السنة
2019
الرقم
510
تاريخ الفصل
14 يناير، 2020
المحكمة
محكمة النقض
نوع التقاضي
طعون جزائية
التصنيفات

النص

دولـــــة فــــلســــــطين

السلطــــة القضائيـــة

محكمــة النقض

"الحكـــــــم"

الصادر عن محكمة النقض المنعقدة في رام الله المأذونه بإجراء المحاكمة وإصداره

 بإسم الشعب العربي الفلسطيني

الهـيئـــــــــة الحـاكـمـــة بـرئاســـــــــة القاضـــــي الســــــــــيد خليل الصياد

وعضويــــة الســادة القضــاة : عماد مسوده ، ارليت هارون ، أمجد لباده ، سائد الحمد الله

 

الطــاعـــــــــــن : ن.ع / رام الله وسكانها

                   وكيله المحامي : ثائر بني عودة / رام الله 

المطعـون ضـده  : الحق العام

                                                          الإجـــــــــــراءات

تقدم الطاعن بهذا الطعن بواسطة وكيله بتاريخ 05/11/2019 لنقض الحكم الصادر حضوريا عن محكمة بداية رام الله بصفتها الاستئناف في الاستئناف الجزائي رقم 94/2019 بتاريخ 29/09/2019 المتضمن قبول الاستئناف موضوعا والغاء القرار المستانف وادانة المستانف ضده بتهمة اساءة الائتمان خلافا للمادة 422 من قانون العقوبات لسنة 1960 وايقاع عقوبة الحبس عليه لمدة شهرين والغرامة بواقع عشرون دينار .

يستند هذا الطعن للاسباب التالية :-

  1. الحكم المطعون فيه مخالف للاصول والقانون .
  2. ان الحكم المطعون فيه قد شابه قصورا واضحا في التسبيب وفساد في التعليل .
  3. ان الحكم المطعون فيه لم يتناول اي من الدفوع والاعتراضات المقدمة من قبل وكيل الطاعن .
  4. خالفت المحكمة مصدرة القرار المستانف نص المادة 422 من قانون العقوبات الاردني رقم 16 لسنة 1960 حينما نظرت الدعوى الصادر بها القرار محل الطعن دون التطرق الى موضوع الدعوى وبالتالي مراعاة التكييف الصحيح للتهمة المسندة للطاعن واركان هذه الجريمة المادي والمعنوي وانطباق الاركان مع الافعال المسندة من عدمه .
  5. اخطأت محكمة بداية رام الله بصفتها الاستئنافية في قرارها خاصة وانه غير معلل بتاتاً وقاصرا وناقصا وغير مسبب ومخالف لاحكام القانون .
  6. ان المحكمة اصدرت حكمها على التخمين دون التدقيق وذلك واضحا من خلال عدم التسبيب والتناقض بالتسبيب في الحكم اذ انها لم تقم الدليل على ان الثلاجة قد بيعت وبقي الامر مجرد ادعاء عازه الدليل والنيبة لذلك .
  7. اخطأت المحكمة الاستئنافية مصدرة الحكم الطعين بادانة الطاعن بالتهمة المسندة اليه حيث لم تقم بوزن البينة و/او تفنيدها وان التفسير الذي توصلت اليه تفسيرا خاطئا مع كل الاحترام .
  8. الحكم محل الطعن لم يتضمن اثبات الضرر والقصد الجنائي في هذه الجريمة حيث لم تقم المحكمة الدليل على القصد الجرمي .

المحكمـــــــــــــة

بعد التدقيق والمداولة ولما كان الطعن مقدم ضمن المدة القانونية ومستوفٍ لشرائطه الشكلية الاخرى فنقرر قبوله شكلاً .

وفي الموضوع ، وعلى ما يبين من اوراق الدعوى بان النيابة العامة احالت الطاعن لمحكمة صلح رام الله في الدعوى الجزائية رقم 6154/2011 لمحاكمته بتهمة اساءة الائتمان المعاقب عليها بموجب المادة 422 من قانون العقوبات رقم 16 لسنة 1960 وجاء في لائحة الاتهام "ان الجهه المشتكية تعمل في انتاج وبيع المشروبات الغازية والمتهم لديه محل حيث قامت الشركة باعارته ثلاجة تحمل شعارها على سبيل الامانة ويردها حين الطلب ولكن اكتشفت الشركة المشتكية في شهر 10/2011 ان المتهم تصرف بالثلاجة وباعها لشخص اخر" .

باشرت محكمة الصلح نظر الدعوى وبعد سماع البينات واستكمال الاجراءات لديها اصدرت حكمها بتاريخ 22/01/2019 والذي قضت بموجبه اعلان براءة المتهم من التهمة المسندة له لعدم قيام اركان الجريمة .

لم ترتض النيابة العامة بالحكم الصلحي فطعنت فيه استئنافا لدى محكمة بداية رام الله بصفتها الاستئنافية والتي وبعد استكمال الاجراءات لديها اصدرت حكمها بتاريخ 29/09/2019 والذي قضت بموجبه بقبول الاستئناف موضوعا والغاء القرار المستانف وادانة الطاعن (المستانف) بتهمة اساءة الائتمان خلافا للمادة 422 من قانون العقوبات وايقاع عقوبة الحبس عليه لمدة شهرين والغرامة عشرون ديناراً .

لم يقبل الطاعن بالحكم الاستئنافي وتقدم بهذا الطعن للاسباب التي اوردها في لائحة الطعن .

وعن اسباب الطعن التي ينعي فيها الطاعن على المحكمة مصدرة الحكم الطعين فيما توصلت اليه من ادانة له باساءة الائتمان وفيما يخص الاسباب من الاول وحتى الثالث فاننا نجد انها جاءت بصيغة عامة دون تحديد مواطن مخالفة الحكم الطعين للقانون وما شابه من قصور في التعليل والتسبيب والفساد بالاستدلال وتلك الدفوع والاعتراضات الموجهه من قبله حتى تتصدى له محكمتنا بالمعالجة مما يسبغ هذه الاسباب بالجهالة وعدم التحديد ويجعلها غير واردة وبالتالي نقرر ردها .

اما بخصوص باقي اسباب الطعن فاننا نجد بانها انصبت جميعها على النعي على الحكم الطعين بان المحكمة مصدرة الحكم لم تراعي التكييف الصحيح للتهمة المسندة للطاعن وان اركان وعناصر التهمة المسندة وهي اساءة الائتمان المادي والمعنوي غير متوافرة وان تلك الاركان لا تنطبق على وقائع الدعوى مما جعل قرارها الطعين قاصرا من حيث التعليل والتسبيب وضد وزن البينة .

وفي ذلك نجد ان من الثابت من اوراق الدعوى ان المتهم الطاعن قد استلم ثلاجة من الجهه المشتكية شركة المشروبات الوطنية لغايات عرض منتجاتها في محله الكائن في ام الشرايط وانه تعهد باستعمالها على هذا النحو ولتلك الغاية تعهد باعادتها للجهه المشتكية عند الطلب وهذا ثابت من العقد المبرم بين الطاعن والجهه المشتكية وهو المبرز م/1 والذي عنون بعقد اعاره وهذا العقد منظم من الشاهد خ.ح والذي يعمل فني صيانة لدى الجهه المشتكية والذي شهد امام المحكمة على العقد وتوقيع المتهم عليه واستلام هذا الاخير للثلاجة ، كما نجد من الثابت ان المتهم الطاعن قام ببيع الثلاجة المسلمة له من قبل الجهه المشتكية وهذا ثابت من شهادة الشاهد م.ع والذي اكد بشهادته بانه ذهب الى محل المتهم في شهر 8 او 9 لسنة 2011 وانه لم يجد الثلاجة لدى المتهم وانه حين ساله عنها قال له ان قام ببيعها وانه لم يراجع الجهه المشتكية بخصوص بيعه للثلاجة .

حيثيات القانون :

بالرجوع الى نص المادة 422 عقوبات لسنة 1960 فانها تنص على انه : (كل من سلم إليه على سبيل الأمانة أو الوكالة ولأجل الإبراز والإعادة أو لأجل الاستعمال على صور معينة أو لأجل الحفظ أو لإجراء عمل بأجر أو دون أجر - ما كان لغيره من أموال ونقود وأشياء وأي سند يتضمن تعهداً أو إبراء وبالجملة كل من وجد في يده شيء من هذا القبيل فكتمه أو بدله أو تصرف به تصرف المالك أو استهلكه أو أقدم على أي فعل يعد تعدياً أو امتنع عن تسليمه لمن يلزم تسليمه إليه، ويعاقب بالحبس من شهرين إلى سنتين وبالغرامة من عشرة دنانير إلى مئة دينار) .

على ضوء النص المذكور فان المشرع الجزائي قد اشترط لتحقق جرم اساءة الامانة عدة اركان منه ان يكون المال قد سلم على سبيل الامانة او الوكالة او لاجل الابراز والاعادة او لاجل الاستعمال على صورة معينة . اما الركن المعنوي يتكون من العلم والارادة وهو القصد الجرمي العام ويتحصل بوجوب علم الفاعل بكافة عناصر الركن المادي اي ان يعلم ان المال مملوك للغير ، وان حيازته لذلك المال هي حيازة ناقصة وليست كاملة وان تتجه ارادته الى حرمان المالك من حقوقه على الشيء المؤتمن عليه والتصرف في الشيء تصرف المالك ، كما ان القصد الجرمي في جريمة اساءة الامانة لا يتحقق بمجرد تصرف المتهم في الشيء المسلم اليه وانما يتطلب فوق ذلك ثبوت نية تملكه اياه وحرمان صاحبه منه بنية الاضرار وهذا هو القصد الجرمي الخاص .

وبتطبيق القانون على الوقائع الواردة في ملف الدعوى موضوع الطعن فننا نجد بان قيام الطاعن بالتصرف بالثلاجة وتحويل حيازته لها من حيازة ناقصة الى حيازة كاملة مع علمة بذلك وحرمان الجهه المشتكية من استعادتها وذلك لبيعها ، فقيامه بذلك يدلل على توافر نية الظهور على الشيء بمظهر المالك منتويا عدم ردها اضرارا بالجهه المشتكية ولا يرد القول بان الطاعن قد اخل بالعقد كما ساق ذلك في لائحة طعنه فالقانون لا يعاقب على الاخلال بتنفيذ عقد الامانة في ذاته وانما يعاقب على العبث بملكية الشيء المسلم بمقتضاه وان حفاظ قيام جرم اساءة الائتمان في النازلة محل العبث تحصل في ثبوت قيام الجاني بالتصرف في الشيء الذي سلم له بموجب العقد المبرز م/1 وعدم استعماله في الامر المعين والمحدد بالعقد المذكور الذي ارادته الجهه المشتكية من ذلك التسليم وهو بموجب العقد تحدد في عرض المتهم الطاعن بضاعة الجهه المشتكية في محله بحيث تستفيد هذه الاخيرة من بيع منتجاتها والمتهم يستفيد من بيع تلك المنتجات بمعنى ان العقد الذي يربط بين الطاعن والجهه المشتكية هو عقد ايجار منفعه وليس عقد عارية استعمال لثبوت ان العقد كان بمقابل .

ونحن في ذلك نؤيد المحكمة الاستئنافيه فيما ذهبت اليه في تكييفها للعقد الذي يحكم علاقة المتهم مع الجهه المشتكية .

وعليه وفي ضوء ما اوضحنا عاليا فان ما انتهت اليه المحكمة الاستئنافيه من توافر اركان وعناصر جريمة اساءة الائتمان خلافا للمادة 422 من قانون العقوبات رقم 16 لسنة 1960 تكون قد طبقت صحيح القانون على الواقع واستخلصت ذلك استخلاصا سائغا ومتفقا مع واقع البينات الواردة في ملف الدعوى وقامت بوزن تلك البينات وزنا سليماً وعللت قرارها تعليلاً كافياً يؤدي الى تلك النتيجة ويتفق مع منهج بناء الاحكام الجزائية وذلك باعطائها واقعة الدعوى وصفها الجرمي طبقاً لقانون العقوبات من حيث مادة الاسناد واجبة التطبيق بعد احاطتها بعناصر الدعوى ببيان عناصر الجرم واركانه على نحو كافٍ وسليم بما يتفق واحكام المادة 276 من قانون الاجراءات الجزائية النافذ مما يجعل اسباب الطعن غير واردة على الحكم الطعين .

لهذا كله واستناداً لما تقدم نقرر رد الطعن موضوعاً وتأييد الحكم المطعون فيه .

حكماً صدر تدقيقاً بإسم الشعب العربي الفلسطيني بتاريخ 14/01/2020