دولـــــة فــــلســــــطين
السلطــــة القضائيـــة
المحكمة العليا / محكمــة النقض
"الحكـــــم"
الصادر عن المحكمة العليا / محكمة النقض المنعقدة في رام الله المأذونة بإجراء المحاكمة وإصداره
بإسم الشعب العربي الفلسطيني
الهـيئة الحـاكـمـــة بـرئاسة الســــــــــيد القاضـــــي حازم إدكيدك
وعضوية السادة القضاة : محمود جاموس ، عوني البربراوي ، نزار حجي ، رائد عساف
الطـــــاعن : الحق العام / النيابة العامة .
المطعون ضدهما : 1- سند صبحي صالح منصور / كفر قليل - نابلس .
2- مهدي عبد الرحمن محمود منصور / كفر قليل - نابلس .
وكيلهما المحامي : أحمد شرعب / طولكرم .
الاجــــــــراءات
بتاريخ 10/10/2023 تقدم النائب العام بهذا الطعن ضد المطعون ضدهما ، وذلك للطعن في الحكم الصادر بتاريخ 10/09/2023 عن محكمة إستئناف نابلس في الاستئنافين 75 و 77/2021 ، القاضي بعدم اختصاصها بمحاكمة المستأنفان وإبطال القرار المستأنف عملاً بالمادة 475 من قانون الإجراءات الجزائية ، فيما يتعلق بالمستأنفين فقط وشل جميع آثاره وإحالة الأوراق إلى النيابة العامة لإجراء المقتضى القانوني .
تتلخص أسباب الطعن في مجملها بتخطئة محكمة الإستئناف في تطبيق القانون وتأويله وتفسيره ، واعتبار أنها غير مختصة بمحاكمة المطعون ضدهما بوصفهما من العساكر ، إستناداً لحكم المحكمة الدستورية رقم 2/2018 ، رغم أن قرار المحكمة الدستورية يسري بأثر مباشر ولا يسري بأثر رجعي وفق أحكام المادة 41 من قانون المحكمة الدستورية ، وأن أثر ذلك الحكم يسري وينصرف إلى المستقبل، طالما أنها لم تذكر في قرارها سريانه بأثره الرجعي .
ملتمساً قبول الطعن موضوعاً ونقض الحكم المطعون فيه ، وإصدار القرار المتفق وأحكام القانون والأصول .
من جانبه ، تقدم وكيل المطعون ضدهما بلائحة جوابية ، ابدى فيها صحة الحكم المطعون فيه ، وأن حكم المحكمة الدستورية هو كاشف لعدم دستورية النص التشريعي وليس منشأ له ، طالباً بالنتيجة رد الطعن شكلاً وموضوعاً .
المحكمـــــــــــة
بعد التدقيق والمداولة ومن حيث قبول الطعن شكلاً ، ورداً على وكيل المطعون ضدهما حول تقديم الطعن إلى محكمة النقض وليس إلى المحكمة العليا/محكمة النقض وفق أحكام المادة 16 من القرار بقانون رقم 39 لسنة 2020 بشأن تشكيل المحاكم النظامية ، فإننا نجد أن المشرع في القرار بقانون المذكور قد نص في مادته السابعة على تشكيل المحاكم النظامية وحددها بمحاكم الصلح والبداية والاستئناف والمحكمة العليا/ محكمة النقض ، إضافة إلى نصه في المادة 17 على اختصاصات المحكمة العليا/ محكمة النقض ، ولما كان ذلك ولا يوجد في تشكيل المحاكم النظامية سوى محكمة نقض واحدة تحمل مسمى المحكمة العليا/ محكمة النقض ، فيكون تقديم هذا الطعن على النحو الذي قدم فيه وتوجيهه إلى محكمة النقض دون ذكر مسمى المحكمة العليا لا أثر له على صحة الطعن ولا يخالف القانون ، ما يجعل من دفع المطعون ضدهما واجب الرد ، ولما كان الطعن مقدم ضمن المدة القانونية ، ومستوفياً لشروطه الشكلية ، تقرر قبوله شكلاً .
وفي الموضوع ، وعلى ما تجاهر به الأوراق ، أن الجهة الطاعنة كانت قد أحالت المطعون ضدهما بلائحة اتهام بتاريخ 04/09/2007 ليصار إلى محاكمتهما أمام محكمة بداية نابلس إضافة لشخص آخر عن تهمة القتل القصد بالاشتراك خلافاً لأحكام المادة 326 بدلالة المادة 76 من قانون العقوبات رقم 16 لسنة 1960 ، وتهمة الشروع بالقتل بالاشتراك خلافاً للمادة 326 و 68 و 76 من ذات القانون ، وبعد أن استكملت محكمة الدرجة الأولى الإجراءات أصدرت حكمها بتاريخ 04/12/2018 القاضي بإدانتهما بالتهمتين المنسوبتين إليهما وقضت على كل واحد منهما بالأشغال الشاقة المؤقتة لمدة خمسة عشر عاماً عن جناية القتل القصد وسبعة سنوات ونصف أشغال شاقة عن جناية الشروع بالقتل القصد ودمج العقوبات لتصبح الأشد وهي الأشغال الشاقة لمدة خمسة عشر عاماً لكل واحد منهما وتخفيض العقوبة سنداً للمصالحة إلى سبعة سنوات ونصف لكل واحد منهما على أن تحسم مدة توقيفهما .
لم يرتضِ المدانين من الحكم المذكور، فتقدما بالاستئنافين 75 و 77/2021 لدى محكمة استئناف نابلس التي أصدرت الحكم المطعون فيه والقاضي بعدم الاختصاص .
لم ترتضِ النيابة العامة من حكم محكمة الاستئناف، فتقدمت بالطعن بالنقض الماثل ، حاملة إياه على السبب الملخص في مقدمة هذا الحكم .
وعن سبب الطعن ، وحاصله تخطئة محكمة الاستئناف بتقرير عدم الاختصاص في تفسير وتطبيق وتأويل خاطئ للقانون ولحكم المحكمة الدستورية في طلب التفسير رقم 2/2018 ، والخطأ في اعتبار سريان ذلك الحكم الدستوري بأثر رجعي مخالفة المادة 41 من قانون المحكمة الدستورية .
وبالخصوص ، نجد أن الثابت من الأوراق أن إحالة المطعون ضدهما ليحاكما عن التهم المسندة إليهما كانت بتاريخ 04/09/2007 ، وأن هذين المتهمين /المطعون ضدهما هما فردين من أفراد قوى الأمن منذ تاريخ 01/03/2001 وفق ما ورد في المبرز (س/1) كتاب المستشار القانوني لهيئة التنظيم والإدارة المؤرخ في 30/05/2023 والمقدم إلى محكمة الاستئناف.
كما نجد كذلك أن المحكمة الدستورية العليا في طلب التفسير الدستوري رقم 2/2018 قد قضت بتاريخ 12/09/2018 والمنشور في العدد 148 على الصفحة 132 من الوقائع الفلسطينية بمنطوق حكمها بأن (المقصود بالشأن العسكري يفسر بوجوب اعتماد المعايير الثلاثة الواردة في المتن لتحديد اختصاص هيئة قضاء قوى الأمن دون غيرها مع التأكيد أن القانون الأساسي الفلسطيني قد فوض المشرع بتنظيم القضاء العسكري وتحديد ولايته واختصاصاته بقانون ، وبالتالي توصي المحكمة الدستورية العليا بوجوب الاسراع بتشريع قانون يحدد بدقة الجرائم ذات الشأن العسكري وفقاً لما تم بيانه في متن هذا التفسير) .
وكانت قد أشارت ذات المحكمة في متن حكمها إلى ثلاثة معايير إعتمادها المشرع الجزائي الفلسطيني لتحديد اختصاص القضاء العسكري الولائي وهي :-
وبالتالي انطباق أي من المعايير الثلاثة على حالة الدعوى الماثلة يؤدي حتماً وقطعاً إلى اختصاص القضاء العسكري بنظر الدعوى الجزائية وليس القضاء النظامي ، إلا أن المسألة محل الطعن تتعلق بأثر ذلك الحكم الدستوري ومدى انطباقه وسريانه على الإجراءات والقضايا التي كانت قائمة قبل صدوره والمرتبطة بالقضايا الجزائية بالتحديد في ظل نصوص قانون المحكمة الدستورية .
إذ بالرجوع إلى نص المادة 41 من قانون المحكمة الدستورية العليا رقم 3 لسنة 2006 وتعديلاته فقد نصت على (1-أحكام المحكمة في الدعاوى الدستورية وقراراتها بالتفسير ملزمة لجميع سلطات الدولة وللكافة .
2-إذا قررت المحكمة أن النص موضوع المراجعة مشوب كلياً أو جزئياً بعيب عدم الدستورية توضح ذلك بقرار معلل يرسم حدود عدم الدستورية ، والنص الذي تقرر عدم دستوريته يعتبر في حدود قرار المحكمة محظور التطبيق 3- إذا كان الحكم بعدم الدستورية متعلقاً بنص جزائي تعتبر الأحكام التي صدرت بالإدانة استناداً إلى ذلك النص محظورة التطبيق ، ويقوم رئيس المحكمة تبليغ النائب العام بالحكم فور النطق به لإجراء المقتضى القانوني اللازم).
وحيث أن المسألة محل البحث هنا تتعلق بقضية جزائية صادر بها حكم بالإدانة من محكمة الدرجة الأولى وقضى بوضع المطعون ضدهما بالأشغال الشاقة المؤقتة عن تهمة القتل القصد والشروع بالقتل القصد بعد تخفيض العقوبة عليهما ، ولما كانت المسألة المعروضة على المحكمة الدستورية بطلب التفسير 2/2018 تتعلق بنص قانوني جزائي يرتبط بمدى اختصاص القضاء النظامي في نظر القضايا الجزائية التي أطرافها من الشرطة النظامية وفق نص المادة 53 من القرار بقانون رقم 23 لسنة 2017 بشأن الشرطة ، وخلصت المحكمة الدستورية إلى عدم دستورية المادة 53 من القرار بقانون المذكور وحظرت تطبيقها وأوضحت مفهوم الشأن العسكري .
ولما كان مؤدى ذلك كله مصلحة المتهم / المطعون ضدهما بإلغاء الإجراءات التي أدت إلى إدانتهما لعدم اختصاص القضاء النظامي بنظر الدعوى الجنائية المقامة بحقهما ، وأن القضاء العسكري هو المختص بتلك الإجراءات بالنظر للمعيار الشخصي المرتبط بشخصهما بوصفهما عسكريان ينتميان إلى هيئة قوى الأمن الفلسطينية وفق الثابت أعلاه ، فيكون ما خلصت إليه المحكمة الاستئنافية لجهة عدم اختصاصها بمحاكمة المطعون ضدهما وإبطال القرار الصادر بخصوصهما وإحالة الأوراق إلى النيابة العامة لإجراء المقتضى القانوني عملاً بأحكام المادة (475) من قانون الإجراءات الجزائية رقم 3 لسنة 2001 وتعديلاته متفقاً وأحكام القانون الأساسي المعدل للعام 2003 خاصة المادة 101 منه و قانون المحكمة الدستورية العليا وقانون الإجراءات الجزائية ومتفقاً وواقع الدعوى .
لــــــــــــــهذه الأســــبــــاب
تقرر المحكمة رد الطعن موضوعاً .
حكماً صدر تدقيقاً باسم الشعب العربي الفلسطيني بتاريخ 14 /10/2024