السنة
2010
الرقم
531
تاريخ الفصل
13 ديسمبر، 2010
المحكمة
محكمة العدل العليا
نوع التقاضي
طعن إداري
التصنيفات

النص

السلطــة الوطنيـة الفلسطينيـة

السـلطـة القضائيـة

محـكـمـة العدل العليـا

القـــرار

الصادر عن محكمـة العدل العليا المنعقدة في رام الله المأذونه بإجراء المحاكمة وإصدار الحكم باسم الشعب العربي الفلسطيني

الديباجة

الهيئة الحاكمــة : برئاسة نائب رئيس المحكمة العليا السيد القاضي محمود حماد وعضويـة السيدين القاضيين/رفيق زهد وهاني الناطور

 

المستدعــــي:- عمر شفيق مطلق حمدان / بصفته ممثل قائمة شهداء عصيرة القبلية الانتخابية والمسجلة لدى لجنة الانتخابات المركزية في مكتب منطقة نابلس وفقا لقانون انتخابات مجالس الهيئات المحلية رقم 10 لسنة 2005 رقم ( 05188076) بتاريخ 10/06/2010 و بصفته أحد مرشحي قائمة شهداء عصيرة القبلية الانتخابية. وكلاؤه المحامون ناصر الريس و أنس البرغوثي و بسام كراجة مجتمعين و/أو منفردين. المستدعى ضدهما:- 1) مجلس الوزراء الفلسطيني بالاضافة الى وظيفته. 2) رئيس مجلس الوزراء الفلسطيني بالاضافة الى وظيفته.

الإجــــراءات

الأسباب والوقائع

بتاريخ 13/07/2010 تقدم المستدعي بواسطة وكيله بهذه الدعوى للطعن في القرار الصادر عن المستدعى ضده الاول رقم (5201//A13/م.و.س.ف) لعام 2010 بتاريخ 10/06/2010 المتضمن الغاء قرار مجلس الوزراء بشأن انتخابات مجالس الهيئات المحلية و بشأن موعد انتخابات مجالس الهيئات المحلية و تحديد موعد اجراء الانتخابات القادمة في موعد لاحق.

في جلسة 18/07/2010 قرر وكيل المستدعي لائحة استدعاء و أبرز حافظة المستندات (المبرز ع/1) و ختم بينته و طلب اصدار القرار وفق ما جاء في لائحة الطعن و في ذات الجلسة قررت المحكمة توجيه مذكرة الى المستدعى ضدهما لبيان الاسباب الموجبة لاصدار القرار المطعون فيه أو المانعة من الغاءه .

بتاريخ 05/08/2010 تقدم المستدعى ضدهما بلائحة جوابية تضمنت فيما تضمنته بأن القرار المطعون فيه موافق الاصول و القانون و ان الدعوى واجبة الرد شكلا و/أو موضوعا.

في جلسة 20/09/2010 كرر رئيس النيابة اللائحة الجوابية و صرح بأنه لا يرغب في تقديم أية بينة.

في جلسة 11/10/2010 قدم وكيل المستدعي مرافعته الخطية.

في جلسة 10/11/2010 قدمت رئيسة النيابة العامة مرافعتها الخطية.

في جلسة 13/12/2010 كرر الطرفان اقوالهما و مرافعاتهما السابقة

التسبيب

المحكمـــــــة

بالتدقيق في اوراق الدعوى و البنات المقدمة فيها و في مرافعات اللطرفين تبين أنها مقدمة بتاريخ 13/07/2010 من المستدعي عمر شفيق مطلق حمدان بصفته ممثلا لقائمة شهداء عصيرة القبلية و بصفته الشخصية باعتبار أنه أحد مرشحي هذه القائمة ضد مجلس الوزراء و رئيس مجلس الوزراء للطعن في القرار رقم (01/52A/13/م.و/س.ف) لعام 2010 الصادر عن مجلس الوزراء في الجلسة المنعقدة بتاريخ 10/06/2010المتضمن ما يلي:

الغاء قرار مجلس الوزراء رقم (01/36/13/م.و/س.ف) لعام 2010 بشأن انتخابات مجالس الهيئات المحلية.

الغاء قرار مجلس الوزراء رقم (02/46/م.و/س.ف) لعام 2010 بشأن موعد انتخابات مجالس الهيئات المحلية.

تحديد موعد اجراء انتخابات مجالس الهيئات المحلية القادمة في موعد لاحق.

نعى المستدعي على القرار الطعين مخالفته الجسيمة للقانون و أنه مشوب بعيب السبب و بعيب عدم الاختصاص الجسيم.

ردّت الجهة المستدعى ضدها في لائحتها الجوابية على الطعن طالبة رده لاسباب نجملها بالآتي:

أولا: أن من حق مجلس الوزراء سحب أو الغاء القرار رقم (02/46/م.و/س.ف) الصادر عنه بتاريخ 25/04/2010 خلال المدة القانونية التي يسمح بها القانون للتراجع عن القرار الاداري و هي مدة 60 يوما من صدوره.

ثانيا: أن قانون انتخابات مجالس الهيئات المحلية رقم 10 لسنة 2005 تحدث عن تأجيل الانتخابات المحلية في بعض المجالس بناءا على طلب لجنة الانتخابات المركزية اذا اقتضى ذلك وجود اسباب فنية أو سلامة الانتخابات الا انه لم يتطرق الى تأجيل الانتخابات المحلية في جميع المجالس في حال وجود مانع يعيق اجراءها لذلك أصدر مجلس الوزراء القرار فيه لاسباب تتلخص فيما يلي:

ان المصلحة العامة المتمثلة بحفظ الأمن و منع وقوع اشكالات على مستوى الوطن تتهدد السلم و الامن الاجتماعي اقتضت اصدار هذا القرار لان حماية النظام العام مسؤولية السلطة التنفيذية.

وجود ظروف على أرض الواقع غير ملائمة لاجراء العملية الانتخابية بما يضمن شفافية و نزاهة الانتخابات و أن التأجيل يهدف الى تحقيق الوفاق الوطني و المصالحة.

استحالة اجراء الانتخابات المحلية في الوقت المحدد بقرار مجلس الوزراء بسبب الانقسام و ما نجم عنه من سيطرة قوى على المحافظات الجنوبية و منعها من اجراء الانتخابات المحلية المتمثل بمنع لجنة الانتخابات المركزية و طواقمها من ممارسة مهامهم للتحضير للانتخابات المحلية في المحافظات الجنوبية.

 

وفي مرافعة النيابة العامة أثارت دفعا لرد الدعوى لعدم الاختصاص بدعوى أن القرار الطعين محصن من رقابة القضاء باعتبار أنه من اعمال السيادة لأن المصلحة العامة تتطلب اطلاق يد الحكومة بوصفها سلطة حكم في تنظيم المرافق العامة و في ادارتها على احسن وجه و ذلك باختيار اقدر الاشخاص على العمل في خدمة هذه المرافق و ابعاد من ترى انه غير صالح و ان الاجراءات التي تتخذها الحكومة و الكفيلة بصيانة النظام العام و ضمان سير المرافق العامة بطريقة مستمرة و منتظمة و منتجة تتصل بمصالح الدولة العليا و من ثم تعتبر من اعمال السيادة و تخرج عن رقابة القضاء.

و المحكمة تجد أن وقائع هذه الدعوى تتلخص في أن مجلس الوزراء أصدر بتاريخ 08/02/2010 القرار رقم (01/36/13/م.و/س.ف) الذي نص في المادة الاولى منه على ما يلي:

اجراء الانتخابات لجميع مجالس الهيئات المحلية في يوم واحد في كافة الاراضي الفلسطينية و ذلك يوم السبت الموافق 17/07/2010.

تكليف لجنة الانتخابات المركزية بالبدء في اجراء كافة التحضيرات و الترتيبات الفنية اللازمة لتنظيم انتخابات مجالس الهيئات المحلية في موعدها المحدد اعلاه.

تكليف وزير الحكم المحلي بمتابعة تنظيم و اجراء الانتخابات مع لجنة الانتخابات المركزية.

وبتاريخ 25/04/2010 و بعد أن أطلع مجلس الوزراء على كتاب رئيس لجنة الانتخابات المركزية المؤرخ في 14/04/2010 اصدر القرار رقم (02/46/13/م.و/س.ف) الذي تضمنت المادة الاولى منه ما يلي:

استمرار التدابير اللازمة لاجراء انتخابات مجالس الهيئات المحلية في محافظات الضفة الغربية في التاريخ المحدد 17/07/2010.

تأجيل انتخابات مجالس الهيئات المحلية في قطاع غزة الى حين تمكن لجنة الانتخابات المركزية من استكمال استعداداتها الادارية و الفنية و متطلبات عقدها وفقا لاحكام القانون.

تكليف لجنة الانتخابات المركزية مواصلة العمل و الاستمرار في اتخاذ التدابير اللازمة لاستكمال متطلبات اجراء هذه الانتخابات في قطاع غزة وفقا لاحكام القانون.

 

وبتاريخ 05/06/2010 اصدر سيادة رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية رئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية رئيس دولة فلسطين قرارا تضمنت المادة الاولى منه ما نصه:

" يسمح لافراد الشرطة و قوى الامن الاقتراع في يوم واحد يسبق الموعد المحدد لبدء الاقتراع يحدد باعلان يصدر عن لجنة الانتخابات المركزية على ان يتم البدء بفرز الاصوات من صناديق الاقتراع لافراد الشرطة و قوى الامن في نفس الوقت الذي يتم فيه بدء فرز الاصوات من صناديق الاقتراع في انتخابات مجالس الهيئات المحلية باعتبار ان العملية الانتخابية كل متكامل و يجري الاقتراع طبقا لنفس الاحكام و الاجراءات المطبقة في يوم الاقتراع المحدد بقرار مجلس الوزراء ".

وبتاريخ 10/06/2010 اصد مجلس الوزراء القرار المطعون فيه .

وبتاريخ 10/06/2010 اصدرت لجنة الانتخابات المركزية البيان التالي حول تاجيل الانتخابات المحلية :

(( تلقت لجنة الانتخابات المركزية من مكتب رئيس الوزراء بعد ظهر يوم الخميس الموافق 10/06/2010 قرارا بتاجيل موعد اجراء انتخابات مجالس الهيئات المحلية التي كانت مقررة في 17 تموز المقبل الى موعد لاحق وذلك بناءا على الصلاحيات المخولة لمجلس الوزراء حسب قانون الانتخابات المحلية و بناءا على مقتضيات المصلحة العامة كما ورد في قرار التاجيل.

وتنتهز اللجنة هذه المناسبة لتعرب عن شكرها لكافة القوى و الاحزاب السياسية و القوائم الانتخابية المستقلة و مؤسسات المجتمع المدني على تعاونها خلال الفترة الماضية في التحضير لاجراء الانتخابات. كما تتقدم بالشكر و التقدير الى كافة طواقمها التي عملت على مدار الساعة خلال الفترة الماضية في سبيل انجاح العملية الانتخابية و التي برهنت على جاهزية اللجنة الدائمة للتعامل مع اي حدث انتخابي. و تأمل اللجنة ألا يكون لقرار اتاجيل المشار اليه اعلاه اي اثر على الارث الديموقراطي في فلسطين و الذي اصبح نهجا نعتز به و نفتخر.

تنويه : يشير قرار مجلس الوزراء "بمسماه" الى تأجيل الانتخابات غير أن مضمون القرار هو الغاء قراري مجلس الوزراء بشان الدعوة للانتخابات و تحديد موعدها)).

و بتاريخ 12/07/2010 تقدمت الجهة المستدعية بهذا الطعن.

و تخلص المحكمة مما تقدم الى الحقائق التالية:

ان قرار مجلس الوزراء باجراء الانتخابات لمجالس الهيئات المحلية قدر صدر رغم وقوع الانقسام المؤسف بين شطري الوطن في عام 2007.

ان مجلس الوزراء قرر الاستمرار في اجراءات الانتخابات في محافظات الضفة الغربية و تاجيل انتخابات مجالس الهيئات المحلية في قطاع غزة بعدما اعلمته اللجنة المركزية للانتخابات بعدم تمكنها من استكمال استعداداتها الادارية و الفنية و متطلبات عقدها وفقا لاحكام القانون.

ان اجراء الانتخابات لمجالس الهيئات المحلية قد حظي بموافقة سيادة رئيس دولة فلسطين _ رئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية_ رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية الذي قرر بتاريخ 05/06/2010 السماح لافراد الشرطة و قوى الامن بالاقتراع قبل الموعد المحدد لاقتراع المواطنين باعلان يصدر عن لجنة الانتخابات المركزية.

ان لجنة الانتخابات المركزية قد استكملت اجراءاتها في التحضير لاجراء الانتخابات و أكدت على جاهزيتها على التعامل مع اي حدث انتخابي و انها علمت بالقرار الطعين بعد صدوره.

ان القرار المطعون فيه هو في حقيقة الامر الغاء للانتخابات و ليس تاجيلا لها طالما انه لم يحدد آجلا للتأجيل و ان ما ذهبت اليه لجنة الانتخابات المركزية بهذا الخصوص موافق للواقع و القانون.

و بتطبيق حكم القانون على وقائع هذه الدعوى و حيث ان الاصول في صياغة الاحكام توجب ان يتقدم الفصل في الدفع المتعلق باختصاص المحكمة على ما سواه فاننا سنبدأ بالدفع الذي اثارته النيابة العامة و الذي مفاده ان المحكمة غير مختصة لان القرار المطعون فيه هو من اعمال السيادة.

و في هذا الخصوص نرى ان نبين ابتداءا ما يلي:

ان اعمال السيادة هي بطبيعتها اعمال ادارية و ان الدفع بان بعض القرارات الادارية هي من اعمال السيادة يهدف لتحصين هذه القرارات من رقابة القضاء كونها مشوبة بعدم المشروعية الامر الذي أدى لان يعتبرها الفقهاء بأنها و بحق تمثل نقطة سوداء في جبين المشروعية و اصبحت لديهم رغبة شبه اجماعية بزوالها من عالم القانون في المجتمعات التي يقوم كيانها على مبدأ سيادة القانون.

أنه يُسجل للمشرّع الفلسطيني باعتزاز انه وافق ما انتهى اليه الفقه بهذا الخصوص و نصّ في المادة 30 من القانون الاساسي على انه يحظر النص في القوانين على تحصين اي قرار او عمل اداري من رقابة القضاء و انه بذلك واكب روح العصر.

ان القضاء ساير توجه الفقه بالنسبة لاعمال السيادة و ضيّق من نطاق تطبيقها و حصرها في مجالات محددة.

ان القضاء في فرنسا و مصر استقر على انه في كل الاحوال ان عمل السيادة هو كل عمل يقرر القضاء له هذه الصفة.

ان القضاء الاداري في البلاد التي نصت قوانينها على اعمال السيادة حصرت هذه الاعمال في الحالات التالية:

أولا: الاعمال المنظمة لعلاقة الحكومة بالبرلمان و بضمان سير السلطات العامة وفق الدستور.

ثانيا: الأعمال المتعلقة بسير مرفق التمثيل الدبلوماسي.

ثالثا: الاعمال المتعلقة بالحرب.

رابعا: بعض الاعمال المتعلقة بسلامة الدولة و أمنها الداخلي في نطاق الحدود و الضوابط التي بينها القانون.

انظر كتاب الدكتور سليمان الطماوي ، النظرية العامة للقرارات الادارية صفحة 145 و ما بعدها. و بالعودة الى موضوع الدفع بعدم الاختصاص الذي أثارته النيابة العامة على اعتبار ان القرار الطعين هو من اعمال السيادة تجد المحكمة الآتي :

أنه من الرجوع لنص المادة 85 من القانون الاساسي و التي جاء فيها أنه تنظم البلاد بقانون في وحدات ادارية محلية تتمتع بالشخصية الاعتبارية و يكون لكل وحدة منها مجلس منتخب انتخابا مباشرا على الوجه المبين في القانون. و الى نص المادة الرابعة من قانون انتخابات مجالس الهيئات المحلية رقم 10 لسنة 2005 و التي جاء فيها أنه تجري الانتخابات المحلية في جميع المجالس في يوم واحد كل اربع سنوات بقرار يصدر عن مجلس الوزراء يتضح بصورة مؤكدة ان اجراء الانتخابات العامة لمجالس الهيئات المحلية هو استحقاق دستوري و قانوني يجب مباشرته في الموعد المحدد و على النحو الذي بينه و حدده القانون و أنه ليس منحة او خيارا للسلطة التنفيذية أن شاءت باشرته و ان شاءت تركته.

ان القرار المطعون فيه لا يدخل ضمن الحالات التي استقر القضاء على اعتبارها من اعمال السيادة فهو ليس من الاعمال المنظمة لعلاقة الحكومة بالبرلمان و بضمان سير السلطات العامة وفق الدستور و هو ليس متعلقا بسير مرفق التمثيل الدبلوماسي و لا باعمال متعلقة بالحرب كما انه لا يدخل ضمن الاعمال المتعلقة بسلامة الدولة و أمنها الداخلي بعد أن ثبت أن مجلس الوزراء قرر اجراء الانتخابات للهيئات المحلية بعد مضي اكثر من عامين على الانقسام المؤسف بين شطري الوطن ثم عاد وأكد على الاستمرار لى اجراءها في محافظات الضفة الغربية و تأجيلها في قطاع غزة رغم علمه بعدم تمكن لجنة الانتخابات المركزية من استكمال استعداداتها الادارية و الفنية و متطلبات عقدها فيه وفقا لاحكام القانون هذا مع العلم بان لجنة الانتخابات المركزية قد استكملت اجراءاتها للتحضير للانتخابات في محافظات الضفة الغربية في موعدها المقرر دون عائق و دون وجود أي مظهر من المظاهر التي تتهدد الامن الداخلي و المحكمة ترى أن اجراء الانتخابات وتطبيق احكام القانون يعزز الامن و السلم الاهلي و يبعث على الطمأنينة و الاستقرار في المجتمع كما أنها ترى في قول النيابة العامة (( ان المصلحة العامة تتطلب اطلاق يد الحكومة بوصفها سلطة حكم في تنظيم المرافق العامة و في ادارتها على احسن وجه و ذلك باختيار اقدر الاشخاص على العمل في خدمة هذه المرافق و ابعاد من ترى انه غير صالح و ان الاجراءات التي تتخذها الحكومة و الكفيلة بصيانة النظام العام و ضمان سير المرافق العامة بطريقة مستمرة و منظمة و منتجة تتصل بمصالح الدولة العليا )) ما يعتبر هدما لأسس الديمقراطية التي يقوم عليها النظام السياسي و الاجتماعي في فلسطين و التي كرسها بنصوص واضحة و صريحة القانون الاساسي كما انها تمس في الصميم قيما و مبادئ راسخة في وجدان الشعب.

ان وظائف و صلاحيات و سلطات المجالس المحلية المنصوص عليها في المادة 15 من قانون الهيئات المحلية تنحصر في تقديم الخدمات المتمثلة في تخطيط البلدات و الشوارع و ترخيص المباني و تامين الماء و الكهرباء و انشاء المجاري و تنظيم الحرف و الصناعات و جمع النفايات و مراقبة الصحة و المحلات العامة الى غير ذلك من الخدمات المماثلة و هي جميعها تتعلق بحياة المواطنين بصورة مباشرة و هم الاقدر على معرفة و اختيار الاكفأ للقيام بها و تولي مسئوليتها و ليس لها علاقة بسلامة السلطة و أمنها الداخلي او الخارجي لا من قريب و لا من بعيد.

بناءا على ما تقدم تجد المحكمة أن الدفع الذي اوردته النيابة العامة بعدم الاختصاص على اعتبار ان القرار الطعين من اعمال السيادة ليس له سند من القانون ولذلك فهو مستوجب الرد.

أما بالنسبة لصحة الخصومة والتي يجب أن تتحقق المحكمة منها قبل التصدي لموضوع الطعن تجد المحكمة أن الدعوى مقدمة من المستدعي عمر شفيق مطلق حمدان بصفته أحد المرشحين للانتخابات المركزية في مكتب منطقة نابلس و المحكمة ترى ان للمستدعي المذكور حق تقديم هذه الدعوى بصفته احد المرشحين للانتخابات المحلية و هي صفة ثبتت له من اشعار استلام طلب التسجيل و الترشح المقدم منه للجنة المركزية و من اشعار ايداعه رسوم الترشح لدى البنك العبي لحساب اللجنة المركزية المبرزين ضمن حافظة مستندات المستدعي في حين أنه لا يحق له تقديم الدعوى بصفته ممثلا لقائمة شهداء عصيرة القبلية لأن القانون لم يمنح القوائم الانتخابية الشخصية الاعتبارية المستقلة عن اعضاءها التي تخولها حق التقاضي، و من المسلم به أن الشخصية الاعتبارية لا تثبت لأي مجمموعة من الاشخاص الا اذا نص القانون على منحها تلك الشخصية كما هو الحال في الشركات و الجمعيات و البلديات و غيرها من الاشخاص الاعتباريين. تعزيزا لما ذهبنا اليه نجد ان المشرع اعطى بموجب المادة 55 من قانون انتخابات المجالس المحلية لكل ناخب او مرشح او وكيله حق الطعن في نتائج الانتخابات و لم يعط ذلك الحق للقائمة الانتخابية.

و من ناحية ثانية تبين ان المستدعي خاصم في هذه الدعوى كل من مجلسس الوزراء مصدر القرار الطعين و رئيس مجلس الوزراء وذلك خلافا لما استقر عليه الفقه و القضاء من ان الخصومة

يجب ان توجه لمصدر القرار.

بناءا على ما تقدم فان تقديم الطعن من المستدعى بصفته ممثلا لقائمة شهداء عصيرة القبلية و مخاصمته للمستدعى ضده الثاني رئيس مجلس الوزراء يكونان في غير محلهما.

و بالعودة لموضوع الدعوى فان المحكمة تجد أن مضمون القرار المطعون فيه هو الغاء للقرار الصادر عن المستدعى ضده الاول مجلس الوزراء بتاريخ 08/02/2010 القاضي باجراء انتخابات مجالس الهيئات المحلية بتاريخ 17/07/2010.

و المحكمة ترى أن مجلس الوزراء في ذلك قد خالف القانون للأسباب التالية:

ان القرار الطعين الصادر بتاريخ 10/06/2010 قد صدر بعد انقضاء المدة القانونية التي يجوز فيها للادارة سحب او الغاء قرار سبق ان اصدرته و هذه المدة هي مدة الطعن و هي محددة بستين يوما. ولا يغير من الامر شيئا قول النيابة العامة من ان مجلس الوزراء قد سحب او الغى القرار الصادر عنه بتاريخ 25/04/2010 ذلك ان القرار هو قرار توكيدي للقرار الصادر عنه بتاريخ 08/02/2010 فيما يتعلق باجراء الانتخابات بتاريخ 17/07/2010.

ان القرار الطعين لم يأتي مسببا خلافا لما استقر عليه الفقة و القضاء.

ان قرار السحب او الالغاء غير جائز قانونا الا عندما يكون القرار المسحوب او الملغى قرار غير مشروع و قرار اجراء الانتخابات قرار مشروع لان الانتخابات و اجراءها في موعدها المحدد هو استحقاق دستوري و قانوني.

ان صلاحية مجلس الوزراء تأجيل الانتخابات جزئيا او كليا يتوقف على طلب من لجنة الانتخابات المركزية باعتبارها الجهة التي اناط بها القانون مهمة تنفيذ قرار اجراء الانتخابات و لا يملك مجلس الوزراء بعد ان اصدر قراره باجراء الانتخابات في موعد محدد ان يعود عن ذلك من تلقاء ذاته طالما ان لجنة الانتخابات المركزية لم تطلب ذلك.

منطوق الحكم

لـهذه الاســـباب

تقرر المحكمة :

رد الطعن المقدم من المستدعي بصفته ممثلا لقائمة شهداءعصيرة القبلية الانتخابية شكلا لعدم الخصومة.

رد الطعن ضد المستدعى ضده الثاني رئيس مجلس الوزراء شكلا لعدم صحة الخصومة.

الغاء القرار المطعون فيه الصادر عن المستدعى ضده الاول مجلس الوزراء بتاريخ 10/06/2010 و تضمينه الرسوم و مبلغ مائة دينار أتعاب محاماة.

جملة الصدور والإفهام وتاريخ الفصل

قراراً صدر وتلي علناً باسم الشعب العربي الفلسطيني وافهم بتاريخ 13/12/2010

القضاة في الصدور والإفهام

الكاتب : الرئيس