السنة
2018
الرقم
498
تاريخ الفصل
21 نوفمبر، 2021
المحكمة
محكمة النقض بصفتها الإدارية
نوع التقاضي
طعون حقوقية
التصنيفات

النص

دولـــــة فــــلســــــطين

السلطــــة القضائيـــة

المحكمة العليا / محكمــة النقض

"الحكـــــــم"

الصادر عن المحكمة العليا / محكمة النقض المنعقدة في رام الله المأذونة بإجراء المحاكمة وإصداره

 بإسم الشعب العربي الفلسطيني

  الهـيئـــــــــة الحـاكـمــــــــة: بـرئاســـــــة القاضــــــي السيـــد عبد الله غزلان

وعضويـة القضاة السادة:عدنــان الشعيبـي، محمـد الحـاج ياسين، فـــوّاز عطية، ومحمـود جامـوس

الطعن الأول رقم 498/2018

الطــــاعـــــن: احمد محمود احمد ولويل/ البيرة

                  وكيلاه المحاميان محمد نمر و/أو محمد أبو زياد/ رام الله      

المطعـــون ضدها: شركة بنك الاسكان للتجارة والتمويل/ رام الله

                           وكيلها المحامي حسام الاتيرة/ رام الله

الطعن الثاني رقم 510/2018 

الطاعنة: شركة بنك الاسكان للتجارة والتمويل/ رام الله

           وكيلها المحامي حسام الاتيرة/ رام الله

المطعون ضده: احمد محمود احمد ولويل/ البيرة

                   وكيلاه المحاميان محمد نمر و/أو محمد أبو زياد/ رام الله

الإجــــــــــــــراءات

تقدم المدعي بالطعن الأول بتاريخ 22/3/2018، كما تقدمت المدعى عليها بالطعن الثاني بتاريخ 25/3/2018 لنقض الحكم الصادر بتاريخ 12/2/2018 عن محكمة استئناف رام الله في الاستئنافين المدنيين رقمي 836/2017 و865/2017 ، القاضي:" بقبول الاستئنافين موضوعا، وتعديل الحكم المستأنف ليصبح إلزام المدعى عليها شركة بنك الاسكان للتجارة والتمويل بأن تدفع للمدعي مبلغ 44684 ديناراً اردنياً ورد باقي المطالبات، مع الرسوم والمصاريف بنسبة المبلغ المحكوم به واتعاب محاماة بواقع 500 دينار اردني عن درجتي التقاضي".

المحكمـــــة

 بالتدقيق وبعد المداولة، ولورود الطعنين ضمن الميعاد مستوفيا شرائطهما الشكلية، تقرر قبولهما شكلا.

وفي الموضوع، وعلى ما أفصحت عنه أوراق الدعوى، أن المدعي تقدم بالدعوى المدنية 620/2015 امام محكمة بداية رام الله ضد المدعى عليها موضوعها: المطالبة  بمبلغ 134721 دينارأ اردنياً، على سند من القول أن المدعي عمل لدى المدعى عليها منذ 13/7/2008 حتى 7/12/2014 بوظيفة ضابط مشتريات ولوازم وبأجر شهري 1280 ديناراً اردنياً، وأن المدعى عليها فصلت المدعي فصلا تعسفيا دون وجه حق، بموجب كتاب انهاء خدمة مؤرخ في 4/12/2014، وأنه يستحق جميع البدلات المطالب بها في لائحة الدعوى المفصلة في البند الرابع منها.

تقدمت المدعى عليها بلائحة جوابية، ابدت من خلالها أن الدعوى واجبة الرد لعدم صحة الخصومة ولعدم استنادها لسبب قانوني سليم، وابدت أن انهاء عمل المدعي كان قانونيا ضمن احكام المادة 40/2 من قانون العمل نتيجة تقصيره في عمله بعدم دفع اجرة احد مقرات البنك ضمن المدة القانونية، مما تسبب في اقامة دعوى تخلية مأجور واثرت على سمعة البنك، الامر الذي ألحق ضررا جسيما بمصلحة البنك، وانكرت قيمة المطالبات وابدت أنها مبالغ فيها، وأن من حقها مطالبة المدعي بالتعويضات عن الخسائر والضرر الذي لحق بها، وبنتيجة المحاكمة قضت بإلزام المدعى عليها بأن تدفع للمدعي مبلغ 35452 ديناراً اردنياً ورد باقي المطالبات لعدم اثباتها.

لم يرتضِ المدعي بحكم محكمة الدرجة الأولى، كما ولم ترتضِ المدعى عليها به، فبادرا للطعن فيه امام محكمة استئناف رام الله، بموجب الاستئنافين المدنيين رقمي 836/2017 و 865/2018، وبنتيجة المحاكمة قضت "بقبول الاستئنافين موضوعا، وتعديل الحكم المستأنف ليصبح إلزام المدعى عليها شركة بنك الاسكان للتجارة والتمويل، بأن تدفع للمدعي مبلغ 44684 ديناراً اردنياً ورد باقي المطالبات، مع الرسوم والمصاريف بنسبة المبلغ المحكوم به واتعاب محاماة بواقع 500 ديناراً أردنياً عن درجتي التقاضي"

لم يرتضِ المدعي بحكم محكمة الاستئناف، كما ولم ترتضِ المدعى عليها به، فبادرا للطعن فيه بالنقضين الماثلين للأسباب الواردة فيهما، لم يتقدم أي من المطعون عليهما في كلا الطعنين بلائحة جوابية.

وعن السبب الرابع من الطعن الثاني رقم 510/2018 المقدم من المدعى عليها، الناعي على الحكم الطعين بالبطلان، نتيجة حرمان محكمة الاستئناف المدعى عليها من تقديم البينة التي طلبتها، بما يخالف نص المادة 2 من قانون البينات، وأن البينات من حق الخصوم، إذ تلك البينة تتعلق بإشعار موجه من المدعى عليها إلى وزارة العمل بخصوص انهاء عقد العمل نتيجة الضرر الجسيم الذي وقع على المدعى عليها  بسبب الخطأ الذي ارتكبه المدعي، رغم مطالبة المدعى عليها بتقديم البينة الخطية المذكورة امام محكمة الاستئناف، علما أنه سبق الاشارة إليها في لائحة الاستئناف وارفقت معها.

 في ذلك نُبين أن المادة 220 المعدلة من قانون أصول المحاكمات المدنية والتجارية المعدلة نصت على أن:     1- تنظرمحكمة الاستئناف على اساس ما يقدم لها من بينات ودفوع وما كان قد قدم لمحكمة أول درجة، وتصدر حكما في موضوع الدعوى، ولا يجوز لها اعادة القضية إلى محكمة أول درجة إلا في الحالات الواردة في الفقرة 3 من المادة 223 من القانون الاصلي.

2- لا يجوز لمحكمة الاستئناف سماع أية بينة كان بإمكان الخصوم تقديمها امام محكمة أول درجة".

 

ولما كان المستفاد من ذلك أن مفهوم الاستئناف في علم وفقه أصول المحاكمات المدنية والتجارية، هو التظلم من الحكم وليس القصد منه التظلم من القاضي، بمعنى أن الغرض من الاستئناف إصلاح ما في الحكم المستأنف من خطأ ، بما يحق للخصوم أن يبدوا في الاستئناف ما شاءوا من البينات والدفوع، سواء أكانت دفوعا موضوعية أم شكلية، ما دام الحق في ابدائها لم يسقط لسبب آخر كسقوط الحق في ابداء الدفوع الشكلية غير المتعلقة بالنظام العام، ولذلك نص المشرع في الفقرة الاولى من المادة 220 من القانون سالف الذكر صراحة بالقول يجب على المحكمة أن تنظر الاستئناف على اساس ما يقدم لها من بينات ودفوع وأوجه دفاع جديدة.

وعليه، فإن المقصود من الفقرة الثانية من المادة 220، بعدم جواز سماع أية بينة كان بإمكان الخصوم تقديمها امام محكمة أول درجة، هو المعنى الخاص للبينة  التي هي شهادة الشهود الذين يؤيدون صحة الحادث أو العمل القانوني المدعى به، باعتبارهم على علم به.

لذلك، اعتبرت المادة 7 من قانون البينات رقم 4 لسنة 2001 الشهادة من احدى طرق الاثبات، ومن الطبيعي الشهادة تؤدى بالسماع، بخلاف الدليل الكتابي الذي يقدم للمحكمة بالإبراز، بينما الاقرار والخبرة قد يجمعا السماع والإبراز، أما اليمين فتؤدى بالسماع امام المحكمة، وبالتالي فإن المقصود من الفقرة الثانية من المادة المذكورة،  بعدم جواز سماع أية بينة كان بإمكان الخصوم تقديمها امام محكمة أول درجة، هي البينة التي تؤدى من خلال شهادة الشهود سواء أكانت الشهادة المباشرة: التي يدلي بها الشاهد بما وقع تحت بصره أوبما سمع ورأى وتكون سماعية امام القاضي أو بالاشارة للأخرس والأصم وهي الصورة الغالبة، أو الشهادة السماعية: التي تؤدى من الشاهد نقلا عن غيره الذي رأى بعينه أوسمع بإذنه وهي أقل قيمة من الشهادة الأولى أو الشهادة بالتسامع التي هي شهادة بما هو شائع بين الناس، فالشاهد هنا لا يروي عن شخص معين أو واقعة بالذات، وانما يشهد بما تتسامعه الناس وتفاعلهم مع تلك الواقعة، وهي غير قابلة للتحري وحكمها أنها غير مقبولة.

 

وعليه، وبإنزال صحيح حكم القانون على الواقعة المذكورة سالفاً، و بعد الاطلاع على مجريات المحاكمة أمام محكمة الدرجة الأولى، نجد أن وكيلة المدعى عليها المنابة قد ختمت بينتها بإرادتها، إلا أنه في جلسة تقديمها للمرافعة طلب الوكيل المناب فتح باب المرافعات بالسماح له بتقديم مستند خطي، الامر الذي رفضته المحكمة، بحيث احتفظ الوكيل المناب في تقديمه امام محكمة الاستئناف، وبالفعل ابدت الجهة المدعى عليها رغبتها بتقديم ذلك المستند في لائحة الاستئناف المقدمة منها، وطلبت  ذلك بجلسة المحاكمة، ولما بررت محكمة الاستئناف رفض الطلب على سند من القول:"  بأن طلب الجهة المدعية بتقديم المستند جاء بعد ختم البينة، وأن ذلك المستند لم يكن ضمن الدفوع الواردة في اللائحة الجوابية"، فبعض ذلك القول يخالف واقع اللائحة الجوابية التي ورد في بندها الثامن بأن:" امتناع المدعى عليها عن الدفع جاء بالاستناد إلى اسباب ومسوغات قانونية و/أو واقعية و/أو عقدية سيتم اثباتها حين حلول دورها في تقديم البينة".

وبالتالي، وعطفا على ما ورد أعلاه، ولما كانت اللائحة الجوابية المقدمة من المدعى عليها قد بينت سبب الامتناع ولا يثبت ذلك إلا بالبينة، والمستند محل رفض الابراز من محكمتي الموضوع، لا يعتبر ضمن البينة التي لا يجوز تقديمها  على النحو المفصل اعلاه، لأنه ليس من ضمن البينة السماعية بصورها الثلاثة آنفة الوصف، وبما أن طرق الاثبات الواردة في المادة 7 من قانون البينات النافذ التي تؤدى بالشهادة على النحو المذكور ، إذا كان بإمكان الخصوم تقديمها امام محكمة أول درجة، يحول سماعها امام محكمة الاستئناف، وفيما عدا ذلك تطبق القاعدة الرئيسية الواردة في الفقرة الاولى من المادة المذكورة، مما يجعل من عدم ابراز ذلك المستند امام محكمة الاستئناف قد يكون مؤثرا ومنتجا في نتيجة الدعوى، لا سيما وأن المشرع اعتبر في حكم المادة 220 من الاصول المدنية والتجارية ، أن محكمة الاستئناف محكمة موضوع، عليها أن تنظر في الاستئناف على اساس ما يُقدم لها من بينات ودفوع وما كان قُدم لمحكمة أول درجة، باعتبار الدور الذي تقوم به دور رقابي من الناحية الموضوعية على حكم محكمة الدرجة الأولى، في عملها للتحقق من حسن استيعابها لوقائع النزاع ودفاع طرفيه من خلال كامل البينات المطروحة والتي ستقدم امام محكمة الاستئناف ضمن الضوابط المذكورة سالفاً، مما يتعين أن يكون المتحصل من الحكم الطعين، على اساس حُسن الاستيعاب لوقائع النزاع ، ليتجلى صحة ذلك  في ضمان بلوغه الغاية المقصوده منه، وهو منع المحكمة من الاستبداد أو الجور في حكمها نتيجة الخلل في الاجراءات، ولذلك ألزمت المادة 175 من الأصول القضاة على ألا يحكموا في الدعاوى على اساس فكرة مبهمة لم تتضح معالمها أو خفيت تفاصيلها، الامر الذي يوجب أن يكون الحكم دائما نتيجة اسباب واضحة و على ما قُدم وما سيقدم من بينات وفق الأُسس المحددة في المادة 220 سالفة الذكر، الامر الذي يجعل من عدم ابراز ذلك المستند مخالفا للمادة 220، وحرمان الجهة المدعى عليها من حق الدفاع في غير موضعه، مما يتعين نقض الحكم الطعين باعتباره سابقاً لاوانه، دون الحاجة لبحث باقي اسباب الطعنين.

لهــــذه الأسبـــــاب

نقرر نقض الحكم المطعون فيه ، وإعادة الأوراق لمرجعها، لإتاحة الفرصة للمدعى عليها بتقديم المستند المطلوب ابرازه ومن ثم اصدار الحكم على أن تنظر الدعوى من هيئة مغايرة، وبالنتيجة تضمين الفريق الخاسر الرسوم والمصاريف واتعاب المحاماة.

 

حكما صدر تدقيقا باسم الشعب العربي الفلسطيني بتاريخ 21/11/2021

 

الكاتــــــــــب                                                                                      الرئيـــــــس

ع.ق