل، على سند من القول بأن المدعي عمل لدى المدعى عليه تحت اشرافه وادارته، كعامل على الدسك والكحلة لحجر بيت المدعو خالد الرؤوف في بلدة قباطية، وبأجرة يومية مقدارها 100 شيقل، وأنه بتاريخ 26/12/2015 تعرض المدعي لإصابة عمل نتج عنها إصابة في عينه، نقل على اثرها الى مركز الطوارئ الخاص بالطبيب مطيع الأسير، حيث تبين انه تعرض لإصابة بالغة في عينه ورد وصفها في البند الثاني من صحيفة الدعوى، واحتصل المدعي بموجب التقرير الطبي الصادر عن اللجنة المحلية على نسبة عجز بلغت 10% .
في حين تقدم المدعى عليه بلائحة جوابية، جاء فيها أن الدعوى واجبة الرد لعدم صحة الخصومة كون المدعي يعمل بوظيفة عمومية، وبنتيجة المحاكمة قضت المحكمة بتاريخ 23/2/2022:" برد دعوى المدعي لعدم الاثبات، مع تضمينه الرسوم والمصاريف و100 دينار أردني أتعاب محاماة".
لم يرتضِ المدعي بحكم محكمة الدرجة الأولى، فبادر للطعن فيه استئنافا امام محكمة استئناف نابلس بموجب الاستئناف المدني رقم 416/2022، وبنتيجة المحاكمة قضت بتاريخ 26/9/2022:" برد الاستئناف موضوعا وتأييد الحكم المستأنف...".
لم يلقَ حكم محكمة الاستئناف قبولا من المدعي، فبادر للطعن فيه بالنقض الماثل للأسباب الواردة فيه، ولتبلغ المطعون ضده أصولا تقدم بلائحة جوابية التمس من خلالها رد الطعن موضوعا مع الرسوم والمصاريف وأتعاب المحاماة.
وعن أسباب الطعن، ولما كانت جميعها تنصب على تخطئة محكمة الاستئناف في تطبيق حكم المادة 1 من قانون العمل على وقائع الدعوى الماثلة ، من حيث تعريف العامل ومن حيث تعريف إصابة العمل، وتخطئتها في وزن البينات، باعتبار البينة أثبتت ان المدعي تعرض لإصابة العمل وأثبتت كذلك العلاقة بين طرفي الدعوى ، من حيث توفر الاشراف والتبعية بين المدعي والمدعى عليه، ما يكون حكمها قد خالف حكم القانون، فضلاً عن انه كان على محكمة الموضوع فتح باب المرافعة لتقدير دخل المدعي.
في ذلك نرى، ولما كانت وقائع الدعوى تشير إلى أن المدعي كان يعمل لدى المدعى عليه فيما أوكل إليه وفق الوصف الوارد في البند الأول من صحيفة الدعوى ، ما يوجب على المدعي اثبات تلك العلاقة أي اثبات عناصر عقد العمل، ومن ثم اثبات وقوع الإصابة بسبب عمله لدى المدعى عليه في المشروع الذي ذكره، ليصار إلى ربط البينة إن توفرت بوقائع الدعوى.
وفي ذلك نجد ان محكمة الاستئناف اذ قضت بتأييد حكم محكمة الدرجة الأولى ، حملته على القول:" ...بالرجوع إلى تعريف حادث العمل الوارد في حكم المادة 1 من قانون العمل وهو الحادث الذي يقع للعامل أثناء العمل أو بسببه أو أثناء ذهابه لمباشرة عمله أو عودته منه...وبالرجوع إلى البينات المقدمة من المدعي، جاءت جوفاء وخالية من الدليل على وقائع لائحة الدعوى، وحيث أن أي من الشهود لم يشاهد المكان الذي وقعت فيه الإصابة، ولم يشر أي منهم بأن المدعي أصيب أثناء عمله ولم يشاهد أي منهم كيف وقع الحادث وهل وقع بسبب العمل أو أثناء الذهاب أو العودة من العمل، وانما قدم المدعي بينة مؤلفة من الشاهدين أحمد أبو الرب وخالد كميل، وبما أن الشاهد الأول قال بأنه لم يشاهد الحادث وأن المدعي قال له أنه ضرب بالديسك أثناء عمله وطلب مني الاتصال بأهله ولم اشاهد الحادث....، فيما الشاهد الثاني لم يشر إلى الإصابة بالمطلق...أما بالنسبة للبينة الخطية المتمثلة بسندات القبض والتقارير الطبية لم تتضمن من أي طبيب عيون حول إصابة المدعي وسبب الإصابة، وانما تضمنت قبض مبالغ مالية قيمة اجراء تقطيب لعين المدعي، وبالنسبة لتقرير اللجنة الطبية المحلية لم يتضمن بأن الإصابة كانت بسبب العمل، وانما جاء فيه أن المدعي أصيب بعينه حسب ادعائه... وجاءت تلك البينة قاصرة عن الاثبات، ولم تعزز صحة واساس ادعاء المدعي...".
وإزاء هذا الذي سطره الحكم الطعين، وبالرجوع مرة أخرى إلى أقوال الشاهد احمد أبو الرب، نجد أنه في معرض شهادته أثناء استجوابه ، أكد على أن المدعي يعمل لدى المدعى عليه ، كما وأكد على أنه يعرف بموضوع الحادث الذي حصل مع المدعي لأنه كان قريبا منه، وأن بينهم شارع إذ حضر المدعي وكانت عينه مضروبة من الديسك وطلب مني الاتصال بأهله، ولكن لم يشاهد الحادث... ومن خلال مناقشته أكد على أن المدعى عليه موظف في السلطة ، وهو كحيل حجر وأن المدعى عليه لم يكن موجودا وقت وقوع الحادث... وأكد على أن المدعي يعمل لدى المدعى عليه ، لكن وجود العامل دون الكحيل لا فائدة من ذلك وأنه لا يعرف بطبيعة العلاقة بين المدعي والمدعى عليه بتفاصيلها ، وأنه لا يعرف إن كان المدعي يعمل لدى المدعى عليه بشكل مستمر أم لا ...
بينما الشاهد خالد كميل، أكد على الصفحة 11 من الضبط بأنه يعرف أطراف الدعوى، وأنه صاحب البيت قيد الانشاء في بلدة قباطية ، وأنه تعاقد مع المدعى عليه لغايات كحلة البيت كونه زميل له في العمل، وأن المدعى عليه لديه عمال ومن ضمنهم المدعي ، وكنت اعطي الأجرة للمدعى عليه وأخذ البيت مقاولة ولا يعرف كم كان يعطي المدعي أجرته...
ولما كان المستفاد من شهادة الشاهدين الأول والثاني، ثبوت واقعة أن المدعي كان يعمل عاملا لدى المدعى عليه، كما و ثبت من خلال أقوال الشاهد الأول وقوع إصابة العمل وإن لم يشاهدها، لكن المسافة التي تبعد عمل المدعي عن الشاهد ، تجعل من واقعة اللجوء إليه في سبيل نجدته والاتصال بأهله بسبب إصابته أمرا ليس مفبركا، لاسيما وأن الشاهد الأول أكد على أنه قام بلم العدة من موقع العمل بعد الاصابة، فجميع تلك الوقائع تعتبر قرينة قضائية يمكن لقاضي الموضوع استنباطها من خلال ظروف الدعوى ، لتؤكد وقوع إصابة المدعي أثناء العمل في ورشة الشاهد الثاني، فضلا عن ذلك تأكيد الشاهد الثاني لتعاقده مع المدعى عليه وأن المدعي من ضمن عماله، يجعل من النتيجة التي توصلت إليها محكمتا الموضوع غير سائغة لما شابهها فساد في الاستدلال، كونها انطوت على عيب مس سلامة الاستنباط، إذ تحقق ذلك العيب نتيجة ما استندت إليه المحكمتان في تعزيز قناعتهما بأدلة غير صالحة من الناحية الموضوعية للاقتناع بها، الامر الذي أوصلها إلى فهم خاطئ للعناصر الواقعية التى تثبت وفق السياق الذي اشرنا إليه أعلاه علاقة المدعي بالمدعى عليه تقوم على عقد العمل ووقوع الإصابة أثناء العمل، في ظل عدم تمكن بينة المدعى عليه من دحض بينة المدعي، الامر الذي تغدو معه أسباب الطعن واردة وتنال من الحكم الطعين.
لهــــــــذه الأسبـــــــــاب
نقرر قبول الطعن موضوعا، ونقض الحكم الطعين، وإعادة الأوراق لمصدرها لإصدار حكم أصولي تأسيساً على ما تم بيانه ، وعلى أن تتحقق المحكمة من دخل المدعي ضمن القواعد القانونية التي حددها قانون البينات، وعلى أن تنظر من قبل هيئة مغايرة، وبالنتيجة تضمين الفريق الخاسر الرسوم والمصاريف وأتعاب المحاماة.
حكماً صدر تدقيقاً باسم الشعب العربي الفلسطيني في 18/3/2024