السنة
2017
الرقم
1201
تاريخ الفصل
22 فبراير، 2021
المحكمة
محكمة النقض
نوع التقاضي
طعون حقوقية
التصنيفات

النص

دولـــــة فــــلســــــطين

السلطــــة القضائيـــة

محكمــة النقض

" الحكــــــــــم "

الصادر عن محكمة النقض المنعقدة في رام الله المأذونة بإجراء المحاكمة وإصداره

 باسم الشعب العربي الفلسطيني

 

الهـيئـــــــــة الحـاكـمــــــــة بـرئاســـــــة القاضــــي السيـــد عبـــد الله غزلان
وعضويـة القضـــاة الســادة : عدنان الشعيبي ، محمد الحاج ياسين ، فواز عطية ، محمود جاموس

 

الطــــاعـــــن: بسام محمد يوسف سوخة/ رام الله

وكيلاه : المحاميان اسامة الطاهر و/أو حمزة الطاهر/ رام الله

  المطعـــون ضده: بادي محمد احمد أبو العم/ البيرة

وكيله : المحامي عميد العناني/ رام الله                      

                                             الإجـــــــــــــــراءات

تقدم الطاعن بهذا الطعن بتاريخ 6/7/2017 لنقض الحكم الصادر بتاريخ 8/6/2017عن محكمة استئناف رام الله في الاستئناف المدني رقم 112/2017 القاضي وعلى النحو الذي صيغ به "قبول الاستئناف موضوعا، وتعديل الحكم المستأنف بإعلان بطلان حكم المحكمين فيما يتعلق بشق الادانة بجرم اساءة الامانة، وكذلك بطلان الجزء المتعلق بالتعويض عنها بمقدار 10000 دولار أمريكي، والتصديق على الحكم فيما عدا ذلك واعطاءه الصبغة التنفيذية فيما عدا ما ابطل، وتضمين المستأنف عليه الرسوم والمصاريف ومبلغ 500 دينار اردني اتعاب محاماة عن درجتي التقاضي".

تقدم المطعون ضده من خلال وكيله بلائحة جوابية، التمس بنتيجتها رد الطعن موضوعا مع الرسوم والمصاريف واتعاب المحاماة.

المحكمـــــــــــــــة

بالتدقيـــــق وبعـــد المداولــــة، ولما كان الطعن قد قُدم ضمن الميعاد، مستوفيا لشروطه الشكلية تقرر قبوله شكلا.

وفي الموضوع، وعلى ما أفصحت عنه الاوراق أن الطاعن قد تقدم امام محكمة بداية رام الله بالطلب رقم 246/2010 بتاريخ 15/4/2010 للطعن بقرار هيئة التحكيم الصادر بتاريخ 18/3/2010 القاضي بإلزام المدعي بدفع مبلغ 91969.54 دولار امريكي للمدعى عليه المطعون ضده، على اساس من القول أن طرفي الخصومة قد وقعاعلى اتفاقية باسم اتفاقية الحسابات الاسلامية المدارة، بحيث يقوم المدعى عليه بإدارة حساب المدعي لدى شركة وندرسون التي تقوم الاخيرة بالمتاجرة بالعملات الاجنبية، وأنه نتيجة الخلاف الذي وقع بين طرفي النزاع تم الاتفاق بينهما على التوقيع على اتفاقية تحكيم بتاريخ 10/3/2009، وأُلحقت باتفاقية ثانية لاختيار لجنة تحكيم مؤلفة من خمسة اعضاء مؤرخة في 16/3/2009، وبتاريخ 18/3/2010 اصدرت هيئة التحكيم قرارها والذي طعن فيه امام محكمة البداية اذ نعى المدعي عليه مخالفته للقانون والنظام العام، كونه اشتمل على قرار جزائي كما خالف المادة 43 من قانون التحكيم من حيث: تغيب احد الاعضاء وانتداب عضو آخر محل الغائب ومخالفة اتفاق المتاجرة بالعملة للنظام العام في فلسطين الى اخر ما جاء في لائحة الطعن.

وفي السياق المتصل تقدم المدعى عليه بلائحة جوابية، اقر بموجبها بما ورد في البندين 3 و 4 ، وابدى أن قرار التحكيم صدر بالاغلبية ويتفق واحكام القانون، وبنتيجة المحاكمة قضت المحكمة بتاريخ 20/12/2016 :"بفسخ قرار التحكيم واعلان بطلانه".

لم يرتضِ المدعى عليه بحكم محكمة البداية، فبادر للطعن فيه امام محكمة استئناف رام الله ، وبنتيجة المحاكمة قضت المحكمة "قبول الاستئناف موضوعا، وتعديل الحكم المستأنف بإعلان بطلان حكم المحكمين فيما يتعلق بشق الادانة بجرم اساءة الامانة، وكذلك بطلان الجزء المتعلق بالتعويض بمقدار 10000 دولار أمريكي، والتصديق على الحكم فيما عدا ذلك واعطاءه الصبغة التنفيذية فيما عدا ما ابطل، وتضمين المستأنف عليه الرسوم والمصاريف ومبلغ 500 دينار اردني اتعاب محاماة عن درجتي التقاضي".

لم يرتضِ المدعي بحكم محكمة الاستئناف، فبادر للطعن فيه بالنقض.

وعن السبب الرابع منها والذي يتقدم بحثه عن باقي الأسباب وحاصله مخالفته للمادة 43 من قانون التحكيم رقم 3 لسنة 2000 لا سيما الفقرة السادسة منها، وكذلك المادة 56 من اللائحة التنفيذية رقم 34 لسنة 2004 بشأن قانون التحكيم، كون محاضر الجلسات غير متوفرة وفق ما ورد في كتاب رئيس هيئة التحكيم المورد لقلم محكمة الدرجة الاولى بتاريخ 17/6/2015، نرى في ذلك أن المادة 18 من قانون التحكيم نصت على:" مسألة اتفاق الاطراف على القواعد الاجرائية الواجب اتباعها من قبل هيئة التحكيم، وإذا لم يتفقوا كان لهيئة التحكيم تطبيق الاجراءات المعمول بها في مكان اجراء التحكيم"، وبما أن  اتفاق التحكيم الاول المؤرخ في 10/9/2009 (ملحق رقم 1)، والاتفاق الثاني المؤرخ في 16/3/2009 (الملحق رقم 2) قد خلا كل منهما من القواعد الاجرائية التي يجب على هيئة التحكيم العمل بمقتضاها، سواء فيما يتعلق بتثبيت إجراءات حضور الخصوم أو بتثبيت وتدوين ما يتم في محاضر الجلسات حتى لحظة اصدار قرار التحكيم، علما أن هذا الواقع مثبت في الكتاب الموجه من رئيس هيئة التحكيم إلى محكمة الدرجة الاولى بتاريخ 16/6/2015، بما يوجب على هيئة التحكيم الاسترشاد بالقواعد الاجرائية الواردة في اللائحة التنفيذية رقم 34 لسنة 2004 الصادرة عن مجلس الوزراء بشأن قانون التحكيم رقم 3 لسنة 2000 .

ذلك ان اللائحة التنفيذية تضمنت قواعد تفصيلية تتعلق بشروط اجراءات التحكيم  بما يتعين على هيئة التحكيم تطبيق احكام المادة 56 من اللائحة التي نصت على وجوب تدوين اقوال الاطراف مستندة في ذلك لحكم المادة 27 من قانون التحكيم الاصلي بأن:"تستمع هيئة التحكيم إلى بينات الأطراف وتقوم بإثبات الوقائع والإجراءات التي تتم في الجلسة في محضر تحرره هيئة التحكيم، مثبتا فيه تاريخ ومكان انعقاد الجلسة وأسماء أعضاء هيئة التحكيم وأطراف التحكيم، ويدون فيه كل ما يدور في الجلسة من أقوال وأفعال، ويوقع على المحضر رئيس هيئة التحكيم وأعضاؤها وأطراف التحكيم، وتسلم نسخة منه إلى كل طرف بناء على طلبه "، فضلا عما نصت عليه المادة 72 من ذات اللائحة من أنه :"إذا صدر قرار التحكيم بالإجماع فيجب أن يوقع من أعضاء هيئة التحكيم، وإذا صدر بالأغلبية فيكتفى بتوقيعه من المحكمين الذين اشتركوا في إصداره، ويشار في محضر جلسة النطق به إلى الرأي المخالف"، كما أن المادة 73 من ذات اللائحة نصت على وجوب أن :" يشتمل قرار التحكيم على اسم المحكم الذي أصدره إذا كان منفردا، أو أسماء أعضاء هيئة التحكيم التي أصدرته، وتاريخ ومكان إصداره، وملخص لاتفاق التحكيم وموضوعه وأسماء أطراف التحكيم وألقابهم وصفاتهم وخلاصة موجزة لدفوعهم ودفاعهم الجوهري، ثم أسباب القرار ومنطوقة ويوقع المحكم أو أعضاء هيئة التحكيم والكاتب نسخة القرار الأصلية المشتملة على ما تقدم وتحفظ في ملف القضية".

وبناء على ما تقدم، وبعد الاطلاع على واقع مجريات التحكيم وما تبعه من اجراءات حتى تاريخ صدور قرار التحكيم، المبرز م ع/2، نجد أن ما ورد في قرار التحكيم من وقائع، حيث تم تلاوة قرار التحكيم عملا باحكام المادة 40 من قانون التحكيم، كما ورد ضمن البندين 31 و32 من قرار التحكيم بأنه :" طلب بتاريخ 17/3/2010 المهندس خالد بطراوي من عضو هيئة التحكيم السيد امجد أبو شقرة ليتصل بالسيد طارق الطويل والسيد بهاء الحتو والسيد وليد حمد وابلاغهم بضرورة الحضور للجلسة الختامية وفي مقر اللجنة الشعبية بعد صلاة العشاء بتاريخ 18/3/2010، وذلك من اجل اصدر قرار بالاجماع أو بالاغلبية أو بقرار المرجح، وطلب منهم ابلاغ طرفي الخلاف بالاستعداد للحضور مساء ذلك اليوم وحال الطلب لتلاوة قرار التحكيم"، ذلك الواقع الذي اشار لصدور القرار بالاغلبية بتوقيع ثلاثة اعضاء وهم:(خالد بطراوي ووليد حمد وامجد أبو شقرة) من خمسة دون أن يحضر العضو الخامس بهاء الحتو نتيجة اغلاق هاتفه (كما ورد في البند 31من قرار التحكيم)،  وبمعارضة العضو الرابع طارق الطويل، لكن دون وجود محاضر رسمية تثبت واقعة حضور الخصوم وتبلغهم، ودون تثبيت واقع سبب غياب الخصوم لجلسة النطق بالقرار، وفيما إذا تم تبليغهم ذلك رسميا، وبالتالي تثبيت واقع تبليغ اعضاء هيئة التحكيم كما ولو أنهم من الخصوم، حتما تكون اجراءات التحكيم قد شابها العوار والخلل القانوني، إذ يجب على هيئة التحكيم السير في اجراءات التحكيم وفق القواعد التي تتفق مع الاجراءات التي نظمها قانون التحكيم المفصلة في اللائحة التنفيذية من حيث تدوين جلسات التحكيم  بصورة متسلسلة وتثبيت حضور الاطراف من عدمه، وثبيت واقع ما كلف به الخبراء واعوان هيئة التحكيم ضمن قواعد حددت في اللائحة التنفيذية، وكذلك تثبيت واقعة حضورالاطراف لجلسة تلاوة القرار نتيجة تفهمهم أو تبلغهم وتبيان آلية التبليغ وتدوين سبب الغياب فيما إذا كان مشروعا أو غير ذلك.

وحيث أن المشرع رمى من تلك الاجراءات تعزيز الرقابة الموضوعية لمحكمة الموضوع على اعمال التحكيم، الذي يوازي درجة  من درجات التقاضي امام القضاء النظامي، ضمن ضوابط وقواعد لا تقل اهمية عن القواعد الاجرائية الآمرة في قانون اصول المحاكمات المدنية والتجارية أو على أقل تقدير بالحد الادنى من إعمال القواعد الاجرائية، بهدف اطلاع الخصوم على الاجراءات ومواكبتها لاتصالها بالنظام العام، بحيث تخضع تلك الاجراءات لرقابة محكمة الموضوع لضمان صحة اجراءات المحاكمة التي هي كذلك من النظام العام.

وبإنزال حكم قانون التحكيم واللائحة التنفيذية على الوقائع المفقودة سالفة الوصف، وفق ما أنبأ عنه كتاب رئيس هيئة التحكيم سالف الذكر المثبت بالوقائع المفقودة كذلك في قرار التحكيم على النحو المذكور اعلاه، وبعد الاطلاع على حكم محكمة الاستئناف الذي عاب على حكم محكمة الدرجة الاولى في النتيجة التي توصلت إليها بإعلان بطلان قرار التحكيم نتيجة عدم تدوين هيئة التحكيم لواقع جلسات التحكيم، بقولها أن البطلان محدد في حكم المادة 43 من قانون التحكيم على سبيل الحصر، وأنه على صاحب المصلحة التمسك بذلك من تلقاء نفسه، وعلى محكمة الدرجة الاولى ألا تتمسك ببطلان اجراءات التحكيم من تلقاء نفسها، نجد أن معيار الفصل في الاراء المتباينة بين حكم محكمة الدرجة الاولى وحكم محكمة الاستئناف، ينحصر في تطبيق حكم المادة 34 من اللائحة سالفة الذكر التي نصت على أن :" يجري التحكيم أمام هيئة التحكيم وفقا للإجراءات المنصوص عليها في هذه اللائحة ما لم يرد نص مغاير في اتفاق التحكيم، أو ما يجيزللأطراف اختيار اجراءات إضافية للتحكيم أمام هيئة التحكيم وعلى ألا تؤثر هذه الإجراءات على صلاحية هيئة التحكيم المنصوص عليها في هذه اللائحة"، بحيث يفهم من هذا النص أن هناك قواعد لا يجوز مخالفتها مع امكانية اختيار اجراءات اضافية بهدف تعزيز وتثبيت سلامة الاجراءات امام هيئة التحكيم، وبالتالي تصدي محكمة الدرجة الاولى لقواعد اجرائية يشترط توفرها في اجراءات التحكيم، باعتباره قضاء موازيا، على أساس أن التحكيم هو عبارة عن نظام خاص للتقاضي ينشأ من الاتفاق بين الأطراف المتنازعة لجهة أو هيئة تقوم بمهمة الفصل في المنازعات القائمة بينهم بحكم يتمتع بحجية الأمر المقضي به، ضمن رقابة القضاء النظامي.

ولما كان التحكيم يتعلق، بأداء وظيفة لا تختلف عن تلك التي يقوم بها القاضي المعين من طرف الدولة، ألا وهي الفصل في المنازعات المعروضة عليه بحكم يتمتع بحجية الشيء المقضي به تحول دون إعادة طرح ذات النزاع الذي فصل فيه أمام هيئة تحكيم أخرى، أو أمام القضاء نفسه، فإن ذلك لا ينف عن نظام التحكيم أنه نظام يختلف عن القضاء الذي تنظمه الدولة، لأن التحكيم ينبع من اتفاق الخصوم على اتخاذه وسيلة لحل نزاعاتهم، بينما يتسم القضاء بأنه سلطة من سلطات الدولة العامة تتولى هذه الأخيرة تنظيمه بما يحقق إقامة العدل بين الناس ويستمد القاضي ولايته من الدولة كموظف يقوم على أداء العدالة في جهاز القضاء، ورغم هذا الاختلاف فإن التحكيم لا يظل بمعزل عن قضاء الدولة الذي يساهم الاخيربصقل قرار التحكيم بصبغة التنفيذ فيما إذا كان يتوافق واحكام القانون.

وعليه، لا يجوز أن تتمتع قواعد واجراءات التحكيم بقواعد واجراءات أقل ضمانة من قواعد واجراءات التقاضي امام القضاء النظامي، الامر الذي لا نقر محكمة الاستئناف لما توصلت إليه في ردها على السبب الثامن من اسباب الطعن بالاستئناف، مما يغدو هذا السبب من اسباب الطعن واردا على الحكم الطعين يتعين نقضه لتعلق اجراءات التحكيم السليمة بالنظام العام، دون الحاجة للبحث في باقي اسباب الطعن.

لـــــــهذه الأسبــــــــاب

نقرر نقض الحكم المطعون فيه، وعملا باحكام المادة 237/2-أ ولما كان موضوع الدعوى صالحا للفصل فيه، نقرر قبول الدعوى الأساس بالحكم ببطلان قرار التحكيم محل الدعوى الاساس، وتضمين المطعون ضده الرسوم والمصاريف و300 دينار اردني اتعاب محاماة عن جميع مراحل التقاضي، وبذات الوقت اعتبار طلب وقف التنفيذ  رقم 256/2017 المتفرع عن هذا الطعن كأن لم يكن نتيجة قبوله.

حكما صدر تدقيقا باسم الشعب العربي الفلسطيني بتاريخ 22/02/2021

الكاتـــــــــب                                                                                                     الرئيـــــــس

     م.ف