السنة
2022
الرقم
373
تاريخ الفصل
10 مارس، 2024
المحكمة
محكمة النقض
نوع التقاضي
طعون حقوقية
التصنيفات

النص

دولـــــة فــــلســــــطين

السلطــــة القضائيـــة

المحكمة العليا / محكمــة النقض

"الحكـــــــم"

الصادر عن المحكمة العليا / محكمة النقض المنعقدة في رام الله المأذونة بإجراء المحاكمة وإصداره

 بإسم الشعب العربي الفلسطيني

الهـيئـــــــــة الحـاكـمــــــــة بـرئاســـــــة القاضــــي السيــــــد عدنان الشعيبي

  وعضويـة القضـاة السـادة : بسام حجاوي ، فواز عطيه ، مأمون كلش ، ثائر العمري

 

الطـــاعن : ماهر عبد الفتاح شاكر نتشة/  الخليل

وكيله المحامي عوني طلال القواسمي/ الخليل

المطعون ضده : سعيد محمد بدوي الطويل/ الخليل

وكيلاه المحاميان محمد سهيل عاشور وإبراهيم العجلوني/الخليل

الإجـــــــــــراءات

تقدم الطاعن بهذا الطعن بتاريخ 27/2/2022 ، لنقض الحكم الصادر عن محكمة استئناف الخليل بتاريخ 3/2/2022 ، في الاستئناف 1653/2021 ، القاضي بقبول الاستئناف موضوعا وإلغاء الحكم المستأنف ، والحكم للمستأنف بمبلغ 174300 شيكل ، مع الرسوم والمصاريف ومائتي دينار أتعاب محاماة. 

لم يتقدم المطعون ضده بلائحة جوابية ، رغم تبلغ وكيله نسخة عن لائحة الطعن.

 تتلخص أسباب الطعن في ما يلي:

  1. أخطأت محكمة الاستئناف بالأخذ باليمين المتممة التي وجهتها محكمة الدرجة الأولى.
  2. مطالبة المدعي لا تقوم على أساس من القانون ، لاسيما بسبب انتفاء عنصر الاشراف والتبعية وعدم الالتزام بالعمل.
  3. اخطأت محكمة الاستئناف في احتساب المبالغ التي حكمت بها ، عندما اعتبرت أن الطاعن عمل مده 35 عاماً بشكل منتظم ومستمر ، كما أخطأت في ما عبرت عنه من أن الفترة المتعلقة ببداية العمل وفق بينة المدعي قريبة الاحتمال ، وان هذه العبارات تعني أن المحكمة لم تتوصل إلى دليل قاطع .

المحكمـــــــــــة

بالتدقيق والمداولة ، ولاستيفاء الطعن شرائطه الشكلية ، تقرر قبوله شكلا.

وفي الموضوع ، فإن ما تنبئ عنه حيثيات الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق ، أن المطعون ضده أقام الدعوى المدنية رقم 349/ 2017 لدى محكمة بداية الخليل ، موضوعها المطالبة بحقوق عمالية . 

بعد أن فرغت محكمة بداية الخليل من نظر الدعوى ، أصدرت حكمها بتاريخ 28 /10/ 2021 ، القاضي برد دعوى المطعون ضده، وكبدته الرسوم والمصاريف ومائتي دينار أتعاب محاماة.

وإذ لم يقبل المطعون ضده بحكم محكمة اول درجة ، بادر لاستئنافه بالاستئناف المدني رقم 1653/2021 لدى محكمة استئناف الخليل ، التي وبعد أن فرغت من إجراءاتها أصدرت حكمها  المطعون فيه.

لم يجد قضاء محكمة استئناف الخليل قبولا لدى الطاعن ، فبادر للطعن فيه نقضا بالطعن محل  البحث.

وفيما يتعلق بأسباب الطعن ، نجد ان الطاعن ينعى على الحكم الطعين في السبب الأول ، أن محكمة الاستئناف أخطأت بالأخذ باليمين المتممة التي وجهتها محكمة الدرجة الأولى.

وعن هذا السبب ، نجد ان محكمة الدرجة الاولى كانت قد وجهت اليمين المتممة للمدعي ، حول واقعة أنه عمل لمدة 35 عاما من العام 1980 وحتى عام 2015 بشكل منتظم ومستمر ، وأن عمله لم يكن متقطعا ،  رغم ذلك فإنها عند إصدار الحكم  حكمت برد الدعوى لعلة عدم اثبات مدة العمل.

وبالرجوع إلى ما دونته محكمة الاستئناف ، نجد انها قضت بصحة توجيه اليمين المتممة خاصة أن البينة لم تكن كافية  لإثبات مدة العمل .

والذي نراه بشأن الإجراء الذي قامت به محكمة الاستئناف ، انه لا يخالف القانون وقد عللت محكمة الاستئناف أسباب استبعادها للبينة ، التي تشير إلى أن  عمل المدعي كان متقطعا بالنظر إلى عدم إمكانية الارتكان إلى أقوال الشهود ، خاصة ان منهم يذكر أن المدعي انقطع عن العمل "5000 مرة" ، ووجدت ان هذا القول مرسل ويحمل صيغة المبالغة .

وبالعودة الى ما جاء في هذا السبب ، نجد أنه لا يعدو ان يكون محض مجادلة فيما تستقل بتقديره محكمة الموضوع ، ولما كنا نرى أن محكمة الموضوع بينت أسباب اخذها باليمين المتممة ، فان هذا السبب لا يرد على الحكم المطعون فيه  كما ان محكمة الاستئناف وفي باب اثبات مدة العمل ، اشارت الى ان البينة تشير إلى أن المدعي كان بسبب المشادات التي تحصل بينه وبين المطعون ضده ، يتغيب اسبوع ثم يعود للعمل ، وأشارت في ذلك إلى ما جاء في اقوال الشاهد  سامح محمد مصباح شاور ، وعلى ذلك  فان اخذها  بهذه البينة واتمامها باليمين المتممة ، لا يخالف القانون ولذلك نقرر رد هذا السبب.

وعن السبب الثاني وحاصله أن مطالبة المدعي لا تقوم على أساس من القانون ، لاسيما بسبب انتفاء عنصر الاشراف والتبعية وعدم الالتزام بالعمل ، فإننا وفيما يتعلق بالجزئية المتصل بانتفاء عنصر الاشراف والتبعية ، نجد أن الطاعن لم يسبق له ان ابدى مثل هذا الدفع في لائحته الجوابية ، بل اكتفى بإنكار مدة العمل ومقدار الأجر ، وإنكار انه قام بفصل المدعي  وان المبالغ المطالب بها مبالغ فيها ، من جهة ثانية فان البينة التي استعرضتها محكمة الاستئناف  تؤكد أن المدعي كان يعمل تحت اشراف وتبعية المدعى عليه.

وعن الشق الثاني من هذا السبب ، مؤداه أن المدعي لم يكن يلتزم بالعمل ، فإننا نشير الى أن ما جاء في هذا الشق يخالف سبق ادعاء  الطاعن بانتفاء التبعية والإشراف ، ومن جهة أخرى سبق لنا ان اشرنا الى ان محكمة الاستئناف تحققت من أن المدعي كان منتظما في عمله ، ونحيل إلى ما  كنا قد سطرناه في هذا الخصوص تحاشيا  للتكرار ، وعليه نقرر رد هذا السبب.

وبالنسبة للسبب الثالث ، والذي ينطوي على شقين ، الأول تخطئة محكمة الاستئناف في احتساب الحقوق العمالية باعتبار ان المدعي عمل 35 عاما ،  ولما كنا قد بحثنا مسألة صحة استخلاص محكمة الاستئناف لهذه الواقعة ، عند بحث الأسباب المتقدمة ، فإننا نحيل إلى ما تقدم .

اما بالنسبة الى الشق الثاني من السبب الثالث ، وقول الطاعن أن محكمة الاستئناف اخطأت اذ بنت حكمها على الاحتمال ، فإننا في ذلك نجد ان محكمة الاستئناف لم تبني حكمها على الاحتمال ، وإنما أوردت هذه العبارة في باب وزن البينه وترجيح بينة المطعون ضده ، عندما اوردت ما جاء في شهادة الشاهد عماد حمدي ابو رجب ، من انه يستدل من اقواله انه عمل 20 عاما لدى المدعى عليه ، وطرحت هذه المدة من تاريخ شهادة هذا الشاهد في عام 2001  ووجدت أنه لما صرح الشاهد بان المدعي عمل قبله بسنتين وربما أكثر ، ولم يجزم بعدد السنين السابقة ، توصلت الى ان ما ورد في بينة المدعي حول بداية عمله قريب  الاحتمال ،  وعلى ذلك فان ما أوردته محكمه الاستئناف ، كان في اطار عملها في وزن البينة وترجيح بعضها على الاخر ، وهو من صميم اختصاصها وبالتالي فان ما اورده الطاعن لا يرد على الحكم المطعون فيه ونقرر رد هذا السبب بشقيه.

لـــــــهذه الاسبـــــاب

تقرر المحكمة بالاكثرية رد الطعن موضوعا وتأييد الحكم المطعون فيه.

حكماً صدر تدقيقاً باسم الشعب العربي الفلسطيني بتاريخ 18/03/2024

الكاتــــــــب                                                                                                  الرئيـــــــس

     م.ف

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

الرأي المخالف الصادر عن القاضيين

بسام حجاوي وفواز عطيه

 

نخالف الأكثرية المحترمة فيما توصلت إليه وحملت حكمها عليه، إذ بالاطلاع على اسباب الطعن ولما كانت تتمحور في واقعة واحدة حاصلها تخطئة محكمة الاستئناف بأخذها باليمين المتممة التي تم توجيهها من قبل محكمة أول درجة بالصيغة التي جاءت فيها، لا سيما وأنها لا تعتبر حجة قاطعة وجازمة لمحكمة الاستئناف، ولا يجوز لها الاعتماد عليها باحتساب حقوق المدعي من حيث مدة العمل والانتظام به في الوقت الذي لم تعتمد عليها محكمة الدرجة الأولى، بعد أن تبين لها من خلال ظروف ومجريات الدعوى بأن استبعدتها من أصول وزن البينة، باعتبار الاستبعاد له ما يبرره قانونا لتوفر أدلة تفيد عدم عمل المدعي بصورة منتظمة لدى المدعى عليه، في ظل توفر بينة تفيد أن المدعي عمل في بعض الأحيان أسبوعا واحدا في الشهر واحيانا ولا يوم، وعندما لا يعجبه العمل كان يعمل داخل الخطر الأخضر، مما تكون قد أخطأت في اعتماد مدة العمل وفي كيفية احتساب ما يستحقه المدعي ، كما ولم تراع المحكمة مصدرة الحكم الطعين بعض الوقائع المتمثلة في عدم إمكانية العمل في فصل الشتاء، والاحداث التي وقعت عام 2000 بسبب الانتفاضة، مما يغدو وزنها للبينات وزنا غير سليم، لعدم وجود بينة قاطعة وجازمة تؤكد فترة عمل المدعي لدى المدعى عليه.

القاضي المخالف                                   القاضي المخالف

 فواز عطيه                                          بسام حجاوي

 

في ذلك نرى، وبعد الاطلاع على واقعات الحكم الطعين، فقد ورد فيه : "أن المحكمة استعرضت كامل أقوال شهود طرفي النزاع، وتوصلت إلى نتيجة مفادها : أن البينة المقدمة من طرفي النزاع بخصوص الانقطاع وعدم الاستمرارية في العمل لم تجزم حول مدة محددة ليتم احتسابها كفترة انقطاع من كامل المدة أو اعتبارها فترة انقطاع متواترة ومتواصلة، وليتم كذلك اعتبار عمل المدعي غير منتظم وأنه كثير الغياب، وأنه لا يمكن تحديد مدة عمله بشكل متواصل، واستبعادها لليمين المتممة على النحو الذي ذهب إليه قاضي محكمة أول درجة، صحيح انه ورد في أقوال الشاهد عبد الفتاح النتشة من أن المدعي بطل 5000 مرة، فهذا قول مرسل ويحمل صيغة المبالغة ولا يمكن الارتكان إليه.... وفي اماكن أخرى من أقوال الشهود ذكروا بأن المدعي كان يعمل 3 أيام واحيانا أسبوع في الشهر دون تحديد لأي شهر أو أي سنة أو أي الأيام من الأسبوع حتى يمكن تصديقها والارتكان إليها ... ونجد الشاهد سامح شاور الذي عمل لدى المدعى عليه أكثر من 15 سنة يقول أن المدعي عمل لدى المدعى عليه في مجال البناء وكان يتقاضى أجرة يومية ويقبضها كل أسبوع، ويتبين للمحكمة أن سبب التغيب هو بسبب المشادات بين المدعي والمدعى عليه ويقول المدعى عليه للمدعي روح روح ويغيب عن العمل أسبوع ثم يعود للعمل وأن المدعي كان يعمل طوال الشهر ولا يغيب إلا يوم الجمعة، إذاً لا انقطاع عن العمل حسب أقوال ذلك الشاهد ... وبالعودة إلى استبعاد قاضي محكمة أول درجة اليمين المتممة رغم توافر شروط توجيهها وفق احكام المادة 146 من قانون البينات النافذ، مخالفا ذلك حكم المادة 6 من ذات القانون لعدم وجود مبرر يفيد الرجوع عنها رغم توافر شروط الدليل الناقص ..

وبالعودة إلى مطالبات المدعي وفق الثابت من كامل البينة نجد أنه يستحق كافة مطالباته الواردة في البند 4 من صحيفة الدعوى عدا بدل العطل الأسبوعية لأن البينة لم تثبتها وورد فيها أنه كثير الغياب، لأن شرط استحقاقها أن يعمل 6 أيام متواصة، وفيما يتعلق ببدل الاشعار وبدل الفصل التعسفي ثبت أن المدعي ترك العمل من تلقاء نفسه، وبدل مكافأة نهاية الخدمة يستحق اجر شهر عن كل سنة بواقع 150 شيقل ×22 يوم ×35 سنة = 115500 شيقل، وبدل اجازات سنوية بواقع 21 يوم ×2سنة /150 شيقل= 6300 شيقل، وبدل أعياد دينية ورسمية وفق قرار مجلس الوزراء 10 أيام في السنة × 35 /150 شيقل = 52500 شيقل....."

القاضي المخالف                                   القاضي المخالف

 فواز عطيه                                          بسام حجاوي

 

وإزاء واقعات الحكم الطعين المذكور، يتضح جليا أن محكمة الاستئناف استعرضت بعض أقوال الشهود واجتزأت اقوالهم، منهم الشاهدان عبد الله مرقه وناجح أطرش بحيث أوردت في حكمها: عن أقوال الشاهدين العبارة التالية:( كنت أرى المدعي يعمل لدى المدعى عليه )، دون بيان تفاصيل الشهادة لكل منهما، أما الشاهد عماد أبو رجب فقد أوردت في حكمها الطعين من شهادته( أنا اعمل مع المدعى عليه منذ 20 سنة وكنت اشاهد المدعي في الورش الخاصة بالمدعى عليه، وبمناقشته أجاب بأن المدعي كان يعمل قبلي بسنتين، مما يستدل من قول هذا الشاهد الذي عمل لدى المدعى عليه والتي جاءت شهادته في 11/2/2011 وبطرح 20 عاما منها ليصبح بداية عمل هذا الشاهد في بداية عام 2001، ولما صرح أن المدعي عمل قبله بسنتين وربما أكثر، فلم يجزم بعدد السنين السابقة مما يجعل من بينة المدعي حول بدء العمل قريب الاحتمال) ، وحول نهاية عمله فإن أقوال ذلك الشاهد قد تكون قرينة على نهاية العمل عام 2015، وبالرجوع كذلك إلى شهادة الشاهد جواد الطويل، فيستدل منها أن فترة عمل المدعي تقارب 30 سنة هذا من حيث المدة، علما أنها غير محددة بصورة قاطعة وجازمة.

وإن هذا الذي جاء فيه الحكم الطعين من تسبيب، تارة بتحديد عمل المدعي عام 2001 وقرينة انتهاء عمله عام 2015، ثم اعتماد المحكمة على أقوال الشاهد جواد الطويل التي تستدل منها على مدة عمل المدعي ما يقارب 30 عاما، ثم تأتي بتسبيب آخر مفاده أن المدة غير محددة في أقوال الشهود من طرفي النزاع ، ثم تصل المحكمة إلى نتيجة مفادها أن البينة غير كاملة لتأخذ باليمين المتممة على أساس أن شروطها متوفرة، ومن ثم تطرح شهادة الشاهد عبد الفتاح النتشة لانها تحمل صيغة المبالغة، ومن ثم تشير في حكمها الطعين الى أن بعض الشهود في مواطن آخرى ذكروا بأن المدعي كان يعمل 3 أيام أحيانا واحيانا أسبوع في الشهر، دون تحديد الشهر أو السنة أو الايام من الأسبوع التي عمل بها حتى يمكن تصديقها والارتكان اليها، رغم عدم ذكر أسماء هؤلاء الشهود، ثم تعتمد على أقوال الشاهد سامح شاور بأنه لا إنقطاع في عمل المدعي.

ان كل ذلك يشكل، اجتزاء لأقوال بعض الشهود ومنهم أقوال الشاهد عبد الله مرقه، الذي صرح بأن المدعي قبل عام 1990 كان في السعودية، وأن عمله كان لدى المدعى عليه في التسعينيات ولم يكن عمله منتظما...فيما الشاهد ناحج اطرش أكد على ذات الواقعة وورد على لسانه وقائع أخرى لم تزنها محكمة الاستئناف، واجتزائها أقوال الشاهد ناجح شاور  فضلا عن توصيفها لواقع العلاقة بين المدعى عليه والشاهد المذكور، على أن الأخير عمل لدى المدعى عليه أكثر من 15 سنة، في حين أن الشاهد أكد على أنه كان شريكا للمدعى عليه في بداية التسعينيات ولغاية 2007، وأنه لا يذكر ان المدعي عمل كعامل لدى المدعى عليه لكنه عمل لديه ...

القاضي المخالف                                   القاضي المخالف

 فواز عطيه                                          بسام حجاوي

 

الأمر الذي يستدعي في هذا المقام، وعلى ما استقر عليه قضاء هذه المحكمة في مسألة وزن البينات من قبل محكمة الموضوع وتقديرها والاخذ بها هو من اطلاقات صلاحياتها، التي لها بمقتضى أحكام المادة 220 من الأصول المدنية والتجارية ، الحق في وزن البينات والاقتناع بما هو متوفر من أدلة للأخذ بها، لبناء الحكم على أساس سليم ودون معقب عليها من محكمة النقض في ذلك، شريطة سلامة استنباط النتائج التي توصلت إليها من البينة المتوفرة في الدعوى ، على أن تكون سائغة ومقبولة قانوناً ومبنية على دليل له أصل ثابت في الأوراق.

ولما كان التسبيب في الحكم الطعين، وفق ما استقر عليه كذلك قضاء هذه المحكمة ، هو التزام قانوني يقوم عليه الحكم القضائي، لتقوم المحكمة العليا /النقض ببسط رقابتها عليه لجهة قيام محكمة الموضوع بتطبيق القانون تطبيقا سليما، باعتبار ذلك الالتزام هو الضمان القانوني لحماية حقوق أطراف النزاع، وحيث ان      ما إطلعت عليه هذه المحكمة من مسوغات في الحكم الطعين، لا تشكل منهجية في التسبيب ولا يعتبر حكمها قائم على الوزن السليم للبينات، لأن الاجتزاء في الأقوال والانحراف في وصف صفة أحد الشهود الذي صرح بأنه كان شريكا في أكثر من موضع في شهادته، لتصفه محكمة الاستئناف بأنه كان عاملا، بالتوازي مع التناقض فيما توصلت إليه من حيث تحديد بداية ونهاية عمل المدعي، (ثم تناقض نفسها بالقول أن مدة العمل غير محددة، ثم اعتمادها على أقوال الشاهد ناجح شاور في بعض الوقائع لاسيما فيما يتعلق بعدم توفر انقطاع في العمل، لتعود في تحديد مدة العمل بناء على اليمين المتممة، في الوقت الذي تم تحديد بداية العمل ونهايته، ثم لتناقض قولها أن البينة لم تجزم مدة محددة للانقطاع وعدم الاستمرارية لتتمكن من احتسابها كفترة انقطاع عن كامل المدة.

فإن جميع ذلك يشكل تناقضا في التسبيب، لأنه لم يرد بأسبابه ما يفصح عن إدراك محكمة الاستئناف، لكامل حقيقة البينات التي يمكن الاعتماد عليها، في تحديد بداية العمل ونهايته، لا سيما وأن بعض الشهود لم يعرفوا بهاتين الواقعتين، في ظل تحديدها ببينة غير جازمة، وفي ظل توفر بينة تفيد عدم انتظام المدعي بالعمل لدى المدعى عليه وعمله داخل الخط الأخضر، وفي ظل وجود بينة تفيد أن المدعي كان قبل عام 1990 في السعودية، الامر الذي تغدو معه النتيجة التي توصلت إليها محكمة الاستئناف، غير متصلة ببينة ناقصة ليتم الاخذ باليمين المتممة.

القاضي المخالف                                   القاضي المخالف

 فواز عطيه                                          بسام حجاوي

 

الأمر الذي كان عليها أن تزن البينات وفق الصلاحيات الممنوحة لها وتقدرها وترجحها أصولا، وبالتالي لا يرد القول هنا أن محكمة الموضوع حرة في تقدير الدليل المقدم لها بالاخذ به أو بطرحه، وأنها تستقل في تقدير أقوال الشهود بعيدا عن رقابة محكمة النقض، إذ أن ذلك مشروطا بأن لا تخرج عن مدلول تلك الشهادات أو تنحرف بها عن مفهومها والعبرة التي تؤدي إلى تلك الشهادة، لأن الاخذ بأقوال الشهود شرطه ألا تجتزء محكمة الموضوع الشهادات المدلى بها أمامها، وبأن لا تنسب لشاهد قولا لم يقله أو بقول خلاف ما قاله، ولما لم تتقيد المحكمة مصدرة الحكم الطعين في جميع ما تم بيانه، فإن حكمها يغدو مشوبا بعيب القصور في التعليل والتسبيب، مما يجعله عرضة للنقض.

لهــــــذه الأسبـــــــاب

نرى، أنه كان يتعين الحكم بقبول الطعن موضوعا، ونقض الحكم المطعون فيه، وإعادة الأوراق لمرجعها لإعادة وزن البينات وزنا سائغا، لتصل إلى نتيجة تتفق مع البينة التي يمكن أن تبني حكمها عليه بتسبيب قانوني سليم.

 

تحريرا في 18/3/2024

 

القاضي المخالف                                   القاضي المخالف

 فواز عطيه                                          بسام حجاوي