السنة
2023
الرقم
643
تاريخ الفصل
21 إبريل، 2025
المحكمة
محكمة النقض
نوع التقاضي
طعون حقوقية
التصنيفات

النص

دولـــــة فــــلســــــطين

السلطــــة القضائيـــة

المحكمة العليا / محكمــة النقض

"الحكـــــــم"

الصادر عن المحكمة العليا / محكمة النقض المنعقدة في رام الله المأذونه بإجراء المحاكمة وإصداره

بإسم الشعب العربي الفلسطيني

الهـيئـــــــــة الحـاكـمـــة بـرئاســـــــــة الســــــــــيد القاضـــــي محمود جاموس

وعضويــــة الســادة القضــاة : محمود الجبشة، كمال جبر، بلال ابو الرب، وسام السلايمة

 

الطاعنـــــــــــــة : شركة المستودع الوطني للمستحضرات الطبية -المساهمة الخصوصية المحدودة المسجلة لدى مراقب الشركات تحت الرقم (562471227) بواسطة المفوضين بالتوقيع عنها المهندس محمود "محمد روحي" أحمد زلموط وجمال"محمد روحي" أحمد زلموط

                وكيلها المحامي علي البكار.

المطعون ضده: عنان عبدالرؤوف حسن شخشير/نابلس

                     وكلاؤه المحامون معاذ الحج و/أو فادي الناطور/نابلس

الاجــــــــــــراءات

تقدمت الشركة الطاعنة بهذا الطعن بتاريخ 14/5/2023 لنقض الحكم الصادر عن محكمة استئناف نابلس في الاستئناف المدني 573/2022 بتاريخ 26/4/2023 القاضي برفض طلب الطعن وتبعاً لذلك الحكم بصحة قرار التحكيم محل الملف واكسابه الصفة التنفيذية مع الرسوم والمصاريف واتعاب المحاماة .

وقد تلخصت اسباب الطعن :

1- النعي على الحكم الطعين انه لم يفرض رقابته على صحة قرار التحكيم ومدى مطابقته للأصول والقانون سيما ان دور محكمة الاستئناف دور رقابي  رغم ما يعتريه من الجهالة حيث لم تحدد مشارطة التحكيم طبيعة الخلاف ولا عناصر النزاع المالي ولا قيمته وعلى الرغم قيام هيئة التحكيم بالفصل في مسائل لم تكن من عناصر النزاع حيث تجاوزت هيئة التحكيم حدود صلاحيتها ولم توضح الأسس والاسانيد القانونية التي اعتمدتها في حكمها اضافة الى ان ملحق التفسير والتصحيح مسّ بجوهر قرار التحكيم علاوة ان الحكم الطعين قد قضى بتصديق قرار التحكيم  رغم ان الاطراف لم يطلبو اكساءه الصيغة التنفيذية .

وطلبت الطاعنة بالنتيجة قبول الطعن شكلاً ومن ثم موضوعاً ونقض الحكم الطعين.

لم يتقدم المطعن ضده بلائحة جوابية على الطعن رغم تبلغ وكيله لائحة الطعن .

 

المحكمــــــــــــة

بالتدقيق والمداولة ولورود الطعن في الميعاد القانوني مستوفياً شرائطه الشكلية تقرر قبوله شــــــــكلا.

وفي الموضوع، تفيد وقائع الدعوى أن الشركة الطاعنة تقدمت في مواجهة المطعون ضده بالدعوى الأساس 729/2014 بداية نابلس موضوعها الطعن في قرار هيئة تحكيم وبنتيجة المحاكمة وبتاريخ 31/3/2022 اصدرت حكماً يقضي بفسخ قرار التحكيم والغاءه الحكم الذي طعن به المطعون ضده استئنافاً لدى محكمة استئناف نابلس بموجب الاستئناف 573/2022 وبنتيجة المحاكمة وبتاريخ 26/4/2023 اصدرت حكماً يقضي بقبول الاستئناف موضوعاً والغاء الحكم المستأنف والحكم برفض طلب الطعن وتبعاً لذلك الحكم بصحة قرار التحكيم محل الملف واكسابه الصفة التنفيذية مع الرسوم والمصاريف و 200 دينار اتعاب محاماة  الحكم الذي طعنت به الطاعنة بطريق النقض للأسباب الواردة بلائحة الطعن.

وعن اسباب الطعن

التي تلخصت وتمحورت حول النعي على الحكم الطعين انه لم يفرض رقابته على صحة قرار التحكيم ومدى مطابقته للأصول والقانون سيما ان دور محكمة الاستئناف دور رقابي رغم ما يعتريه من الجهالة حيث لم تحدد مشارطة التحكيم طبيعة الخلاف ولا عناصر النزاع المالي ولا قيمته وعلى الرغم قيام هيئة التحكيم بالفصل في مسائل لم تكن من عناصر النزاع حيث تجاوزت هيئة التحكيم حدود صلاحيتها ولم توضح الأسس والاسانيد القانونية التي اعتمدتها في حكمها اضافة الى ان ملحق التفسير والتصحيح مسّ بجوهر قرار التحكيم علاوة ان الحكم الطعين قد قضى بتصديق قرار التحكيم  رغم ان الاطراف لم يطلبو اكساءه الصيغة التنفيذية .

وفي ذلك نجد ان التحكيم في مفهومه الفقهي والقانوني انما هو تولية الخصمين حاكماً يحكم بينهما والذي يعني ايجاباً من الخصمين وقبول من المحكم وعاقدين ومحل معقود عليه وبهذه المثابة فان حسم النزاع في حالة التحكيم انما هو يكون بعد التراضي بين الجانبين وهذا الحسم يتم بواسطة اشخاص حائزين على ثقة المتخاصمين التامة الأمر الذي يجعل الحكم الصادر في موضوع الخصومة كانه صادر من مجلس عائلي او اسري بخلاف الحكم القضائي الذي يصدر على اثر احتدام المشاحنات واشتداد النفور فالتحكيم فيه بعد عن اللدد في الخصومة فضلا عن القصد في النفقة والوقت ولما كان الهدف من الرقابة القضائية على التحكيم ليس المغزى منها افساد نظام التحكيم بل تأكيد وجوده وضمان فاعليته لان باستبعاد الرقابة هذه انما ينطوي على مخاطر بحقوق الأطراف لاسيما عندما يكونوا ضحية لتدليس المحكم او اهمال مؤسسات التحكيم اذ ليس الهدف من الرقابة القضائية على التحكيم عرقلة عمل المحكم او الافتئات على حرية الخصوم التي كفلها المشرع فهي لا تعني بأي حال عدم اسقلال المحكم او خضوعه لوصاية القضاء فليس للقاضي التحقق من عدالة حكم المحكم وقضاءه في الموضوع لان القضاء لا يعد هيئة استئنافية بهذا الصدد وبالنتيجة فان ازدهار التحكيم وانتعاشه يتوقف بالنهاية على موقف القضاء منه وتفهمه لطبيعته .

وتأسيساً على ذلك وعودة الى اتفاق التحكيم ومشارطته المعقودة بين الطرفين فان المحكمة تجد أن المعقود عليه (النزاع المطروح على المحكمين)انما يتعلق بنزاع تجاري بخصوص أسهم ومستحقات كل من طرفي النزاع في شركة المستودع الوطني للمستحضرات الطبية، وانه من الواضح جليا وفق البنود (3+6) من صك التحكيم بأن هيئة التحكيم معفاة من اتباع الاصول في قانون المرافعات وان هيئة التحكيم مخولة بانهاء النزاع صلحاً او حكماً وان حكمها في ذلك يكون نهائياً وقطعياً وحائز لقوة القضية المقضية وغير قابل لأي طريق من طرق الطعن وان المحتكمين قد تنازلا عن حقهما بالطعن بقرار هيئة التحكيم بارادتهما واختيارهما سلفاً.

وحيث ان ما ورد في البنود 3+6 المذكورة باعفاء المحكمين من الأصول المسنونة في قانون المرافعات انما يعد ذلك مبعثاً للثقة في حسن تقدير هيئة التحكيم وحسن عدالتها تلك الثقة التي تعد مبعثاً على اتفاق التحكيم اذ ان هيئة التحكيم هي التي اوصت الى المحتكمين بالثقة في اجراء التحكيم بالصلح او الحكم معفاة من الأصول المسنونة في قانون المرافعات، اذ ان التحكيم في هذه الحال يقوم اساساً على هذه الثقة وحدها ، وحيث ان المحكم المفوض بالصلح المعفى من التقيد بقانون الأصول والمرافعات انما يعرف بالتحكيم المطلق وان المحكم بموجبه يصدر حكمه بمقتضى قواعد الانصاف دون التقيد بقانون المرافعات وانه بهذا الحال لا تسري على تصرفات المحكم وحكمه الجزاءات المقررة في قانون المرافعات اذ ان المحكم بهذه الحال انما يجر نوعاً من التسوية للنزاع المعروض عليه مستلهماً ما يراه محققا للعدالة وما يرض ضميره غير اّبه الى ما ورد في قانون الأصول لأن رأيه هو معيار الصحة والحق وحيث ان حكم هيئة التحكيم في هذه الحال وحسب صيغته وما ورد بمشارطة التحكيم وبصراحة اتفاق الطرفين بأنه لا يقبل أي طعن بأي طريق من طرق الطعن وحيث يكتسب حكم هيئة التحكيم قوة القضية المقضية بصراحة إرادة المحتكمين وما ورد باتفاقهما بمشارطة التحكيم ولما كان الامر كذلك ولما كانت هئة التحكيم مخولة بالصلح بين المحتكمن وان الهيئة معفاة من التقيد بقواعد المرافعات الامر الذي ينطبق على حكمها حكم المحكم المطلق والذي يحكم بمقتضى قواعد الانصاف معفى من التقيد بالقواعد المسنونة بقانون المرافعات وعليه فان حكم هيئة التحكيم والحالة هذه غير قابل للطعن ذلك ان إرادة المحتكمين ورغبتهم قد اتجهت الى احترام رأي هيئة التحكيم والاعتداد به في كل الأحوال ولو خالف نصوص القانون وان يكون لهيئة التحكيم الكلمة الأخيرة بغير معقب ولا مطعن .

ولما كان جل أسباب الطعن وما ورد باسباب الدعوى الأساس انما تتعلق بالجزاءات المفروضة على احكام المحاكم في حال مخالفتها لقواعد قانون الأصول وعليه فان هذه الأسباب غير مقبوله طالما ان تلك الجزاءات لا تسري على تصرفات هيئة التحكيم طالما انها معفاة من التقيد في القواعد المسنونة لقانون المرافعات ومن جانب اخر وحيث ان الجهة الطاعنة اقامت دعواها الحالية متمسكة ببطلان قرار هيئة التحكيم بدعوى مبتدئة وحيث ان هذه الدعوى انما يقصد بها في الواقع انكار كل سلطة لهيئة التحكيم اصدار حكمها وحث ان هذه الدعوى قوامها اذا صدر حكم المحكمين بغير وثيقة تحكيم او بناءاً على وثيقة باطلة او سقطت بتجاوز الميعاد او اذا كان الاتفاق على التحكيم بواسطة شخص لا يملك التصرف في حقوقه او اذا كان الموضوع لا يجوز فيه التحكيم او اذا كان المحكم محجور عليه او محروماً من حقوقه المدنية .

وحيث ان جل أسباب الطعن وما  ورد بأسباب الدعوى المقامة تخرج عن الأسس التي تقوم عليها الدعوى المبتدئة لبطلان حكم المحكمين  لا سيما انه من الثابت وفق ملحق تجديد صك التحكيم والذي بموجبه تم تجديد صك التحكيم وتجديد المدة المضروبة لاصدار حكمها حيث من الثابت وفق صك التجديد ان الجهة الطاعنة (الجهة المدعية) قد قامت من خلال الصك المذكور بتجديد الثقة باحترام رأي هيئة التحكيم والاعتداد به في كل الأحوال ولو كانت ارادتها غير ذلك لما أقدمت على تجديد صك التحكيم وتحديد مدة  اصدار هيئة التحكيم لحكمها .

اما قول الجهة الطاعنة بان المحكمة قررت بتصديق قرار المحكم رغم ان الأطراف لم يطلبوا ذلك والنعي على ملحق تفسير حكم المحكمين بأنه مسّ جوهر قرار التحكيم فان المحكمة تجد وطالما ان إرادة المحتكمين قد اتجهت وبموجب صك ومشارطة التحكيم الى اعتبار حكم هيئة التحكيم نهائياً وقطعياً وحائزاً لقوة القضية المقضية وعليه فان حكم المحكمة بهذا الصدد لا يكون خارجاً على إرادة المحتكمين ولا يعدو سوى ان يكون احترام لتلك الإرادة .

اما القول بان ملحق التفسير مسّ جوهر حكم المحكمين فأن هذا القول غير منتج اذ ليس للطاعن أي مصلحة قانونية معتبرة به طالما ان ملحق التفسير هذا انقص من التزامات الجهة الطاعنة اتجاه المطعون ضده اذ انقص التزاماتها النهائية تجاه المطعون ضده من مبلغ (389802) شيكل لينخفض هذا الالتزام وفق ملحق التفسير الى مبلغ (255883) شيكل وحيث ان الحكم الطعين قد وقع صحيحاً بنتيجته وقد استكملت هذه المحكمة أسبابه بما رأت انه استكمالاً لها .

وحيث ان أسباب الطعن التي ساقتها الجهة الطاعنة لا تقوم على أساس قانوني او واقعي سليم .

لذلك

تقرر المحكمة رد الطعن وعلى ضوء ما خلصت اليه المحكمة نقرر الغاء القرار الصادر بوقف التنفيذ بالطلب 92/2023 .

 

                     حكماً صدر تدقيقا باسم الشعب العربي الفلسطيني بتاريخ 21/4/2025