السنة
2017
الرقم
1027
تاريخ الفصل
31 أكتوبر، 2017
المحكمة
محكمة استئناف رام الله
نوع التقاضي
استئناف حقوق
التصنيفات

النص

الحــــكــــم

الصــادر عـن محكمــة استئناف رام الله  المـأذونـة بإجــراء المحـاكمــة

وإصــدار الحكـم باسـم الشـعب العـربـي الفـلسـطيني

الهيئة الحاكمة برئاسة القاضي السيد رائد عصفور

 وعضوية السادة القضاة راشد عرفة و وسام السلايمة

المستأنفون  : 1- مجلس الوزراء / رام الله

              2- وزارة المالية الفلسطينية / رام الله

              3- عطوفة النائب العام لدولة فلسطين

              4- مدير عام الرواتب في وزارة المالية

              5- مدير عام الشؤون القانونية في وزارة المالية

                  جميعهم بصفتهم الوظيفية ويمثل المستأنفين جميعهم عطوفة النائب العام / رام الله

 المستأنف عليه : القاضي احمد حسني علي الاشقر / طولكرم ، هوية رقم (914093000)

                    وكيله المحامي : طارق ابو الرب / طولكرم

موضوع الاستئناف القرار الصادر بحضور فريق واحد عن قاضي الامور المستعجلة لدى محكمة بداية طولكرم في الطلب المدني رقم 124/2017 بتاريخ 20/6/2017 والقاضي بوقف تنفيذ قرار مجلس الوزراء لعام 2017 الصادر بتاريخ 11/5/2017 تحت الرقم (07/151/م.و/ر.ح) والمتعلق باحتساب سنوات الاقدميات بشأن القضاة النظاميين واعضاء النيابة العامة المعينين بتاريخ 14/5/2002 والقضاة الشرعيين المعينين بتاريخ 14/12/2003 والدبلوماسيين المعينين بتاريخ 24/9/2005 واعضاء ديوان الفتوى والتشريع ومنع تطبيقه لحين البت في الدعوى الموضوعية لاحقا وتسطير الكتب الى كافة الجهات المختصة للعمل في تطبيق فحوى هذا القرار ، على ان يقوم المستدعي باقامة دعواه خلال ثمانية ايام من تاريخ صدور هذا القرار تحت طائلة اعتباره كأن لم يكن.

تتلخص اسباب الاستئناف بما يلي :

1_  خالف قاضي الامور المستعجلة قواعد الاختصاص المتعلقة بولاية المحاكم من خلال غصبه لصلاحيات القضاء الاداري ،  ذلك ان القرارات الإدارية ينعقد الاختصاص لنظرها للقضاء الاداري و ليس النظامي .

2- خالف قاضي الامور المستعجلة قانون تشكيل المحاكم النظامية رق 5 لسنة 2001 و التي حددت وعقدت الاختصاص لمحكمة العدل العليا بنظر الطعون المتعلقة بالقرارات الادارية وحددت العيوب في المادة 43 التي تنال من القرار الاداري على سبيل الحصر و حددت كذلك نتيجة الطعن اما الحكم بإلغاء القرار الاداري او ابطاله و هذه الصلاحية تخرج عن اختصاص القضاء النظامي الذي ليس له صلاحية الغاء او ابطال أي قرار اداري .

3- خالف القرار الطعين قانون السلطة القضائية حيث الماده 46 من قانون السلطة القضائية حيث تختص المحكمة العليا دون غيرها بالفصل في طلبات الالغاء و التعويض و وقف التنفيذ و كذلك الفصل بالمنازعات المتعلقة بالرواتب و المعاشات و المكافآت المستحقة لهم ولورثتهم .

4- خالف القرار الطعين القانون الاساسي المعدل لسنة 2003 فقد نص جواز انشاء محاكم ادارية ، وحاليا تقوم المحكمة العليا مؤقتا بمهام المحاكم الادارية و المحكمة الدستورية ما لم تكن داخله في اختصاص جهة قضائية اخرى وفقا للقوانين النافذة .

5- قاضي الامور المستعجلة  قد تصدى لاصل الحق و تناقض في قراره الطعين ذلك انه اعتبر القرار الاداري الصادر عن مجلس الوزراء منعدما و بالتالي خول نفسه صلاحية التصدي لهذا القرار .

إجـــراءات المحاكمــة

بالمحاكمة جاريه علنا و بجلسة 5/9/2017 تقرر قبول الاستئناف شكلا ثم كررت الجهة المستأنفه لائحة الاستئناف بينما انكر المستأنف عليه لائحة الاستئناف ، و ترافع وكيل النيابة ملتمسا اعتماد لائحة الاستئناف مرافعه له ، و ترافع وكيل المستأنف عليه ملتمسا بالنتيجة رد الاستئناف و تصديق القرار المستأنف مع الرسوم و المصاريف و اتعاب المحاماه و بجلسة 31/10/2017 ختمت الاجراءات بالقرار التالي .

المحكمة

 بعد التدقيق و المداولة  ، نجد ان جميع ما جاء في اسباب هذا الاستئناف يدور  حول تخطئة قاضي الامور المستعجلة بإصدار القرار المستأنف لعلة عدم الاختصاص ؟

و عليه  و بمعالجتنا لأسباب هذا الاستئناف مجتمعة فان السؤال الذي يطرح نفسه في هذا المقام : هل للقضاء العادي بشقيه المدني و المستعجل اختصاص بالقرارات الإدارية ؟

و للإجابة على هذا السؤال لابد من الرجوع الى الفقه و ما استقر عليه القضاء  بهذا الصدد.

و في هذا نجد  ، د. عدنــان عمـــرو أستاذ القانون الإداري في جامعة القدس  ،  وبدراسة بموضوع / إبطــال القــرارات الإداريـــة الضارة بالأفراد والموظفين ، لسنة 2001 ،  منشورة على موقع الهيـئـة الفلســـطينية المســتقلة لحقـوق المواطن على الانترنت يقول " .. فيما يخص الحالات التي تـدخل ضمن نطاق حالات اغتصاب السلطة والتي تؤدي بالقرار إلـى الانعـدام ، .... وغالبا في الحالات التالية : ..3 _ صدور القرار عن سلطة إدارية في موضوع اختصاص تعود مباشرته للسلطة القضائية .....وتعد القرارات الإدارية الصادرة في الحالات السابقة منعدمة بحيث يجـوز للإدارة سحبها وإلغاؤها دون التقيد بأجل، كما يجوز للمتضـرر صـاحب المصلحة أن يطعن بإلغائها في أي وقت ، وأمام القضاء الإداري والعـادي على حد سواء  .. "

        ونجد الاستاذ محمد علي راتب، وآخرون - بكتاب قضاء الأمور المستعجلة، ط 7 ،1985 ،ج الاول ،  و على الصفحات  199 و 200 و 252  و 253  يقول  " ان القضاء العادي استقر على ان يمد اختصاصه الى القرارات الإدارية التي تكون مخالفتها للقوانين و للوائح جسيمه تنحدر بها الى مرتبة اغتصاب السلطة و تجعل تنفيذها من قبيل الاعتداء المادي  .... ، يعتبر معدوما القرار الذي تصدره الإدارة في امر يدخل في اختصاص  السطلة القضائية ..  ، القضاء العادي ، الموضوعي و المستعجل ، يملك فحص المنازعة لمعرفة اذا كنت متعلقة بقرار اداري باطل ام بقرار اداري معدوم و ذلك توصلا لتحديد اختصاصه ... و لهذا اذا  رفعت امامه دعوى مستعجله تتصل بامر اداري فانه يتعرض - و لو من تلقاء نفسه - لبحث اختصاصه و يملك فحص الامر من ظاهر المستندات لتعرف اذا ما كان الامر الاداري المتصل بالمنازعة هو امر اداري معدوم ام انه امر اداري باطل ، ففي الحالة الاولى يكون مختصا دون الحالة الثانية  ، .. "  .

و الاستاذ محمد الحمصي في كتابه نظرية القضاء المستعجل في قانون اصول المحاكمات الاردني لسنة88 ، ط 1 ، و على ص 182 و ما بعدها يقول   " .. اذا كان القرار الاداري معدوما اختص القضاء العادي بالفصل في المنازعات المتعلقة به كما يختص القضاء المستعجل باتخاذ الاجراءات التي تكفل رد هذا الاعتداء دون المساس بالمراكز القانونية و بقائها سليمة للقضاء الموضوعي  .. . و يملك قاضي الامور المستعجلة  وهو في سبيل نظر النزاع المعروض  عليه ان يفحص من ظاهر المستندات مدى جدية الادعاء بانعدام القرار حتى يمكنه ان يفصل في الدعوى كما له ان يعرض لهذا من تلقاء نفسه فاذا استبان له ان القرار مشوب بعيب ينحدر به من منطقة البطلان الى منطقة الانعدام فانه يختص بنظر الدعوى في الحدود المرسومة لها أي في المنازعات المستعجلة ....

و يتجه القضاء الاردني الى ان القرار المنعدم لا يرتب اثرا ( عدل عليا 21/83 مجلة النقابة )  ..تملك المحاكم العاديه صلاحية الغاء او شل اثار القرارات الاداريه المنعدمة اما القرارات القابله للابطال فان المحاكم العاديه غير مختصه بالنظر في الغائها .. وهذا الاجتهاد لايمسه ما جاء بقانون محكمة العدل العليا .. )

و نجد محكمة العدل العليا الاردنية و بقرارها رقم 34 لسنة 2001  تاريخ النشر 2002  صفحة 2   تقول  "  القرار المنعدم هو الذي يصدر عن سلطة بصورة الغصب كأن تصدر السلطة التنفيذية قرارا من اختصاص السلطة التشريعية او القضائية "

و محكمة التمييز الاردنية و بقرارها  تمييز حقوق رقم 228 لسنة 87  تاريخ النشر 1990 صفحة 614 تقول " ليس للمحاكم ان تتدخل في القرارات الادارية أو تشل اثارها ولو كانت مشوبة بعيب من عيوب القرارات الادارية الا اذا كان القرار منعدما "

         و في قراراها  رقم 124 لسنة 87 تاريخ النشر 87 صفحة 849 "  ان القرار المنعدم  هو الذي يصدر عن فرد عادي او هيئه خاصة ليس لها مزاولة هذا الاختصاص او يصدر من احدى السلطات الدولة الثلاثة في شأن هو من اختصاص سلطة اخرى ، للمحاكم النظامية ان تشل اثار القرار الاداري المنعدم و لا تتدخل بالقرار القابل للابطال .

و كذلك في قرارها رقم 818 لسنة 1990 تاريخ النشر1991 صفحة 1808 تقول "  استقر الاجتهاد على ان من حق المحاكم النظامية ان تتعرض لقانونية القرارات الاداريه .... فاذا اعتبرته قرار اداريا منعدما فتفصل في الطلبات الحقوقية على ضوء ذلك موضوعا ... ) "

اما بشان القول باختصاص المحكمة العليا الوارد في المادة 46 من قانون السلطة القضائية بشان طلبات الالغاء و التعويض و وقف التنفيذ التي يرفعها القضاة على القرارات الادارية المتعلقة باي شان من شؤونهم و الفصل في المنازعات الخاصة بالرواتب  و المعاشات و المكافات ت المستحقة لهم و لورثتهم فان المحكمة تشير الى ان محكمة النقض الموقرة في قرارها رقم 8107/2016 قد حسمت الخلاف في مسالة الاختصاص المذكور بقولها ان الاختصاص المذكور ينحصر في المنازعات الخاصة بالرواتب و العلاوات و المعاشات و المكافات المستحقة للقضاة او لورثتهم و التي ثبت استحقاقها و اختلف على مقدارها اما الرواتب التي يكون هناك خلاف على استحقاقها اصلا فانها تخرج عن اختصاص المحكمة العليا و تخرج ايضا عن اختصاص محكمة العدل العليا فيما لو تم رفعها من موظف في الخدمة المدنية وصولا الى القول باستحقاقه العلاوة عن سنوات خدمته في الوظيفة العامة قبل تعيينه في القضاء حملا لقرار المحكمة العيا رقم 4/2012 على معناه الصحيح.

 و مما تقدم   نخلص الى ان الفقه  و القضاء المقارن قد ميز بين القرار الاداري المنعدم و بين غيره من القرارت الادارية و التي لا يصل فيها البطلان الى درجة الانعدام ،   كما استقر راي الفقه و قرارات القضاء على اختصاص القضاء  العادي و من ضمنه  قاضي  الامور المستعجلة  بالقرارات الادارية  المعدومة ،  و ان قاضي الامور المستعجلة يملـك و لو من تلقاء نفسه  تمحيص النزاع  من ظاهر الاوراق للتوصل إلى تحديد اختصاصه ، وذلك لأن القرار الإداري المعدوم هو بمثابة عمل مادي غير مشروع، فيحق للقضاء العادي نظره  .

و بناء على ما تقدم فان اختصاص محكمة العدل العليا ، او المحكمة العليا  ، بطلبات الالغاء و وقف التنفيذ التي يرفعها القضاة او غيرهم من الاشخاص  ،  ليس من شأنه ان يحرم المتضرر من القرار الاداري المنعدم - باعتباره  عملا ماديا غير مشروع - من اللجوء الى القضاء العادي باعتباره صاحب الولاية العامة في الفصل بالمنازعات ، اذ ان مكانة القاضي لا تحول بينه و بين اللجوء الى القضاء العادي لوقف أي اعتداء مادي يقع عليه ، شأنه في ذلك شأن أي شخص .

  و تشير المحكمة الى ان انعدام القرار الاداري  يجلعه  عديم الاثر قانونا و لا يتمتع بالحصانة المقررة  للقرارات الإدارية المعيبة باحدى العيوب المنصوص عليها بالمادة 34 من قانون تشكيل المحاكم النظامية ، مما يجعل القضاء العادي مختصا بتأويله و تفسيره و وقف اثاره  .

 و على ضوء ما تقدم و بالعودة الى القرار المستأنف  نجده ومن خلال استعراض ظاهر البينات المقدمة  قد انتهى الى ان القرار محل الطلب يشكل تعديا على صلاحيات السلطة القضائية مما يشكل تجاوزا صارخا لإحكام القانون و غصبا لصلاحيات السلطة القضائية .

 و لما كان الامر كذلك فان القرار المستأنف يكون قد توصل لانعدام القرار  الصادر عن الجهة المستأنفة من خلال تحسس ظاهر البينات المقدمة في هذه الدعوى .

 و لما كان انعدام القرار الصادر عن  المستأنف عليها  او عدم انعدامه  لم يكن مثار طعن من قبل الجهة المستأنفة ، و بالتالي فان محكمة الاستئناف لا تملك معاودة البحث في هذا الامر ، وذلك اعمالا  لقاعدة الاثر الناقل للاستئناف ، و لما كان الامر كذلك و طالما ان قاضي الامور المستعجلة قد توصل الى ان القرار المستأنفة هو قرار منعدم و ذلك من ظاهر  البينات المقدمة اليه  ،  و بما  اننا توصلنا الى اختصاص قاضي  الامور المستعجلة  بالقرارات الادارية  المعدومة ،  و ان قاضي الامور المستعجلة يملـك ولو من تلقاء نفسه  تمحيص النزاع  من ظاهر الاوراق للتوصل إلى تحديد اختصاصه ، و بالتالي فان القول بعدم اختصاص قاضي الامور المستعجلة بإصدار القرار المستأنف و بمساسه باصل الحق يكون غير وارد لان قاضي الامور المستعجلة و هو يمحص ما قدم اليه من بينات و دفوع و طلبات انما يتمحص جدية تلك البينات و الدفوع و الطلبات وصولا الى التقرير فيما اذا كان القول بانعدام القرار المستانف يعتبر قولا جديا من عدمه من خلال ظاهر البينات.

و استنادا لما تقدم و بما ان قاضي الامور المستعجلة انتهى الى القول بجدية الدفع بانعدام القرار الاداري و دون ان يفهم من قوله المذكور بانه دخل في اصل الحق فان اسباب الاستئناف تكون غير واردة على القرار المستأنف و تكون مستوجبة الرد و يكون من الواجب وقف تنفيذ القرار رقم 07/151/17/م.و/ر.ح لعام 2017 بحق القضاة .

 

لذلك

فاننا نقرر رد الاستئناف  موضوعا و تأييد القرار المستأنف دون الحكم باية رسوم او مصاريف او اتعاب محاماه . 

 

حكما حضوريا صدر وتلي علنا باسم الشعب العربي الفلسطيني وافهم في 31/10/2017.