السنة
2015
الرقم
652
تاريخ الفصل
16 ديسمبر، 2019
المحكمة
محكمة النقض
نوع التقاضي
طعون حقوقية
التصنيفات

النص

دولـــــة فــــلســــــطين

السلطــــة القضائيـــة

محكمــة النقض

" الحكــــــــــم "

الصادر عن محكمة النقض المنعقدة في رام الله المأذونة بإجراء المحاكمة وإصداره

 باسم الشعب العربي الفلسطيني

الهـيئـــــــــة الحـاكـمــــــــة بـرئاســـــــة القاضـــــــي السـيـــــــــدة إيمان ناصر الدين

وعضويــة القضــاة الســـادة: حلمي الكخن، محمد الحاج ياسين، رشا حماد، مأمون كلش(منتدب)

 

الطــــــــاعنة: مدلين فرح عبد الله خورية/الطيبة

               وكيلها المحامي شكري العابودي        

المطعون عليهما:

  1. بطريركية الروم الارثوذكس
  2. لجنة مدارس بطريركية الروم الارثوذكس

               وكيلهما المحامي هادي مشعل/رام الله        

الإجـــــــــــــراءات

تقدمت الطاعنة بهذا الطعن بتاريخ 18/5/2015 لنقض الحكم الصادر عن محكمة استئناف رام الله بتاريخ 7/4/2015 في الاستئناف المدني رقم 530/2013 القاضي "برد الاستئناف موضوعاً وتأييد الحكم المستأنف وتضمين المستأنفة الرسوم والمصاريف ومائة دينار اتعاب المحاماة.

تتلخص أسباب الطعن بما يلي:

  1. الحكم المطعون فيه مخالف للاصول والقانون تأويلاً وتفسيراً حيث ان بلوغ سن الستين من العمر ليس مبرراً لانهاء عقد العمل طالما ان الطاعنة قادرة على العمل والعطاء ولا يندرج ضمن المادة 40 من قانون العمل.
  2. الحكم المطعون فيه مخالف للقانون، حيث ان عمل الطاعنة لدى المطعون عليها غير محدد المدة، وان عقد العمل الموحد المبرم بين الطاعنة والمطعون عليها جاء خالياً من انهاء عقد العمل عند بلوغ الطاعنة سن الستين واحكامه هي التي تنطبق على علاقة العمل وان المبرز ع/1 هو عقد لاحق حيث تم تجديد العقد لاكثر من مرة بموجب اكثر من عقد واصبح عملها غيرمحدد المدة، وبالتالي فإن عقد العمل الاساسي هو الذي يحكم العلاقة بينهما، وليس عقد العمل المبرز بتاريخ 14/9/2003.
  3. الحكم المطعون فيه مخالف للمادة 25 من قانون العمل.

والتمست الطاعنة بالنتيجة قبول الطعن ونقض الحكم المطعون فيه، والحكم للطاعنة ببدل الفصل التعسفي مع الرسوم والمصاريف واتعاب المحاماة.

من جهتها تقدمت الجهة المطعون عليها بلائحة جوابية التمس بنتيجتها رد الطعن شكلاً وموضوعاً مع الرسوم والمصاريف واتعاب المحاماة.

المحكمــــــــــــــــة

بالتدقيق والمداولة ولورود الطعن في الميعاد تقرر قبوله شكلاً.

وفي الموضوع فإن ما تجاهر به الاوراق من وقائع واجراءات تشير الى ان المدعية (الطاعنة) كانت قد اقامت في مواجهة المدعى عليها -المطعون عليها- الدعوى المدنية رقم 952/2012 موضوعها المطالبة بحقوق عمالية بمبلغ (339000) شيكل سنداً للوقائع  والاسباب الواردة في لائحة تلك الدعوى المقدمة لدى محكمة بداية رام الله التي اثناء المحاكمة الجارية امامها تم الاتفاق بين طرفي الدعوى على بعض حقوق المدعية المذكور في مذكرة نقاط الاتفاق، ولكنهما اختلفا ان يكون فصل المدعية من العمل تعسفياً وبالتالي عدم استحقاق المدعية لبدل اشعار، وفي جلسة 30/5/2013 صرح وكيل المدعية انه استلم من وكيل المدعى عليها شيك بمبلغ (120) الف شيكل مسحوب على بنك الرفاه استحقاق 7/7/2013 وهي قيمة المبالغ المقر بها بموجب اللائحة الجوابية وتم الاتفاق على ان يتم النظر بخصوص استحقاق المدعية بدل الفصل التعسفي، وبعد ان ترافع الطرفان اصدرت المحكمة بتاريخ 20/6/2013 حكمها الفاصل في موضوع الفصل التعسفي وقررت رد الدعوى عن المدعى عليهما بخصوص هذا البدل وبدل الاشعار مع الرسوم والمصاريف ومائة دينار اتعاب محاماة.

لم ترتضِ المدعية بالحكم فطعنت فيه بالاستئناف المدني رقم 530/2013 لدى محكمة استئناف رام الله التي بنتيجة المحاكمة اصدرت بجلسة 16/1/2014 حكمها النهائي القاضي بالاغلبية قبول الاستئناف موضوعاً، والغاء الحكم المستأنف بخصوص واقعة الفصل التعسفي والحكم للمدعية -الطاعنة- بمبلغ (72000) شيكل بدل فصل تعسفي دون الحكم على اي طرف بالرسوم والمصاريف واتعاب المحاماة عن مرحلة الاستئناف.

لم يرتضِ المدعى عليهما -المطعون عليهما- بالحكم فطعنا فيه بالنقض المدني رقم 178/2014 الذي بنتيجته قررت محكمة النقض قبول الطعن موضوعاً ونقض الحكم المطعون فيه واعادة الاوراق الى محكمة الاستئناف التي قررت بجلسة 17/3/2015 السيد على هدي حكم محكمة النقض حيث اصدرت حكمها المطعون فيه بالنقض الماثل للاسباب المشار اليها آنفاً.

وعن اسباب الطعن مجتمعة وحاصله مخالفة الحكم المطعون فيه للاصول والقانون وتأويلاً وتفسيراً وضد وزن البينة بخصوص المطالبة ببدل الفصل التعسفي.

وفي ذلك نجد وبعطف النظر على البند الاول من لائحة الدعوى فقد جاء فيه (عملت المدعية لدى المدعى عليهما بوظيفة مدرسة في مدرسة بطريركية الروم الارثوذكس في الطيبة وذلك من عام 1976 لغاية 5/6/2012 وكان آخر راتب يدفع لها هو (3000) شيكل) وجاء في البند الثاني (قامت المدعى عليهما بتاريخ 5/6/2012 بفصل المدعية عن العمل بموجب كتاب رسمي ولم تقم بدفع مستحقاتها العمالية الامر الذي يعتبر مخالفاً للقانون).

وبالوقوف على وقائع واجراءات المحاكمة نجد ان وكيل الطاعنة (المدعية) قد أقر باستلام حقوق المدعية التي تم الاتفاق عليها بموجب مذكرة نقاط الاتفاق والاختلاف والبالغة (120) الف شيكل الا ان طرفي الدعوى قد اختلفا على استحقاق المدعية لبدل الفصل التعسفي (وهو ما سبق الاشارة اليه).

وبعطف النظر على مدونات حكم محكمة الدرجة الاولى فقد قضى برد الحكم بهذه المطالبة استناداً لما ثبت لها من خلال البينات المقدمة ان عقد العمل والنظام الداخلي يحدد نطاق الالتزامات المدنية بين رب العمل والعامل بما يتفق واحكام  القانون، وطالما ان المدعية وعند توقيعها للعقد كانت تعلم بأن العقد ينتهي ببلوغ سن الستين، وبموافقتها على هذا الشرط، الامر الذي يغدو ان ارادتها كانت على علم بالنتيجة التي ستؤول اليها عند بلوغها سن الستين وبالتالي يعد هذا الشرط الغير مخالف للقانون ولا للنظام العام ولا الاداب العامة صحيحاً ومقبولاً لغايات انهاء خدمة العاملة، وبعد الانهاء بموافقة طرفي العقد وفق نص المادة 35/أ من ذات القانون وعليه فإن المدعية لا تستحق بدل فصل تعسفي ولا بدل اشعار.

اما مدونات الحكم الصادر عن محكمة الاستئناف بتاريخ 16/1/2014 بالاغلبية فقد وجدت ان انهاء عقد المدعية بسبب بلوغها سن الستين تعديلاً لشروط العقد الاصلي ومخالفاً لحكم المادة 6 من قانون العمل وانهاء غير مبرر للعمل، - اما قرار المخالفة-  والذي نجد ضرورة الاشارة اليه - فقد عالج نقطتين الاولى: الدفع المثار من المدعية -المستأنفة- امام محكمة الاستئناف المتمثلة بواقعة عدم بلوغ المستأنفة -الطاعنة- سن الستين بتاريخ انهاء عملها، وخلص من معالجته لهذا الدفع الى رده كون هذا الدفع لم يكن محل ادعاء لدى محكمة الدرجة الاولى سواء كان من خلال لائحة الدعوى او من خلال التمسك به امامها او حتى التمسك به في لائحة الاستئناف، والثانية: تتمثل ببحث واقعة المطالبة ببدل الفصل التعسفي حيث خلص الى رد هذه المطالبة.

ونجد ان محكمة النقض في حكمها الصادر في هذه الدعوى تحت رقم 178/2015 عالجت النقطة الاولى التي عالجها القاضي المخالف المتمثلة باثارة دفوع جديدة لاول مرة امام محكمة الاستئناف - وخلصت الى نقض الحكم المطعون فيه الصادر بالاغلبية رغم ان حكم الاغلبية لم يبنى مطلقاً على هذا الدفع طبقاً لما اشرنا اليه آنفاً.

وبالعودة الى اسباب الطعن نجد انها اسباب قانونية تمتزح بواقع، مما يقتضي معالجة هذه الاسباب على نحو يتصل بموضوع الدعوى بالقدر الذي يقتضيه معالجة اسباب الطعن من حيث القانون.

وفي ذلك نجد وبعطف النظر على البينات المقدمة ان المدعية -الطاعنة- بدأت العمل لدى المدعى عليهما -المطعون عليهما- من تاريخ العام الدراسي 76-1977 حتى نهاية العام الدراسي 2011-2012 وفق ما هو ثابت من الكتاب الصادر عن المدعى عليها بتاريخ 7/6/2012، وانه تم انهاء خدمات المدعية بالارادة المنفردة للمدعى عليهما وذلك ثابت من كتاب انهاء الخدمة الصادر عن المدعى عليهما بتاريخ 5/6/2012، وثابت ايضاً ان راتب المدعية الشهري هو 3000 شيكل طبقاً للكتاب الصادر عن المدعى عليهما بتاريخ 17/5/2010 وهو ما أقر به وكيل المدعى عليهما في مذكرة نقاط الاتفاق والاختلاف.

وبعطف النظر على عقد العمل الموحد الموقع من طرفي الدعوى المبرز س/1 نجد ان تاريخ بدء التعيين الاول للمدعية كان بتاريخ 1/9/1976 دون تحديد مدة لنهاية ذلك العقد، وتضمن هذا المبرز ما يفيد تجديد العقد بتاريخ 14/9/1995 وحتى تاريخ 13/9/1996، كما نجد من اوراق الدعوى انها قد ابرمت بعد ذلك عدة عقود مع المدعية، العقد الاول بتاريخ 14/9/2003 وقد تضمن البند السابع عشر من هذا العقد نصاً يقضي (انتهاء خدمة عمل الفريق الثاني في المدرسة عند وصوله الى سن الخامسة والستون للمعلم وسن الستون للمعلمة، والعقد الثاني بتاريخ 1/9/2004 وينتهي بتاريخ 31/8/2005 وتضمن في البند الثامن عشر نصاَ مشابهاً لانهاء خدمة عمل الفريق الثاني في المدرسة والعقد الثالث بتاريخ 1/9/2005 وينتهي في 30/8/2006 وتضمن ايضاً في البند الثامن عشر نصاً مشابهاً لانهاء خدمة الفريق الثاني وعقداً رابعاً بتاريخ 30/5/2009 تضمن نصاً مشابهاً لانهاء خدمات الفريق الثاني وعقداً  خامساً بتاريخ 1/9/2010 وينتهي في 31/8/2011 تضمن في البند الثامن عشر نصاً مشابهاً بانهاء خدمات الفريق الثاني بالمدرسة عند و صوله سن الخامسة والستين للمعلم وسن الستين للمعلمة.

والسؤال الذي يجب الاجابة عليه هو مدى الاثر القانوني المترتب على البند الثامن عشر الوارد في العقود اللاحقة على عقد العمل الاول من حيث انهاء خدمات المدعية ببلوغها سن الستين، وبمعنى آخر هل الشرط الوارد في عقد العمل الذي ينهي خدمات العامل ببلوغه سن الستين شرطاً جائزاً قانوناً ويرتب آثاره لجهة انهاء خدمات العامل دون ان يعتبر ذلك غير مبرر.

وفي ذلك نجد ان المادة 25 من قانون العمل قد نصت على ما يلي: "لا يجوز ان تزيد المدة القصوى لعقد العمل محدد المدة لدى نفس صاحب العمل بما في ذلك حالات التجديد عن سنتين متتاليتين".

وتنص المادة 6 منه على ما يلي:

"تمثل الاحكام الواردة في هذا القانون الحد الادنى لحقوق العمال التي لا يجوز التنازل عنها وحيثما وجد تنظيم خاص.... الخ".

فيما نصت المادة 35 منه على ما يلي:

"ينتهي عقد العمل الفردي في اي من الحالات الآتية 1- باتفاق الطرفين... الخ".

والذي تجده ازاء هذه النصوص ان عقد العمل -اي عقد- يجب ان يكون منسجماً مع اراداة المشرع والغاية التي قصدها من هذه النصوص فالقاعدة العامة ان عقد العمل اما ان يكون غير محدد المدة- اي انه لا يتضمن سقفاً زمنياً لنهاية العقد وفي هذه الحالة تنطبق عليه احكام المادة 35 سالفة الاشارة لجهة انهائه، واما ان يكون العقد محدد المدة- اي انه يتضمن سقفاً زمنياً لانهائه، وفي هذه الحالة ايضاً ينطبق عليه احكام المادة 35 من قانون العمل لجهة انهائه، غير ان عقد العمل محدد المدة متى تضمن سقفاً زمنياً لانهائه يزيد عن مدة سنتين متتاليتين في العمل ينقلب الى عقد عمل غير محدد المدة ويغدو السقف الزمني الوارد في العقد غير لازم طالما تجاوز المدة المحددة بصريح المادة 25 سالفة الاشارة وهي مدة السنتين.

ولما كان الثابت من عقود العمل اللاحقة لعقد العمل الاول غير محدد المدة التي تضمنت ايضاً نصاً في البند الثامن عشر منها بانهاء خدمة العامل عند بلوغه سن الخامسة والستين للمعلم وسن الستين للمعلمة هو من قبيل السقف الزمني لانهاء العقد التي تزيد مدته عن سنتين متتاليتين، فإن السقف الزمني هذا يغدو غير قائم انسجاماً مع احكام المادة 25 سالفة الاشارة.

ولما كان الثابت من الاوراق ان المدعى عليهما قد انها خدمة المدعية في العمل لمجرد بلوغها سن الستين دون تقديم بينة على انها لم تعد قادرة على اداء عملها.

ولما كان قضاء هذه المحكمة قد جرى على اعتبار فصل العامل من عمله لمجرد بلوغه سن الستين فصلاً تعسفياً يوجب التعويض.

ولما كانت خدمة المدعية لدى المدعى عليها تتجاوز الاثني عشر سنة حيث بلغت مدة خدمتها 35 سنة فهي تستحق تعويضاً من الفصل التعسفي بحده الاقصى البالغ 24 شهراً.

ولما كان راتب المدعية الشهري طبقاً لما سبق بيانه (3000) شيكل فهي تستحق تعويضاً عن الفصل التعسفي مقداره 3000 شيكل × 24 شهراً = 72 الف شيكل.

وحيث ان الطعن بالنقض هو للمرة الثانية كما وان موضوعها صالحاً للفصل فيه وحيث ان اسباب الطعن ترد على الحكم الطعين.

لهذه الأسباب

تقرر المحكمة قبول الطعن موضوعاً ونقض الحكم المطعون فيه والحكم للمدعية -الطاعنة- بمبلغ (72000) شيكل بدل فصل تعسفي وتضمين المدعى عليها -المطعون عليها- الرسوم والمصاريف ومائتي دينار اتعاب محاماة عن مرحلة التقاضي بالنقض.

حكما ًصدر تدقيقاً باسم الشعب العربي الفلسطيني بتاريخ 16/12/2019