السنة
2022
الرقم
95
تاريخ الفصل
26 فبراير، 2024
المحكمة
محكمة النقض
نوع التقاضي
طعون حقوقية
التصنيفات

النص

دولـــــة فــــلســــــطين

السلطــــة القضائيـــة

المحكمة العليا / محكمــة النقض

"الحكـــــــم"

الصادر عن المحكمة العليا / محكمة النقض المنعقدة في رام الله المأذونة بإجراء المحاكمة وإصداره

 بإسم الشعب العربي الفلسطيني

الهـيئـــــــــة الحـاكـمــــــــة بـرئاســـــــة القاضــــــي السيــــــد عدنان الشعيبي

  وعضويـة القضـاة السادة : بسام حجاوي ، عبد الكريم حنون ، فواز عطيه ، ثائر العمري

 

الطعن الأول رقم 95/2022

الطــــاعــن : الصندوق الفلسطيني لتعويض مصابي حوادث الطرق/ رام الله

وكيلاه المحاميان حاتم ملحم و/أو عصام ملحم/ الخليل

المطعــون ضــدهما : 1- منجد سالم مصلح أبو علان/ الظاهرية -الخليل

وكيله المحامي زين الدين وصوص/ الخليل

                          2- محمد إبراهيم عبد العزيز أبو علان/ الظاهرية - الخليل

وكيله المحامي محمد ربعي/ الخليل

الطعن الثاني رقم 257/2022

الطـــاعن : منجد سالم مصلح أبو علان/ الظاهرية -الخليل

وكيله المحامي زين الدين وصوص/ الخليل

المطعون ضده : الصندوق الفلسطيني لتعويض مصابي حوادث الطرق/ رام الله

وكيلاه المحاميان حاتم ملحم و/أو عصام ملحم/ الخليل

 

الإجــــــــــــــراءات

تقدم المدعي بالطعن الأول بتاريخ 11/1/2022، كما وتقدم المدعى عليه الأول بالطعن الثاني بتاريخ 3/2/2022، لنقض الحكم الصادر بتاريخ 27/12/2021 عن محكمة استئناف الخليل في الاستئنافين المدنيين رقمي 1144/2021 و 1210/2021 القاضي كما ورد فيه:" برد الاستئنافين موضوعا، وتأييد الحكم المستأنف، على أن يتحمل كل طرف الرسوم والمصاريف وأتعاب المحاماة".

المحكمـــــــــــة

بالتدقيق وبعد المداولة، ولما كان الطعنان مقدمين في الميعاد، ولتوافر شرائطهما الشكلية تقرر قبولهما شكلا.

وفي الموضوع، وعلى ما تتصل به وقائع النزاع وفق ما أنبأ عنه الحكم الطعين وسائر الأوراق، تقدم المدعي "الطاعن"ضد المدعى عليه الأول "المطعون ضده" وضد المدعى عليه الثاني المطعون ضده في الطعن الأول، بالدعوى المدنية رقم 868/2016 امام محكمة بداية الخليل، موضوعها بمبلغ 1100735 شيقل، على سند من القول أن المدعي هو شخصية اعتبارية قائمة بموجب قانون التأمين رقم 20 لسنة 2005، وأن المدعي يقاضي في الدعوى الماثلة بما منحه القانون من حق الرجوع على المتسبب بالضرر، ذلك أنه بتاريخ 5/12/2009 وأثناء قيام المدعى عليه الأول بقيادة مركبة شحن على طريق واد الغماري في بلدة الظاهرية، (التي لم تكن مرخصة ولم تكن مؤمنة أصولا) صدمت القاصرة سجى حمد إبراهيم الزبدية اثناء قطعها للشارع، مما أصيبت بإصابات بالغة، وكنتيجة للحادث اقام وليها والدها الدعوى المدنية رقم 478/2010 لدى محكمة بداية الخليل ضد المدعي والمدعى عليه الأول، التي قضت المحكمة بتاريخ 17/6/2014 بالحكم على المدعى عليهما بالتضامن والتكافل بمبلغ 5225 دينار أردني و1306066 شيقل جزء من المبلغ بواقع 17018 شيقل لوالد القاصرة والباقي يودع في احد البنوك العاملة في فلسطين، ولما لم يرتضِ اطراف النزاع بالحكم المذكور طعنوا فيه امام محكمة استئناف القدس بموجب الاستئنافين رقمي 305/2014 و216/2014، وبنتيجة المحاكمة قضت بقبول الاستئنافين وتعديل الحكم المستأنف ، ليصبح الحكم للمدعية المصابة بمبلغ 948498 شيقل و5225 دينار أردني منها مبلغ 17018 شيقل لوالد المصابة، وتأيد هذا الحكم من محكمة النقض بتاريخ 5/4/2015 بموجب النقضين رقمي 1008/2014 و1101/2014، وأنه نتيجة جميع المبالغ المدفوعة سواء من خلال الطلب المستعجل رقم 28/2010، وسواء من خلال القضية التنفيذية رقم 171/2015 دفع المدعي تعويضات عن الحادث المذكور بمجموع 1100735 شيقل مع الرسوم والمصاريف، وأن حق المدعي الرجوع على المدعى عليهما بمقتضى قانون التأمين النافذ باعتبار المدعى عليه الأول المباشر والثاني صاحب المركبة.

في حين تقدم المدعى عليهما بلائحتين جوابيتين مستقلتين، وبنتيجة المحاكمة قضت المحكمة بتاريخ 20/6/2021:" برد الدعوى عن المدعى عليه الثاني وتضمين المدعية 300 دينار أردني تدفع للمدعى عليه الثاني، والحكم بإلزام المدعى عليه الأول بأن يدفع للمدعي "الصندوق" مبلغ 1055956.5 شيقل ومبلغ 6325 دينار أردني، مع المصاريف ومبلغ 300 دينار أردني ورد باقي المطالبات".

لم يرتضِ المدعي بحكم محكمة أول درجة، كما ولم يرتضِ به المدعى عليه الأول، فطعنا فيه استئنافا امام محكمة اسستئناف الخليل، بموجب الاستئنافين رقمي 1144/2021 و1210/2021، وبنتيجة المحاكمة قضت بتاريخ 27/12/2021:" برد الاستئنافين موضوعا...".

لم يلقَ حكم محكمة الاستئناف قبولا من المدعي، ولم يلقَ كذلك قبولا من المدعى عليه الأول، فبادرا للطعن فيه بالنقضين الماثلين للأسباب الواردة في كل منهما، علما أن المدعي تقدم بلائحة جوابية في الطعن الثاني.

وبعطف النظر على ما ورد في الطعنين من أسباب، نجد ما يستدعي من هذه المحكمة معالجة أسباب الطعن الثاني، الذي تتصل بعض أسبابه بدفوع تتعلق بمآل الدعوى الماثلة، ولما جاء في السبب الأول منه أن الحكم الطعين مخالف للأصول والقانون ومبني على الخطأ في التأويل التفسير لحكم المادة 175 من قانون التأمين على وقائع الدعوى، لعلة عدم صدور الحكم الطعين ضد مالك المركبة المدعى عليه الثاني.

في ذلك نرى، أن معالجة هذا السبب سيتم من خلال الطعن الثاني بالتفصيل القانوني وتحاشيا للتكرار، سيتم معالجته مع الواقعة الأولى من أسباب الطعن الأول.

وفيما يتصل بالسبب الثاني، وحاصله تخطئة محكمة الاستئناف بعدم قبول الدعوى، لأن دعوى الرجوع سُجلت ولم يصدر حكم نهائي بدعوى المطالبات الأساسية.

وبعطف النظر على ما حملته الأوراق ، نجد أن تاريخ تقييد الدعوى الماثلة وفق ما أنبأ عنه ختم قلم محكمة بداية الخليل - في 1/11/2016، في حين تم التصديق على حكم محكمة الاستئناف المتعلق بالدعوى المدنية رقم 478/2010 من قبل محكمة النقض في النقضين رقمي 1008/2014 و1101/2014 بتاريخ 5/4/2015، الامر الذي يؤكد على أن إقامة الدعوى الماثلة، تم بعد صيرورة الحكم الاستئنافي قطعي بالتصديق عليه من محكمة النقض في النقضين المذكورين، ما يجعل من هذا السبب غير وارد لينال من الحكم الطعين.

وفيما يتصل بالسبب الثالث، وحاصله تخطئة محكمة الاستئناف في قبول الدعوى، لأن المدعي لم يدفع الرسم امام محكمة أول درجة.

في ذلك نرى، أن الفقرة 3 من المادة 175 قد نصت على اعفاء الصندوق من دفع الرسوم القضائية، الامر الذي يعني أن الصندوق معفى من دفع الرسوم بأي شأن متعلق بقانون التأمين، وهذا ما استقر عليه قضاء هذه المحكمة في هيئتها العامة في النقض المدني رقم 1353/2019 طلب رقم 2/2023، الأمر الذي يغدو معه هذا السبب حرياً بالرد من هذه الناحية.

وفيما يتصل بالسبب الرابع، وحاصله تخطئة محكمة الاستئناف باعتمادها على تصحيح رقم المركبة دون أي سند قانوني، لأن البينات التي قدمت تشير إلى أن رقم المركبة المتسببة بالحادث تحمل الرقم 9224890 ، وأن المدعى عليه الأول لم يقم بقيادة تلك المركبة وليس للمركبة المذكورة أية علاقة بالحادث.

في ذلك نجد ، أنه ثبت لمحكمة الاستئناف أن المركبة المتسببه بالحادث ذات الرقم 9224890، والذي تحقق لها من خلال الدعوى الجزائية رقم 1098/2009 صلح دورا ضمن المبرز م/3، وإن تصحيح رقم المركبة الوارد في صحيفة الدعوى خلال السير في إجراءات المحاكمة لا يعيب الحكم الطعين، لأن التصحيح وقع على أمر مادي في الترقيم، ولا يعد هذا الامر خطأ جوهريا يؤدي إلى عدم قبول الدعوى ، وانما لا يعدو خطأً ماديا يجوز تصحيحة ، لاسيما وأن المدعى عليه الأول لم يورد في لائحته الجوابية أي دفع يتعلق برقم المركبة، الأمر الذي يغدو معه هذا السبب أيضا واجب الرد.

وفيما يتصل بالسبب الخامس، وحاصله تخطئة محكمة الاستئناف في النتيجة التي توصلت إليها دون مراعاة تطبيق احكام المادة 172 من قانون التأمين.

في ذلك نجد ان الطاعن ينعي على الحكم الطعين ، الخطأ بالحكم خلافاً لاحكام الماده 175 من قانون التأمين ، كون الماده 172 من قانون التأمين حددت موارد الصندوق والغاية من انشائة تعويض من لا يستحق تعويضاً لعدم وجود تأمين ، أو لأي سبب من الأسباب المحددة في القانون .

وأنه وأن كانت هناك موارد خاصه للصندوق من ضمنها الخزينة العامة ، إلا ان هذا لا يعني عدم رجوع الصندوق على المتسبب ، ذلك ان هذا الرجوع مرده القانون في الماده 175 من قانون التأمين ، وبالتالي فإن ما جاء في هذا السبب لا يرد على الحكم الطعين .

وعن السبب السادس من أسباب هذا الطعن الناعي على الحكم الطعين بالغموض والتناقض ، من حيث التسبيب والمنطوق .

وفي ذلك نجد ان هذا السبب جاء مجهلا مخالفاً لاصول الطعن في الاحكام ، التي توجب وفق الفقره الرابعة من الماده 228 من قانون أصول المحاكمات المدنية والتجارية ، فضلاً عن أننا لم نجد في الحكم الطعين أي تناقض لا من حيث التسبيب ولا من حيث المنطوق ، وعليه نقرر رد هذا السبب .

وعودة الى أسباب الطعن الأول رقم 95/2022 ، نجدها جمعيها تنصب على القول بأن محكمة الاستئناف أخطأت في فهم وتطبيق المادة 175 من قانون التأمين ، من جهة عدم الحكم على المدعى عليه الثاني (مالك المركبة ) بالتكافل والتضامن مع السائق .

وبالرجوع الى الوقائع الثابتة في الدعوى ، نجد أن المدعى عليه الأول (المطعون عليه الأول ) قاد المركبة التي تحمل الرقم 9224890 ، دون ان يكون في المركبة تأمين ، وكذلك لم يكن لديه رخصة سياقة ، صدم (الطفله سجى محمد إبراهيم الزبدية ) التي تبلغ من العمر 3 سنوات ، وأحيل الى المحكمة الجزائية بتهمة التسبب في حادث سير ، نتج عنه إصابات جسدية ، والسوق بدون حذر وعدم اتخاذ التدابير اللازمة ، والسوق بدون رخصة قيادة ، وسوق مركبة غير مؤمنة ، وتقدم ولي امر الطفلة المصابة بالدعوى المدنية ، للمطالبة بالتعويض عن الحادث ضد كل من الصندوق (الطاعن ) والسائق (المطعون عليه ) الأول ، وصدر الحكم بالزام الصندوق والسائق بالتكافل والتضامن بالتعويض ، وتقدم الصندوق بالدعوى للمطالبة بالمبالغ المدفوعة من قبله ، سنداً لأحكام الماده 175 من قانون التأمين ، وبما انه قد صدر الحكم بالزام المدعى عليه الأول (السائق ) بالتعويض المدفوع من قبل الصندوق ، الا ان الصندوق (الطاعن ) يطالب بالزام مالك المركبة أيضا ، ونجد ان محكمة الاستئناف إذ قضت برد الدعوى عن المدعى عليه الثاني (مالك المركبة ) على سند من القول بأن الحكم على المدعى عليه الثاني بالتكافل والتضامن مع المدعى عليه الأول غير وارد اذا اجتمع المباشر والمتسبب ، فإن المباشر هو المسؤول وفق احكام المجلة ، وهو في هذه الحاله (المدعى عليه الأول).

 اننا نجد ان هذا الذي حملت عليه محكمة الاستئناف حكمها ،غير قائم على أساس قانوني سليم ، اذ ان قانون التأمين باعتباره قانون خاص ، قد حدد الجهات والأشخاص الذين يمكن للصندوق الرجوع عليهم بالمبالغ المدفوعة من قبله بالماده 175 من قانون التأمين ، وخصها مالك المركبة ، ونجد ان مسؤولة مالك المركبة مرتبطة بالماده 149 من قانون التأمين ، المعطوف عليها الفقرة الأولى من الماده 175 ، إذ نجد ان مالك المركبة الذي لا يستحق تعويضاً وفق الفقرة السادسة من الماده 149 ، هو الذي سمح لشخص اخر بقيادتها ، دون ان يكون للمركبة تأمين نافذ المفعول ، وبما ان ما قام به المدعى عليه الأول ، هو انه ليس فقط قاد المركبة بدون تأمين ، وانما قادها بدون رخصة قيادة ، وبالتالي وجود التأمين من عدمه ، لا يغير من الأمر شيئاً ، هذا إضافة الى ان المدعى عليه الثاني أجاب على الدعوى في لائحته الجوابية ، بان المدعى عليه الأول قام باستخدام مركبة متوقفة تعود للمدعى عليه الثاني دون اذنه او موافقتة ، ولا يوجد في الأوراق ما يفيد أن المدعى عليه الأول قاد المركبة بإذن مالكها ، وكذلك لا يوجد في البينات ما يشير من قريب او بعيد بوجود مثل هذه الموافقة من قبل المدعى عليه الثاني ، وبالتالي المطالبة بالزامه بنتيجة تصرف منفرد قام به المدعى عليه الأول ، غير قائم على سبب قانوني ، وعليه فإن هذا السبب لا يرد على الحكم الطعين من حيث النتيجة .

لــــــــــــذلك

تقرر المحكمة بالأكثرية رد الطعنين موضوعاً .

حكما صدر تدقيقا بإسم الشعب العربي الفلسطيني بتاريخ 26/2/2024

الــــرأي المخـــالف الصــــادر

عــــن القاضــــي فــــوّاز عطيــــة

أخالف الأكثرية المحترمة فيما توصلت إليه من نتيجة قضت برد الطعنين موضوعا، ذلك أنه أرى أن الواقعة الأولى من الطعن الأول وحاصلها تخطئة محكمة الاستئناف في تكييف وفهم وتطبيق احكام المادة 175 من قانون التأمين على وقائع الدعوى، إذ كان عليها أن تحكم على المدعى عليهما بالتضامن والتكافل، لاسيما وأن البينة المقدمة أثبت أن المدعى عليه الثاني صاحب المركبة التي تسببت بالحادث، ترد على الحكم الطعين، على أساس أن السند القانوني الممنوح للصندوق في رفع دعوى المسؤولية المدنية من قبله وفق احكام المادة 175 من قانون التأمين رقم 20 لسنة 2005، والتي اعطت الأخير حق الرجوع بما قام بدفعه للمتضرر نتيجة تنفيذه لما فرضه القانون عليه من إلتزامات.

لذلك، ولما كانت المادة 175 من قانون التأمين، قد نصت على حق الصندوق في الرجوع بالمبالغ المدفوعة من قبله بسبب الحادث على أحد المذكورين أدناه":أ‌. من لا يستحق تعويضاً بموجب أحكام المادة (149) من هذا القانون.ب من لم يكن له تأمين نافذ المفعول وقت وقوع الحادث، ويستثنى من ذلك من كان لديه تأمين سنوي انتهى مفعوله خلال ثلاثين يوماً قبل تاريخ الحادث.ت من كان بحوزته تأمين لا يغطي الحادث وفقاً للحالات المذكورة في الفقرة (4) من المادة  173).ث مالك المركبة أو المتصرف بها.

2- يخضع حق الرجوع سواء فيما يتعلق بالصندوق أو فيما بين المشتركين في الحادث لأحكام الالتزامات المدنية".

القاضي المخالف

 فواز عطيه

فإن هذا الحق الممنوح للصندوق بالرجوع على مالك المركبة أو المتصرف بها(السائق المباشر في وقوع  الحادث)، لأداء التعويض الذي دفعه الصندوق، نتيجة تنفيذ ما فرضه القانون على الأخير من إلتزامات بحكم القانون، طبقا لقواعد المسؤولية التقصيرية التي تسبب بها المباشر في وقوع الحادث، مما يعد هذا الالتزام التزاما مدنيا، لأن المدين يُجبر على الوفاء على اساس أن هذا الالتزام يجتمع فيه عنصر المديونية بحكم القانون والمسئولية بجبر الوفاء.

وبالتالي، ولما كانت الدعوى الماثلة تقوم على الالتزامات الناشئة عن الفعل الضار، أساسها واجب عدم الإضرار بالغير، ولما ثبت بأن الصندوق قام بجبر الضرر والوفاء اتجاه المضرور بحكم القانون من خلال الدعوى المدنية رقم 478/2010 بداية الخليل، فإن رجوع الصندوق على المباشر(المدعى عليه الأول) وصاحب المركبة (المدعى عليه الثاني)، يعود إلى دعوى الإثراء بلا سبب، للاتحاد في العلة بجبر الضرر بين المباشر وصاحب المركبة المتسببة بالحادث التي تم تسييرها بصورة مخالفة لقواعد المرور، لا سيما وأنه من الثابت في أوراق الدعوى المدنية رقم 478/2010 بداية الخليل المبرزة امام محكمة أول درجة، أن المركبة المتسببة بالحادث لها صاحب وقت وقوعه وهي تعود للمدعى عليه الثاني، وفق ما أنبأت عنه رخصة المركبة الصادرة بتاريخ 21/10/2008 عن وزارة النقل والمواصلات الفلسطينية، إذ كانت الرخصة سارية حتى 28/8/2009، لكن وقت وقوع الحادث وعلى ما أنبأت عنه الشهادة الصادرة عن وزارة النقل والمواصلات المؤرخة في 24/2/2020 المبرزة في الدعوى الماثلة، تفيد عدم ترخيصها المركبة وقت وقوع الحادث بتاريخ 5/12/2009.

القاضي المخالف

 فواز عطيه

 

وبناء على ما تقدم، فإن المسؤولية المدنية تقوم في هذه الحالة حُكما على المباشر في إيقاع الحادث وهو المدعى عليه الأول وعلى المتسبب في تسيير المركبة وهو المدعى عليه الثاني باعتباره مالكها، لاسيما أنه  ثبت لمحكمة الموضوع، قيام المدعى عليه الأول بقيادة المركبة دون ترخيص ودون تأمين ودون أن تكون رخصته الشخصية تخوله قيادة المركبة المتسببة بالحادث، باعتبار أوراق الدعوى قد خلت من أية بينة تفيد منع المدعى عليه الثاني من قيادة المركبة، الامر الذي يجعل من رجوع الصندوق على المدعى عليهما الأول والثاني باعتبارهما مشتركين في المسؤولية المدنية كمباشر ومتسبب، على نحو يفيد أن المدعى عليه الأول قاد مركبة بالصورة الموصوفة أعلاه، وعلى نحو يفيد أن المدعى عليه الثاني سمح للمدعي بقيادة المركبة دون ترخيصها من العهد المختص قانونا، مما خالفا احكام المادة 13 من قانون المرور رقم 5 لسنة 2000، التي نصت:" لا يجوز تسيير أية مركبة على الطريق انتهت مدة صلاحية سيرها المحددة في رخصتها إلا بعد تجديدها طبقاً لما ورد في هذا القانون"، فضلا عن ذلك مخالفتهما للفقرة 5 من المادة 3 من قانون المرور المذكور، التي نصت على شروط تسيير المركبة بأن": تكون المركبة مؤمنة طبقاً لما هو وارد في هذا القانون"، الامر الذي يفيد جميع ذلك عدم حرص صاحب المركبة على تطبيق قانون المرور التي تتصل قواعده بالنظام العام، كما ويفيد الواقع المذكور كذلك عدم حرص المدعى عليه الأول بتطبيق ذات قواعد قانون المرور سابقة الإشارة إليها.

وإذ بتلك المخالفات العمدية، الصادرة عن المدعى عليهما في عدم تطبيق احكام المادتين المذكورتين من قانون المرور، فإنهما ملزمين بجبر الضرر الذي يقع على الغير بسببهما، وبالتالي من حق الصندوق الرجوع على المتسبب بالحادث صاحب المركبة، وعلى المباشر الذي قاد المركبة لمطالبتهما معا بالتضامن والتكافل، على أساسين قانونين الأول: أن ما ورد في المادة 175/ث من قانون التأمين حول الحق الممنوح للصندوق بالرجوع على أحد المذكورين في المادة المذكورة، هو خيار يفيد الاباحة دون التقييد، بعد مراعاة قواعد المسؤولية المدنية وتحقق وقوعها، والثاني: ثبوت تعمد المباشر والمتسبب بمخالفة قانون المرور النافذ، مما يضمن كل منهما الضرر وفق احكام المادتين 92 و93 من أحكام المجلة اللتين نصتا:" المباشر ضامن وإن لم يتعمد"، المتسبب لا يضمن إلا بالتعمد".

لذلك، كان على الأكثرية المحترمة، أن توجه محكمة الاستئناف، بضرورة مراعاة وقائع الدعوى الماثلة وطلبات الخصوم ضمن قواعد الالتزام المدني في الدعوى الماثلة في مواجهة جميع الاطراف، وكان عليها أن توجهها بضرورة مراعاة صحة تطبيق القواعد الآمرة في قانون المرور، وحكم المادتين 92 و93 من المجلة العدلية، بإلزام المدعى عليهما بالتكافل والتضامن بأداء المبالغ التي قام المدعي بدفعها بالنيابة عنهما، وفق قواعد الحلول المؤقت الواردة في قانون التأمين النافذ، والمتصلة بقاعدة الأداء والوفاء بما أوفى الصندوق في تعويض المتضررة ووالدها، دون أن يثري المدعى عليهما على حسابه، لمشاركتهما في وقوع الضرر للغير بسبب مخالفتهما المتعمد للقواعد الآمرة في قانون المرور المذكور.

القاضي المخالف

 فواز عطيه

 

فضلا عن ذلك، ولعدم توفر بينة قاطعة جازمة في الاوراق، تفيد أن قيادة المدعى عليه الأول للمركبة كانت دون علم أو موافقة من المدعى عليه الثاني، مما يعد التخيير الوارد في المادة 175/ث، ليس قائما على التقييد وانما قائما على الاباحة بحق الصندوق الرجوع على كلاهما أو احدهما ضمانا للأداء والوفاء، مؤيده في ذلك المادتين 92 و93 من احكام المجلة العدلية، مما يكون الحكم الطعين قد شابه من هذه الناحية فساد في الاستدلال، الامر الذي تغدو هذه الواقعة وكذلك السبب الأول من الطعن الثاني على الحكم الطعين، مما يتعين نقضه من هذا الجانب.

لـــــهـذه الاسبـــــاب

أرى أنه كان يجب قبول الطعن موضوعا في حدود الواقعة الأولى من الطعن الأول، ونقض الحكم الطعين في حدود ما تم بيانه وتفصيله أعلاه، وبالتالي كان على الأكثرية المحترمة أن تعيد الأوراق لمرجعها للعمل على إصدار حكمها على المدعى عليهما بالتضامن والتكافل بناء على ما تم بيانه أعلاه.

 

رأيا مخالفا صدر تدقيقا باسم الشعب العربي الفلسطيني في 26/2/2024

 

القاضي المخالف

 

 

     فواز عطية