دولـــــة فــــلســــــطين
السلطــــة القضائيـــة
المحكمة العليا / محكمــة النقض
"الحكـــــــم"
الصادر عن المحكمة العليا / محكمة النقض المنعقدة في رام الله المأذونة بإجراء المحاكمة وإصداره
بإسم الشعب العربي الفلسطيني
الهـيئـــــــــة الحـاكـمــــــــة بـرئاســـــــة القاضــــي السيــــــد عدنان الشعيبي
وعضويـة القضـاة السـادة : فواز عطيه ، مأمون كلش ، ثائر العمري ، فراس مسودي
الطـــاعنة : شركه المؤسسه العقاريه العربية يمثلها رئيس مجلس الإدارة عزام العالول/ نابلس
وكيلاها المحاميان علي دويكات ويوسف ابو غوش / نابلس
المطعون ضدها : جمعية رواد المستقبل ويمثلها رئيس مجلس الإدارة ناصر كمال/نابلس
وكلاؤها المحامون طارق طوقان ولبنى كاتبه واحمد البيطار وعلاء الدين طوقان وسعيد كايد وايميلي غزاوي وعلاء دهدار / رام الله
الإجـــــــــــراءات
تقدمت الطاعنة بهذا الطعن بتاريخ 10/01/2024 ، لنقض الحكم الصادر عن محكمة استئناف نابلس بتاريخ 25/09/2023 ، بالاستئناف رقم 29/2023 ، القاضي بقبول الاستئناف موضوعا وإلغاء الحكم المستأنف وبالنتيجة فسخ القرار الصادر عن هيئة التحكيم بتاريخ 28/10/2021 ، وتضمين الجهة المستأنف عليها الرسوم والمصاريف ومائة دينار أتعاب محاماة
تقدمت المطعون ضدها بلائحة جوابية ضمن الميعاد المقرر قانونا ، طلبت فيها عدم قبول الطعن شكلا بداعي أن من وقع لائحه الطعن هو المحامي علي دويكات ، في حين ان الوكيل بالطعن بالنقض وفق الوكالة المبرزة المحاميان محمد العزوني ويوسف ابو غوش.
المحكمـــــــــة
بالتدقيق والمداولة فإنه بالنظر الى صدور الحكم المستأنف بتاريخ 25/ 9/ 2023 ، وفي الوقت عينه بالنظر لصدور القرارات بقانون ذوات الأرقام 32 و 33 و 34 لعام 2023 بشأن وقف سريان مدد التقادم والمواعيد والاجال بناء على القوه القاهره المتمثله بإعلان الحرب على الشعب الفلسطيني من قبل قوات الاحتلال الاسرائيلي ، يغدو الطعن الماثل مقدماً ضمن الميعاد المقرر قانونا مستوفيا شرائطه الشكلية ، الأمر الذي يتعين قبوله شكلا.
اما بالنسبه الى ما ابدته الجهة المطعون ضدها ، من ان هذا الطعن مقدم بالاستناد الى وكالة المحاميين محمد العزوني ويوسف ابو غوش ، الموكلان في حين ان الذي وقع لائحه الطعن بالنقض هو المحامي علي دويكات ، فان هذا الذي تبديه المطعون ضدها غير وارد ، ذلك انه بإمعان النظر فيما جاء في الأوراق ، نجد ان المحامي على دويكات وكيل في هذه الدعوى وانه بالاستناد الى وكالته فإنه يملك الطعن استئنافا ونقضا ، ولما لم يرد في الأوراق ما يشير الى عزل الوكيل المحامي على دويكات عن وكالته تلك ؛ فإن ما تبديه المطعون ضدها يكون في غير محله ، اذ لا يوجد في القانون ما يمنع من توكيل اكثر من وكيل في الخصومة الواحدة عن ذات الخصم ، ونحيل الى ذلك فيما جاء في الماده 1465 من المجلة التي جاء فيها انه (إذا وكل رجلا بأمر ثم وكل غيره بذلك الأمر فأيهما أوفى الوكالة جاز).
وفي الموضوع ، فإن ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق ، أن المطعون ضدها أقامت في مواجهة الطاعن الدعوى المدنيه رقم 1450/ 2021 لدى محكمة بداية نابلس ، تطعن من خلالها بقرار التحكيم الصادر في تاريخ 28/ 10/ 2021 عن هيئة التحكيم ، المشكلة من الدكتور المهندس محمد طه السيد أحمد رئيسا والمهندس عبد الحكيم وحيد الجوهري عضوا والمهندس أحمد تركي عديلة عضوا ، في الخلاف القائم ما بين الطاعنة والمطعون ضدها ، والذي يقضي بأن تدفع المطعون ضدها للطاعنة مبلغ 1,692,511 شيكل بالاضافة الى تحمل الفريقين مناصفة أتعاب ومصاريف التحكيم .
بعد أن فرغت محكمة بداية نابلس من نظر الدعوى ، أصدرت حكمها القاضي برد الطعن موضوعا وتصديق قرار المحكمين واكسابه الصيغه التنفيذية ، وكبدت المطعون ضدها الرسوم والمصاريف ومائتي دينار أتعاب محاماة.
لم يجد حكم محكمة بداية نابلس قبولا لدى المطعون ضدها ، فبادرت لاستئنافه لدى محكمة استئناف نابلس بالاستئناف المدني 29/ 2023 ، وبعد أن فرغت محكمة الاستئناف من إجراءاتها أصدرت حكمها المطعون فيه.
لم تقبل الطاعنة بحكم محكمة الاستئناف ، فلاذت بمحكمة النقض طاعنة على حكمها من خلال الطعن الماثل.
بالاطلاع على أسباب الطعن نجدها تتلخص في النقاط التالية :
وعن سبب الطعن الاول ، نجد ان الطاعنة تتمسك بالقول ان المحامي علي دويكات كان مفوضا بحضور جلسات التحكيم بالاستناد إلى كتاب موقع من رئيس مجلس إدارة الطاعنة وموجه الى هيئة التحكيم ، وأنه في جميع الاحوال فان اجراءات التحكيم تمت بحضور المفوضين عن الطاعنة ، حتى لو كان المحامي على دويكات لم يكن مفوضا عنها.
وفي شأن هذا السبب نجد ابتداء ان الاوراق تخلو مما يشير الى تفويض المحامي على دويكات بتمثيل الطاعنة أمام هيئة التحكيم ، اما بالنسبة الى الكتاب الذي ارفقته الطاعنة بلائحة الطعن فان محل تقديم البينة امام محكمة الموضوع وليس امام محكمة القانون أي محكمة النقض .
ومع ذلك فاننا نجد ان الشق الآخر من هذا السبب ، والذي يتجلى بأنه حتى لو كان المحامي على دويكات غير مخول بتمثيل الطاعنة ، فان الاخيرة "الطاعنة" جرى تمثيلها من قبل الأشخاص المفوضين عنها بموجب كتاب رئيس مجلس ادارتها ، والذي نراه ان هذا النعي من هذا الجانب سديد ، ذلك انه بالرجوع الى المبرز م/1 وهو قرار التحكيم ومرفقاته بما فيها المخاطبات والمراسلات وجميع جلسات التحكيم ، نجد ان رئيس مجلس ادارة الطاعنة شركة المؤسسه العقارية المساهمة العامة المحدودة بيّن في كتاب موجه الى هيئة التحكيم من هم الاشخاص المفوضين بتمثيل الطاعنة أمام هيئه التحكيم وهم على النحو التالي:
كما يبين لدى الرجوع الى الجلسات التي عقدتها هيئة التحكيم ، انها ثماني جلسات بما فيها الجلسة التمهيدية ، وان من مثل الطاعنة في الجلسة التمهيدية السيد هاني الطاهر عن الشركة العقارية ، في حين مثلها في الجلسة الثانية والثالثة والرابعة كل من السيد هاني الطاهر والمحامي على دويكات ، وقد مثل الجهة الطاعنة في الجلسة الخامسة السادة هاني الطاهر ولطفي الصروان والمحامي على دويكات ، وهو ما تكرر في الجلسات السادسة والسابعة ، في حين حضر في الجلسة الأخيرة عن الطاعنة كل من السادة هاني الطاهر ولطفي الصروان حيث كانت الجلسة الاخيرة.
نخلص مما تقدم ، انه وان لم يثبت من الاوراق ان المحامي علي دويكات لم يكن ممثلا عن الطاعنة لحضور جلسات التحكيم ، الا ان الثابت ان الجلسات عقدت بحضور الاشخاص المفوضين عنها بموجب كتاب التفويض الذي اشرنا اليه انفا ، ونشير هنا انه وان كان كتاب التفويض يشير الى تفويض خمسة اشخاص طبيعيين ، الا انه لا يشترط حضور الخمسة سوية كما ذهب الى ذلك الراي المخالف وذلك ان الماده 1465 من المجلة تقضي بأنه اذا وكل واحد اثنين معا بامر فليس لأحدهما وحده تصرف في الامر الذي وكلا به ، ولكن اذا كانا قد وُكلا بالخصومة او برد وديعة او ايفاء دين فلاحدهما ان يوفي الوكالة وحده ، ولما كان التحكيم هو طريق من طرق فض الخصومات بغير اللجوء الى القضاء ، فان هذه المادة تكون محل تطبيق خاصة ان قانون التحكيم وقرار مجلس الوزراء رقم (39) لسنة 2004م باللائحة التنفيذية لقانون التحكيم رقم 3 لسنة 2000م ، يخلو من اي نص يخالف حكم هذه المادة ، لكل ذلك يكون السبب الاول من أسباب الطعن واردا على الحكم المطعون فيه و يتعين نقضه لهذا السبب.
وفيما يتعلق بالسبب الثاني الذي يخطئ محكمه الاستئناف فيما ذهبت اليه ، من ان هيئة التحكيم تجاوزت صلاحيتها وانها خرجت عن حدود النزاع المتفق على احالته الى التحكيم ، واتجهت الى بحث مطالب اخرى لم تكن محل الاتفاق على التحكيم .
وفيما يتعلق بهذا السبب فاننا بعطف النظر على ما جاء في الحكم المطعون فيه نجده يسطر الاتي (وفيما يتعلق بسائر المطالبات المذكوره والتي قررت هيئة التحكيم ردها لخروجها عن اطار النزاع المتفق على عرضه على التحكيم فان التطرق لها بادراج رقم (0) لاحقا ضمن محتويات التقرير لا ينال من صحة ما توصلت اليه هيئه التحكيم في هذا الشان، وعليه فقد اعترى البطلان قرار التحكيم في الحدود المشار اليها مما يستوجب فسخه) ، والذي نراه ان هذا الذي دونته محكمة الاستئناف في حكمها محمول على التناقض ، بحيث ان ظاهره يشير الى ان هيئة التحكيم ردت المطالبات التي تتجاوز موضوع النزاع المحال اليها ، وعبرت عن ذلك محكمة الاستئناف بقولها ان ادراج الرقم صفر عن هذه المطالبات ، لا ينال مما توصلت اليه هيئه التحكيم ، الا انها عادت لتبدي ان بطلانا اعترى قرار التحكيم الامر ، الذي لا يمكن التوفيق بين هذه الاقوال مجتمعة ، الامر الذي يكون معه حكمها مشوبا بعوار القصور في التعليل والتسبيب بما يجعل من هذا السبب ايضا وارداً على حكمها .
لــــــهذه الاسبــــــاب
تقرر المحكمة بالاكثرية قبول الطعن موضوعا ونقض الحكم المطعون فيه ، واعادة الاوراق الى مرجعها لإجراء المقتضى القانوني المتمثل ببحث أسباب الطعن في قرار التحكيم ، باستثناء السبب المتعلق بصحة تمثيل المحامي علي دويكات للطاعنة أمام هيئة التحكيم ، للأسباب التي أوردناها في حكمنا هذا على أن تعود الرسوم والمصاريف على الفريق الخاسر بالنتيجة .
حكماً صدر تدقيقاً باسم الشعب العربي الفلسطيني بتاريخ 22/07/2024
الكاتــــــــب الرئيـــــــس
م.ف
الــــرأي المخــــالف الصـــــادر
عــــن القاضــــي فـــــوّاز عطيــــة
أخالف الأكثرية المحترمة فيما توصلت إليه بقبول الطعن موضوعا من خلال معالجتها السبب الأول من اسباب الطعن الماثل، إذ أرى وبعد الاطلاع على واقعات الحك الطعين، فقد توصلت محكمة الاستئناف إلى نتيجة مفادها حول صحة تمثيل الجهة المستأنف عليها بالقول:" .... بالاطلاع على سائر مفردات المبرز م/1، فقد اشتمل على كتاب خطي صادر بتاريخ 26/9/2020 عن شركة المؤسسة العقارية العربية ممهور بتوقيع رئيس مجلس الإدارة عزام العالول، مخاطبا هيئة التحكيم بأن الأسماء التي ستمثل الشركة في إجراءات التحكيم هم: عزام العالول رئيس مجلس الإدارة ونائبه هاني الطاهر وعضو مجلس الإدارة لطفي الصروان والمهندس حمزة فهد فقط...وثبت للمحكمة أن هذا الكتاب جاء خاليا من أي تفويض أو وكالة عدلية للمحامي علي دويكات ليمثل الشركة امام هيئة التحكيم، مما يعتبر حضوره كمممثل عنها غير قانوني... وكما تجد المحكمة بعد اطلاعها على جميع مشتملات المبرز م/1 فقد تضمن اتفاقا مبرما بين الفريقين بتاريخ 27/9/2020، جاء في المادة 9 منه أن يمثل الطرفين امام هيئة التحكيم بموجب توكيل رسمي أو تفويض كتابي من المخول بالتوقيع من قبل كل طرف، وعلى هيئة التحكيم اخطار كل من الطرفين بموعد انعقاد الجلسة ومكانها وذلك من خلال اخطار رسمي موجه من رئيس هيئة التحكيم.... وأنه من الثابت من خلال ضبط جلسة التحكيم التمهيدية المشار إليها، فلم تنعقد جلسة التحكيم التمهيدية وفق الأصول، مما تكون الجلسة منعقدة بصورة مخالفة للمادة 46 من قرار مجلس الوزراء رقم 39 لسنة 2004 بشأن اللائحة التنفيذية لقانون التحكيم رقم 3 لسنة 2000...مما يغدو هذا السبب واردا على الحكم المستأنف".
القاضي المخالف
فواز عطيه
ولما كانت المادة 46 من قرار مجلس الوزراء المذكور قد نصت:" في اليوم المعين لنظر النزاع يحضر الأطراف بأنفسهم أو بواسطة من يمثلهم بموجب وكالة محام أو وكالة صادرة عن كاتب العدل أو من أية جهة رسمية أخرى مصدق عليها وفق الأصول وتودع صورة عن الوكالة بملف النزاع بعد الاطلاع على الأصل من هيئة التحكيم دون الاخلال بحقها في طلب حضور أي من الأطراف شخصيا إذا القتضى الحال ذلك".
فإنه وبمقتضى اتفاق التحكيم الذي هو من مفردات المبرز م/1 المؤرخ في 20/9/2020، لاسيما ما ورد في البند 9 منه، يعتبر تمثيل طرفي النزاع امام هيئة التحكيم اما شخصيا أو بواسطة مندوب سواء أكان التمثيل بموجب توكيل رسمي أو تفويض كتاب من المخول بالتوقيع من كل طرف.
واستنادا إلى واقعات المبرز م/1 وهو ملف التحكيم، بما اشتمل عليه من صك التحكيم والمراسلات ومحاضر الجلسات وقرار التحكيم، فقد ورد فيه كتابا صادرا عن جمعية رواد المستقبل موجها إلى هيئة التحكيم بتاريخ 20/8/2020، يفيد بتفويض السيد رفيق قدومي مدير عام الجمعية لتمثيل الجمعية ومجلس إدارتها في جميع الأمور المتعلقة بموضوع التحكيم الجمعية وبين المؤسسة العقارية العربية.
أما بالنسبة لما ورد في الكتاب الصادر عن شركة المؤسسة العربية العقارية والموجه لذات الهيئة المؤرخ في 26/9/2020، فإنه أفاد أن تمثيل الشركة لدى هيئة التحكيم سيكون من التالية أسماؤهم:
وبعد الاطلاع على محاضر جلسات التحكيم، التي هي من ضمن مفردات المبرز م/1، بما في ذلك الجلسة التمهيدية، فإننا نجد أن الجهة التي كانت تمثل الشركة العقارية السيد هاني الطاهر في الجلسة التمهيدية، وما تلاها من جلسات (الجلسة 1-3 ) أصبح يمثل الشركة العقارية هاني الطاهر والمحامي علي دويكات، علما أن السيد رفيق القدومي كان يمثل جمعية رواد المستقبل.
القاضي المخالف
فواز عطيه
وفي الجلسة رقم 4 وعلى ما أخبرت عنه، أصبح يمثل جمعية رواد المستقبل بالإضافة إلى المفوض رفيق القدومي كل من: سامر سالم وعز الدين فتوح، دون أن يتم تعديل التفويض الصادر عن الجمعية، رغم أن الذي وقع على محضر الجلسة فقط رفيق القدومي، وفي الجلسات من رقم 5 حتى جلسة 7 حضر كل من: رفيق القدومي وسامر سالم وعز الدين فتوح كممثلين عن جمعية رواد المستقبل، وحضر ممثلا عن الشركة العقارية وفق ما أفادت عنه تلك الجلسة، كل من: هاني الطاهر والمحامي علي دويكات والمهندس لطفي الصروان، لكن التوقيع اختزل على ضبط الجلسات من خلال رفيق القدومي عن الجمعية، كما واختزل التوقيع على ضبط الجلسات من خلال هاني الطاهر عن الشركة، بينما في الجلسة رقم 8 فإن ما أفصحت عنه حضور رفيق القدومي وعز الدين فتوح عن الجمعية، واختزال حضور كل من هاني الطاهر و لطفي الصوان عن الشركة، وبقي التوقيع محصورا بين رفيق القدومي وهاني الطاهر.
وبناء على ما تم في جلسات التحكيم، فإن حضور المحامي علي دويكات دون أن يكون موكلا وفق الأصول كمحام عن الشركة نتتيجة خلو الاوراق من صحة هذا الامر، ودون حضور جميع الممثلين لجلسات التحكيم وفق ما أفصح عنه صك التحكيم في البند 9 منه، المؤيد في الكتاب الصادر عن الشركة المؤرخ في 26/9/2020، والذي أفاد بأن الممثلين عن الشركة هم سبق ذكرهم بعدد 5 ممثلين عنها، ودون أن تتقيد الجمعية بحصر التمثيل بالسيد رفيق القدومي فقط، فجميع ذلك يشي بأن إجراءات جلسات التحكيم لم تكن مشكلة وفق التشكيل القانوني الذي التزم به الأطراف، بناء على ما ورد في اتفاق التحكيم، و بناء على كل كتاب صادر عن جهتي التحكيم، الامر الذي يشكل ذلك مخالفة صريحة لحكم المادة 46 من قرار مجلس الوزراء.
وبالتالي، ولما كانت صحة التمثيل في إجراءات التحيكيم من صحة انعقاد الخصومة التي هي من النظام العام أسوة بالقضاء النظامي، إذ يجب على كافة المحاكم إثارتها من تلقاء ذاتها لتعلقها بسلامة إجراءات التقاضي، الامر الذي ينطبق هذا الامر على هيئة التحكيم حكما، مؤيده في ذلك حكم المادة 46 من اللائحة التنفيذية رقم 39 لسنة 2004 بشأن قانون التحكيم النافذ، إذ كان على هيئة التحكيم تطبيق صحيح احكام قانون التحكيم وما تفرع عنه من احكام وردت في اللائحة التنفيذية المتعلقة به، ليستوي صحة توافر التمثيل القانوني لكل طرف من أطراف التحكيم، من أجل أن تستقيم صحة انعقاد الخصومة المنعقدة امامها.
ولا يغير من الأمر شيئا ما استندت إليه الأكثرية المحترمة فيما أشارت إليه طبقا لأحكام المادة 1465 من المجلة، التي وردت ضمن سياق القواعد العامة في صحة التمثيل في الخصومة، مادام أن هناك نص خاص قيد العام وهو أن من حضر من اشخاص كان حضورهم بأنفسهم وليس من خلال توكيل لمحامي أو توكيل من خلال كاتب عدل أو أية جهة رسمية مصدقة وفق الأصول.
القاضي المخالف
فواز عطيه
وبناء على ما تقدم، ولما كان المستقر عليه في قضاء هذه المحكمة، أنه يجب على هيئة التحكيم السير في اجراءات التحكيم وفق القواعد التي تتفق مع الاجراءات التي نظمها قانون التحكيم والمفصلة في اللائحة التنفيذية، من حيث: التحقق من صحة التمثيل لأطراف التحكيم المتفق عليها بين أطراف التحكيم، وصحة انعقاد الخصومة ضمن شروط واحكام صك التحكيم، وتدوين جلسات التحكيم بصورة متسلسلة، وتثبيت حضور الاطراف لكل طرف من عدمه، وثبيت واقع ما كلف به الخبراء واعوان هيئة التحكيم ضمن قواعد حددت في اللائحة التنفيذية، وكذلك تثبيت واقعة حضور الاطراف لجلسة تلاوة القرار نتيجة تفهمهم أو تبلغهم، وتبيان آلية التبليغ وتدوين سبب الغياب فيما إذا كان مشروعا أو غير ذلك، على أساس أن المشرع رمى من تلك الإجراءات، تعزيز الرقابة الموضوعية لمحكمة الموضوع على اعمال التحكيم، الذي يوازي درجة من درجات التقاضي امام القضاء النظامي، ضمن ضوابط وقواعد لا تقل اهمية عن القواعد الاجرائية الآمرة في قانون اصول المحاكمات المدنية والتجارية النافذ، أو على أقل تقدير بالحد الادنى من إعمال القواعد الاجرائية، بهدف اطلاع الخصوم على الاجراءات ومواكبتها لاتصالها بالنظام العام، بحيث تخضع تلك الاجراءات لرقابة محكمة الموضوع، من أجل ضمان صحة اجراءات المحاكمة التي هي كذلك من النظام العام( راجع نقض رقم 1201/2017).
وعليه، ولما كانت جلسات التحكيم قد تمت بصورة مخالفة لصحة جهة تمثيل كل طرف من أطراف التحكيم، وإصرار هيئة التحكيم بإصدار قرارها على النحو المخالف المذكور، والتي جاءت على نحو يعبر عن مخالفة صريحة لإرادة كل جهة من أطراف التحكيم، وفق ما أفصحت عنه الكتب الصادرة عن كل جهة منها، فإن ما توصلت إليه محكمة الاستئناف من نتيجة محل الطعن الماثل في سببه الأول، له ما يؤيده قانونا في المادة 46 من اللائحة التنفيذية المذكورة، وبالتالي ما كان على محكمة الاستئناف بعد أن قبلت سبب الاستئناف المتعلق بهذه السبب من أسباب الطعن الماثل، الرد على بعض باقي أسباب الطعن بالاستئناف لأن في الواقعة التي قبلتها تتصل بالنظام العام، الامر الذي أرى أنه لا حاجة للبحث في باقي أسباب الطعن الماثل، كونها مجادلة في غير محلها، نتيجة توفر البطلان المذكور أعلاه في صحة التمثيل لأطراف نزاع التحكيم الذي أثر على صحة انعقاد الخصومة، مما يجعل من النتيجة التي توصلت إليها محكمة الاستئناف بفسخ قرار التحكيم واقعا في محله ونقرها عليه.
لــــــهذه الاسبــــــاب
أرى أنه كان الأكثرية المحترمة رد الطعن موضوعا.
القاضي المخالف
فواز عطيه
تحريرا في 22/07/2024