السنة
2021
الرقم
551
تاريخ الفصل
5 مارس، 2024
المحكمة
محكمة النقض
نوع التقاضي
طعون حقوقية
التصنيفات

النص

دولـــــة فــــلســــــطين

السلطــــة القضائيـــة

المحكمة العليا / محكمــة النقض

"الحكـــــــم"

الصادر عن المحكمة العليا / محكمة النقض المنعقدة في رام الله المأذونة بإجراء المحاكمة وإصداره

 بإسم الشعب العربي الفلسطيني

الهـيئـــــــــة الحـاكـمــــــــة بـرئاســـــــة القاضــــي السيــــــد عدنان الشعيبي

  وعضويـة القضـاة السـادة : بسام حجاوي ، مأمون كلش ، ثائر العمري ، رائد عساف

 

الطـــاعن : طالب عبد طلب غيث/  الخليل

          وكيله المحامي محمد غازي غيث/ الخليل

المطعون ضدهم : 1. عيسى امحمد عيسى حلايقه/  الشيوخ.

                       2. زايد امحمد عيسى حلايقه /  الشيوخ.

                       3. امحمد عيسى حسين حلايقه / الشيوخ.

وكيلهم المحامي محمد شاهين/ بيت لحم

الإجـــــــــــراءات

تقدم الطاعن بهذا الطعن بتاريخ 15/8/2021 ، لنقض الحكم الصادر عن محكمة استئناف الخليل بتاريخ 12/7/2021 ، في الاستئناف 489/2021 ، القاضي بقبول الاستئناف موضوعا والغاء الحكم المستأنف والحكم برد الدعوى الأساس موضوع الاستئناف ذات الرقم 784/ 2014 بداية الخليل ، وإلغاء القرار الصادر في الطلب المستعجل 467/2014 وشل كافة آثاره ، وتضمين المستأنف عليه الرسوم والمصاريف و400 دينار أتعاب محاماة.

لم يتقدم وكيل المطعون ضدهم بلائحة جوابية ، رغم تبلغه نسخة عن لائحة الطعن حسب الأصول.

 

المحكمـــــــــــة

بالتدقيق والمداولة ، ولاستيفاء الطعن شرائطه الشكلية ، تقرر قبوله شكلا.

وفي الموضوع ، فإن  ما تجاهر به الأوراق أن الطاعن تقدم بالدعوى رقم 784/ 2014 لدى محكمة  بداية الخليل ، بطلب منع المطعون ضدهم من معارضته  في استخراج الحجارة من المحجر الذي استأجره من المدعو محمد بدوي مسلم الحلايقة ، في حين  دفع المطعون ضدهم الدعوى بالقول بانهم يملكون ويتصرفون في قطعة الأرض الموصوفة في لائحة الدعوى ، وان عقد الإيجار لهذه الأسباب يكون باطلا.

بعد أن فرغت محكمة بداية الخليل من نظر الدعوى ، أصدرت حكمها القاضي  بمنع المطعون ضدهم من معارضة الطاعن في الانتفاع باستخراج الحجارة وقلعها من الأرض المستأجرة موضوع الدعوى ، وكبدتهم الرسوم والمصاريف و500 دينار أتعاب محاماة.

لم يقبل المطعون ضدهم بحكم محكمة بداية الخليل ، فبادروا لاستئنافه بالاستئناف رقم  489/2021  لدى محكمة استئناف الخليل ، التي بعد أن فرغت من إجراءاتها وسماعها للمرافعات أصدرت حكمها المطعون فيه.

لم يلق قضاء محكمة استئناف الخليل قبولا لدى الطاعن "المدعي" ، فبادر للطعن فيه بالنقض محل البحث .

وبالاطلاع على لائحة الطعن ، نجد أن بنودها الخمسة تتلخص في سبب واحد ، مؤداه النعي على الحكم الطعين بالفساد فى الاستدلال والقصور في التعليل والتسبيب .

وقبل الإجابة على أسباب الطعن ، نجد ان الواقع يتلخص في أن الطاعن أقام الدعوى رقم  784/2014 لدى محكمة بداية الخليل ، يطلب فيها الحكم بمنع المطعون ضدهم من معارضته في استخراج الحجر من قطعة الأرض التي استأجرها من المدعو (محمد بدوي مسلم الحلايقه) بموجب عقد ايجار بتاريخ 20/5/ 2008 ، مدعيا ان المؤجر المذكور يملك هذه القطعة ، بموجب الوكالة الدورية المصدقة لدى كاتب عدل حلحول بتاريخ 27/4/2006  تحت رقم  695/2006 ، أما المطعون ضدهم فدفعوا الدعوى بالقول انهم المالكون الحقيقيون لقطعة الأرض المذكورة ويتصرفون بها منذ ما يزيد عن 20 سنة ، وأنه لهذا السبب فان عقد الايجار باطل وليس له اية قيمه قانونيه.

وبعطف النظر  على ما دونه الحكم الطعين ، نجد ان محكمة الاستئناف انتهت إلى القول أن اتفاقية الإجارة التي أقيمت بالاستناد إليها الدعوى أنها اتفاقية صورية ، على النحو الذي توصلت اليه من خلال  البينات التي استعرضتها ، وخاصة شهادة المؤجر المدعو محمد بدوي مسلم حلايقه ، ومن ثم أخذت محكمة الاستئناف تستعرض شروط الدفع بالصورية ، وانتهت الى القول ان الطاعن ليس له مصلحة مشروعة في إقامة هذه الدعوى.

وبالرجوع الى اسباب الطعن ، نجدها ترد على الحكم الطعين، وعلة ذلك ؛ ان الدفع بالصوريه  وبالتالي التمسك بالعقد المستور ، او التمسك بالعقد الظاهر من جهة اخرى ، لا يشرع للغير كافة كما هو حال التمسك بحجية الحكم القضائي او اثر سند التسجيل ،  في حين ان الصورية لا تسمع الا من  المتعاقدين  في حال ان تمسك احدهما في العقد  المستور الحقيقي  وادعى بان العقد الظاهر عقد صوري ،  اما الغير الذي له ذلك فهم على وجه التحديد كل من كسب حقا عينيا من احد المتعاقدين على الشيء محل التصرف الصوري ؛ كما اذا باع شخص دارا من اخر بيعا صوريا ، فكل من كسب حقا عينيا على هذه الدار يعتبر من الغير ، مثل من يكسب الحق العيني من البائع كالدائن المرتهن ، أويكسب حقا من المشتري كما في حال ان عاد المشتري وباع المبيع بيعا جديا الى شخص ثالث ، اما الحاله الثانيه التي يكون فيها الغير صاحب شان في التمسك بصوريه العقد ، فهم الدائنون الشخصيون لكلا المتعاقدين في العقد الصوري ، فدائن المشتري في البيع الصوري يعتبر من الغير  باعتباره اطمأن الى ان الشيء محل التصرف الصوري انتقل الى المشتري ودخل في ضمانه العام فله عندئذ ان يتمسك بالعقد  الصوري الظاهر ،  وكذلك لدائن البائع في البيع الصوري ان يدعي بصورية العقد ويتمسك بالعقد المستور ، في سبيل منه الى اثبات عدم انتقال ملكية المبيع الى المشتري في العقد الصوري .

وتأسيساً على ما تقدم ، ولما كان دفاع المطعون ضدهم ، يقوم على انهم  يملكون العقار موضوع الدعوى ، فكان حسبهم ان يقيموا البينة على ما يدعونه من ملكية ،  اما ما جاء على لسان  مؤجر العقار الشاهد محمد بدوي مسلم حلايقه الذي  يقول ( وانا عملت عقد بيني وبين المدعي  منذ عام او عامين وانه عقد صوري من اجل ان يحصّل لي حقوق نسيبتي جميله  من المدعى عليهم وان من يتصرف بها  منذ سنين طويله هم المدعى عليهم …  ويعود ويقول …  ان من يملك الارض هي جميله وانا وكيل عنها ) ،  فنجد اولا انه كان على محكمة الاستئناف ان تتنبه الى ما دونته محكمة البداية من ملاحظات عند استماعها لشهادة هذا الشاهد ، إذ وجدته مندفعا بالاجابات ويجيب على اسئله لم تطرح عليه اصلا ، من جهة ثانيه فان ما جاء في شهادة هذا الشاهد من ان قطعة الارض لا تعود له ، وانما تعود  لجميلة المذكورة ، هو امر كذبته البينة الخطية التي غفلت عنها محكمة الاستئناف علما انها قدمت امامها وهي مشروحات دائرة ضريبة الاملاك في الخليل ، التي تفيد انه بعد الرجوع الى سجلات دائرة ضريبة الاملاك ، يتبين ان القطعة مسجلة باسم مصطفى محمد حسن حسين ،  وبالرجوع الى الوكالة الدورية التي ابرزت امام محكمة الدرجة الاولى والتي تملّك من خلالها المؤجر (الذي اشرنا الى شهادته توا) قطعة الارض موضوع الدعوى ، نجد ان الباعة والذين تلقى الملك عنهم ، هم محمد وعبد الله أبناء وورثه المرحوم مصطفى محمد حسن  حسين ، وهو الشخص الذي اشارت اليه دائرة الاملاك بانه هو مالك العقار ، الامر الذي نخلص من خلاله الى ان المؤجر يملك العقار الماجور ، وانه تلقاه عمن كان يملكه كما تشير الى ذلك هذه البينة الرسمية الكتابية التي كان على محكمة الاستئناف ان تاخذها بعين الاعتبار ، لا سيما وان البينة التي تقدم بها المطعون ضدهم لاثبات الملكية ، هي بينة شفوية معترض عليها  على النحو الذي ابداه وكيل الطاعن في جلسه 2/10/2017  ، والتي ارجأت المحكمة قيمة هذه الشهادة الى وقت وزن البينة ، وقد احسنت محكمة الدرجه الاولى اذ طرحتها جانبا.

وفي جميع الأحوال وعلى الرغم من ثبوت أن المدعي تلقى حق الإيجار عن شخص يملك العقار على النحو الذي بيناه ، الا اننا بالعودة الى مسألة الصورية ، نجد ان المطعون ضدهم ليسوا من الغير ، الذي له الحق بالتمسك بصورية التصرف ، باعتبارهم لم يتلقوا حقا عينيا عن المؤجر ، وانهم ليسوا من دائني أي من الفريقين المتعاقدين ، علما انه ثبت من البينات أن الشاهد المؤجر قبض مبالغ مالية لقاء عقد الإجارة ، بالاضافه الى شيكات ، وقد شرع في تنفيذ اثنين من هذه الشيكات، ولما ذهبت محكمة الاستئناف بغير حق الى خلاف هذا النظر ، فإن حكمها يكون مشوبا بالقصور والفساد في الاستدلال حقيقا بالنقض .

لـــــــهذه الاسبـــــاب

تقرر المحكمة بالاكثرية نقض الحكم المطعون فيه ، ولما كان موضوع الدعوى صالحا للفصل فيه ، عملا بأحكام المادة 237/2/أ  من قانون اصول المحاكمات المدنية والتجارية ، نقرر الحكم بمنع المطعون ضدهم" المدعى عليهم"  من معارضة  الطاعن "المدعي" بحقه في الانتفاع بالعقار المأجور الموصوف في لائحة الدعوى ، بما في ذلك حقه باستخراج الحجارة وقلعها من الأرض المؤجرة ، مع إلزام المطعون ضدهم بالرسوم والمصاريف ومبلغ 500 دينار أتعاب محاماة عن كافة مراحل التقاضي . 

حكماً صدر تدقيقاً باسم الشعب العربي الفلسطيني بتاريخ 05/03/2024

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

الرأي المخالف

المقدم من القاضي رائد عساف

 

بالتدقيق ، اخالف الاكثرية المحترمة فيما اتجهت له ، اذ ابتداءً يجب على المحكمة ان تبحث باختصاص محكمة البداية كمحكمة درجة اولى بنظر النزاع خاصة وان هذا الاختصاص نوعي ومن النظام العام .

وبالرجوع الى لائحة الدعوى ، اجد بأن الخصم (المدعي) قد كيفها بمنع معارضة في استخراج حجر ، وقد ادعى بلائحته بأنه مستأجر لقطعة الارض الموصوفة وان المدعى عليهم منعوه من استيفاء حقه في استخراج الحجارة من الارض .

وبتحليل عقد الايجار المبرز ط/1 بالطلب رقم 467/2014 للوصول الى التكييف الصحيح له والمعنون "اتفاقية تأجير عقار لغاية التحجير" والمتكون بين المؤجر محمد بدوي الحلايقة والمدعي طالب غيث ، أجد ابتداءً بأن المدعى عليهم ليسوا طرفا بهذا العقد ، اي انهم من الغير ، كما اجد بأن الاتفاقية تحمل بدلالتها وعباراتها عقدين ، الاول : عقد تأجير ، والثاني عقد بيع ، فهو عقد تأجير يمكن المستأجر من الدخول الى الارض والانتفاع بها ، وعقد بيع لان الاتفاقية تنص على تمكين المستأجر من استخراج الحجارة وتملكها والتصرف بها وهي متقومة بالمال وتم تقويمها ابتداءً ، اما الغير وهم المدعى عليهم فان معارضتهم للمدعي ليس بجانب عقد البيع لان عقد البيع لا يتم الا بموجب عقد الحصول على المنفعة من الارض والمنفعة تكون ضمن عقد الايجار ، فمعارضتهم تبدأ من المنفعة وليس لهم ان يعارضوا بالبيع ، اذ لا يمكن الحصول على منتج الارض واستخراج الحجارة التي تحويها الارض وبهذه الحالة نكون امام عقدين عقد ايجار يكون للعين وعقد بيع يكون للمنتجات والذي اسماه قانون المصادر الطبيعية رقم 1 لسنة 1999 بعقد استغلال حجر بالمادة 33 منه .

القاضي المخالف

             رائد عساف

 

ولما كان المستاجر هو المدعي وان المدعى عليهم من الغير عن اتفاقية التأجير "الاستغلال والبيع" فان تكييف الدعوى بمواجهتهم هو منع معارضة بالانتفاع بمأجور وهذا التكييف يختلف لو كان المدعى عليهم مدعين بمواجهة واضع اليد وهو المدعي كمستأجر ، كما ان النزاع يتمثل بتمكين المدعي من الدخول للارض المستاجرة لان البيع لا يمكن ان يتحصل بدون الدخول للارض والتمكن منها .

وحيث ان المادة 39/2/هـ من قانون أصول المحاكمات المدنية والتجارية قد حصرت الاختصاص بالمنازعات المتعلقة بالانتفاع بالعقار لمحاكم الصلح ، وبما ان الاختصاص النوعي من النظام العام فقد كان على محكمة استئناف الخليل تكييف الدعوى والعلاقة بين طرفيها لمعرفة المحكمة المختصة وبما ان محكمة صلح الخليل هي المحكمة المختصة بنظر الدعوى فانني اخالف الاكثرية المحترمة بالهيئة الحاكمة بما ذهبت له ، وارى نقض الحكم المطعون فيه واعادة الدعوى لمرجعها وتحديد المحكمة المختصة للفصل بالدعوى والسير بها حسب الاصول .

 

تحريرا في 05/03/2023

 

القاضي المخالف

    رائد عساف