دولـــــة فــــلســــــطين
السلطــــة القضائيـــة
المحكمة العليا / محكمــة النقض
"الحكـــــــم"
الصادر عن المحكمة العليا / محكمة النقض المنعقدة في رام الله المأذونة بإجراء المحاكمة وإصداره
بإسم الشعب العربي الفلسطيني
الهـيئـــــــــة الحـاكـمــــــــة بـرئاســـــــة القاضــــي السيــــــد عدنان الشعيبي
وعضويـة القضـاة السـادة : بسام حجاوي ، عبد الكريم حنون ، فواز عطيه ، ثائر العمري
الطـــاعن : معتز يوسف محمد المصري/ دورا
وكيله المحامي عبد القادر الحسيني/ الخليل
المطعون ضده : ماجد جبر احمد رجوب/ دورا
وكيله المحامي حكم الرجوب / الخليل
الإجــــــــراءات
تقدم الطاعن بهذا الطعن بتاريخ 9/2/2023 ، لنقض الحكم الصادر عن محكمة استئناف الخليل بتاريخ 3/1/2023 ، بالاستئناف رقم 460/ 2022 ، القاضي بقبول الاستئناف موضوعا وإلغاء الحكم المستأنف ، وبالنتيجة قبول دعوى المدعي وفسخ قرار التحكيم المطعون فيه ، مع الرسوم والمصاريف ومائتي دينار أتعاب محاماة .
تقدم المطعون ضده بلائحة جوابية بعد فوات الميعاد المقرر قانونا.
المحكمـــــــــة
بالتدقيق والمداولة ، ولما كان الطعن مقدما ضمن الميعاد مستوفيا شرائطه الشكلية ، تقرر قبوله شكلا.
وفي الموضوع ، فإن ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق ، أن المطعون ضده أقام في مواجهة الطاعن الدعوى المدنية رقم 126/ 2021 لدى محكمة بداية الخليل يطعن من خلالها بقرار التحكيم الصادر في تاريخ 09/ 01/ 2021 عن هيئة التحكيم المشكلة من المحكم المنفرد الدكتور أحمد طالب السويطي.
بعد أن فرغت محكمة بداية الخليل من نظر الدعوى ، أصدرت حكمها القاضي برد الدعوى موضوعا ، وكبدت المطعون ضده الرسوم والمصاريف ومائة دينار أتعاب محاماة.
لم يجد حكم محكمة بداية الخليل قبولا لدى المطعون ضده ، فبادر لاستئنافه لدى محكمة استئناف الخليل بالاستئناف المدني 460/ 2022 ، وبعد أن فرغت محكمة الاستئناف من إجراءاتها أصدرت حكمها المطعون فيه.
لم يقبل الطاعن بحكم محكمة الاستئناف ، فلاذ بمحكمة النقض طاعنا على حكمها من خلال الطعن الماثل.
وعن أسباب الطعن ، نجد أن ما جاء في لائحة الطعن من بنود يتلخص في سبب واحد حاصله ؛ أن ما توصلت اليه محكمة الاستئناف من خروج المحكم عن حدود النزاع المطروح أمامه لا أساس له ، حيث أن ذلك كان بناء على اتفاق الاطراف اثناء اجراءات التحكيم ومن خلال جلسات التحكيم .
وبعطف النظر على ما جاء في الحكم المطعون فيه ، نجد ان محكمة الاستئناف انتهت الى القول بأن المحكم المنفرد خرج عن حدود النزاع المطروح عليه بموجب اتفاق التحكيم إلى بحث امور اخرى ، تتمثل في استحقاق إيجارات لصالح المطعون ضده ، بحيث أن المحكم المنفرد أجرى المقاصة بين ما يستحقه الطاعن من أتعاب محاماة وهي موضوع التحكيم اساسا ، وبين ما يستحقه المطعون ضده من إيجارات مترتبة على الطاعن دون تعديل اتفاق التحكيم .
والذي نراه أن هذا السبب يرد على الحكم المطعون فيه وان هذا النعي سديد ، وعلة ذلك؛ انه وان كان النزاع المطروح ابتداء على هيئة التحكيم وفق اتفاق التحكيم هو بحث ما يستحقه الطاعن من أتعاب محاماة لقاء ما قام به لصالح المطعون ضده من معاملات إفراز واعتراضات تسويه وتنظيم وكالات وعقود ، إلا أن الثابت من جلسات التحكيم وقرار التحكيم ذاته أن وكيل المطعون ضده (الطاعن بقرار التحكيم) هو من تقدم إلى هيئة التحكيم في جلسة 8 / 12/ 2020 بطلب إجراء المقاصة فيما يحق له بدل من بدل إيجارات في ذمة الطاعن وبين أي حق يثبت له ، كما نجد ان وكيل الطاعن توافق مع وكيل المطعون ضده على اجراء المقاصة فيما يتعلق ببدل الإيجارات ، مقابل ما هو مستحق له من أتعاب محاماة وكان ذلك في جلسة 20/ 12/ 2020.
لما كان ذلك وكانت المادة 35/ 1 من قانون التحكيم قد نصت على أنه ( لكل من طرفي التحكيم ، تعديل طلباته أو أوجه دفاعه أو استكمالها خلال إجراءات التحكيم ما لم تقرر هيئة التحكيم عدم قبول ذلك منعاً من تعطيل الفصل في النزاع) ، وعلى ذلك فإن ما قام به الأطراف من الاتفاق على تعديل الأمور المطروحة على هيئة التحكيم لا يخالف القانون.
من جهة اخرى فان المطعون ضده لا مصلحة له في التمسك بهذا السبب اساسا للطعن في قرار التحكيم باعتبار أنه هو من بادر إلى الطلب من هيئة التحكيم بتعديل طلباته ، وهو الطلب الذي استجابت له هيئة التحكيم وبناء عليه اجريت المقاصة بين ما يستحقه الطاعن من أتعاب محاماة وما بين ما يستحقه المطعون ضده من إيجارات ، الأمر الذي يعني أن إجراء المقاصة كان لصالحه ، بحيث أنه حكم له بالمبالغ المستحقة له على الطاعن من
بدل ايجارات ، مما ساهم في وفاء دينه لصالح الطاعن ، الامر الذي يعني أن لا مصلحة له في التمسك بهذا السبب .
ولعل الجدير بالإشارة إليه أنه كان على محكمة الاستئناف ابتداء ، ان تلتفت الى ان المطعون ضده كان قد أقر في البند الخامس من لائحة الدعوى انه اثناء اجراءات التحكيم ، قام بمطالبة المدعى عليه ببدل إيجارات ، حيث ان المدعى عليه مستأجر لمكتب تجاري من المدعي ، وطلب إجراء المقاصة بين بدل الإيجار المذكور وبين أتعاب المحاماة الخاصة بالمدعى عليه ، وهو على هذه الشاكلة لم يبد هذا السبب كأحد أسباب الطعن في قرار التحكيم بل من باب سرد الوقائع ليس إلا .
لــــــهذه الأسبـــــــاب
تقرر المحكمة بالاكثرية قبول الطعن موضوعا ، ولما كان موضوع الدعوى صالحا للفصل فيه تأسيساً على ما تم بيانه ، نقرر رد الدعوى الاساس بداية الخليل ، والتصديق على قرار التحكيم ، وتضمين المطعون عليه الرسوم والمصاريف ومبلغ (300) دينار اتعاب محاماة عن كافة مراحل التقاضي .
حكماً صدر تدقيقاً باسم الشعب العربي الفلسطيني بتاريخ 16/10/2024
الـــرأي المخالـــف الصـــادر عـــن
القاضـــي فـــوّاز عطيــــة
أخالف الأكثرية المحترمة فيما توجهت إليه من تسبيب في حكم الأكثرية، ذلك أنه وبعطف النظر على الأسباب التي سيقت في صحيفة الطعن، جدير ببيانه وعلى ما أفصحت عنه المادة 225 من قانون أصول المحاكمات المدنية والتجارية رقم 2 لسنة 2001 وتعديلاته التي نصت:" للخصوم حق الطعن بطريق النقض في الاحكام النهائية الصادرة من محاكم الاستئناف إذا كان الطعن مبنيا على مخالفة للقانون أو خطأ في تطبيقه أو في تأويله".
ولما كان هذا النص عاما ورد في قواعد إجرائية تتصل بالنظام العام، فإن سكوت قانون التحكيم رقم 3 لسنة 2000 عن قابلية الحكم للطعن بالنقض، لا يعني البتة أن الحكم الصادر عن محكمة الاستئناف في قضايا التحكيم يصبح قطعيا، ذلك أن المشرع في قانون أصول المحاكمات المدنية ضمن للخصوم حق استنفاد جميع درجات التقاضي ما لم يأتِ نص خاص يقيد ذلك الحق، وبالتالي، عدم توفر نص في قانون التحكيم النافذ يمنع اطراف التحكيم من حق الطعن بالنقض، حكما لأي منهما الحق في تطبيق احكام المادة 225 من الأصول المدنية والتجارية باعتبار ذلك النص اشمل وأعم.
الامر الذي آثرت بيان ذلك الواقع القانوني، ليتlم إيضاح ما هو مستقر عليه في نظامنا القضائي، بأن الاحكام الصادرة عن محكمة الاستئناف في قضايا التحكيم تقبل طريق الطعن بالنقض.
وبالعودة إلى أسباب الطعن، ولما كانت جميعها تتصل بواقعة واحدة تفيد تخطئة محكمة الاستئناف في تطبيق احكام قانون التحكيم على وقائع الدعوى الماثلة، لاسيما مخالفتها لأحكام المادتين 35 و43 من قانون التحكيم.
في ذلك أرى، وبعد الاطلاع على واقعات الحكم الطعين، فقد توصلت محكمة الاستئناف إلى نتيجة مفادها بالقول:" .... اتفق الفريقان على إحالة النزاع بينهما للتحكيم من خلال المُحكم احمد السويطي وفق الأصول والأعراف المتبعة وفق بنود وشروط صك التحكيم....حيث أن اتفاق وموضوع التحكيم جاء على نحو واضح لا لبس ولا غموض فيه قائم على تقدير اتعاب المحاماة ولم يتطرق إلى قيمة الإيجارات المستحقة...ولم يتم تعديل صك التحكيم ... وانما جاء واضحا وفق صريح المادة 5/4 من قانون التحكيم....وبما أن اتفاق التحكيم كان مكتوبا ولم يرد عليه أي تعديل مكتوب...وبناء على واقع مجريات التحكيم وما تبعه من إجراءات حتى تاريخ صدور قرار التحكيم بموجب المبرز م/2، نجد أن ما ورد فيه وفق البندين 8 و10 أن قرار التحكيم قد تجاوز موضوع النزاع واتفاقية التحكيم واشتمل على أمور ليس لها علاقة بموضوع التحكيم وادخل موضوع الايجار في قرار التحكيم وفصّل فيه، وبالتالي فإن قرار التحكيم بني على إجراءات باطلة أدت إلى بطلان قرار التحكيم طبقا للمادة 43/5-6 من قانون التحكيم، الامر الذي يتعين فسخ قرار التحكيم... نتيجة ورود السبب السادس من أسباب الاستئناف على الحكم المستأنف دون الحاجة لبحث باقي أسباب الاستئناف...".
وإزاء واقعات الحكم الطعين، جدير ببيانه أن موضوع التحكيم وفق ما هو ثابت من خلال الدعوى الماثلة يتصل بأتعاب المحاماة، ولما كانت اتعاب المحاماة لها أسس ومعايير في التقدير عند الاختلاف بين المحامي وموكله، نتيجة عدم توافر اتفاق ابتدائي بينهما، بحيث تنشأ عن تلك الأسس والمعايير، آثارا قانونية حُددت في قانون خاص، بما يترتب من تبعات قانونية تتصل بواقع الاستئناف على تقدير لجنة الاتعاب والطعن فيها امام المحكمة المختصة.
إذ بالاطلاع على واقع النصوص القانونية حول حق تقاضي المحامي اتعاب المحاماة، والحق في استرداد ما أنفقه من مصروفات في سبيل مباشرة الأعمال التي وُكّل فيها... فإنه حكما يدخل في تقدير الأتعاب أهمية الدعوى والجهد الذي بذله المحامي والنتيجة التي حققها، وبالتالي أي خلاف نتيجة عدم توفر اتفاق بين المحامي والموكل، يصبح هذا الخلاف مندرجا في دائرة النزاع بين الموكل والوكيل على اتعاب المحاماة، الامر الذي ارتأى المشرع إلى ضرورة توخي واتباع إجراءات محددة في القانون، لتقدير اتعاب المحاماة، بالنظر إلى سامية مهنة المحاماة والرسالة التي يؤديها المحامي من أجل احقاق الحق.
لذلك، حددت المادة 46/1 من قانون نقابة المحامين رقم 11 لسنة 1966 النافذة، إجراءات تحديد وتقدير اتعاب المحاماة، بحيث يشكل مجلس النقابة لجنة مؤلفة من 3 محامين في كل لواء فيه محكمة بداية، وتتبع قواعد قانون أصول المحاكمات المدنية والتجارية، ما لم يرد نص خاص يقيد أي نص يرد في القانون القانون الوارد في الأصول المذكور، وتتم إجراءات المرافعة بين الموكل والوكيل ويصدر القرار من اللجنة في جلسة علنية بحضور الأطراف، ويكون القرار الصادر عن اللجنة قابلا للاعتراض امام مجلس النقابة، خلال 5 أيام من تاريخ صدوره وجاهيا أو من تاريخ تبليغه، ومجلس النقابة ينظر في الطعن كدرجة طعن ثانية، وبالنتيجة يكون قرار مجلس النقابة قابلا للاستئناف خلال 15 يوما من تاريخ صدوره إذا كان وجاهيا أو من تاريخ تبلغه.
وعليه، ولما كان نص المادة 46 من القانون المذكور، قد حدد طريقة تقدير أتعاب المحاماة، وأكد على التبعات والآثار القانونية التي تترتب نتيجة اصدار قرار لجنة اتعاب المحاماة، وهي طرق واجبة الاتباع عند الاختلاف بين الوكيل(المحامي) والموكل.
مما ينبغي الإشارة إلى مسألة في غاية الدقة القانونية، وهي أن ما استقر عليه في قضاء هذه المحكمة، لا تختص المحاكم النظامية ولا تملك حق رؤية والفصل في الدعوى التي يرفعها المحامي ضد موكله للمطالبة بأتعاب المحاماة، نتيجة عدم توفر اتفاق على الاتعاب، إلا باتباع الأصول الواردة في المادة 46 من القانون المذكور، فلا يتصور بعد ذلك أن يكون من حق الأطراف الالتفاف على تلك القواعد التي هي من النظام العام بإحالة النزاع للتحكيم، في الوقت الذي لا تملك المحاكم النظامية البت في دعوى تقدير أتعاب المحاماة المختلف عليها، واعطاء الاختصاص للقضاء الموازي (التحكيم) الحق في البت في أمر متنازع عليه، دون اتباع القواعد الواردة في المادة 46 آنفة من القانون المذكور، مؤيده في ذلك حكم المادة 4 من قانون التحكيم التي نصت:" على عدم اخضاع المسائل المتعلقة بالنظام العام في فلسطين للتحكيم، والمسائل التي لايجوز فيها الصلح قانونا والمنازعات المتعلقة بالاحوال الشخصية".
وعليه، فإنني اتفق مع محكمة الاستئناف من حيث النتيجة فقط، لكن ضمن التسبيب الذي أوردناه أعلاه، وذلك برد دعوى المدعي وفسخ قرار التحكيم، على أساس أن هناك جهة محددة في القانون، أنيط لها صلاحيات تقدير اتعاب المحاماة، لاعتبارات تتصل بطبيعة مهنة المحاماة ورسالتها السامية الإنسانية.
لهـــــذه الأسبــــاب
أرى الحكم برد الطعن موضوعا، وتضمين الطاعن الرسوم والمصاريف .
رأيا مخالفا صدر تدقيقا باسم الشعب العربي الفلسطيني في 16/10/2024
القاضي المخالف
فواز عطية