السنة
2023
الرقم
155
تاريخ الفصل
14 يوليو، 2024
المحكمة
محكمة النقض
نوع التقاضي
طعون حقوقية
التصنيفات

النص

دولـــــة فــــلســــــطين

السلطــــة القضائيـــة

المحكمة العليا / محكمــة النقض

"الحكـــــــم"

الصادر عن المحكمة العليا / محكمة النقض المنعقدة في رام الله المأذونة بإجراء المحاكمة وإصداره

 بإسم الشعب العربي الفلسطيني

الهـيئـــــــــة الحـاكـمــــــــة بـرئاســـــــة القاضــــي السيــــــد عدنان الشعيبي

  وعضويـة القضـاة السـادة : بسام حجاوي ، فواز عطية ، مأمون كلش ، ثائر العمري

 

الطــــاعــــن: ناجي سمير عبد المجيد سياعرة/ خاراس - الخليل

       وكيلاه المحاميان مازن عوض و/أو جهاد جرادات / الخليل     

                      

 

المطعـــون ضدها: شركة ترست العالمية للتأمين/ الخليل

           وكيلها المحامي ماجد عودة/ بيت لحم

 

الإجــــــــــــــراءات

تقدم الطاعن بهذا الطعن بتاريخ 23/1/2023، لنقض الحكم الصادر بتاريخ 10/1/2023 عن محكمة استئناف الخليل في الاستئناف المدني رقم 151/2021 القاضي كما ورد فيه:" وحيث أن الحكم المستأنف شابه البطلان، وسندا للمادة 223/2 من الأصول المدنية والتجارية، فإن المحكمة ستصدر حكما جديدا في الدعوى، وذلك بالحكم بإلزام المدعى عليها شركة ترست العالمية للتأمين بأن تدفع للمدعي ناجي سمير عبد المجيد سياعرة مبلغ 1719 شيقل و1040 دينار أردني، ورد الدعوى فيما زاد عن ذلك وتضمينها الرسوم والمصاريف النسبية و200 دينار أتعاب محاماة".

 

المحكمـــــــة

بالتدقيق وبعد المداولة، ولما كان الطعن مقدما ضمن الميعاد مستوفيا لشرائطه الشكلية، فإنها تقرر قبوله شكلا.

وفي الموضوع، وعلى ما أفصح عنه الحكم الطعين وسائر الأوراق المتصلة به، تقدم المدعي بالدعوى المدنية رقم 448/2017 امام محكمة بداية الخليل، ضد المدعى عليها "المطعون ضدها"، موضوعها المطالبة بتعويضات عن اضرار جسدية ناجمة عن إصابة حادث طرق بمبلغ 199345 شيقل، على سند من القول أنه بتاريخ 15/10/2016 وفي بلدة حلحول بينما كان المدعي يقود المركبة التي تحمل 9464792 نوع سكودا، اصطدم بمركبة اخرى تحمل الرقم 9426090، مما أدى إلى الحاق الضرر بالمركبة وكذلك اصابته باصابات في مختلف انحاء جسده، وفق الوصف الوارد في البند الأول من صحيفة الدعوى، ما الحق به عجز بواقع 15%، علما أن المركبة مؤمنة لدى الجهة المدعى عليها وسارية المفعول وقت الحادث، وأنه من مواليد 23/11/1991، ويحقق دخلا ثابتا بمبلغ لا يقل عن 5000 شيقل شهريا. حين تقدمت المدعى عليها بلائحة جوابية، وتضمنت فيما تضمنته انكارها للوقائع الوارده في لائحة الدعوى لما حملته من تضخيم، وان التزامها القانوني في حدود وثيقة التأمين، ونتيجة المحاكمة الجارية بتاريخ 27/6/2019 قضت المحكمة:" بالحكم على المدعى عليها بأن تدفع للمدعي مبلغ 769 شيقل و540 دينار أردني، ورد ما زاد عن ذلك، وتضمينها الرسوم والمصاريف و100 دينار أردني أتعاب محاماة".

 

لم يرتضِ المدعي بحكم محكمة أول درجة، فبادر للطعن فيه استئنافا امام محكمة استئناف القدس بموجب الاستئناف المدني رقم 697/2019، الذي احيل الى محكمة  استئناف الخليل، وتم رؤية الدعوى الاستئنافية من خلال الاستئناف المدني رقم 151/2023، وبنتيجة المحاكمة بتاريخ 10/1/2023 قضت المحكمة:" بإبطال الحكم المستأنف وإصدار حكم من لدنها، وبالنتيجة قضت بإلزام المدعى عليها بأن تدفع للمدعي مبلغ 1719 شيقل و1040 دينار أردني....".

 

لم يلقَ حكم محكمة الاستئناف قبولا من المدعي، فبادر للطعن فيه بالنقض الماثل للأسباب الواردة فيه، ولتبلغ المطعون ضدها أصولا تقدمت بلائحة جوابية التمست من خلالها رد الطعن موضوعا وتأييد الحكم الطعين، مع تضمين الطاعن الرسوم والمصاريف واتعاب المحاماة".

 

وبعطف النظر عن الأسباب التي سيقت في صحيفة الطعن، وفيما يتصل بالسبب الأول، وحاصله تخطئة محكمة الاستئناف بعدم اجراء الحساب عن بدل فقدان المقدرة على الكسب في المستقبل، رغم احتصال المدعي على نسبة عجز بواقع 10% .

في ذلك نرى، وبعد الاطلاع على حيثيات الحكم الطعين فقد توصلت المحكمة مصدرة الحكم الطعين إلى نتيجة مفادها:".... ثبت لدى المحكمة أن المدعي تخلّف لديه نتيجة الإصابة عجز غير وظيفي دائم 10% وفق الوصف الوارد في تقرير اللجنة الطبية العليا.... مما لا يستحق المدعي الحكم له ببدل فقدان دخل مستقبلي حيث أن الإصابة التي تعرض لها لم تثبت أن من شأنها أن تعيق أي عضو من أعضائه عن القيام بمهامها الطبيعية كاملة.....".

 

وإزاء واقعات الحكم الطعين من هذه الناحية، وبعد الاطلاع على مفردات التقرير الطبي الصادر عن اللجنة الطبية العليا، فيتضح من خلاله حالة المدعي المصاب ووصف العجز المتولد لديه نتيجة الإصابة:"بأنه تعرض لحادث سير بتاريخ 15/10/2016 أدى إلى:

  1. إصابة بالانف كسر وانحراف في عظمتي الانف.
  2. عولج جراحيا، الحاجز الانفي.
  3. ندبة مشوهة على الانف.

وأن نسبة العجز غير الوظيفي الدائم 10% وفق كتاب نسبة العجز المعمول به في وزارة الصحة الفلسطينية 75 -2-B ".

 

ولما كان المستقر عليه في قضاء هذه المحكمة، بأنه لغايات حصول المدعي المصاب على التعويض المقرر قانونا عن بدل فقدان الكسب المستقبلي، يشترط وقوع عجز على أحد اعضاء الجسد، نتيجة الحادث بما يؤثر على فعالية العضو المصاب، وهذا الاجتهاد ثابت في استحقاق المصاب للتعويض متى كان العجز وظيفيا، أما في حالة العجز غير الوظيفي، فإن لمحكمة الموضوع أن تقف على حقيقته، فيما اذا كان هذا النوع من الاصابة يؤثر على دخل المصاب أو أنه حتما سيؤثر عليه مستقبلا، أو فيما إذا سيؤثر على كينونته، وكذلك عمر المصاب وقت الإصابة ومكانها.

 

وعليه، فإنه وفق وقائع الدعوى الماثلة، وعلى ما هو متوفر من بينة طبية تفيد وضع المصاب وحالته التي استقرت بعد الإصابة، بما تخلف لديه من عجز يتصل بالعجز الجمالي وإن كان غير وظيفي، الامر الذي يفيد ذلك الواقع، أن الأنف الذي وقع عليه تشّوه نتيجة اجراء العملية الجراحية من أجل تصحيح الحاجز الانفي بسبب الإصابة، وما سببته الاصابة من كسر وانحراف في عظمتي الانف، ورغم أن قانون التأمين لم يفرق بين العجزين الوظيفي وغير الوظيفي، فإنه كان يتوجب على محكمة الموضوع أن تقف على حقيقته، فيما اذا كان هذا النوع من الاصابة يؤثر على دخل المصاب أو أنه حتما سيؤثر عليه مستقبلا، أو فيما إذا سيؤثر على كينونته، خصوصا وأن الإصابة وقعت في مكان بارز وظاهر من جسد المصاب.

 

وبما أن النتيجة التي توصلت إليها محكمة الاستئناف، لم تكن ضمن تحليل وتطبيق لمعايير واقعية وفق ما استقر عليه اجتهاد هذه المحكمة، على اعتبار أن الندبة المشوهة وقعت في وجه المدعي ضمن منطقة الانف، الامر الذي كان عليها أن تطبق المعايير سابقة الوصف، للتحقق فيما إذا كان يستحق التعويض عن تلك الندبة المشوهة على الانف، وبالتالي تطبيق صحيح احكام كتاب العجز على تلك الواقعة، وفق ما استقر عليه قضاء هذه المحكمة،(راجع نقض مدني رقم643/2022 و660/2022، ونقض مدني رقم 1681 و1683/2029، ونقض مدني رقم 203/2021)، ما يغدو هذا السبب واردا لينال من الحكم الطعين.

 

وفيما يتصل بالسببين الثاني والثالث، وحاصلهما تخطئة محكمة الاستئناف بعدم اعتماد دخل المصاب على أساس 5000 شيقل رغم البينة اثبتت ذلك، وكان عليها أن تقضي ببدل فترة التعطل التي حُددت من خلال التقرير الصادر عن اللجنة الطبية العليا بواقع شهرين.

في ذلك نرى، وبعد الاطلاع على حيثيات الحكم الطعين من هذا الجانب، فقد توصلت محكمة الاستئناف إلى القول بأنه:"....لم يثبت لمحكمة الاستئناف أن راتب المدعي قد انقطع خلال فترة تعطله عن مدة الشهرين....حيث أن البينة المقدمة جاءت متناقضة ولا حجة مع التناقض....إذ أن ما جاء في شهادة محمد سمير سياعرة على ص 4 من الضبط بأن المدعي كان يعمل مع والده في محل الألمنيوم واثناء فترة العلاج كان يعطيه أجرته كاملة....أما الشاهدة مريم رياض سياعرة فقد ورد في شهادتها على ص 5 من الضبط بأن المدعي كان يعمل في الألمنيوم في إسرائيل وقد تعطل نتيجة الإصابة... وبعد ذلك أصبح يعمل عند والده ووالده يعطيه نفس المبلغ 5000 شيقل....".

ولما كان موضوع عدم حكم للمدعي عن بدل فترة التعطل قوامه التناقض في أقوال الشهود، وأخذ محكمة الموضوع بأقوال أحد الشهود بأن المدعي لم يتعطل، فهو أمر تستقل به محكمة الموضوع، التي لها حق وزن البينات وتقديرها وترجيحها، ولا رقابة من محكمة النقض على تلك النتيجة، مادامت أنها سائغة ومنطقية ومتصلة بأصل الأوراق، الأمر الذي نقر محكمة الاستئناف بعدم الحكم للمدعي عن بدل فترة التعطل لقناعتها  أن المدعي لم يتعطل عنه العمل، استناد لشهادة محمد سياعرة.

 

وبخصوص ما ورد في الحكم الطعين لجهة اعتماد دخل المصاب، ننوه الى انه لم يرد في حكم  الاستئناف ما يشير الى انها لم تأخذ بمقدار أجر المدعي البالغ 5000 شيكل بل على العكس من ذلك، إذ ورد فيه تقاضيه مبلغ 5000 شيقل، عندما كان يعمل في إسرائيل وأصبح يتقاضى  ذات المبلغ عن عمله في محل الالومنيوم الخاص بوالده ما يغدو، معه ما ورد في هذين السببين حريا بالرد .

 

وفيما يتصل بالسبب الرابع، وحاصله تخطئة محكمة الاستئناف بعدم ربط المبالغ المقضي بها  بجدول غلاء المعيشة، وعدم الحكم ببدل الفوائد القانونية.

في ذلك نرى، أن محكمة أول درجة لم تقضِ بموضوع تلك المطالبة ولم تقل كلمتها فيها، وبالتالي ما كان على محكمة الاستئناف أن تقرر في موضوع كان محل اغفال من محكمة أول درجة، ما يجعل من النتيجة التي توصلت إليه مخالفة لحكم المادة 185 من قانون أصول المحاكمات المدنية والتجارية، إذ كان على المدعي أن يتقدم باستدعاء إلى محكمة أول درجة للنظر في موضوع أغفلت عن الحكم فيه، ولما لم يفعل فيكون رد محكمة الاستئناف على هذا السبب، مخالفا للقانون ويوجب نقضه من هذه الناحية أيضا دون أن يؤثر على الحكم الطعين من هذا االجانب.

 

لهـــــذه الأسبــــاب

نقرر قبول الطعن موضوعا في حدود سببه الأول فقط، إعادة الأوراق لمرجعها للعمل بالحكم الناقض لإصدار حكم أصولي في ضوء ما تم بيانه، وعلى أن ينظر من هيئة مغايرة، وفي النتيجة تضمين الفريق الخاسر الرسوم والمصاريف وأتعاب المحاماة.

 

حكماً صدر تدقيقاً باسم الشعب العربي الفلسطيني بتاريخ 14/07/2024

    

الكاتــــــــب                                                                                                  الرئيـــــــس

     هـ.ح