السنة
2023
الرقم
323
تاريخ الفصل
20 مايو، 2024
المحكمة
محكمة النقض
نوع التقاضي
طعون جزائية
التصنيفات

النص

دولـــــة فــــلســــــطين

السلطــــة القضائيـــة

المحكمة العليا / محكمــة النقض

"الحكـــــم"

الصادر عن المحكمة العليا / محكمة النقض المنعقدة في رام الله المأذونة بإجراء المحاكمة وإصداره

بإسم الشعب العربي الفلسطيني

الهـيئة الحـاكـمـــة بـرئاسة القاضـــــي الســــــــــيد خليل الصياد

وعضوية السيدين القاضيين : عماد مسوده ، سائد الحمد الله

 

الطـــــاعن : الحق العام

المطعون ضده : حذي.د / اليامون - جنين .

            وكيله المحامي : محمد فريحات / جنين .

الإجــــــــراءات

بتاريخ 13/07/2023 تقدمت النيابة العامة بهذا الطعن ، لنقض الحكم الصادر عن محكمة بداية جنين بصفتها الإستئنافية بتاريخ 13/06/2023، في الإستئناف الجزائي رقم 337/2022، والقاضي بقبول الإستئناف موضوعاً وإلغاء الحكم المستأنف وإعلان براءة المستأنف من تهمة إساءة الإئتمان خلافاً لأحكام المادة 422 عقوبات لسنة 1960 ، كون الفعل لا يؤلف جرماً ولا يستوجب عقاباً ولا يغدو كونه نزاع حقوقي .

تتلخص أسباب الطعن :

  1. الحكم محل الطعن جاء مخالفاً لما نصت عليه المادة 276 من قانون الإجراءات الجزائية النافذ ، حيث جاء خالياً من مشتملاته الأساسية ، واكتنفه الغموض والتناقض .
  2. جانبت محكمة بداية جنين بصفتها الإستئنافية تطبيق و/أو أو تفسير و/أو تأويل نص المادة 422 من قانون العقوبات الأردني رقم 16 لسنة 1960 ، حيث أن جميع شروط تطبيق المادة القانونية متوافرة وثابتة ، الأمر الذي لم تقره محكمة الإستئناف ، أي إهتمام قانوني وأن المخالفة القانونية في القانون وتطبيقه على ما هو ثابت ، مما أدى إلى قصور في التعليل والتسبيب وفساد في الإستدلال ، وهذا واضح من الحكم محل الطعن .
  3. إن ما جاء في الحكم المطعون فيه من حيث قانونية البينة ووزنها جاء على خلاف القانون ، فقول المحكمة أنه ثبت من خلال البينة الدفاعية أن الشيك هو ثمن أرض لا يتفق والدليل القانوني ، كون أن جميع شهود الدفاع لم يكونوا موجودين وقت تسليم الشيك ووقت الإتفاق و/أو الحديث الذي دار بين المشتكي والمتهم وقت البيع و/أو الإتفاق ، أي ما دار بينهما في المحكمة وقت التسليم ، فلم يكن أي من شهود الدفاع موجود مع الأطراف في المحكمة عند تنظيم الوكالة ، أي وقت الإتفاق النهائي وتسليم الشيك ، فمن أين علموا أن الشيك ثمن أرض وليس على سبيل الأمانة ؟

لهذه الأسباب تطلب النيابة العامة قبول الطعن شكلاً وموضوعاً ، وبالنتيجة نقض القرار المطعون فيه ، وإصدار الحكم المتفق والأصول والقانون .

بتاريخ 25/07/2023  تقدم وكيل المطعون ضده بمطالعة خطية ، طلب من خلالها رد الطعن شكلاً وموضوعاً وتأييد الحكم المطعون فيه .

المحكمـــــــــــة

بالتدقيق والمداولة قانوناً، نجد بأن الطعن مقدم بالميعاد القانوني ، فنقرر قبوله شكلاً.

وفي الموضوع، وعن أسباب الطعن وحاصلها بأن الحكم المطعون فيه جاء مخالفاً للقانون من حيث تطبيق وتفسير القانون على وقائع الدعوى ، ومن حيث وزن البينة وتعليله وتسبيبه .

وباستقراء القرار المطعون فيه ، نجد أن الوقائع وكما جاءت في إسناد النيابة العامة أن المتهم (المطعون ضده) قام بالاتفاق مع المشتكي على شراء قطعة أرض من قبل هذا الأخير تعود للمتهم تحمل رقم 13 حوض 15 من أراضي اليامون ، وتبين أن سعر قطعة الأرض هو 57 ألف دينار ، وبتاريخ 1903/2021 قام المتهم بالتنازل للمشتكي عن قطعة الأرض واتفق معه أن يقوم بإعطائه ورقة شيكل ضمان بقيمة (155000) دينار واتفق معه أن يقوم بتسليم المشتكي ورقة الشيك في حال قام بتسديد المبلغ بالكامل ، وبعد أن قام بدفع المبلغ الكامل وطلب منه ورقة الشيك إلا أنه رفض إرجاعها بحجة تغير فرقق العملة وأدخل الشيك على البنك .

وبالعودة إلى هذه الوقائع والثابت والمتيقن منها ، نجدها تقوم على أن المشتكي أح.ي اشترى من المتهم أرض بقيمة 157000 دينار ، وأن المتهم تنازل للمشتكي بموجب وكالة خاصة لهذا الأخير بالبيع وكان يوم خميس ، وبعدها سكرت البلد بسبب تفشي فيروس كورونا ، وأنه أعطى للمتهم شيك ضمان بقيمة 155000 دينار بناءً على طلب هذا الأخير ، وذلك كضمان لحد ما يعطيه فلوسه ، ولما فتحت البلد أعطاه كامل مصرياته ومستحقاته ، وأنه طالب المتهم بالشيك المذكور ورفض إرجاعه إليه بحجة فرق العملة بين الدينار والشيكل ، وأن المتهم عبئ الشيك بتاريخ 23/06/2021 وردع لعدم كفاية الرصيد ، وأن المشتكي لم يفوض المتهم بتعبئة بيانات الشيك وأنه أعطاه إياه على سبيل الأمانة ، والمتهم تصرف به دون علمه وإمتنع عن إعطائه إياه .

وهذه الوقائع ثابتة من شهادة المشتكي أحمد سمودي أمام محكمة الدرجة الأولى بجلسة 21/10/2021.

أما بخصوص ما جاء في الحكم موضوع الطعن من قول المحكمة أنه ثبت من خلال البينة الدفاعية أن الشيك هو ثمن أرض ، أمر لا يؤيده واقع البينة الدفاعية ، فمن الثابت أن شهود الدفاع لم يكونوا موجودين وقت التنازل وتسليم الشيك موضوع الشكوى محل النظر ، ووقت الإتفاق ولا وقت الحديث الذي دار بين المشتكي والمتهم عند البيع و/أو الاتفاق ، فمن أين علمو أن الشيك هو ثمن أرض وليس على سبيل الأمانة ، سيما وأن ما جاء على لسان شهود الدفاع كان سماعياً ، ومن ذلك ما جاء بشهادة شاهد النيابة مفيد يون.ي الذي استندت إليه المحكمة في إثبات أن الشيك ثمن أرض وليس على سبيل الأمانة ، حيث يقول "...وأنا أعرف بخصوص الشيك إللي بينهم وأحمد أعطى الشيك للمتهم كثمن أرض وحسب ما قالوا لي الشيك 160 ألف دينار ... أما الشيك أنا ما اطلعت عليه وما شفته نهائياً " .

وكذلك ما جاء على لسان شاهد الدفاع عبدالله يوسف بقوله "... وهو الشيك هو ثمن الأرض وليس على سبيل الضمان ... وهاي المعلومات أنا عرفتها من خلال المتهم كونه صديقي ... أنا يوم الاتفاق ما كنت موجود والي بعرفه كان بناءً على إلي خبرني إياه المتهم ، وأنا شهادت الشيك بعدما أعطاه إياه ولكن وقت ما أعطاه إياه أنا ما شاهدته ، وما تدخلتوىةةنىاة بالاتفاق إلي تم بينهم بخصوص الأرض " ، وكذلك ما جاء على لسان زوجة المتهم الشاهدة رب.ايد "...لما روح زوجي أجا معاه شيك لأني سألته وين المصاري وقال لي أعطاني شيك مقابل ثمن الأرض 155 ألف دينار ... أنا ما كنت موجودة يوم الاتفاق وأنا ما شفت الشيك أو طبيعته..." ، وما جاء بشهادة شقيقة المتهم الشاهدة رشيقة زايد بقولها "... وحذيفة حكالي أنه الشيك بدل ثمن الأرض ...وإن الاتفاق إلي بينهم ما بعرف بخصوصه كيفف البيع والدفع ...".

ولما كان من المتفق عليه فقهاً وقضاءً أن تجاهل المحكمة للدلالة الثابتة وعدم مناقشتها مناقشة سليمة وإستخلاص النتائج منها إستخلاصاً سائغاً واقعاً وقانوناً ، فإن ذلك يشكل فساداً في الإستدلال ، سيما وأن حرية محكمتي الموضوع في تكوين عقيدتها الحكمية من الأدلة المطروحة في الدعوى لا يعني أن حريتها مطلقة وغير محددة بل مقيدة بضوابط وأن من حق محكمة النقض أن تتصدى للوقائع في نطاق الرقابة على كفاية الأسباب الواقعية والتي لا نجد أنها تقوم على أساس سليم وإستخلاص مقبول منطقاً وعقلاً.

ولما كان الحكم المطعون فيه على النحو الذي عالجت فيه البينة وعللت وسببت حكمها لم يقم على إستخلاص ومعالجة قانونية سليمة وإنما قام على إستبعاد غير سليم للدليل المتحصل من شهادة المشتكي الذي أكذ تسليم الشيك محل الشكوى كضمان لسداد ثمن الأرض ، وعلى سبيل الأمانة وأن يسترد بعد دفع كامل الثمن ، أي لأجل الإعادة وهي صورة من صور الركن المادي لجرم إساءة الأمانة المنصوص عليها في المادة 422 عقوبات لسنة 1960 ، وأن هذه البينة تصلح وحدها لبناء عقيدة حكمية بالحكم في ضوء ما أوضحناه بخصوص شهادة الشهود ، سواء من النيابة أو الدفاع والتي كانت على السماع من المتهم ودون حضور للاتفاق وتسليم الشيك موضوع الدعوى ، مما يجعل الحكم الطعين ضد وزن البينة ومخالف لمقتضيات المادة 276 إجراءات جزائية ، من حيث التعليل والتسبيب وتطبيق وتفسير القانون على واقعة الدعوى ، مما يجعل الطعن وارداً على الحكم المطعون فيه ومستوجباً نقضه .

لــــــــــــذلك

فإن المحكمة تقرر بالأغلبية قبول الطعن موضوعاً ، ونقض الحكم المطعون فيه ، وإعادة الدعوى لمرجعها لإصدار حكم وفق الأصول والقانون ، على ضوء ما بيناه على أن تنظر من هيئة مغايرة .

حكماً صدر تدقيقاً باسم الشعب العربي الفلسطيني بتاريخ 20/05/2024

 

الرأي المخالف المعطى من القاضي سائد الحمد الله

أخالف مشروع الحكم فيما توصل إليه ، حيث أرى أن محكمة البداية بصفتها الإستئنافية وبوصفها محكمة موضوع وبما لها من صلاحية في وزن البينة وتقديرها ، أن تقضي بالبراءة متى شكّت في صحة الدليل أو إنعدام الدليل أو عدم كفاية الأدلة أو كون الفعل لا يؤلف جرماً ، إلا أن ذلك مشروط بأن يشتمل حُكمها على ما يُفيد أنها محصت وقائع الدعوى بكافة ظروفها وأحاطت بجوانبها من خلال الوزن القانوني السليم للبينة المقدمة في الدعوى ، وهذا ما هو قائم في الدعوى مدار البحث ، إذ أن الحكم المطعون فيه جاء مستوفياً شرائطه القانونية ، وجاء منطوقه وأسبابه إستناداً إلى أصل ثابت في أوراق الدعوى ، وتحديداً من البينة المقدمة من النيابة العامة والتي ثبت من خلالها إنعدام أركان الجريمة المنسوبة للمطعون ضده ، الأمر الذي أرى معه أن أسباب الطعن غير واردة .

لــــذلــــك

رد الطعن موضوعاً وإعادة الدعوى لمصدرها .

 

تحريراً في 20/05/2024

                                                                                               القاضي المخالف

                                                                                                سائد الحمد الله