دولـــــة فــــلســــــطين
السلطــــة القضائيـــة
المحكمة العليا / محكمــة النقض
"الحكـــــــم"
الصادر عن المحكمة العليا / محكمة النقض المنعقدة في رام الله المأذونة بإجراء المحاكمة وإصداره
بإسم الشعب العربي الفلسطيني
الهـيئـــــــــة الحـاكـمــــــــة بـرئاســـــــة القاضــــي السيــــــد عدنان الشعيبي
وعضويـة القضـاة السـادة : بسام حجاوي ، فواز عطية ، مأمون كلش وفراس مسودي
الطــــاعــــنة: شركة الجلاد للصناعات الكيماوية م.خ.م/ طولكرم
وكيلها المحامي حسام حطاب/ طولكرم
المطعـــون ضدها: شركة سختيان اخوان م.خ.م/ نابلس
وكيلتها المحامية شروق هنداوي/ نابلس
الإجــــــــــــــراءات
تقدمت الطاعنة بهذا الطعن بتاريخ 4/5/2023 لنقض الحكم الصادر بتاريخ 27/3/2023عن محكمة استئناف نابلس في الاستئناف المدني رقم 830/2022 القاضي كما ورد فيه:" برد الاستئناف موضوعا، وتأييد الحكم المستأنف، مع تضمين المستأنفة الرسوم والمصاريف و100 دينار أردني أتعاب محاماة عن مرحلة الاستئناف".
المحكمـــــــة
بالتدقيق وبعد المداولة، ولما كان الطعن مقدما ضمن الميعاد مستوفيا لشرائطه الشكلية، تقرر قبوله شكلا.
وفي الموضوع، وعلى ما أفصح عنه الحكم الطعين وسائر الأوراق المتصلة به، تقدمت المدعية (المطعون ضدها) بالدعوى المدنية رقم 803/2015 امام محكمة بداية نابلس ضد المدعى عليها (الطاعنة) موضوعها: المطالبة بمبلغ 151245.12 شيقل بدل ثمن بضاعة، على سند من القول أن طرفي الخصومة تربط بينهما علاقة تجارية، بحيث اشترت المدعى عليها من المدعية مواد خام وماكنات خلط ألوان في أوقات متفرقة منذ 1/1/2010 حتى 19/5/2015، بحيث ترصد بذمة المدعى عليها المبلغ المطالب به.
في حين تقدمت المدعى عليها بلائحة جوابية ملخص ماجاء فيها، أن محكمة بداية نابلس غير مختصة مكانيا بالنظر والفصل في الدعوى، وأبدت أن مكان التعاقد كان في مدينة طولكرم وانكرت صحة المبالغ المطالب بها، ولا تقر بصحة كشف الحساب.
وبتاريخ 6/12/2015 قررت محكمة بداية نابلس إحالة الملف إلى محكمة بداية طولكرم، بحيث تم رؤيته من خلال الدعوى ذات الرقم 322/2015.
وبتاريخ 22/12/2015 قررت محكمة بداية طولكرم عدم اختصاصها بنظر الدعوى، وكلفت الأطراف بمراجعة محكمة النقض اتحديد المحكمة المختصة في نظر الدعوى.
من خلال طلب تعيين المرجع رقم 75/2016، فقد أصدرت محكمة النقض بتاريخ 9/3/2016 قرارها الذي قضى بأن:" محكمة بداية نابلس صاحبة الاختصاص للنظر والفصل في الدعوى.
بنتيجة المحاكمة الجارية امام محكمة بداية نابلس بتاريخ 4/6/2018 قضت:" بإلزام المدعى عليها بأن تدفع للمدعية مبلغ 151245.12 شيقل، مع الرسوم والمصاريف و100 دينار أردني أتعاب محاماة".
لم ترتضِ المدعى عليها بحكم محكمة أول درجة، فبادرت للطعن فيه امام محكمة استئناف رام الله بموجب الاستئناف المدني رقم 876/2018، وبنتيجة المحاكمة قضت المحكمة بتاريخ 31/12/2019:" بقبول الاستئناف موضوعا، وتعديل الحكم المستأنف ليصبح إلزام المدعى عليها بأن تدفع للمدعية مبلغ 38225 شيقل، وتضمينها الرسوم والمصاريف و200 دينار أردني أتعاب محاماة عن مرحلتي التقاضي".
كما ولم ترتضِ المدعية بحكم محكمة الاستئناف، فبادرت للطعن فيه بالنقض المدني رقم 206/2020، التي قضت بتاريخ 29/6/2022:" بنقض الحكم المطعون فيه وقضت بإعادة الأوراق لمرجعها، لمعالجة الاستئناف بجميع عناصره الموضوعية والقانونية بالنسبة لما رفع عنه الاستئناف، نتيجة عدم معالجتها ما ورد في اللائحة الجوابية المقدمة من المطعون ضدها ولعدم معالجتها ماجاء في مرافعتها الختامية، مما يشوبه القصور في أسباب الحكم الواقعية..."
ولانعقاد الاختصاص لمحكمة استئناف نابلس، حمل الاستئناف الرقم 830/2022، قررت المحكمة السير على هدى الحكم الناقض، وبنتيجة المحاكمة قضت المحكمة بتاريخ 27/3/2023:" برد الاستئناف موضوعا وتأييد الحكم المستأنف ....".
وعن أسباب الطعن، وفيما يتصل بالسبب الأول وحاصله النعي على الحكم الطعين بالبطلان لمخالفته المادة 241 من قانون أصول المحاكمات المدنية والتجارية، بسبب مشاركة القاضي مهند العارضة الاستماع للمرافعات الختامية ومن ثم إصداره الحكم الطعين.
في ذلك نرى، وبعد اطلاع على مجريات المحاكمة التي تمت امام محكمة الاستئناف سواء أثناء انعقادها كمحكمة استئناف رام الله أو بعد أن انعقد الاختصاص لمحكمة استئناف نابلس، نجد أن القاضي مهند العارضة، سبق له وأن استمع إلى المرافعات الختامية من طرفي النزاع بالمشاركة مع زميليه القاضيين سامر النمري وربا الطويل في حينه بجلسة 8/10/2019 امام محكمة استئناف رام الله من خلال الاستئناف المدني رقم 876/2018، ومن ثم وبعد أن أصبح الاختصاص معقودا لمحكمة استئناف نابلس شارك القاضي مهند العارضة في اصدار الحكم محل الطعن الماثل بعد الإعادة من محكمة النقض.
ولما كانت المادة 241 من الأصول المدنية والتجارية قد نصت:" على ألا يكون من بين أعضاء المحكمة التي أحيلت إليها الدعوى أحد القضاة الذين شاركوا في إصدار الحكم المطعون فيه:" فإن التطبيق السليم لهذا النص يصبح محصورا فقط في القضاة المشاركين في إصدار الحكم المنقوض ، بما مؤداه وبصريح النص سالف الإشارة أن استماع القاضي مهند العارضة للمرافعات امام ذات الدرجة القضائية، لايمنعه المشاركة في اصدار الحكم الطعين ، إذ لم يكن ممن شارك في الحكم المنقوض السابق، مما يغدو هذا السبب غير وارد لينال من الحكم الطعين.
وفيما يتصل بالسبب الثاني، وحاصله بطلان الحكم الطعين كون الوكالة الخاصة ذات الرقم 1421/300/2015 التي بموجبها أقيمت الدعوى الأساس ، لا تعطي الوكيل حق انابة الغير من المحامين، مما يجعل من الانابات باطلة ومخالفة للمادة 20/4-ب من قانون نقابة المحامين ومخالفة للمواد 1449 و1451 و1466 من احكام المجلة.
ولما كانت المادة 20/4-ب من قانون تنظيم مهنة المحاماة قد نصت على حق المحامي الأصيل :" عند الضرورة سواء أكان خصماً أصيلا أم وكيلا أن ينيب عنه بتفويض موقع منه وفي قضية معينة وعلى مسؤوليته محاميا آخر في أي عمل موكول إليه بموجب وكالته وضمن الشروط الواردة فيها، ما لم يكن هناك نص في الوكالة يمنع مثل هذه إنابة...."، فإنه وبعد الاطلاع على الوكالة الخاصة المذكورة، فلم تجد هذه المحكمة أي نص يقيد الوكيل انابة غيره من المحامين، وبالتالي ما ورد فيها بخصوص الموكل به معطوفا على عبارة وكالة خاصة مفوضة لرأي وقول الوكيل، حكما يعطي الوكيل الأصيل حق إنابة غيره من المحامي للقيام بكامل أو بجزء من الصلاحيات الممنوحة له في الوكالة الأصلية، مما يجعل من تطبيق احكام الانابة في الدعوى الماثلة سارية وفق الأصول الواردة في القانون الخاص المتعلق بشأن تنظيم مهنة المحاماة رقم 3 لسنة 1999 المعدل بالقانون رقم 5 لسنة 1999، الامر الذي يغدو هذا السبب غير وارد لينال من الحكم الطعين.
وفيما يتصل بالسببين الثالث والرابع وحاصلهما تخطئة محكمة الاستئناف في النتيجة التي توصلت إليها، لعدم معالجتها للتناقض الوارد في أقوال الشهود حول كشف الحساب محل المبرز م/1، وتخطئتها في عدم الأخذ بالمبرز س/1، وهو الكشف المبرز من الجهة الطاعنة، مما يكون حكمها قد خالف المادتين 174 و175 من الأصول المدنية والتجارية.
في ذلك نرى، أن اسهاب الجهة الطاعنة في القول بأن الحكم الطعين قد شابه القصور في أسبابه الواقعية، دون تحديد لمكمن التناقض الذي ينعاه ، ودون بيان للتعارض الذي يدعيه في البينات بين أقوال الشهود مع كشف الحساب محل المبرز م/1 وبين كشف الحساب محل المبرز س/1.
ولما كان المقرر في قضاء هذه المحكمة، أن من البيانات التي يجب أن تؤسس عليها لائحة الطعن بأن تكون أسبابها قائمة على الوضوح والدقة، مؤيده في ذلك حكم الفقرة 4 من المادة 228 من الأصول المدنية والتجارية، ولما كان السببان الثاني والثالث قائمين على أسباب مجهلة ومعتلة لعدم بيان دقيق لمواقع التناقض، الأمر الذي يتعين عدم قبولهما.
وفيما يتصل بالسبب الخامس، وحاصله تخطئة محكمة الاستئناف في تطبيق احكام المادتين 17 و18 من قانون التجارة، ومخالفتها تطبيق المادة 23 من قانون البينات على وقائع الدعوى الماثلة.
في ذلك نرى، وبعد الاطلاع على واقعات الحكم الطعين فقد توصلت محكمة الاستئناف إلى نتيجة مفادها:" ...من نصوص المواد المذكورة 21 و22 و23 و24 من قانون البينات...يستفاد أنه يجوز اثبات الالتزامات التعاقدية التي تزيد عن 200 دينار أردني بكافة طرق الاثبات...وبالتدقيق في لائحة الدعوى واللائحة الجوابية فقد ثبت أن العلاقة بين طرفي الدعوى هي علاقة تجارية ويتعامل كلاهما بالتجارة، ومن الجائز اثبات المبلغ المدعى به بكافة طرق الاثبات الخطية والشفوية...وبوزن المحكمة للبينات المقدمة من طرفي الدعوى سواء المبرز م/1 المتمثل بكشف الحساب الخاص بالمدعى عليها لدى المدعية واستنادا لشهادة الشاهد رائد الدريني المفصلة شهادته أعلاه ويعمل محاسب لدى المدعى عليها وهو الذي قام بتنظيمه.... فقد ثبت أن ذمة المدعى عليها مشغولة بالمبلغ المدعى به...ولما اقرت المدعى عليها بالتعامل مع المدعية وأقرت بانشغال ذمتها فقط بمبلغ 53250 شيقل من خلال الكشف المعد من قبلها محل المبرز س/1، وأن الفرق بين كلا المبرزين يتعلق بقيمة 3 مكسرات... التي تثبت بأنه تم تسجيلها على كشف حساب شركة الجلاد لدى شركة السختيان (المبرز م/1) لأنه ثبت أن المكسرات تم توريدها لزبائن شركة الجلاد بناء على طلبها، ولم يثبت أن بها أي عطل وبقيت لديهم ولم يتم ارجاعها للشركة المدعية....مما يجعل من الجهة المدعى عليها مدينة بقيمة ما تدعية المدعية...مما تأخذ المحكمة بما ورد في المبرز م/1 وما ورد في المبرز س/1 تطبيقا لنص المادة 24 من قانون البينات...بحيث ذمة المدعى عليها مشغولة بمبلغ 151245.12 شيقل...".
وفي هذا الذي سطره الحكم الطعين ، ما يفيد ان المحكمة مصدرته قد تعرضت لبحث البينات المقدمة في الدعوى الماثلة ووزنتها وقدرتها، إلا أنها أخطأت في اسناد المادة القانونية على وقائعها، ذلك أن كشف الحساب لا يعد من قبيل الدفاتر التجارية التي حددت المادة 16 من قانون التجارة رقم 12 لسنة 1966 ، من حيث المضمون والشكلية والعدد، ذلك أن المادة المذكورة حددت ماهية الدفاتر التجارية الإجبارية ، من حيث إلزام كل تاجر أن ينظم الدفاتر الثلاثة التالية:
أ - دفتر اليومية ويجب أن يقيد يوماً فيوماً جميع الأعمال التي تعود بوجه من الوجوه إلى عمله التجاري ، وأن يقيد بالجملة شهراً فشهراً النفقات التي أنفقها على نفسه وأسرته.ب- دفتر صور الرسائل ويجب أن تنسخ فيه الرسائل والبرقيات التي يرسلها كما يحفظ به ويرتب الرسائل أو البرقيات التي يتلقاها.ج- دفتر الجرد والميزانية اللذان يجب تنظيمهما مرة على الأقل في كل سنة".
ولما كان كشف الحساب محل المبرزين م/1 وس/1، يعد كل منهما بينة خطية كمستند عادي لا علاقة له بالدفاتر التجارية، ويعود تقدير قيمته الإنتاجية لمحكمة الموضوع بما لها من صلاحيات وسلطة تقديرية في الاخذ به وفق صريح نص المادتين 18/3 و 68 من قانون البينات، بدلالة المادة 71 من ذات القانون، ذلك أن العلاقة بين التجار تخضع لحرية الاثبات ضمن جميع طرق الاثبات ما لم يقيدها القانون بنص خاص، فضلا عن ذلك أخذ محكمة الاستئناف بأقوال بعض الشهود لتعزيز القيمة القانونية للمبرز م/1، فهو أمر كذلك تستقل به محكمة الموضوع مادام أن له أصل ثابت في الوراق والنتيجة سائغة، فلا معقب من محكمة النقض على ذلك، الأمر الذي يجعل من هذا الذي ينعاه الطاعنه في الاسناد القانوني لا تؤثر على النتيجة التي توصلت إليها محكمة الاستئناف، مما يغدو هذا السبب أيضا غير وارد لينال من الحكم الطعين.
وفيما يتصل بباقي الأسباب، والتي جزء منها مكرر في السببين الثالث والرابع، وحاصلها تخطئة محكمة الاستئناف في الاعتماد على الكشف محل المبرزم/1، دون أن تدقق في البينات المغلوطة والتناقض الوارد فيه، وعدم رفعها لأسباب التناقض في ذلك المبرز مع واقع شهادة رائد المذكور، ولعدم أخذها بالمبرز س/1 الذي شهد عليه خلدون رماحة، فجميع ذلك يشكل قصورا في التسبيب وفساد في الاستدلال.
في ذلك نرى، ولما كانت هذه المحكمة قد أشارت وهي في معرض ردها على السببين 3و4 من أسباب هذا الطعن، بأن عدم بيان مكمن التناقض وعدم بيان التعارض في البينات ، يشكل مخالفة للمادة 228/4 من قانون أصول المحاكمات المدنية والتجارية لعدم تأسيس أسباب الطعن على أسس واضحة ومحددة.
أما بالنسبة لأخذ محكمة الاستئناف بصفتها محكمة موضوع بالمبرز م/1 المؤيد بشهادة الشاهد رائد المذكور دون المبرز س/1 المؤيد بشهادة خلدون المذكور، نرى ما قضت به محكمة الاستئناف يعد من قبيل ترجيح ووزن البينات بصفتها محكمة موضوع تملك السلطة في تقديرها، ولما توصلت إلى تلك النتيجة بناء على صلاحيتها في تقدير وترجيح البينات وفق ما قنعت به، ولما كان ذلك التقدير والترجيح له أصل ثابت في الأوراق، فلا معقب على تلك النتيجة مادامت أنها مستخلصة استخلاصا سائغا ولها ما يؤيدها في أوراق الدعوى، الامر الذي تغدو جميع أسباب الطعن غير واردة لتنال من الحكم الطعين.
لـــهــــذه الأسبـــــاب
نقرر رد الطعن موضوعا، وتضمين الطاعنة الرسوم والمصاريف التي تكبدتها.
حكماً صدر تدقيقاً باسم الشعب العربي الفلسطيني بتاريخ 16/10/2024