دولـــــة فــــلســــــطين
السلطــــة القضائيـــة
المحكمة العليا / محكمــة النقض
"الحكـــــــم"
الصادر عن المحكمة العليا / محكمة النقض المنعقدة في رام الله المأذونة بإجراء المحاكمة وإصداره
بإسم الشعب العربي الفلسطيني
الهـيئـــــــــة الحـاكـمــــــــة بـرئاســـــــة القاضــــــي السيد عدنان الشعيبي
وعضويـة القضـاة السادة: عبدالكريم حنون، مأمون كلش، نزار حجي، بلال أبو الرب
الجهة الطاعنة: 1. محمد واصف محمود أحمد ذياب/طولكرم.
2. محمد سعود عبد الكريم سليم ذياب/طولكرم.
3. كليمنص خليل الخوري نصار/نابلس بصفتها الشخصية بالإضافة لتركة والدها المرحوم خليل الخوري نصار.
4. نهى خليل الخوري نصار/نابلس بصفتها الشخصية وبالإضافة لتركة والدها المرحوم خليل خوري نصار.
5. زين الدين نجاتي أحمد بدير/الخليل.
6. فؤاد فريد محمد صنوبر(عبد اللطيف)/يتما/نابلس.
7. عبد الله فريد محمد عبد اللطيف بواسطة وكيله فؤاد فريد محمد صنوبر بموجب وكالة خاصة/يتما/نابلس.
8. رجا يوسف حسين عودة/حوارة/نابلس.
9. أحمد سالم محمد الزبن/القدس.
10. جواد محمود م حمد أبو جنيد بواسطة وكيله العام خالد محمود محمد أبو جنيد بموجب وكالة عامة رقم(1696/90/296)/عدل نابلس/نابلس.
وكيلهم المحامي موريس زيادة/رام الله.
المطعون عليهم: 1. الشركة الأهلية للصرافة/الحاج إبراهيم محمد كرسوع وأولاده/شركة غير مسجلة عنوانها عمان/الأردن تبلغ بواسطة المطعون عليه الرابع/نابلس.
2. الشركة الأهلية للصرافة/مسجلة في الأردن، تبلغ الأوراق بواسطة المطعون عليه الرابع.
3. الحاج إبراهيم كرسوع وأولاده/شركة مسجلة مركزها مدينة نابلس بواسطة المفوضين عنها المطعون عليهما الرابع والخامس.
4. موسى إبراهيم كرسوع/نابلس.
وكيلهم المحامي رمزي أبو العظام/رام الله.
5. خليل إبراهيم كرسوع/نابلس.
وكيله المحامي سيبويه عنبتاوي/نابلس.
الإجــــــــــــراءات
تقدمت الجهة الطاعنة بهذا الطعن بتاريخ 27/6/2022، لنقض الحكم الصادر عن محكمة استئناف القدس بتاريخ 30/5/2022 بالاستئناف المدني(1134/2021)، القاضي برد الاستئناف موضوعاً وتأييد الحكم المستأنف الصادر عن محكمة بداية رام الله القاضي برد الدعوى.
تتلخص أسباب الطعن بالقول،
ان محكمة الاستئناف تنكبت لما قررته محكمة النقض في حكمها رقم(72/2020)، ولم تسر على هديه، وفهمت حكم محكمة النقض على خلاف ما قضت به، فأصدرت حكماً من لدنها، دون بحث أسباب الاستئناف، ودون بحث أوجه الدفاع والدفوع المثارة في لائحة الاستئناف، وأخطأت فيما توصلت إليه من سمو نص المعاهدة الدولية على نص القانون المحلي، وأخطأت بالأخذ بما جاء في اتفاقية الرياض للتعاون القضائي، ولم تأخذ بنص المادتين(36/37) من قانون التنفيذ الفلسطيني رقم(53) لسنة 2005، والتي تسمو نصوصه على نص المادة(25/ج) من إتفاقية الرياض، باعتبار قانون التنفيذ المشار إليه هو الأحدث، وجاء بعد اتفاقية الرياض.
والتمست الجهة الطاعنة بالنتيجة قبول الطعن موضوعاً ونقض الحكم الطعين، والحكم حسب لائحة الدعوى، مع إلزام المطعون عليهم بالرسوم والمصاريف وأتعاب المحاماة.
تبلغ وكلاء المطعون عليهم، ولم يتقدم أي منهم بلائحة جوابية.
المحكـــــــــــــمة
بالتدقيق والمداولة قانوناً، ولتقديم الطعن في الميعاد مستوفياً شرائطه الشكلية، نقرر قبوله شكلاً.
وفي الموضوع، تشير وقائع الدعوى وفق ما أنبأت عنها الأوراق، أن الجهة الطاعنة أقامت الدعوى ضد المطعون عليهم، وموضوعها طلب تنفيذ الحكم الأجنبي الصادر عن المحاكم الأردنية، بتاريخ 21/12/1987، وطلب تعيين وكيل تفليسة على أموال المستدعى ضدهم.
وأمام محكمة الدرجة الأولى، وبعد استكمال الإجراءات لديها، أصدرت حكمها برد الدعوى، على سند من القول(بما أن الحكم المطلوب تنفيذه في هذه الدعوى المبرز م.ض/1، صادر عن محاكم المملكة الأردنية الهاشمية، ومتعلق بقضية إفلاس، فإنه غير قابل للتنفيذ في فلسطين، لخروجه عن إطار الأحكام الأجنبية المتفق عليها، بموجب إتفاقية الرياض للتعاون القضائي)، ولم يلق هذا الحكم قبولاُ لدى الجهة المستدعية، وتقدمت باستئناف على ذلك الحكم لدى محكمة استئناف القدس، بالاستئناف المدني(1017/2014)، وأمام محكمة الاستئناف وبعد استكمال الجراءات لديها، أصدرت حكمها القاضي برد الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف، ما حدا بالجهة المستدعية بالطعن بهذا الحكم لدى محكمة النقض، بالنقض مدني رقم(1038/2015)، التي قضت بتاريخ 2/1/2019 بنقض الحكم الطعين وإبطاله، لصدوره في مواجهة ميت، كون المطعون عليه الثالث، توفي قبل إصدار الحكم، وأمام محكمة الاستئناف وبعد الإعادة، قررت الأخيرة السير على هدى ما جاء في حكم محكمة النقض، وأصدرت حكمها القاضي برد الاستئناف موضوعاً وتاييد الحكم المستأنف، الأمر الذي حدا بالجهة المدعية الطعن في هذا الحكم لدى محكمة النقض، بالنقض مدني(72/2020) التي قضت بتاريخ 7/6/2021 نقض الحكم الطعين وإبطاله، وإعادة الأوراق إلى محكمة الاستئناف لإصدار حكم من لدنها بعيداً عن الحكم الطعين.
وأمام محكمة الاستئناف وبعد الإعادة، قررت السير على هدى ما جاء في حكم محكمة النقض، وأصدرت حكمها القاضي برد الدعوى الأساس(406/2000) حقوق بداية رام الله، والذي لم تقبل به الجهة المدعية وتقدمت بهذا الطعن، أستناداً للأسباب الواردة فيه.
وعن أسباب الطعن،
وبالرجوع للمتحصل من أوراق الدعوى، أن الجهة المدعية(الطاعنة) أقامت الدعوى أمام محكمة الدرجة الأولى، محمولة على مطلبين، الأول تنفيذ الحكم الأجنبي الصادر عن محكمة بداية عمان بتاريخ 21/12/1987، والمطلب الثاني تعيين وكيل تفليسة على أموال المستدعى ضدهم.
وبالرجوع إلى الحكم الأجنبي المراد تنفيذه في الأراضي الفلسطينية، وهو الحكم الصادر عن محكمة بداية عمان بتاريخ 21/12/1987، في الدعوى الحقوقية رقم(3356/87)، والتي تحمل القرار رقم(237) القاضي بإشهار إفلاس المستدعى ضدهم(المطعون عليهم) إعتباراً من تاريخ 13/6/1986(تاريخ توقف المستدعى ضدهم عن دفع ديونهم التجارية) ونشر شهر الإفلاس وتعيين وكيل تفليسة، وتعيين قاضي منتدب للإشراف على أعمال التفليسة، والأمر بتسليم أموال المدعى عليهم لوكيل التفليسة، وبالتالي فإن المطلب الثاني الخاص بتعيين وكيل تفليسة على أموال المستدعى ضدهم، لا يستقيم مع طلب تنفيذ حكم أجنبي، ذلك أن الطلب هو طلب أصلي، هذا إضافة إلى أن من يملك تعيين وكيل التفليسة هي المحكمة مصدرة الحكم بإشهار الإفلاس، وهي التي قررت تعيين وكيل تفليسة، وبهذا بات هذا المطلب مخالفاً للأصول والقانون وغير مقبول.
وعودة إلى المطلب الأول، الا وهو تنفيذ الحكم الأجنبي، وبما أن الحكم الأصلي المراد تنفيذه في الأراضي الفلسطينية، هو حكم بشهر إفلاس المطعون عليهم، وتسليم أموالهم لوكيل التفليسة المعين من قبل المحكمة مصدرة الحكم المراد تنفيذه، وهو المحامي(محمد خلاف) تحت إشراف القاضي المنتدب(القاضي الأردني فؤاد سويدان)، وبالتالي تنفيذ الحكم الأجنبي على الأراضي الفلسطينية، وفق ما هو وارد فيه، لا يستقيم بل ويتعارض مع السيادة الإقليمية، ومع القوانين الوطنية النافذة، ذلك أن ما يحكم الإفلاس وشهره والتصفية وأجراءاتها، هو قانون التجارة رقم(12) لسنة 1966، إذ جاء في المادة(317/4) منه، (المحكمة التي شهرت الإفلاس تكون ذات إختصاص لرؤية جميع الدعاوى التي يكون منشأها القواعد المختصة بالإفلاس)، وإذا كان المفلس مالكاً لعقارات، أو لحقوق عقارية، يكون الحكم بشهر الإفلاس خاضعاً لقواعد الشهر المخصصة بالرهون والتأمينات العقارية، ويسجل الحكم بشهر الإفلاس في السجل العقاري بواسطة وكلاء التفليسة، وكذلك وبصدور قرار شهر الإفلاس من تاريخ صدوره يتخلى المفلس من جميع أمواله لوكيل التفليسة، وبهذا التاريخ أيضاً لم يعد المفلس أهلاً للقيام بأي تصرف قانوني، فلا يمكنه أن يتعاقد أو أن يخاصم أمام القضاء، ويكون ممثله القانوني فقط(وكيل التفليسة)، وبهذا فإن المحاكم الوطنية المقامة أمامها دعوى تنفيذ حكم أجنبي، في هذه الحالة، لا تملك تعيين وكيل تفليسة خلاف الوكيل المعين، بموجب الحكم المطلوب تنفيذه، ولا تملك قبول اختصامه في اية دعوى متعلقة بالتفليسة، بمعزل عن وكيل التفليسة، وكذلك لا تملك المحكمة الوطنية اتخاذ أي قرار فيما يتعلق بإجراءات وأعمال التفليسة، ذلك أن المحكمة التي شهرت الإفلاس، هي فقط ذات الاختصاص برؤية جميع الدعاوى، التي يكون منشأها القواعد المختصة بالإفلاس.
وتأسيساً على كل ذلك يتضح أن الحكم الصادر بشهر الإفلاس وتعيين وكيل تفليسة، هو حكم من نوع خاص، لا يصلح أن يندرج تحت بند الأحكام والقرارات والأوامر الصادرة في بلد أجنبي، يجوز الأمر بتنفيذها في فلسطين، كون تنفيذها يتناقض مع القوانين المحلية، وأن محاكم دولة فلسطين هي وحدها المختصة بشهر إفلاس وتصفية أموال مدين تقع داخل الأراضي الفلسطينية، إذ جاء في الفقرة(ب) من المادة(25) من إتفاقية الرياض للتعاون القضائي، باستثناء الأحكام المتعلقة بالسيادة من باب تنفيذ الأحكام الأجنبية، ومنها الأحكام الصادرة في قضاء الإفلاس والضرائب والرسوم، وبالتالي لا تثريب على محكمة الاستئناف فيما خلصت إليه، بأن(المبدأ المطبق لدينا في فلسطين في مجال الأحكام القضائية الصادرة في دعوى إشهار الإفلاس، هو مبدأ "إقليمية القضاء" بمعنى أن ولاية القضاء في قضايا الإفلاس محدد اقليمياً بحدود إقليم الدولة، وأن الأحكام والأوامر الأجنبية القاضية بإشهار الإفلاس، لا تنفذ في غير البلد الذي صدرت فيه).
وحيث نجد أن الجهة الطاعنة تدفع بأن هذا المبدأ يكون صحيحاً، لو لم يصدر قانون التنفيذ الفلسطيني رقم(23/2005)، والتي أجازت المادتان(36/37) منه، المتعلقة بتنفيذ الأحكام الأجنبية ولم تستثني من تنفيذ الأحكام الأجنبيه، الأحكام المتعلقة بالإفلاس على سند من القول، بما أن قانون التنفيذ أحدث صدوراً من أتفاقية الرياض، وبالتالي يكون قانون التنفيذ، أولى بالتطبيق وتسمو أحكامه على أحكام الإتفاقية الدولية، التي لا تجيز تنفيذ الأحكام الأجنبية المتعلقة بقضايا شهر الإفلاس، فإن هذا القول غير سديد، ذلك أن القانون المطبق بتاريخ تسجيل الدعوى هو قانون تنفيذ الأحكام الأجنبية رقم(8) لسنة 1952، إلا أننا نجد أن هذا القول محمولاً على عكس ما تضمنته المواد(36/37) من قانون التنفيذ، ذلك أن تلك المواد لم تخرج الاحكام المتعلقة بشهر الإفلاس من الحظر، الوارد في إتفاقية الرياض للتعاون القضائي، بل نصت المادة(36) منه على عدم جواز تنفيذ الأحكام الأجنبية التي تتناقض مع القوانين الفلسطينية، وفق ما تم الإشارة إليه سالفاً، من أن تنفيذ شهر الإفلاس الصادر عن محاكم اجنبية، يتناقض مع نصوص قانون التجارة، فيما نجد كذلك ان ما جاء في اتفاقية الرياض، لا يتناقض مع ما جاء في المادة(37) من قانون التنفيذ، من أنه لا يجوز تنفيذ الأحكام الأجنبية إذا كانت محاكم فلسطين هي المختصة وحدها بالفصل في المنازعة، وحيث أنه وفق ما توصلنا اليه من أن المحكمة المختصة بتعيين وكيل التفليسة، والتي لها الإختصاص لرؤية جميع الدعاوى المتعلقة بالإفلاس، هي المحكمة التي قررت شهر الإفلاس، وأن المحكمة المختصة بشهر الإفلاس، هي محكمة الدولة التي يقع في اقليمها أموال المفلس، كون تنفيذ الإفلاس، لا يمتد إلى خارج إقليم الدولة التي صدر عن محاكمها قرار شهر الإفلاس، ذلك أن المحكمة التي تقرر شهر الإفلاس، لا ينتهي دورها بقرار شهر الإفلاس، بل يمتد إشرافها ورقابتها لحين إنتهاء إجراءات التصفية، وبمفهوم السيادة لا تمتد ولايتها خارج نطاق الإقليم، ما يعني أن الحكم بشهر الإفلاس، لا ينتج آثاره إلا في إقليم الدولة التي صدر فيها.
ومن جهة أخرى قول الجهة الطاعنة بأن محكمة الاستئناف تنكبت لحكم محكمة النقض رقم(72/2020).
إننا نجد أن محكمة النقض في حكمها السابق سالف الإشارة، وجهت محكمة الاستئناف، بأنه لا يجوز لها الحكم بتأييد حكم محكمة الدرجة الأولى، بعد أن تقرر إبطاله، وبالتالي يتوجب عليها الحكم في موضوع الدعوى، بمعزل عن الحكم المستأنف، باعتباره لم يعد قائماً، وبمعزل عن أسباب الاستئناف باعتبارها منصبة على ما اعترى حكم الدرجة الأولى من عيوب، ولها أن تأخذ بما جاء في أسباب الاستئناف في معرض حكمها، باعتبارها دفوعاً متعلقة بموضوع الدعوى، إن وجدت لها أساس قانوني وواقعي، ولها أن لا تأخذ بها، طالما أنها توصلت إلى نتيجة نقرها عليها، وفقاً للأسباب المشار إليها في متن هذا الحكم، وعليه فإن ما جاء في هذا الطعن، لا يرد على الحكم الطعين ولا ينال منه.
لــــــــــــــــذلك
تقرر المحكمة رد الطعن موضوعاً، وتضمين الجهة الطاعنة الرسوم والمصاريف.
حكماً صدر تدقيقاً باسم الشعب العربي الفلسطيني بتاريخ 18/3/2023