السنة
2024
الرقم
39
تاريخ الفصل
29 سبتمبر، 2024
المحكمة
محكمة النقض
نوع التقاضي
طعون جزائية
التصنيفات

النص

   دولـــــة فــــلســــــطين

    السلطــــة القضائيـــة

المحكمة العليا / محكمــة النقض

"الــــحــــكم"

الصادر عن المحكمة العليا / محكمة النقض المنعقدة في رام الله المأذونة بإجراء المحاكمة وإصداره

 بإسم الشعب العربي الفلسطيني

الهـيئة الحـاكـمـــة بـرئاسة القاضـــــي الســــــــــيد عماد مسوده

وعضوية القضاة السادة : محمود جاموس ، سائد الحمد الله ، عبد الجواد مراعبة ، احمد ولد علي 

 

الطـــــاعن : زي.دان - مخيم قلنديا - موقوف

               وكلاؤه المحامون : اسامه و ولاء وامير الكيلاني ورياض أبو جعفر - جنين

المطعون ضده : الحق العام .

الإجراءات

-بتاريخ 7/5/2024 تقدم الطاعن بواسطة وكيله بهذا الطعن لنقض الحكم الصادر عن محكمة استئناف القدس بتاريخ 17/4/2024 في الاستئناف الجزائي رقم 289/2022 والقاضي برد الاستئناف موضوعاً وتأييد الحكم المستأنف .

-تتلخص أسباب الطعن بما يلي :-

1- أخطات المحكمة في معالجة الدفاع الشرعي عن النفس والسكن وفقأً للمادتين 341 ، 342 من قانون العقوبات حيث استندت المحكمة الى اقوال مجزئة من شهادات الشهود ، الا انه ولو دققت المحكمة بشهادة شهود الدفاع امل محمد إسماعيل ، جميل زهره لاتضح من خلالها بوضوح مشاركة المغدور في الهجوم حيث كان يصيح مع المهاجمين وان من كان حوله كان يضرب على البيت حيث يبرز من ذلك مشاركة ما سمي بالمغدور بالاعتداء على الطاعن ومسكنه حيث كان معتدياً اعتداء غير محق ، كما ان الطاعن الذي كان على سطح المنزل في الطابق الثالث منه وامام هذا الجمع الغفير من الناس و 25 شخص من المهاجمين ومن حضر من الفزيعة المصحوب بالهرج والمرج والصياح يكون من المستحيل انه قد وصل الى علمه خلال 5 دقائق وهي مدة الشجار ان الباب قد اغلق وزال الخطر بالفرض الساقط ان هذا الاغلاق قد زال معه الخطر سيما وان المهاجمين كانوا عصبة ( 25 ) رجل وبالفرض الساقط انهم كانوا pمسلحين بالعصي فقط حيث كانوا هاجموا البيت ويكسروا كل شي يصادفهم في بيته محدثين حالة من الهلع والفزع والترويع وبالتالي فإن هؤلاء كانوا مجموعة من المعتدين على سكن ونفس الطاعن وافراد عائلته ليلاً فاطلق النار باتجاههم ليمنعهم ويرهبهم عن دخول منزله لا قتلهم وثنيهم عن الاعتداء على الاعتداء او قتله هو وافراد عائلته وفق الثابت من البينة الدفاعية .

2- أخطأت المحكمة مصدرة القرار الطعين في تطبيقها لأحكام المادة 98 بدلالة المادة 97 من قانون العقوبات في تفسيرها لسورة الغضب الشديد ومن ثم رد هذا الدفع فطبقت هذه النصوص تطبيقاً ابعد ما يكون عن وقائع الدعوى والظروف والحالة النفسية والغضب الذي سيطر على الطاعن اثناء الهجوم عليه على سطح منزله او على باب منزله وفقاً للتفصيل الوارد فيما اثارته في السبب الأول المتعلق بالدفاع الشرعي مع ما أوردته من مقتطفات من اقوال شهود النيابة والدفاع والتي ان لم تكن تشكل مبرراً للدفاع الشرعي على النحو الذي اتاه الطاعن حيث أخطأت المحكمة في رد هذا الدفع وفي تبريرها بأن مجرد التعرض للطاعن بالقول ( انت مخنث ) ليس سبباً كافياً لإطلاق النار وان قول هذه العبارة من قبل المدعو ذياب مناصره مع السب والشتم والخلع والكسر ومحاولة دخول بيت الطاعن بدون وجه حق قد وضعت الطاعن في سورة غضب شديد مما يجعل المادة 98 بدلالة المادة 97 من قانون العقوبات قائمة في هذه الدعوى .

3- أخطأت المحكمة في تطبيقها لأحكام المادة 64 من قانون العقوبات وهي في معرض تفسيرها للقصد الاحتمالي رغم ان كل وقائع الدعوى تشير الى عدم توافر قصد القتل لدى الطاعن سواء كان مباشراً او احتمالياً وهي مسألة واضحة من اقوال الطاعن لدى الضابطة القضائية او في افادته لدى النيابة العامة والتي اكد فيها انه عندما اطلق النار كان بقصد حماية نفسه وأولاده ومسكنه وهذا ما اكدت عليه كافة البينات التي تم سردها في هذه اللائحة ، وبالتالي فإن ما قام به الطاعن بالفرض الساقط فإنه لا يشكل احدى صور الدفاع الشرعي او سورة الغضب الشديد فإنه يشكل ويعتبر خطأ موجبا للمسؤولية الجزائية وفقاً لأحكام المادة 343 من قانون العقوبات لأنه اقدم عليه بدون حذر او احتراز وتبصر او تعابر لعواقب الأمور بسبب حالة الهلع والخوف والغضب الشديد التي سيطر عليه .

4- أ- أخطأت المحكمة بعدم تطبيق احكام المادة 258 من قانون الإجراءات الجزائية .

ب- الحكم المطعون فيه ضد وزن البينة وجاء مبنياً على الفساد في الاستدلال .

5- أخطأت محكمة الدرجة الثانية في عدم معالجتها لطلب الجهة الطاعنة الاخذ بالأسباب التخفيفية سنداً لأحكام المادة 99/3 عقوبات لسنة 1960 الذي تمسك بها الطاعن في مرافعته الشفوية .

-يلتمس الطاعن قبول الطعن شكلاً وموضوعاً واتخاذ المقتضى القانوني .

-بتاريخ 16/5/2024 تقدم النائب العام بلائحة جوابية التمس من خلالها رد الطعن شكلاً وموضوعاً.

المحكمة

بالتدقيق والمداولة قانوناً ، نجد بأن الطعن مُقدم بالميعاد القانوني ، فنقرر قبوله شكلاً .

وعودة الى أسباب الطعن ، وعن السبب الاول وحاصله تخطئة المحكمة في تطبيق القانون على الوقائع كونها لم تطبق نص المادتين 341 ، 342 من قانون العقوبات رقم 16 لسنة 1960 وخطأها كذلك في تفسيرها للدفاع الشرعي  .

ولما كان هذا السبب يمتزج فيه القانون بالواقع ، وحيث انه من الثابت من البينة المقدمة ان الواقعة محل الدعوى تتمثل :- بأن الطاعن كان مرتبطاً بعلاقة عمل مع شاهد الاثبات ذياب مناصرة ابن عم المغدور وقد نشأ خلاف بينهما واساسه مطالبة ذياب المذكور للطاعن بمبلغ 4000 شيكل بدل اتعاب 4 سنوات حيث رفض الطاعن دفع هذا المبلغ، وبعد مراجعة ذياب للطاعن احتدم النقاش بينهما حيث تدخل شاهد الاثبات فراس مناصرة لحل الخلاف حيث احتدم النقاش بين ذياب وفراس من جهة والطاعن من جهة أخرى حيث كان فراس وذياب على سطح منزل ذياب ، والطاعن على سطح منزله في مخيم قلنديا حيث المنزلين متجاورين ، حيث اقدم الطاعن على اطلاق رصاصتين وعلى اثرها غادر فراس وذياب سطح المنزل الى الأسفل امام منزل الطاعن بعد قول ذياب للطاعن : ( .... اذا انت زلمي انزل تحت ) ، وقام باللحاق بهما المغدور محمد مناصرة بعد سماعه لإطلاق النار حيث كان متواجداً في غرفة على سطح منزل ذياب ، حيث تواجد المغدور ذياب وفراس ومروان مناصرة امام منزل الطاعن ، وفي هذه اللحظة واثناء ما كان الطاعن على سطح منزله قام بإطلاق رصاصتين اتجاههم حيث اصابت احدى الرصاصتين المغدور في رأسه مما أدى الى وفاته ، وبعد ذلك هاجم الناس المتواجدين في مكان الجريمة منزل الطاعن وقاموا بتكسيره وحضرت الشرطة والقت القبض على الطاعن .

-وفي القانون نجد ان المادة 341 من قانون العقوبات سالف الذكر اوجبت توافر شروط معينه مجتمعة حتى يعد فعل من يقتل غيره أو يصيبه بجراح أو بأي فعل مؤثر دفاعاً عن نفسه أو عرضه أو نفس غيره أو عرضه وهذه الشروط تتمثل بما يلي :-

أ- يقع الدفع حال وقوع الاعتداء.
ب- أن يكون الاعتداء غير محق.
ج- أن لا يكون في استطاعة المعتدى عليه التخلص من هذا الاعتداء إلا بالقتل أو الجرح أو الفعل المؤثر.

-وبتطبيق حكم القانون على وقائع هذه الدعوى وفيما يتعلق بالشرط الثاني سالف الذكر فقد اثبتت البينة المقدمة في الدعوى والتي ارتاح لها وجدان المحكمة انه لم يبدر من المغدور محمد مناصرة ولا من افراد عائلة مناصرة المتواجدين امام منزل الطاعن والمشار اليهم سابقاً أي اعتداء غير محق اتجاه الطاعن وهذا ما هو ثابت من خلا تواجد الطاعن على سطح منزله والمغدور ومن معه امام منزل الطاعن والمسافة بينهم تزيد عن ( 5 م ) ومن شهادات الشهود ذياب ، فراس ، مروان مناصرة ، إبراهيم كسبه ، امل زهرة والتي اكدت بانها لم تشاهد أي شيء بيد المغدور ، بالإضافة الى ما ورد على لسان الشاهدين إبراهيم الكسبة ومروان مناصرة من سماعهما للمغدور وهو يقول للطاعن ( .... وحد الله والأمور بتنحلش هيك ) .

-حيث ثبت ان افراد عائلة مناصرة ( المغدور ، مروان ، فراس ذياب ) والذين تواجدوا امام منزل الطاعن بعد حادثة اطلاق النار الأولى لم يكن بحوزتهم عصي وحجارة ولم يلقوا الحجارة على منزل الطاعن ، وان الهجوم على منزل الطاعن كان بعد حادثة اطلاق النار الثانية من قبل الطاعن واصابة المغدور ، وهذا ما أكده الطاعن في محضر استجوابه ن/1 : (....وبعد ان قمت بإطلاق رصاصتين سمعت صوت والناس يقولون في واحد متصاوب وبعد ان سمعت الناس يقولون في واحد متصاوب هجم الناس على الدار وقاموا بتكسير منزلي وانا بقيت في داخل الدار علماً ان زوجتي اخذت مني المسدس ولما حضرت الشرطة اخذوني وانا سلمتهم المسدس ) .

-وان ما جاء بشهادات شهود الاثبات سالفي الذكر ، بالإضافة الى اقوال الطاعن في المبرزين ن/1 يدحض ما ورد بشهادات شهود الدفاع بزعمهم من مشاهدتهم لأفراد عائلة مناصرة وبحوزتهم عصي وحجارة ومحاولتهم الهجوم والدخول على منزل الطاعن ، يضاف الى ذلك التناقض الواضح والجلي في البينة الدفاعية فالشاهد جميل زهره يقول ( باب منزل الطاعن كان مسكر ) ، بينما الشاهد شريف خليل (...الباب الحديدي لمنزل المتهم كان مفتوح ) ، كما ان الشاهدة امل زهره تارة تقول ( .... حضرت حادثة وفاة المغدور ) وتارة أخرى ( انني لم اشاهد واقعة اطلاق النار ) ، وتارة ثالثه ( انني لم اشاهد شيء بيد المغدور وقت الحادثة ) وتارة رابعة تقول (...لا اعرف ان كان يحمل شيء ام لا ) ، يضاف الى ذلك التناقض الواضح في عدد افراد عائلة مناصرة ( 15 ، 20 ، 25 ) في حين لم يتم ذكر الا أسماء ( ذياب ، فراس ، عمار ، عمر ) الشاهدة امل زهرة ، الامر الذي يجعل من السبب الأول غير وارد .

-اما بخصوص السبب الثاني وحاصلة تخطئة المحكمة بعدم تطبيق نص المادتين 97 ، 98 من قانون العقوبات ، فإننا نحيل في الرد على هذا السبب لما جاء في ردنا على السبب الأول تحاشياً للتكرار ، ونضيف انه يشترط لاستفادة الطاعن من العذر المخفف المنصوص عليه في المادة 98 سالف الذكر ان يقدم على ارتكاب الجريمة وهو تحت تأثير سورة غضب شديد ناتج عن عمل غير محق وعلى جانب من الخطورة اتاه المغدور ، وحيث ان البينة المقدمة في الدعوى اثبتت ان المغدور لم يقدم على ارتكاب عمل غير محق وعلى جانب من الخطورة اتجاه الطاعن ، الامر الذي يجعل من التمسك في المادتين 97 ، 98 سالفتي الذكر غير وارد وان نعت شاهد الاثبات ذياب مناصرة للطاعن (بالمخنث) لا يعني ان المادة 98 قائمة في هذه الدعوى كون تلك المادة تشترط ان يكون هناك فعل مادي فعلي اتاه المجني عليه ، الامر الذي يجعل من هذا السبب غير وارد .

اما بخصوص السبب الثالث وحاصلة تخطئة المحكمة في تطبيقها لأحكام المادة 64 من قانون العقوبات وهي في معرض تفسيرها للقصد الاحتمالي .

-فمن المقرر ان النية امر داخلي يبطنه الجاني ويضمره في نفسه ولا يستطاع معرفته الا بمظاهر خارجية تدل عليه كوسيلة التنفيذ وموضع الإصابة ، وبالتالي فإن استعمال الطاعن لمسدس وهو أداة قاتلة ، واصابة المغدور في مكان خطر من جسمه ( في الرأس ) ، بالإضافة الى البينة الفنية التقرير الطبي القضائي المنظم من اخصائي الطب الشرعي الدكتور صابر العالول اثبتت ان اطلاق النار كان من الأعلى الى الأسفل ومن اليمين الى اليسار وهذا ما تأيد ايضاً ببينة الاثبات والتي تم استعراضها سابقاً وهذا ما يدحض زعم الطاعن ان اطلاق النار كان بالهواء ، الامر الذي يجعل من تلك المظاهر التي تم استعراضها تؤدي الى ان الطاعن أراد الفعل واراد النتيجة مما يجعل من ادانته بتهمة القتل القصد خلافاً للمادة 326 من قانون العقوبات متفق والقانون مما يجعل هذا السبب غير وارد .

اما بخصوص السبب الرابع :-

أ- المتمثل بالنعي بخطأ المحكمة بعدم تطبيق احكام المادة 258 من قانون الإجراءات الجزائية وبالعودة الى جلسة 8/6/2020 وهي الجلسة التي ختمت بها النيابة العامة بينتها نجد ان الطاعن ووكيله المحامي فارس شرعب كانا حاضرين هذه الجلسة دون اعتراض منهما على هذا الاجراء ، الامر الذي يجعل من هذا السبب غير وارد عملاً بالمادة 478 من قانون الإجراءات الجزائية .

اما بخصوص السبب الرابع  ب والذي ينعى فيه على الحكم المطعون فيه انه ضد وزن البينة ، وجاء مبنياً على الفساد في الاستدلال ، فإننا نجد ان مان توصل اليه الحكم المطعون فيه والقاضي بتأييد الحكم المستأنف والقاضي بإدانة الطاعن جاء متفقاً وصحيح القانون ومتفقاً والمادة 276 من قانون الإجراءات الجزائية 3/2001 الامر الذي يجعل من هذا السبب غير وارد .

-اما بخصوص السبب الخامس وحاصله خطأ المحكمة في عدم معالجتها لطلب الجهة الطاعنة الاخذ بالأسباب التخفيفية سنداً لأحكام المادة 99/3 من قانون العقوبات .

-وفي ذلك نجد ان المادة 100/3 من قانون العقوبات اوجبت ان يكون الحكم المانح للأسباب المخففة التقديرية معللاً تعليلاً وافياً سواء في الجنايات او الجنح .

-وان تطبيق هذا النص يجعل من الحكم من هذه الناحية خاضعاً لرقابة محكمتنا تتولاه بما لها من صلاحية بمقتضى البند الخامس من المادة 351 من قانون الإجراءات الجزائية التي تخولها نقض الحكم ان خالفت القانون ومعلوم ان خلو الحكم من التعليل الوافي يجعله مستوجباً النقض ، أما اذا لم تأخذ المحكمة بالأسباب المخففة التقديرية فلا يتطلب منها القانون ان تعلل حكمها بهذا الخصوص ولا تتدخل محكمتنا في ذلك ، الامر الذي يجعل من هذا السبب غير وارد .

-لهذا كله تقرر المحكمة رد الطعن موضوعاً وإعادة الدعوى لمصدرها .

   حكماً صدر تدقيقاً باسم الشعب العربي الفلسطيني بتاريخ 29/9/2024

الكاتــــــــــب                                                                                              الرئيـــــــس

     ع.ق