السنة
2020
الرقم
1238
تاريخ الفصل
13 فبراير، 2024
المحكمة
محكمة النقض
نوع التقاضي
طعون حقوقية
التصنيفات

النص

دولـــــة فــــلســــــطين

السلطــــة القضائيـــة

المحكمة العليا / محكمــة النقض

"الحكـــــــم"

الصادر عن المحكمة العليا / محكمة النقض المنعقدة في رام الله المأذونة بإجراء المحاكمة وإصداره

 بإسم الشعب العربي الفلسطيني

الهـيئـــــــــة الحـاكـمــــــــة بـرئاســـــــة القاضــــي السـيــــــد عدنان الشعيبي

وعضوية القضاة السادة: بسام حجاوي، محمد مسلم، محمد احشيش، وثائر العمري

الطعن الأول رقم(1216/2020)

الطــــاعـــــنة : شركة التأمين الوطنية.

             وكيلها المحامي محمد أبو زياد.

الطاعن المنضم : عدنان سليمان حسين الوحش/الخضر.

المطعون ضده: محمود موسى عبد الله خليفة بالأصالة عن نفسه وبولايته عن إبنه القاصر إبراهيم محمود موسى خليفة/بيت لحم.

          وكيلاه المحاميان محمود الملاح و/أو يزن الملاح مجتمعين أو منفردين/بيت لحم.

الطعن الثاني رقم(1238/2020)

الطاعن: محمود موسى عبد الله خليفة بالأصالة عن نفسه وبولايته عن ابنه القاصر ابراهيم محمود موسى خليفة.

   وكيلاه المحاميان محمود الملاح و/أو يزن الملاح مجتمعين  أو منفردين/بيت لحم.

المطعون ضدها: 1. شركة التأمين الوطنية المساهمة العامة المحدودة/رام الله.

                        وكيلها المحامي محمد أبو زياد/بيت لحم.                                                           

                 2. عدنان سليمان حسين الوحش/الخضر.

 

الإجــــــــــــــراءات

هذان طعنان الأول مقدم بتاريخ 24/12/2020، والثاني مقدم بتاريخ 28/12/2020 لنقض الحكم الصادر عن محكمة استئناف القدس بتاريخ 23/11/2020 في الاستئنافين المدنيين رقم(289 و 299/2013) القاضي بتعديل الحكم المستأنف ليصبح الحكم للمدعي على المدعى عليهما بالتضامن والتكافل بدفع مبلغ(448607) أربعمائة وثمانية وأربعين ألف وستماية وسبعة شيكل ونصف وعشرة آلاف دينار أردني، منها للمدعي محمود بصفته الشخصية ثلاثين ألف شيكل والباقي للقاصر ابراهيم محمود خليفة، على أن تودع باسم القاصر في أحد البنوك العاملة في فلسطين، بالإضافة إلى الرسوم والمصاريف بنسبة المبلغ المحكوم به وثلاثماية دينار أتعاب محاماة عن درجتي التقاضي.

يستنتد الطعن الأول في أسبابه لمايلي:

  1. أخطأت محكمة الاستئناف بالحكم للمطعون ضده ببدل مرافق وبدل مصاريف دراسية وبدل تنقل، استناداً إلى تقرير الخبير الذي كان عليها استبعاده لعدم التزامه بنصوص القانون، وخاصة المادة(73/3) من قانون البينات كونه لم يخاطب الشركة، ما يتوجب استبعاد التقرير، وكذلك تم اعتماد الخبير بناء على تقرير اللجنة الطبية المحلية، التي لم يرد بها أن المصاب بحاجة إلى مساعدة الغير، كما أن الخبيرين لا علاقة لهما بالأمور الطبية، وقد اعتمد تقرير الخبير، على معلومات أخذها من جهة واحدة بما يكون عمله لا يتفق والحيادية.
  2. أخطات محكمة الاستئناف بالاعتماد على تقرير اللجنة الطبية العليا بخصوص نسبة العجز، والتي منحت المصاب 50% علماً أن المادة المستند إليها تتحدث عن الشلل النصفي، ، الأمر الذي يتوجب معه استبعاد التقرير.
  3. أخطأت محكمة الاستئناف بالحكم للمدعي بصفته الشخصية بمبلغ(30000) شيكل بدل تعطله عن العمل، بالرغم عدم اثباته ذلك، كونه مقاول ولم يخسر من عمله وطلبت قبول الطعن شكلاً وموضوعاً ونقض الحكم الطعين أو تعديله.

أما الطعن الثاني فيستند في أسبابه لمايلي:

  1. الطاعن حُرم من تقديم بينات استجدت أثناء نظر الاستئناف رغم أهميتها، وكان على المحكمة ابراز تلك البينات ومخاطبة اللجنة الطبية العليا.
  2. أخطأت محكمة الاستئناف في اعتمادها تقرير اللجنة الطبية العليا، الذي جاء خالياً من نسبة العجز نتيجة انخفاض القدرات العقلية للطفل مقابل العجز الكلي والعجز من الجهة اليمنى من الجسم، وكان على المحكمة اعتماد التقرير الطبي الصادر عن اللجنة الطبية المحلية.
  3. أخطأت محكمة الاستئناف في اعتماد متوسط الدخل على أساس مبلغ(2500) شيكل، علماً أن متوسط الدخل اليومي(92.2) أي متوسط الدخل كان بتاريخ الحادث(2766) شيكل.
  4. أخطأت محكمة الاستئناف بعدم الحكم للمصاب ببدل تعطل عن حياته الطبيعية، إذ أن القانون أوجب لأي شخص يتعطل سواء كان عاملاً أم لا، ببدل هذا التعطل رغم أن المصاب قاصر.
  5. أخطأت محكمة الاستئناف في احتساب بدل أجرة مرافق للمصاب لما أصابه من اعتلال وخلل عقلي، يوجب له الحكم من تاريخ الحكم، وكان على المحكمة أن تحكم له من تاريخ الإصابة أي عندما كان عمر المصاب خمس سنوات وشهر.
  6. أخطأت محكمة الاستئناف في احتساب بدل أجرة مرافق للطفل ابن المصاب بواقع(1250) شيكل، وكان عليها أن تحكم له بمبلغ(2500) شيكل لا أن تقسم المبلغ بالنسبة إلى نسبة العجز المقدرة له.
  7. أخطأت محكمة الاستئناف برسملة مصاريف أجر المرافق للطفل حتى بلوغه سن الستين رغم عدم نص القانون على ذلك، وكان عليها أن تربط المبلغ بجدول غلاء المعيشة.
  8. أخطأت محكمة الاستئناف في احتساب بدل فقدان الدخل المستقبلي للطفل على اعتبار متوسط الدخل(2500) شيكل بناء على افتراض غير صحيح لم يرد في لائحة الدعوى، وحيث أنه ثبت أن متوسط الدخل اليومي(92.2) شيكل كان على المحكمة ان تعتمد أجر شهري(2766) شيكل شهرياً.
  9. أخطأت محكمة الاستئناف بعدم معالجة السبب العاشر من لائحة الاستئناف رقم(289/2016)، والتي طالب فيها المستأنف بربط المبلغ المحكوم به بجدول غلاء المعيشة والفائدة القانونية من تاريخ وقوع الحادث وحتى السداد التام.
  10. أخطأت محكمة الاستئناف في احتساب مبلغ التعويض المعنوي للمصاب بمبلغ عشرة آلاف دينار، وذلك لأن قيمة الدينار وقت إقامة الدعوى أكثر من قيمته عند الحكم.
  11. أخطأت محكمة الاستئناف باحتساب مقدار فقدان الدخل المستقبلي، وذلك باحتساب المدة التي تسري عليها الرسملة، وأخطأت بمخالفة القواعد التي استقرت عليها المحكمة، بأن المبلغ المحكوم به من تاريخ وقوع الحادث وحتى صدور الحكم لا يخضع للرسملة.
  12. أخطأت محكمة الاستئناف بعدم الحكم بأتعاب محاماة وفق النسبة المتفق عليها بموجب عقد الوكالة الخاصة والبالغة(15%).

وطلب قبول الطعن شكلاً وموضوعاً ونقض الحكم المطعون فيه، والحكم على المطعون ضدهما بالمبلغ المدعى به، وربطه بالفائدة وغلاء المعيشة من تاريخ الحادث وحتى السداد التام، وتضمين المطعون ضدهما الرسوم والمصاريف وأتعاب المحاماة، وفق عقد الوكالة الخاصة الممنوحة لوكيل الطاعن.

المحكمـــــــة

بالتدقيق والمداولة، نجد أن الطعنين مقدمان ضمن المدة القانونية لذلك تقرر قبولهما شكلاً.

وفي الموضوع، وعن أسباب الطعنين، ولما كانت وقائع الدعوى وفق ما جاهرت بها أوراقها تفيد، أن الطاعن في الطعن الثاني كان تقدم بالدعوى الأساس ضد المطعون ضدهما، لمطالبتهما بالتضامن والتكافل عن التعويضات المستحقة لإبنه القاصر بنتيجة تعرضه لحادث سير، وبانتهاء إجراءات المحاكمة أمام محكمة أول درجة، قضت للمدعي بالمبلغ الوارد بحكمها الذي لم يرتض به المدعي وكذلك المدعى عليها(شركة التأمين الوطنية) فبادرا للطعن فيه بموجب الاستئنافين المدنيين رقم(289 و 299/2016)، التي بدورها قبلت الاستئناف المقدم من المدعي، وعدلت الحكم المستأنف أمامها وفقاً لما جاء بالحكم المطعون فيه، ولما لم يرق قضاؤها لطرفي الخصومة، بادرا بتقديم الطعنين الماثلين، للأسباب الواردة بهما والمذكورة استهلالاً.

وبالعودة إلى أسباب الطعن الأول، وبخصوص الأول منه، وحاصل القول فيه أن محكمة الاستئناف أخطأت باعتماد تقرير الخبير كأساس للحكم للمطعون ضده ببدل مساعدة الغير، ومصاريف دراسته وبدل تنقل، لمخالفة الخبيرين أحكام المادة(173) من قانون البينات رقم(4) لسنة 2001.

ولما كانت الوقائع الثابتة في الدعوى تفيد أن الخبيرين المعينين من قبل المحكمة مصدرة الحكم الطعين فيما اوكل لهما من خبرة، لم يدعوان الجهة الطاعنة للجلسة الأولى المعينة لأعمال الخبرة.

ولما كان من الثابت أيضاً من الأوراق، أن الجهة الطاعنة اعترضت على اعمال الخبيرين صراحة بموجب مذكرة الإعتراض الموجهة من قبلها للمحكمة الاستئنافية، على الصفحة(14) من أوراق الضبط، وبإنزال حكم القانون على تلك الوقائع وعلى خبرة الخبيرين، نبدي أن الفقرة الأولى من المادة(173) من قانون البينات سالف الإشارة، نصت على وجوب أن يحدد الخبير تاريخاً لبدء عمله، لا يتجاوز خمسة عشر يوماً من تاريخ اطلاعه على ملف الدعوى، وعليه أن يدعو الخصوم بموجب كتب مسجلة ترسل قبل ذلك التاريخ بسبعة أيام على الأقل، يخبرهم فيها بمكان أول اجتماع ويومه وساعته، ولما رتب المشرع على عدم اتخاذ الإجراء بدعوة الخصوم بطلان عمل الخبير، وفق صريح حكم الفقرة الثالثة من ذات المادة، وذلك لأن دعوة الخصوم لأول اجتماع غايته صون حق دفاعهم وإبداء ما يحق لهم من الملاحظات والمطالبات في سبيل صيانة مصالحهم، ولما كان هذا النوع من البطلان مقرراً لصاحب المصلحة فيه، الذي تمسك به لحظة ورود تقرير الخبير، وقبل أن يناقش موضوعه، وحيث أن هذا الإجراء يخضع لرقابة محكمة النقض، كونه يتصل بتطبيق نص قانوني آمر وصريح، ولما ذهلت المحكمة الاستئنافية عن دفع الطاعنة المتصل ببطلان تقرير الخبير، لمخالفته لإجراء لازم اتخاذه لغايات صحته، وبنت حكمها في جزئية مساعدة الغير وبدل مصاريف الدراسة والتنقل على تقرير خبرة نظم مفتقراً إلى إجراء لازم لصحته، ما وسمه بالبطلان، فإن ما بني عليه يغدو باطلاً أيضاً، ولما كان الأمر كذلك فإن سبب الطعن هذا يرد على الحكم الطعين من هذه الجهة، ويتعين قبوله.

وبخصوص السبب الثاني من أسباب الطعن الأول، وقول الطاعنة فيه أن المحكمة الاستئنافية أخطأت بالأخذ بتقرير اللجنة الطبية العليا بما يتصل بنسبة العجز المقررة به، مبدية أن نسبة العجز استندت إلى مادة لا تنطبق على حالة المصاب، الأمر الذي كان على المحكمة استبعاد التقرير، وفي هذا نبدي أن التقارير الطبية تصدر عن لجان مشكلة بموجب تعليمات صدرت عن جهة الإدارة بتشكيلها، ومنحتها صلاحية إصدار التقارير وبيان نسب العجز، الأمر الذي يعتبر التقرير الصادر عنها سنداً رسمياً، بيّن مصدر تلك التعليمات أحوال الطعن بها وطرقها، وحيث أن المحكمة ليست جهة رقابية على سير اعمال اللجان الطبية وما يرد في التقارير الصادرة عنها، طالما لم يطعن فيها ولم يثبت ما يناقضها بموجب خبرة فيه مساوية لها أو أعلى منها، ولما كان الأمر كذلك فإن سبب الطعن ليس من شأنه جرح الحكم الطعين مما يتعين رده.

وبخصوص السبب الثالث من أسباب الطعن، وأخذ الطاعنة فيه على المحكمة، بالحكم لولي امر المصاب(المدعي بصفته الشخصية) بمبلغ ثلاثين ألف شيكل بدل تعطله عن العمل، ولما كان محل سبب الطعن يتصل بأمر موضوعي ولا يتعلق بخطأ قانوني موجه إلى الحكم الطعين، ولما كان استخلاص النتائج الموضوعية يعود لمحكمة الموضوع وتخضع لسلطانها وحدها، دون رقابة عليها من محكمة النقض، طالما كان قضاؤها مستند إلى بينة لها أصل بين الأوراق، ولما استندت المحكمة مصدرة الحكم الطعين إلى بينة وردت في أوراق الدعوى، فإن هذه المحكمة تنأى بنفسها عن التصدي لمسألة موضوعية بإعادة وزن البينة المقدمة، التي تخرج عن تخوم صلاحياتها وسلطتها، مما يتعين معه رد سبب الطعن.

وفيما يتعلق بالطعن الثاني:

وبخصوص السبب الأول منه، وحاصل ما جاء فيه أن محكمة الاستئناف حرمت الطاعن تقديم بينة أمامها، بالرغم أنها استجدت بعد تقديم لائحة الاستئناف.

وباطلاعنا على سائر أوراق الدعوى، نجد بأن البينة التي أبدى الطاعن رغبته بتقديمها، الهدف منها إثبات وقائع جديدة طرأت على حالة المصاب، ما من شأنه تعديل طلباته، ولما كان المشرع قد أتاج لأطراف الخصومة تعديل اللوائح المقدمة منهم، إذا ظهرت وقائع جديدة تتعلق بالدعوى وفقاً لصريح المادة(67) من قانون أصول المحاكمات المدنية والتجارية أمام محكمة أول درجة، وحيث أن أثر الطعن بالحكم بطريق الاستئناف نقل الدعوى بحالتها التي كانت عليها قبل صدور الحكم المستأنف، ما يوصد الباب أمام طرفي الخصومة من إبداء طلبات جديدة أمامها، ولما كان التقرير بعدم قبول طلب جديد، أمراً يتصل بالنظام العام، وعلى المحكمة أن تحكم بعدم قبوله من تلقاء نفسها، سنداً لأحكام الفقرة الأولى من المادة(221) من قانون الأصول سالف الذكر، طالما لم تكن تلك الطلبات كتلك الواردة بحكم الفقرة الثابتة من ذات المادة سالفة الإشارة، وعليه فإن عدم السماح للمستأنفة(الطاعنة) بتقديم بينات استجدت لغايات الزيادة في طلباتها الموضوعية الواردة بلائحة الدعوى، يغدو متفقاً وحكم القانون عصياً على سبب الطعن مما يستوجب رده.

وبخصوص السبب الثاني وقول الطاعن فيه، أن تقرير اللجنة الطبية العليا جاء خالياً من نسبة العجز، نتيجة انخفاض القدرات العقلية للطفل.

وفي هذا نرى أن انخفاض القدرات العقلية لا تعتبر عضواً إصابة عجز، وإنما هي نتيجة لعجز في وظيفة هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى فإن التظلم من نقص اعترى تقرير اللجنة الطبية كهذا الذي ينعاه الطاعن، لا يصلح أن يقدم إلى المحكمة، بل يقدم بموجب اجراءات الطعن التي بينت التعليمات والأنظمة حالاتها، والجهات التي تقدم إليها، ولما كان الأمر كذلك فإن سبب الطعن يغدو بلا أساس من الواقع أو القانون مما يتعين رده.

وبخصوص السبب الثالث وأخذ الطاعن فيه على المحكمة اعتماد متوسط الدخل على أساس مبلغ(2500) شيكل، علماً أن كتاب مركز الإحصاء ورد فيه، أن متوسط الدخل للفرد في اليوم وقت الحادث(92.2) شيكل، بما مؤداه أن الدخل الشهري(2766) شيكل.

وباطلاعنا على المتحصل من الأوراق يتبين أن المدعي "الطاعن" كان قد طالب للمصاب ببدل تعطل عن الدراسة لمدة سنتين، وبأجر شهري قدره(2200) شيكل وفق قسيمة المبلغ المطالب به على عدد الأشهر، وحيث أن المصاب كان طالباً، فإن ما يستند إليه بتلك المطالبة، هو متوسط الدخل الشهري العام، هذا من ناحية، ومن ناحية آخرى، فإن ما ورد في كتاب دائرة الإحصاء مبيناً للأجر اليومي دون أن يرد فيه عدد أيام العمل للشخص الذي يعمل يومياً، ولما كان الأجر الوارد في كتاب الإحصاء لا يضرب في ثلاثين يوماً، بل في عدد الأيام التي يعملها، والتي لا تزيد بحال من الأحوال عن(26) يوماً، فإن حساب متوسط الدخل الشهري بمبلغ(2500) شيكل بتاريخ الحادث، يغدو أكثر من واقع الحال، وعليه فإن سبب الطعن جاء خلافاً للواقع مما يتعين معه رده.

وبخصوص السبب الرابع من أسباب الطعن، وحاصل ما جاء فيه أن محكمة الاستئناف أخطأت بعدم الحكم للمصاب ببدل تعطل عن حياته الطبيعية لمدة ستة شهور التي كان يرقد بها في المشفى.

ولما كان المقرر فقهاً وقضاءً أن التعويض عن الضرر الذي يلحق المصاب جراء حادث طرق، يهدف إلى جبر الضرر الذي لحق بالمصاب، ولما كان الضرر وفق ما استقر عليه قضاء هذه المحكمة، ما لحق الشخص من خسارة وما فاته من كسب، ولما كانت الخسارة تتمثل ببدل ما فات المصاب من انعدام أو نقص فيما كان يتحصل عليه من عمله، وما انفقه من مصاريف طبية ولغايات معيشته، وحيث أن المصاب كان قاصراً، ولم يثبت أنه كان يتحصل على دخل عند اصابته، فإن المشرع قدر له تعويضات معنوية عن بدل مكوثه في المشفى وبسبب الحادث، وما أجرى له من عمليات جراحية، وعليه وطالما أن المشرع لم يقرر منح المصاب القاصر تعويضاً عن تعطله نتيجة مكوثه في المشفى أو قعوده بالبيت بسبب الإصابة، فإن عدم الحكم له بذلك من قبل المحكمة الاستئنافية، قد جاء تطبيقاً لأحكام القانون ولا ينطوي على مخالفة له، وعليه فإن سبب الطعن جاء قاصراً عن جرحه مما يتعين رده.

وبخصوص السبب الخامس من أسباب الطعن، وحاصل ما جاء فيه أن محكمةالاستئناف أخطأت فيما يتصل ببدل أجرة مرافق للمصاب من تاريخ الحكم في حين كان يتوجب الحكم له من تاريخ وقوع الحادث.

ولما كان محل سبب الطعن يتصل بأمر موضوعي يخالطه قانون، وحيث أن الحكم للمصاب ببدل أجرة مرافق، لزومه ان يكون قد ثبت من خلال البينات المقدمة في الدعوى، أن المدعي(ولي امر المصاب) قد رافق فعلاً المصاب طيلة الفترة الممتدة من تاريخ إصابته وحتى صدور الحكم، أي أنه تكبد لخسارة مبالغ مستحقة عن هذه الفترة جراء مرافقته للمصاب، ولما كان أمراً كهذا لم يقم عليه الدليل، فإن الحكم بهذه المطالبة يغدو غلى غير واقع يبرره ويخرج عن نطاق مفهوم تعويض الضرر، الذي مقتضاه تعويضه عن الخسارة التي لحقت به، وحيث أن تلك الخسارة غير مفترضة، ولزوم الحكم بها ثبوت تحقق حصولها، وبما أن أوراق الدعوى جاءت خالية من الدليل لإثباتها، فإن الحكم للمدعي من تاريخ الحكم لم يُحمل على مخالفة القانون، ولما كان الأمر كذلك فإن سبب الطعن جاء قاصراً عن جرحه مما يتعين رده.

وبخصوص سببي الطعن السادس والسابع من أسباب الطعن، وحاصلهما القول بأن المحكمة الاستئنافية أخطأت بالحكم بمبلغ(1250) شيكل بدل مرافق على أساس نسبة العجز المتخلفة لدى المصاب، وكذلك رسملة المبلغ المحكوم به، ولما كان سببي الطعن يتصلان بالسبب الأول من أسباب الطعن الأول، وذلك بأن الحكم للمصاب بالمصاريف وبدل أجرة مرافق ولما كانت المحكمة قد أبطلت اعمال الخبيرين فإن ما بني عليهما يغدو باطلاً، وعليه فإن سببي الطعن يغدوان بغير محل مما يتعين عدم قبولهما.

وبخصوص السبب الثامن من أسباب الطعن، وقول الطاعن فيه أن محكمة الاستئناف أخطأت لي احتساب بدل فقدان الدخل المستقبلي للمصاب، على اعتبار أن متوسط الدخل(2500) شيكل وخلافاً لما جاء في كتاب دائرة الإحصاء الفلسطيني، المبين لمتوسط الأجر اليومي للشخص وقت وقوع الحادث، ولما كان محل سبب الطعن هذا هو ذاته محل سبب الطعن الثالث، فإن المحكمة ومنعاً للتكرار تقرر رد هذا السبب لذات الحيثيات التي اوردناها عند معالجة السبب الثالث المذكور.

وبخصوص السبب العاشر من أسباب الطعن وأخذ الطاعن فيه على المحكمة الاستئنافية بعدم ربط المبلغ المحكوم به بجدول غلا المعيشة والفائدة القانونية، من تاريخ وقوع الحادث وحتى السداد التام بحجة عدم وجود نص بذلك.

وفي ذلك نجد أن الطاعن "الجهة المدعية" قد طلب بموجب لائحة دعواه الحكم له بالمبلغ المدعى به مربوطاً بجدول غلاء المعيشة والفائدة القانونية، إلا أننا نجد أن كلا محكمتي الموضوع(الدرجة الأولى والاستئناف) غفلت عن بحث هذا المطلب الموضوعي، بما لا يجوز معه للطاعن استدراك ذلك بالطعن بالحكم في هذا الجانب، بما كان يتوجب معه عليه، تقديم استدعاء ان رغب بذلك لذات المحكمة التي غفلت عن بحث هذا الطلب لبحثه والفصل فيه، بحيث يصبح القرار في هذا الطلب متمماً للحكم الصادر في الدعوى، الأمر الذي يغدو معه هذا السبب الطاعن لا يصلح سبباً للطعن بالنقض، ما يتعين معه عدم قبول هذا السبب.

وبخصوص السبب الحادي عشر والقول بخطأ المحكمة مصدرة الحكم الطعين باحتساب مقدار فقدان الدخل المستقبلي وخطأها في تحديد المدة التي تسري عليها الرسملة.

وبمراجعة سائر الأوراق تبين أن المصاب كان عمره وفق تاريخ الحكم(12.7) اثني عشرة سنة وسبعة أشهر، كونه من مواليد 23/7/2007، ولما كان الحكم للقاصر المصاب يمر في مرحلتين من حيث الرسملة الأولى رسملة المبلغ المستحق من تاريخ بلوغه سن الثامنة عشر وحتى وحتى الستين وفق متوسط الدخل، وقد حكمت المحكمة بذلك وفقاً للمعادلة الصحيحة، أما المرحلة الثانية فإن المبلغ المحكوم به يرسمل وفق الفرق ما بين عمره عند النطق بالحكم وبلوغه سن الثانية عشر، ولما كان الوقت المتبقي لبلوغ المصاب سن الثانية عشر هو خمس سنوات وخمسة أشهر، فإن المبلغ المحكوم به يصبح والحالة هذه وفق القاعدة(ج) من جدول الرسملة المتواتر اعتماده لهذه الغاية(206.14) شيكل، ذلك أن بدل الدفع الفوري يفيد أخذ المدعي حقه قبل موعده الذي كان سيحصل عليه لو لم تلحق به الإصابة، وحيث أن المصاب قاصر فإنه يستحق بدل الدخل المستقبلي من بلوغه سن الثامنة عشر ويحسم من المبلغ بدل الدفع الفوري وكون أنه يستحق المبلغ قبل بلوغه(18) سنة، فيحسم منه بدل الدفع الفوري عن تلك المرحلة، وعليه ولما لم تبين المحكمة مصدرة الحكم الطعين آلية احتساب بدل الدفع الفوري في المرحلة الثانية، وجاء احتسابها خلافاً للقاعدة الحسابية الصحيحة، فإن سبب الطعن يرد على حكمها بما يتصل بهذه الجزئية مما يتعين قبوله.

وبخصوص السبب الثاني عشر وما أخذه وكيل الطاعن فيه على المحكمة عدم الحكم للمدعي بأتعاب محاماة وفق اتفاقية الأتعاب المبرمة بينه وبين المدعي.

وفي هذا نبدي أن اتفاقية الأتعاب، عقد يجري بين الوكيل والموكل يعود لسلطاتهما واراداتهما تعيين مبلغ الأتعاب أو نسبتها في العمل الموكل به للوكيل، ولا يعتبر ما جاء فيها ملزماً للمحكمة للحكم بمقتضاه، وحيث أن قضاء محكمة النقض استقر على أن تقدير قيمة الأتعاب يعود لمحكمة الموضوع، تقدره وفق قيمة الدعوى  والجهد المبذول فيها دون رقابة عليها من محكمة النقض، طالما جاء قضاؤها بذلك وفق ما جرى عليه قضاء المحاكم، فإن سبب الطعن يغدو دون أساس من القانون مما يتعين رده.

 

لـــــــــــــــذلك

ولما تقدم نقرر قبول الطعن الأول موضوعاً، في حدود إبطال أعمال الخبير من جهة الحكم للمدعي ببدل مساعدة الغير وبدل مصاريف التعليم وبدل مواصلات، لتتدارك النقص الذي جرى في اجراءات الخبرة|، وقبول الطعن الثاني موضوعاً، في الجزئية المتصلة بما يستحقه المصاب من بدل فقدان دخل مستقبلي، وإعادة الدعوى إلى المحكمة لإجراء المقتضى القانوني في حدود ما نقض به الحكم الطعين ومن ثم إصدار الحكم المتفق والأصول والقانون.

على أن تعود الرسوم والمصاريف وأتعاب المحاماة على الفريق الخاسر بالنتيجة، وفق مقتضيات المادة(186) من قانون أصول المحاكمات المدنية والتجارية.

وعلى أن تنظر الدعوى من هيئة غير تلك مصدرة الحكم الطعين.   

 

حكماً صدر تدقيقاً باسم الشعب العربي الفلسطيني في 13/2/2024