السنة
2021
الرقم
935
تاريخ الفصل
8 فبراير، 2023
المحكمة
محكمة النقض
نوع التقاضي
طعون حقوقية
التصنيفات

النص

دولـــــة فــــلســــــطين

السلطــــة القضائيـــة

 المحكمة العليا /محكمــة النقض

" الحكـــــــم "

الصادر عن المحكمة العليا /محكمة النقض المنعقدة في رام الله المأذونة بإجراء المحاكمة وإصداره

 بإسم الشعب العربي الفلسطيني

الهـيئـــــــــة الحـاكـمــــــــة: بـرئاســـــــة السيـــد القاضــــــي عبد الله غزلان
  وعضويـة الســـــادة القضـــــاة: عدنان الشعيبي، محمـــد الحــاج ياسيــن، فــــوّاز عطيـــة، وثائـــر العمـــري

 

الطــــاعـــــن: محمد حمد محمود أبو شرخ/ الظاهرية- الخليل

                  وكيله المحامي محمد عمرو/ دورا

                                                                                                          

المطعـــون ضده: عمر إبراهيم عبد الله الزعارير/ السموع-الخليل

                       وكيلاه المحاميان نور الدين أبو ميزر و/أو محمود العرقان/ الخليل

 

الإجــــــــــــــراءات

تقدم الطاعن بهذا الطعن بتاريخ 28/11/2021 لنقض الحكم الصادر بتاريخ 28/10/2021 عن محكمة استئناف الخليل في الاستئناف المدني رقم 1114/2021 القاضي:" بقبول الاستئناف موضوعا، وإلغاء الحكم المستأنف الصادر في الطلب رقم 314/2019، والحكم بعدم قبول الدعوى المدنية رقم 176/2019 بداية الخليل للتقادم، وتضمين المستأنف عليه الرسوم والمصاريف ومبلغ 200 دينار أتعاب محاماة".

 

 

 

المحكمـــــــة

بالتدقيق وبعد المداولة، ولما كان الطعن مقدما ضمن المدة القانونية مستوفيا لشرائطه الشكلية، تقرر قبوله شكلا.

وفي الموضوع، وعلى ما تتصل به وقائع النزاع وفق ما هو بيّن من الحكم الطعين وسائر الأوراق، تقدم المدعي"الطاعن" بالدعوى المدنية رقم 176/2019 امام محكمة بداية الخليل ضد المدعى عليه"المطعون ضده" موضوعها المطالبة بمبلغ 775500 شيقل، على سند من القول أن المدعي كان يعمل داخل الخط الأخضر من فلسطين، في التجارة والمقاولات منذ العام 2003 ولغاية اقامة الدعوى، وأن العلاقة التي تربط المدعي بالمدعى عليه تجارية تتمثل بقيام المدعى عليه بصفته تاجر حجارة وصاحب خبرة في ذلك المجال، بالتوجه مع المدعي إلى منطقة بير زيت لشراء حجرها لصالح المدعي، وبعد المعاينة اشترى المدعي مرابيع حجارة عدد 105، ودفع المدعي مبلغ 55000 شيقل ثمن تلك المرابيع للمدعى عليه، على أن يقوم الأخير بشراء كمية من حجر بيرزيت لصالح المدعي، وتم الاتفاق بينهما على نقل الحجارة من بيرزيت إلى بلدة السموع مقابل 1500 شيقل لكل نقلة حجر، إذ تم نقل 43 نقلة حجر مقابل دفع المدعي مبلغ 64600 شيقل بدل أجرة نقل، كما واتفق المدعي مع المدعى عليه أن يقوم الأخير بقص الحجر ودقه مقابل 125000 شيقل عن كامل الكمية المتفق عليها، وبعد القص للكمية البالغة 105 مرابيع تم انتاج 5500 متر مربع بسعر 110 شيقل للمتر المربع بقيمة 605000 شيقل، وبعد أن أرسل المدعي الكميات المطلوبة للداخل المحتل، تبين بعد الكشف من المختصين والمهندسين أن الحجر ليس من ضمن المواصفات التي تم شراؤها من منطقة بير زيت، نتيجة الاختلاف في اللون ونوع الحجر، حيث تكبد المدعي نتيجة التصرف غير المسؤول من المدعى عليه خسارة فادحة تقدر ب 415000 شيقل، وبذلك تكون مجموعة الخسائر التي لحقت بالمدعي على النحو المفصل في البند 18 من صحيفة الدعوى.

تقدم المدعى عليه بلائحة جوابية تضمنت نفيه ما ورد في صحيفة الدعوى، كما تقدم بطلب متفرع عن الدعوى يحمل الرقم 314/2019 لردها قبل الدخول في الأساس لتقديمها بعد المدة القانونية عملاً بالمادة 68 من قانون المخالفات المدنية ولأسباب أخرى، وبنتيجة المحاكمة بتاريخ 16/6/2021 قضت المحكمة :" بالحكم برد الطلب بخصوص التقادم كون الدعوى مقامة ضمن المدة القانونية، وضم باقي الدفوع لموضوع الدعوى والانتقال لرؤية الدعوى".

 

لم يرتضِ المدعى عليه بحكم محكمة أول درجة، فبادر للطعن فيه استئنافا امام محكمة استئناف الخليل بموجب الاستئناف المدني رقم 1114/2021، وبتاريخ 28/10/2021 قضت المحكمة :" بقبول الاستئناف موضوعا والحكم بعدم قبول الدعوى المدنية رقم 176/2019 بداية الخليل وتضمين المدعي الرسوم والمصاريف و200 دينار أتعاب محاماة".

 

لم يلقَ حكم محكمة الاستئناف قبولا من المدعي، فبادر للطعن فيه بالنقض الماثل للأسباب الواردة فيه، تبلغ المطعون ضده أصولا إلا أنه لم يتقدم بلائحة جوابية.

وعن أسباب الطعن، ولما كانت جميعها، تتصل بتخطئة محكمة الاستئناف نتيجة تطبيقها قانون المخالفات المدنية، علما أن الوقائع تتعلق بعمل تجاري يخضع للتقادم الطويل، لاسيما أن وقائع اللائحة الجوابية تفيد أن العلاقة بين طرفي النزاع علاقة تجارية.

 

في ذلك نرى، ان محكمة الاستئناف حملت حكمها على:(أن سبب مطالبة المدعي للمدعى عليه بالمبالغ المالية على سند من الادعاء أنه تم الاتفاق مع المدعى عليه بصفة الأخير خبيرا في الحجر... وعلى أن يقوم بنقل الحجارة من منطقة بير زيت لصالح المدعي إلى منطقة السموع... وعلى أن يقوم المدعى عليه بقص ودق الحجر في محجر المدعي.... وأنه بعد قيام الكشف من قبل متخصصين ومهندسين يهود وعمال... تبين أن الحجر مضروب وليس من ضمن الحجارة الذي تم الاتفاق على شرائها بذات المواصفات.... وأن المشرفين والمهندسين المورد لهم الحجارة رفضوا أخذ الحجارة... مما تكبد المدعي خسائر وأضرار مالية ناجمة عن ثمن الحجر والنقل والقص والنشر والدق ....وأن محل الدعوى وموضوعها والمصلحة التي يتوخاها المدعي  

 من خصمه تتمثل بالسبب القانوني للمطالبة بالحق الذي يدعيه....وأساس هذا السبب يتمثل بالضرر الذي أصاب المدعي جراء أفعال المدعى عليه وما يعزوه من أفعال ألحقت به أدت إلى خسائر وأضرارمالية وتفويت الفرصة عليه بالكسب نتيجة توريد المدعى عليه للمدعي الحجر دون المواصفات المطلوبة....وأن هذا الضرر وفق احكام قانون المخالفات المدنية النافذ يتمثل بالاخلال بمصلحة المضرور بذات قيمة مالية وتنصرف إلى خسارة أو نفقة فعلية.... وأن السبب الذي تستند إليه الدعوى من احد أسبابها تستند إلى المسؤولية المدنية... ولما كانت الواقعة حدثت في العام 2007 والدعوى الأساس أقيمت بتاريخ 20/2/2019...أي بعد مضي المدة المحددة في المادة 68 من قانون المخالفات المدنية...فتكون الدعوى حرية بعدم القبول.....).

 

والذي نراه أن مؤدى مفهوم المسؤولية التقصيرية يقوم على تطبيق الجزاء على المدين، نتيجة إخلاله بإلتزام قانوني ألحق ضررا بالغير، وإن الادعاء حكما يوجه ضد الشخص الذي صدرعنه الفعل غير مشروع إذا أسفر ذلك الفعل ضررا يستوجب التعويض عنه.

 

أما المسؤولية العقدية، فمضمارها يتصل بإخلال أحد أطراف العقد بالإلتزامات المنصوص عليها في العقد، باعتبار العقد يتضمن بنودا أو نصوصا تلزم طرفي العقد بواجبات وتفرض لهما حقوق، وفي حالة عدم قيام أحد الأطراف بالوفاء بتلك الالتزامات أو فيما لو عدل عنها أو تأخر في تنفيذها، يمكن للطرف المتضرر التمسك بالمسؤولية العقدية التي هي عبارة عن جزاء يرتبه القانون نتيجة الإخلال بالالتزامات الناشئة عن العقد أو في حالة رفض الوفاء بها أو التأخير في تنفيذها.

 ولما كانت وقائع الدعوى تنبئ عن إخلال المدعى عليه بالالتزامات المترتبة عليه بتوريد نوعية معينة من الحجر بصفته خبيرا في ذلك المجال، وفق ما أنبأ عنه البند الرابع من صحيفة الدعوى، وأنه نتيجة الكشف على تلك الحجارة تبين أنها غير مطابقة للمواصفات المتفق عليها وفق ما حدده البند الثامن من ذات اللائحة، ولما جاء في حيثيات الحكم الطعين ما يفيد بأن العلاقة التي أسست بين طرفي النزاع تمثلت بالاتفاق بينهما على أن يقوم المدعى عليه بصفته خبيرا في الحجر...بشراء نوعية محددة ذات مواصفات معينة ... وعلى أن يقوم الأخير بنقل الحجارة من منطقة بير زيت لصالح المدعي إلى منطقة السموع... وعلى أن يقوم المدعى عليه بقص ودق الحجر في محجر المدعي....لغايات اتجار المدعي بها وتوريدها لورشات البناء....

 

فجميع ذلك يجعل من الادعاء قائما على المسؤولية العقدية وليس على المسؤولية التقصيرية، مما يقع عبء اثبات صحة الدعوى على المدعي، لإثبات وجود العقد ابتداء ضمن المواصفات المتفق عليها، وعلى المدين وهو المدعى عليه أن يثبت أنه إلتزم ووفى بتعهداته ضمن شروط العقد، فيما إذا استطاع المدعي اثباته.

 

وعليه، ولما كان المستقر عليه في قضاء هذه المحكمة، أن كان لمحكمة الموضوع السلطة التامة في فهم الدعوى بناء على ماورد في أسبابها ووقائعها، شريطة أن تطبق صحيح أحكام القانون على وقائع النزاع بتحديد مصدر الإلتزام  الذي ينطبق على الوقائع، وإلا تعتبر أسباب الحكم لا تتصل بالفهم السليم المتحصل من وقائعها مما يشوب حكمها البطلان.

 

وبالتالي، ولما كانت النتيجة التي خلصت إليها محكمة الاستئناف انطوت على عيب يمس سلامة تطبيق صحيح احكام القانون على الوقائع، بسبب التكييف الخاطئ في تطبيق القانون، لعدم فهمها للعناصر الواقعية للدعوى، لا سيما وأن الاتفاق المذكور في صحيفة الدعوى وقع عام 2007 وإقامتها امام المحكمة المختصة تم بتاريخ 20/2/2019، مما تكون المطالبة أساسها الإخلال بالالتزامات العقدية، الأمر الذي كان على محكمة الاستئناف أن تقف على تلك الحقيقة، وأن تصدر حكمها بالاستناد إلى ذلك المصدر من مصادر الإلتزام وتطبق صحيح أحكام القانون على النزاع ضمن ما ورد في لائحة الدعوى واللائحة الجوابية من وقائع فيما إذا كانت الإلتزام العقدي ضمن نطاق العمل التجاري أم المدني، الأمر الذي تكون الأسباب التي حُمل عليها الحكم الطعين مبنية على فهم خاطئ ومخالف للواقع المتحصل من اللوائح، مما يغدو باطلا يتعين نقضه.

 

لــــــهذه الأسبـــاب

تقررالمحكمة قبول الطعن موضوعا ونقض الحكم المطعون فيه، وإعادة الأوراق لمرجعها للعمل بالحكم الناقض وفق ما تم بيانه أعلاه، وعلى أنتنظر من هيئة مغايرة، وبالنتيجة تضمين الفريق الخاسر الرسوم والمصاريف وأتعاب المحاماة.

 

حكما صدر تدقيقا باسم الشعب العربي الفلسطيني في 8/2/2023