دولـــــة فــــلســــــطين
السلطــــة القضائيـــة
المحكمة العليا / محكمــة النقض
"الحكـــــــم"
الصادر عن المحكمة العليا / محكمة النقض المنعقدة في رام الله المأذونة بإجراء المحاكمة وإصداره
بإسم الشعب العربي الفلسطيني
الهـيئـــــــــة الحـاكـمــــــــة بـرئاســـــــة القاضــــــي السيــــــد عدنان الشعيبي
وعضويـة القضـاة السادة: بسام حجاوي ، فواز عطية ، وثائر العمري و رائد عساف
الطاعن: أحمد محمد عبد الفتاح عووادة/ إذنا- الخليل
وكيلاه المحاميان مازن عوض و/أو جهاد جرادات/ الخليل
المطعون ضدها: شركة فلسطين للتأمين/ الخليل
وكيلها المحامي إسحاق أبو عوض/ رام الله
الإجـــــــــــراءات
تقدم الطاعن بهذا الطعن بتاريخ 19/7/2022، لنقض الحكم الصادر بتاريخ 28/6/2022 عن محكمة استئناف الخليل في الاستئنافين المدنيين رقمي 452/2022 و453/2022 القاضي:" بقبول الاستئناف رقم 452/2022 موضوعا في السببين السادس والتاسع فقط، ورد الاستئناف رقم 453/2022 موضوعا، وتعديل الحكم المستأنف ليصبح الحكم بإلزام الجهة المدعى عليها بأن تدفع للمدعي مبلغ 4053 شيقل و240 ديناراً أردنياً، وتضمينها الرسوم والمصاريف و150 ديناراً أردنياً أتعاب محاماة عن درجتي التقاضي".
المحكمـــــة
بالتدقيق وبعد المداولة، ولورود الطعن ضمن الميعاد ولاستيفائه شرائطه الشكلية، تقرر قبوله شكلا.
وفي الموضوع، وعلى ما تتصل به وقائع النزاع وفق ما هو بيّن من الحكم الطعين وسائر الأوراق، تقدم المدعي"الطاعن" ضد المدعى عليها "المطعون ضدها" بالدعوى المدنية رقم 430/2014 امام محكمة بداية الخليل، موضوعها المطالبة بتعويضات عن اضرار جسدية ناتجة عن الإصابة بحادث طرق بمبلغ 93360، على سند من القول أنه بتاريخ 5/5/2011 في منطقة الخليل وبينما كان المدعي مسافرا في المركبة رقم 9182229، تجاوز سائقها الخط الفاصل المتواصل، حيث اصطدمت المركبة المذكورة بالمركبة من الجهة المقابلة ذات الرقم 9667693، مما أدى إلى إصابة المدعي في مختلف انحاء جسده، نقل على إثرها إلى المشفى الأهلي، تخلف لديه نسبة عجز 10%، علما أن المركبة التي كان يستقلها المدعي مؤمنة لدى الجهة المدعى عليها، لذلك طالب بمجموع البدلات الواردة في البند 5 من صحيفة الدعوى
في حين تقدمت المدعى عليها بلائحة جوابية جاء فيها أن الإصابة مبالغ فيها وأن عدم مسؤوليتها له ما يبرره قانوناً ، وبنتيجة المحاكمة بتاريخ 22/11/2015 قضت المحكمة :" بالحكم للمدعي بمبلغ 3163 شيقل ومبلغ 240 دينار أرني، وإلزام المدعى عليها بدفع المبالغ المذكورة مع الرسوم والمصاريف، دون الحكم بأتعاب المحاماة بسبب خسارة المدعي للجزء الأكبر من ادعائه".
لم يرتضِ المدعي بحكم محكمة أول درجة، كما ولم ترتضِ به المدعى عليها، فبادرا للطعن فيه استئنافا امام محكمة استئناف القدس بموجب الاستئنافين رقمي 780/2015 و789/2015، وبنتيجة المحاكمة قضت بتاريخ 4/4/2016:" برد الاستئناف موضوعا وتأييد الحكم المستأنف".
لم يرتضِ المدعي بحكم محكمة الاستئناف، كما ولم ترتضِ به المدعى عليها، فبادرا للطعن فيه امام محكمة النقض (بموجب النقضين المدنيين رقمي 638/2016 و 667/2016) التي قضت بتاريخ 29/10/2018: " بنقض الحكم الطعين، لعلة القصور في التسبيب".
بتاريخ 4/2/2019، وبعد أن سارت محكمة الاستئناف على هدى حكم محكمة النقض، أصدرت حكمها الصادر بالأكثرية القاضي:" بقبول الاستئناف 780/2015 موضوعا، ورد الاستئناف رقم 789/2015 موضوعا، والحكم بتعديل الحكم المستأنف ليصبح إلزام المدعى عليها بأن تدفع للمدعي مبلغ 3164 شيقل و240 ديناراً أردنياً و300 دينار أردني بدل ألم ومعاناة، مع الرسوم والمصاريف و200 دينار أردني أتعاب محاماة".
لم يرتضِ المدعي بالحكم الاستئنافي المذكور، ولم ترتضِ به المدعى عليها، فبادرا للطعن فيه امام محكمة النقض للمرة الثانية (بموجب النقضين رقمي 345/2019 و423/2019 ) ، التي قضت بتاريخ 14/2/2022:" بقبول الطعنين موضوعا، ونقض الحكم الطعين لعلة القصور في التسبيب والتعليل....".
بتاريخ 28/6/2022، وبعد أن سارت محكمة استئناف الخليل التي أصبحت صاحبة الاختصاص على هدى حكم النقض ، فقد تم نظر الدعوى والفصل فيها من خلال الاستئنافين رقمي 452/2022 و453/2022، و قضت:" بقبول الاستئناف 452/2022 موضوعا بحدود السببين السادس والتاسع فقط، ورد الاستئناف رقم 453/2022، والحكم بتعديل الحكم المستأنف ليصبح إلزام المدعى عليها بأن تدفع للمدعي مبلغ 4053 شيقل و240 ديناراً أردنياً، وتضمينها الرسوم والمصاريف و150 ديناراً أتعاب محاماة عن درجتي التقاضي".
لم يلقَ حكم محكمة الاستئناف قبولا من المدعي، فبادر للطعن فيه بالنقض الماثل للأسباب الواردة فيه، ورغم تبلغ المطعون ضدها أصولا إلا أنها لم تتقدم بلائحة جوابية.
وعن أسباب الطعن، وفيما يتصل بالسبب الأول ، وحاصله تخطئة محكمة الاستئناف بعدم الحكم للمدعي ببدل ألم ومعاناة عن الحادث موضوع الدعوى ، بمبلغ 500 دينار أردني التي كانت تعادل 3000 شيقل في حينه، على خلاف ما قضت به احكام المادة 152/3 من قانون التأمين.
في ذلك نرى، وبعد الاطلاع على واقعات الحكم الطعين ، فقد توصلت محكمة الاستئناف إلى نتيجة مفادها "أنه ما دام أن المدعي استحق بدل ألم ومعاناة عن المبيت في المشفى ، فإنه لا يستحق بدل الألم والمعاناة عن الفقرة 4 من المادة 152 من قانون التأمين، مما يتعين رد تلك المطالبة....".
وإزاء ما خلُص إليه الحكم الطعين، وبتطبيق احكام المادة 152 من قانون التأمين النافذ على وقائع الدعوى ، وحيث استقر قضاء هذه المحكمة ، أن أساس استحقاق المدعي لبدل الألم والمعاناة عن الحادث الواردة في الفقرة 4 من المادة المذكورة، هو عدم الحكم له عن البدلات الواردة في الفقرات الثلاث السابقة مجتمعة، فإذا حكم له بإحداها أو بإثنتين فقط فإنه يستحق التعويض المقرر بموجب الفقرة الرابعة بمطالبته في حال عدم الحكم له بموجب الفقرات 1و2و3 مجتمعة، وحيث تبين أن كلا محكمتي الموضوع لم تقض ِ بالبدلات الواردة في الفقرات 1-3 مجتمعة، وانما قضت له ببدل المبيت في المشفى عن ستة أيام فقط، الامر الذي يرد هذا السبب على الحكم الطعين من هذه الناحية، مما يتعين نقضه من هذا الجانب.
وفيما يتصل بالسبب الثاني، وحاصله تخطئة محكمة الاستئناف بعدم الحكم للمدعي بمبلغ 763 شيقل، نتيجة استبعاد تلك الفواتير دون وجه حق.
في ذلك نجد، وبعد الاطلاع على الأسباب التي حملتها محكمة الاستئناف بإستبعاد هذه الفواتير من جملة وزن البينة، فقد توصلت إلى نتيجة مفادها :" ... أن الفواتير الصادرة عن مكتب التكسي وبالإضافة لما ساقته محكمة أول درجة من أسباب بعدم الاخذ بها ، لأنها جاءت بأرقام متسلسلة وبتواريخ متباعدة، فضلا عن عدم تقديم المدعي أية بينة على تعلقها بالحادث، بالتالي نقر محكمة أول درجة باستبعادها...".
ولما كان هذا الذي حملته المحكمة يتصل بأصول وزن البينة وتقديرها وترجيحها، وهو عمل تستقل به محكمة الموضوع، فإننا نقرها عليه مادامت النتيجة سائغة، ولا معقب من هذه المحكمة على تلك النتيجة ، طالما أنها جاءت ضمن أصول وزن البينات وترجيحها، وبالتالي مسألة تعلق تلك الفواتير بموضوع الحادث من عدمه هو من صميم صلاحياتها كمحكمة موضوع ، طالما كانت النتيجة سائغة ومقبولة عقلا ومنطقا، الأمر الذي يغدو معه هذا السبب غير وارد ونقرر رده .
وفيما يتصل بالسبب الثالث، وحاصله تخطئة محكمة الاستئناف بعدم ربط المبالغ المحكوم بها بالفائدة القانونية و بدل غلاء المعيشة من تاريخ المطالبة حتى السداد التام.
في ذلك نجد، أن ما توصلت إليه محكمة الاستئناف بالقول:" أن محكمة أول درجة لم تقل كلمتها بخصوص تلك المطالبة، مما كان على المدعي أن يلجأ لمحكمة أول درجة للتقرير في تلك المطالبة التي غفلت عنها..."، فهو قول سديد يتفق وحكم المادة 185 من الأصول المدنية والتجارية، الامر الذي كان على المدعي أن يتقدم بإستدعاء لمحكمة أول درجة للحكم في ما غفلت عنه ولتقول كلمتها بخصوص تلك المطالبة، اذ لا يجوز تدارك ذلك بالطعن بالحكم في هذا الجانب ، الامر المتعين معه عدم قبول هذا السبب .
لهـــذه الاسبـــــاب
نقرر نقض الحكم الطعين بحدود السبب الأول فقط، ولما كان موضوع الدعوى صالحاً للفصل فيه، عملا بأحكام المادة 237 من الأصول المدنية والتجارية، والحكم للمدعي عن بدل مطالبته بما ورد في الفقرة 4 من المادة 152 من قانون التأمين النافذ، بدل ألم ومعاناة عن الحادث موضوع الدعوى مبلغ 300 دينار أردني، بالإضافة لما قضت به محكمة الاستئناف لتصبح جميع المبالغ المتوجب على الجهة المدعى عليها دفعها للمدعي 540 ديناراً أردنياً و4053 شيقل، وتضمينها الرسوم عن المبالغ المحكوم بها وجميع المصاريف التي تكبدها المدعي، ومبلغ 200 دينار أردني أتعاب محاماة عن جميع مراحل التقاضي .
حكماً صدر تدقيقاً باسم الشعب العربي الفلسطيني في 25/3/2024