دولـــــة فــــلســــــطين
السلطــــة القضائيـــة
المحكمة العليا / محكمــة النقض
"الــــقــــرار"
الصادر عن المحكمة العليا / محكمة النقض المنعقدة في رام الله المأذونة بإجراء المحاكمة وإصداره
بإسم الشعب العربي الفلسطيني
الهـيئـــــــــة الحـاكـمــــــــة بـرئاســـــــة القاضي السيد عدنان الشعيبي
وعضويـة القضـاة السـادة : عبدالكريم حنون، فواز عطية، مأمون كلش ،ثائر العمري
الطاعنة: سمر ممدوح مسعود عاشور بصفتها الشخصية وبالاضافة لتركة مورثها المرحوم ممدوح مسعود عاشور /نابلس
وكيلها المحامي مدحت النادي/ نابلس.
المطعون ضدهما:
وكيله المحامي ساهر كوسا/ نابلس.
وكيله المحامي عمار الأتيرة/ نابلس .
الإجــــــــــــراءات
تقدمت الطاعنة بهذا الطعن بتاريخ 24-07-2022 ،لنقض الحكم الصادر عن محكمة استئناف نابلس بتاريخ 15-06-2022 بالاستئناف رقم 1538/ 2021 ،القاضي برد الاستئناف موضوعا وتأييد الحكم المستأنف وتضمين المستأنفة رسوم ومصاريف الاستئناف . في حين لم يتقدم يتقدم المطعون ضدهما بلائحة جوابية ردا على لائحة الطعن.
المحكـــــــــــــمة
لورود الطعن ضمن الميعاد المقرر قانونا مستوفيا شرائطه الشكلية ، تقرر قبوله شكلا.
وفي الموضوع ، فإن ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق، أن الطاعنة أقامت الدعوى المدنيه 915/ 2000 لدى محكمة بداية نابلس في مواجهة المطعون ضدهما، تطلب فيها الحكم ببطلان الوكالة الدورية موضوع الدعوى، بالنظر الى أن مورث الطاعنة والمطعون ضدهما قام من خلالها ببيع قطعة الأرض الموصوفة في لائحة الدعوى للمطعون ضدهما أثناء مرض موته.
وبعد أن فرغت محكمة بداية نابلس من رؤية الدعوى ، أصدرت حكمها بتاريخ 3/ 6 /2021 حيث حكمت برد الدعوى.
لم يجد حكم محكمة بداية نابلس قبولا لدى الطاعنة، فبادرت لاستئنافه بالاستئناف المدني 1538/ 2021 ، وبعد أن فرغت محكمة الاستئناف من إجراءاتها، أصدرت حكمها المطعون فيه، القاضي برد الاستئناف موضوعا وتأييد حكم محكمة أول درجة.
لم ترتضِ الطاعنة بحكم محكمة الاستئناف، فبادرت للطعن به نقضا من خلال الطعن محل البحث.
وعن أسباب الطعن ، نجد أن أسباب الطعن جميعها ، تنعى على الحكم المطعون فيه بالقول، أن محكمة الاستئناف أخطأت فيما قضت به ، من عدم قيام حالة مرض الموت لدى مورث الطاعنة في الوقت ، الذي قام به ببيع قطعة الأرض موضوع الدعوى من خلال وكالة دورية منظمة لدى كاتب عدل نابلس.
والذي نراه أن المادة 1595 من مجلة الأحكام العدلية عرفت مرض الموت بأنه ( المرض الذي يعجز المريض عن رؤية مصالحه الخارجة عن داره إن كان من الذكور ، ويعجز عن رؤية المصالح الداخلة في داره إن كان من الإناث ، وفي هذا المرض خوف الموت في الأكثر ، ويموت على ذلك الحال قبل مرور سنة ، صاحب فراش كان أو لم يكن ، وان امتد مرضه دائما على حال ومضى عليه سنة يكون في حكم الصحيح ، وتكون تصرفاته كتصرفات الصحيح ما لم يشتد مرضه ويتغير حاله ، ولكن لو اشتد مرضه وتغير حاله ومات ، يعد حاله اعتبارا من وقت التغير إلى الوفاة مرض موت) ، وقد استقر الفقه والقضاء على انه يستفاد من هذا التعريف أنه يشترط للقول بتوافر مرض الموت ثلاثة شروط : الأول أن يقعد المرض المريض عن قضاء مصالحه، والثاني أن يغلب في المرض خوف الموت، والثالث أن يموت المريض على ذلك الحال قبل مرور سنة.
وبعطف النظرعلى ما جاء في مدونات الحكم الطعين، نجد ان محكمة الاستئناف أيدت محكمة أول درجة فيما حكمت به من عدم توافر حالة مرض الموت، حيث وجدت أن البينة التي تقدمت بها الطاعنة، عجزت عن إثبات وفاة مورثها بمرض الموت ، وبدورنا نرى أن هذه النتيجة لها أصلها الثابت في الأوراق ومستخلصة استخلاصا سائغا من البينات التي طرحت امام محكمة الموضوع ، ومن ذلك ما جاء في شهادة الطبيب المعالج يعقوب شريف محمد هواش حيث يقول ( وانني كنت اعالج المريض سابقا من اضطراب بدقات القلب وهبوط بالدورة الدموية وذبحة صدرية وسكر بالدم ، وان المريض عندما كنا نتابعه كان بكامل وعيه ، واني لا استطيع ان احدد اذا ما كانت هذه الامراض ممكن ان تؤدي للوفاه بوقت قريب ام لا، كونه سؤال افتراضي وان المريض يراجع المشفى منذ مدة 20 عام، وله ملف كونه يعاني من الامراض المذكورة منذ مدة طويلة ، وادخل مرارا للمستشفى وانه طول فتره علاج المريض لم الاحظ ابدا ان المريض يعاني من عيب بالإرادة بل كان يحضر أحيانا للعلاج وحده) .
والمستفاد من شهادة هذا الطبيب، وهي البينة الفنية الوحيدة في الدعوى الامور التاليه :
اولا: أنه لا يمكن تحديد ان كانت هذه الامراض امراضاً خطرة يغلب معها موت المريض.
ثانيا: أن مورث الطاعنة كان يتعالج لهذه الأمراض منذ مدة 20 عاما قبل وفاته ، وهو الامر الذي لا ينسجم مع تعريف مرض الموت سالف البيان.
وعليه فقد اخفقت الطاعنة في اثبات ان مورثها كان مريضا مرض الموت ، ولا يغير من الامر شيئا القول بان تنظيم الوكالة الدورية جرى قبل 10 أيام من تاريخ وفاة مورثها، خاصة وان البينة التي تقدمت بها الطاعنة نفسها تشير الى انه كان بصحة جيدة عند تنظيم الوكالة الدورية ومن ذلك قول الشاهد مازن صبحي اسعد شحروري الذي يقول ( وكان قبل وفاته عقله بصحة جيدة … ويقول كذلك … وتم تنظيم الوكالة الدورية، قبل وفاته ب 10 ايام وكان ممدوح في هذه الفترة بكامل قواه العقلية ) وهو ما يؤدي الى القول كذلك بانتفاء شرط عجزه عن رؤية مصالحه.
وعليه نجد أن أسباب الطعن لا ترد على الحكم المطعون فيه، بالنظر الى عدم ثبوت مرض مورث الطاعنة مرض الموت، قبل قيامه ببيع العقار موضوع الدعوى للمطعون ضدهما .
اما ما تتمسك به الطاعنة، من أن المطعون ضدهما وقعا اقرارا يصرحان فيه، ان الأرض سجلت لهما كأمانة على ان يتم التنازل عن جزء منها لصالح شخص يدعى فتحي بني جامع، بناء على اتفاق بينه وبين مورثهما، وأن ما يتبقى من الأرض بعد التنازل يكون لجميع الورثة استنادا لحجة حصر الارث.
والذي نجده ان الدعوى اقيمت استنادا إلى سبب محدد، وهو ان تصرف مورث الطاعنة كان إبان مرض موته ، ولا يسعها اضافة أسباب جديدة لم تكن محل ادعاء ابتداء ، ومن ناحية أخرى فلا يمكن الجمع بين الإدعاء أن البيع وقع أثناء مرض الموت وأنه من جهة اخرى كان صوريا ، وعلة ذلك؛ أن المادة 393 من المجله تقضي بأنه إذا باع شخص في مرض موته شيئا من ماله لأحد ورثته يعتبر ذلك موقوفا على اجازة سائر الورثة، فإن اجازوا بعد موت المريض ينفذ البيع وإن لم يجيزوا لا ينفذ ، وعليه يستفاد من هذه المادة أن بيع الوارث في مرض موته شيئا من ملكه لأحد ورثته ينعقد صحيحا، ولكن يكون موقوفا على إجازة باقي الورثة، خوفا من مظنة إيثار المورث بعض ورثته دون الاخرين ، في حين أن الادعاء بالصورية تدعو إلى نقض قيام عقد البيع من أساسه ، وهو الأمر الذي لا يمكن التوفيق بينهما ، إذ تقوم دعوى عدم إجازة تصرف الوارث على أساس أن البيع انعقد صحيحا ، ولكن موقوفا في حين تقوم الصوريه على أساس نفي قيام عقد البيع ، علما أن الصورية التي تتمسك بها الطاعنة من خلال هذا الإقرار ، هي صورية مطلقة تهدف إلى نفي اتفاق مورثها على بيع العقار مع المطعون ضدهما.
لهذه الأسباب
تقرر المحكمة رد الطعن وتأييد الحكم المطعون فيه .
قراراً صدر تدقيقاً باسم الشعب العربي الفلسطيني بتاريخ 13/05/2024