السنة
2022
الرقم
917
تاريخ الفصل
1 يناير، 2024
المحكمة
محكمة النقض
نوع التقاضي
طعون حقوقية
التصنيفات

النص

دولـــــة فــــلســــــطين

السلطــــة القضائيـــة

المحكمة العليا / محكمــة النقض

"الحكـــــــم"

الصادر عن المحكمة العليا / محكمة النقض المنعقدة في رام الله المأذونة بإجراء المحاكمة وإصداره

 بإسم الشعب العربي الفلسطيني

الهـيئـــــــــة الحـاكـمــــــــة بـرئاســـــــة القاضــــــي السيــــــد عدنان الشعيبي

  وعضويـة القضـاة السادة: بسام حجاوي ، عبد الكريم حنون ، فواز عطية ، وثائر العمري

 

الطـــاعن: محمد أسعد سعيد ريان/ قراوة بني حسان - سلفيت

وكيلاه المحاميان أشرف طه و/أو حسني إبراهيم/ سلفيت

المطعون ضدهما: 1- نزار مشير غازي بولاد/ بديا - سلفيت

                       2- مؤيد غازي شريف بولاد/ بديا - سلفيت

وكيلهما المحامي فادي مناصرة/ طولكرم

الإجـــــــــــراءات

تقدم الطاعن بهذا الطعن بتاريخ 26/7/2022، لنقض الحكم الصادر بتاريخ 29/6/2022 عن محكمة استئناف نابلس في الاستئناف المدني رقم 833/2021 القاضي:" بقبول الاستئناف موضوعا، وتعديل الحكم المستأنف ليصبح الحكم بإلزام المدعى عليهما في الدعوى الأساس بدفع مبلغ 38490 شيقل، وتضمينهما الرسوم والمصاريف و200 دينار أردني أتعاب محاماة".

المحكمـــــــــــة

بالتدقيق وبعد المداولة، ولما كان الطعن مقدما ضمن الميعاد مستوفيا لشرائطه الشكلية، تقرر قبوله شكلا.

وفي الموضوع، وعلى ما تتصل به وقائع النزاع وفق ما هو بيّن من الحكم الطعين وسائر الأوراق المتصلة به، تقدم المدعي "الطاعن" ضد المطعون ضدهما بالإضافة إلى مدعى عليه ثالث يُدعى مشير غازي شريف بولاد، بالدعوى المدنية رقم 920/2018 امام محكمة بداية نابلس، موضوعها المطالبة بمبلغ 784450 شيقل على سند من القول أن المدعي يعمل في مجال المقاولة في البناء، والمدعى عليه أصحاب البناء، وأنه بتاريخ 10/3/2018 تعاقد المدعي مع المدعى عليهما الثاني والثالث بموجب اتفاقية مقاولة بناء بيت عظم مع مواد البناء، منظمة لدى المحامي رامي رياض، على أساس سعر المتر 500 شيقل، كما تم الاتفاق على أن يقوم المدعي ببناء بركة مياه وحفرة امتصاصية بقيمة 60000 شيقل، كما تم الاتفاق فيما بين الاطراف زيادة على الاتفاق المذكور، بأن يقوم المدعي بزيادة ارتفاع البناء لكل طابق 3.30 م عن أصل الاتفاق 3 امتار لكل ارتفاع، وأن المدعي اتفق كذلك مع المدعى عليهم بموجب اتفاق شفوي ببناء وصب القاعدة الأرضية والطابق الأرضي بمساحة 255 متر مربع، وما مساحته 310 متر مربع عن الطابق الأول وكذلك للطابق الثاني، مع بناء روف وبيت درج بمساحة 200 متر مربع، مع الاسوار المحيطة للبناء بأكمله مما استهلك 36 كوب من الباطون، فضلا عن الايدي العاملة، وكنتيجة لما تم انجازه من اعمال متفق عليها، رفض المدعى عليهم دفع البدلات محل المطالبة في البند 8 من صحيفة الدعوى.

في حين تقدم المدعى عليهم بلائحة جوابية ، جاء فيها أن المدعي غير محق في دعواه، وبنتيجة المحاكمة قضت المحكمة 13/9/2020 :" الحكم على المدعى عليهما نزار مشير بولاد ومؤيد غازي بولاد بأن يدفعا للمدعي محمد أسعد ريان مبلغ 278490 شيقل، ورد باقي المطالبات لعدم الاثبات، ورد الدعوى عن المدعى عليه الأول، وتضمينهما الرسوم والمصاريف و200 دينار أردني أتعاب محاماة".

لم يرتضِ المدعى عليهما (المحكوم عليهما) بالحكم الصادر عن محكمة أول درجة، فبادرا للطعن فيه استئنافا امام محكمة استئناف رام الله بموجب الاستئناف المدني رقم 940/2020، ولانعقاد الاختصاص لمحكمة استئناف نابلس تم رؤية الدعوى الاستئنافية والفصل فيها من خلال الرقم 833/2021، وبنتيجة المحاكمة بتاريخ 29/6/2022 قضت المحكمة:" بقبول الاستئناف موضوعا، والحكم على المدعى عليهما في الدعوى الأساس المستأنفين في هذا الاستئناف بأن يدفعا للمدعي مبلغ 38490 شيقل، وتضمينهما الرسوم والمصاريف و200 دينار أردني أتعاب محاماة".

لم يلقَ حكم محكمة الاستئناف قبولا من المدعي، فبادر للطعن فيه بالنقض الماثل للأسباب الواردة فيه، ورغم تبلغ المطعون ضدهما أصولا إلا أنهما لم يتقدما بلائحة جوابية.

وبعطف النظر على الأسباب التي سيقت في صحيفة الطعن، ولما كانت جميعا تتصل بتخطئة محكمة الاستئناف بخصم المبالغ التي قررتها في الحكم الطعين، علما أن جزء مما خصمته مكررا لذات السبب، على أساس أن خصم المبلغين 310 ألف شيقل و180 ألف شيقل يعدان من قبيل الخصم المكرر، فضلا عن تخطئتها بعدم الحكم للمدعي بدل مبلغ 60 ألف شيقل قيمة عمل الحفرة الامتصاصية وبركة الماء.

وبالاطلاع على واقعات وحيثيات الحكم الطعين، فقد توصلت محكمة الاستئناف إلى نتيجة مفادها :" أما بالنسبة للبند ب من السبب الثالث من أسباب الاستئناف والذي ينعى على حكم محكمة أول درجة بتخطئتها بعدم خصم مبلغ وقدره 270 ألف شيقل من المبلغ المحكوم به، لا سيما وأن المدعي وفي جلسة 31/12/2018 أقر باستلامه المبلغ المذكور أعلاه.... وأنه وبرجوع المحكمة إلى الأوراق فإنها تجد من خلال تلك الجلسة وتحت القسم القانوني أن المدعي بشهادته ذكر أن المبلغ الإجمالي للبناء والسور والحفر 700 ألف شيقل وقبضت من المبلغ حوالي 180 ألف شيقل بموجب شيكات بقيمة 120 ألف وجزء بسيط نقدي بقيمة 70 ألف والشيكات التي استلمتها مسحوبة على البنك الإسرائيلي وصرف 20 ألف شيقل منهم تقريبا ورجعت شيكات بمبلغ 100 ألف شيقل، وحيث أن ما ورد في شهادة المدعي هو إقرار منه باستلام مبلغ 180 ألف شيقل، فكان من الواجب على محكمة أول درجة خصم هذا المبلغ المقر باستلامه من قبل المدعي، ذلك أن الإقرار حجة على المقر..... وبناء على ذلك فإنه ثبت أن المدعي قبض مبلغ 310 ألف شيقل ومبلغ 180 ألف شيقل وفق ما جاء في شهادته، إضافة إلى عدم استحقاقه لمبلغ 60 ألف شيقل بدل الحفرة المتصاصية وبركة الماء، وبما أن الخبير قدر ما يستحق للمدعي مبلغ 528490 شيقل، ويخصم منها المبالغ سابق الإشارة إليها وهي 310 ألف شيقل و180 ألف شيقل، بما يشمل قيمة اليشكات التي أقر باستلامها من خلال شهادته إضافة لمبلغ 70 ألف شيقل نقدا، ولعدم استحقاقه مبلغ 60 ألف شيقل المذكور، فيكون المبلغ المستحق للمدعي فقط مبلغ 38490 شيقل....مما يغدو السبب الحكم المستأنف واجب التعديل على النحو المذكور".

وإزاء واقعات الحكم الطعين، ولما اخذت المحكمة بإقرار المدعي الوارد في تلك الجلسة، بصوة مجتزأة دون أن تتنبه لما أورده من أقوال امام محكمة أول درجة، إذ قال:" أنه استلم من المجموع الإجمالي للبناء البالغ 700 ألف شيقل بحيث قبض 180 ألف شيقل بموجب شيكات بقيمة 120 ألف شيقل وجزء بسيط منهم نقدا بقيمة 70 ألف شيقل، وصرف من الشيكات 20 ألف وباقي الشيكات رجعت بقيمة 100 ألف شيقل، ومؤيد المدعى عليه الثالث عندما راجعته قال مش رح اعطيك مصاري والشيكات التي اخذتهم ورجعت خلي القانون ينفعك علما أنه يحمل الجنسية الإسرائيلية ولا يمكن حبسه امام المحاكم الفلسطينية، لكن المدعى عليه مشير تعهد بسداد المبلغ كاملاً شريطة أن اكمل المبنى وبالفعل أكملت المبنى بالكامل....".

ولما كان المستقر عليه في قضاء هذه المحكمة أن الغاية من التسبيب الوافي في اصدار الاحكام القضائية، قوامه العدل والمساوة لتسقيم الخصومات، وإن التسبيب القويم يزيل الريبة في نفوس المتقاضين لأن في ذلك الوصول إلى الحل في احقاق الحق، الامر الذي يتعين أن يكون الحكم القضائي مبنيا على أُسس قانونية سليمة، من أجل صقله بقالب قانون يحمل معاني الحقيقة، ليقترن بحجية الشيء المقضي به.

لذلك، يعد اتباع محكمة الموضوع لمنهجية التسبيب القويم، أساسه أصول الترجيح والتقدير للبينات، من أجل ايجاد الحل القانوني للمنازعة التي بين يديها، ولا يتم ذلك إلا باللجوء إلى وسائل منطقية لفهم وادراك المنازعة، ضمن أُسس قانونية ومنطقية للإحاطة بجميع جوانب النزاع، من أجل اعمال النشاط التقديري بحل المنازعة قانونيا، إذ بتلك الوسائل يستطيع قاضي الموضوع التوصل إلى حل للمنازعة، القائم على الاستنباط السليم ليتوصل إلى نتيجة متفقة والقانون، من خلال المعطيات المتوفرة في الدعوى بترجيح وسائل الاثبات القانونية المقدمة في ملف الدعوى، والتي تصلح للاعتماد عليها.

وبناء على ذلك، فان اخذ محكمة الاستئناف بإقرار المدعي، وخصم المبلغ الذي أقرّ باستلامه من قيمة ما قضت به محكمة أول درجة، دون الاخذ بمجمل الاقرار الذي ورد على لسانه بأن جزء من المبلغ كان نقدا والجزء الآخر شيكات، ودون أن تقف على صحة الشيكات التي صرفت وقيمة الشيكات المرتجعة، ودون أن تقف على قيمة المبلغ النقدي الذي استلمه، فيما إذا كان من أصل المبلغ المقر باستلامه أم جزء من مجموع المبلغ الإجمالي الذي ورد على لسانه بقيمة 700 ألف شيقل، ودون أن تحدد فيما إذا كان المبلغ المقبوض هو جزء من وصولات القبض أو أنه قبض إضافي عن قيمة الوصولات التي وقع عليها التي لم ينكرها، فإن استباطها واستنتاجاتها بخصوص الإقرار يشكل استنتاجا واستنباطا مبتورا ومعتلا، لا يتفق مع حجية الإقرار الواردة في المواد 116 -118 من قانون البينات النافذ، ذلك أن الإقرار القضائي الوارد بجلسة 31/12/2018 من المدعي، حتما اتصل بواقعة مدعى بها متعلقة بموضوع الدعوى وهي حجة عليه، إلا أنه ليس للمحكمة تجزأتها بصورة تخالف الواقعة التي جاءت في تلك الجلسة، لأن المادة 118 من القانون المذكور نصت:" لا يتجزأ الإقرار على صاحبه، إلا إذا انصب الإقرار على وقائع متعددة وكان وجود واقعة منها لا يستلزم حتماً وجود وقائع أخرى"، مما يجعل من قيام محكمة الاستئناف بخصم 180 ألف شيقل دون تبصر في واقع الإقرار بما اشتمله من وقائع سبق الإشارة إليها، ودون التتحقق من قيمة الشيكات التي أعيدت دون صرف ببينة قانونية، ودون تحديد فيما إذا كان ما أقر به جزء من قيمة الوصولات البالغة 310 ألف شيقل أو غير شاملة، لتقرر بنتيجة سائغة حول تلك الوقائع، حتما يجعل من حكمها معتلا يجافي أصول التسبيب الوافي، الامر الذي يغدو الحكم الطعين قد شابه فساد في الاستدلال من هذه الناحية فقط يتعين نقضه.

أما بالنسبة لعدم حكم محكمة الاستئناف بمبلغ 60 ألف شيقل، بدل قيمة انشاء الحفرة الامتصاصية وبركة الماء، ورغم تقرير الخبير فخري الذي أورد فيه انجازهما، لكن لم يتوفر لديه دليل يفيد قيمة وأسعار ما انجزه ضمن الاتفاقية، ولعدم تقديم دليل قانوني من المدعي يفيد صحة قيمة المنشأتين المذكورتين، فإن عدم حكم محكمة الاستئناف عن تلك المطالبة له أساس قانوني  لعدم الاثبات، الامر الذي نتفق مع النتيجة التي توصلت إليها محكمة الاستئناف من هذه الناحية.

لـــــهذه الأسبـــــاب

نقرر قبول الطعن موضوعا، ونقض الحكم الطعين بحدود ما تم بيانه ، وإعادة الأوراق لمرجعها للعمل بالحكم الناقض، وعلى أن ينظر من هيئة مغايرة، وبالنتيجة إصدار حكم أصولي، وتضمين الجهة الخاسرة الرسوم والمصاريف وأتعاب المحاماة.

حكماً صدر تدقيقاً باسم الشعب العربي الفلسطيني في 18/3/2024