السنة
2023
الرقم
655
تاريخ الفصل
9 إبريل، 2025
المحكمة
محكمة النقض
نوع التقاضي
طعون حقوقية
التصنيفات

النص

دولـــــة فــــلســــــطين

السلطــــة القضائيـــة

المحكمة العليا / محكمــة النقض

"الحكم"

الصادر عن المحكمة العليا / محكمة النقض المنعقدة في رام الله المأذونة بإجراء المحاكمة وإصداره

بإسم الشعب العربي الفلسطيني

الهيئة الحاكمة برئاسة نائب رئيس المحكمة العليا / محكمة النقض السيدة القاضي إيمان ناصر الدين

وعضويـة السادة القضاة : حازم ادكيدك، نزار حجي،عزالدين شاهين، شادي حوشية

 

الطعن الاول: 618/2023

الطاعـــــــــــــن : احمد عدنان محمود صبيح / بيت لحم -الخضر هوية رقم "853773349".

             وكيله المحامي مازن عوض و/ أو احمد العصا مجمعين او منفردين / بيت لحم.

المطعون ضده: 1_ شركة صحارى للمقاولات ممثلة فيمن يمثلها قانونا / بيت لحم

                     2_ خليل علي إسماعيل غنيم (العموري) / الخضر.

           وكيلهما المحامي ماجد عوده / بيت لحم

3_ شركة التأمين الوطنية / رام الله / وتبلغ بواسطة فرعها في بيت لحم

        وكيلها المحامية نادين خوري / بيت لحم

 

 

الطعن الثاني : 641/2023

الطاعـــن : شركة التأمين الوطنية / ممثلة بمن يمثلها قانونا وتبلغ بواسطة فرعها في بيت لحم / الكركفة _ عمارة الاطرش.

       وكيلتها المحامية ندين خوري / بيت لحم

المطعون ضده: احمد عدنان محمود صبيح / بيت لحم/الخضر / البوابه هوية رقم "853773349.

         وكيله المحامي مازن عوض و/ او احمد العصا

الطعن الثالث : 655/2023

الطاعـــــــــــــن : 1_ شركة صحارى للمقاولات / بيت لحم

                     2_ خليل علي إسماعيل غنيم / الخضر..

        وكيلهما المحامي ماجد عوده / بيت لحم

المطعون ضده: احمد عدنان محمود صبيح / بيت لحم/الخضر / البوابة هوية رقم "853773349.

         وكيله المحامي مازن عوض و/ او احمد العصا مجتمعين او منفردين / بيت لحم

الإجراءات

تقدمت الجهات الطاعنة بهذه الطعون بالتقابل الأول رقم 618/2023 بتاريخ 10/5/2023 والثاني رقم 641/2023 بتاريخ 14/5/2023 والثالث 655/2023 بتاريخ 17/5/2023 لنقض الحكم الصادر بتاريخ 11/4/2023 عن محكمة استئناف الخليل في الطعن الاستئنافي 1308/2022  المتضمن " تقرر المحكمة وعملا بأحكام المادة 223  من قانون أصول المحاكمات المدنية والتجارية رقم 3 لسنة 2001 قبول الاستئناف موضوعا وفسخ الحكم المستأنف والحكم للمستأنف بمبلغ وقدره 142,415 شيكل يتحمل المدعي عليهما الأول والثاني بالتكافل والتضامن بدفع مبلغ 73920 شيكل ويتحمل جميع المدعى عليه بالتكافل والتضامن باقي المبلغ والبالغ 58495 شيكل مع تضمينهم الرسوم والمصاريف و300 دينار اردني اتعاب محاماة عن درجتي التقاضي"

فيما تتلخص أسباب الطعن رقم 618/2023 بالنعي  على المحكمة الاستئنافية

 خطأها بمخالفة القانون بالتطبيق في المادة 119 من قانون العمل وعدم الحكم للمدعي بدل التعطيل عن العمل بواقع شهرين وفق تقرير اللجنة الطبية العليا ,والخطأ في اجتزاء التعويض  ووجوب الزام المدعى عليهم جميعا بالتكافل والتضامن بدفع جميع التعويض المستحق للطاعن.

وقد طلبت بالنتيجة قبول الطعن شكلا ومن ثم موضوعا وتعديل القرار المطعون فيه بالنقض وتصحيحه بإصدار قرار في ملف هذه الدعوى استنادا لنص المادة 237 من قانون أصول المحاكمات المدنية والتجارية حيث ان موضوع الدعوى صالح للفصل فيه وإصدار الحكم بالزام المطعون ضدهم بالتضامن والتكافل فيما بينهم بأن يدفعوا للطاعن مبلغ 174815 شيقل بدلا من المبلغ المحكوم به والمبين تفاصيله في القرار الطعين و تضمين المطعون ضدهم الرسوم والمصاريف واتعاب المحاماة وربط المبلغ المحكوم به بجدول غلاء المعيشة والفائدة القانونية من تاريخ المطالبة وحتى السداد التام  .

فيما تتلخص أسباب الطعن رقم 641/2023 بالنعي  على المحكمة الاستئنافية :

1_ خطأها وفسادها بالاستدلال فيما ذهبت اليه بعدم جواز تطرق قاضي الدرجة الأولى للبطلان من تلقاء ذاته رغم ان البطلان الذي شاب عقدي العمل والتأمين بطلان مطلق لعدم مشروعية السبب والمحل بما يجعل العقد منعدما

2_ خطأها في الاستدلال نتيجة عدم الاخذ بكافة التقارير الطبية والتي بيت ان المدعي قد تعافى من الإصابة موضوع الدعوى وقد حصل على تقرير طبي نهائي بتاريخ 23/2/2016، كما ورفضت احالته الى اللجنة الطبية العليا لإعادة فحصه وفقا للتقارير التي احتصلت عليه الطاعنة لاحقا والمبينة تعرضه بعد الاحتصال على التقرير الطبي النهائي لإصابة ثانية في ذات مكان الإصابة الأولى وخضع بناء عليها لعملة جراحية جديدة بما يجعل نسبة العجز المتحصلة ناتجة عن الغش والتدليل واخفاء التقارير الطبية ولا يمكن ان ترتب اية مسؤولية بالتعويض على عاتق الطاعنة .

3_  خطأها بمخالفة القانون بعدم تطبيق احكام المادة 130 من قانون العمل باعتماد مبلغ 1500 شيقل كدخل لحساب التعويض حيث ثبت بالبينة انه لم بعمل في شهر 4/2015ودخله في شهر5 /2015 1500 شيقل وشهر 6/2015 1440 شيقل بما يجعل من متوسط الاجر عن الثلاثة اشهر الأخيرة  السابقة للحادث 980 شيقل .

4_ خطأها بالحكم للمطعون ضده بمبلغ 15695 شيكل بدل الفواتير العلاجية رغم ثبوت تعرضه لأصابه جديدة ترتبط بها هذه الفواتير كونها جاءت لاحقة على التقرير الطبي النهائي بتاريخ 13/1/2016

5_ خطأها بالحكم بمبلغ 52800 شيقل لتعرضه لإصابة جديده وكونه الفواتير لاحقة لتاريخ التقرير الطبي النهائي .

6_ خطأها بالحكم على الجهة الطاعنة بالرسوم والمصاريف واتعاب المحاماة لعدم مسؤوليتها عن الحادث .

وقد طلبت بالنتيجة قبول الطعن والحكم بفسخ الحكم المطعون فيه وفقا لما تم بيانه ليصبح الحكم متفقا وصحيح القانون ورد الدعوى عن الجهة الطاعنة والزم المطعون ضده بالرسوم والمصاريف واتعاب المحاماة.

فيما تتلخص أسباب الطعن رقم 655/2023 بالنعي  على المحكمة الاستئنافية :

1_ خطأها بتطبيق صحيح القانون ومعالجة القواعد الإجرائية بما يقتضي الإعادة لمحكمة الدرجة الأولى التي لم تتطرق لموضوع الدعوى ولم تفصل بها كون حكمها قد قضى برد الدعوى لمخالفة عقد العمل للنظام العام  بموجب القرار بقانون رقم 4 لسنة 2010  وضع اسم القانون بشأن مكافحة المستوطنات_ وبالتناوب ما استقر عليه الاجتهاد القضائي والفقه من ان الخصومة من النظام العام وهي غير محصورة ومنوطه بتمسك الخصوم بها

2_ خطأها بتطبيق القانون على خلاف الواقع واعتبار المطعون ضدها عاملا لدى الجهة الطاعنة على خلاف البينة المقدمة والتي اثبت عمله لدى مقاول من الباطن

3_ خطأها في التفسير و التعليل بما اوقعها في الفساد في الاستدلال بالنتيجة لثبوت تعرض المطعون ضدها لإصابة عمل سابقة وهي المسببة لنسبة العجز

4_خطأها في احتساب التعويض على خلاف احكام المادة 130 من قانون العمل التي حددت ان التعويض يكون على أساس متوسط اخر ثلاثة شهور من عمله

وقد طلبت بالنتيجة قبول الطعن شكلا ومن ثم موضوعا وفسخ وإلغاء الحكم الطعين والحكم برد دعوى المدعي وتضمينه الرسوم والمصاريف واتعاب المحاماة .

المحكمـــــــة

بالتدقيق وبعد المداولة، ولما كانت الطعون مقدمة جميعها ضمن الميعاد مستوفين لشرائطهم واوضاعهم القانونية  نقرر ضمها والفصل فيهما معا بحكم واحد لوقوعهم على ذات الحكم الطعين ووحدة السبب والموضوع ومن ثم قبولها شكلا .

وفي الموضوع، وعلى ما تتصل به وقائع ومجريات النزاع وفق ما بيّن من الحكم الطعين وسائر الأوراق المتصلة به تشير الى انه سبق وتقدم المدعي "الطاعن بالطعن رقم 618/2023 " بالدعوى المدنية رقم 187/2017 امام محكمة بداية  بيت لحم ، ضد المدعى عليهم "المطعون ضدها بالطعن 618/2023 والطاعن بالطعنين رقم 641/2023 و 655/2023 " موضوعها المطالبة بتعويضات ناتجة عن اضرار جسدية نتيجة الإصابة بحادث عمل بقيمة 419816 شيقل بالتكافل والتضامن فيما بينهم مع ربط المبلغ المحكوم به بجدول غلاء المعيشة وبالفائدة القانونية من تاريخ المطالبة وحتى السداد التام ، للأسباب التي أوردها في لائحة دعواه , وبعد استكمال إجراءات المحاكمة قضت محكمة الدرجة الأولى بتاريخ 7/11/2022 " بالحكم برد دعوى المدعي مع تضمينه الرسوم والمصاريف ومبلغ 500 دينار اردني اتعاب محاماة لكل واحد من المدعى عليهم  ".

 لم يرتض المدعي بحكم محكمة أول درجة، فبادر للطعن فيه استئنافا امام محكمة استئناف الخليل بموجب الاستئناف رقم 1308/2022 ، وبنتيجة المحاكمة قضت المحكمة بتاريخ 11/4/2023:" تقرر المحكمة وعملا بأحكام المادة 223  من قانون أصول المحاكمات المدنية والتجارية رقم 3 لسنة 2001 قبول الاستئناف موضوعا وفسخ الحكم المستأنف والحكم للمستأنف بمبلغ وقدره 142,415 شيكل يتحمل المدعي عليهما الأول والثاني بالتكافل والتضامن بدفع مبلغ 73920 شيكل ويتحمل جميع المدعى عليه بالتكافل والتضامن باقي المبلغ والبالغ 58495 شيكل مع تضمينهم الرسوم والمصاريف و300 دينار اردني اتعاب محاماة عن درجتي التقاضي"

لم يلقَ حكم محكمة الاستئناف قبولا من اطراف الدعوى ، فبادروا للطعن فيه بالنقوض الماثلة للأسباب التي بسطت في مستهل صحائفها الانف ذكرها.

فيما تقدم المطعون ضده "المدعي " بلوائحه جوابية على الطعنين 641/2023 و655/2023 دفع من خلالها بصحة تطبيق القانون بما يجاوز ما تضمنه طعنها رقم 618/2023 وبرد تفصيلا على أسبابها الطعنين  655/2023 و 641/2023

وبعطف النظر على الأسباب التي سيقت في صحيفة الطعن 655/2023  ، وفيما يتصل بالسبب الأول وحاصله الإعابة على الحكم الطعين  بمخالفة صحيح القانون ومعالجة القواعد الإجرائية بما يقتضي الإعادة لمحكمة الدرجة الأولى التي لم تتطرق لموضوع الدعوى ولم تفصل بها كون حكمها قد قضى برد الدعوى لمخالفة عقد العمل للنظام العام  بموجب القرار بقانون رقم 4 لسنة 2010 بشأن مكافحة المستوطنات_ وبالتناوب ما استقر عليه الاجتهاد القضائي والفقه من ان الخصومة من النظام العام وهي غير محصورة ومنوطه بتمسك الخصوم بها .

وفي ذلك نرى وعلى ما استقر عليه اجتهاد محكمة النقض بقرار الهيئة العامة رقم 1353/2019 بالطلب رقم 2/2023 " رجوعاً عن أي اجتهاد أو مبدأ مقرر في أحكام سابقة "  أنه وعلى ما أنبأت عنه المادة 223 من الأصول وما استقر عليه قضاء محكمة النقض أن الإعادة لمحكمة الدرجة الأولى لا تتم الا لواحد من الحالات المشار اليها في المادة المذكورة أو ان تكون محكمة الدرجة الأولى أصدرت حكمها وسارت في الدعوى دون انعقاد الخصومة. والمقصود بالحالات المشار اليها في الفقرة الثالثة من المادة 223 من قانون أصول المحاكمات المدنية والتجارية، المتعلقة بإعادة الأوراق لمحكمة الدرجة الأولى ، أن تكون هذه الأخيرة قد فصلت في المسائل المتعلقة بعدم الاختصاص أو سبق الفصل أو سقوط الحق المدعى به أو أي دفع شكلي، وقالت كلمتها بقبوله دون أن تكون قد استنفذت ولايتها بنظر الدعوى، أما وانها (محكمة الدرجة الأولى) قد استمعت الى كامل بينات الطرفين ودفوعهما وأوجه دفاعهما ومرافعاتهما ثم قالت كلمتها بأن ردت الدعوى لواحد من الأسباب المشار اليها فإنها والحالة هذه تكون قد استنفذت ولايتها بنظر الدعوى برمتها، رغم أن حكمها بالرد أو عدم القبول انصب على واحد من الأسباب المذكورة "

ولما أن محكمة الدرجة الأولى استنفذت ولايتها بنظر الدعوى بعد سماع البينات والمرافعات وقالت كلمتها فيها، وعلى محكمة الاستئناف وقد استنفذت هذه الأولى ولايتها ان تصدر حكماً من لدنها لا أن تعيدها لمحكمة الدرجة الأولى. إذ ان دور محكمة الاستئناف لا يقتصر على مراقبة الحكم المستأنف من حيث سلامة التطبيق القانوني، بل يتعداه لنقل النزاع بحدود طلبات المستأنف وإعادة طرحه عليها بكامل ما اشتمل عليه لتقول كلمتها فيه وتنبري لمعالجة أية أخطاء أو قصور لامس الحكم بحكم مسبب من لدنها , بما يتوافق واحكام المواد 219، 220، 223 من قانون أصول المحاكمات المدنية والتجارية وتعديلاتها ، ولما جاء حكم محكمة الدرجة الثانية موافقا  لهذا المبدأ الملزم لكافة المحاكم الامر المتوجب معه عدم قبول هذا السبب بجزئه الأول.

وفيما يتصل بالسبب الأول  من الطعن 641/2023 و السبب الأول الجزء الثاني من الطعن رقم 655/2023، وحاصلها الإعابة بالفساد بالاستدلال بالتقرير بعدم جواز تطرق قاضي الدرجة الأولى للبطلان من تلقاء ذاته رغم ان البطلان الذي شاب عقدي العمل والتأمين بطلان مطلق لعدم مشروعية السبب والمحل بما يجعل العقد منعدما ويجوز اثارة ذلك من قبل قاضي الدرجة الأولى يدون التمسك به من الأطراف :ـ

وفي ذلك نرى وبالعودة الى القرار بقانون رقم 4 لسنة 2010 بشأن حظر ومكافحة  منتجات المستوطنات نجد انه جاء في المادة الأولى التعريفات التالية: خدمات المستوطنات : كل عمل يتمثل بنشاط تقني او حرفي او مادي في المستوطنات ومن شانه تقديم منفعة لها لقاء مقابل مالي "وجاءت المادة 4 فقرة 3 من ذات القرار بقانون تفيد " يحظر على أي شخص تقديم سلعة او خدمات للمستوطنات ".ولما جاءت المادة 14 تفيد " يعاقب كل من يخالف احكام هذا القانون 14/1 الحبس لمدة لا تقل عن سنتين ولا تزيد عن خمس سنوات وغرامة مالية لا تقل عن عشرة الاف دينار اردني او ما يعادلها ... او احدى هاتين العقوبتين ، كل من تداول منتجات المستوطنات ، وكل من شارك او ساهم في تداولها او ورد سلعة او خدمة للمستوطنات "

ولما كان العقد الباطل ما ليس مشروعا بأصله ووصفه بأن اختل ركنه أو محله أو الغرض منه أو الشكل الذي فرضه القانون ولا يرتب على  العقد الباطل أي أثر ولكل ذي مصلحة أن يتمسك بالبطلان وللمحكمة أن تقضي به من تلقاء نفسها عندما يكون البطلان مطلق بانطواء إبرام العقد على مخالفة قاعدة تستهدف حماية مصلحه عامة بحيث يعتبر غير موجود قانوناً ، فهو والعدم سواء ، لتخلف ركن أو اكثر من أركان انعقاده ، ويتم ذلك إذا انعدم الرضاء ، او تخلف المحل أو السبب ، أوكانا غير مشروعين ، او تخلف شكل العقد إذا اشترط القانون أو الاتفاق شكلاً لانعقاده, يترتب على صدور حكم بإبطال العقد أو ببطلانه زواله بأثر رجعى . ويعتبر كأن لم يكن ويزول كل أثر له وبالتالي يكون الحكم القضائي كاشفاً وليس منشئاً لحالة البطلان أو الإبطال، وتماشيا مع فكرة النظام العام جعل المشرع من حق كل ذي مصلحة التمسك بتوقيع هذا الجزاء على العقد المعيب بتخلف احد أركان انعقاده, ويقتضي عودة المتعاقدين إلى الحالة التي كانا عليها قبل العقد . ويلتزم كل منها بأن يرد للآخر ما حصل عليه بموجب العقد الذي تم إبطاله ,كون ان كل متعاقد أخذ ما أعطاه إليه المتعاقد الآخر من غير أن يكون له حق فيه ، ومن ثم يلتزم برده إليه ، وهذه القاعدة ليست مطلقة بل ترد عليها بعض القيود التي ترجع لاعتبارات الواقع واستقرار المعاملات ومراعاة بعض المصالح الجديرة بالحماية ,كون الأصل أن يكون الرد عيناً

وإزاء ذلك وكون أن المدعي والمدعى عليهم خالفوا ما يوجبه القرار بقانون المشار اليه  بما يجعل من عقدي العمل والتأمين باطلين كون محلهما العمل في المستوطنة وتقديم الخدمات لها غير المشروع والمجرم, الا ان بطلان عقد العمل لا يعفي صاحب العمل والشركة المؤمنة من مسؤوليتهما عن الأضرار التي لحقت بالعامل أثناء قيامة بالعمل أو بسبب ذلك العمل وفقا للقواعد العامة في مجلة الاحكام العدلية ومنها المادة 20 والتي تنص على ان "الضرر يزال" وكذلك لأحكام قانون العمل ولتعريف العامل بأنه كل شخص طبيعي يعمل لمصلحة صاحب عمل وتحت إدارته أو إشرافه مقابل أجر فالعمل تحت إشرافه وإدارته دليل على قيام علاقة التبعية بين التابع والمتبوع بحيث يكون لهذا الاخير سلطة إصدار الأوامر فيما يقوم به التابع من عمل وهذه العلاقة تقوم على السلطة الفعلية بخضوع التابع لإشراف أو إدارة المتبوع ، وهذه السلطة الفعلية قد يكون مصدرها عقد صحيح أو حتى عقد باطل، فبطلان العقد لا يحول دون قيام علاقة التبعية عليه ، فما دام أن العامل قد إصابة ضرر أثناء تأديته للعمل أو بسببه وما دام انه كانت تربطه بصاحب العمل علاقة تبعية، فإنه تقوم مسؤولية صاحب العمل عن هذه الأضرار، وتظل هذه المسؤولية قائمة في مواجهة صاحب العمل حتى لو كان عقد العمل باطلا بحيث يبقى صاحب العمل مسؤولا عن اية إصابة تحدث للعامل طالما يرتبط العامل بصاحب العمل بعلاقة عمل فعلية بغض النظر عما اذا كان العقد صحيحا او باطلا, بما يتعين على محكمة الاستئناف بصلاحياتها الموضوعية البحث في صحة المطالبة بخصوص التعويضات عن الإصابة العمالية  التي لحقت به اثناء تنفيذ العقد الباطل وليس رد الدعوى كما ذهبت اليه محكمة الدرجة الأولى , حيث يستحيل إعمال الأثر الرجعى لبطلان عيناً في العقود الزمنية ،ومنها عقد العمل ، حيث يستحيل ماديا إزالة بعض الآثار التي ترتبت عليه في الماضي ، فلا يمكن رد العمل الذي أداه العامل ,وبذلك يلتزم صاحب العمل بأن يرد للعامل تعويضا معادلا لما أداه من عمل وبذل من جهد وكذلك ما لحقه من إصابة مرتبطة بهذا العمل خلفت لديه عجزا, حيث يستحيل إعادة الحال إلى ما كان عليه قبل التعاقد لكون  العامل قام بالجهد المطلوب منه ولحقه نسبة عجز عن هذه الإصابة , بما يجعل من السببين المشار اليهما غير واردين ولا ينالا من الحكم الطعين بالنتيجة .

اما وبخصوص السبب الثاني من أسباب الاستئناف 655/2023 والاعابة  على محكمة الاستئناف خطأها بتطبيق القانون على خلاف الواقع واعتبار المطعون ضدها عاملا لدى الجهة الطاعنة على خلاف البينة المقدمة والتي اثبت عمله لدى مقاول من الباطن :ـ

وفي ذلك ولما كان وزن البينة والتقرير فيها من إطلاقات محكمة الموضوع ، ويدخل ضمن صلاحياتها الواقعية في استخلاص وقائع الدعوى مما له اصل ثابت بالأوراق وفق البينة المثبتة توافر التبعية والاشراف على عمل المدعي من قبل المدعى عليهما الأولى الشركة غير المسجلة في الاراضي الفلسطينية والثاني مديرها الاداري وفق الاقرار في اللائحة الجوابية والظاهر امام الغير  والعاملين بمظهر مالكها وصاحب العمل وفق اقوال الشاهد كمال يعقوب محمد وذلك  من خلال مراقب العمال لديها على عمالها وعمال المقاولين من الباطن وتأمينهم وفق الأجور اليومية  المتفق عليها بالتوافق فيما بينهم وبذلك نحيل إلى التعريف الوارد في المادة 1 من قانون العمل لغايات تطبيق احكامها على وقائع الدعوى الاساس، إذ عرفت صاحب العمل بأنه :" كل شخص طبيعي أو اعتباري أو من ينوب عنه يستخدم شخصاً أو أكثر لقاء أجر" , كما وعرفت العامل بأنه :" كل شخص طبيعي يؤدي عملاً لدى صاحب العمل لقاء أجر ويكون أثناء أدائه العمل تحت إدارته وإشرافه "، فيما حددت المادة 24 من ذات القانون طبيعة عقد العمل الفردي عقد العمل بأنه:" هو اتفاق كتابي أو شفهي صريح أو ضمني يبرم بين صاحب عمل وعامل لمدة محددة أو غير محددة أو لإنجاز عمل معين يلتزم بموجبه العامل بأداء عمل لمصلحة صاحب العمل وتحت إدارته وإشرافه، ويلتزم فيه صاحب العمل بدفع الأجر المتفق عليه للعامل ".، فيما جاءت  المادة 30 من القانون سالف الوصف لتبين قيام مسؤوليتهما التضامنية على النحو التالي:" إذا نفذ متعهد فرعي العمل بالنيابة عن صاحب العمل الأصلي أو لصالحه يكون الاثنان مسئولين بالتضامن عن تنفيذ الالتزامات الناشئة عن العقد ".

وبناء على ما تقدم، واستنادا للتعريفات والمفاهيم الواردة في قانون العمل النافذ، فإن عنصر التبعية من العناصر المميزة لعقد العمل، إذ تتمثل تلك التبعية في  خضوع العامل لصاحب العمل الأصلي أو من ينوب عنه في الإشراف والرقابة، والتي تتعلق بتحديد العمل المطلوب وكيفية القيام به ووقت ومكان أدائه، وحق صاحب العمل في توقيع الجزاء على العامل إذا لم يراع الأوامر الموجهة له. الامر الذي يجعل من هذا السبب غير وارد بالنتيجة

 اما وبخصوص الاسباب الثاني والرابع والخامس والسادس من أسباب الطعن رقم 641/2023 والسبب الثالث من أسباب الاستئناف رقم 655/2023 والإعابة على الحكم الطعين الخطأ في الاستدلال  لثبوت تعرض المطعون ضده لإصابة عمل سابقة  في ذات المكان وهي المسببة لنسبة العجز وبدل الفواتير الطبية والعلاجية .

وفي ذلك نرى ان الحكم الطعين وبعد معالجته لعدم صحة رد الدعوى يقتضي عليها  معالجة النزاع بحدود طلبات المستأنف والدفوع الواردة في الدعوى الأساس ان تنبري لمعالجة أية أخطاء أو قصور لامس الحكم بحكم مسبب من لدنها , كونها محكمة موضوع قد أوجب المشرع عليها أن تنظر الاستئناف على أساس ما يقدم لها من بينات ودفوع وأوجه دفاع جديدة وما كان قد قُدم من ذلك إلى محكمة أول درجة ومراعاة للأثر الناقل  بما يتوافق واحكام المواد 219، 220، 223  و224  من قانون أصول المحاكمات المدنية والتجارية وتعديلاتها الا انها وبهذه الجزئية قد غفلت عن معالجة دفوع جوهرية تم تقديم البينة عليها مؤثرة في نتيجة الطعن بخصوص نسبة العجز وعلاقتها بالحادث الحالي والسابق واثره في قيام المسؤولية وحدودها وارتباط الفواتير والايصالات العلاجية بالحادث موضوع الدعوى وصولا لقيام المسؤولية بما يجعل من هذه الأسباب تنال من الحكم الطعين .

اما وبخصوص السبب الثالث من أسباب الطعن 641/2023 والرابع من أسباب الطعن رقم 655/2023 والاعابة على محكمة الاستئناف خطأها في احتساب التعويض على خلاف احكام المادة 130 من قانون العمل التي حددت ان التعويض يكون على أساس متوسط اخر ثلاثة شهور من عمله :ـ 

وفي ذلك نجد ان محكمة الاستئناف وعلى ما سطرته في حكمها الطعين ، قد تناقض في الاجر الواجب الاعتماد عليه لغايات احتساب تعويض المدعي بالتقرير ابتداء بواقع "1500 " شيقل بالاستناد لكشف العاملين المشمولين بالتأمين عن شهري 5/2015 والمبين اجر المدعي الشهري 1500 شيقل وشهر 6/2015 والمبين للأجر عنه 1440 شيقل ولاحقا بواقع "3600 " شيقل شهريا لثبوت الاجر اليومي بواقع 180شيقل أساسي كون المحكمة مقيدة بحدود طلبات الخصوم وان المدعى عليهما لم يقدما اية بينة خلاف الثابت.

ولما كان ذلك الذي توصلت اليه في هذا الشأن يفيد التناقض الذي لا يستقيم معه الحكم بظل عدم اعمال المادة (130) من قانون العمل كون اجر المدعي الشهري غير ثابت من خلال الأوراق بما يقتضي اعتماد متوسط الدخل لأخر ثلاثة شهور قبل الإصابة والتي يقع على عاتق المدعي اثباتها ورفع التناقض بالوقوف على القيمة القانونية للبينة المتضاربة  والترجيح بينها وصولا للأجر الشهري الواجب الاعتماد عليه لغايات احتساب التعويض بما يجعل من هذين السببين واردين على الحكم المستأنف .

وبعطف النظر على الأسباب التي سيقت في صحيفة الطعن 618/2023  ، وفيما يتصل بالسبب الأول وحاصله الإعابة على الحكم الطعين مخالفة القانون في المادة 119 من قانون العمل وعدم الحكم للمدعي بدل التعطيل عن العمل بواقع شهرين وفق تقرير اللجنة الطبية العليا ,والخطأ في اجتزاء التعويض  ووجوب الزام المدعى عليهم جميعا بالتكافل والتضامن بدفع جميع التعويض المستحق للطاعن :ـ

وفي ذلك نرى الإحالة بالمعالجة على التسبيب الوارد أعلاه وفق صلاحيات محكمة الاستئناف الموضوعية والواقعية وبالاستناد للأثر الناقل قد غفلت عن معالجة طلب الحكم ببدل شهرين بدل تعطيل عن العمل وفق تقرير اللجنة الطبية العليا بما يجعل من هذه الجزئية من السبب واردا على الحكم الطعين في حال  اثبات قيام المسؤولية وحدودها وتقدير متوسط الدخل الشهري عن اخر ثلاثة اشهر قبل الإصابة المقرر الإعادة لبحثها بالأسباب السابقة الإشارة  وكذلك حال المطالبة بعدم اجتزاء التعويض والزام المدعى عليه جميعا بالتكافل والتضامن بدفع جميع التعويض كذلك يغدوا واردا لوجوب التقرير به بعد المعالجة لما تم الإشارة اليه اعلاه بما يجعل من هذه السبب ينال من الحكم الطعين

لهذه الأسباب

تقرر المحكمة  قبول الطعون 618 /2013 و641/2023 و 655/2023 بحدود الأسباب المشار اليها أعلاه وإعادة الأوراق الى مرجعها ، لإجراء المقتضى القانوني في ضوء ما تم بيانه ، على ان تعود الرسوم والمصاريف واتعاب المحاماة على الفريق الخاسر بنتيجة الدعوى.

             حكماً صدر تدقيقا باسم الشعب العربي الفلسطيني وافهم في 09/04/2025

الكاتــــــــــب                                                                                              الرئيـــــــس

س.ر