السنة
2019
الرقم
1318
تاريخ الفصل
29 يناير، 2020
المحكمة
محكمة استئناف رام الله
نوع التقاضي
استئناف حقوق
التصنيفات

النص

 

الحكـــــــــــــــم

الصــــــــــــادر عن محكمــــــــة استئنـــــــاف رام الله المـــــــأذونة بإجـــــــراء المحاكمـــــــة وإصدار الحكم

باسم الشعب العربي الفلسطيني.

الهيئة الــــحاكمة: برئاسة السيد القاضي عماد الشعباني.

وعضوية السيدين القاضيين فراس مسودي ومحمد أبو رحمه.

المســــــــــــتأنف: محمد محمود عباس حلوه/ عناتا.

وكيله المحامي ناصر محمد الرفاعي/ البيرة.

المســـتأنف عليه: خالد نمر أبو خليل الملقب بـ أبو حازم/ حزما

وكيله المحامي فائق مرايطه.

موضوع الاستئناف: الحكم الصادر عن محكمة بداية رام الله بتاريخ 25/9/2019 في الدعوى المدنية رقم 327/2013 والقاضي برد الدعوى مع تضمين المدعي الرسوم والمصاريف و100 دينار اتعاب محاماة.

الوقائع والاجراءات

تقدم المستأنف بهذا الاستئناف ضد المستأنف عليه بواسطة وكيله بتاريخ 20/10/2019 وذلك للطعن بالحكم الصادر عن محكمة بداية رام الله بتاريخ 25/9/2019 بالدعوى المدنية رقم 327/2013 المشار الى مضمونه أعلاه.

وتتلخص أسباب الاستئناف بما يلي:

1.  القرار المستأنف مشوب بالخطأ في التكييف القانوني عندما تم تكييف العقد بين المستأنف والمستأنف عليه على أساس انه عقد مقاولة وليس عقد عمل حيث ان عمل المستأنف بالمتر لا يخرج عن تخوم العمل بالقطعة الذي نظمه قانون العمل.

2.  القرار المستأنف مشوب بالفساد في الاستدلال ومبني على بينات متناقضة اذ ان بينة المستأنف عليه جاءت متناقضة متهاترة وان بينة المستأنف جاءت مترابطة متساندة وتثبت على وجه الجزم واليقين ان المستأنف عمل لدى المستأنف عليه وتحت ادارته واشرافه وبالتالي فان محكمة الدرجة الأولى توصلت الى تكييف قانوني خاطئ للعلاقة بين المستأنف والمستأنف عليه.

والتمس وكيل المستأنف بالنتيجة فسخ القرار المستأنف والحكم له حسبما جاء في لائحة الدعوى مع الرسوم والمصاريف واتعاب المحاماة والفائدة القانونية بواقع 9% من تاريخ المطالبة وحتى السداد التام.

بالمحاكمة الجارية علنا وفي جلسة 9/12/2019 قررت المحكمة قبول الاستئناف شكلا وكرر وكيل المستأنف لائحة الاستئناف وانكرها وكيل المستأنف عليه وترافع وكيل المستأنف ملتمسا بالنتيجة قبول الاستئناف موضوعا وإلغاء القرار المستأنف وترافع وكيل المستأنف عليه ملتمسا بالنتيجة رد الاستئناف موضوعا وفي جلسة 29/1/2020 تقرر محاكمة المستأنف عليه حضوريا ولتبدل الهيئة الحاكمة كرر وكيل المستأنف اقواله ومرافعته السابقة ورفعت الجلسة لمدة ساعة للمداولة وإصدار الحكم وفي الموعد المحدد وبحضور وكيل المستأنف ختمت الإجراءات بتلاوة الحكم.

المحكمة

بالتدقيق وبعد المداولة، ورجوعها الى لائحة الاستئناف وما ورد بها من أسباب وملف الدعوى المستأنفة والحكم المستأنف تشير بداية الى ان المستأنف كان قد تقدم لدى محكمة بداية رام الله بالدعوى المدنية رقم 327/2013 والتي موضوعها المطالبة بحقوق عمالية بمبلغ (194956) شيقل ضد المستأنف عليه حيث أسس دعواه على انه منذ بداية عام 1998 كان يعمل لدى المدعى عليه وتحت ادارته واشرافه ورقابته كدقيق حجر وكان يتقاضى اجره على ما ينتج من امتار وانه بقي في العمل حتى شهر 7 من العام 2012 حيث ترك المدعي العمل وان متوسط اجره الشهري في الأشهر الأخيرة 4000 شيقل وكان يعمل ست أيام في الأسبوع ولم يكن يتقاضى اجر يوم العطلة الأسبوعية وعن الأعياد الدينية والوطنية طوال مدة عمله ولم يكن يحصل على اجازات سنوية مما ترتب له حقوقا عمالية وهي بدل مكافأة نهاية الخدمة مبلغ 60000 شيقل وبدل اجر أيام الجمعة 101917 شيقل و27439 شيقل بدل أيام الأعياد الوطنية والدينية و5600 شيقل بدل اجازات سنوية عن آخر سنتين عمل وتقدم وكيل المدعى عليه بلائحة جوابية أورد بها ان المدعى عليه لم يكن يعمل لديه وان المدعى عليه تاجر حجر وكان المدعى عليه يشتري منه الحجر وكان المدعي بعض الأحيان يقوم بدق الحجر للمدعى عليه وهو الحجر الذي يشتريه المدعى عليه منه وذلك مرة او مرتين في السنة وينتقل للعمل لدى اشخاص اخرين يدق لهم الحجر ويكون حسابه بالمتر على كمية الحجارة التي قام بدقها وليس عملا بمفهوم العمل كون المدعى عليه ليس لديه منشار حجر وباشرت محكمة الدرجة الأولى نظر الدعوى وبعد الاستماع الى البينات الشفوية من كلا الطرفين والاستماع الى المرافعات أصدرت حكمها برد الدعوى بسبب ان العقد بين المدعي والمدعى عليه ليس عقد عمل لانعدام التبعية والاشراف وان العقد بينهما عقد مقاولة ولم يرتض المدعي بالحكم فطعن به بموجب هذا الاستئناف.

من حيث الشكل وحيث ان الاستئناف مقدم ضمن المدة القانونية ومستوفيا لشرائطه الشكلية قررت المحكمة قبول شكلا اما من حيث الموضوع وبالعودة الى أسباب الاستئناف تجد المحكمة انها جاءت مترابطة ومتساندة وتسند بعضها بعضا من حيث النعي على الحكم المستأنف بالخطأ بتكييف العقد بين المستأنف والمستأنف عليه بانه عقد مقاولة وليس عقد عمل حيث ان عمل المستأنف بالمتر يعتبر عمل بالقطعة نظمه قانون العمل وان ما توصلت اليه محكمة الدرجة الأولى من تكييف العقد انه عقد مقاولة مبني على فساد في الاستدلال والاستناد الى بينة متناقضة متهاترة من قبل المدعى عليه وحتى تتمكن المحكمة من الرد على هذه الأسباب ومعالجتها فانها وبصفتها محكمة قانون وموضوع في آن واحد ستقوم بإعادة وزن البينات المقدمة امام محكمة الدرجة الأولى من جديد سواء بينة المدعي ام المدعى عليه فبالرجوع الى بينة المدعي تجد ان الشاهد ربحي عبد الحق عبد اللطيف ذكر في شهادته وبالمناقشة على ص10 من الضبط ما يلي (ان المدعي كان يعمل عند أناس اخرين عندما كان يتعطل عن شغله بإذن من المدعى عليه وكان يتقاضى اجر من الناس الذي يذهب عندهم) ثم عاد وقال ما يلي (ان المدعي كان لا يعمل عند أي شخص آخر وكان المدعى عليه يمنعه من ذلك وان المدعي عمل لدى المدعى عليه طوال الوقت ولم يعمل لدى أي احد آخر) وعليه فان شهادة هذا الشاهد جاءت متناقضة ولا تطمئن لها المحكمة ولا يمكن الركون اليها في معرض الاثبات وتجد ان شاهد المدعي موسى صالح سلامه ذكر في شهادته ص10 من الضبط (اعرف المدعي وهو ابن بلدي وانني سبق وان عملت معه في قرية حزما وكان ذلك في عام 97 او 98 عند المدعو خالد النمر وكنا نعمل بأعمال دق الحجر... واننا كنا نعمل بجانب بيت المدعى عليه... واذا رغبنا بعدم الذهاب الى العمل ليس له لازم علينا).

وبالرجوع الى بينة المدعى عليه تجد ان الشاهد شهوان محمود عامر ذكر في شهادته ص17 من الضبط ما يلي (اعرف المدعي واعرف المدعى عليه المدعي يعمل دقيق حجر وهو يعمل لدى عدة متعهدين انا عملت مع المدعي مدة 3 سنوات في العام 2009 تقريبا المدعي يعمل دقيق حجر بالمتر وكان يقوم أيضا ببيع الحجر... المدعي لم يعمل عامل لدى المدعى عليه وخالد المدعى عليه كان يشتري الحجر مني ومن المدعي الحجر جاهز ومدقوق المدعى عليه لا يوجد لديه محجر في حزما انا والمدعي كنا أيضا نبيع الحجر للمدعو أنور نمر وللمدعو حمدان نمر وأيضا لليهود) وبالمناقشة أجاب (وكنت اشاهد المدعي عندما يعمل في دق الحجر قبل عملي معه لدى عدة متعهدين) وذكر الشاهد مناع طارق الخطيب ص23 من الضبط ما يلي (ان المدعي يعمل دقيق حجر... وانا كنت اشاهده يدق حجار في عناتا بقي يدق حجار وين ما كان كل يوم في مطرح وبقي يدق حجار ويكومهن والناس تيجي تشتري من عندو وانا عمري ما شفتو بشتغل عند المدعى عليه خالد نمر أبو خليل... ويشتغلوا اثنين مع بعض هو وشخص آخر اسمه شهوان واي شخص يطلبهم كان يروحوا يدقولو حجار وطبيعة شغله بشتغل في عدة مناطق ولا مرة اشتغل مدة عند حدا وبقي يبيع ليهود ولعرب ودكانته مفتوحه) وبالمناقشة أجاب الشاهد (ولم يكن المدعي يحضر الى حزما وان اغلب وقت المدعي كان في عناتا... محمد المدعي كان يشتغل في عناتا وان الزلمة لم يكن يعمل في مكان واحد وانما كان يشتغل متنقل).

اما الشاهد محمود عودة الخطيب فقد ذكر في شهادته ص28 من الضبط ما يلي (المدعي كان يتقاضى اجره على المتر شيقل وبعد ان ينتهي عمله لدى المدعى عليه يعمل عند شخص آخر وفي اليوم الواحد كان محمد المدعي يشتغل للمدعى عليه من 30 الى 50 متر ولم يكن عمل المدعي متواصل مع المدعى عليه وكان بحسب رغبة المدعي) وبالمناقشة أجاب الشاهد (وأبو حازم كان يتعامل مع محمد المدعي على الطلبية أي يقوم بشراء طلبية الحجارة مني ويتصل مع المدعي للاتفاق على نقشها وعمله عند المدعى عليه لم يكن ساعات عمل محددة وكان ينتهي بانتهاء المهمة).

اما الشاهد أنور نمر صلاح الدين فذكر في شهادته ص30+ص31 من الضبط ما يلي (اعرف المدعي والمدعى عليه وطبيعة عمل المدعى عليه بيع وشراء حجار البناء واعرف المدعي من اكثر من 15 سنة او اكثر والمدعي يعمل دقيق حجر... وكان يتعامل مع شهوان ومحمود بدران ويعمل دقيق أينما وجد له عمل مع يهود او عرب وانا كنت اشاهد المدعي بين العامين 1998 و2012 مع شهوان والمدعي ليس ملتزما بالعمل لدى المدعى عليه وهو يعمل لدى من يطلبه والمدعى عليه خالد لا يملك منشار حجر... وكان المدعي يعمل لدى اشخاص اخرين غير المدعى عليه عندما يطلبونه للعمل لديهم).

وبالمناقشة أجاب الشاهد (ان المدعي كان يعمل دق الحجر ويقوم ببيعه لحسابه هو وشهوان... يقوم ببيعه للمدعى عليه او غيره وفي حال طلب منه المدعى عليه او غيره العمل دقيق حجر يعمل كدقيق حجر والمدعى عليه تاجر حجر خام).

وبناء على ذلك وعلى ضوء ما جاء في شهادة الشهود المذكورين أعلاه وعلى ضوء احكام قانون العمل وتطبيقها على وقائع الدعوى نجد ان المادة 1 من قانون العمل رقم 7 لسنة 2000 قد عرفت العامل بانه (كل شخص طبيعي يؤدي عملا لدى صاحب العمل لقاء اجر ويكون اثناء أدائه العمل تحت ادارته واشرافه) وعرفت المادة 24 من ذات القانون عقد العمل بانه اتفاق كتابي او شفهي صريح او ضمني يبرم بين صاحب عمل وعامل لمدة محددة أو لإنجاز عمل معين يلتزم بموجبه العامل بأداء عمل لمصلحة صاحب العمل وتحت ادارته واشرافه ويلتزم فيه صاحب العمل بدفع الاجر المتفق عليه للعامل).

يتضح من ذلك ان التبعية والاجر هما العنصران الاساسيان لعقد العمل وعليهما يتوقف القول في هذه الدعوى ما اذا كان المدعي (المستأنف) عاملا وفق احكام قانون العمل ام لا.

لقد استقر الفقه والقضاء على ان عقد العمل سواء كان شفويا او كتابيا يعتمد على امرين:

اولهما تبعية العامل لرب العمل وثانيهما حصوله على اجر مقابل عمله وان المقصود بالتبعية ان يضع العامل نفسه في خدمة رب العمل وينفذ العمل وفق أوامره وتحت ادارته واشرافه وان يرسم له طريق العمل وحدوده ويحاسبه عن عمله وجاء في العديد من قرارات محكمة التمييز تعرض مستفيض لمفهوم التبعية المشار اليها حيث قضت في قرارها رقم 392/64 صفحة 188 لسنة 65 ان ركن التبعية يتوافر بإشراف صاحب العمل على العمال عندما يكون له هيمنة على نشاط العامل اثناء تنفيذ العقد وان يرسم له طريق العمل وحدوده وان يحاسبه على عمله كما نجد ان عنصر التبعية هذا هو الذي يميز عقد العمل عن عقد المقاولة حسبما استقر على ذلك اجتهاد المحاكم فقد قضت محكمة التمييز ان المقاولة المسماة اصطلاحا بالتعهد هي عقد يتعهد به احد الطرفين ان يصنع شيئا او يؤدي عملا لقاء اجر يتعهد به الطرف الآخر وان ما يميز عقد العمل عن عقد المقاولة هو علاقة التبعية او الخضوع بين العامل ورب العمل فاذا كان لرب العمل حق توجيه ما يؤدى له من خدمات او حق الاشراف على طريقة القيام بهذه الخدمات فان العقد يعتبر عقد عمل اما اذا اخذ العامل العمل تحت مسؤوليته من غير ان تكون عليه اية رقابة فانه يصبح مقاولا.

نخلص مما تقدم ان المستأنف وعلى ضوء ما جاء في اقوال الشهود انفا ووفق ما استقر عليه الفقه والقضاء لم يكن خاضعا لأية رقابة او اشراف او إدارة او هيمنه من قبل صاحب العمل (المستأنف عليه) اثناء قيامه بعملية دق الحجر المطلوبة منه وان عمله هذا كان متروكا له دون اية رقابة او خضوع لاحد ولم يحدد له وقت معين للدوام او عدد معلوم من ساعات العمل ولم يرد ما يشير الى انه كان ينفذ تعليمات صادرة اليه من صاحب العمل اثناء قيامه بعمله كما لم يثبت ان صاحب العمل كان يوجه له اية أوامر او إرشادات تتعلق بعمله كدقيق حجر لذا فان عنصر التبعية الواجب توفره في عقد العمل يكون غير متوافر وبالتالي فان العلاقة بين الطرفين ليست عمالية وان المستأنف لا يكون والحالة هذه عاملا تنطبق عليه احكام قانون العمل ولا يحق له المطالبة بما طالب به في دعواه استنادا الى قانون العمل وتكون دعواه غير مقبولة وحيث ان قاضي محكمة الدرجة الأولى رد الدعوى على هذا الأساس فان حكمه يكون متفقا وصحيح القانون وما استقر عليه الفقه والقضاء وما قدم امامه من بينات وبالتالي فان أسباب الاستئناف غير واردة ولم تقو على جرح الحكم المستأنف الغاء او تعديلا وحيث كان الامر كذلك.

لـــــــــــذلك

وسندا لنص المادة 223 من قانون أصول المحاكمات المدنية والتجارية حكمت المحكمة برد الاستئناف موضوعا وتأييد الحكم المستأنف وتضمين المستأنف الرسوم والمصاريف ومائة دينار اردني بدل اتعاب محاماة.

حكما حضوريا صدر وتلي علنا باسم الشعب العربي الفلسطيني وافهم في 29/1/2020