دولـــــة فــــلســــــطين
السلطــــة القضائيـــة
المحكمة العليا / محكمــة النقض
"الحكـــــم"
الصادر عن المحكمة العليا / محكمة النقض المنعقدة في رام الله المأذونة بإجراء المحاكمة وإصداره
بإسم الشعب العربي الفلسطيني
الهـيئة الحـاكـمـــة بـرئاسة القاضـــــي الســــــــــيد عماد مسوده
وعضوية القاضيين السيدين : سائد الحمد الله ، عوني البربراوي
الطـــــاعن : مح.دير / رام الله
وكيله المحامي : نبيل مشحور / رام الله
المطعون ضده : الحق العام
الاجــــــــراءات
-بتاريخ 15/8/2024 تقدم الطاعن بواسطة وكيله بهذا الطعن لنقض الحكم الصادر عن محكمة بداية رام الله بصفتها الاستئنافية بتاريخ 22/4/2024 بالاستئناف الجزائي 113/2023 والقاضي بقبول الاستئناف موضوعاً وتعديل الحكم المستأنف وفق التالي :-
أولا : عملاً بالمادة 274/2 من قانون الإجراءات الجزائية 3/2001 وتعديلاته ادانة المستأنف ضده بتهمة الايذاء خلافاً للمادة 334/2 من قانون العقوبات والحكم عليه بالغرامة 25 دينار اردني .
ثانيا : عملاً بالمادة 274/2 سالفة الذكر الحكم بإدانة المستأنف ضده بتهمة اغتصاب التوقيع خلافاً للمادة 414/1 من قانون العقوبات والحكم عليه بالحبس مدة ثلاثة اشهر والغرامة بقيمة عشرة دنانير اردنية ودمج العقوبتين وتطبيق العقوبة الأشد دون سواها .
ثالثا: تأييد الحكم المستأنف والقاضي بإعلان براءة المستأنف ضده من تهمة التهويل خلافاً للمادة 415 من القانون سالف الذكر .
تتلخص أسباب الطعن بما يلي :-
1- أخطات المحكمة في استنتاج الوقائع التي اعتبرتها انها ثابته على الرغم من ان البينة المقدمة في الملف لم تثبت الادعاءات الواردة على لسان المشتكية بل على الأكثر فقد جاءت متناقضة مع شهادة المشتكية حيث ان المحكمة استنتجت ان المتهم وقع المشتكية على كمبيالة من خلال اقوال شهود الاثبات رغم ان هؤلاء الشهود لم يكونوا موجودين وقت الواقعة المعزو صدورها من المتهم .
2- أخطأت المحكمة في الاخذ بشهادة المشتكية على الرغم من التناقض الواضح ما بين شهادتها امام المحكمة وشهادتها امام النيابة العامة وهو تناقض جوهري ظهر في مواقع عديدة حيث كان على المحكمة استبعادها شهادتها لعدم الاطمئنان اليها .
3- ان التقرير الطبي النهائي المبرز من قبل النيابة العامة ن/1 يتحدث عن إصابات الحقت بالمشتكية بتاريخ 26/5/2019 بينما لائحة الاتهام تعزو صدور الوقائع الجرمية عن المتهم بتاريخ 29/5/2019 ولا يتعدى ذلك الى ما قبلها عن تواريخ ومع ذلك أخطات في الاستناد الى هذا التقرير بالادانة ، وهذا القصور لا يعتبر من الأخطاء المادية لان ذلك يتعلق بمبدأ عينية الدعوى وسيما ان النيابة العامة لم تطلب تصحيح هكذا امر .
4- اخطات المحكمة بإدانة الطاعن بتهمة الايذاء والاستناد الى شهادة المشتكية بذلك رغم التناقضات الواردة بشهادتها ، بالإضافة الى ان التقرير الطبي الأول لم يشير الى إصابة في العين .
5- أخطأت المحكمة في عدم التطرق الى شهادة شاهد الدفاع ياسر أبو شنب وهي شهادة لا تحوي أي تناقض.
6- ان اغتصاب التوقيع يتطلب ابتداء اثبات وجود تهديد مكتمل العناصر ومن ثم ثبوت اغتصاب التوقيع ليصار الى الحكم بإنطباق عناصر التهمة محل البحث ولم كانت المحكمة لم تبحث مسألة وجود التهديد ابتداء ، ولم تلتفت الى ان المشتكية قد اقرت في شهادتها بأنها قد فتحت موضوع تصويرها وهي بغير ملابس امام أهلها عند حضورهم مما ينفي أي خوف لديها يسلبها ارداتها تحت زعم انها قد وقعت خوفاً من فضحها عند أهلها بتصوير الفيديو وبالتالي فقد أخطأت المحكمة في عدم الحكم ببراءة الطاعن .
6- ان الكمبيالة محل الدعوى لم تظهر اساساً ولم يرها أي من الشهود ولم يجري المطالبة وان كامل البينة المقدمة بخصوص مسألة وجود الكمبيالة من عدمه هو بينة سماعية وليست عن مشاهدة ومعاينة وان اخذ المحكمة بالقرائن ل يستقيم مع قضاء الجزاء وان اخذ المحكمة للجزء اليسير من افادة المتهم في محاولة لتثبيت وجود الكمبيالة يؤكد ان المحكمة كانت تحاول اقتباس فقط ما يسنجم وقرار الإدانة رغم ان المتهم كانت افادته واضحة وضوح الشمس (.....وانا حكيتلها بدك نصف الدار وقعيلي على كمبيالة وحكتلي انا ما بوقع وانا حكيتلها ما بكتبلك نصف الدار....ولم اقم بتصويرها وهي عارية ولم اوقعها على كمبيالة وقبل ما تكسر البيت اتصلت على محامي صديقي سألته عن الكمبيالة.
-يلتمس الطاعن قبول الطعن شكلاً وموضوعاً والحكم ببراءة الطاعن .
-بتاريخ 9/9/2024 تقدم النائب العام بلائحة جوابية التمس من خلالها رد الطعن شكلاً وموضوعاً.
المحكمـــــــــــة
-بعد التدقيق والمداولة قانوناً نجد ان الحكم المطعون فيه كان قد صدر بغياب المستأنف ضده الطاعن وان أوراق الدعوى قد خلت من ما يفيد ان الطاعن تبلغ الحكم المطعون فيه حسب الأصول والقانون وفق ما تستوجبه المادة 185 والمادة 355/2 من قانون الإجراءات الجزائية 3/2001 وتعديلاته الأمر الذي يجعل من الطعن مقدم على العلم .
-وان الاستدعاء المقدم من الطاعن بواسطة وكيله بتاريخ 19/5/2024 يلتمس من خلاله من المحكمة مصدرة الحكم المطعون فيه لا يغير من الامر شيئاً ولا يعتبر علماً يقينياً للطاعن بالحكم المطعون فيه اذا ما اخذنا بعين الاعتبار ان المادة 185 سالفة الذكر اوجبت تبليغ المحكوم عليه لشخصه وان الاجتهاد القضائي مستقر على ان تبليغ الوكيل لا يقوم مقام تبليغ الموكل ( المحكوم عليه ) في القضايا الجزائية.
-وعليه وحيث ان الطاعن قام بتأدية رسم التأمين لكل هذا تقرر المحكمة قبول الطعن شكلاً .
-وفي الموضوع ، وعن أسباب الطعن وبالنسبة للأسباب من (1-4) وحاصلها واحد وهو تخطئة المحكمة بالاستناد لشهادات شهود الاثبات رغم التناقض الجوهري الذي يشوبها.
-وفي القانون تنص المادة 234 من قانون الإجراءات الجزائية 3/2001 وتعديلاته على مايلي :-
1- تقدر المحكمة قيمة شهادة الشهود ....
2- إذا لم توافق الشهادة الدعوى، أو لم تتفق أقوال الشهود مع بعضها البعض، أخذت المحكمة بالقدر الذي تقتنع بصحته.
-وبالعودة للبينات المقدمة في الدعوى تجد محكمتنا ان المشتكية مه.ر قد ادلت بأقوالها لدى الضابطة القضائية ، النيابة العامة ، المحكمة
-حيث تجد محكمتنا ان التناقض الجوهري قد شاب تلك الاقوال ومن مظاهر هذا التناقض ما يلي :-
-بخصوص تهمة الايذاء افادت لدى الضابطة القضائية انه تم ضربها من قبل الطاعن على عينها اليسرى في حين ان افادتها لدى النيابة العامة لم تذكر تعرضها للضرب على عينها اليسرى ، اما امام المحكمة أفادت ان عينها كانت نافخة.
-يضاف الى ذلك الثابت ان الحادثة وتفاصيلها الواردة في لائحة الاتهام قد اثبتت البينة المطروحة في الدعوى انها وقعت بتاريخ 26/5/2019 ، والثابت انه في هذا التاريخ احتصلت المشتكية على تقرير طبي من قسم الطوارئ في جمعية الهلال الأحمر ورد فيه ( ان مه.ر تعاني من آلام ورضوض في الوجه واليدين والارجل والظهر نتيجة اعتداء من آخرين عليها كما قالت )
-حيث تجد محكمتنا ان هذا التقرير جاء خالياً من ما يفيد ان هناك إصابة في العين اليسرى للمشتكية.
-يضاف الى ذلك ان شهود الاثبات سم.ف ، حس.قنه ، إبرا.ف جاءت شهادتهم بخصوص تهمة الايذاء غير متوافقة مع الدعوى ، اذ يجزم الشاهدين سم.ف و حس.نه مشاهدتهما للمشتكية مضروبة على عينها وهذا على خلاف الخبرة الطبية الفنية والمشار اليها سابقاً.
-اما الشاهد إبر.طف يذكر انه لا يذكر وين الضربات على المشتكية ولكن كان في نفخ في فمها وهذا ما لم يرد بشهادة المشتكية وشاهدي الاثبات سم.ف وحس.نه.
-وان التقرير الطبي القضائي ن/1 لا يغير من الامر شيئاً اذ جاء وصفاً وترديد لتقرير طبي لم يبرز في هذه الدعوى .
-من هنا تجد محكمتنا ان ما جاء بشهادة شهود الاثبات المشار اليهم أعلاه بخصوص تهمة الايذاء لا تتوافق مع حال الدعوى مما يجعل المحكمة غير مطمئنة لها ، الامر الذي تجد فيه محكمتنا ان ما جاء بشهادة الشاهد يا.ب من مشاهدته للطاعن وملابسه ممزقة ، اما المشتكية م.ا لم تكن ملابسها ممزقه ولم يلاحظ وجود علامات ضرب على المشتكية هي الأقرب للطمأنينة ، اذا ما اخذنا بعين الاعتبار ان بينة الاثبات ايضاً جاءت متناقضة بخصوص ملابس المشتكية م.ا فبينما لم يرد بشهادتها وشهادة الشاهد سم.ف ما يفيد ان ملابسها كانت ممزقة ، نجد ان شاهدي الاثبات إبرا.ف ، حسي.ه يزعمان مشاهدتها للمشتكية وكانت ملابسها ممزقه .
-اما بخصوص واقعة غصب التوقيع نجد ان المشتكية مه.ر قد تناقضت اقوالها بهذا الخصوص.
-فبينما ورد في اقوالها لدى الشرطة والنيابة العامة انها قامت بتوقيع كمبيالة واحدة حيث اضافت انها وقعت بكتابة اسمها وتوقيعها .
-نجد انها ذكرت في شهادتها امام المحكمة انها قامت بالتوقيع على كمبيالتين حيث ان الكمبيالة الأولى قام الطاعن بتمزيقها ، وتضيف انه وقعت على تلك الكمبيالتين بإسمها الرباعي .
-يضاف الى ذلك ان المشتكية م.ا لم يرد في أقوالها لدى الضابطة القضائية والنيابة العامة انها شاهدت الطاعن يصور الكمبيالة ، في حين جاء بشهادتها امام المحكمة مشاهدتها له وهو يصور الكمبيالة من خلال الهاتف الخلوي .
-يضاف الى ان المشتكية وفي اقوالها لدى النيابة العامة تقول انه بعد ان قامت بالتوقيع على الكمبيالة قام المتهم بالاتصال على شخص وقال له كل شيئ تمام وانه سيرسل له الكمبيالة ، في حين بشهادتها لدى المحكمة ذكرت ان هذا الشخص اسمه محمد .
-ومن جانب آخر نجد ان شهادة شهود الاثبات جاءت متناقضة بخصوص علمهم بواقعة غصب المشتكية بالتوقيع على الكمبيالة فبينما ورد بشهادة المشتكية مه.ر امام المحكمة انها لم تبلغ شهود الاثبات سمي.ف ، إبرا.طف ، حس.نه انها ابلغتهم بموضوع الكمبيالة حيث ذكرت (....لاني ما بعرف ان اهلي بعرفوا بموضوع الكمبيالة ..... ولاحقاً عرفت ان الطاعن مش حاكيلهم عن الكمبيالة ).
-فإننا نجد ان شهود الاثبات أفادوا بعلمهم بواقعة تحرير الكمبيالة من المشتكية .
-من هنا تجد محكمتنا ان استناد المحكمة مصدرة الحكم المطعون فيه على شهادات شهود الاثبات فيما توصلت اليه جاء مبنياً على مخالفة القانون مما يجعل الأسباب من (1-4) واردة .
-اما بالنسبة للسبب الخامس فإننا نجد ان المادة 414/1 من قانون العقوبات رقم 16لسنة 1960 تشترط لوقوع هذه الجريمة ان يكون هناك تهديد او استعمال عنف لإغتصاب التوقيع .
-ومن المقرر قانوناً ان التهديد المعتبر هو الذي من شانه التأثير في نفس المجني عليه تأثيراً شديداً .
-وبالعودة للدعوى مدار البحث نجد ان المشتكية مه.ر تزعم ان الطاعن قام بتهديدها بالقول لها اذا لم تقومي بالتوقيع على الكمبيالة راح افضحك عند اهلك كونه قام بتصويرها على هاتفه الخلوي وهي عارية من ملابسها في منزله .
-الا اننا نجد ان المشتكية المذكورة قد أفادت في شهادتها امام المحكمة (....وحضر اهلي لمنزل الطاعن عندما اتصلت بهم وحضر خالي وابن خالي وصاحبه وزوج اخت المتهم ونعم حكينا في موضوع التصوير .
-وهذا ما أكد عليه شاهدي الاثبات حسين ازمقنه (.... وانا سمعت تصوير ما تصوير وطلعت برا بعدها لانها صارت مسألة عائلية )
-والشاهد إبر.ف والذي ذكر بشهادته (.... وعمي سأل المشتكية شو صار قالتله المتهم هجم علي وشلحني اواعي وصورني وهددني بالصور عشان توقيع الكمبيالة ).
-وبالتالي فإن ما أفادت به المشتكية م.ا من انها قامت بالتوقيع على الكمبيالة بعد تهديد الطاعن لها بفضح الطاعن لها بارسال صورها الى أهلها يتناقض مع البينة سالفة الذكر والتي ثبت من خلالها ان المشتكية هي التي أبلغت ذويها بموضوع تصوريها من قبل الطاعن وهي خالعة ملابسها اذا ما اخذنا بعين الاعتبار إقرار المشتكية انها قامت بخلع الملابس من تلقاء نفسها في منزل الطاعن والذي لا يربطها به أي علاقة سوا انها طليقته ، الامر الذي ينتفي معه التهديد الذي تتطلبه المادة 414/1 سالفة الذكر ، الامر الذي يجعل من السبب الخامس وارد وفي محله .
-وان تعويل المحكمة مصدرة الحكم المطعون فيه على محضر استجواب الطاعن بتاريخ 10/6/2019 وتحديداً ما جاء في الصفحة الثانية منه وما اقتبسته تلك المحكمة من هذا المحضر لايؤدي بها الى النتيجة التي توصلت اليها اذا ما اخذنا بعين الاعتبار نص المادة 214 من قانون الإجراءات الجزائية 3/2001 وتعديلاته .
ومن جانب آخر لا بد لمحكمتنا من الإشارة الى ان المشتكية وحسب زعمها أفادت انها تمكنت من السيطرة على الهاتف الخلوي الخاص بالطاعن والذي تمكن من خلاله من تصويرها وهي عارية ، وانه اخذ صورة للكمبيالة بعد توقيعها عليها وانها قامت بإلقاء الهاتف الخلوي من منزل الطاعن الى الأسفل وتم البحث عن هذا الهاتف حيث افاد الشاهد إبراه.ف انه لم يتمكن من العثور عليه كون الحشيس عالي ، الا اننا نجد انه لم يتم ابلاغ الضابطة القضائية في حينه وهي القادرة على ذلك ، اذا ما اخذنا بعين الاعتبار ان المشتكية قد جزمت ان المتهم هو الذي اتصل بالشرطة للحضور وجزمت ايضاً ان الشرطة كانت قد حضرت وانا الذي طلبت انه الشرطة ما تطلع .
-اذ ان هذا الذي أفادت به المشتكية يثير الشك والريبة بخصوص شكواها ، اذ كيف وهي المشتكية وقد وقع عليها ما وقع من قبل الطاعن حسب زعمها والضابطة القضائية أصبحت قريبة من مكان الحدث ولم تقم بإبلاغهم بما حصل معها حتى تتمكن الضابطة القضائية من ضبط بلفون الطاعن الذي يحتوي على صورها وهي عارية وفق زعمها .
-اما بخصوص ما ينعاه الطاعن على لائحة الاتهام من ان التاريخ الوارد فيها بخصوص وقوع الجرم في 29/5/2019 في حين ان البينة اثبتت ان الحادثة وقعت بتاريخ 26/5/2019 الامر الذي يخل بمبدأ عينية الدعوى الجزائية وما يترتب عليه من عدم قبول الدعوى الجزائية .
-فإننا نجد ان الطاعن كان ممثلاً بمحامي الدفاع عنه بجلسة تلاوة لائحة الاتهام عليه ، ولم يبدي أي اعتراض بهذا الخصوص وفق ما تستوجبه المادة 478 من قانون الإجراءات الجزائية 3/2001 وتعديلاته الامر الذي يجعل من التمسك بهذا الامر في هذه المرحلة غير وارد .
-لكل هذا ولما كان الامر كذلك
-تقرر المحكمة قبول الطعن موضوعاً ونقض الحكم المطعون فيه وإعادة الدعوى لمصدرها للسير بها وفق ما تم بيانه من هيئة مغايرة وإعادة التأمين النقدي للطاعن .
حكماً صدر تدقيقاً باسم الشعب العربي الفلسطيني بتاريخ 2/10/2024