دولـــــة فــــلســــــطين
السلطــــة القضائيـــة
المحكمة العليا / محكمــة النقض
"الحكـــــــم"
الصادر عن المحكمة العليا / محكمة النقض المنعقدة في رام الله المأذونة بإجراء المحاكمة وإصداره
بإسم الشعب العربي الفلسطيني
الهـيئـــــــــة الحـاكـمــــــــة بـرئاســـــــة القاضــــــي السيد عدنان الشعيبي
وعضويـة القضـاة السادة: بسام حجاوي ، فواز عطية ، مأمون كلش ، ثائر العمري
الطــــاعــــنان:
بصفتها الشخصية بالإضافة لتركة مورثها زوجها المرحوم عماد الياس عطاللله رشماوي بموجب حجة حصر الإرث رقم 161/2020 الصادرة عن المحكمة الكنسية لبطريركية الروم الأرثوذكس بالقدس.
2- عطا الله عماد الياس رشماوي/ بيت ساحور
وكيلهما المحامي ميشيل إبراهيم/ بيت لحم
المطعـــون ضده: وليد حنا سليمان الهواش/ بيت ساحور
وكيلاه المحاميان سامي شحادة و/أو فارس عودة/ بيت لحم
الإجــــــــــراءات
تقدم الطاعنان بهذا الطعن بتاريخ 3/2/2022، لنقض الحكم الصادر بتاريخ 28/12/2021 عن محكمة استئناف الخليل في الاستئناف المدني رقم 1379/2021 القاضي:" برد الاستئناف موضوعا، وتأييد الحكم المستأنف محمولا على أسبابه وفق التعليل المذكور اعلاه، وتضمين الجهة المستأنفة الرسوم والمصاريف 200 دينار أردني أتعاب محاماة عن مرحلتي التقاضي".
المحكمـــــــة
بالتدقيق وبعد المداولة، ولما كان الطعن مقدما ضمن الميعاد ومستوفيا شرائطه الشكلية تقرر قبوله شكلا.
وفي الموضوع، وعلى ما تتصل به وقائع النزاع وفق ما هو بيّن من الحكم الطعين وسائر الأوراق، تقدم المدعي الأول المرحوم عماد الياس عطاالله رشماوي والمدعي الثاني " الطاعن الثاني" ضد المدعى عليه "المطعون ضده"، الدعوى المدنية رقم 365/2017 امام محكمة بداية بيت لحم، موضوعها منع مطالبة بقيمة كمبيالات قيمتها 260 ألف شيقل، على سند من القول أن المدعى عليه لديه مكتب تأمين الأراضي المقدسة للتأمين والشحن في مدينة بيت ساحور، علما أن المدعى عليه وكيل لشركة المشرق للتأمين، وأن ابن المدعي الأول المدعو الياس رشماوي كان يعمل موظفا لدى المدعى عليه، وأنه بتاريخ 19/7/2017 اكتشف المدعى عليه بأن المدعو الياس المذكور مع أخ المدعي الثاني قاما بفتح الخزنة وسرقا بعض النقود والشيكات، وقد تقدم المدعى عليه بشكوى ضدهما لدى الشرطة والنيابة العامة، ولما حصلت مساع للمصالحة قام المدعى عليه تحت الضغط، بإلزام المدعيين بالتوقيع على كمبيالتين الأولى قيمتها 60 ألف شيقل والثانية بقيمة 200 ألف شيقل كضمان لحق المدعى عليه، بهدف معرفة قيمة المسروقات بعد خروج الياس رشماوي من السجن، و قام المدعى عليه بتاريخ 20/7/2017 بإسقاط حقه الشخصي في القضية الجزائية رقم 2509/2017، وكنتيجة للمصالحة العشائرية تم دفع مبلغ 20 ألف شيقل للمدعى عليه وتم ارجاع شيكات عدد 2، مقابل أن يقوم المدعى عليه بإرجاع الكمبيالتين للمدعيين، علما أن الكمبيالتين وقعتا كضمان وليس نتيجة دين، إلا أن المدعيين تفاجأ بوجود إخطار تنفيذي من خلال القضية التنفيذية رقم 2689/2017 تنفيذ بيت لحم لدفع قيمة احدى الكمبيالتين، وبما أن المدعيين غير مدينين بقيمتهما فإن المطالبة تصبح مطالبة غير قانونية.
في حين تقدم المدعى عليه بلائحة جوابية، أهم ما جاء فيها أن الكمبيالتين أخذتا دون ضغط أو إكراه وانما بطريق مشروع، علما أن ابن المدعي الأول واخ المدعي الثاني أدينا بتهمة السرقة، وأن المدعيين مع المدعو حازم رشماوي مدينون بقيمة الكمبيالتين، وبنتيجة المحاكمة بتاريخ 5/9/2021 قضت المحكمة :" برد دعوى الجهة المدعية، لعدم ثبوت أن قيمة الكمبالتين كانتا على سبيل الضمان، وإلزامها بالرسوم والمصاريف و100 دينار أردني أتعاب محاماة".
لم ترتضِ الجهة المدعية بحكم محكمة أول درجة، فبادرت بصفتها المذكورة في صحيفة الاستئناف بالطعن فيه استئنافا امام محكمة استئناف الخليل بموجب الاستئناف المدني رقم 1379/2021، وبنتيجة المحاكمة الجارية بتاريخ 28/12/2021 قضت المحكمة:" برد الاستئناف موضوعا وتأييد الحكم المستأنف محمولا على أسبابه في الحكم، وتضمين الجهة المستأنفة الرسوم والمصاريف و200 دينار أردني أتعاب محاماة عن مرحلتي التقاضي".
لم يلقَ حكم محكمة الاستئناف قبولا من الجهة المدعية، فبادرت بالطعن فيه بالنقض الماثل للأسباب الواردة فيه، ورغم تبلغ الجهة المطعون ضدها إلا أنها لم تتقدم بلائحة جوابية.
وعن الأسباب الواردة في صحيفة الطعن، ولما كانت صفحاتها العديدة والمكرر ما جاء فيها من وقائع وأسباب تنحصر في واقعة واحدة، تتصل بتخطئة محكمة الاستئناف في تطبيق القانون على وقائع الدعوى الماثلة نتيجة عدم وزن البينات المبرزة في الطلب رقم 369/2017 المتفرع عن الدعوى الماثلة وزنا قانونيا سليما، أو ضمن أصول الترجيح والتقدير، ولعدم اخذها بواقعة الضغط والاكراه الناشئة عن توقيع الكمبيالتين من المدعيين، مما يكون ربط الكمبيالة محل القضية التنفيذية رقم 2689/2017 تنفيذ بيت لحم، بما يفيد انشغال ذمتهما بقيمة المبلغ المطالب به في القضية التنفيذية واقعا في غير محله.
وفي ذلك نرى، أن محكمة الاستئناف قد استندت إلى النتيجة التي توصلت إليها بالقول:" أن جميع أسباب الاستئناف مرتبطة بعضها ببعض، وبما أن لمحكمة الاستئناف السلطة التامة في وزن البينات والاخذ بما تطمئن إليه وطرح ما عداه، فإنه من الثابت أن المدعيين حررا للمدعى عليه كمبيالتين الأولى بقيمة 60 ألف شيقل محل القضية التنفيذية رقم 2689/2017 تنفيذ بيت لحم، والثانية بقيمة 200 ألف شيقل لم يتم تنفيذها حتى اللحظة، وأن هاتين الكمبيالتين حررتا بدل قيمة مسروقات سرقها المدعو إلياس ابن المرحوم المدعي الأول وشقيق المدعي الثاني....وأنه من خلال مفردات المبرز ط/1 محل الطلب المستعجل رقم 369/2017 المتفرع عن الدعوى الماثلة تم طرح قيمة الكمبيالة الأولى للتنفيذ، كما وصدر حكما عن محكمة صلح جزاء بيت لحم في الدعوى رقم 2509/2017 يفيد إدانة المتهم الياس رشماوي بجرم السرقة خلافا للمادة 407 من قانون العقوبات، على إثر قيام المتهم الياس الذي كان يعمل لدى المدعى عليه في مكتب التأمين الخاص به بسرقة مبالغ مالية وشيكات... وأنه لما ثبت قيام المرحوم المدعي الأول والمدعي الثاني بتحرير الكمبيالتين لصالح المدعى عليه بدل قيمة المسروقات...علما أنهما معبأتين ببياناتهما الكاملة وقام المدعيان بالتوقيع عليهما دون ضغط أو اكراه، وأنه لم يتم التأشير عليهما بما يفيد الضمان أو بسند ملحق يفيد ذلك، ولعدم تقديم بينة كافية تفيد اخذ الكمبيالتين على سبيل الضمان، فإن التزام من وقع عليهما هو نتيجة تسديد لقيمة المسروقات أو لجزء منها قام المدعو الياس بسرقتها من المدعى عليه، مما تعتبر الدعوى تعتبر مستجمعة لشروطها القانونية، وتأخذ معنى الكمبيالة المنصوص عليها في قانون التجارة، مما تغدو الجهة المدعية ملزمة بقيمتها....".
وإزاء النتيجة التي توصلت إليها محكمة الاستئناف سابقة الوصف، جدير ببيانه أن ما هو مستقر عليه في قضاء هذه المحكمة، أن الأوراق التجارية تستخدم من أجل تسوية الديون التي نشأت في الأصل بين الساحب والمستفيد، أو بين الساحب والمسحوب عليه، فضلا عن استخدامها من قبل المستفيد للوفاء بما عليه من ديون، الامر الذي يمكن تظهيرها عدة مرات قبل الوفاء بقيمتها في ميعاد الاستحقاق إلى الحامل الأخير، مما يستدل من ذلك، أن تسوية العلاقات القانونية في الأوراق التجارية قد تتعدد، لكن قد يتم تسويتها في عملية وفاء واحدة.
ولما كان من ضمن تسبيب محكمة الاستئناف لحكمها الطعين، يفيد أن ابن المدعي الأول قد سرق مبالغ مالية وشيكات، بخلاف صحة الحكم الجزائي رقم 2509/2017 جزاء صلح بيت لحم المبني على لائحة الاتهام المنظمة من قبل وكيل النيابة في قضية التحقيق رقم 2656/2017، والتي اكدت على واقعة محددة، وهي سرقة شيكات خاصة بالمشتكي"المدعى عليه" دون الإشارة إلى سرقة مبالغ مالية، مما يجعل من ذلك التسبيب مخالفا لواقع الحكم الجزائي المذكور هذا من جانب.
ومن جانب آخر، لم نجد أن محكمة الاستئناف قامت بتحديد الوضع القانوني للكمبيالة محل التنفيذ، فيما إذا كانت محلا للوفاء بسبب دين ترتب بذمة الجهة المدعية للمدعى عليه، أو فيما إذا كان الوفاء عن طريق التدخل أو الكفالة من قبل المدعيين في حينه، وانما جاء في حكمها أن التزام الجهة المدعية نتيجة توقيعهما على الكمبيالتين دون ضغط أو اكراه، ولخلوهما من عبارة ضمان أو سند يفيد ذلك، وأن التزامهما نتيجة وقوع التوقيع عليهما لسداد قيمة مسروقات أو جزء منها قام بها المدعو الياس بسرقتها من المدعى عليه.
وعليه، ولما كانت البينات المقدمة في الدعوى الماثلة بجميع مركباتها، تتصل بما تضمنته لائحتا الدعوى والجوابية من وقائع، لاسيما وأن المدعى عليه اقر بما ورد في البند الأول والثاني من حيث وقوع السرقة المؤيدة بالحكم الجزائي ضد ابن المدعي الأول، وهو شقيق المدعي الثاني، وفق ما هو ثابت كذلك من خلال السند الذي وقع عليه المدعى عليه للشاهد ميشيل رشماوي المحفوظ في الطلب المتفرع عن الدعوى الماثلة، بعد أن سلّم الشاهد المذكور شيكين من الشيكات المسروقة للمدعى عليه، وبما يفيد اخذ ابن المدعي الأول رزمة من الشيكات يفوق عددها 20 شيكل، مما تغدو تلك الوقائع مؤكدة على أن التوقيع من قبل مورث الجهة الطاعنة والطاعن الثاني على الكمبيالتين، لم يكن لسداد ووفاء ما ترتب بذمتهما ككفلاء على ما أخذه المدعو الياس المذكور، وانما لغاية إتمام مراسم الصلح العشائري، ومن أجل الجلوس لبحث قيمة المسروقات، الامر الذي كان على المحكمة مصدرة الحكم الطعين أن تتثبت وبعد ذلك تبين في حكمها بأن الكمبيالتين حررتا وتم التوقيع عليهما من قبل المدعيين، من أجل إتمام مراسم الصلح العشائري ولتحديد قيمة المسروقات بضمان تلك الكمبيالتين، لا أن تقرر أن توقيعهما ملزم لهما لأداء قيمتهما لمجرد عدم توفر عبارة ضمان أو سند مستقل يفيد ذلك، بالرغم أن البينة أثبتت الوقائع المادية محل أسباب الدعوى الماثلة، الامر الذي يجعل من النتيجة التي توصلت إليها محكمة الاستئناف خاطئة، ولا تتصل بالأوراق محل الدعوى الماثلة، مما تغدو معه أسباب الطعن واردة لتنال من الحكم الطعين، لذا يتعين نقضه.
لــــهذه الأسبــــــاب
نقرر بالاكثرية قبول الطعن موضوعا، ونقض الحكم المطعون فيه، ولما كان موضوع الدعوى صالحا للفصل فيه عملا بأحكام المادة 237/2-أ من الأصول المدنية والتجارية، نقرر الحكم بمنع المدعى عليه وليد حنا سليمان الهواش مطالبة للجهة المدعية بصفتها المذكورة، بقيمة الكمبيالة محل القضية التنفيذية رقم 2689/2017 تنفيذ بيت لحم، وعدم قبول الدعوى في مواجهة المدعى عليه عن الكمبيالة الثانية لعدم طرحها للتنفيذ، ولعدم اثبات الجهة المدعية أن طالب المدعى عليه بقيمتها، وتضمين المدعى عليه الرسوم والمصاريف عن جميع إجراءات المحاكمة واتعاب محاماة بواقع 150 دينار أردني عن جميع مراحل التقاضي.
حكماً صدر تدقيقاً باسم الشعب العربي الفلسطيني بتاريخ 25/3/2023
الـكـاتـب الرئيـــس
هـ.ح
مربعنص
الرأي المخالف المعطى من القاضي مأمون كلش
اتفق مع ما توصل له الزميل فواز عطية في هذا الطعن بشأن الكمبيالة الأولى بقيمة (60000) ستون ألف شيكل واخالف الرأي بشأن ما توصل له من عدم قبول الدعوى الأساس بشقها المتعلق بالكمبيالة الثانية بقيمة (200000) مائتي ألف شيكل ، على سند من قوله عدم طرحها بعد للتنفيذ ، ولعدم ثبوت أن المدعى عليه (الدائن) قد طالب بقيمتها.
إذ أن عدم المطالبة بقيمة تلك الكمبيالة ومن جانب الدائن (المدعى عليه) لا يعني حرمان المدعي (المدين) من تقديم تلك الدعوى ليستدرك مطالبة الدائن له بقيمتها عند توافر شروط قبول دعواه (دعوى المدين ) خصوصاً وان ظروف تحرير الكمبيالتين كلاهما واحدة ، وان قبول دعوى منع المطالبة بالكمبيالة الأولى المشار اليها ، يستنتج حكماً قبول الدعوى بشأن الكمبيالة الثانية ايضاً ، ما دام انها تتعلق بذات الظروف والأطراف المتصلة بالكمبيالة الأولى .
لذلك أرى قبول الطعن ايضاً والحكم بعدم مطالبة المطعون ضده (المدعى عليه) للطاعنين (المدعين) بقيمة الكمبيالة الثانية وقيمتها (200000) مائتي الف شيكل ، أسوة بالكمبيالة الأولى بقيمة (6000) ستون الف شيكل .