دولـــــة فــــلســــــطين
السلطــــة القضائيـــة
المحكمة العليا / محكمــة النقض
"الحكـــــــم"
الصادر عن المحكمة العليا / محكمة النقض المنعقدة في رام الله المأذونة بإجراء المحاكمة وإصداره
بإسم الشعب العربي الفلسطيني
الهـيئـــــــــة الحـاكـمــــــــة بـرئاســـــــة القاضــــــي السيــــــد عدنان الشعيبي
وعضويـة القضـاة السادة: بسام حجاوي ، عبد الكريم حنون ، فواز عطية ، ثائر العمري
الطاعن: خضر خالد عبد القادر التميمي/الخليل.
وكيلاه المحاميان أمجد أبو ارميلة وثائر شديد/الخليل.
الجهة المطعون ضدها : الشركة العالمية لصناعة الفرشات المساهمة الخصوصية/ترقوميا.
وكيلها المحامي عبد الرحمن زلوم/الخليل.
الإجـــــــــــراءات
هذا طعن مقدم بتاريخ 28/12/2021 ، لنقض الحكم الصادر عن محكمة استئناف الخليل في الاستئناف المدني رقم(1078/2021) بتاريخ 22/11/2021 ، المتضمن رد الاستئناف موضوعاً وتأييد الحكم المستأنف وتضمين المستأنف الرسوم والمصاريف ومائة دينار أتعاب محاماة.
تتلخص أسباب الطعن بمايلي:
بالنتيجة يلتمس الطاعن قبول لائحة الطعن شكلاً ومن ثم موضوعاً، ونقض الحكم المطعون فيه، وإصدار حكم في هذه الدعوى، وإلزام المطعون ضدها بدفع مبلغ(60000) شيكل، و/أو اتخاذ المقتضى القانوني، وتضمين المطعون ضدها الرسوم والمصاريف وأتعاب المحاماة.
تبلغ وكيل المطعون ضدها لائحة الطعن، بتاريخ 9/1/2022 ولم يتقدم بلائحة جوابية.
المحكمـــــة
بعد التدقيق والمداولة، لورود الطعن في الميعاد القانوني مستوفياً شرائطه الشكلية، تقرر قبوله شكلاً.
أما من حيث الموضوع، فإن البيّن من الأوراق إقامة الدعوى المدنية رقم(1031/2018) من قبل الطاعن - المدعي لدى محكمة بداية الخليل، بمواجهة المطعون ضدها(المدعى عليها الشركة العالمية لصناعة الفرشات المساهمة الخصوصية/ترقوميا) لمطالبتها بمبلغ ستين ألف شيكل حقوق عمالية، وذلك للوقائع والأسباب الواردة في لائحة الدعوى، وبعد أن استكملت الإجراءات أصدرت بتاريخ 25/5/2021 حكماً يقضي برد دعوى المدعي.
لم يلق الحكم المذكور قبولاً من المدعي، فطعن فيه استئنافاً لدى محكمة استئناف الخليل، مسجل برقم(1078/2021) ، وبعد أن استكملت إجراءات المحاكمة، أصدرت في 22/11/2021 الحكم محل الطعن، المتضمن رد الاستئناف موضوعاً وتأييد الحكم المستأنف.
لم يرتض المدعي بالحكم الاستئنافي، فبادر للطعن فيه بطريق النقض، بموجب لائحة الطعن الماثلة ، للأسباب الواردة فيها.
وبالعودة لأسباب الطعن،
وفيما يتعلق بالسبب الأول فقد ورد بصيغة العموم، دون توضيح وجه المخالفة للأصول والقانون، الأمر الذي يحول دون بسط محكمة النقض رقابتها على هذا الذي ينعاه الطاعن، وجاء خلافاً لمقتضيات أحكام المادة(228/4) من قانون أصول المحاكمات المدنية والتجارية، رقم 2 لسنة 2001، التي نصت على وجوب بيان أسباب الطعن بصورة واضحة ومحددة، وعليه نقرر عدم قبول هذا السبب.
وبخصوص السبب الثالث من أسباب الطعن، وتخطئة محكمة الاستئناف لعدم الحكم للطاعن ببدل الفصل التعسفي.
وفي ذلك نجد أن المحكمة حملت حكمها برد هذه المطالبة بالقول (أن المستأنف قد ترك العمل بناءً على استقالته الموقعة منه لرب العمل حسب الأصول، وبعد الاطلاع عليها، نجد أنها تضمنت عبارات الترك للعمل بناءً على رغبته، كما أنها تضمنت مدة ثلاثة أيام إشعار بترك العمل، وبعد بحث المخالصة ، نجد أنها جاءت بتاريخ لاحق على ترك العمل الواقع في 8/7/2018، في حين نجد بأن المدعي قد أشار إلى واقعة ترك العمل بتاريخ 7/7/2018، الأمر الذي يعني أن توقيع المخالصة جاء بعد إنهاء علاقة العمل، وليس خلال استمرارها ، وهي بذلك ترتب آثارها القانونية، كونها تضمنت حقوق المدعي التي تخالص عليها مع المدعى عليها، وبالتالي فإن واقعة الإكراه والإجبار غير ثابتة بشأن الاستقالة والمخالصة) .
ومحكمة النقض تؤيد محكمة الموضوع فيما انتهت إليه من عدم ثبوت واقعة الفصل التعسفي، على اعتبار أن توقيع العامل على كتاب الاستقالة، حيث ورد فيها (أود اعلامكم بأنني أريد ترك العمل)، وتوقيعه على على مخالصة انهاء العمل بتاريخ 8/7/2018، ينبيء بعدم وقوع أي إكراه أو إجبار عليه، طالما أنه قد أورد في لائحة دعواه، أنه عمل لدى المطعون ضدها حتى تاريخ 7/7/2018، ذلك أن التوقيع على المخالصة بعد انهاء علاقة العامل برب العمل، لا يخالف أحكام قانون العمل، وجائز قانوناً، لذلك نقرر رد هذا السبب.
وفيما يتعلق بالأسباب الثاني والرابع والخامس من أسباب الطعن، وبعطف النظر على سند المخالصة الموقعة من الطاعن بتاريخ 8/7/2018 فقد ورد فيها(أنا الموقع أدناه، أقر بأنني استلمت جميع مستحقاتي من رواتب واجازات وأتعاب وتعويضات من الشركة العالمية لصناعة الفرشات، عن الفترة التي عملتها في الشركة، وأنني باستلامي المبلغ المسجل عن فترة عملي المذكورة أعلاه، أبرئ ذمة الشركة من أي حق أو طلب أو ادعاء، واسقط أي حق لي متفرع عن ذلك، واعتبر هذا إبراءً عاماً مانعاً ومخالصة نهائية)، الأمر الذي يعني استيفاءه لكافة حقوقه بعد أنتهاء عمله لدى المطعون ضدها، بما يشمل مطالبتاته عن بدل العطل والإجازات، وعليه ولما كانت محكمة الاستئناف قد رد هذه المطالبات، فتكون بذلك قد طبقت صحيح القانون على المتحصل من وقائع الدعوى، وأسباب الطعن لا ترد على الحكم محل الطعن.
وحيث أن أي من أسباب الطعن لا ترد على الحكم الطعين.
لـــــــــــذلك
تقرر المحكمة بالأكثرية رد الطعن موضوعاً.
حكماً صدر تدقيقاً باسم الشعب العربي الفلسطيني في 25/3/2024
الـكـاتـب الرئيـــس
ف.ح
الرأي المخالف الصادر
عن القاضي فواز عطية
أخالف الأكثرية المحترمة في النتيجة التي توصلت إليها، ذلك ولما كانت اسباب الطعن تنصب على تخطئة محكمة الاستئناف في النتيجة التي توصلت إليها دون مراعاة لواقع أقوال الشهود، لا سيما الشاهد احمد عبد الباسط من بينة المدعى عليها، الذي أكد الأخير على أن استقالة المدعي وتوقيعه على المخالصة تمتا بالاكراه والاجبار، مما تم حرمانه من جميع حقوقه العمالية المطالب بها في صحيفة الدعوى.
إذ أرى، أن محكمة الاستئناف وهي بصدد الرد على أسباب الطعن بالاستئناف، فقد جاء في تسبيبها بالرد على السبب الأول منه وهو من مجمل محل الطعن الماثل بالقول:" أن المدعي ترك العمل بناء على استقالته الموقعة منه لرب العمل... وبعد الاطلاع عليها فقد تضمنت عبارات الترك للعمل بناء على رغبته... كما أنها تضمنت مدة أيام اشعار بترك العمل... وبعد الاطلاع على المخالصة فقد جاءت بتاريخ لاحق على ترك العمل الواقع في 8/7/2018، وأن المحكمة تجد أن المدعي قد أشار إلى واقعة ترك العمل في 7/7/2018...مما يعني أن الاوقيع على المخالصة جاء بعد انهاء علاقة العمل وليس خلالها، وهي بذلك ترتب آثارها القانونية كونها تضمنت حقوق المدعي التي تخالص عليها بموجب هذه المخالصة مع الجهة المدعى عليها، وبالتالي فإن واقعة الاكراه والاجبار غير ثابتة بشأن الاستقالة والمخالصة، وعليه هذا السبب غير وارد....".
القاضي المخالف
فواز عطيه
وإزاء واقعات الحكم الطعين، ولما كانت وقائع الدعوى تشير إلى أن المدعي اضطر إلى تقديم استقالته نتيجة الإشكالية التي وقعت بتاريخ 8/7/2018 بينه وبين احد عمال الجهة المدعى عليها، بناء على طلب من الأخيرة، وأن الأخيرة قامت من خلال أحد مسؤولي الإدارة بدعوة والد المدعي، والاتفاق معه على توقيع ابنه على كتاب الاستقالة والتوقيع كذلك على كتاب مخالصة لتهدئة النفوس بين المدعي وأحد عمال الجهة المدعى عليها، وعلى أن يبقى على رأس عمله، فقد كان على المحكمة مصدرة الحكم الطعين أن تتثبت من جميع جوانب صحة الادعاء من خلال البينة المقدمة في الدعوى الماثلة، لاسيما وأن شهادة الشاهد خالد التميمي والد المدعي، وكذلك شهادة احمد بدوي عبد الباسط الذي كان احد المسؤولين لدى الجهة المدعى عليها أكدتا على تلك الواقعة.
وعليه، وبعطف النظر على شهادة الشاهد احمد عبد الباسط على الصفحة 14 من الضبط بجلسة 20/1/2020 فقد جاء فيها من خلال مناقشته:" لقد بدأت عملي منذ تأسيس الشركة في 5/11/2005 حتى 15/9/2018... وعندما حصلت المشكلة بين المدعي وأنس الجعبري قمت بالاتصال بوالد المدعي وطلبت من المدعي أن يقوم بتقديم استقالته لتهدئة النفوس، لكن لم اعده بالعودة للعمل مجددا... ومن الممكن أن يكون المدعي رجع بعد عشرة أيام ولست متأكد من ذلك...وفي لحظة توقيعه على الاستقالة تم توقيعه على المخالصة.... وإن أنس الجعبري كان على رأس عمله ولم يغادر العمل والاثنين ضرب بعضهما البعض إلا أن الفاظا نابية خرجت من المدعي ضد أنس المذكور... وكانت هناك مشكلة بالنسبة لأنس في عمل المدعي وكان عنده شرط ألا يشاهد المدعي بالقسم... وطلبنا من خضر تقديم الاستقالة لأنه خرج من لسانه ألفاظ ضد أنس الجعبري ولم يكن أي منهما أهم من الاخر في العمل....".
القاضي المخالف
فواز عطيه
ولما كانت شهادة الشاهد المذكور، مفصلية في تحديد وقوع الإكراه على المدعي بحمله على تقديم الاستقالة، وهو أمر لم تزنه محكمة الاستئناف ضمن أصول تقدير شهادة الشهود وفق الصلاحيات الممنوحة لها قانونا، ولم تقل كلمتها بشأن تلك الواقعة، مما تكون محكمة الاستئناف خالفت القانون في عدم القيام بدورها المنوط لها بصفتها محكمة موضوع، وفق ما أفصحت عنه المادتان 219 و220 من الاصول المدنية والتجارية، لاسيما وأن دورها غير مقصور على مراقبة الحكم المستأنف من حيث سلامة التطبيق القانوني فحسب، وإنما يترتب عليها عندما يرفع الاستئناف إليها ونقل موضوع النزاع في حدود طلبات المستأنف إلى محكمة الدرجة الثانية، بإعادة طرح النزاع عليها بكل ما اشتمل عليه من أدلة ودفوع و أوجه دفاع لتقول كلمتها فيه، بقضاء مسبب يواجه عناصر النزاع الواقعية والقانونية على السواء، ويكون للمحكمة الاستئنافية السلطة الكاملة بالنسبة لموضوع الدعوى من جميع جوانبه، سواء ما تعلق منها بالوقائع أو بتطبيق القانون، ولها أن تقضي بنتيجة مغايرة لما توصلت إليه محكمة أول درجة، شريطة أن يكون ذلك بما يؤيده من أوراق الدعوى.
ولما نأت محكمة الاستئناف في بعض جوانب حكمها التقييد في الدور الذي رسمه لها القانون، بالذات ما نصت عليه المادة 220/1 من الأصول المدنية والتجارية المعدلة بالقرار بقانون رقم 16 لسنة 2014 والتي جاء فيها:" تنظر محكمة الاستئناف على أساس ما يقدم لها من بيانات ودفوع وما كان قد قدم لمحكمة أول درجة، وتصدر فيه حكماً بموضوع الدعوى"، ولعدم قول كلمتها بخصوص ما جاء على لسان الشاهد المذكور من وقائع تؤكد على أن الاستقالة المقدمة من المدعي لم تكن برضا منه، وانما وقعت جبرا عن ارادته بناء على رغبة رئيس القسم أنس الجعبري، الذي لم يكن أهم من وجود المدعي في عمله (وفق شهادة الشاهد المذكور على الصفحة 15 من الضبط).
وبالتالي، جدير ببيانه أنه كان على محكمة الموضوع أن تقف على صحة ركن الإرادة الصادرة عن المدعي الراغب في ترك العمل، بنية احداث الأثر القانوني بعد ترك العمل، باعتبار ترك العمل حكما يرتب المركز القانوني للعلاقة التعاقدية بين طرفي النزاع بما في ذلك الحقوق المترتبة لهما.
مما كان على محكمة الاستئناف أن تتحق من صحة إرادة المدعي، فيما إذا كانت استقالته لم تشوبها أية شائبة، على أساس أن الإرادة التي يعتد بها قانونا هي التي تصدر عن شخص مكتمل الارادة ودون عيب، فلا اعتداد بالإرادة في هذه الحالة إلا إذا صدرت سليمة وحرة وقاطعة ومبرأة من الشوائب، لأن الإرادة في حقيقة الأمر وجوهره هي عمل قانوني يتجه به صاحبه إلى احداث أثر قانوني معين.
القاضي المخالف
فواز عطيه
وبناء على ما تقدم، عدم مواجهة محكمة الاستئناف في حكمها الطعين أسباب عيوب الإرادة المدعى بها في الدعوى الماثلة، لاسيما وأن من ضمن العيوب المفسدة والمبطلة للاستقالة عيب الإكراه إذا توافرت عناصره، وخصوصا إذا قدم العامل أو الموظف الاستقالة تحت سلطان رهبة تبعثها الإدارة في نفسه دون حق، أو اتهامه في واقعة تنال من عرضه وشرفه خشية من أن يشيع هذا الاتهام ويلحقه الأذى من جرائه، فيحدث دون روية وتحت تأثير هذه الرهبة، فيتقدم بطلب الاستقالة خشية وقوع ضرر جسيم على جسده أو سمعته، بحيث ثبت ذلك الأمر من خلال مناقشة الشاهد احمد عبد الباسط، الذي أكد( على أنه طلب من المدعي تقديم الاستقالة لتهدئة النفوس في الوقت الذي لك يطلب من المدعو أنس الجعبري ليقدم استقالته...).
الامر الذي يجعل من الحكم الطعين، قد جاء على نحو يؤكد على عدم تحصيل فهم واقع الدعوى فهما سليما، مما يشكل ذلك النهج فساد في الاستدلال يتعين نقض الحكم الطعين من هذه الناحية، لأنه سيعيد ترتيب جميع المراكز القانونية لطرفي المنازعة، بعد أن تقول محكمة الاستئناف كلمتها بخصوص واقعة الاكراه الثابتة، وما يترتب على عقد العمل من حقوق بعد تلك الواقعة.
لـــــــــهذه الأسبـــــــاب
أرى أنه كان يتعين على الأكثرية المحترمة، أن تقرر قبول الطعن موضوعا، وأن تنقض الحكم الطعين، وإعادة الأوراق لمصدرها للعمل بالرأي المخالف.
تحريرا في 25/03/2024
القاضي المخالف
فواز عطيه