السنة
2023
الرقم
1004
تاريخ الفصل
29 نوفمبر، 2023
المحكمة
محكمة النقض
نوع التقاضي
طعون حقوقية
التصنيفات

النص

دولـــــة فــــلســــــطين

السلطــــة القضائيـــة

المحكمة العليا / محكمــة النقض

"الحكـــــــم"

الصادر عن المحكمة العليا / محكمة النقض المنعقدة في رام الله المأذونة بإجراء المحاكمة وإصداره

 بإسم الشعب العربي الفلسطيني

الهـيئـــــــــة الحـاكـمــــــــة بـرئاســـــــة القاضــــي السـيــــــد عدنان الشعيبي 

وعضوية القضاة السادة : مأمون كلش ، ثائر العمري ، نزار حجي ، بلال ابو الرب

 

الطعن الأول رقم 850/2023

الطـــاعن : جهاد عطا سليمان رازم بالاصالة عن نفسه وبصفته وليا على ابنه محمد / الخليل

وكيله المحامي مازن عوض / الخليل

المطعون ضدهما : ۱ - جمعية اصدقاء المريض - المستشفى الاهلي/الخليل

                        2- الدكتور بسام غالب طالب ناصر الدين/الخليل

وكيلهما المحامي سهيل عاشور / الخليل

الطعن الثاني رقم 1004/2023

الطـــاعنان:  ۱ - جمعية اصدقاء المريض - المستشفى الاهلي/الخليل

                 2- الدكتور بسام غالب طالب ناصر الدين/الخليل

وكيلهما المحامي سهيل عاشور / الخليل

المطعون ضده : جهاد عطا سليمان رازم بالاصالة عن نفسه وبصفته وليا على ابنه محمد / الخليل

وكيله المحامي مازن عوض / الخليل

الإجـــــــــراءات

تقدم الطاعن بواسطة وكيله بالطعن الأول بتاريخ 5/7/2023 ، وكما تقدم الطاعنان بواسطة وكيلهما بالطعن الثاني بتاريخ 25/7/2023 ، لنقض الحكم الصادر عن محكمة استئناف الخليل بتاريخ 25/6/2023 بالاستئنافين 1018/2022 و 1019/2022، القاضي برد الاستئناف رقم 1018/2022 موضوعا وقبول الاستئناف رقم 1019/2022 موضوعا، وتعديل الحكم المستانف ليصبح الحكم بالزام المدعى عليهما بالتضامن والتكافل بان يدفعا للمدعي مبلغ وقدره ( ۱۰۲۱۰٦٥ ) شيقل مع الرسوم والمصاريف النسبية ومبلغ الف دينار اتعاب محاماة عن مرحلتي القاضي.

تتلخص أسباب الطعن الأول رقم 850/2023 بما يلي :

١ - الحكم الطعين مخالف للاصول والقانون وصدر ضد وزن البينة .

٢ - تخطئة المحكمة الاستئنافية اعتماد معدل الدخل الشهري بواقع ٢٦٥٤.٢ شيقل كون ان متوسط الدخل يزيد على ذلك ، وتخطئة المحكمة بعدم احتساب معدل الدخل بتاريخ احتساب التعويض   .

3- تخطئة المحكمة الاستئنافية بعدم الحكم للمصاب بدل مرافق مبلغ ٢١٦٠٠۰۰ شيقل بواقع 3000 شيقل شهريا حتى تاريخ بلوغه سن ٦٠ عاما .

٤ - تخطئة المحكمة بعدم الحكم للمصاب مبلغ ۲۰۱٦۰۰۰ شيقل ، بدل فقدان المقدرة الكسب على اساس ضعفي متوسط الدخل اي بواقع ٥٤٠٠ شيقل

ه - تخطئة المحكمة بعدم الحكم للمصاب مبلغ وقدره ٦٠٠٠٠٠ شيقل ثمن عربة مقعد كهربائي بواقع ۲۰۰۰۰ شيقل يجدد كل سنتين ، وتخطئة المحكمة بعد الحكم للمدعي مبلغ ٥٠٠٠٠ شيقل بدل مصاريف طبية ومبلغ ۱۰۰۰۰۰ شيقل بدل مصاريف طبية مستقبلية .

٦ - تخطئة المحكمة الاستئنافية بعدم الحكم للمصاب ببدل الم ومعاناة بواقع ١٥٠٠٠٠ شيقل.

7- تخطئة المحكمة الاستئنافية بعدم ربط المبلغ المحكوم به بجدول غلاء المعيشة والفائدة القانونية من تاريخ المطالبة حتى السداد التام .

وبالنتيجة التمس الطاعن قبول الطعن شكلا وموضوعا واجراء المقتضى القانوني ، مع الرسوم والمصاريف واتعاب المحاماة .

لم يتقدم المطعون ضدهما بلائحة جوابية رغم تبلغهما لائحة الطعن حسب الاصول.

تتلخص اسباب الطعن الثاني رقم 1004/2023 بما يلي :

۱ - تخطئة المحكمة الاستئنافية لجهة عدم تحديد الخطأ الطبي، وتخطئة المحكمة بعدم الاخذ في الاعتبار باهمال الأم منذ البداية وعدم اهتمامها بالطفل ، وتخطئة المحكمة بعدم الاخذ في الاعتبار بان الطفل كان يعاني من نقص الاكسجين طول فترة الحمل ، وان الأم كانت تعاني من ضغط الدم ، الأمر الذي ادى الى نقص الاكسجين في الدم، ما ينفي مسؤولية المدعى عليهما عن نقص الاكسجين لدى الطفل ، وتخطئة المحكمة بتطبيق قواعد المسؤولية على وقائع الدعوى  ،اذ لم يثبت بان خطأ المدعى عليهما هو السببب الوحيد الذي ادى الى حدوث النتيجة التي يعاني منها الطفل ، بل ان البينة اثبتت وجود اسباب اخرى هي التي ادت الى تلك النتيجة   .

۲ - تخطئة المحكمة الاستئنافية بعدم الاخذ في الاعتبار بان طبيعة العلاقة بين طرفي الدعوى علاقة تعاقدية ، وان والدة الطفل توجهت الى المدعى عليها الأولى رغم علمها بعدم وجود حضانة اطفال حديثي الولادة لديها ، وبالتالي فانه يقع على عاتق والدة الطفل تحويل الطفل الى الحضانة ، وتخطئة المحكمة بعدم الاخذ في الاعتبار ان التاخر في تحويل الطفل الى مستشفى المحتسب بسبب القوة القاهرة المتمثلة بالانتفاضة الثانية .

 ٣ - تخطئة المحكمة الاستئنافية الاخذ بشهادة الدكتور انور دودين ، رغم انه لم يشرف على المريض ، وتخطئة المحكمة بعدم الأخذ بتقرير الخبير الذي تم تعيينه من قبل المحكمة ، الذي اكد بوجود تقصير من قبل الام في العناية بحملها .

٤ - تخطئة المحكمة الاستئنافية الحكم ببدل مساعدة ، اذ لم يثبت بان الطفل تلقى اية مساعدة من الغير وبانه بحاجة الى مساعدة الغير .

ه - تخطئة محكمة الاستئناف بالحكم للمدعي بمبلغ ٤٠ الف شيقل بدل ثمن ٨ كراسي متحركة رغم ان الخبير ذكر في مناقشته بان الطفل قد لا يحتاج سوى كرسي واحد طول فترة عمره .

6- تخطئة المحكمة الاستئنافية بعدم الاستعانة بالخبرة الفنية من اجل تحديد مقدار التعويض.

وبالنتيجة التمس الطاعنان قبول الطعن شكلا وموضوعا واجراء المقتضى القانوني ، مع الرسوم والمصاريف واتعاب المحاماة .

تقدم المطعون ضدهما بلائحة جوابية ، التمسا بنتيجتها الحكم برد الطعن موضوعا ، مع الرسوم والمصاريف واتعاب المحاماة .

المحكمـــــــــة

بالتدقيق والمداولة ، ولورود الطعنين ضمن الميعاد واستيفائهما شرائطهما الشكلية تقرر قبولهما شكلا.

وفي الموضوع نجد ان المدعي اقام الدعوى الاساس رقم 228/2007 لدى محكمة بداية الخليل في مواجهة المدعى عليهما،  بموضوع المطالبة بمبلغ وقدره خمسة ملايين وستة وسبعون الف شيقل ، بدل تعويضات ناتجة عن خطأ طبي ، وبعد استكمال اجراءات المحاكمة اصدرت المحكمة حكمها الفاصل بتاريخ 22/10/2015 ، القاضي بالزام المدعى عليها الأولى بان تدفع للمدعي مبلغاً وقدره ۹٤۲۸٥٩ شيقل مع الرسوم والمصاريف ومبلغ ٥٠٠ دینار اتعاب محاماة.

لم يرتض المدعي والمدعى عليها الأولى بالحكم ، فطعنا فيه لدى محكمة استئناف القدس بموجب الاستئناف رقم 651/2015 والاستئناف رقم 698/2015 ، وبعد استكمال الاجراءات امامها اصدرت حكمها بتاريخ 10/10/2016 القاضي برد الاستئناف رقم 698/2015 موضوعا وقبول الاستئناف رقم 651/2015 موضوعا وتعديل الحكم المستانف ، ليصبح الحكم بالزام المدعى عليها الاولى بان تدفع للمدعي مبلغ وقدره ١٦٦٥٧٥٩ شيقل مع الرسوم والمصاريف ومبلغ ۷۰۰ دينار اتعاب المحاماة عن درجتي التقاضي ، وربط المبلغ بجدول غلاء المعيشة وعدم قبول الدعوى في مواجهة المدعى عليه الثاني.

لم ينل الحكم الصادر عن محكمة استئناف القدس قبولا لدى المدعي والمدعى عليها الأولى،  فطعنا فيه بموجب النقض رقم 1183/2016 والنقض رقم 1234/2016 التي اصدرت حكمها بتاريخ 17/11/2016 ، القاضي بقبول الطعن الثاني موضوعا ، دون الولوج لاسباب الطعن الاول وباقي اسباب الطعن الثاني ، واعادة الاوراق المرجعها لاجراء الخبرة الفنية حول المسؤولية .

لدى اعادة الاوراق لمحكمة الاستئناف، واستكمال الاجراءات لديها ، اصدرت حكمها بتاريخ 25/10/2017 ، القاضي بقبول الاستئنافين موضوعا ، وتعديل الحكم المستانف ، ليصبح الحكم بالزام المدعى عليها الأولى بان تدفع للمدعي مبلغ وقدره ٥٥٥٢٥٣ شيقل مع الرسوم والمصاريف ومبلغ ۲۳۳ دینار اتعاب المحاماة ، وربط المبلغ بجدول غلاء المعيشة وعدم قبول الدعوى في مواجهة المدعى عليه الثاني.

لم يلق حكم محكمة الاستئناف قبولا من المدعي والمدعى عليها الأولى ، فطعنا فيه للمرة الثانية لدى محكمة النقض بموجب النقض رقم 1559/2017 والنقض رقم 1620/2017، والتي اصدرت حكمها بتاريخ 1/9/2022 القاضي بقبول الطعن موضوعا ونقض الحكم الطعين واعادة الاوراق المرجعها لبحث مسالة توافر الضرر والمسؤولية ونسبته لفاعله ومقدار التعويض ، وبحث باقي اسباب الطعنين الاستئنافين الماثلين امامها ، على ان تعود الرسوم والمصاريف واتعاب المحاماة على الفريق الخاسر في النتيجة.

لدى إعادة  الاوراق لمحكمة الاستئناف ، سارت على ضوء ما جاء في حكم محكمة النقض المرقوم اعلاه صدر القرار بقانون رقم ۳۹ لسنة ۲۰۲۰ بشأن تشكيل المحاكم النظامية ، الذي بموجبه تم تشكيل محكمة استئناف الخليل التي اصبحت تنظر الطعون الموجه اليها من ، قبل محكمة بداية الخليل ، حيث حمل الاستئنافين رقم 1018/2022 ورقم 1019/2022 بدلا من 651/2015 و 698/2015 ، ولدى استكمال الاجراءات لديها اصدرت حكمها بتاريخ 25/6/2023 ، القاضي برد الاستئناف رقم 1018/2022 موضوعا وقبول الاستئناف رقم 1019/2022 موضوعا، وتعديل الحكم المستانف ليصبح الحكم بالزام المدعى عليهما بالتضامن والتكافل بان يدفعا للمدعي مبلغ وقدره ۱۰۲۱۰٦٥ شيقل مع الرسوم والمصاريف النسبية ومبلغ الف دينار اتعاب محاماة عن مرحلتي القاضي.

ولما لم يلق حكم محكمة استئناف الخليل قبولا من المدعي والمدعى عليهما ، فطعنا فيه بموجب النقض رقم 850/2023 والنقض رقم 1004/2023 للاسباب المشار اليها اعلاه.

بادئ ذي بدء ، نرى معالجة اسباب الطعن الثاني قبل معالجة اسباب الطعن الاول ؛ لتعلق السبب الأول وحتى الثالث منها ، بمدى توافر مسؤولية المدعى عليهما عن التعويض.

وعن اسباب الطعن الثاني رقم 1004/2023 ،،

وعن السبب الأول وحتى الثالث، وحاصلها تخطئة المحكمة الاستئنافية لجهة عدم تحديد الخطأ الطبي، وعدم اخدها في الاعتبار اهمال الأم منذ البداية وعدم اهتمامها بالطفل وتوجه والدة الطفل للمستشفى رغم علمها بعدم وجود حضانة اطفال حديثي الولادة لديها ، وعدم اخدها في الاعتبار بان الطفل كان يعاني من نقص الاوكسجين طول فترة الحمل وان الأم كانت تعاني من ضغط الدم، وتخطئة المحكمة بعدم الأخذ في الاعتبار ان التاخر في تحويل الطفل الى مستشفى المحتسب بسبب القوة القاهرة المتمثلة بالانتفاضة الثانية، وتخطئة المحكمة بعدم الاخذ بتقرير الخبير الذي تم تعيينه من قبل المحكمة الذي اكد بوجود تقصير من قبل الام في العناية بحملها .

ولما كان ما جاء من نعي في هذه الاسباب ينطوي على واقع يخالطه قانون،  مما يتحتم معه الولوج الى الموضوع بالقدر الذي تقتضيه هذه الاسباب من الناحية القانونية.

وبعطف النظر على مدونات الحكم الطعين ، نجد ان المحكمة مصدرة الحكم الطعين ،وبعد ان وقفت على البينة وبوجه خاصة البينة الفنية منها ، توصلت الى ان والدة الطفل كانت تعاني من ارتفاع ضغط الدم خلال فترة الحمل ، وان الجنين كان يعاني من بطئ في النمو ، الامر الذي وجدت معه بانه كان يجب على المستشفى متابعة ادق لحالة حمل الام ، واجراء تدخل جراجي مستعجل لانهاء حالة الحمل ، وبما أن والدة الطفل راجعت المستشفى بتاريخ 18/5/2002 ، في حين تم اجراء عملية الولادة بعد عشرة ايام من التاريخ المشار اليه ، فان هذا التأخر في اجراء عملية الولادة مدة عشرة ايام دون مراعاة الوضع الصحي للام والجنين،  نتج عنه تعرض المولود لنقص حاد في الاكسجين والسكر في الدم،  مما سبب ان اصبح السائل المحيط بالجنين اخضر اللون واصابة الجنين باختناق ولادي نتيجة استنشاق الماء الاخضر ، وكما أن عدم توفر حضانة وجهاز تنفس اصطناعي لدى المستشفى ، والتاخر في نقل المولود الى مستشفى اخر بعد اربع ساعات،  سبب للمولد شللاً دماغياً ،  الامر الذي وجدت معه محكمة الاستئناف بان عناصر المسؤولية التقصيرية متوافرة في جانب المدعى عليهما .

وفي هذا الذي سطره الحكم الطعين ، وبمراجعة الاوراق ، فان تقرير الخبرة المنظم من الدكتور سليم قنقر ، والمودع ملف محكمة الدرجة الأولى، والذي يفيد بان الجنين في رحم امه كان يعاني من تأخر في النمو ، مما يعني نقصا في الغذاء وفي الاوكسجين المنتقل اليه من الأم ، ويتوجب في هذه الحالات اخراج الجنين مبكرا ؛ لإعطاء الفرصة للنمو خارج الرحم ، وكما يفيد بانه لم تجر العملية للأم في المرة الأولى التي دخلت فيها المستشفى ، حيث تم تأجيلها وعند دخول الأم المستشفى للمرة الثانية اجريت العملية بعد ٣ ساعات من دخولها وعند ولادة الطفل كان السائل المحيط بالجنين قد تحول الى الاخضر ، ما يعني معاناة الجنين في رحم امه ، بالاضافة الى هذه المعاناة القصور الوظيفي لديه بعد الولادة الذي لشدته ، استدعى نقله الى مستشفى المحتسب بعد ساعة ونصف من ولادته ، كما يفيد بانه كان من المفروض البدء في العناية الحثيثة من الدقائق الأولى للولادة ؛ وذلك بتحسين الدورة الدموية وعملية التنفس وإبقاء معدل السكر في الدم ضمن الطبيعي،  وانتهى التقرير الى انه كان بالإمكان تفادي العواقب الوخيمة التي حصلت للمولود لو أجريت العملية في الوقت المناسب ، وان عدم توفر العناية الحثيثة لمعالجة نقص السكر والاكسجين ، أدى الى الحالة التي يعاني منها الطفل، وكما ان التقرير المنظم من اللجنة المكلفة من محكمة الاستئناف يفيد،  ان الأم كانت تعاني من ارتفاع ضغط الدم خلال فترة الحمل وبطء في نمو الطفل خلال الشهرين الثامن والتاسع من الحمل ويعاني من تأخر في النمو ، وفي هذه الحالات يتم توليد الطفل في مستشفى مجهز بحضانة لاستقبال الطفل مباشرة بعد الولادة لتجنب تحويله الى مكان اخر بعد الولادة،  وان تخطيط الجنين لم يكن جيدا عند ادخال الام الى المستشفى ، وانه كان يستدعي تدخل جراحي مستعجل وانتهى التقرير الى أن سبب الشلل عند الطفل هو نقص الاكسجين الذي تعرض له خلال فترة الحمل وبعد الولادة ، وعدم التدخل الجراحي في الوقت المناسب لإنهاء الحمل ، مما زاد نسبة نقص الاوكسجين وكذلك عدم توفر حضانة وعدم توفر جهاز تنفس اصطناعي عرضه الى نقص اخر.

ولما كان ذلك فان عدم بذل العناية اللازمة والإهمال والتقصير وعدم اتباع الحيطة والحذر يعتبر خطأً يوجب المسؤولية المدنية ، وفقا للمادة ٥٠ و ٥٥ مكرر من قانون المخالفات المدنية ،وبما ان التقريرين الطبيين قد اجمعا على ان الام كانت تعاني من ضغط مرتفع ، وان الجنين في رحم امه كان يعاني من تأخر في النمو ومن نقص الغذاء والاوكسجين ، وحيث ان كلا التقريرين أشارا الى انه يتوجب في مثل هذه الحالات اخراج الجنين مبكرا لإعطائه الفرصة للنمو خارج الرحم، وبانه يتوجب البدء في العناية الحثيثة من الدقائق الأولى للولادة لتحسين التنفس والدورة الدموية ،وكما يتوجب اجراء العملية في مستشفى مجهز حتى لا يتم نقله الى مستشفى اخر لإجراء كل ذلك، وعليه وحيثما يكون من الواجب على احد طرفي الالتزام اتخاذ استعدادات معينة لا يمكن من دونها مواجهة الظرف المعلوم لديه ، في حين لا يقوم باي استعداد لذلك ، فانه لا يكون مخلا ليس بواجب الحيطة والحذر فحسب ، وانما يكون قد ارتكب اهمالا يترتب عليه قيام مسؤوليته المدنية ، ولما جاءت التقارير الطبية تفيد بان المولود يعاني من نقص الأوكسجين وكان يتوجب في هذه الحالة إخراجه فورا ليتم وضعه في الحضانة وتحت التنفس الاصطناعي،  في حين لا يتم اجراء عمليه الولادة الا بعد مرور عشرة ايام من تاريخ مراجعة الام للمستشفى في المرة الأولى وبعد مرور ثلاث ساعات من دخولها للمستشفى في المرة الثانية ، فان هذا يعتبر خطأ لا يقع فيه الرجل المعتاد ، ولما كان من الثابت من البينة بان حالة المولود كانت تقتضي ان يكون المستشفى مجهزاً بجهاز تنفس اصطناعي وبحضانة مناسبة لحالة المولود المعلومة للمدعى عليهما مسبقا ، بينما لا يكون هناك حضانة ولا يكون هناك جهاز تنفس اصطناعي ، فان هذا يعتبر ايضا خطأً اخر ، وحيث من الثابت ايضا من تلك التقارير الطبية،  بانه كان يتوجب نقل المولود الى مستشفى آخر فورا لعدم توفر الاجهزة الطبية المناسبة لدى المدعى عليهما ، في حين تم نقله بعد ساعة ونصف ، مما يعد معه ذلك خطاً اضافيا ويتنافى مع ما يلزم من الحيطة والحذر اللازمين ، وان ما ورد في التقارير الطبية الفنية من جهة القول بانه كان بالإمكان تفادي تلك العواقب لو تمت مراعاة ما ذكر ، الأمر الذي يكون معه السبب المنتج الذي أدى الى النتيجة التي الت اليها حالة الطفل،  يتمثل في عدم قيام المدعى عليهما بالتزاماتهما تلك ، مما يجعل من عناصر المسؤولية المدنية المتمثلة بالخطا الطبي والضرر والعلاقة السببية متوافرة في جانب المدعى عليهما، الأمر الذي يكون معه ما توصلت له محكمة الاستئناف لجهة انعقاد مسؤولية المدعى عليهما المدنية موافقاً للتطبيق السليم لحكم القانون مما تغدو معه هذه الاسباب حريه بالرد.

وعن السبب الرابع ، وحاصله تخطئة المحكمة الاستئنافيةب الحكم للمدعي ببدل مساعدة،  اذ لم يثبت بان الطفل تلقى أية مساعدة من الغير،  وانه بحاجة الى مساعدة الغير.

وبعطف النظر على مدونات الحكم الطعين فيما يتصل بهذا السبب ، نرى بان المحكمة مصدرة الحكم الطعين انما حكمت للمدعي ببدل مساعدة الغير من تاريخ الحكم الطعين ، سندا لما ثبت لها من البينة الفنية من ان المولود يعاني من شلل دماغي كامل وضمور في العضلات وتاخر في النمو وفقدان البصر ، وبانه يعتمد اعتمادا كاملا على غيره، ولما كان هذا الذي خلصت اليه يتصل بوزن البينة وان تقدير البينة مرهون بما يطمئن اليه وجدان محكمة الموضوع التي لها تقدير الدليل المقدم لها ، تأخذ به إذا اقتنعت به وتطرحه إذا تطرق فيه الشك إلى وجدانها ، ولا رقابة لمحكمة النقض على سلطتها هذه ، طالما لم تخرج بتلك البينة الى ما لا يؤدي اليه مدلولها ، وبما ن هذا الذي توصلت اليه ، له اصله ثابت في الاوراق ، الامر الذي يغدو معه هذا السبب لا يرد على الحكم الطعين مما يوجب رده .

وعن السبب الخامس، وحاصله تخطئة محكمة الاستئناف في الحكم للمدعي بمبلغ ٤٠ الف شيقل بدل ثمن ٨ كراسي متحركة ، رغم ان الخبير ذكر في مناقشته بان الطفل قد لا يحتاج سوى كرسي واحد طول فترة عمره

وبعطف النظر على الاقوال التي ادلى بها الخبير عرفات عيدة مدير الطبي لمركز ابو ريا للتاهيل ، فقد ذكر بان المريض يحتاج الى كرسي كل خمس سنوات ، لذا فقد ضَمَنَ تقريره بان المريض بحاجة الى ٨ كراسي ، وكما ذكر وان كان من الممكن نظريا وعمليا ان يحتاج المريض فقط كرسي خلال ٤٠ سنة ، الا انه ولكون المريض مصاباً بشلل ولديه حركات غير ارادية ، فانه بجاجة لكرسي كل خمس سنوات ، الامر الذي ترى معه ان ما جاء في هذا السبب يخالف الواقع ، ويكون معه ما قضت به محكمة الاستئناف لجهة الحكم للمريض بكرسي كل خمس سنوات من عمره يوافق التطبيق السليم لحكم القانون على المتحصل من الأوراق في هذا الجانب ، فنقرر رد هذا السبب .

وعن السبب السادس، وحاصله تخطئة المحكمة الاستئنافية بعدم الاستعانة بالخبرة الفنية من اجل تحديد مقدار التعويض.

وحيث لا يوجد قانونا ما يمنع محكمة الموضوع باعتبارها الخبير الاعلى من تقدير التعويض ، طالما لم تجد ما يبرر الاستعانة بالخبرة الفنية لتقدير قيمته ، ولما احتسبت التعويض المستحق للمدعي عن الضرر الفعلي الذي لحق به بعد خصم بدل الدفع الفوري ، التزاما منها بحكم محكمة النقض الصادر بتاريخ 1/9/2022 في النقض رقم 1559/2017 ، الذي قضى بأنه على محكمة الاستئناف تقدير قيمة التعويض من لدنها،  استنادا لواقع الاوراق والبينة المقدمة في الدعوى مما يجعل من هذا السبب حريا بالرد.

وعن اسباب الطعن الاول،،

وعن السبب الاول، وحاصله القول بان الحكم الطعين جاء مخالفا للاصول والقانون وصدر ضد وزن البينة

وفي ذلك نرى ان ما جاء من نعي في هذا السبب لا يعدو أن يكون كلاما عاما مبهما مجهلا ، يفتقد لمنهج بناء الطعن وضوابطه، اذ لم يتم تحديد وجه مخالفة الحكم الطعين لاحكام القانون والبينة التي لم يتم وزنها وزنا سليما ، حتى يتسنى لمحكمتنا مراقبة ذلك ، الأمر الذي يجعل هذا السبب على خلاف ما تقتضيه الفقرة الرابعة من المادة ۲۲۸ من الاصول المدنية والتجارية،  التي اوجبت على الطاعن بيان اسباب الطعن بصورة واضحة ومحددة،  مما يتعين معه عدم قبول هذا السبب.

وعن السبب الثاني، وحاصله تخطئة المحكمة الاستئنافية اعتماد معدل الدخل الشهري بواقع ٢٦٥٤٠٢ شيقل ، كون أن متوسط الدخل يزيد على ذلك ، وتخطئة المحكمة بعدم احتساب معدل الدخل بتاريخ احتساب التعويض.

وبعطف النظر على مدونات الحكم الطعين ، نجد ان المحكمة مصدرته احتسبت التعويض المستحق للمدعي طبقا لمتوسط الدخل الشهري بتاريخ بلوغه سن الكسب ، البالغ حسب النشرة الصادرة عن مركز الاحصاء الفلسطيني مبلغ ۲٦٥٤.٢ شيقل، وفي هذا نرى بان محكمة الاستئناف انما طبقت حكم القانون تطبيقا سليما مما يجعل من هذا السبب حريا بالرد.

وعن السبب الثالث، وحاصله تخطئة المحكمة الاستئنافية بعدم الحكم للمدعي بدل مرافق مبلغ۲۱٦۰۰۰۰ شيقل بواقع ۳۰۰۰ شيقل شهريا حتى تاريخ بلوغه سن ٦٠ عاما.

ولما قضت محكمة الاستئناف للمدعي ببدل مساعدة الغير من تاريخ الحكم الطعين حتى تاريخ بلوغه سن ٦٠ عاما ،  على اعتبار ان البينة وان ثبت من خلالها بان المدعي بحاجة الى مساعدة الغير ، بيد انه لم يثبت منها بان المدعي قد تكبد اية نفقات كبدل مساعدة الغير في الفترة السابقة لصدور الحكم الطعين .

 وفي ذلك نرى ان الحكم ببدل مساعدة الغير عن الفترة السابقة لصدور الحكم الطعين،  يستوجب اثبات ان المدعي قد تلقى المساعدة فعلا ، سواء كانت هذه المساعدة من ابناء عائلته ام من غيرهم، ولما لم يرد في البينة ما يفيد بان المريض وقبل صدور الحكم الطعين تلقى مساعدة من الغير مدفوعة الاجر ومقداره ، حيث ان جل ما قدم حول ذلك تمثل بشهادة والدة المريض،  التي ذكرت بان والد المدعي كان يعمل على بسطة خضرة وتعطل عن العمل فترة من الزمن ، بسبب مرافقة ابنه في المستشفى ورعاية ابنه في البيت ، ولما لم يطالب المدعي بصفته الشخصية ببدل تعطله عن العمل ، واقتصرت المطالبة ببدل مساعدة الغير ، فيكون ما توصل اليه الحكم الطعين لجهة الحكم للمدعي ببدل مساعدة الغير عن الفترة اللاحقة لصدور الحكم الطعين لم يخالف التطبيق السليم لحكم القانون ، وبذلك فان هذا السبب لا يرد على الحكم الطعين مما يوجب رده .

وعن السبب الرابع، وحاصله، تخطئة محكمة الاستئناف بعدم الحكم للمريض بمبلغ ۲۰۱٦٠٠٠ شيقل بدل فقدان المقدرة الكسب على اساس ضعفي متوسط الدخل اي بواقع ٥٤٠٠ شيقل.

وفي ذلك نرى ان الحكم بمثلي معدل الاجور ، انما يكون للمصاب الذي يثبت بانه كان يعمل وان معدل اجره الشهري يزيد على مثلي معدل الأجور،  الامر غير متوافر في الدعوى الماثلة ، وبالتالي فان احتساب التعويض المستحق للمدعي ، الثابت انه لا يعمل وفق متوسط معدل الأجور يوافق التطبيق السليم لحكم القانون،  مما يجعل من هذا السبب حريا بالرد.

وعن السبب الخامس، وحاصله وتخطئة المحكمة بعدم الحكم للمصاب مبلغ وقدره شيقل ثمن عربة مقعد كهربائي بواقع ۲۰۰۰۰ شيقل يجدد كل سنتين ، وتخطئة المحكمة بعد الحكم للمدعي مبلغ ٥۰۰۰۰ شيقل بدل مصاريف طبية ومبلغ ۱۰۰۰۰۰ شيقل بدل مصاريف طبية مستقبلية .

ولما كان هذا الذي تنعاه الجهه الطاعنة في هذا السبب يتصل بوزن البينة ، الذي يعد من اطلاقات محكمة الموضوع ولا معقب عليها في ذلك من محكمة النقض،  طالما كان قضاؤها يقوم على ما هو ثابت في الأوراق ، الأمر الذي يغدو معه هذا السبب حريا بالرد.

وعن السبب السادس وحاصله تخطئة المحكمة الاستئنافية بعدم الحكم للمصاب ببدل الم ومعاناة بواقع ۱5۰۰۰۰ شيقل.

وفي ذلك تبدي المحكمة بان كافة القوانين الوضعية وضعت قاعدة عامة للتعويض عن الضرر المادي فحسب ، إذ جعلت التعويض عن الضرر المادي الفعلي أو المتوقع حتما ،أما التعويض عن الضرر المعنوي الذي يصيب المضرور في شعوره أو عاطفته أو كرامته أو شرفه ، ولكون التعويض بهذه الصورة يستعصي على التقدير ، فان القوانين الوضعية لم تجزه إلا ضمن حالات محددة ، ومنصوص عليها ، وبالنسبة لقانوننا فان قانون المخالفات المدنية أجاز التعويض عن الضرر المعنوي في حالات محددة كتعويض عن الجرائم المخلة بالشرف وجرائم القدح والذم والتحقير ، وكما ان قانون التامين أجاز التعويض عن الضرر المعنوي وبين إلية احتسابه ، ، وحيث ان الضرر المعنوي ياخذ عدة صور منها ضرر معنوي ينتج عنه ضرر مادي ، كتأثر دخل المضرور سلبا كفقده لعمله او فقدان المقدرة على العمل ، وضرر معنوي محض مجرد عن اي ضرر مادي ، كالغم، والألم واللأسى والحزن دون ان يقترن ذلك بضرر مادي، ولما لم يقدم المدعي بينة اولية حول الضرر المعنوي الذي يدعيه ، ولما تم الحكم للمدعي تعويضا عن الضرر الفعلي الذي لحق به،  فان عدم الحكم له ببدل هذه المطالبة لا يخالف حكم القانون ، وبهذا فان هذا السبب حريا بالرد .

وعن السبب السابع وحاصله تخطئة المحكمة الاستئنافية بعدم ربط المبلغ المحكوم به بجدول غلاء المعيشة والفائدة القانونية من تاريخ المطالبة حتى السداد التام .

ولما قضت محكمة النقض بهيئتها العامة بحكمها بالنقض رقم ۲۰٢١/٦٦٢ بناء على طلب المدعي يقتضي ربط المبلغ المحكوم به بجدول غلاء المعيشة من تاريخ حكم الدرجة الأولى وربطه ايضا بالفائدة القانونية من تاريخ اعتبار الحكم واجب النفاذ الأمر الذي يجعل من هذا السبب يرد على الحكم.  

لــــــــــذلك

تقرر المحكمة رد الطعن الثاني رقم 1004/2023 موضوعا ، وقبول الطعن الأول رقم 850/2023 موضوعا بحدود السبب السابع منه ، ولما كان موضوع الدعوى صالحاً للحكم فيه ، وعملا باحكام المادة ۲۳۷ من قانون اصول المحاكمات المدنية والتجارية ، نقرر الحكم بربط المبلغ المحكوم به من قبل محكمة الاستئناف البالغ ۱۰۲۱۰٦٥ شيقل بجدول غلاء المعيشة من تاريخ حكم الدرجة الأولى ، وربطه ايضا بالفائدة القانونية من تاريخ اعتبار الحكم واجب النفاذ بواقع 2% ، والزام المدعى عليهما بالتضامن والتكافل بدفعه للمدعي ، مع الرسوم والمصاريف النسبية ومبلغ ۱۱۰۰ دينار اتعاب محاماة عن جميع مراحل التقاضي.

حكماً صدر تدقيقاً باسم الشعب العربي الفلسطيني بتاريخ 29/11/2023